واقـع الصـــلح في العـــمل القضـــائي الأســري

 

إعداد الدكتور :إدريس الفاخوري

 مقدمة  :

    قال عمر ابن الخطاب  في رسالته لعبد الله بن قيس :” … وآس بين الناس في مجلسك وعدلك حتى لا ييأس الضعيف من عدلك ،ولا يطمع الشريف في حيفك،البينة على من ادعى واليمين على من أنكر،والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا…”.

   وورد عنه أيضا ”أنه بعث بحكمين للتوفيق بين زوجين فعادا عاجزين ،فغضب عمر وقال كذبتما ،بل لم تكن لكما إرادة صادقة في الإصلاح ولو كانت لكما لبارك الله سعيكما فإن الله سبحانه وتعالى يقول :(( إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما)) فخجل الرجلان وأعادا سعيهما بإرادة صادقة وعزيمة قوية وألقى الله سبحانه وتعالى ما شاء من الوفاق بين الزوجين ونجح الحكمان في إعادة الود ومحو الشقاق بينهما ”.

    مما لا شك فيه أن تحقيق العدالة قد لا يقتضي دائما مؤاخذة المخطئ على خطئه،بل إن المنطق السليم يوجب في كثير من الأحيان استعمال نوع من المرونة في حل النزاعات بين الخصوم ،وخصوصا حينما يتعلق الأمر بنزاعات ذات طابع  أسري.

      ومصداقا لقوله تعالى ” وإن خفتم  شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا”  نصت مدونة الأسرة على مسطرة الصلح التي تعتبر قناة أساسية لحل الخلافات الأسرية المختلفة المعروضة على أقسام قضاء الأسرة.

      فالصلح له أهمية في العمل القضائي الأسري إذ يعمل على إيجاد الحلول السريعة للمنازعات بين الناس وإنهاء الخصومة بصفة نهائية ،كما يهدف إلى وضع حد للعداوة وتحقيق ارتياح للمتنازعين مع وضع حد أيضا لتكاليف الخصومة ،كما أن لهذا الحل الودي انعكاسا إيجابيا على المعاملات الاقتصادية.

    فهذه المسطرة الودية هي واجب شرعي بمقتضى الكتاب والسنة لما لها من انعكاسات إيجابية تضمن تماسك الأسرة .

    ودراسة مسطرة الصلح تقتضي التطرق لصلاحيات المحكمة في إجراء هذه المسطرة وأهم  الإشكاليات العملية التي تعترض تطبيقها،وذلك في فصلين كالاتي:

   

الفصل الأول : صلاحيات المحكمة في إجراء مسطـرة الصلـــــــح.

الفصل الثاني  : الصعوبات العملية التي تعترض مسطرة الصلــح.

 

الفصل الأول :صلاحيات المحكمة في إجراء مسطرة الصلح.

 

     من أهم العوامل الدافعة إلى إسناد الطلاق إلى المحكمة هو الرغبة في الإصلاح بين الزوجين ،فإذا كان الصلح تدبيرا راسخا في النظام القضائي المغربي[[1]] ومشهود له بمجموعة من المزايا أهمها تخفيف العبء عن المتقاضين والقضاء ، وتحقيق الإنصاف والسلم الاجتماعي[[2]]، فإنه في قضايا الطلاق يتخذ بعدا أكثر عمقا وتأثيرا يتجلى في إنقاذ الأسرة من التفكك وما يجلبه ذلك للزوجين وللأطفال من مشقة وضياع ،ولذلك يستفاد من المادة الثانية والثمانين من المدونة أن إجراء الصلح أضحى التزاما على عاتق المحكمة ،وهو مفروض عليها وفق المسطرة المقررة في نفس المادة ،وتتمتع بصلاحيات مهمة لتفعيله ،إذ أن المشرع لم يقيد عملها بوجوب اعتماد إجراء معين بل يمكنها اللجوء إلى أي إجراء ترى فيه إمكانية تسوية ودية للنزاع المعروض عليها .

    إن المحكمة وهي بصدد إجراء محاولات الصلح بين الزوجين قد تقوم بوساطة قضائية، أو قد تستعين بمؤسسات أخرى وتشرف على عملية الوساطة( المطلب الأول )، هذه المسطرة التي قد تحصل إما في التعدد أو في دعاوى إنهاء الرابطة الزوجية ( المطلب الثاني ) .

المطلب الأول : الوساطة القضائية والوساطة غير القضائية .

 

     إن الوساطة القضائية تتمثل في المساعي التي تبذلها المحكمة لأجل إيجاد تسوية ودية للنزاع المعروض عليها في قضايا الطلاق و التطليق وذلك من خلال حرصها على الحضور الشخصي للزوجين متى أمكن ذلك ،وقد عزز المشرع مركز غرفة المشورة [[3]] كمؤسسة يتم فيها الاستماع إلى الزوجين وإلى باقي الأطراف التي يمكن أن تستعين بهم المحكمة،وإجراء المناقشات لبحث أسباب النزاع ومحاولة إيجاد حل بديل له غير انحلال الرابطة الزوجية ،فإذا كان المشرع يخول للمحكمة اتخاذ كل الاجراءات التي تخدم الإصلاح بين الزوجين بما في ذلك انتداب حكمين أو مجلس العائلة ،أو أي شخص تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين،ولها السلطة التقديرية في اختيار سبل الصلح ،وفي اعتماد طرق أخرى لإجرائه [[4]]، فإن الذي يسير عليه العمل القضائي أن المحكمة تقوم في بادئ الأمر،وقبل انتداب أي جهة من الجهات المذكورة بمحاولة استقصاء أسباب الخلاف،ودعوة الزوجين إلى تجازوها عن طريق عرض الصلح عليهما وذلك استنادا إلى الطروحات التي يمكن أن تقدمها المحكمة بما في ذلك التذكير بمسؤولية كل زوج تجاه الزوج الآخر وتجاه الأسرة وفق ما بدى لها مفيدا من خلال المناقشات التي تجريها في غرفة المشورة ،والإلزام بإجراء الصلح يقتضي تقوية جهود المحكمة في سبيل إنجاحه ،وأن لا تكتفي بمجرد العرض ،وإنما عليها أن تقوم بدور الموفق والوسيط ،وتقدم اقتراحات وحلول معينة وتعرضها على الخصوم ،إذ لا يكفي مجرد عرض الصلح ،بل لابد من السعي إليه[[5]] ،ولو اقتضى الأمر منح النص التشريعي تفسيرا واسعا وإعطائه أبعادا اجتماعية وإنسانية[[6]] .

