مركز إدريس الفاخوري للدراسات والأبحاث في العلوم القانونية وجدة

منح الشواهد الإدارية في مجال تقسيم العقارات بين إلزامية النص القانوني وواقع التطبيق.

د. مبروك عمر

رئيس مديرية الشؤون القانونية والعقارية بالوكالة الحضرية لتازة.

أستاذ زائر بكلية الحقوق بفاس، وبالكلية المتعددة التخصصات بتازة.

مداخلة ضمن أشغال الندوة الوطنية التي نظمت من طرف المركز يومي 25 و26 نونبر 2016 تحت عنوان :”العقار والتعمير والاستثمار” بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة وذلك بمناسبة تكريم أستاذ التعليم العالي الدكتور الحسين بلحساني.

مقدمة

من المؤكد أن إبرام العقود المتعلقة بعمليات البيع والقسمة التي تخص العقار، أنها تخضع في مقام أول إلى أحكام النظرية العامة للالتزامات والعقود، سواء في صيغتها التقليدية المألوفة،أو على قاعدة ما عرفته تلك الأحكام من تطوير وتحديث أقرته بعض الأنظمة القانونية الخاصة، يعتقد واضعوها أنها تحقق منسوبا أعلى ودرجة أقوى للأمن القانوني لتحقيق مصالح أطراف العقد وعدم إرباك استقرار المعاملات العقارية وصفائها.

ومن المؤكد أيضا أنه من بين المقاصد الكبرى لقانون الالتزام التعاقدي، بل أولها وأساسها، تلك المرتبطة بضمانات تكوين العقد وإنشائه سليما صحيحا منتجا لأثارهالقانونية، والتي بدونها لا يمكن تصور إلا عقد معدوم في نظر القانون، ذلك أن قانون الالتزامات والعقود المغربي عدد أركان العقد، وما يهمنا منها هو ركن المحل الذي يشترط فيه أن يكون مشروعاوممكنا وأن يكون معينا أو على الأقل قابل للتعيين. ولما كان تعيين المحل يعني تعيين الشيء تحديدا لذاته وعينه في الوجود الخارجي، فإن الغاية من وراء هذا الشرط في قيام ركن المحل، تكمن في بناء تراضي طرفي العقد على وصف وبيان معلوم مانع للجهالة فيما يخص محل العقد عند إبرام المعاملات العقارية، سواء من حيث مساحة وحدود محل العقد،أو من حيث وظيفته ومختلفالإرتفاقات والتحملات المقررة عليه أولفائدته.

 مما يلاحظ معه أن مؤسسة العقد في أحوال إبرام التصرف القانوني في المادة العقارية، أنها لاتستند فقط على القواعد والأحكام العامة للالتزام التعاقدي، بل تستند أيضا على أنظمة قانونية خاصة تفرضشكليات قانونية محددة لإتمام العقد وإنتاج آثارهالقانونية، كما هو الشأن بالنسبة لنظام التعمير والبناء وتحديدا أحكام القانون 90/25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات،الذي بدوره نظم أحكام البيع العقاري وغيره من التصرفات القانونية في حالة التجزئةالعقارية، وربط إبرام العقود المتعلقة بها بمحضر التسلم المؤقت كشكليةقانونية لازمة للعدول والموثقين والمحافظين على الأملاك العقارية ومأموري إدارة التسجيل.

 أو كما هو الشأن أيضا في حالة عقود البيع والقسمة التي تبرم طبقا لإحكام المادة 58 من القانون السالف الذكر، أي عندما يتعلق الأمر بتصرف قانوني يخص العقار غير المعد للبناء. فهذا النوع من العقود بدوره ربطه المشرع بشكلية الإذن السابق أو شكلية الشهادة الإدارية أو ما يسمى بشهادة عدم المخالفة، التي هي موضوع هذه المساهمة العلمية المتواضعة التي نعتبرها بحق موضوعا في غاية الأهمية والتعقيد في آن واحد، لما ارتبط ويرتبط بها من فهم واجتهاد ساهم في إرساء ممارسة إدارية تباينت،بين قول، حتى لا نقول فقهاإداريا، قول يدفع بسداد هذه الممارسة، وآخر يقول بعدم صوابها ونزوعها نحو خرق القانون.

