مركز إدريس الفاخوري للدراسات والأبحاث في العلوم القانونية وجدة

التمويل العقاري: من القروض بفائدة إلى المنتجات التشاركية أية بدائل

ذ. يوسف حمومي

باحث بجامعة محمدالخامس بالرباط

إطار بوزارة الاقتصاد والمالية

مداخلة ضمن أشغال الندوة الوطنية التي نظمت من طرف المركز يومي 25 و26 نونبر 2016 تحت عنوان :”العقار والتعمير والاستثمار” بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة وذلك بمناسبة تكريم أستاذ التعليم العالي الدكتور الحسين بلحساني.

مقدمة

يقصد بالتمويل بصفة عامة، حاجة الأفراد أو الشركات أو المؤسسات وغيرها إلى تمويل شراء أو تصنيع بناء عقار،  فيلجأ طالب التمويل (صاحب الحاجة) إلى مؤسسة مالية أو أي جهة تمويل أو ما في حكمها لتقوم بعملية التمويل، ثم يقوم العميل بسداد قيمة هذا التمويل على آجال يتفق عليها نظير عائد للجهة الممولة[2].

ولا تخفى المكانة الكبرى التي يحتلها القطاع الاقتصادي لدى كل البلدان، إذ يعتبر بالأساس الدعامة القوية لتنشيط حركية باقي القطاعات، ويعتبر النشاط البنكي أهم العوامل المساعدة في بناء الحياة الاقتصادية وتطورها، من خلال الخدمات التي يوفرها لمختلف المؤسسات والأفراد المحتاجة لتغطية احتياجاتهم التمويلية. ذلك أن المؤسسة البنكية لا يقتصر دورها على جمع الأموال والمدخرات فقط، إنما يدخل في باب اهتماماتها أيضا، البحث والتنقيب عن أساليب وطرق جدية لتصريف وإعادة استخدام تلك الأموال بهدف تنشيط دورتها الاقتصادية.

وتضع البنوك التقليدية من بين أولوياتها التمويلية سعر الفائدة كأحد المعايير التي تعتمد عليها في سياستها الائتمانية، ومن أجل تحقيق ذلك تقوم بوضع سياسة افتراضية وفقا لإجراءات ومعايير محكمة، كما تقوم بدراسة محكمة لملف القرض لتفادي أي خطر متوقع.

وبالمقابل من ذلك، تقوم البنوك الإسلامية[3] باستنباط قواعد وأحكام وضوابط عملها من مصادر الشريعة الإسلامية التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وبين الثبات والمرونة لتواكب كل العصور والأزمنة وتفي بحاجات الإنسان في كل زمان ومكان ، ومن الحاجات المعاصرة في مجال المعاملات المالية حاجة الناس إلى تمويل مشروعاتهم وأعمالهم[4].

وتبعا لذلك، استنبط الفقهاء من مصادر الشريعة الإسلامية أساليبتمويلية متنوعة، منهاما يقوم على المشاركة في الغنم والغرم، وأخرى تقوم على البيع والشراء، ومنها كذلك ما يناسب الإجارة والتجارة ونحو ذلك. لتكون بديلا عن أساليب التمويل الوضعية التي تتبناها البنوك التقليدية،وتقوم بالأساس على الفائدة أخذًا وعطاءً، ومن الصيغ التي رآها الفقهاء: صيغ المشاركة والاستصناع والمضاربة والمرابحة والإجارة، وغير ذلك من الاساليب التي تحل محل أسلوب التمويل بالقروض بفائدة المعتمدة لدى البنوك التقليدية.

وتأتي هذه الدراسة لتسلط الضوء على طبيعة التمويل العقاري المعتمد لدى البنوك التقليدية والذي يتخذ من الفائدة أساسا له في جميع معاملاته، بما فيها التمويل العقاري المعاصر، ثم محاولة عرض أهم التمويلات البنكية التي تعتمدها البنوك التشاركية كبدائل للتمويل العقاري المبني على الفائدة.

وعلى هذا الأساس نتساءل عن مدى فعالية ونجاعة المعايير والإجراءات التقنية التي تعتمد عليها البنوك التقليدية في منح القروض؟ ومدى صلاحية المنتجات التشاركية حتى تكون بديلا لهذه القروض؟

هذه الإشكالية تتفرع عنها مجموعة من التساؤلات المحورية من قبيل:

ــ ما هي المعايير التي تعتمد عليها البنوك التقليدية لمنح القروض؟ وما هي التقنيات التي تعتمد عليها لتجنب المخاطر التي قد تنتج عن تلك القروض الممنوحة؟ وهل تعتبر الضمانات التي تتطلبها أهم وسائل للحد من تلك المخاطر؟

ــ ما هي مختلف التمويلات المعتمدة في البنوك التشاركية بديلا عن القروض بفائدة؟ وما مدى نجاعة هذه التمويلات وملاءمتها للتطبيق؟

للإجابة عن الإشكالية المطروحة بتساؤلاتها المحورية، نرى أن نعرض الموضوع في مبحثين اثنين كما يلي:

ــ المطلب الأول: التمويل العقاري لدى البنوك التقليدية وتأثير الأزمة

ــ المطلب الثاني: بدائل القروض العقارية لدى البنوك التشاركية ومدى ملاءمتها للتطبيق

المطلب الأول:التمويل العقاري لدى البنوك التقليدية وتأثير الأزمة

يلعب التمويل البنكي بصفة عامة دورا أساسيا في التنمية الاقتصادية، لاعتباره الممول الرئيس لكل المؤسسات الشخصية والاعتبارية التي تعاني من عجز مالي. وبالمقابل تعتبر القروض البنكية المورد الأساسي الذي يعتمد عليه البنك للحصول على الإيراد، بحيث تمثل الجانب الأكبر من استخداماته، الشيء الذي يجعله يولي تلك القروض الأهمية الكبرى والعناية الحازمة درءا لمختلف المخاطر التي قد تواجه عمله المبني بالأساس على الثقة بينه وبين مختلف المتعاملين معه.

وتتخصص البنوك بصفة عامة، والعقارية بالخصوص، في منح القروض لآجال متوسطة وطويلة، وذلك بضمان الأصول العقارية ذاتها، سواء أكانت في شكل أراضي زراعية أو أراضي للبناء أو عقارات مبنية، حيث تتصف هذه الممتلكات العقارية بالثبات النسبي والاستقرار مما يجعلها صالحة كضمان[5].

وعلى الرغم من الأهمية الكبرى التي يوليها البنك لمسالة التمويل من حيث اتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة، فإن القطاع البنكي يظل مهددا بمجموعة من الأخطار، هذه الأخيرة قد تكون سببا في أزمة خانقة ربما تعصف بالبنك وتؤدي به إلى الوقوع في الإفلاس من فينة لأخرى.

وسنتولى في هذا المطلب عرض مفهوم التمويل العقاري لدى البنوك التقليدية وبيان الإجراءات العملية التي يمر عبرها هذا النوع من التمويل، وذلك في المطلب الأول، على أن نتولى في المطلب الموالي بيان أهم المخاطر التي تواجه العمل البنكي في مجال التمويل العقاري وأهم الضمانات التي يعتمدها، ثم نعرض مشكل أزمة الرهن العقاري ومدى تأثيرها على هذه الضمانات..

المطلب الأول: مفهوم التمويل العقاري لدى البنوك التقليديةوإجراءاته العملية

يرى معظم الخبراء الاقتصاديون بأن القرض العقاري هو الوسيلة الأمثل لحل إشكاليات الطلب على العقار سواء من أجل الاستثمار أو السكن…، وبذلك تصنف القروض ضمن الاستخدام الأساسي لأصول معظم البنوك، وتولد أكبر قدر من الدخل قبل المصروفات والضرائب، يقابلها أكبر قدر من المخاطر، إذ يقوم البنك بالتفاوض مع كل مقترض على الشروط، وذلك حسب استخدام حصيلة ومصدر إعادة السداد ونوع الضمان[6].

الفقرة الأولى: تعريف القروض العقارية

تعتبر القروض[7] العقارية أسلوبا للتمويل العقاري بناء على قروض بفائدة، وقد جرى العرف على أن يطلق عليها مسمى: “قروض العقارات” أو “قروض الإسكان” أو “التمويل العقاري”.

وهي عبارة عن قروض موجهة لتمويل عملية بناء، شراء، ترميم مسكن[8]…، وغالبا ما تحتسب قيمة القروض على أساس: إما مدة القرض وتصل أحيانا إلى ما بين 25 و30 سنة[9] يسدد خلالها القرض على أقساط أو دفعات ثابتة ومتساوية شهريا، وإما  دفعة واحدة يسدد فيها القرض بحلول أجله، ويقوم الزبون بتقديم ضمانات بما فيها رهن المشروع رهنا عقاريا[10] طوال مدة القرض.

يستفاد مما تقدم، أن التمويل العقاري عن طريق قروض عقارية، يقصد بهقيام مؤسسة مالية أو جهة تمويل ما بإعطاء شخص قرضا بفائدة لتمويل شراء عقار أو تصنيعه أو محوه أو ما في حكم ذلك، على أن يقوم المقترض بسداد هذا القرض وفائدته على آجال يتم الاتفاق عليها، وأحيانا يُطْلب من المقترض (طالب التمويل) تقديم ضمانات مختلفة لكي تطمئن الجهة المقرضة إلى استرداد القرض والفائدة، كما توضع شروط منها تحميل المقترض بفوائد إضافية عند التأخير عن سداد الأقساط في مواعيدها حسب سعر الفائدة السائد في السوق أو أعلى منه، كما كان يفعل المرابون في الجاهلية، كانوا يقولون للمقترض: “أتقضي أم تربي”[11].

الفقرة الثانية: الإجراءات المتبعة للحصول على القرض العقاري

لما كان موضوع القرض – كما تبين – يتجسد في الغالب في شراء أو بناء سكن أو ترميمه …، فإن البنك مانح القرض يسعى نحو نيل ثقة زبنائه وتحسين خدماته اتجاههم عند منحهم القروض لتمويل عملياتهم العقارية، ثم إن منح أي قرض أو تمويل مهما كانت طبيعته لأي متعامل فردا كان أو مؤسسة، فإنه لابد أن يتم عن طريق وثائق معينة تشكل ملف القرض،وعبر إجراءات معينة متعارف عليها لدى المؤسسات التمويلية والبنكيةوهي كما يلي:

أولا: تقديم طلب الحصول على التمويل العقاري

يعتبر الحصول على المعلومات الدقيقة وذات المصداقية التامة المتعلقةبالعميل طالب القرض العقاري، الهم الأكبر والأساسي لدى البنوك ومؤسسات التمويل، خصوصا أمام التقلبات الاقتصادية المستمرة، وتعدد حالات العجز عن التسديد، وكذا عند الإفلاس…

والملاحظ أن عنصر الاستعلام في البنوك لم يعد يقتصر على تكوين معلومات مالية عن طالب القرض بصفة إدارية، إنما أصبح الأمر يتجاوز ذلك إلى اعتماد المتابعة المستمرة لنشاط المقترض أو طالب التمويل قبل طلب القرض، ويعتبر ملف القرض الخاص بالمقترض أول المصادر التي يستقي منها البنك المعلومات[12] الأولية لانطلاق عملية تقديم القرض.

ومن الناحية الشكلية، يبدأ طالب التمويل بتقديم طلب خطي إلى البنك مقدم التمويل، يوضح فيه نوع القرض المطلوب بعد الإدلاء بجميع المعلومات المتعلقة به من هوية وعمل وغيرها من المعلومات الأساسية، أويقوم بملء نموذج أو استمارة مسحوبة من البنك مقدم التمويل، تتضمن مجموعة من البيانات التي يستند عليها هذا البنك للبث في أمر القرض المطلوب، وهو الإجراء الأكثر عملا به في جل البنوك ومؤسسات التمويل القائمة في الوقت الحاضر.

وتتمثل المعلومات التي يقوم البنك بجمعها في جانبين: معلومات تتعلق بالمقترض أو طالب التمويل، وأخرى مرتبطة بالعملية الممولة بالقرض، ونوضح ذلك في ما يلي:

1– المعلومات المرتبطة بالمقترض أو طالب التمويل

وهي معلومات تساعد البنك على معرفة مدى قدرة المقترض أو طالب التمويل على الوفاء بالتزاماته في المواعد المحددة ومدى كفاءته في التسيير….، فيقدم للبنك جميع المعلومات المتعلقة بهويته، مكان إقامته، عمله، وضعيته العائلية، وجميع المعلومات المرتبطة بذمته المالية من حقوق أو موارد والتزامات أو ديون مترتبة على عاتقه إلخ.

وقد لا يكتفي البنك بالمعلومات التي زوده بها المقترض في ملف القرض، ويسعى في سبيل ذلك لجمع أكبر عدد ممكن من المعلومات حول طالب التمويل وسمعته الائتمانية وجميع المعلومات المتعلقة بنشاط المقترض وكفاءته في مجال عمله، ومدى توفره على الموارد البشرية أو المالية لتوظيف قروضه في مشروعه ومدى صدقه ونزاهته في معاملاته مع المتعاملين الاقتصاديين الآخرين ومدى قدرته على الوفاء بعقوده مهما كان شكلها[13] وطبيعتها.

2– المعلومات المرتبطة بالعملية الممولة

تعتبر المعلومات التي تتعلق بالعملية الممولة بالقرض[14]من الجوانب المهمة التي يستند عليها البنك مقدم التمويل لمعرفة مقدار هذا الأخير وطبيعة العقار المراد تمويله، ولأي غرض يتم الحصول على التمويل. وكل هذا يساعده على تجنب المخاطر المحتملة والمرتبطة بالقرض، وهذه المعلومات تتكون من[15]:

أ)وصف الملكية: ويتم هذا الوصف على أساس الموقع الجغرافي والسكاني الذي توجد فيه الملكية لأن قيمة الملكية تختلف من موقع لآخر على مستوى التراب الوطني، لهذا فعملية التصنيف بالنسبة للعامل الجغرافي مهمة جدا لأنها تأخذ بعين الاعتبار وجود الملكية داخل المدن الكبرى أو خارجها، كما أن تحديد الموقع يعتبر عاملا مساعدا على اتخاذ القرار الخاص بالقيمة السوقية للملكية موضوع التمويل؛

ب)المحيط: وذلك بإعطاء فكرة واضحة عن المحيط الذي تتواجد فيه الملكية، عبر وصف المرافق العامة المحيطة به من طرقات، إنارة، صرف المياه، توصيل الماء والكهرباء، الأمن، وسائل النقل…؛

ج) التكلفة والقيمة السوقية للعقار: يتم تحديد تكلفة العقار عن طريق جمع معلومات مفصلة حول حالة العقار، الطابق، المساحة، نوعية الملكية…، ويتم الاستناد على القيمة السوقية عبر محاولة البحث عن معايير للمقارنة، من شأنها أن تساعد البنك الممول على تكوين قناعته بقبول العقار كضمان أو لا، لأن قيمة العقار تتغير حسب شروط السوق ووفق المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية السائدة وقت طلب التمويل أو القرض.