     أما الوساطة غير القضائية فتحصل حينما لا تتوصل المحكمة إلى إصلاح ذات البين بناء على مجهوداتها الشخصية،فتستعين بوسائل أخرى منها بعث حكمين[[7]] ،تكلفهما ببذل الجهد في استقصاء أسباب النزاع ومحاولة التوفيق بين الزوجين وتذويب الخلافات بينهما. ولم يحدد المشرع مهمة الحكمين في هذا المقام وكيفية ممارسة مهامها ،غير أن عمل الحكمين يجري وفق المسطرة المحددة في المادتين 95 و96 المتعلقتين بالتطليق للشقاق ،حيث يقوما ببحث أسباب الشقاق المؤدي إلى طلب الطلاق والسعي إلى إنهائه ،ومتى توصل الحكمان إلى إيقاع الصلح حررا ذلك في محضر من ثلاث نسخ يوقعها كل واحد منهما بالاضافة إلى الزوجين ويرفعانها على المحكمة للإشهاد على الصلح ،وهذا الموقف ينسجم مع الرأي الفقهي القائل بكون الحكمين ليسا مجردا وكيلين عن الزوجين،بل تتعدى مهمتهما أكثر من ذلك[[8]]،غير أنه ليس للحكمين في حالة اختلافهما وعدم توصلهما على فض النزاع في الأجل المحدد في التفريق بين الزوجين[[9]] ،بل يرفع الأمر إلى القضاء،[[10]] إذ يمكن للمحكمة أن تلجأ إلى وسائل أخرى لإجراء الصلح[[11]]،كندب أحد الأشخاص الذي تراه أهلا لهذه المهمة بحكم خصالهم وائتمانهم على أسرار الغير، ويمكن أن يكون هذا الشخص من أقارب الزوجين أو من أحد جيرانهم أو موظف بالمحكمة كالمساعدة الاجتماعية ،ويتوافق هذا الاختيار التشريعي مع ما يرتئيه بعض الفقه من كون أغلب الأحكام التي وردت في الفقه حول الحكمين هي أحكام اجتهادية،ويبقى من واجب القاضي سلوك كل السبل المفضية لإظهار الحق وفض النزاع ،وإن اقتضى الأمر بعث حكم ثالث[[12]].

    ويمكن للمحكمة أيضا أن تعين مجلسا للعائلة لنفس الغرض،وذلك بتعيين مجلس يترأسه القاضي ،ويتضمن أعضاء من أفراد عائلة الزوجين[[13]].

    وعلاوة على الوسائل المذكورة ،فالمحكمة تتمتع بالسلطة التقديرية في اختيار الأساليب المعتمدة لإجراء الصلح وفق ما تراه مفيدا لكل حالة حسب ظروفها وملابساتها ،فالقضاء وهو يحاول الإصلاح بين الزوجين لابد أن يتمتع بدرجة عالية من اللباقة والفطنة لاختيار الوسيلة الناجعة للوصول إلى كنه الخلاف بين الزوجين ،والذي قد يصعب التوصل إليه ،نظرا لما يتسم به من طابع شخصي، ولصعوبة البوح بالأسرار العائلية[[14]].

    ومعلوم أن الزواج الذي يثمر أولادا يكون انتهاؤه أشد إضرارا وخطورة بالنظر إلى آثاره المادية والمعنوية على جل أطراف الأسرة من أبوين وأولاد حتى الراشدين منهم ،لذلك أوجب القانون في حالة وجود طفل القيام بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما،وفي القانون التونسي أوجبت الفقرة الأخيرة من الفصل 32 المعدل سنة 1993 مكرر محاولة الصلح في حالة وجود قاصر ثلاث مرات[[15]] .

    ويظهر من خلال تتبع مسطرة الطلاق أن المشرع أصر على الحضور الشخصي للزوجين أمام المحكمة انسجاما مع خصوصية قضايا الطلاق التي تتطلب الحضور الشخصي للمعني بالأمر والذي لايمكن أن يحل محله وكيله أو نائبه القانوني[[16]] ،والواقع أن الحضور الشخصي للزوجين يثير صعوبات جمة  أمام القضاء ،وبصفة خاصة بالنسبة لطلبات الإذن بتوثيق الطلاق المقدمة من طرف أزواج مقيمين بالخارج ،وهي صعوبات أثارها الباحثون منذ مدونة الأحوال الشخصية[[17]] ،وازدادت حدتها مع التأكيد على أهمية الصلح في ظل مدونة الأسرة،[[18]] وخاصة وأن المشرع لم يشر إلى مدى جواز الوكالة في الطلاق كما فعل في الزواج، ورغبة في تضييق الخناق على الطرف الطالب للطلاق قرر الاجتهاد القضائي التونسي وجوب حضور المدعي بنفسه جلسة المصالحة[[19]] ،لكنه تراجع واعتبر أن تخلف أحد الخصمين عن جلسة الصلح يجيز للمحكمة أن تتجاوز المحاولة الصلحية وتقضي في الأصل[[20]].

     إن المشرع وبالرغم من التأكيد على دور الصلح في المدونة من خلال خلق مؤسسات للمساهمة فيه وفرض مسطرة جديدة له،فإن الإصلاح بين الزوجين لا يزال تعترضه مجموعة من العراقيل

   ولمعرفة واقع الوساطة القضائية والوساطة غير القضائية بالمنطقة الشرقية بكل من وجدة وبركان والناضور نورد الجداول كالآتي :  

1 –إحصائيات الصلح في طلبات الإذن بالاشهاد على الطلاق الصادرة عن قسم قضاء الأسرة بوجدة من فاتح يناير إلى متم دجنبر 2008 :

عدد حالات الصلح الصلح
الزوجان بدون أولاد  

الزوجان لهما أولاد

بواسطة المحكمة مباشرة بواسطة الحكمين بواسطة مجلس العائلة  

بواسطة وسيلة أخرى

 

11               

 

 

18

 

2

 

 

2

 

 

0

 

 

25

 

2-ـ إحصائيات الصلح في طلبات الإذن بالاشهاد على الطلاق الصادرة عن قسم قضاء الأسرة ببركان  من الفترة الممتدة من فاتج يناير إلى متم مارس2009:  

 

 

 