مما لا شك فيه أن موضوع ” منح الشهادة الإدارية في مجال تقسيم العقارات”، أنه يحتاج إلى فهم دقيق واستنطاق للنص القانوني، لإظهار وبيان مختلف أوجه إعمال هذه الشكلية القانونية بشكل يقطع مع الاجتهاد الخاطئ والتفسير غير المقبول في الاستناد على هذه الآلية القانونية لإجازة وإمضاء تصرفات قانونية، إن كانت تحقق نفعا وكسبا أكيدا لأحد طرفي العقد، فهي بالمقابل لها وقع وتأثير سلبي مؤكد على المصلحة العامة وعلى مصلحة الطرف المفترض ضعفه في العقد.

وتأسيسا على ذلك، نعتقد بأن الإحاطة الشاملة والدقيقة بهذا الموضوع، لا بد أن تمر حتما ببيان الإطار القانوني المرجعي المنظم لمنح الشهادة الإدارية، وثانيا الوقوف بنوع من الواقعية على الممارسة الإدارية ومناهج العمل في التعاطي مع أحكام ومقتضيات المواد من 58 إلى المادة 61 من القانون رقم 90-25 المتعلق بالتجزءات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، وثالثا لا بد أيضا من بيان صيغ الضبط الممكنة بشأنمستقبل الممارسة الإدارية في مجال منح الشهادة الإدارية، من جراء بعض المستجدات والمقتضيات التشريعية ذات الصلة الوثيقة بالشهادة الإدارية أو شهادة عدم المخالفة،وبالتالي سنحرص على معالجة مختلف الجوانب المذكورة من خلال محورينأساسيين يأتي تفصيلها كما يلي:

المحور الأول: الإطار القانوني المرجعي المنظم لمنح الشهادة الإدارية

أولا: النطاق الترابي:

الملاحظ أن القانون رقم 90-25 المتعلق بالتجزءات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، قد نظم الشهادة الإدارية انطلاقا من المادة 58 إلى المادة 61 من نفس القانون. ويلاحظ أيضا أن هذا التنظيم القانوني يشمل نطاقين، الأول ترابي والثاني موضوعي.

 فعن النطاق الترابي، يمكن أن نستخلص بأن مجالات إمكانية إعمال الشهادة الإدارية من عدمها، كونها تنحصر في الجماعات الحضرية والمراكز المحددة والمناطق المحيطة بها والمجموعات الحضرية والمناطق ذات صبغة خاصة، وكل منطقة تشملها وثيقة من وثائق التعمير موافق عليها كمخطط توجيه التهيئة العمرانية أو تصميم تنمية تجمع قروي، وبالتالي فإن أول ملاحظة يمكن أن تستشف بشأن مدى النطاق الترابي لطلب الشهادة الإدارية، أنه يتجاوز ويتعدى النطاق الترابي للقانون 90-25، فهذا القانون وبحسب المادة 77 منه أنه لا تخضع لأحكامه التجزءات العقارية المراد إنجازها في التجمعات العمرانية القروية المزودة بتصميم للتنمية، والأمر عكس ذلك عندما يتعلق الأمر بتقسيم عقارات تتواجد بداخل هذه الوحدات الترابية.

أما الملاحظة الثانيةفهي تتعلق بعدم فهم وعدم استيعاب البعض لمنطوق المادة 58 والقول في تفسير أحكام هذه المادة، أنها لا تشمل الجماعات القروية الواقعة خارجالمناطق المحيطة والتي ليس لها تصميم تنمية مصادق عليه، والقول فيما نعتقد أن هذا الفهم يجانب الصواب ومردود عليه،ذلك أن هذا الصنف من الجماعات الترابية يخضع في نظام البناء لأحكام المادة 46من القانون رقم 90-12 المتعلق بالتعمير،التي تشترط مساحة دنيا للبناء وهي مساحة الهكتار الواحد، وهذا ما يعنى بمفهوم المخالفة لأحكام هذا النص القانوني، أن عمليات البيع والقسمة بهذه المناطق الجغرافية يجب أن تراعي أحكام المادة 46 المذكورة سلفا، وتصير تبعا لذلك مندرجة ضمن النطاق الترابي لأحكام المادة 58 من القانون رقم 90-25.