ثانيا: تكوين الملف وتقديمه إلى البنك مانح القرض

بعدما يتقدم المقترض أو طالب التمويل إلى البنك بطلب الحصول على التمويل تأتي مرحلة إعداد الملف ودراسته من طرف البنك مقدم التمويل. ذلك أنه يجب على الشخص الذي يرغب في الحصول على القرض العقاري أن يقدم إلى البنك مجموعة من الوثائق المشكلة لملف التمويل، وهذه الوثائق قد تختلف حسب العملية المراد تمويلها، بحيث توجد بعض الوثائق المشتركة بين جميع أشكال القروض[16]، وأخرى خاصة بكل نوع من هذه القروض بحسب شكله وطبيعته[17]. وتتضح فائدة هذه الوثائق بالنسبة للبنك مقدم التمويل في البحث عن إجابة للتساؤلات التالية[18]:

ـ هل يتعارض طلب القرض أو التمويل مع التشريعات أو مع لوائح البنك المركزي أو سياسات البنك الخاصة بالاقتراض؟

ـ ما هو حجم المخاطر المترتبة على إقراض طالب التمويل؟

ـ هل يمكن تجنب هذه المخاطر أو التقليل منها؟

ـ ما هو حجم العائد المطلوب على القرض؟

ثالثا: دراسة طلب التمويل واتخاذ القرار النهائي

بعد الخلاص من تكوين ملف القرض أو التمويل يتقدم به طالب التمويل إلى المؤسسة المعنية، فتقوم هذه الأخيرة بالتأكد من مدى اكتمال الملف وصحته ثم تسلم طالب التمويل وصلا يثبت إيداع الملف لديها.

وتكون النتيجة إما موافقة البنك على منح القرض، ويتم ذلك عندما يدرس هذا الأخير الملف ويتأكد من توافر كل الشروط الضرورية والتي تسمح له بتقديم القرض إلى طالبه ويطمئن من إمكانية استرداده. وإما عدم منحه وذلك في الحالات المعاكسة.

وجدير بالذكر أن هذه الإجراءات المتبعة في طلب الحصول على القرض أو التمويل تختلف من مؤسسة مالية إلى أخرى بحسب اختلاف أنظمتها الداخلية والتأسيسية، لكن الغاية والهدف يبقيان وحيدا وهو كسب ثقة المتعاملين ومنحهم القروض مع ضمان استرداد قيمتها عند الحلول مع الفوائد .

المطلب الثاني: مخاطر القروض العقارية وضماناتها

لا شك أن البنوك تواجه مجموعة من المخاطر الناتجة عن عمليات التمويل العقاري بالقروض، والمبنية في الأصل على عنصر الثقة التي يضعها البنك في طالب التمويل، الأمر الذي يحثم على البنك واجب قياس المخاطر التي يواجهها، وحدود تلك المخاطر، من خلال مطالبة طالبي التمويل بضرورة تقديم ضمانات كافية لتغطية العملية التمويلية، خصوصا في الحالة التي يكون فيها القرض طويل الأجل.

وسنتولى عرض مختلف المخاطر التي تواجه البنوك المقدمة للقروض العقارية (فقرة أولى)، وأهم الضمانات الممكن اعتمادها لاتقاء تلك المخاطر (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: مخاطر القروض العقارية

على الرغم من الأهمية الكبرى التي يكتسيها التمويل العقاري لسد حاجيات المتعاملين الذين يرغبون في الحصول على قروض بنكية قصد تمويل عملياتهم العقارية على اختلافها، إلا أنه بالمقابل نجد أن عملية التمويل هذه أحيانا تتولد عنها مجموعة من المخاطر والتي تنجم عن منح القروض المبنية على عنصري الثقة والأخلاق بين الطرفين العميل والبنك بالأساس، وتتمثل أبرز هذه المخاطر  من الناحية القانونية[19] خصوصا في ما يلي:

أولا: مخاطر الرهن

ذلك أن المؤسسة التي تقدم التمويل العقاري على أساس قرض عقاري لابد أن تتأكد وتحتاط من عدم شمول العقار محل الرهن برهن سابق، وأن يكون هذا العقار قابلا للرهن، وأن يجري توثيق هذا الأخير عند الجهة المؤهلة لتوثيق التصرفات العقارية والسهر على تتبع ومراجعة صحة وسلامة العمليات العقارية في هذا الشأن.

ثانيا:  مخاطر التشغيل

يعتبر  خطر التشغيل، أو الجانب المهني للزبون، من الجوانب الرئيسية التي يجب على البنك مقدم التمويل في مجال القروض العقارية، أن يستند إليها من حين لآخر، وذلك بتتبع ومعرفة وضعية العميل في منصب اشتغاله والتنبؤ بالمتغيرات المحتملة الوقوع، وذلك للاحتياط من مدى قدرته على السداد وعدمه[20].

ثالثا: خطر عدم السداد

يعد هذا الخطر الأكثر ضررا، إذ يعتبر إما عجزا نهائيا وكليا أو عجزا جزئيا للمقترض، أو هلاك قيمة القرض بالنسبة للبنك، وهو يعبر عن تلك الخسارة التي يمكن للبنك أن يسجلها عند عدم مقدرة المدين على الوفاء بالالتزامات عند الاستحقاق، والمتمثلة في أصل المبلغ والفوائد المترتبة عليه، مما يجعله عاجزا عن تحقيق الإيرادات والتدفقات المسبقة للقروض والتي تم التنبؤ بها[21].

أو حتى في الحالة التي يكون فيها المقترض في حالة عسرة ويتقاعس عن الأداء لمدة مؤقتة لظروف قاهرة حالت دون ذلك، وبالتالي فإن البنك هنا يصاب بالخسارة طوال هذه المدة، كما هو الحال مثلا في نازلة صدر فيها  أمر رئاسي عن رئيس المحكمة الابتدائية بمكناس، أمر عدد 150/13، ملف رقم 966/8/2012 بتاريخ 12/02/2013، والذي قضى بإيقاف التزام المدعي المتمثل في أدائه لباقي الأقساط المستحقة عن عقد القرض العقاري الذي أبرمه مع المدعى عليها (شركة تمويل)، مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية، وذلك إلى حين انتهاء حالة عطالته عن العمل أو تنفيذه للحكم الناتج عن دعوى أداء التعويضات عن الفصل عن العمل المقدمة في مواجهة مشغله.

رابعا: خطر سعر الفائدة

يعتبر سعر الفائدة ذلك الثمن الممنوح من قبل المقترض للبنك بغية الحصول على قرض، أو  الثمن الذي يتحصل البنك من خلاله على ودائع، وينجم عن الاحتفاظ السلبي بالحقوق أو الديون بمعدلات فائدة ثابتة، ويكون هذا الخطر عموما مرتبط بالقروض الطويلة ومتوسطة المدى، وفي حالة ارتفاع معدلات الفائدة الخاصة بالقروض العقارية مثلا حالة ارتفاع هذه المعدلات في وقت لاحق لغلق ملف بيع القروض، كما ينجم عنها تغير غير مرغوب فيه حيث يؤثر على قيمة عناصر ميزانية البنك وعوائدها[22]، أو قد يتعرض البنك إلى خسارة عند توفير فائض السيولة لديه في حالة هبوط سعر الفائدة، وعندما تنعدم السيولة، فيضطر البنك إلى الاقتراض من سوق البنوك، ويحتمل في هذه اللحظة أن يصطدم بارتفاع سعر الفائدة فيتعرض لخسارة محققة.

الفقرة الثانية: الضمانات في القروض العقارية

تشكل الضمانات البنكية محور تلاق بين البنك والعميل، إذ يقوم هذا الأخير بتقديم مجموعة من الضمانات التي يراها كافية لضمان حصوله على القرض العقاري من البنك، وتعتبر أيضا ضمانة قوية للبنك في حال امتناع الزبون أو عجزه عن سداد الديون المترتبة في ذمته لصالح البنك.

وتختلف طبيعة الضمانات التي يطلبها البنك، والأشكال التي يمكن أن تتخذها، وعموما تنقسم هذه الضمانات إلى ضمانات شخصية وضمانات حقيقية.

أولا: الضمانات الشخصية

الضمانات الشخصية هي عبارة عن تعهد في عاتق شخص ثالث يلتزم بسداد الدين المترتب لصالح الدائن (البنك) في جهة المدين عند حلول أجله وعدم قدرة هذا الأخير عن الوفاء بالالتزام المترتب في عاتقه، وتشمل الضمانات الشخصية الكفالة والضمان الاحتياطي.

1: الكفالة

تعرف الكفالة بأنها ما يودعه شخص من الأشخاص من مبلغ نقدي أو سندات أو أوراق مالية لضمان تنفيذ التزام معين يقع على عاتقه أو لضمان تغطية ما قد ينشأ بفعله من مسؤولية في المستقبل[23].

وقد عرفها المشرع المغربي في الفصل 1117 من قانون الالتزامات والعقود بأنها “عقد بمقتضاه يلتزم شخص للدائن بأداء التزام المدين، إذا لم يؤده هذا الأخير نفسه”.

ومقتضى الكفالة في هذا المقام أنها عقد بموجبه يلتزم أو يتعهد شخص معين يدعى الكفيل بتنفيذ التزامات المدين طالب التمويل، والذي يدعى المكفول، تجاه البنك مقدم التمويل في حال لم يستطع الوفاء بهذه الالتزامات عند حلول أجل استحقاقها.

2: الضمان الاحتياطي

وهو عبارة عن التزام محرر من طرف شخص معين يلتزم بموجب ذلك الالتزام بتسديد مبلغ ورقة تجارية أو جزء منه في حالة عدم قدرة أحد الموقعين عليها على التسديد[24].

ثانيا: الضمانات العينية

ويطلق على هذا النوع من الضمانات أيضا مسمى الضمانات الحقيقية لأنها ترد على مجموعة من الأشياء التي تقدم كضمانة حقيقية كالسلع والتجهيزات والمعدات والعقارات…، وتقدم على سبيل الرهن لا على سبيل الملكية، وتضم هذه الضمانات ما يلي:

1:  الرهن الحيازي

بالرجوع إلى أحكام المادة 1170 من قانون الالتزامات والعقود المغربي نجدها عرفت الرهن الحيازي بأنه “عقد بمقتضاه يخصص المدين أو أحد من الغير يعمل لمصلحته شيئا منقولا أو عقاريا أو حقا معنويا، لضمان الالتزام، وهو يمنح الدائن حق استيفاء دينه من هذا الشيء بالأسبقية على جميع الدائنين الآخرين، إذا لم يف له به المدين”.

وعرفته المادة 145 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية بأنه “حق عيني يتقرر على ملك يعطيه المدين أو كفيله العيني إلى الدائن المرتهن لضمان الوفاء بدين ويخول الدائن المرتهن حق حيازة المرهون وحق حبسه إلى أن يستوفي دينه”.

وفي هذا الصدد يمكن للبنوك والمؤسسات المالية أن تمنح قروضا عقارية للمتعاملين مقابل ضمان يتمثل في الرهن الحيازي، هذا الأخير يمكن أن يقع على الأدوات ومعدات التجهيز والبضائع والأثاث ، ويتوجب على البنك أن يتأكد من مدى سلامة هذه التجهيزات والمعدات قبل الإقدام على تقديم التمويل.

ومقتضى الرهن الحيازي انتقال الحيازة إلى الدائن المرتهن (البنك أو مؤسسة التمويل)، ولهذا الأخير الحق في أن يحبس الشيء المرهون إلى حين تمام الوفاء بالدين، وأن يبيعه عند عدم الوفاء به وأن يستوفي دينه من ثمن المرهون عند بيعه وذلك بالامتياز والأسبقية على أي دائن آخر، وهذا ما قضت به المادة 1184 من قانون الالتزامات والعقود المغربي.

2:  الرهن الرسمي

الرهن الرسمي حسب المادة 165 من مدونة الحقوق العينية المغربية هو “حق عيني تبعي يتقرر على ملك محفظ أو في طور التحفيظ ويخصص لضمان أداء دين”.

يترتب عن الرهن الرسمي أو العقاري اكتساب الدائن (البنك هنا) لحق عيني على العقار لضمان وفاء دينه، ويخول له بمقتضاه استيفاء دينه من ثمن ذلك العقار في أي يد كان متقدما في ذلك على جميع الدائنين، ولا يتم الرهن إلا على العقار  الذي يستوفي الشروط التي تعطي للرهن مضمونه الحقيقي، ذلك أن العقار ينبغي أن يكون صالحا ومعينا بدقة، إما في عقد الرهن أو في عقد رسمي[25].

ونظرا لأهمية الضمانات فيما يتعلق باسترجاع القروض، فإن البنك يكون أشد حرصا في قبول أنواع الضمانات المختلفة، ويتحرىكامل الدقة عند مراجعته وتفحصه للوثائق المثبتة لحيازة أو ملكية الأشياء محل الرهن من طرف عميله[26].

الفقرة الثالثة: أزمة الرهن العقاري وتأثيرها على ضمانات القروض البنكية

على الرغم من المجهودات التي قد يبذلها البنك في سبيل اتخاذ الاحتياطات اللازمة كضمانات لاتقاء مخاطر القروض العقارية، إلا أنه أحيانا قد تظهر موجة من الأسباب والعوامل غير المتوقعة فتؤدي إلى حدوث أزمة مالية معينة، فتعصف بالتالي بجدية تلك الضمانات، ونطرح في هذه الدراسة أزمة الرهن العقاري العالمية التي وقعت مؤخرا، من خلال بيان ماهيتها والعوامل التي كانت وراء ظهورها وأبرز المراحل التي مرت بها.

أولا: ماهية الرهن العقاري وبوادر الأزمة

إنالرهن العقاري قرض يمكن المقترض سواء كان فردا أو مؤسسة من اقتراض نقود لشراء مسكن أو أي عقار آخر، وتكون ملكيته لذاك العقار ضمانا للقرض. وفي حال أصابه عجز عن سداد القرض، يكون من حق المقرض أن يتخذ الإجراءات الكفيلة بتملكه لذلك العقار. وبعبارة أخرى، فإن العقار يبقى مرهونا إلى غاية سداد القرض، ولذلك يسمى المقرض مرتهنا والمقترض راهنا[27].