عـدد حالات الصلح  

                          الصلـــــــــــــــح

 
  الزوجان بدون أولاد الزوجان لهما أولاد المحكمة مباشرة الحكمين مجلس العائلة وسيلة أخرى
  140

 

 

91

 

71 152 0 08
                 

 

أما سنة 2010 في الفترة الممتدة من فاتح يناير إلى متم مارس فقد بلغت النسب ما يلي :

عـدد حالات الصلح  

                          الصلـــــــــــــــح

 
  الزوجان بدون أولاد الزوجان لهما أولاد المحكمة مباشرة الحكمـــين مجلس العائلة وسيلة أخرى
  37

 

 

14

 

27 24 0 0
                 

 

3إحصائيات الصلح في طلبات الإذن بالاشهاد على الطلاق الصادرة عن قسم قضاء الأسرة بالناضور سنة 2009:

 

 

عـدد حالات الصلح  

الصلـــــــــــــــح

 
  الزوجان بدون أولاد الزوجان لهما أولاد المحكمة مباشرة الحكمين مجلس العائلة وسيلة أخرى
  22

 

 

83

24 00 00 81 بواسطة تنازل عن الدعوى
                 

    فالملاحظ من خلال الجداول أعلاه أن دور الوساطة القضائية وغير القضائية لا تجدي نفعا في تحقيق الصلح بين الزوجين،فنسب الصلح التي سجلت سواء من طرف المحكمة أو من قبل المؤسسات الأخرى منخفضة مقارنة مع دعاوى الطلاق والتطليق التي تعرض يوميا على أقسام قضاء الأسرة.

 

  المطلب الثاني : حالات إجراء مسطرة الصلح في مدونة الأسرة

 

      لقد أكد المشرع المغربي على ضرورة سلوك مسطرة الصلح في بعض القضايا المتعلقة بالأسرة وخصوصا تلك المرتبطة بالتعدد وبإنهاء الرابطة الزوجية ما عدا التطليق للغيبة.

     فمسطرة الصلح للتعدد يعتبر التنصيص عليها في صلب المقتضيات القانونية من أهم المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة ،وبالتالي فقد أصبح القضاء ملزما بسلوك هذه المسطرة قبل البت في طلب الإذن بالتعدد.

    وفي سبيل تفعيل هذه المسطرة فقد أكدت الفقرة الأولى من المادة 44 من مدونة الأسرة على ضرورة الاستماع للزوجين ،وذلك قصد التوفيق والإصلاح بينهما،وعمليا يمكن تحقيق ذلك إما بإقناع الزوج بالعدول عن طلب الإذن بالتعدد أو بإقناع الزوجة بالاستجابة لطلب زوجها إذا وجد مبرر موضوعي استثنائي يخول له ذلك .

   ونظرا لخصوصية بعض القضايا الأسرية ومن بينها الدعاوى المتعلقة بالتعدد،ولما تستلزمه هذه الأخيرة من سرية ،فقد أكد المشرع على ضرورة إجراء المناقشات وكذا الاستماع للزوجين – بهدف الإصلاح بينهما – في غرفة المشورة[[21]].

    وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة ما إذا تمسك الزوج بطلب الإذن  بالتعدد ولم توافق الزوجة ،ولم تطلب التطليق ،فإن المشرع قد خول للمحكمة تطبيق مسطرة الشقاق تلقائيا.

     ومن المعلوم أنه وإن كانت مسطرة الشقاق مسطرة تصالحية ابتداء ، إلا أنه لا يخفى على الجميع بأن من شأن تطبيقها أن تؤدي إلى إنهاء الرابطة الزوجية،وذلك في الحالة التي لايتم فيها التوصل إلى أي صلح بين الزوجين[[22]].

    والملاحظ على المستوى العملي أن الرأي القضائي الراجح هو عدم تطبيق مسطرة الشقاق تلقائيا من طرف المحكمة في الحالة التي يتمسك فيها الزوج بطلب الإذن بالتعدد في الوقت الذي لا توافق فيه الزوجة على ذلك.

    وعلى ما يبدو أن لهذا الرأي مبرراته التي ترتكز أساسا على الرغبة في صيانة أواصر المودة والانسجام داخل الأسرة.

      أما بخصوص مسطرة الصلح في دعاوى إنهاء الرابطة الزوجية فقد استلزمت مدونة الأسرة إجراءها في جميع أنواع الطلاق والتطليق ما عدا التطليق للغيبة[[23]]،وفي هذا الإطار جاء في حكم لقسم قضاء الأسرة بوجدة بأنه :” … أشعرت المحكمة المدعية أصليا للحضور لعدة جلسات … وذلك قصد القيام بإجراء محاولة الإصلاح بينها وبين زوجها إلا أنها تخلفت عن الحضور.وحيث بذلك فالمدعية أصليا لم تمكن المحكمة من استيفاء أحد الإجراءات الجوهرية المنصوص عليها قانونا ،وهو الأمر الذي تكون معه دعواها غير مبنية على أساس من القانون ويتعين رفضها…”[[24]] .

   والملاحظ أنه وإن كانت مدونة الأسرة قد أوجبت على القضاء القيام بمحاولة الصلح بين الزوجين قبل البت في الدعاوى المتعلقة بإنهاء الرابطة الزوجية،لكنها لم تحدد طريقة إجرائها تاركة ذلك للسلطة التقديرية للمحكمة التي لها أن تجتهد في ذلك بالطريقة التي تراها مناسبة لكل حالة على حدة[[25]].

    فبالنسبة لقسم قضاء الأسرة بوجدة غالبا ما يتم إجراء محاولة الصلح الأولى من طرف القاضي المقرر في مكتبه في جلسة مغلقة لا يحضرها سوى الزوجين والدفاع ،بإشعار الطرفين لإحضار حكمين لجلسة موالية ليقوم بتكليفها بإجراء محاولة الصلح بينهما وإعداد تقرير حول ذلك .

    ولكن من الضروري الإشارة إلى دور المحكمة في إنجاح عملية الصلح ،هذا النجاح الذي لا يمكن تحقيقه إلا بانسلاخ المحكمة عن دورها القضائي لتصبح مؤسسة اجماعية بالدرجة الأولى هدفها الأساسي هو رأب الصدع والتقريب بين وجهات نظر الزوجين المتخاصمين بشكل يضمن لم شمل الأسرة والحفاظ على مصلحة الأبناء في حالة وجودهم .