ثانيا: النطاق الموضوعي:

إن القانون رقم 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، بمناسبة تنظيمه لعملية البيع أو القسمة، وضع معيارا أساسيا لتحديد طبيعة الإذن اللازم لتحرير وتسجيل العقود المبرمة لهذه الغاية، ففرق في ذلك بينما إذا كان الأمر يتعلق بأرض تقع بمنطقة يباح البناء بها، أم أن هذه الأرض غير معدة لإقامة بناء عليها.

ذلك أنه بالنسبة للأراضي التي تقع بمنطقة مسموح البناء بها بمقتضى وثيقة من وثائق التعمير، فإنه لا يجوز الإذن في إجراء عملية بيعها أو قسمتها إلا في إطار تجزئة سكنية وبعد الإدلاء بمحضر التسلم المؤقت للتجهيزات وفق ما تقره المادتين 35 و60 من القانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات.

أما عن الأرض غير المعدة لإقامة بناء عليها، سواء كانت تتواجد داخل الدوائر الترابية المحددة في المادة 58 أو حتى خارج هذه الدوائر على قاعدة ما نصت عليه المادة 9 من القانون 25.90 والمادة 46 من القانون رقم 90-12 المتعلق بالتعمير، فلابد في عملية بيع أو قسمة هذه الأرض من إذن سابق عن هذه العملية،أو شهادة إدارية تثبت أن العملية لا تخالف مقتضيات القانون 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والجموعات السكنية وتقسيم العقارات.

هكذا، وعلى قاعدة النطاق الترابي السالفبيانه، وحسب أحكام المادة 58من القانونرقم 90-25 ، فإن كل عملية للبيع أو القسمة يترتب عليها تقسيم عقار إلى بقعتين أو أكثر غير معدة لإقامة بناء عليها أو بيع عقار لعدة أشخاص على أن يكون شائعا بينهم، إذا كان من شأن هذه العملية أن يحصل أحد المشترين على نصيب شائع تكون المساحة المطابقة له لا تقل على مساحة2500 متر مربع.

 ففي هذه الأحوال تتوقف عمليات بيع أو قسمة العقار على إذن سابق يسلمه رئيس المجلس الجماعي،بعد استطلاع رأي الإدارة على أساس ملف طلب للتقسيم نظمته أحكام المواد 20 و21 و22 من المرسوم التطبيقي للقانون 90-25 المتعلق بالتجزءات العقارية والمجموعات السكنية وتقييم العقارات، وذلك وفقا لما أكدته أحكام المادة 61 من هذا القانون، التي نصت على أنه “لا يجوز للعدول والموثقين والمحافظين على الأملاك العقارية ومأموري مصلحة التسجيل أن يحرروا أو يتلقوا أو يسجلوا أي عقد يتعلق بعملية من عمليات البيع أو القسمة المشار إليها في المادة 58 أعلاه ما لم يكن مصحوبا بالإذن المنصوص عليه في نفس المادة أو بشهادة من رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية تثبت أن العملية لا تدخل في نطاق تطبيق هذا القانون”.

المحور الثاني: واقع الممارسة الإدارية وصيغ الضبط الممكنة

أولا: واقع الممارسة الإدارية:

أول ما يمكن إثارته في هذا الباب، ذلك التضارب والغموض الحاصل في تسمية الشهادة التي يسلمها رئيس المجلس الجماعي والمنصوص عليها في المادة 61 من القانون 25.90، إذ هناك من يسميها “شهادة عدم المخالفة ” والبعض الاخر يسميها “شهادة الاقتطاع “في حين يسميها فريق ثالث “شهادة إدارية”، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تباين القراءات والاجتهادات الخاطئة في فهم ماهية هذه الشهادةالتي تثبت أن العملية لا تدخل في نطاق تطبيق القانون السالف الذكر، مع ارتباك بين في شروط وكيفية تسليمها.