وأزمة الرهن العقاري[28]، كانت أبرز تجلياتها نقص سيولة السوق وسيولة التمويل[29] في النظام البنكي الأمريكي، والتي بدأت خلال سنة 2006 بعد انفجار فقاعة سوق الإسكان بالولايات المتحدة الأمريكية، وتطورت بعد ذلك لتصبح أزمة مالية عالمية ابتداء من سنة 2007.

وبدأت الأزمة في الولايات المتحدة بعدما تمكن بنك الاحتياطي الفدرالي من خفض سعر الفائدة على قروض السكن، وعندما تشتري الأسر المنازل، فإنها تحتاج إلى أثاث وعمال بناء ومهندسين وغيرهم مما ينمي الاقتصاد، ولا تستطيع الأسر أن تدفع أجر هؤلاء إلا بمزيد من القروض. وتبدأ المشكلة عندما يقوم أصحاب المنازل برهنها للبنوك ضمانا للقروض والأقساط، وهذه القروض لم يكن يجري تسجيلها لصالح المؤسسة المقرضة، لأنها كانت تنوي توريق وثائق الرهون وبيعها في سوق المال، بحيث يتم تداولها بين عشرات المؤسسات المالية، وبناء عليه تم تفادي عمليات التسجيل المعقدة والطويلة والمكلفة، لكن عدم التسجيل هذا جعل وثائق الرهن غير قانونية، لأنه لم ينص فيها على المستفيدين من الرهن ثم بيعت هذه الوثائق إلى آلاف المستثمرين، وأصبح الوضع أن كل وثيقة رهن يمتلكها عدد كبير من المؤسسات التي ليس بينها أي علاقات، ولم يعد هناك مالك وحيد لأي وثيقة يستطيع الإدعاء بأن الرهن لصالحه قانونا[30].

ثانيا: مراحل أزمة الرهن العقاريالعالمية وتأثيرها على الضمانات

أزمة الرهن العقاري -أو أزمة القروض العقارية عالية المخاطر- هي أزمة مالية خطيرة ظهرت على السطح فجأة، فجّرها في البداية تهافت البنوك على منح قروض عالية المخاطر، وبدأت الأزمة تكبر لتهدد قطاع العقارات في الولايات المتحدة ثم البنوك والأسواق المالية العالمية تهديداً للاقتصاد المالي العالمي. وفي ما يلي بيان لأبرز الخطوات التي شهدتها أزمة الرهن العقاري العالمية[31]:

  1. شجع الازدهار الكبير لسوق العقارات الأمريكية ما بين عامي (2001 – 2006م) البنوك وشركات الإقراض على اللجوء إلى الإقراض العقاري مرتفع المخاطر، وهو منح مقترضين كثر قروضاً ضخمة -لديهم سجل ائتماني ضعيف أو يفتقدونه أصلاً- بدون ضمانات كافية وبمخاطر كبيرة مقابل سعر فائدة أعلى، والهدف هو تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح لمؤسسات الإقراض.
  2. توسعت المؤسسات المالية الكبرى في منح القروض للمؤسسات العقارية وشركات المقاولات والتي زادت عن (700 مليار دولار).
  3. أدى ارتفاع معدل الفائدة العام إلى إحداث تغيير في طبيعة السوق الأمريكية تمثل في انخفاض أسعار المنازل، الأمر الذي شكل بداية اشتعال الأزمة إذ توجب على الكثير من المقترضين سداد قروضهم، وتزايد عدد العاجزين عن سداد هذه القروض العقارية، فبدأت المؤسسات المالية وشركات إقراض تعاني تداعيات هذه القروض الكبيرة المتراكمة.
  4. ظهرت بوادر الأزمة على السطح بشكل جلي مع بداية عام (2007م)، وذلك مع تزايد حالات التوقف عن الدفع وزيادة ظاهرة استيلاء المقرضين على العقارات وكثرة المواجهات بين المقترضين والبنوك.
  5. بلغ حجم القروض المتعثرة للأفراد نحو (100 مليار دولار)، ما أدى إلى تراجع أسهم المؤسسات المالية المقرضة وهبوط مجمل الأسواق المالية الأمريكية ثم الآسيوية والأوروبية تبعاً لها.
  6. زاد عدد المنازل المعروضة للبيع في الولايات المتحدة (75%) عام (2007م)، حيث بلغ عددها (2,2 مليون) وهو ما يمثل (1%) من عدد المساكن في الولايات المتحدة كلها.
  7. ضعفت قدرة البنوك على تمويل الشركات والأفراد الأمر الذي أدى إلى انخفاض الإنفاق الاستثماري والاستهلاكي وهدد بحدوث كساد.
  8. أدى ارتباط عدد كبير من المؤسسات المالية -خاصة الأوروبية والآسيوية- بالسوق المالية الأمريكية إلى انتقال الأزمة الرهن العقاري من الولايات المتحدة إلى القارة الآسيوية والأوروبية وطالت الأزمة شركات القروض العقارية والمصارف وصناديق التحوط وشركات الاستثمار والأسواق المالية لتتطور إلى أزمة أكبر باتت تعرف بالأزمة المالية العالمية.
  9. أوضحت خبيرة التمويل والاستثمار ورئيسة الإدارة المركزية لسوق المال في “بنك مصر إكستيريور”، الدكتورة عنايات النجار أن إعلان إفلاس مصرف ليمان براذرز[32] رابع أكبر بنك بالولايات المتحدة، أثر على أداء جميع أسواق المال سلبيا، بما فيها السوق الأمريكية والأوربية وحتى العربية.

تبين لنا من خلال ما تقدم في المبحث الأول من هذه الدراسة، أن القروض العقارية تنطوي على مخاطر عظمى، ولعل خطر عدم التسديد أشدها خطورة.

ولاحظنا كذلك، أن البنك بالرغم من سياسته المتخذة في مجال منح الائتمان العقاري أو القروض العقارية، والمتمثلة في اعتماد عدةإجراءات وقائية لضمان استرجاع أمواله الممنوحة، هذه الإجراءات مكونة من ضمانات مختلفة باختلاف نوع التمويل المقدم، إلا أنه بالرغم من كل ذلك، يبقى عمله مهددا بالانهيار أو حصول الإفلاس من لحظة لأخرى. ولنا في أزمة الرهن العقاري لأواخر سنة 2007 وبداية 2008 – كما قدمنا – خير دليل على ذلك. ولا يبقى على البنوك التي تواصل اعتماد هذه القروض ضمن سياستها التمويلية إلا اتخاذ الحيطة والحذر المتواصلين عند منح القروض، بما من شأنه مواجهة المخاطر المحدقة بها أو على الأقل التقليل منها.

ويطرح التساؤل عن ما هي أهم البدائل التمويلية التي أوجدتها البنوك التشاركية لإنجاح التمويلات البديلة للإقراض بفائدة؟ وما مدى ملاءمتها للتطبيق العملي؟

المبحث الثاني: بدائل القروض العقارية لدى البنوك التشاركية ومدى ملاءمتها للتطبيق

يمثل التمويل التشاركي بمختلف صيغه مظهرا عمليا، ومنهجا شرعيا يكفل تعبئة الموارد المالية وتوظيفها في مشاريع استثمارية من خلال إطار مؤسساتي، يجمع بين تداول الأموال وتحقيق الأرباح وتوظيف المهارات وتشجيع المبادرات التنموية[33].

وحرصا على تفعيل صيغ التمويل التشاركي، وجعلها في مستوى يواكب التطورات الحاصلة في الميدان الاقتصادي من جهة، ويوفر حاجيات المتعاملين بمختلف أنواعها ومجالاتها، أضحى التركيز قائما على إيجاد صيغ تمويلية تلائم هذه الأوضاع وتستجيب لمختلف المتطلبات التي تفرضها المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية الحاصلة، من هذه الصيغ التي توافق مجال التمويل العقاري نذكر صيغة المشاركة والمرابحة والإجارة والمضاربة والاستصناع.

وقد راعى المشرع المغربي من خلال القانون الجديد المنظم لمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها الصادر سنة 2014 تحت رقم 103.12، خصوصية البنوك التشاركية ومدى أهميتها في التمويل، حينما خصص القسم الثالث من هذا القانون لتنظيم البنوك التشاركية، وقيام هذه الأخيرة باعتماد عمليات التمويل القائمة على غير أساس الفائدة، وفي المجالات الاقتصادية التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك باستخدام أساليب التمويل التشاركي[34] بما فيها أسلوب المرابحة[35]، الإجارة[36]، المضاربة[37]،المشاركة، الاستصناع، وغيرها من الأساليب التمويلية التي لا تخالف أحكام الشريعة، والتي توافق عليها هيئات الرقابة الشرعية[38].

وسيقتصر الحديث في هذا البحث على صيغتي المشاركة والاستصناع حتى نتمكن قدر المستطاع من الإحاطة بمختلف الجوانب التنظيمية والعملية لهما خصوصا المتعلقة منها بمجال التمويل العقاري بالأساس.

المطلب الأول: التمويل العقاري بعقد المشاركة

يعد التمويل بالمشاركة إحدى أهم صور التمويل في البنوك التشاركية، وهذا الأسلوب مفيد للبنك في تشغيل أمواله والحصول على عائد بأسلوب يبعده عن الفائدة، ومن جهة أخرى يعد أسلوبا مفيدا للعميل الذي يحصل على التمويل بدون فوائد.

وفي ما يلي بيان لتعريف المشاركة وشروطها والإجراءات العملية لتنفيذ هذا العقد.

الفقرة الأولى: تعريف المشاركة

تعرف الشركة لغة بأنها توزيع الشيء بين اثنين فأكثر على جهة الشيوع، وفي الاصطلاح الفقهي هي اختلاط نصيبين فصاعدا، بحيث لا يتميز نصيب أحدهما عن غيره[39].

وقد عرفها المشرع المغربي في الفصل 982 من قانون الالتزامات والعقود بأنها “عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما معا، لتكون مشتركة بينهم، بقصد تقسيم الربح الذي قد ينشأ عنها”.

وعرف المشاركة في المادة 58 (بند ج) من القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها بأنها “كل عقد يكون الغرض منه مشاركة بنك تشاركي في مشروع قصد تحقيق ربح. يشارك الأطراف في تحمل الخسائر في حدود مساهمتهم وفي الأرباح حسب نسب محددة مسبقا بينهم”.

تأسيسا على ما ذكر، يمكن القول إن المشاركة في مجال التمويل العقاري يقصد بها اتفاق طرفين على المشاركة في شراء أو تصنيع عقار، حيث يُقِّدم طرف الأرض التي سوف يقام عليها العقار (فرضاً)، ويقدم طرف أخر التمويل اللازم لبناء العقار، ويتفقا على توزيع عائد المشاركة بينهما بالتراضي[40].

وبصورة أخرى تأتي المشاركة كأسلوب تمويلي يقوم على أساس تقديم البنك جزءا من التمويل لعميله، ويقوم هذا الأخير بتغطية الجزء المتبقي من التمويل اللازم لأي مشروع، على أن يشتركا في العائد المتوقع إن ربحا كان أو خسارة بنسب متفق عليها بين الطرفين، وعند تحقق الربح الفعلي يتم توزيعه كالآتي[41]:

ـ حصة للشريك مقابل عمله وإدارته وإشرافه على العملية؛

ـ الباقي يوزع بين الشريكين بنسب مساهمة كل منهما.

ويعد البنك شريكا كاملا في العمليات ونتائجها، وعادة ما يفوض هذا البنك عميله للإشراف على العملية وإدارتها ولا يكون تدخل البنك في الإدارة إلا بالقدر الذي يضمن له الاطمئنان على حسن سير العملية والتزام الشريك بالمتفق عليه في العقد[42].

الفقرة الثانية: أشكال المشاركة

تقوم البنوك التشاركية باستثمار أموالها عن طريق المشاركة، وهي في سبيل ذلك تقوم باستخدامها واستثمارها بأساليب مختلفة ومتعددة تتضمن في صيغة عقد اتفاقا بين طرفين على المشاركة في نشاط عقاري أو تمويلي معين، من أبرز هذه الأساليب في ميدان التمويل العقاريأسلوب المشاركة الدائمة، ثم المشاركة المتناقصة أو المنتهية بالتمليك وهما كما يلي:

أولا: المشاركة الدائمة

وتعني قيام البنك الإسلامي بالاشتراك مع شخص أو أكثر في مشروع تجاري معين، كأن يكون مصنعا، أو مبنى، أو مزرعة، أو غيرها من مجالات الاستثمار المختلفة، وذلك عن طريق التمويل في المشروع المشترك، فيستحق كل واحد من الشركاء نصيبه من أرباح ذلك المشروع، وتكون المحاسبة للخسائر والأرباح بعد نهاية كل سنة مالية[43]. ويصح أن تكون المشاركة في مشروع طويل الأجل، أو في صفقة تجارية واحدة، أو صفقات متعددة[44].

وهذا النوع من الشركة تنطبق عليه شركة العنان التي ذكرها الفقهاء، وهي تعني: اشتراك في مال ليتجر في نوع من أنواع التجارة، أو في عموم التجارات. أو هي اشتراك اثنين بماليهما ليعملا فيه ببدنهما، وربحه لهما، فينفذ تصرف كل واحد منهما بحكم الملك في نصيبه، والوكالة في نصيب شريكه[45].

وتعتبر شركة العنان الأسلوب المناسب لاستثمار الأموال وتنميتها في ظل الاقتصاد المعاصر، فهي الشركة الأنسب التي تستوعب الأنشطة الاقتصادية، وتتوافق مع طبيعة العمل المصرفي الإسلامي، وتصنف ضمن شركة الأموال[46].

ثانيا: المشاركة المتناقصة أو المنتهية بالتمليك

وهي نوع من المشاركة يقوم فيها البنك التشاركي بالمساهمة في رأس مال شركة أو مؤسسة تجارية أو عقار أو مصنع، أو مزرعة، أو أي مشروع تجاري آخر، مع شريك أو أكثر، وعندئذ يستحق كل طرف من أطراف هذه الشركة نصيبه من الربح بموجب الاتفاق الوارد في العقد، مع وعد البنك بالتنازل عن حقوقه بطريق بيع أسهمه إلى هؤلاء الشركاء، على أن يلتزم هؤلاء الشركاء أيضا بشراء تلك الأسهم، والحلول محله في الملكية، سواء تم ذلك دفعة واحدة، أم بدفعات متعددة، وحسبما تقتضيه الشروط المتفق عليها[47].