    وللوقوف على واقع الصلح في قضايا التطليق أساسا بكل من مدينة بركان والحسيمة نورد الجداول التالية :   

     فبخصوص الإحصائيات المتعلقة بقضايا التطليق ببركان خلال الأشهر الثلاثة يناير،فبراير،مارس 2010 فهي كما يلي :

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أنواع التطليق

 

 

 

 

 

المخلـــف

 

 

 

 

المسجــــل

           الـــــمحكـــــوم  

 

البـــاقي بــــدون حكــــــم

بالإشهاد علــــى الصلــح  

بالتطليق

بعدم الاستجابة للطلب لأسباب أخرى
التطلـــيق بسبب الشقاق  

451

 

187

 

32

 

 

94

 

 

25

 

 

 

487

التطلــيق بسبب الإخلال بشرط في عقد الزواج أو الضرر 26 01  

01

 

_

 

_

 

25

التطليق لعدم الانفاق 03 _ _ _ 01 02
التطليق للغيبة 01 01 _ 01 01 00
التطليق للعيب 01 02 _ _ _ 03
التطليق بسبب الايلاء والهجر _ _ _ _ _ _

 

 

 

 

أما الاحصائيات المتعلقة بقضايا التطليق بالحسيمة من فاتح يناير إلى 30 دجنبر سنة 2009 فهي كما يلي:

 

 

أنواع التطليق

 

 

 

 

 

المخلـــف

 

 

 

 

المسجــــل

           الـــــمحكـــــوم  

 

البـــاقي بــــدون حكــــــم

بالإشهاد علــــى الصلــح  

بالتطليق

بعدم الاستجابة للطلب لأسباب أخرى
التطلـــيق بسبب الشقاق  

591

 

192

 

31

 

67

 

24

 

 

661

التطلــيق بسبب الإخلال بشرط في عقد الزواج أو الضرر 16 6  

_

 

01

 

01

 

20

التطليق لعـــدم الانفـــــــاق 13 04 _ 02 _ 15
التطليق للغيــــــــــــــبة 129 19 06 13 01 128
التطليق للعـــــــــــــيب 16 _ _ _ _ 16
التطليق بسبب الايلاء والهجر _ _ _ _ _ _

 

فالملاحظ من خلال الإحصائيات الواردة أعلاه أن الاشهاد  بالصلح في قضايا التطليق لم تعرف أي نجاح  فقط التطليق للشقاق عرف ارتفاعا مقارنة بالأنواع الأخرى للتطليق،وهذا ما يفسر أن مسطرة الصلح لا تؤدي دورها المعول عليه .

 

الفصل الثاني:الصعوبات العملية التي تعترض مسطرة الصلــح.

 

    إن مسطرة الصلح وفق المقتضيات القانونية التي أكدت عليها مدونة الأسرة فهي بحق مسطرة ترمي إلى الحفاظ على التماسك الأسري وإنهاء الخصومة بصفة نهائية .

      فإذا كانت لمسطرة الصلح هذه الغايات،إلا أنه على المستوى العملي أتضح أن هناك عدة إشكاليات تعترض تطبيقها وهو ما يؤثر سلبا على نجاعتها،هذه الصعوبات ترتبط بعدم فعالية الأجهزة المرصدة لها وبصعوبة توظيفها(المطلب الأول) وكذا بعدم كفاية الامكانيات المادية والبشرية المتوفرة  بها (المطلب الثاني).

 

    المطلب الأول : عدم فعالية الأجهزة المرصدة لمسطرة الصلح وصعوبة توظيفها.

 

    فالثابت أن التحكيم بين الزوجين من أهم ضمانات حماية المرأة من جهة،وحماية الأسرة بما فيها الزوج والزوجة من جهة أخرى[[26]] ،وإذا كان المفروض في الحكمين أن يكونا حكمين ،ومعروفين بالاتزان وبرجحان العقل وتحري الموضوعية [[27]]،ومتمتعان بالقدرة على التحسيس بالالتزامات التي ترتبها الزوجية،والتذكير بالجوانب الأخلاقية المرتبطة بالحياة الزوجية والقدرة على الوعظ والترغيب والترهيب والتأثير في قرار الزوجين[[28]]،وقادرين على أن يتخلصا من الانفعالات النفسية،وكل المؤثرات التي يمكن أن تمس عملها،مع الحرص على سمعة الأسرة والشفقة على أطفالهما[[29]]،إلا أن القضاء لا يتأتى له في أغلب الأحيان ندب حكمين بهذه الشروط ،فهو لا يعلم الأصلح من أقارب الزوجين،وإنما يعين الحكمين بناء على ما اقترحه كل من الزوج والزوجة ،ومعلوم أن هذين الأخيرين يرشحان من الأقارب من يوافقونهم الرأي أو يساندونهم في ذلك،وبالتالي فإن الحكم لا يكون هاجسه هو محاولة التوفيق بين الزوجين وتجديد العشرة بينهما ،بقدر ما يتحول إلى دفاع عن الطرف الذي عين حكما عنه ،ويبدأ مهمة الدفاع حتى أمام المحكمة ،بل وفي جلسة التعيين،ومنه فإن مثل هذين الحكمين لا يمكنهما إلا تعميق النزاع والخلاف بين الزوجين،بدل تذويبه ومحوه ،والحياد عن الدور الذي حدده لهما القرآن الكريم ،تحت وطأة الجهل وعدم تقدير المسؤولية حق تقدير،وعدم التفكير بمصالح الزوجين ومستقبلهما ،وبالميل إلى التعصب والاعتبارات الاجتماعية السلبية.

    وإذا كان هذا هو حال الحكمين في أغلب الأحيان ،فإن اللجوء إلى التحكيم بات من أهم الوسائل المعتمدة للصلح من لدن القضاء في بعض المحاكم ،فمسطرة تعيين الحكمين هي أيسر الطرق وأسهلها لتطبيق إجراء الصلح مقارنة مع وسائله الأخرى ،ومع ذلك فإن التعامل القضائي مع هذه المسطرة ،جعل منها وسيلة لتجنيب الأحكام القضائية ما يمكن أن يعتريها من إخلال في حالة غياب ما يفيد القيام بإجراء الصلح[[30]] ،ويستفاد ذلك من التطبيق الشكلي لهذه المسطرة ،فجانب من القضاء وكأن مسطرة التحكيم خلصته أو أعفته من بذل الجهود الحقيقية لإرجاع الود بين الزوجين وألقى بهذه المهمة الجسيمة على عاتق طرفي التحكيم وحدهما،واقتصر دوره في القيام ببعض الإجراءات كتعيين الحكمين واستدعائهما،والاطلاع على التقرير الذي خلصا إليه[[31]].