مادام أن النطاق الترابي للقانون 90-25في باب تقسيم العقارات، أنه يشمل ويغطي كافة النفوذ الترابي للجماعات الترابية، فإنه تبعا لذلك، لا يمكن إطلاقا تصور شهادة إدارية يسلمها رئيس المجلس الجماعي يأذن بموجبها لكل بيع أو قسمة يترتب عليهما تقسيم عقار إلى بقعتين أو أكثر غير معدة لإقامة بناء عليها، اللهم إذا تعلق الأمر ببيع كلي للعقار سواء كان مفرزا أو في الشياع، إذ في هذه الحالة نكون بحق أمام طلب شهادة إدارية،يتم بموجبها التصريح بأن عملية البيع لا تدخل في نطاق تطبيق القانون رقم 90-25 المبين أعلاه. أما في غير ذلك من الأحوال فالأمر لا يعدو أن يكون إلا عملا إداريا يستند على فهم وتفسير خاطئ لمقتضيات النص القانوني ترتب عنه تكريس ممارسة إدارية مخالفة للقانون.

إذا كان المبدأ القانوني المقرر بشأن تقسيم العقار يعطي لرئيس المجلس الجماعي صلاحية الترخيص بالتقسيم بعد استطلاع رأي الإدارة، فإن الواقع العملييبين وجود انحراف مؤكد في تعاطي رؤساء المجالس الجماعية مع طلبات بيع وتقسيم العقارات،مخالفين أحكام القواعد الموضوعية والشكلية المقررة قانونا، ذلك أن الشواهد الإدارية تسلم لطالبيها، من جهة،في خرق واضح لأحكام المادة 58 إذ حلت الشهادة الإدارية محل الإذن بالتقسيم في جميع الأحوال.

 ومن جهة ثانية، أبانت الممارسة الإدارية  بأن الشهادة الإدارية كادت في مناطق كثيرة من المملكة تحل محل رخصة التجزيئ في تماه كبير مع طلبات أرباب العقارات، الذين إما بدافع التهرب من تكاليف التجزئة العقارية والتحايل على القانون في هذا الباب، وإما بدافع الرغبة في الخروج من حالة الشياع المؤسسة في أصلها على التعاقد أو الناشئة عن موجبات قانونية وشرعية كالإرث،فنجد هؤلاء المجزئين العقاريين يحتكمون في إحداث تجزئاتهم العقارية إلى مبدأ فرز الأنصبة والحقوق في تجاهل تام للضوابط التي يفرضها القانون، خاصة أحكام وضوابط قانون التعمير المتعلقة بالجانب التقني والقانوني وجانب التجهيز في عمليات التجزيئ.

 مما نجم عنه مجموعة من الاختلالات المجالية والتعميرية، لأنالحالة المادية للعقار بعد تقسيمه، لا تسمح بإقامة الطرقات وغيرها من التجهيزات العمومية ومرافق القرب الأساسية كارتفاقات قانونية مقررة في إطار وثائق التعمير، كما أنها تعرف تفتتا لا يمكن من فرض الارتفاقات الواجبة على المجزئ في إطار القانون 90/25، فالمساحة التي كان من الواجب تخصيصها كارتفاقات أنها تصير مجزوءة في شكل قطع أرضية تعرض للبيع، مما يحقق لملاك هذه العقارات اقتصادا في تكلفة التجهيز ويكسبهم قسطا وافرا من الربح والاثراء،وهذا ما لا يتحقق للمجزئ الذي أخضع إنتاجه لقواعد وضوابط التجزيئ المقررة قانونا.وهكذا فالوضع المادي الذي يصير عليه العقار، يفضي حتما إلى البناء غير القانوني الذي يفضي بدوره إلى خلق أحياء سكنية تنعدم فيها مقومات وأسس السلم والاستقرار الاجتماعي.

فضلا عن ذلك، فالتسيب المسجل على هذا المستوى أنه يتسبب في تعقيد وضعية العقارات موضوع البيع أو القسمة، إذ أن العديد من ملفات طلبات الترخيص المتعلقة بالبناء والتجزيئ وإقامة المجموعات السكنية غالبا ما يتم رفضها من قبل اللجن التقنية بسبب كون العقارات المعنية بها منبثقة من تقسيمات غير قانونية، كما أن هذا الوضع يضعف مقاصد وثائق التعمير ويرهنها في تصحيح أوضاع الماضي ومخلفاتهالمرتبطةبالتقسيم غير القانوني للعقارات.

ثانيا: صيغ الضبط الممكنة:

رغم أن القانون رقم 90/25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والمرسوم التطبيقي الخاص به، يتضمنا أحكاما واضحة تخص منح الشهادة الإدارية في مجال تقسيم العقارات، فإن هذه الأحكام أصبحت ابتداء من تاريخ 24 ماي 2013 لا تحتمل أي تأويل ولا يطالها أي لبس أو غموض.