والملاحظ أن مثل هذا النوع من المشاركات غالبا ما يكون في الأشياء المنتجة للدخول بطريق العمل فيها مشاركة بين المصرف وبين من يقوم بالعمل في تلك الآلة المنتجة، كعربات النقل والمحاريث والحاصدات الزراعية وغيرها[48].

وغالبا ما ينتهي هذا النوع من أساليب المشاركات بتمليك الآلة المنتجة للدخل إلى العامل عليها، وذلك بترتيب يقسم على أساسه عائد نتاج العمل عليها إلى ثلاثة أقسام: قسم للبنك، قسم للعامل كأجرة لعمله على تلك الآلة، وقسم يحفظ مقابلا لقيمة الآلة، وذلك بعد تنزيل نفقات الوقود والصيانة، حتى إذا بلغ ذلك الجزء المحفوظ مقدار قيمة الآلة المنتجة، قام البنك من جانبه بالتنازل عن ملكيتها للعامل عليها[49].

كما ويدخل في نطاق هذا الأسلوب أيضا حالة قيام البنك بتمويل إنشاء الأبنية على الأرض المملوكة لمن يرغب في الإفادة من هذا الأسلوب بالترتيب المعروض[50]. أو يدخل البنك في مشروع شراكة مع العميل لشراء العقار، ويؤجر حصته لهذا العميل، ويستلم منه القيمة التأجيرية المتفق عليها، على أن يشتري العميل دوريا النسبة المتفق عليها مسبقا من حصة البنك في العقار، وبعد مدة تنتقل ملكية العقار بالكامل إلى العميل. ويعتبر هذا الأسلوب الأخير الأكثر تفضيلا واستخداما من طرف البنوك التشاركية[51].

الفقرة الثالثة: شروط التمويل بالمشاركة

تتعلق الضوابط الفقهية للتمويل بأسلوب المشاركة في البنوك التشاركية بشروط العاقدين وشروط رأس مال المشاركة، ثم شروط توزيع الربح والخسارة، ونبين ذلك كما يلي:

أولا: شروط العاقدين

يشترط أن يكون كل شريك متمتعا بالأهلية الكاملة التي تجعله أهلا للتصرف بالأصالة وبالوكالة في آن واحد، أي أن يكون كل شريك أهلا للتوكيل والتوكل[52].

ويشترط كذلك أن يصدر إقرار من طرفي التعاقد بصفتهما وأهليتهما القانونية للتعاقد، من خلال اقتران عنصر الإيجاب بالقبول كما يلي:

1:الإيجاب:

ويصدر من العميل الراغب في المشاركة، ويكون في الغالب الطرف الراغب في تمويل العقار بعدما يكون لديه جزء من المال أو العقار ولكنه لا يكفي لتمام العملية العقارية أو الحاجة التمويلية التي يرغب فيها.

2: القبول:

ويأتي من الطرف الآخر في عملية المشاركة، ويتجسد في مقدم التمويل لتنفيذ العملية المطلوبة، ويكون غالبا البنك أو مؤسسة التمويل.

ثانيا: شروط رأس المال

يشترك العاقدين في رأس مال المشاركة، ولا يشترط تساوي رأس المال المقدم من كليهما.ويتحدد موضوع العقد غالبا في المشاركة في شراء أو بناء عقار أو إقامة مشروع معين… كما سبق البيان.

ويشترط كذلك أن يكون رأس المال من النقود المتداولة التي تتمتع بالقبول العام والمعترف بها في تقييم الأشياء، كم أجاز بعض فقهاء المالكية والحنابلة أن يكون رأس المال المشارك به من العروض، على أن يتم تقويمها عند التعاقد[53].

كما يتوجب أن يكون رأس المال معلوم القدر والجنس والصفة ومحددا تحديدا نافيا للجهالة عند التعاقد، وذلك منعا لحدوث غرر قد يفضي إلى نزاع عند التصفية وتوزيع النتائج، ولا يجب أن يكون رأس المال دينا في ذمة أحد الشركاء.

ثالثا: شروط توزيع الربح والخسارة

يجب أن يشتمل عقد المشاركة على قواعد توزيع النتائج بين أطراف العقد (ربحا أو خسارة)، ويكون من الوضوح الذي لا يلتبس معه الأمر عند التوزيع، حيث أن الربح هو المعقود عليه في المشاركة، وجهالة المعقود عليه تؤدي إلى فساد العقد.

1: شروط التوزيع في حالة الربح

ذلك أن نصيب كل من الشركاء في الربح جزء شائع في الجملة غير محدد المقدار، وذلك بأن يكون لكل منها نسبة مئوية، أو كسر اعتيادي (كربع، أو ثلث، أو نصف أو نحوها) مما ينتج عنه فعلا من ربح[54].

ويقسم صافي الربح بين الشركاء حسب الاتفاق المدرج بالعقد، سواء كان بالتساوي أو بالتفاضل، فقد أجيز التفاضل في الربح مع التساوي في المال، في حين تفسد المشاركة في حال اشترط أحد الشركاء بأن يكون لنفسه مبلغا محددا من الربح[55].

2: شروط التوزيع في حالة الخسارة

تكون الخسارة على قدر حصص المال المقدم من كل المتعاقدين، أي توزيع بين الشركاء بنسب مشاركة كل منهما في رأس مال العملية، وذلك في حالة ما إذا كانت الخسارة بسبب ظروف لا دخل للمشارك فيها. أما إذا كانت الخسارة راجعة إلى تقصيره أو إهماله أو مخالفته لشروط العقد فيحصل المشارك وحده على مقدار الضرر الذي يقع على شريكه[56].

الفقرة الرابعة: إجراءات تنفيذ عقد المشاركة

تتلخص الإجراءات العملية للتمويل بالمشاركة في ما يلي[57]:

أولا: طلب التمويل بالمشاركة

يتقدم العميل الذي يرغب مشاركة البنك في مشروع معين بطلب مكتوب موقع عليه يبين فيه المشروع الذي يرغب إقامته، يرفق به دراسة جدوى اقتصادية للمشروع، وكافة المستندات الخاصة بهذا العميل، بما في ذلك السجل التجاري والتعريف الضريبي، وجميع المستندات التي تتطلبها كل مؤسسة بنكية أو تمويلية تتعامل بهذا الشكل من المنتجات التمويلية بحسب النظام والقانون الداخلي لكل مؤسسة.

ثانيا: الدراسة والتحليل

تتم دراسة المشروع من قبل قسم التمويل والاستثمار في البنك على ضوء معايير التمويل والاستثمار، ويتم على وجه الخصوص التأكد من دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع التي قدمها العميل والمعلومات الواردة فيها، مع تحديد درجة الجدارة الائتمانية للمشروع في ضوء تحليل مخاطر الائتمان الحديثة.

ثالثا: كتابة التقرير والتوصيات

تتم كتابة التقرير والتوصيات بالموافقة أو عدمها في ضوء ما تم التوصل إليه من نتائج الدراسة والتحليل، وحسب سياسات البنك التمويلية، والمعايير والضوابط المقررة لتمويل عمليات المشاركة.

رابعا: اتخاذ القرار من قبل لجنة التمويل والاستثمار المختصة

تتم المناقشة من لدن لجنة التمويل والاستثمار المختصة، وفقا لحدود السلطات المالية لكل لجنة، بالموافقة أو عدمها أو بتعديل شروط منح التمويل التي طلبها المتعامل، كنسبة توزيع الأرباح مثلا، وذلك في ضوء المعايير التي وضعتها إدارة البنك للدخول في عمليات التمويل بالمشاركة.

خامسا: التعاقد

في حالة الموافقة يتم إبلاغ المتعامل كتابة بتفاصيل الموافقة، وفي حالة موافقته على الشروط يتم إعداد عقد التمويل بالمشاركة من قبل قسم التمويل والاستثمار في البنك، ثم يتم توقيع العقد من ممثلي البنك والمتعامل تمهيدا للبدء في التنفيذ، مع احتفاظ كل طرف بنسخة من العقد. ويتم تبليغ الأقسام المعنية بالتنفيذ والمتابعة، وكذا الأقسام الأخرى التي لها علاقة بتنفيذ العقد مثل أقسام الخدمات المتخصصة، كما في الكمبيالات والودائع والاعتمادات، وخطابات الضمان.

فبمجرد توقيع البنك عقد المشاركة مع العميل، على أساس شراء عقار (مسكن مثلا) بناء على عقد المشاركة المنتهية بالتمليك، تبقى ملكية هذا العقار مشتركة بين البنك والعميل، بحسب نسبة رأس المال بينهما، ويستأجر العميل المسكن من البنك بموجب عقد إيجار، يحدد فيه مدة الإيجار وقيمة الأقساط وكيفية السداد…، وجميع الشروط المزمع تنفيذها في خلال مدة التعاقد[58].

سادسا: التنفيذ والمتابعة والمحاسبة الدورية

متابعة تنفيذ بنود العقد مع العميل وفقا لنشاط المشروع وتفويض صلاحيات الإدارة والأمور المالية بين البنك والشريك، مما يضمن سير المشاركة بأفضل ما يمكن لتحقيق الهدف المرجو منها. وتتم المتابعة مكتبيا عن طريق التقارير المالية ومتابعة الأمور القانونية، أما المتابعة الميدانية فتتم عن طريق زيارة المشروع والاطلاع عن كثب عن سير العمليات وإعداد التقارير اللازمة.

وأما إذا تعلق الأمر بتمويل عقاري على أساس المشاركة المنتهية بالتمليك، فإن العميل هنا يشتري المسكن تدريجيا، وتتناقص أقساط الإيجار مع تناقص حصة البنك، حتى يتملك العميل المسكن بالكامل[59].

سابعا: المحاسبة النهائية والتصفية

بعد نهاية مدة المشاركة يقوم قسم التمويل والاستثمار بإعداد تقارير تبين فترة المشاركة ونسب الأرباح المحققة فيها مقارنة بدراسات الجدوى ومعدلات العائد السوقية المماثلة لتقييم العملية والتخطيط للمستقبل.

المطلب الثاني: التمويل العقاري بعقد الاستصناع

يعتبر عقد الاستصناع من العقود المهمة في التمويل التشاركي والتمويل العقاري على وجه الخصوص.وسنتولى في هذا المطلب بيان تعريف عقد الاستصناع وبيان أنواعه في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي، ثم إيضاح شروطه والإجراءات التي يمر عبرها التمويل العقاري بناء على عقد الاستصناع والاستصناع الموازي.

الفقرة الأولى:  تعريف عقد الاستصناع

عقد الاستصناع من العقود التي جرى التعامل بها لدى فقهاء الشريعة الإسلامية، ثم تطور بعد ذلك حتى أصبح من الصيغ الملائمة للعمل البنكي الحديث، خصوصا بعد ظهور الآلات الضخمة والمشاريع الاستثمارية الكبرى، في شتى المجالات، ونبين في ما يلي تعريف عقد الاستصناع في الفقه الإسلامي وما يقابله في القانون الوضعي.

أولا: تعريف عقد الاستصناع في الفقه الإسلامي

يعرف الاستصناع لغة بأنه علي وزن الاستفعال، ويعني طلب الفعل أو طلب الصنعة، وهو عمل الصانع في حرفته، ومصدر استصنع الشيء، أي دعا إلى صنعه[60].

وفي الاصطلاح هو عقد يشتري به في الحال بغرض العمل علي بناء أو تصنيع سلعة مما يصنع صنعا وغير جاهزة حاليا، ويلتزم البائع بتقديمه جاهزا بمواد من عنده وبأوصاف معينة وثمن محدد[61]، ويقوم البنك بتلبية رغبة العمـيل وتـوفير تلك السلعـة بعد تصنيعـها بنفسـه أو بتصنيعـها مـن غـيره وفـق المواصفات المحددة من قبل العميل[62].

ثانيا: تعريف الاستصناع في القانون

لا يوجد في القانون مصطلح الاستصناع، إذ أنه مصطلح خاص بالفقه الإسلامي، وإنما نجد مصطلح آخر مشابه له هو المقاولة، وإن كان المشرع المغربي من خلال القانون الجديد رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها الصادر سنة 2014 قد أضافه إلى خانة العقود التشاركية الإسلامية المنشأ، والتي يمكن للأبناك التشاركية اعتمادها كأحد البدائل الشرعية للأدوات المالية التقليدية.

وقد عرفت المادة 58 (بند و) من القانون المشار إليه أعلاه، عقد الاستصناع بأنه “كل عقد يشتري به شيء مما يصنع يلتزم بموجبه أحد المتعاقدين، البنك التشاركي أو العميل، بتسليم مصنوع بمواد من عنده، بأوصاف معينة يتفق عليها وبثمن محدد يدفع من طرف المستصنع حسب الكيفية المتفق عليها بين الطرفين.

وسنتولى من الناحية القانونية دراسة عقد المقاولة وبيان أوجه التشابه والاختلاف الحاصلة بين هذا العقد وعقد الاستصناع من حين لآخر.

1:تعريف المقاولة

يطلق اسم المقاولة في اللغة على المعاني الآتية: المفاوضة والمجادلة، يقال قاوله في الأمر مقاولة إذا فاوضه وجادله في الأمر أي تفاوض عليه، وإعطاء العمل على تعهد بالقيام به بعد المفاوضة والمجادلة، وتمتاز المقاولة بالتفاوض والجدال لتحقيق الغاية لكل طرفي العقد[63].

وفي الاصطلاح، نجد مجموعة من التعاريف حول المقاولة نذكر منها:

المقاولة عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يصنع شيئا أو يؤدي عملا مقابل بدل يتعهد به الطرف الآخر[64].

وهناك من عرفها بأنها: عقد يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه بأن يضع شيئا أو يؤدي عملا لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر[65].

وتعني أيضا: اتفاق يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين بأن يصنع للمتعاقد الآخر شيئا، أو يؤدي عملا بمقابل مالي يتعهد به هذا المتعاقد للآخر[66].

ومن الناحية القانونية عرف الدكتور السنهوري المقاولة بأنها عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر[67].

أما المشرع المغربي فلم يعرف المقاولة لا في قانون الالتزامات والعقود ولا في مدونة التجارة ولا مدونة الشغل،[68]ولا في قانون مؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها، إنما أوجد مفهوما يقترب من مفهوم المقاولة في ما سماه إجارة الصنعة وإجارة الخدمة ونظم أحكامهما في المادة 723 من قانون الالتزامات والعقود[69]، فعرف في الفقرة الأولى من هذه المادة، إجارة الخدمة بأنها “إجارة الخدمة أو العمل، عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم للآخر خدماته الشخصية لأجل محدد أو من أجل أداء عمل معين، في نظير أجر يلتزم هذا الأخير بدفعه له”، وعرف في الفقرة الثانية من نفس المادة، إجارة الصنعة بأنها “عقد بمقتضاه يلتزم أحد الطرفين بصنع شيء معين في مقابل أجر يلتزم الطرف الآخر بدفعه له”.