    أما بعض المحاكم الأخرى[[32]] فقد عزفت عن تطبيق مسطرة الحكمين إلا في أحوال نادرة بسبب اطلاع  القاضي المصلح من خلال جلسة الصلح الأولى على كون النزاع بين الزوجين له أبعاد عائلية ،وقد يكون مصدره الأساسي التدخل السلبي لأفراد عائلة الزوجين،وتعارض مواقفهما بشأن الأسباب الحقيقية للنزاع  وفق ما يتصوره كل طرف ،فتتكون قناعة تامة للقاضي أن مسألة تعيين الحكمين غير مجدية ،وأنها ستؤول إلى نتيجة عكسية وهو تعميق الخلاف بدل الإصلاح.

     أما مجلس العائلة فإن التصور التشريعي حول دور هذا المجلس في الإصلاح ذات البين لم يعرف طريقه إلى التطبيق،ويمكن إرجاع ذلك إلى مجموعة من الأسباب ،منها ما يتعلق بكيفية تكوينه،ومنها ما يتعلق بمهامه.

     فبخصوص كيفية تكوينه،فهو يتكون طبقا للمادة الأولى  من المرسوم المنظم له،من القاضي بصفته رئيسا ،ومن الأب والأم أوالوصي أو المقدم،ومن أربعة أعضاء من الأقارب أو الأصهار بالتساوي بين جهة الأب ،أو جهة الأم ،أو جهة الزوجين حسب الأحوال ،ويمكن تكوينه من جهة واحدة إذا تعذر توفرهم من الجهتين.

   ومعلوم أن تعيين مجلس العائلة بهدف الصلح غير معني بالوصي أو المقدم[[33]]،وإنما يتم تعيين الأعضاء من جهة الزوجين،والذين يحدد عددهم النص في أربعة أعضاء،وهو ما يدعو إلى التساؤل حول ما إذا كان القضاء بإمكانياته الحالية المحدودة قادر على تكوين مجلس وفق منظور المرسوم الوزاري،وذلك من حيث الإمكانيات الحالية المحدودة قادر على تكوبن مجلس وفق منظور المرسوم الوزاري ،وذلك من حيث الإمكانيات التي يتطلبها البحث عن أربعة أشخاص ،ثم استدعائهم ،وما قد يعتري ذلك من مشاكل التبليغ ،أو اعتذار البعض عن الحضور ،فالمحكمة ليس لديها من الوقت والوسائل ما يمكنها من تتبع مسطرة استدعاء كل واحد منهم ،والاستماع إليه،وما يزيد الأمر صعوبة ،كون المادة الثانية من نفس المرسوم تضع مجموعة من الاعتبارات في تعيين الأعضاء،وهي درجة القرابة ،ومكان الإقامة والسن والمؤهلات[[34]]،والعلاقة بالأسرة ،ومدى الاستعداد للعناية بشؤونها والحرص على مصلحتها ،بالإضافة إلى اكتمال الأهلية،وغير خاف أن تكوين المجلس وفقا لهذه الشروط يستدعي إجراء بحث خاص عن أقارب وأصهار الزوجين قبل تعيين أعضائه،وهو ما يعرقل طريق القضاء ويدخله في متاهات،بدءا من البحث عن أحوال عائلة الطرفين،ثم بحث النزاع بين الزوجين وقد تكون جل تلك التعقيدات بدون جدوى في حالة فشل الإصلاح ،خاصة أن رفع عدد أعضاء المجلس من شأنه التأثير سلبا على عملية الصلح.ثم ما الجدوى من إرهاق القضاء بكل تلك التعقيدات ما دامت مهامه استشارية حسب المادة السابعة من المرسوم المكون له[[35]] ؟

    أما فيما يخص كيفية تنظيم مهام المجلس ،فإن كان التحكيم لإصلاح ذات البين إحدى وظائفه الأساسية ،وفق المادة السابقة ،فإن المرسوم لم يحدد كيفية القيام بهذه الوظيفة والإجراءات المتبعة في ذلك،كما هو الشأن بالنسبة لعمل الحكمين.

    إذن ،فمؤسسة مجلس العائلة وفق التصور التشريعي جهاز هام يمكن أن يدعم الصلح ويساعد القضاء في إيجاد سبل ناجعة لحل النزاع،لكن تطبيقه وتفعيله من لدن الجهاز القضائي – في ظل الظروف التي يعمل بها حاليا -ـ أمر يصعب تحقيقه.

   وإذا كانت هناك وسيلة أخرى للصلح ،وهو كل من تراه أهلا لهذه المهمة وفق المادة 82 من المدونة ،فإن تطبيق هذه العبارة ينحصر في تعيين أحد أقارب الزوج أو الزوجة إذا ما ارتأت المحكمة ذلك ،لأن المحكمة لاتتوفر على أجهزة مساعدة تسخرها لهذه المهمة كالعاملين في إطار المساعدة الاجتماعية مثلا ،لذلك،فرغم أن النص القانوني يمنحها سلطة الاختيار في تعيين هذا الشخص،فالواقع أنها غير مخيرة من الناحية الفعلية.

 

 المطلب الثاني :الإمكانيات البشرية والمادية المتوفرة لدى أقسام قضاء الأسرة

  –ـ  فعلى مستوى الامكانيات المادية:

     من المفروض أن محكمة الأسرة فضاء لاحتواء النزاعات العائلية ومعالجتها بما يحفظ ما للنزاع الأسري من خصوصية تقتضي فضه في جو من السرية والكتمان وتجاوز التشهير به لما في ذلك من أثر سلبي في احتدام النزاع وصعوبة التحكم فيه فيما بعد.

  وإذا كانت القليل من المحاكم الابتدائية بالمغرب هي من حظيت بإحداث أقسام للأسرة على إثر صدور مدونة الأسرة وإصلاح المادة الثانية من ظهير التنظيم القضائي فإن أغلبية المحاكم لا تتوفر على بنايات لائقة لاستقبال متقاضي المحكمة الأسرية ،الأمر الذي يجعل الزوجين مجبرين على الانتظار بممرات المحكمة لساعات قصد إجراء محاولة التصالح،وهو موقف يؤدي بالمتقاضين في قضايا الطلاق والتطليق إلى الاختلاط والتيه في وسط متهمي القضايا الجنحية وكذا متقاضي باقي الشعب.  