الواقع أن المرسوم القاضي بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص المقررة في مجال التعمير، أنه أقر مقتضيات جديدة لمواجهةظاهرة التقسيم غير القانوني للعقاراتبإحداث لجنة دائمة لهذا الغرض، إذ نص في المادة 22 منه على أن “… لدراسة ملفات طلبات الرخص بشأن تقسيم العقارات، فإن الأعضاء الدائمين للجان الدراسة هم ممثلو العمالة أو الإقليم، الجماعة، الوكالة الحضرية والمحافظة على الأملاك العقارية.”

مما يجعل رؤساء المجالس الجماعية المعنيةمطالبين على وجه الإلزام بعدم تسليم الشهادة الإدارية إلا بعد استطلاع رأي الإدارة المنصوص عليه قانونا، فأي طلب لتقسيم العقارأو بيع أجزاء منه في الشياع، يجب أن يكون موضوع ملف يعرض على الهياكل الإدارية المنصبة قانونا لهذا الغرض، وعلى ضوء رأي هذه اللجان يؤسس رئيس المجلس الجماعي قراره الإداري بمنح الإذن بتقسيم العقار، وعندما يتعلق الأمر ببيع كلي للعقار يمكن لرئيس الجماعة منح الشهادة الإدارية دون عرض الملف على الهياكل الإدارية.

كما ينبغي على الإدارة أيضا أن تضطلع بأدوارها كاملة في مجال تحريك دعوى بطلان العقود المخالفة للقانون وفقا للصلاحيات المخولة لها بموجب أحكام المادة 72 من القانون 90/25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات التي تنص على أنه “تكون باطلة بطلانا مطلقا عقود البيع والإيجار والقسمة المبرمة خلافا للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون، وتقام دعوى البطلان من كل ذي مصلحة أو من الإدارة ” تعتبر باطلة بطلانا مطلقا عقود البيع والايجار والقسمة المبرمة خلافا للأحكام المنصوص عليها في هذا القانون. وتقام دعوى البطلان من كل ذي مصلحة أو من الإدارة.”

وفي نفس السياق لا بد من استحضار ومراعاة مقتضيات النظام الجزائي المقرر بموجب القانون الجديد رقم 12-66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير، الذي جعل الحد الأقصى للغرامة المالية في حالة التقسيم المخالف لأحكام المادة 58 من القانون رقم 90/25، يصل إلى خمسة ملايين درهم ولا يقل عن مائة ألف درهم.

 وأيضا ما تضمنه هذا القانون من تعديل جزئي يخصالمواد 35 و61 من القانون 90/25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، بإضافة الجهات المخول لها الإشهاد على صحة الإمضاءات ضمن باقي الإدارات والهيئات التي يمنعها النص القانوني من تحرير وتلقي وتسجيل عقود البيع والقسمة إلا بعد الإدلاء بالإذن في التقسيم أو شهادة تثبت أن هذه العمليات لا تدخل في نطاق القانون رم 90-25.

فهذه الأحكام الجديدة تبقى على قدر كبير من الأهمية، لأنه في الوقت الذي يلاحظ فيه تقيد رؤساء المجالس الجماعية بمسطرة التقسيم وعدم تسليم الشهادة الإدارية في مجال تقسيم العقارات، فإنه يلاحظفي الوقت نفسه استمرار التقسيم العشوائي وغير القانوني للعقارات عبر إنشاء سندات للملكية مؤسسة على الحيازة على مساحات صغيرة جدا، ما يجعل الحيازة في مثل هذه الصورة قد تشكل أداة قانونية للتنصل من الالتزامات المرتبطة بالتجزيء والتقسيم القانوني للعقارات، وتكون مدخلا لتقسيم وتفتت الملكية العقارية، فيصير الإقرار بالحيازة في مثل الأحوال السالفة الذكر مبنيا على عمل غير مشروع لا تقوم معه الحيازة ويجردها من أثرها القانوني وفقا لما تنص عليه مقتضيات مدونة الحقوق العينية والقانون المتعلق بخطة العدالة.

والله ولي التوفيق