2: أنواع الإجارة الذي يشمله عقد المقاولة

ينقسم عقد الإجارة إلى نوعين[70]:

النوع الأول: عقد الإجارة الوارد على منافع الأعيان المباحة، ويقسم هذا النوع إلى قسمين:

القسم الأول: عقد الإجارة الوارد على منافع الأعيان المباحة المعينة، وقسم هذا القسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: إجارة العقارات، مثل المباني والأراضي؛

القسم الثاني: إجارة العروض التجارية مثل الآلات والملابس وأدوات العمل؛

القسم الثالث: إجارة وسائل النقل والمواصلات، مثل الحيوانات ووسائل النقل الحديثة.

القسم الثاني: عقد الإجارة الوارد على منافع الأعيان المباحة الموصوفة في الذمة.

النوع الثاني: عقد الإجارة الوارد على عمل الشخص، ويقسم هذا النوع إلى قسمين:

القسم الأول: الأجير الخاص وهي الإجارة التي يقتضي تسليم الأجير نفسه للمستأجر ليعمل عنده وحده مدة من الزمن؛

القسم الثاني: الأجير المشترك، وهو الأجير غير الخاص بشخص معين، حيث إن التزامه ينحصر في إكمال العمل الذي طلب منه على الوجه المطلوب.

3: نطاق الإجارة

تشمل الإجارة منافع العاقل (الإنسان) وغير العاقل (الحيوان والعروض والعقارات)، لدى جميع الفقهاء[71]، إلا المالكية الذين فرقوا بين منافع العاقل وأطلقوا عليه اسم الإجارة وما يشتق منها، ومنافع غير العاقل وأطلقوا عليه اسم الكراء وما يشتق منه[72].

الفقرة الثانية: أركان وشروط عقد الاستصناع في الفقه الإسلامي والقانون

نبين في هذه النقطة أركان وشروط عقد الاستصناع في الفقه الإسلامي وما يقابلها في القانون الوضعي.

أولا: أركان وشروط عقد الاستصناع في الفقه الإسلامي

باعتبار الاستصناع عقدا، فإنه لابد من توافر أركانه كما في باقي العقود، ولا يختلف عن هذه الأخيرة إلا في بعض الأشياء الخاصة به، وتتحد أركان عقد الاستصناع في ما يلي:

1: الصيغة

وهي ترتيب الكلام على نحو معين صالح لترتيب الآثار المقصودة منه، ومن ذلك صيغة البيع، وصيغة عقد النكاح، وصيغة الأمان[73]، ويعبر عنها بالإيجاب والقبول من العاقدين.

ويشترط في الصيغة أن يكون الإيجاب متصلا بالقبول في مجلس العقد، متوافقين ومتطابقين، وأن تكون خالية من الشوائب التي قد تمنع صحة العقد الإكراه والتدليس[74]

2: العاقدين

ويقصد بهما في هذا المقام، الصانع الذي يقوم بالعمل، والمستصنع الذي طلب عمل شيء معين، ويشترط فيهما ما يشترط في العاقدين عموما من تكليف[75]، ورضى خال من عيوب الإرادة، وسبب ومحل مشروع.

3: المعقود عليه (المحل)

وهو في هذا المقام العين المصنوعة والعمل الواقع عليها من جهة، ثم الثمن الذي يقدمه المستصنع من جهة أخرى.وعليه، يجب أن يكون المستصنع به معلوما، وذلك ببيان مواصفاته كاملة، وأن يكون مشروعا أو استصنع من حلال[76].

ولابد كذلك من أن يكون الاستصناع في الأشياء التي جرى العرف بالتعامل بها، وقد ذكر فقهاء الحنفية عدة أمثلة لذلك فقالوا: مثل استصناع الحديد، والرصاص، والنحاس والزجاج، والنعال ونحو ذلك[77].

غير أنه من الجدير بالتنويه أن هذه الأمثلة كانت شائعة عندهم ولم يريدوا من خلالها الحصر، إنما جاءت على سبيل التمثيل، ولذلك قد تختلف صناعات عصر عن آخر كثرة وقلة وشيوعا وندرة، ولذلك يمكن أن يمتد مجال عقد الاستصناع في الوقت الحاضر ليشمل كل الصناعات الخفيفة والثقيلة، والمتوسطة، والبرية، والبحرية، والفضائية كالأقمار الصناعية وغيرها[78].

4: الأجل

لابد أن يحدد الزمن في عقد الاستصناع، سواء أكان قصيرا أم طويلا، وذلك لأن العقود الواردة على العمل لابد أن يذكر معها الأجل، وذلك تفاديا لكل نزاع قد يحصل، من ذلك أن يتأخر الصانع في التنفيذ في حين المستصنع يريد التعجيل[79].

ثانيا: أركان وشروط عقد المقاولة

يشترط لانعقاد المقاولة الأركان العامة لانعقاد أي عقد رضائي، وهي العناصر التالية: الصيغة ويعبر عنها بالرضا عند القانونيين، المحل وهو الشيء المعقود عليه العمل والثمن، ثم العاقدان وهما المقاول وصاحب العمل.

1: الصيغة

لابد لانعقاد المقاولة من اتحاد الإيجاب والقبول على جميع العناصر المكونة للعقد.

فلابد أن يكون الإيجاب والقبول يدل بوضوح على نوع العقد المقصود إبرامه في كل جزئياته، بما في ذلك تحديد نوع العمل والثمن وكيفية تحصيله، وأجل التسليم، فيشمل التراضي العناصر التالية[80]:

ـ ماهية العقد، وذلك بأن تتحدد إرادة العاقدين في نوع العقد المراد إبرامه؛

ـ التراضي على العمل، بأن يكون العمل معينا وممكنا ويكون مشروعا، مثل بناء مسكن فيجب أن يحدد العمل المطلوب بدقة وأن يكون مشروعا أي برخصة البناء؛

ـ التراضي على الأجر، بأن يحدد الأجر، ويشترط في التحديد أن لا يختلف فيه الطرفان عند تمام العمل الملتزم به.

2: المحل

وهو الشيء المعقود عليه، ويشتمل في عقد المقاولة على العمل والأجر كما يلي:

أ) العمل: ويشترط فيه ما يلي:

ـ أن يكون العمل معينا، وإذا لم يكن كذلك، فإن عقد المقاولة يكون باطلا، ويشمل التعيين نوع العمل بالأساس، وصفاته، إذ جاء في الفصل 58 من قانون الالتزامات والعقود ما يلي: “الشيء الذي هو محل الالتزام يجب أن يكون معينا على الأقل بالنسبة إلى نوعه. ويسوغ أن يكون مقدار الشيء غير محدد إذا كان قابلا للتحديد فيما بعد”؛

ـ أن يكون العمل ممكنا فلا التزام بمستحيل، ويقصد هنا الاستحالة المطلقة التي تمنع المقاولة لإنجاز المشروع أو العمل المتفق عليه، وقد نص الفصل 59 من قانون الالتزامات والعقود المغربي على ما يلي: “يبطل الالتزام الذي يكون محله شيئا أو عملا مستحيلا، إما بحسب طبيعته أو بحكم القانون؛

ـ أن يكون العمل مشروعا، ذلك أنه في حال كان العمل مخالفا للقانون أو النظام العام، فإن العقد يكون باطلا، وذلك عملا بمقتضى الفصل 62 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على أن “الالتزام الذي لا سبب له أو المبني على سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن. يكون السبب غير مشروع، إذا كان مخالفا للأخلاق الحميدة أو للنظام العام أو للقانون”[81].

ب) الأجر: ويشترط فيه ما يلي:

ـ يتم تحديد الأجر بالاتفاق بين الطرفين، ذلك أن الأجر يمكن أن يكون محددا في مبلغ من النقود، وهو الأصل في المعاملات، ولا مانع أن يكون غير ذلك من المنقولات أو العقارات، ويتم تحديد الأجر إما إجمالي مقابل العمل الذي يقوم به المقاول، ويكون هذا جزافيا، أو على أساس الوحدة الزمنية كاليوم، أو قياسية كالمتر…، وفي حال لم يتم الاتفاق في العقد على تحديد الأجر فإن القضاء هو من يتولى تحديده[82].

3: العاقدين

وهمما المقاول وصاحب العمل، ويكون كل واحد منهما إما شخصا طبيعيا أو معنويا[83]:

أ)الشخص الطبيعي: يشترط في الشخص الطبيعي سواء المقاول أو صاحب العمل ما يلي: أهلية الوجوب وأهلية الأداء، أي يشترط فيه العقل والبلوغ والرشد، فلا يصح عقد المقاولة من الشخص المجنون والصبي غير المميز. أما الصبي المميز فالعقد موقوف على إذن الولي، أما غير الراشد وهو السفيه فعقده غير صحيح.

ب) الشخص المعنوي: إذا كان أحد العاقدين أو كلاهما شخصا معنويا، فإن المقاولة تنعقد، لأن الشخص المعنوي كيان قائم بذاته مستقل، له كافة الحقوق وعليه كافة الالتزامات، إذا وجدت مقومات الشخص الاعتباري.

4: المدة

إن الأجل في المقاولة يلتزم به مهما كانت الظروف،وذلك لأن العقود الواردة على العمل لابد أن يذكر معها الأجل، ولأن عقد المقاولة يعد من العقود التي يكون فيها الالتزام بتحقيق نتيجة لا ببذل عناية.

ثالثا: المقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون

من خلالها عرضنا لأركان وشروط كل من عقد الاستصناع في الفقه الإسلامي ونظيره (المقاولة) في القانون الوضعي، يمكن ملاحظة ما يلي:

1: أن الفقه الإسلامي تناول الأركان والشروط بنوع من التفصيل والتدقيق، بالرغم من أننا لم نتولى ذكر جل هذه التفاصيل، وإنما اكتفينا بذكر الراجح منها، بخلاف القانون الوضعي الذي يوردها مجملة؛

2: تحديد سن التعامل بالبلوغ في الفقه الإسلامي على خلاف القانون الذي يحدد سن الرشد في 18 سنة، مع بعض الاستثناءات الواردة على الصبي المميز والذي في سن الترشيد…؛

الفقرة الثالثة: أنواع عقد الاستصناع وتطبيقاته

يعتبر عقد الاستصناع من العقود المعروفة قديما، إلا أنه مع التطور الحاصل بعد ظهور الآلات المتطورة وازدياد الطلبات والحاجيات…، تطور معها عقد الاستصناع إلى ظهور ما يسمى عقد الاستصناع الموازي، الذي تستخدمه البنوك ومؤسسات التمويل الحديثة.

 تبعا لذلك، فإننا سنبحث في هذه النقطة أنواع عقد الاستصناع وتطبيقاته في مجال التمويل العقاري.

أولا: أنواع عقد الاستصناع في الفقه الإسلامي

ينقسم عقد الاستصناع في الفقه الإسلامي إلى عقد استصناع أصلي وآخر موازي.

1: الاستصناع الأصلي

هذا النوع هو المعتاد والمتعارف عليه بين الناس، إذ يتم بين المستصنع والصانع على عمل شيء بأوصاف محددة على شرط أن يتم في أجل محدد ومتفق عليه مسبقا، وهذا النوع هو الذي سبق بالدراسة.

2: الاستصناع الموازي

يحصل هذا النوع من الاستصناع بأن يتعاقد المستصنع (طالب العمل) تاجرا أو مستهلكا والصانع (الذي يقوم بالعمل) بعقد بينهما على أن يقوم الثاني بعمل لفائدة الأول، ثم يتعاقد الصانع مع شخص آخر، هو الذي يقوم بالعمل بعقد ثان مستقل عن الأول[84].

ويتميز عقد الاستصناع الموازي بمجموعة من المميزات نذكر منها[85]:

ـ في العقد الأول يكون الصانع هو المسؤول عن إنجاز العمل مسؤولية تامة كاملة أمام المستصنع الأصلي؛

ـ في العقد الثاني يكون الشخص الثالث هو المسؤول عن العمل أمام الصانع في العقد الأول يصبح مستصنعا؛

ـ لا توجد أية علاقة بين المستصنع في العقد الأول والصانع في العقد الثاني.

ثانيا:أنواع المقاولة

تنقسم المقاولة إلى:

ـ مقاولة مباشرة وتكون بين المقاول وصاحب العمل، وهذا النوع من المقاولة كان محور الدراسة فيما سلف؛

ـ المقاولة من الباطن، والتي يطلق عليها أيضا اسم المقاولة الفرعية، وهذا النوع الأخير هو الذي سنتولى دراسته في هذا المحور.

وقدعرف المشرع المغربي في المادة 55 من مدونة الشغل، عقد المقاولة من الباطن كما يلي: “عقد المقاولة من الباطن هو عقد مكتوب يكلف بمقتضاه مقاول أصلي مقاولا من الباطن بأن يقوم له بشغل من الأشغال، أو أن ينجز له خدمة من الخدمات.

يتم اللجوء إلى عقد المقاولة من الباطن كلما كان ذلك في صالح المقاولة الأصلية، ولم يكن مخلا بحقوق أجرائها”.

من خلال التعريف أعلاه يستنتج أن المقاولة من الباطن تنتج عقدين هما:

ـ عقد بين صاحب العمل والمقاول الأصلي؛

ـ عقد بين المقاول الأصلي والمقاول الفرعي.

والملاحظ أن من بين الأسباب الحقيقية للجوء إلى المقاولة من الباطن ما يلي[86]:

ـ يلجأ المقاول الأصلي إلى المقاولة من الباطن بقصد تحقيق الربح المتمثل في الفارق بين السعر المحدد بين العقد الأصلي وعقد المقاولة من الباطن؛

ـ يلجأ المقاول الأصلي إلى المقاولة من الباطن لعدم إتقان جانب معين من أجزاء العقد لقلة خبرته وكفاءاته؛

ـ الدافع الأخلاقي والمساعدة للمقاولين الصغار والأخذ بأيديهم.

ثالثا: تطبيقات عقد الاستصناع والاستصناع الموازي

تتعدد التطبيقات التي يمكن أن يشملها الاستصناع والاستصناع الموازي نذكر منها[87]:

1:الاستصناع في التمويل العقاري: يمكن تطبيق الاستصناع في التمويل العقاري في عدة تطبيقات مختلفة، كبناء المساكن والعمائر وغيرها، وذلك ببيان موقعها والصفات المطلوبة فيها، كما يمكن أن يكون الاستصناع في تخطيط الأراضي وإنارتها وشق الطرق فيها وتعبيدها، وغير ذلك من المجالات العقارية والتي يمكن الاستفادة من الاستصناع فيها.