    ومن المؤكد أن هذا الوضع فضلا عن كونه لا يحفظ للنزاع الأسري خصوصيته يخلق توترا كبيرا على مستوى نفسية الزوجين الذين يصطدمان بظروف غير لائقة خاصة وأن معظم متقاضي المحاكم الأسرية لا دراية لهم بالإجراءات القانونية ،كما أن المحاكم المغربية لا تتوفر على أجهزة إرشاد فعالة فيصعب على المتقاضي تتبع إجراءات التقاضي بشكل عادي ،فتراه تائها بين مكاتب كتابة الضبط ومكاتب القضاة خاصة متى أخذنا بعين الاعتبار كون أقسام قضاء الأسرة تعرف إقبالا كبيرا من طرف المتقاضين نظرا للصبغة الاستعجالية التي بها النزاعات المختصة بها.

    كما أن هذا الوضع يولد ضغوط نفسية لدى القضاء ويؤثر سلبا على عمله ،ولا يجد له حلا سوى التسرع في تصريف قضايا الصلح في ظل الظروف غير الملائمة التي يشتغل في ظلها.

-ـ  أما عن الامكانيات البشرية :

    تعرف المحاكم الأسرية نقص كبير على مستوى العاملين بها سواء من حيث القضاة أو الموظفين،الأمر الذي يؤثر سلبا على مردودية القاضي وهو بصدد إجراء محاولة الصلح ،يضاف إلى هذا أنه في مجموعة من المحاكم الابتدائية يجمع القاضي في عمله بين القضايا الأسرية وقضايا أخرى بما فيها القضايا الجنحية ،وواضح أن هذا الأمر سيكون له أثر سلبي على مردودية القاضي في مهمة الصلح ،فعلاوة على الآثار السلبية لتوزيع الجهد بين مجموعة من الشعب فتقنيات تواصل القاضي مع المتقاضي وهو بصدد إجراء الصلح بين الزوجين بشأن نزاع أسري تختلف حتما عن طريقة تواصله مع متهم وهو يحقق في قضية جنحية أو حتى في قضية أخرى حتى ولو كانت مدنية ،كما أنه يصعب على القاضي في ممارسته العملية اليومية تقمص شخصيتين مصلح اجتماعي من جهة وقاضي زجري من جهة أخرى.

     ويؤثر ضعف الامكانيات البشرية داخل المحكمة على كيفية تصريف قضايا الطلاق والتطليق ومعالجتها ،فأغلب أقسام قضاء الأسرة تتوفر على هيئة واحدة للبت في هذه القضايا،وتزاول إلى جانبها مهام أخرى ،ويترتب عن ذلك ارتفاع عدد الملفات المدرجة في جلسات الصلح الأمر الذي يؤدي إلى عدم قدرة القاضي على التحكم في هذه الملفات وعدم توفير الجو الملائم لطرح نزاعهما ومنحهما الوقت الكافي لإجراء الصلح والبحث عن مكامن الخلل في العلاقة الزوجية واقتراح حلول فعالة لإصلاحها ،بل العكس من ذلك أضحى القضاء ينظر لجلسة الصلح بأنها عبء كبير يرهق كاهله ،وهدر للوقت والجهد بدون جدوى.

     وتشير إحدى البحوث إلى اتساع الهوة بين التغطية القضائية في المغرب وعدد السكان بحيث أن كل 1000 قاض يغطي حوالي مليون نسمة في المغرب،وفي تونس كل 1000 قاض يغطون مليون نسمة[[36]] ،ولذلك لن نستغرب من محاكمنا التي تسجل أرقاما جد هزيلة للصلح في الوقت الذي وصلت فيه نسبة نجاح  الصلح في تونس خلال السنة القضائية 1998 – 1999 إلى 29 بالمائة من جملة القضايا المطروحة على محاكمها.

خاتمة :

   تعتبر مسطرة الصلح عن حق مسطرة ضرورية لإنهاء بعض النزاعات الأسرية،إلا أن من شأن المعيقات التي تعترضها على الصعيد العملي أن تحول دون تحقيقها النتائج والأهداف المتوخاة منها.

   ومن خلال ما سبق يمكن أن نستخلص بأنه لا يمكن تفعيل مسطرة الصلح في القضايا الأسرية إلا من خلال إيجاد اقتراحات وحلول حقيقية من شأنها  أن تضمن فعاليتها على الوجه المطلوب ،ومن بين أهم الحلول التي نقترحها مايلي :

  1 -ـ الزيادة في عدد القضاة المكلفين بمهام الإصلاح في مختلف أقسام قضاء الأسرة .

  2-ـ إخضاع القضاة لدورات تكوينية في مجاليعلم النفس وعلم الاجتماع، وتدريبهم على الطرق العلمية للإصلاح.

  3-ـ تفعيل مؤسسة مجلس العائلة بشكل يضمن مساعدة القضاء على أداء مهمة الإصلاح على أحسن وجه.

 4-ـ  تفعيل مؤسسة القاضي الوسيط في أقسام قضاء الأسرة .

  5-ـ الاستعانة بمؤسسات خارج الجهاز القضائي وانتدابها لإجراء محاولة الصلح كما هو الشأن بالنسبة للجمعيات المهتمة بالشأن الأسري أساتذة جامعيون خبراء في علم النفس والاجتماع …

  6 -ـ إنشاء خلية داخل أقسام قضاء الأسرة تضم قضاة ومهتمين بالمجال الأسري للاجتماع بشكل دوري قصد التباحث حول المشاكل التي تعترض القضاء الأسري،والعمل على إيجاد حلول لها.


الهوامش:

[[1]]  – يراجع محمد سلام ،” أهمية الصلح في النظام القضائي المغربي ” مجلة القصر ، العدد الرابع ص : 41.

[[2]]  – عيسى محمد يحي ” عقد الصلح بين الشريعة الاسلامية والقانون المدني ” دار الفكر العربي ، 1978 ، ص 22- 23 .

[[3]]  – غرفة المشورة (la chambre du conseil ( هي مؤسسة حقوقية اعتبارية أوجدها المشرع للبث في بعض القضايا التي تمتاز بالسرية وتتطلب السرعة في إصدار الحكم ،راجع عبد العزيز حضري “القانون القضائي الخاص ” مطبعة الجسور 2002 وجدة ص 96 .