ونطرح على سبيل المثال في هذه النقطة، عقد الاستصناع الذي أبرم بين البنك الإسلامي للتنمية والشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب، ونشر المرسوم بالجريدة الرسمية عدد 5674 بتاريخ 19 شتنبر 2008، فجاء في مادته الأولى ما يلي:”يوافق على الاتفاقية الملحقة بأصل هذا المرسوم، والمبرمة بتاريخ 4 يونيو 2008 بين المملكة المغربية والبنك الأغسلامي للتنمية لضمان اتفاقية التمويل بالاستصناع بميلغ 99.400.000 أورو وقعها البنك المذكور مع الشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب للمساهمة في تمويل مشروع الطريق السريع تازة وجدة”.

ومما يؤخذ من هذه الصياغة[88]:

أ) لا وجود للعنصر الأساسي في عقد الاستصناع وهو تحديد “المصنوع” مثل مسافة محددة من الطريق مع بيان موقعها، أو بناء قناطير أو أنفاق معينة.

ب) المبلغ خصص “للمساهمة في تمويل مشروع الطريق السريع تازة وجدة” وهذا ما يؤكد عدم تحديد “المصنوع” لأن المسافة بين تازة ووجدة تزيد عن مائتي كيلومتر، وتكلف أضعاف المبلغ المقدم من البنك الإسلامي للتنمية[89].

ج) في عقد الاستصناع الذي يقدم ثمن “المصنوع” هو المستصنع، وفي هذه المعاملة “الصانع” / البنك هو الذي عجل أداء الثمن للمستصنع؟

د) إن المعاملة التي تمت بين البنك الإسلامي للتنمية والشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب ليست عقد استصناع سواء في الاجتهاد الفقهي السابق على المجلة العثمانية، أو طبقا لنصوص هذه المجلة، بل لا علاقة لها حتى بعقد الاستصناع في القوانين الوضعية. إنها تسليم مبلغ نقدي يسترجعه صاحبه مقسطا مقابل زيادة نسبة مائوية على المبلغ المدفوع.

2: الاستصناع في التمويل الصناعي: يعتبر الإستصناع من الطرق التي أصبحت تطبق في تمويل القطاع الصناعي بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بسبب ضعف تطبيقه بالنسبة للصناعات الكبيرة والضخمة، ويمكن الاستفادة من عقد الاستصناع بتطبيقه في المجال الصناعي باختلاف أشكاله وأنواعه، كصناعة الطائرات والمركبات السفن – مما يمكن ضبطه بالمقاييس والصفات -، وكذلك: صناعة الآلات المختلفة، بل وحتى القطع الصغيرة في الآلات، وذلك بدلاً من استيرادها من البلاد الأجنبية بقيم باهظة مع مشقة النقل وتكلفته العالية، خاصة وأن في الاستصناع الداخلي تحريكاً للنشاط الاقتصادي، وإبقاء للسيولة المالية بين أبناء المجتمع، والاستفادة من الطاقات المختلفة وتوظيفها في مجالها المناسب.

يستنتج مما سلف بيانه، أن البنوك التشاركية في تعاملها بعقد الاستصناع قد لا تقتصر على القيام بدور الصانع عن طريق إنجاز محل العقد من صانع من الباطن وتسليمه للمستصنع، وإنما تكتفي أحيانا بالتمويل النقدي بتسليم الزبون المبلغ النقدي الذي يرغب فيه، ويقوم هو بالبحث عن الصانع لإنجاز ما يريده[90].

3: أنواع المقاولات في الاستصناع

تنقسم المقاولات باعتبار حجم العمل إلى قسمين هما:

النوع الأول:مقاولات صغيرة:وتتناول أعمالاً صغيرة، وغالباً ما تتعلق بأعمال المهن الحرة كالنجارةوغيرها.

النوع الثاني: مقاولات كبيرة:  وتتناول أعمالاً كبيرة، وعادة ما تتعلق بتشييد المباني والجسور والسدود وغيرها.    

وتنقسم المقاولات باعتبار جنس العمل إلى قسمين أيضا هما:

النوع الأول: مقاولات مادية:  وتتناول الأعمال المادية كإنشاءات المباني والجسور والسدود وغيرها.               

النوع الثاني: مقاولات عقلية:  وهي التي ترد على أعمال ناتجة عن مجهود عقلي كالأعمال القانونية مثل المحاماة، وكالأعمال الفنية مثل تصميم يضعه مهندس معماري.

وتنقسم المقاولات باعتبار متعلق بالعمل إلى قسمين أيضا هما:

النوع الأول: مقاولات عامة:وهي التي تتعلق أعمالها بالمرافق العامة والأشغال العامة والنقل وغيرها، وتكون الحكومة أو المؤسسات العامة طرفاً فيها.

النوع الثاني: مقاولات خاصة: وهي التي تتعلق أعمالها بمرافق ومصالح خاصة بالأفراد والشركات وليس للحكومة دور فيها.

خامسا: الجانب العملي للإستصناع في البنوك الحالية

شهد عقد الاستصناع تطورا ملحوظا من مظهره البسيط في التعامل الأولي  باستصناع معدات بسيطة تفي بمتطلبات الصناعة البسيطة في ذلك الوقت، ولكن وبعد أن تطورت الصناعات في الوقت الحاضر إلي صناعات عملاقة وانتشارها في العالم كله، أضحى من الطبيعي أن يتطور عقد الإستصناع بما يوازي هذا التطور العملاق في الصناعات المختلفة.

فقد أصبح التمويل عن طريق عقد الاستصناع يحتل دورا رئيسا في الصناعة المصرفية الإسلامية، إذ قامت البنوك بتمويل إنشاء المباني السكنية والاستثمارية بنظام الاستصناع، وساهمت بذلك في حل مشكلات معاصرة كثيرة، بأن ساهمت في توفير السلع التي يطلبها العميل وفقا لاحتياجاته ومتطلباته، كما ساهمت البنوك في صناعات أخرى عديدة وأبرمت العديد من عقود الاستصناع مع عملائها  غير أن أبرزها حجماً في المعاملات هو المجال العقاري مثل عقود تمويل المباني كدور الإسكان والمستوصفات والمدارس والفنادق ومحطات الكهرباء وغيرها من التجهيزات العمومية والخصوصية كذلك.

 ومن هنا فإن الاستصناع يعتبر خطوة رائدة لتنشيط الحركة الاقتصادية والاجتماعية للبلدان، ونبين في ما يلي أهم الإجراءات العملية التي يمر بها تطبيق عقد الاستصناع في البنوك التشاركية، وفقا للأسلوب الثاني الذي يكون فيه البنك صانعا (بائعا) ومُستصنَعَاً له، أو ما يعبر عنه بالاستصناع الموازي.

وفي ما يلي بيان للإجراءات العملية للتمويل بالاستصناع.

1: تلقي طلبات العملاء

يتقدم العميل إلى البنك بطلب منه أن ينشأ له سلعة معينة أو عقار معين، ويرفق مع طلبه بياناً كاملاً مدعماً بالرسوم والخرائط من المهندس الاستشاري عن شكل ومواصفات العقار أو السلعة المطلوب إنشائها، وصور الملكية، ومخطط ومساحة الأرض وموقعها، ومخطط مبدئي للبناء، وتقرير مختصر من المهندس الذي صمم البناء بحيث يتضمن هذا التقرير تكلفة البناء، وكافة التفاصيل المتعلقة بهذه السلعة من حيث المواصفات والكمية المطلوبة وميعاد الاستلام وقيمة الدفعة التي يمكن سدادها للبنك، والضمانات التي يعرضها، وطريقة السداد (دفعة واحدة أو علي أقساط متعددة شهرية أو ربع سنوية)، مصحوبة بدراسة مالية ويقدر فيها الإيراد المتوقع ومدى قدرته على الوفاء بسداد الأقساط[91].

ويمكن أن يشمل الطلب تحديد الصانع الثاني الذي سيتولى تنفيذ عقد المصانعة، في حال عقد الاستصناع الموازي (مقاولا معينا على سبيل المثال)[92].

2: تجميع المعلومات عن العميل والعملية المراد تمويلها

ذلك أن البنك يقوم بطلب وثائق ومستندات عن العميل شخصيا من حيث مصدر دخله، وعن منشأته – إن كانت شركة مثلا – أو عن المدير المسؤول والشركاء المتضامنين، أو أعضاء مجلس الإدارة في الشركات المساهمة، وكذا صور معتمدة من حساباته وقوائمه المالية، والسجل التجاري والبطاقة التجارية، وأسماء بعض المتعاملين معه سواء من الأفراد أو من البنوك…[93]

3: دراسة الطلب من الناحية الاقتصادية والائتمانية

يقوم البنك بعمل دراسة جدوى فنية متخصصة للمشروع بمعرفة خبراء التمويل بالبنك مع الاستعانة بمكتب استشاري هندسي يتبع البنك، بغرض التعرف على جدوى تمويل المشروع. كما يقوم من الناحية الاقتصادية بتحليل السوق للسلعة المطلوبة من ناحية العرض والطلب الحالي والمحتمل مستقبلا والمنتجين الرئيسيين للسلعة والقيود والضوابط في التعامل عليها[94]

ومن الناحية الائتمانية يتولى البنك دراسة طلب العميل استنادا إلى معايير التمويل والاستثمار المتعارف عليها في مجال عمل البنوك، ذلك أنه تتم دراسة حالة العميل من حيث الشخصية والكفاءة والقدرة على السداد، وكذا حالة العملية من حيث طبيعتها وإمكانية تنفيذها وتسويقها، وربحيتها، إضافة إلى الضمانات المطلوب تقديمها، كما في الصيغ الأخرى المتعامل بها، والتي سبق بيانها في ما سلف من هذه الدراسة[95].

كما يتم تحديد دقيق لصفة الصانع الثاني الذي سيقوم بتنفيذ عقد المصانعة، وبيان نتيجة الاستعلام عنه من ناحية الكفاءة والخبرة والسمعة الحسنة، والشروط التي تم التوصل إليها معه من حيث ثمن السلعة المصنعة ونسبة الخصم النقدي إن وجد وميعاد التسليم، والذي يراعى فيه أن يكون متزامنا للموعد المحدد في الاتفاق مع العميل الأول. ويتم أيضا احتساب التكلفة المالية للعملية وعائد البنك منها ومدد السداد وغير ذلك، ثم إعداد تقرير بتوصية من الباحث تعتمد من إدارة الاستثمار والتمويل وترفع إلى السلطة المكلفة باتخاذ القرار، بعد الاتفاق مع كل من العميل والصانع والتفاوض على الثمن وفترة التسليم وشروط أخرى إن لزم الأمر[96].

4: اتخاذ القرار والتعاقد

تباشر السلطة المختصة في البنك إجراءات الاطلاع على الدراسة ومناقشتها ثم تتخذ القرار المناسب، وفي حالة الموافقة على العرض المقدم من العميل يطلب منه تقديم المستندات النهائية للتمويل وتقديم الضمانات اللازمة[97].

 بعد الاتفاق النهائي يتم تحرير والتوقيع على العقود التالية[98]:

ـ عقد بيع استصناع

يتم توقيعه بين البنك والعميل المشتري يحدد فيه جميع حقوق والتزامات كل طرف من أطراف العقد وهما (البنك والعميل) وأهم ما يتضمنه العقد ما يلي: ثمن بيع المبنى للعميل من قبل البنك، ميعاد التسليم طبقاً للمواصفات، مدة السداد، قيمة القسط، وقيمة الدفعة المقدمة في حالة وجودها.

ـ عقد مصانعة (استصناع موازي)

بعد توقيع عقد بيع الاستصناع الأول بين البنك والعميل، يقوم البنك بتوقيع عقد تنفيذ أو مصانعة مع المقاول الثاني ويسمي هذا العقد “عقد استصناع موازي” أو عقد المقاولة، وتكون علاقة المتعامل بالبنك مباشرة ولا علاقة له بالمقاول، ومن الممكن أن يقترح العميل للمصرف شركة معينة للتنفيذ.

ذلك أن البنك عادة لا يتولى الصناعة بنفسه، وإنما يتفق مع جهة أخرى على التنفيذ ويبرم معها عقد استصناع موازي، لتقوم باستصناع المطلوب وفقا للمواصفات التي تم الاتفاق عليها مسبقا مع العميل الأول، شرط أن يتم التنصيص على ذلك في عقد الاستصناع الأصلي.

5: التنفيذ والمتابعة

يجري التنفيذ مباشرة بعد توقيع العقد وفي المدة المحددة لبدأ التنفيذ خصوصا عندما يتعلق الأمر بعمليات كبيرة[99].وإذا كان البنك في العادة ينفذ العملية بواسطة الغير، فإنه كما سبق الإشارة إلى ذلك، لتنفيذ هذه العملية يبرم عقد استصناع موازي مع الغير بعد دراسة حالته حتى ولو كان العميل حدده له، ويشترط أن يحتوي العقد الثاني على نفس البيانات للعقد الأول. مع مراعاة أن البنك في العقد الأول صانعا وفي الثاني مستصنعا له.

ومن حيث المتابعة، فإنها تكون بواسطة البنك للتأكد من سلامة مراحل تنفيذ الصانع الثاني للعملية، ويمكن للتسهيل أن يتم الاتفاق على أن يكلف مكتب استشاري هندسي خاصة في عمليات المقاولات يحدده العميل[100] للتنفيذ واستلام ما يتم بعد المعاينة لدفع الثمن للصانع، وتسليم ما انتهى من العمل للعميل أولا بأول وبإعداد المستخلصات الدورية يمكن التحاسب على أساسها. وتكون هذه المتابعة ميدانيا ومكتبيا بما يتناسب مع تنفيذ العملية، ثم تشمل عملية المتابعة أيضا تحصيل الأقساط من العميل في مواعيدها[101].

6: التصفية والمحاسبة

عندما يتعلق الأمر بالعمليات الكبيرة، والتي تمر عبر مراحل كعمليات التشييد والبناء، فإنه يتم استلام الأعمال دوريا عن طريق المستخلصات، ويمكن استنادا لذلك أن تعتمد هذه المستخلصات من المكتب الاستشاري المتعاقد معه للمتابعة ومندوب من البنك ومندوب من طرف العميل، قصد إتمام عملية تسلم البنك ثم تسليمها للعميل[102].