[[4]]  – ذ محمد الكشبور ” شرح مدونة الأسرة ” الجزء الثاني ،انحلال ميثاق الزوجية ،مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء ،الطبعة الأولى 2006 ص 50 .

[[5]]  – ذ أحمد خليل ” خصوصيات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية المتعلقة بالولاية على النفس وفقا للقانون رقم (1) سنة 2000 ، دار المطبوعات الجامعية ،طبعة 2000 ، ص 128 .

[[6]]  – ذ إدريس الفاخوري ” الصلح في العمل القضائي – الطلاق نموذجا ” المجلة المغربية للاقتصاد والقانون ، العدد 5 ماي 2002 ، ص 7 .

[[7]]  – اهتم الفقه الاسلامي ببحث التحكيم بين الزوجين في موضوع التطليق للضرر الذي تتكرر فيه شكوى الزوجة وموضوع الشقاق بين الزوجين بناء على الآية الكريمة ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) ، الاية 35 من سورة النساء ،وقد أعطى بعض الفقه مفهوما عميقا للصلح عندما خول للإمام بعث الحكمين بمجرد علمه بوجود نزاع بين الزوجين ،ابن العربي ،أحكام القران ،الجزء الأول ، دار الكتب العلمية لبنان ،تاريخ النشر غير مذكور ،ص 537.

[[8]]  –  وهو موقف بعض المالكية وقول لابن حنبل ،ابن كثير ، مختصر تفسير ابن كثير ، المجلد الثالث ،دار القران الكريم بيروت ،تاريخ النشر غير مذكور ،ص :185.القرطبي ،تفسير القرطبي ،الجزء الخامس ،دار الفكر ،تاريخ الطبع غير مذكور،ص 176. ابن العربي:احكام القران ،الجزء الثالث،م س ،ص 537 وما بعدها ،ابن قيم الجوزية ، زاد المعاد ،الجزء الخامس ، ص :519 .

[[9]]  – حيث يمنح جمع من الفقهاء المسلمين منهم الأوزاعي ،وثور وطاووس للحكمين صلاحية التفريق بين الزوجين ولو حتى بدون موافقتهما .القرطبي الجامع لأحكام القران الجزء الخامس ،م س ،ص 176 ،غير أن عدم رضاء الزوجة بالمفارقة يجعل تفريقهما غير نافذ ،محمد بن يوسف الكافي ،إحكام الأحكام على تحفة الحكام ،دار الكتب العلمية بيروت ،الطبعة الأولى 1994 ،ص 91 .

[[10]]  – ويتوافق هذا الموقف مع ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من كون المخاطب ببعث الحكمين هم الحكام و أولياء الأمور وليس الزوجين ،القرطبي ” الجامع لأحكام القران ، الجزء الخامس ،ص 175 – الجصاص : أحكام القران : الجزء الثاني ،دار الفكر ،تاريخ الطبع غير مذكور ، ص 195 ، الرازي : تفسير الفخر  الرازي :الجزء التاسع ،دار الفكر ،تاريخ النشر غير مذكور ،ص 94 .

[[11]]  – ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية إلى أن اختلاف الحكمين في أمر الزوجين كأن يحكم أحدهم بالفرقة دون الاخر يعد غير لازم ولا ينفذ تحكيمهما ، القرطبي ، الجزء الثالث ص 1747  ،الحطاب ،مواهب الجليل ، الجزء الرابع ،مطبعة الحفيظية ،1329 هــ ص 19 .الشافعي ،الأم ، الجزء الخامس ص 177.

[[12]]  – قحطان عبد الرحمان الدوري ،عقد التحكيم في الفقه الاسلامي والقانون الوضعي ،مطبعة الخلود ،بغداد ،الطبعة الأولى 1985 ص 514 _ 515 .

[[13]]  – أحدث مجلس العائلة بمقتضى مرسوم رقم 88 _ 04 -2 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5223 بتاريخ 21 يونيو2004 ،بناء على القانون رقم 03- 70 بمثابة مدونة الأسرة ،ناسخا بذلك مقتضيات المرسوم عدد 31_294 الصادر في 26_12 _1994 ، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 4292 بتاريخ فاتح يناير 1995 ص 212.

[[14]]  – إدريس الفاخوري ” الصلح في العمل القضائي ”_الطلاق نموذجا _ م س ص 8.

[[15]]  – أمر  مؤرخ في 6 محرم 1376 (13 غشت 1956 يتعلق بإصدار مجلة الأحوال الشخصية. (الرائد الرسمى عدد 66 الصادر في 17 غشت 1956، الفصل 32  نقح بالقانون عدد 74 لسنة 1993 المؤرخ في 12 جويلية 1993.

[[16]]  – والتأكيد على الحضور الشخصي يعد خروجا عن القاعدة العامة المقررة في الفصل 180 من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه ” … يجب  على الأطراف أن يحضروا في هذه الجلسة الأولى شخصيا أو بواسطة ممثلهم القانوني ،وتجرى دائما محاولة التصالح …”.

[[17]]  – عبد الله روحمات ،” الوكالة في صلح الزوجين بين النص القانوني والواقع العملي،مجلة الاشعاع ، العدد 27 ،سنة 2003 ص 108 وما بعدها .

[[18]]  – عبد الحق ضريضر واخرون ،أنواع الطلاق والتطليق ،برنامج الحلقة الدراسية الجهوية المنظمة لفائدة قضاة قضاء الأسرة بتطوان ،أيام 5ـ 6 ـ 7 ـ 8 دجنبر 2005 ،منظمة من قبل وزارة العدل والمعهد العالي للقضاء في إطار الحلقات الدراسية حول مدونة الأسرة ودور الوساطة ص 2

[[19]]  – تعقيب مدني عدد 8278 _ ديسمبر 1971 ، مجلة القضاء والتشريع ، ص 193 .

[[20]]  – قرار تعقيبي مدني عدد 9700 مؤرخ في 22 جانفي 1974 ، محمد الحبيب الشريف ، مجلة الأحوال الشخصية ،دار الميزان للنشر والتوزيع ،تونس ص 98.

[[21]]  – تنص الفقرة الأولى من المادة 44 من مدونة الأسرة على أنه ” تجري المناقشة في غرفة المشورة بحضور الطرفين ويستمع إليهما لمحاولة التوفيق والإصلاح ،بعد استقصاء الوقائع وتقديم البيانات المطلوبة”

[[22]]  – جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بفاس بأنه ” …لايمكن للمحكمة أن تفرض على الطرفين العيش تحت سقف واحد أمام إصرار الزوجة على إنهاء العلاقة الزوجية…”.

      حكم عدد 2548 الصادر بتاريخ 23_ 05 _ 2005 في الملف عدد 04693 و 04480 منشور بمجلة المعيار عدد : 34 ،ص 288 وما  يليها.

[[23]]  – تنص الفقرة الأولى من المادة 113 من مدونة الأسرة على أنه ” يبت في دعاوى التطليق المؤسسة على أحد الأسباب المنصوص عليها في المادة 98 أعلاه ،بعد القيام بمحاولة الاصلاح،باستثناء حالة الغيبة،وفي أجل أقصاه ستة أشهر ،ما لم توجد ظروف خاصة.”

[[24]]  – حكم رقم 1366 الصادر بتاريخ 16_03_ 2010 في الملف عدد 500_08 ( حكم غير منشور ).

    وقد جاء في قرار للمجلس الأعلى بأنه ”… فيما يتعلق بمحاولة الاصلاح بين الزوجين فإن المشرع يعتبره إجراء جو هريا تفتتح به مسطرة التطليق ويترتب على نجاحه إثبات ذلك في أمر تنتهي به الدعوى كما يترتب على فشله إصدار أمر بعدم التصالح والإذن للمدعي بمواصلة الدعوى .

   ولهذا فإن المحكمة لما رفضت الدفع بعدم احترام هذا الاجراء بعلة أنه لا يكون ضروريا إلا عند قيام الحجة على الضرر تكون قد خرقت القانون وعرضت قرارها للنقض.”

    قرار عدد 904 صادر بتاريخ 12- 09 _ 1983 في الملف الاجتماعي عدد :746 _ 93 منشور بمجلة القضاء والقانون  عدد 133 و 134 ص : 190 ومايليها .كما جاء في قرار اخر للمجلس الاعلى بأن ” … إجراء محاولة الصلح بين الزوج والزوجة ضروري ،وأنه لايحكم بفك العصمة إلا في حالة العجز عن الاصلاح بينهما …”.

[[25]]  – تنص الفقرة الثانية من المادة 82 من مدونة الأسرة على أنه :” للمحكمة أن  تقوم بكل الاجراءات بما فيها انتداب حكمين أو مجلس العائلة ،أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين .وفي حالة وجود أطفال تقوم المحكمة بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لاتقل عن ثلاثين يوما”.

[[26]]  – يراجع الموضوع بتفصيل عند محمد يعقوب محمد الدهلوي ،”ضمانات حقوق المرأة الزوجية ” الجامعة  الاسلامية بالمدينة المنورة ،الطبعة الأولى 1424 هــ ، ص 106 وما بعدها .

[[27]]  – أحمد زوكاغي ” الطلاق حسب الصيغة الحالية لمدونة الأحوال الشخصية “مطبعة الأمنية 1994  ص :24.

[[28]]  – علي منتصر ” التحكيم بين الزوجين في حالة الشقاق ” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية الحقوق ،أكدال ،جامعة محمد الخامس ،الرباط السنة الدراسية 2000- 2001 ، ص 160 .

[[29]]  – الطاهر كركري ” الصلح بين أفراد الأسرة ،دراسة فقهية قانونية اجتماعية :أطروحة لنيل الدكتوراه ،جامعة القرويين ،كلية الشريعة ،فاس ،السنة الدراسية 2000_ 2001 ، ص 160 .

[[30]]  – وقد سبق للقضاء المقارن أن قرر أن عدم القيام بالاجراءات السابقة للطلاق ومنها إجراء الصلح يعد خطأ في تطبيق القانون،قرار رقم 57812 ،مؤرخ في 25 – 12 – 1989 ، نقلا عن عمر بن سعيد ،الاجتهاد القضائي وفقا لأحكام قانون الاسرة ،دار الهدي الجزائر ،2004 ص 27 .

     وقد قرر القضاء التونسي أنه لايعتد بالطلاق الذي لا  يبذل  فيه الحاكم جهده للصلح بين الزوجين واعتبره غير مرتكز على أساس قانوني صحيح ،قرار استئنافي مدني عدد 16683 مؤرخ في جويلية 1957 ،مجلة القضاء والتشريع عدد 1 ،سنة 1959 ،ص 52 .

[[31]]  – ثم إن نجاح الحكمين في مهمتهما مرتبط بمدى رغبة أو قابلية الزوجين للاستمرار في الحياة الزوجية ،بحيث متى أصر أحدهما أوهما معا على إنهاء الرابطة الزوحية ،لإن مجهودات الحكمين لن تسفر عن أي نتيجة ،الفريق يحي عبد الله العلمي :المرأة في القرآن الكريم ،منشورات دار صبري،الطبعة الثانية 1991 ،ص 39

[[32]] – ومنها مثلا المحكمة الابتدائية بالناضور .

[[33]]  – وذلك بحكم كون القاصر الذي أذن له بالزواج يكتسب أهلية التقاضي في كل ما يترتب على زواجه من آثار وفق المادة 22 من المدونة.

[[34]]  – وتعني المؤهلات في نظر بعض الباحثين المستوى الثقافي ،والتبصر والرؤية في الإدلاء بالراي الاستشاري.محمد أوراغ :”أهمية مجلس العائلة على ضوء مدونة الأسرة والمرسوم المنظم له ” مجلة رسالة الدفاع ،العدد الخامس،2004 ،ص 121.

[[35]]  – المرسوم سبق توثيقه ،والدور الاستشاري للمجلس العائلي مقتضى كان واردا في المرسوم المنظم له والملغى ،وتم الحفاظ عليه في المرسوم الجديد،راجع بشأن انتقاد الدور الاستشاري لمجلس العائلة:إدريس الفاخوري ،المركز القانوني للمرأة المغربية من خلال نصوص مدونة الأحوال الشخصية ،مطبعة الجسور ،وجدة ،طبعة 2002 ص 148.

[[36]]  – محمد الغالي ” محددات تدخل القاضي أثناء تطبيق القاعدة القانونية ،مدونة الأسرة نموذجا ” مجلة المنتدى العدد 5 ،يونيو 2005 ص 270 .