خاتمة                                                                         

إجمالا يمكن الخلاص إلى نتيجة مفادها أن أساليب التمويل التشاركي للعقارات تتميز بالتعدد، حيث لا يقتصر الأمر على أسلوب معين، بل بأساليب كثيرة، بما فيها أسلوبي المشاركة والاستصناع الذين تم الإشارة إليهما ضمن محتوى هذا البحث،إلى جانبأساليب أخرى، والتي لم يسعنا المقام لتناولها كأسلوب المرابحة والإجارة بتنوعيها والمضاربة والسلم والمساقاة وغيرها من الأساليب الشرعية، التي من شأنها إتاحة أكبر فرصة للاعتماد، كما أنها تتنوع بما يناسب الحالات والجهات المختلفة سواء لتمويل المنتجين أو لتمويل العملاء في مختلف الحاجيات والمجالات، كالمباني والجسور والطاقات والطائرات والسفن وغيرها.

والملاحظ أن هذه الأساليب تأخذ بعين الاعتبار التوازن والعدالة فى توزيع المنافع والمخاطر بين طرفي التمويل، بخلاف ما عليه أسلوب القرض الذى يتحمل المقترض وحده جميع المخاطر، ويبقى حصوله على المنافع أمرا مبنيا على الاحتمال، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل درجة المخاطر بإقرار الضمانات المناسبة.

كل ذلك يجعل من الملائم التوجه إلى صيغ التمويل التشاركي بقصد تنشيط السوق العقاري وتوفير احتياجات العملاء خصوصا منهم الذين يتحرجون من التعامل بالقروض المبنية على الفائدة.


[1]– قرار رقم 4316 الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 17 فبراير 1951، يراجع قرارات محكمة الاستئناف بالرباط، تعريب محمد العربي المجبود، ج 2، ص 254.

– ويراجع في نفس السياق:

– قرار المجلس الاعلى عدد 337 بتاريخ 13 نونبر 1918، ملف إداري عدد 83887، مجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 31 السنة الثامنة مارس 1983.

[2] – ينظر حسين حسن شحاتة: التمويل العقاري المعاصر في ميزان الشريعة، الجائز والمنهي عنها شرعا، جامعة الأزهر، مصر، الطبعة الأولى2007، ص. 2.

[3]– وهناك من يطلق على هذه الأبناك تسمية “المصارف الإسلامية”، في حين فضل المشرع المغربي تسميتها بـ”الأبناك التشاركية”، وذلك على غرار ما عليه الأمر في بعض الدول التي تأخذ بالنظام البنكي المزدوج كأندنوسيا التي تطلق عليها “بنوك المعاملة”، وذلك لما لمصطلح “الإسلامية” من حساسية، ونظرا كذلك لما قد يشكله اختيار الإسم المغاير لمصطلح “الإسلامية” من عامل إيجابي في جلب المتعاملين لهذه الفئة من الأبناك في مواجهة غيرها.

[4] – يراجع حسين حسن شحاتة، التمويل العقاري المعاصر في ميزان الشريعة، مرجع سابق، ص.1.

[5]– ينظر أحمد شعبان محمد علي: البنوك الإسلامية في مواجهة الأزمات المالية، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، الطبعة الأولى، 2010، ص. 81.

[6]– ينظر حازم الببلاوي: الأزمة المالية العالمية الحالية، ص. 6، مقال منشور على الموقع:www.ild-alraid.com بتاريخ 10/08/2016 على الساعة 18.07.

[7] – يعرف القرض في الاقتصاد بأنه: تسليف المال لتثميره في الإنتاج والاستهلاك، وهو يقوم على عنصرين هما الثقة والمدة.

ينظر شاكر الغزويني: محاضرات في اقتصاد البنوك، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، الطبعة الثانية، 1992، ص. 90.

وقد عرف المشرع المغربي  القرض في الباب الثاني من القسم الخامس من قانون الالتزامات والعقود  تحت مسمى عارية الاستهلاك أو القرض فجاء تعريف هذا الأخير في المادة 856 من القانون السالف الذكر كما يلي: “عارية الاستهلاك أو القرض عقد بمقتضاه يسلم أحد الطرفين للآخر أشياء مما يستهلك بالاستعمال أو أشياء منقولة أخرى، لاستعمالها، بشرط أن يرد المستعير، عند انقضاء الأجل المتفق عليه، أشياء أخرى مثلها في المقدار والنوع والصفة”. وهو نفس التعريف الذي أعطاه المشرع الجزائري للقرض تحت مسمى “قرض الاستهلاك” عندما عرفه في المادة 450 من قانون الالتزامات والعقود الجزائري بأنه: “قرض الاستهلاك هو عقد يلتزم به المقرض أن ينقل إلى المقترض ملكية مبلغ من النقود أو أي شيء مثلي آخر على أن يرد إليه المقترض عند نهاية القرض نظيره في النوع والقدر والصفة”.

[8]– ينظر صبري مصطفى حسن السبك: القرض المصرفي، كصورة من صور الائتمان وأداة للتمويل، دراسة مقارنة بين التعامل المصرفي والفقه الإسلامي، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، مصر، الطبعة الأولى 2011، ص. 22.

[9]– ينظر فواز بن خلف اللويحق المطيري: الحماية الجنائية والمدنية في التمويل العقاري، دراسة تأصيلية مقارنة، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه، جامعة نايف العربية، الرياض، ، 2011، ص. 17.

[10]– يراجع سميحة شيخة: التمويل العقاري في البنوك التجارية الجزائرية، دراسة حال الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط – بنك وكالة ورقلة، رسالة لنيل دبلوم الماستر، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، 2014، ص. 3.

[11]– ينظر حسين حسن شحاتة: التمويل العقاري المعاصر في ميزان الشريعة، الجائز والمنهي عنها شرعا، جامعة الأزهر، مصر، الطبعة الأولى 2007، ص. 3.

[12] – ينظرتركي كرين: الاستعلام المصرفي والتسيير الوقائي لخطر القرض في المصرف الجزائري، حوليات مختبر الدراسات والبحوث حول المغرب والمتوسط، المجلد 6، جامعة منتوري، مطبعة القصبة، الجزائر، 2005، ص. 77.

[13]– ينظر عرعار الياقوت: التمويل العقاري، مذكرة من أجل الحصول على شهادة الماجستير في الحقوق، فرع قانون الأعمال، جامعة الجزائر بن يوسف بن خدة، كلية الحقوق، الموسم الجامعي 2008/2009، ص. 113.

[14]– وتشمل القروض التي يقدمها البنك أو المؤسسة مانحة التمويل ما يلي:

ـ قروض البناء؛

ـ قروض شراء قطعة أرضية؛

ـ قروض توسيع أو تهيئة مسكن؛

ـ قروض شراء مسكن بيع بناء على التصاميم؛

ـ قروض شراء مسكن جديد أو جاهز؛

ـ قروض بين الخواص؛

ـ قروض لصالح التعاونيات….

ينظر: عرعار الياقوت، المرجع السابق، ص. 114.

[15]– المرجع السابق، ص. 115.

[16] – وتتكون هذه الوثائق غالبا لدى جميع البنوك المقدمة للقروض العقارية من:

ـ استمارة طلب القرض أو التمويل العقاري المسلمة من البنك أو المؤسسة المالية المعنية، والتي يتم ملؤها وإمضاؤها من طرف المعني بالقرض أو التمويل؛

ـ شهادة عمل سارية المفعول بالنسبة للموظفين والأجراء، شهادة الضريبة تثبت النشاط التجاري أو الحر لغير التجار وغير الموظفين مسلمة من إدارة الضرائب؛

ـ شهادة الازدياد أو بطاقة التعريف الوطنية لحاملي البطاقة البيومترية؛

ـ شهادة الحالة العائلية للمتزوجين؛

ـ نسخة مصادق عليها من بطاقة التعريف الوطنية؛

ـ تصريح باقتطاع مستحقات التسديد من حساب بنكي مفتوح لدى البنك أو المؤسسة الممولة؛

ـ شهادة سلبية للرهن.

[17]– بحيث تختلف هذه الوثائق حسب موضوع التمويل والعملية المراد تمويلها ونذكر أهمها:

 أ) طلب قرض للبناء أو التوسيع أو الترميم:

ـ صورة لعقد الملكية مشهر ومسجل؛

ـ صورة طبق الأصل لرخصة البناء؛

ـ الفاتورة التقييمية للأشغال مقدمة من طرف مقاول البناء.

ب) طلب قرض لشراء قطعة أرض لدى الخواص:

ـ صورة طبق الأصل لعقد الملكية مشهر ومسجل؛

ـ وعد بالبيع ممضى من طرف البائع والمشتري حسب الوثيقة المقدمة من الموثق؛

ـ امتلاك قدر من المال اللازم للبناء.

ج) طلب قرض لشراء مسكن قديم أو جاهز وفي طور الإنجاز لدى الخواص:

ـ صورة طبق الأصل لعقد الملكية مشهر ومسجل؛

ـ وعد بالبيع ممضى من طرف البائع والمشتري حسب وثيقة مقدمة من الموثق؛

ـ تقرير المعاينة تم إنجازه من طرف مكتب دراسات أو خبير معتمد؛

ـ رخصة البناء.

ينظر في هذا الشأن: عرعار الياقوت، التمويل العقاري، م س، ص 116-117.

[18]– ينظر منير إبراهيم هندي: إدارة البنوك التجارية، مدخل اتخاذ القرارات، المكتب العربي الحديث، مصر، الطبعة الثالثة، د ت، ص. 223.

[19]– ارتأينا التركيز على المخاطر القانونية باعتبارها تشكل محورا مهما في العلاقات التي تجمع بين البنك والعميل في العمليات العقارية. ويقصد بالمخاطر القانونية هنا: مجموع المخاطر التي تتعلق بالوضعية القانونية للمقترض ونوع النشاط الذي يزاوله، وكذلك الوضعية القانونية للعقار محل القرض.

يراجع في هذا الجانب رقية عزيزي: التمويل العقاري وعلاقته بقطاع السكن، دراسة ميدانية “مقارنة بين وكالة تقرت ووكالة ورقلة”، بحث لنيل شهادة الماستر في العلوم الاقتصادية، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة، الجزائر، 2015، ص. 7.

[20]– Ane Marie : Risque et contrôle du risque, économica, France, 1999, p 90.

[21]– يراجع: رقية عزيزي، التمويل العقاري وعلاقته بقطاع السكن، مرجع سابق، ص. 22.

[22] – Voir: Pierre-Charles Pupion, Economie et gestion bancaire, Dunod, Paris, 1999, P 75.

[23] – ينظررمضان أبو السعود وهمام محمد محمود: التأمينات الشخصية والعينية، دار المطبوعات الجامعية، مصر، 1998، ص. 236.

[24]– يراجع رقية عزيزي، التمويل العقاري وعلاقته بقطاع السكن، مرجع سابق، ص. 9.

[25]– يراجع سليمان ناصر: التقنيات البنكية وعملية الائتمان، ديوان المطبوعات الجامعية، بن عكنون، الجزائر، 2012، ص. 90.

[26] – ينظر الطاهر لطرش: تقنيات البنوك، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة 5، الجزائر، 2005، ص. 172.

[27] – مقال منشور على الموقع:http://www.marefa.org/index.php ، تاريخ الزيارة: 24/10/2016 على الساعة 23 و25 د.

[28] – أو أزمة الرهون العقارية الثانوية أو أزمة الإسكان الأمريكية أو أزمة الائتمان، أو الأزمة المالية العالمية، كلها مسميات لأزمة ما زالت تداعياتها مستمرة.

ينظر يوسفات علي: أزمة الرهن العقاري، مجلة العلوم الاقتصادية والتسيير والعلوم التجارية، العدد  2/2009، مجلة تصدرها كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير والعلوم التجارية، جامعة المسيلة، الجزائر، ص. 92.

[29]– يقصد بسيولة السوق: القدرة على شراء وبيع الأصول بتغير مصاحب بسيط في السعر، وأما سيولة التمويل فيقصد بها قدرة المؤسسة ذات الملاءة المالية على أداء المدفوعات المتفق عليها في الوقت المحدد لها.

يراجع يوسفات علي،المرجع السابق، ص. 92.

[30]– ينظرجبر محمود الفضيلات: الرهن العقاري وأثره في أزمة الاقتصاد العالمية المعاصرة، مقال منشور على الموقع: iefpedia.com، تاريخ الزيارة: 24/10/2016 على الساعة 23 ودقيقتين.

[31] – يراجع جبر محمود الفضيلات، المرجع السابق، ص. 6-7.

[32] – كان بنك ليمان براذرز هولدنجز من شركة الخدمات المالية العالمية . قبل إعلان الإفلاس في عام 2008 ، كان ليمان هو رابع أكبر بنك استثماري في الولايات المتحدة (وراء جولدمان ساكس ومورجان ستانلي ، وميريل لينش) ، في ممارسة الأعمال التجارية في مجال الاستثمار المصرفي والإنصاف ومبيعات الدخل الثابت والتجارة (وخاصة في سندات الخزانة الأمريكية) ، والبحوث ، وإدارة الاستثمار ، والأسهم الخاصة ، والخدمات المصرفية الخاصة، مقال منشور على الموقع: http://www.almrsal.com/post/294839، تمت زيارته بتاريخ 25/10/2016 على الساعة 23 و40 د.

[33]– ينظر محمد الوردي: التمويل التشاركي في المصارف الإسلامية، بين المقصد التنموي المنشود وواقع التحديات المشهود، سلسلة إصدارات الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، منشورات الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، العدد 3، الطبعة الأولى، الرباط، 2014، ص. 103.

[34] – فنص في المادة 58 من القانون رقم 103.12 على المنتوجات التمويلية التي يمكن اعتمادها من طرف البنوك التشاركية وغير التشاركية  بعد حصول هذه الأخيرة على الاعتماد من طرف والي بنك المغرب وبعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان.

[35]– ومن صورها  أن تقوم المؤسسة التمويلية أو البنك بشراء العقار أو الوحدة السكنية نقدا أو بالأجل من صاحبها (شركة عقارية مثلا)، إما بناء على طلب من محتاج الوحدة أو بدون طلب مسبق، ثم يتم إبرام عقد بيع للوحدة مع طالب السكن بثمن شراء المؤسسة التمويلية لها زائدا هامش ربح معلوم وما يقابل الأجل، على أن يسدد جزء من ثمن البيع مقدما والباقي يسدد على أقساط طويلة الأجل.

وقد نظم المشرع المغربي أحكام المرابحة في البند (أ) من المادة 58 من القانون رقم 103.12 المشار إليه أعلاه.

[36] – تتخذ الإجارة التي يمكن للبنوك استخدامها مع العملاء شكلين:

ـ الشكل الأول: الإجارة التشغيلية: وهي أن يقوم البنك أو المؤسسة التمويلية باستئجار مبنى للسكن مثلا مقابل أجرة محددة تدفع له دوريا من المستأجر، وتقتصر علاقة هذا الأخير على الانتفاع بالمبنى الذى يظل ملكا للمؤجر.

ـ الشكل الثاني:الإجارة المنتهية بالتمليك، وهى التي يستأجر فيها العميل المبنى أو المسكن ويدفع أقساط الإيجار  من ثمن ذلك المسكن المبنى دوريا للبنك مع احتفاظ هذا الأخير بملكية ذلك العقار  إلى حين انتهاء مدة الإجارة فيتملك المستأجر ذلك المبنى أو ذلك المسكن…

وقد نظم المشرع المغربي أحكام عقد الإجارة في البند (ب) من المادة 58 من القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.

[37] – من حالات عقد المضاربة في مجال التمويل العقاري: قيام مؤسسة مالية أو استثمارية (بنك ويسمى رب المال) بالتخطيط مع مقاول أو عدة مقاولين (ويسمى مضارب)، لإنشاء مبنى أو عدة مبان، فيقدم البنك بموجب ذلك رأس المال نقدا أو عينا أو هما معا، على أن يقدم الطرف الآخر (المقاول) العمل بقصد إنجاز ذلك المشروع، ويتم اقتسام الأرباح بين الطرفين بحسب الاتفاق.

وقد نظم المشرع المغربي أحكام هذا العقد من خلال البند (د) من القانون رقم 103.12 السالف الذكر.

[38]– كما يمكن أيضا للبنوك الأخرى التعامل بهذه الصيغ شريطة اعتمادها من طرف والي بنك المغرب بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان، كما ينص على ذلك المادة 61 من القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها.

[39]– عز الدين التوني، عيسى زكي، خالد شعيب: دليل المصطلحات الفقهية الاقتصادية، بيت التمويل الكويتي، الطبعة الأولى، 1992، ص. 184.

[40] – ينظر حسين حسين شحاتة: صيغ التمويل العقاري المعاصرة، مرجع سابق، ص. 5.

[41]– ينظر محمود عبد الكريم أحمد إرشيد: الشامل في معاملات عمليات المصارف الإسلامية، دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة الأولى، 2001، ص. 32-33.

[42]– نفس المرجع السابق، ص. 33.

[43]– ينظر عبد الرزاق رحيم جدي الهيتي: المصارف الإسلامية بين النظرية والتطبيق، دار أسامة للنشر، الأردن – عمان، الطبعة الأولى، 1998، ص. 496.

[44] – ينظر أحمد إرشيد: الشامل في معاملات وعمليات المصارف الإسلامية، مرجع سابق، ص. 33.

[45]– المقنع، 2، 163، قطر، المكتبة السلفية، بدون تاريخ.

[46]– ينظر محمد الوردي: التمويل التشاركي في المصارف الإسلامية، مرجع سابق، ص. 113.

[47]– ينظر بنك فيصل الإسلامي السوداني، أهدافه ومعاملاته، السودان، مطابع معامل التصوير الملون السودانية، د ت، ص. 8.

[48]– ينظر عبد الرزاق رحيم جدي الهيتي، المصارف الإسلامية، مرجع سابق، ص. 502.

[49]– يراجع سامي حسن أحمد حمود: تطوير الأعمال المصرفية بما يتفق وأحكام الشريعة الإسلامية، مطبعة الشرق ومكتبتها، عمان، الطبعة الثانية، د ت، ص. 426.

[50]– عبد الرزاق رحيم جدي الهيتي، المرجع السابق، ص. 502.

[51] – كما هو الحال بالنسبة للبنوك الإسلامية العاملة في سورية، رغم أن المرسم التشريعي رقم 35 الخاص بإحداث البنوك الإسلامية في سورية، لم يحدد الحد الأقصى لمساهمة المصرف الإسلامي في رؤوس أموال الشركات، أو الحد الأقصى لمساهمة المصرف في مشروع واحد، وترك الأمر لمجلس النقد والتسليف. ومصرف قطر المركزي الذي سمح للمصارف الإسلامية في قطر بإنشاء الشركات، ولكنه حدد سقف مساهمات المصرف في رؤوس أموال الشركات بنسبة (30%) من رأسمال المصرف، واستثنى من هذا السقف الشركات التابعة للمصرف التي يمتلكها بالكامل.

ينظر منى لطفي بيطار ومنى خالد فرحات: آلية التمويل العقاري في المصارف الإسلامية، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 25، العدد الثاني، 2009، ص. 26.

[52]– ينظر أحمد شعبان محمد علي: البنوك الإسلامية في مواجهة الأزمات المالية، دار الفكر الجامعي، الاسكندرية، الطبعة الأولى، 2010، ص. 134.

[53]– المرجعالسابق، ص. 134.

[54]– ويقصد بالربح في هذا المقام، الربح القابل للتوزيع، أي الربح بعد تحميله بكافة المصروفات والتكاليف اللازمة لتشغيل وتدوير المال في دورة تجارية كاملة.

يراجع أحمد شعبان محمد علي، البنوك الإسلامية، مرجع سابق، ص. 135.

[55]– المرجع السابق، ص. 135.

[56]– المرجعالسابق، ص. 135.

[57]– يراجع أحمد شعبان، البنوك الإسلامية، مرجع سابق، ص. 130-131.

[58]– يراجع منى لطفي بيطار ومنى خالد فرحات، آلية التمويل العقاري في المصارف الإسلامية، مرجع سابق، ص. 26.

[59]– المرجعالسابق، ص. 26.

[60]– لسان العرب، مطبعة دار المعارف، د ت، ص. 2508.

وينظر أيضا مصطفى أحمد الزرقا: عقد الاستصناع ومدى أهميته في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، الطبعة الأولى، 1995، ص. 21.

[61]– مصطفى أحمد الزرقا، المرجع السابق، ص. 21.

[62]– والاستصناع  عقد يشبه السلم لأنه بيع معلوم وأن الشيء المصنوع ملتزم  عند العقد في ذمة الصانع البائع، ولكنه يفترق عنه حيث أنه لا يجب فيه تعجيل الثمن ، ولا كون المصنوع مما يوجد في السوق.

يراجع أحمد إرشيد، الشامل في معاملات وعمليات المصارف الإسلامية، مرجع سابق، ص. 117-118.

[63]– ينظر أحمد مختار عبد الحميد: معجم اللغة العربية المعاصرة، الناشر عالم الكتب، الطبعة الأولى، 2008، 3/1872.

[64]– وهو تعريف مجمع الفقه الإسلامي بالدوحة، قرار رقم 129/14/03، الدورة 14، 2003.

[65]– وهبة الزحيلي: عقد المقاولة شرعا وقانونا، مقال منشور على الموقع التالي: www.tomohna.com، ص. 1، تاريخ الزيارة 10/9/2015.

[66]– رفيق يونس المصري: الجامع في أصول الربا، دار القلم، دمشق، الطبعة 2، 2002، ص. 380.

[67]– عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني، العقود الواردة على العمل المقاولة والوكالة والوديعة والحراسة، 7/1/05.

[68] – وإن كان المشرع المغربي اقتصر على تعريف عقد المقاولة من الباطن من خلال هذه المدونة في المادة 86 عند قوله “عقد المقاولة من الباطن هو عقد مكتوب يكلف بمقتضاه مقاول أصلي مقاولا من الباطن بأن يقوم له بشغل من الأشغال، أو أن ينجز له خدمة من الخدمات”.

[69]– من خلال الباب الثاني من الكتاب الثاني المعنون بـ “في مختلف العقود المسماة وفي أشباه العقود التي ترتبط بها”

[70]– ينظر:

–  علي محي الدين القرة داغي:  الإجارة على منافع الأشخاص، دراسة فقهية مقارنة في الفقه الإسلامي وقانون العمل، بحث مقدم للدورة 18 لمجلس باريس، يوليوز 2008، ص. 13.

– عبد الوهاب إبراهيم سليمان، عقد الإجارة مصدر من مصادر التمويل الإسلامي، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، البنك الإسلامي للتنمية، 1420، ص. 57.

[71]– شهاب الدين الرملي: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، دار الفكر، بيروت، 1984، 5/261. محمد بن احمد السرخسي، المبسوط، دار المعرفية، بيروت، 1993، 15/74. المغني، 5/322.

[72]– محمد بن عبد الخرشي المالكي، شرح مختصر خليل للخرشي، دار الفكر للطباعة، بيروت، 7/02.

[73]– محمد رواس قلعجي، حامد صادق قنيبي: معجم لغة الفقهاء، دار النفائس للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة 2، 1988، ص. 279.

[74]– بدائع الصنائع، 5/204. نهاية المحتاج، 3/381.

[75]– وهو شرط العقل والبلوغ إذ لا يصح العقد من فاقد الأهلية وإنما يصح من الإنسان الذي له الحق في التصرف، وأن يكون غير محجور عليه متمتع بأهلية الوجوب والأداء.

[76] – ينظر أحمد إرشيد، الشامل في معاملات وعمليات المصارف الإسلامية، مرجع سابق، ص. 121.

[77] – فتح القدير، 7/114-115. وابن عابدين، 4/213.

[78] – ينظر أحمد إرشيد، المرجع السابق، ص. 433.

[79] – يراجع حسني عبد السميع إبراهيم: موقف الشريعة الإسلامية من النقود والبنوك، منشأة المعارف، الاسكندرية، طبعة 2009، ص. 434-435.

[80] – ينظر محي الدين اسطنبولي: عقد الاستصناع وأهميته في الاستثمار، دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم الإسلامية، تخصص أصول الفقه، جامعة الجزائر – 1 – كلية العلوم الإسلامية، قسم الشريعة والقانون، 2015 – 2016، ص. 64.

[81]– ويفترض في كل التزام أن له سبب حقيقي ومشروع ولم أن هذا السبب لم يتم ذكره، وذلك طبقا لأحكام الفصل 63 من قانون الالتزامات والعقود المغربي.

[82] – ويراعى في تقدير الأجر عن طريق القضاء العناصر التالية:

ـ طبيعة العمل من الأخطار والصعوبة والخبرة؛

ـ الوقت المستغرق لإتمام العمل؛

ـ مكان العمل؛

ـ أثمان المواد المستخدمة في تنفيذ العمل؛

ـ مؤهلات المقاول وخبرته.

ينظرمحي الدين اسطنبولي، عقد الاستصناع وأهميته في الاستثمار، مرجع سابق، ص. 65.

[83]– ينظر عبد الرحمان بن عايد بن خالد العايد: عقد المقاولة، أطروحة لنيل الدكتوراه، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، السعودية 2004، ص. 67.

[84]– ينظر أحمد إرشيد: الشامل في معاملات وعمليات المصارف الإسلامية، دار النفائس للنشر والتوزيع، الأردن، الطبعة 2، 2007، ص 130.

[85]– محي الدين اصطنبولي، عقد الاستصناع وأهميته في الاستثمار، مرجع سابق، ص. 96.

[86]– ينظر محي الدين اسطنبولي، عقد الاستصناع وأهميته في الاستثمار، مرجع سابق، ص. 99-100.

[87] – ينظر مداني أحمد:  نحو تطبيق عملي مقترح لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالاستصناع في الجزائر، ورقة بحثية مقدمة إلى الملتقى العلمي الأول حول “بحث في سبل تطوير البدائل التمويلية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في الجزائر”، 24-25 نونبر 2008، جامعة 08 ماي 1945، قالمة، كلية العلوم الاقتصادية وعلوم التسيير – قسم علوم التسيير، الجزائر، ص. 10 وما يليها.

[88] – ينظر أحمد الخمليشي: الربا، بين النصوص وتفسيرها، وبين ما آل إليه التنظير والممارسة، الجزء الثامن، سلسلة وجهة نظر، ج 8، منشورات المعارف، دار نشر المعرفة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2010، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، ص. 299.

[89] – وقد صودق بمرسوم آخر على ضمان الدولة لقرض من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية للشركة الوطنية للطرق السيارة بالمغرب “للمساهمة في تمويل مشروع الطريق السيار فاس وجدة” (مرسوم رقم 08.762 بتاريخ 16 يناير 2009).

– أحمد الخمليشي، الربا، مرجع سابق، ص. 299، أورده في الهامش.

[90] – يراجع أحمد الخمليشي، الربا، مرجع سابق، ص. 298.

[91]– أحمد إرشيد، الشامل في معاملات وعمليات المصارف الإسلامية، مرجع سابق، ص. 124.

[92]– ينظر عبد الكريم عمر الشيباني: عقد الاستصناع كأحد آليات التمويل المعاصر، مقال منشور على الموقع: www.kantakji.com تاريخ الزيارة: 22/10/2016 على الساعة 23 و25 د، ص. 13.

[93]– ينظر أحمد شعبان، البنوك الإسلامية، مرجع سابق، ص. 188.

[94]– ينظر عبد الكريم عمر الشيباني، عقد الاستصناع كأحد آليات التمويل المعاصر، مرجع سابق، ص. 14.

[95]– أحمد شعبان، المرجع السابق، ص. 188.

[96] – نفس المرجع السابق، ص. 189.

[97]– بما في ذلك:

ـ رهن المبنى والأرض المقام عليها المشروع؛

ـ تفويض للبنك بإدارة العقار وتحصيل الإيرادات بعد الانتهاء منه؛

ـ تقديم شيكات مؤجلة بقيمة الأقساط؛

ـ التأمين الشامل على العقار يقوم به العميل لصالح البنك طيلة فترة السداد، لدى شركة تأمين تعاوني.

ينظر في هذا الجانب أحممد إرشيد، الشامل في معاملات وعمليات المصارف الإسلامية، مرجع سابق، ص. 125.

[98]– ينظر أحمد شعبان، البنوك الإسلامية، مرجع سابق، ص. 198-190.

[99] – ينظر أحمد شعبان، البنوك الإسلامية، مرجع سابق ، ص. 190.

[100]– ذلك أنه للعميل الحق في تعيين مهندس استشاري لمتابعة سير العمل بالمشروع ولكن يتحمل العميل تكلفته. إذا لم يلتزم المتعامل بسداد ما عليه من دين في المواعيد المحددة ولم يسدد الأقساط، يعطيه البنك مهلة إذا كان معسرا ويساعده على إيجاد الحل، أما إذا كان العميل مماطلا فيكون من حق البنك  اتخاذ إجراءاته للحصول علي باقي مستحقاته لدي هذا العميل.

ينظر عبد الكريم عمر الشيباني، عقد الاستصناع كأحد آليات التمويل المعاصر، مرجع سابق، ص. 14.

[101]– أحمد شعبان، المرجع السابق، ص. 190.

[102]– نفس المرجع السابق، ص. 190.