مركز إدريس الفاخوري للدراسات والأبحاث في العلوم القانونية وجدة

تنفيذ الأحكام العقارية الصعوبات والاقتراحات

ذ. عبد الله الفرح

مستشار بمحكمة النقض

أستاذ زائر بكلية الحقوق بطنجة

مداخلة ضمن أشغال الندوة الوطنية التي نظمت من طرف المركز يومي 25 و26 نونبر 2016 تحت عنوان :”العقار والتعمير والاستثمار” بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة وذلك بمناسبة تكريم أستاذ التعليم العالي الدكتور الحسين بلحساني.

تقديم

أود في البداية أن أتقدم بالشكر الجزيل و الامتنان العظيم للجنة المنظمة لهاته التظاهرة العلمية الكبيرة و التي تكرم فيها أحد الرموز في المجال  الأكاديمي في الحقل القانوني و الذي تتلمذوا على يده عدة أجيال هم الآن يحملون المشعل من بعده سواء بطريقة مباشرة من خلال محاضراته القيمة بمدرجات الكليات الحقوق أو بطريقة غير مباشرة من خلال مؤلفاته القيمة التي ستظل صدقة جارية وهو الدكتور الحسين بلحساني

 كما أنني أهنؤها على حسن اختيارها لموضوع هاته الندوة و هو العقار و التعمير و الاستثمار  بالنظر للأدوار المهمة التي يلعبها العقار سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية وغيرهما فلا مجال للحديث عن  استثمار دون الحديث عن العقار فأول ما يبحث عنه أي مستثمر سواء مغربي أو أجنبي هو إيجاد وعاء عقاري ينشأ عليه مشروعه الاستثماري يكون خال من الشوائب ، وترسانة قانونية  ، وقضاء قوي و نزيه ذو كفاءة عالية باعتبار المؤسسة القضائية القاطرة التي يعول عليها لقيادة ركب التنمية، وهي عوامل من شأنها أن تضمن له الحماية اللازمة لرأسماله الذي يستثمره كلما دعت الضرورة إلى ذلك .

ومساهمتي  المتواضعة في هاته التظاهرة اخترت لها عنوان: 

”   تنــفيـــذ الأحكـــام العقـــارية  الصعوبــات و الاقتراحــات “

 واختياري لهذا الموضوع لم يكن بمحض الصدفة ولكن تعمدت إثارته في هاته التظاهرة التي تجمع خيرة الأساتذة الاكادميين في الحقل القانوني وممارسين مشهود لهم بالكفاءة  قضاة و محامون وباقي مساعدي القضاة ، وكذا طلبة مجتهدون متعطشون للمزيد من العلم و المعرفة ، و فاعلين ومهتمين بمجال العقار للخروج في نهاية هاته التظاهرة بخلاصات و اقتراحات مفيدة بخصوص الموضوع المطروح بالنظر لأهميته لكونه يشكل روح الحكم و نهايته و الغاية التي يهدف إليها كل متقاضي من خلال تقديمه لدعواه القضائية للحصول على حماية لحقه المعتدى عليه ،وما يطرح هذا الموضوع  من إشكالات عملية تجعل عملية تنفيذ الأحكام العقارية بصفة عامة و العقارية بصفة خاصة تعرف البطء الشيء الذي يؤثر سلبا على النجاعة القضائية و بالتالي يضعف ثقة المتقاضين في مؤسسات الدولة على اعتبار أن تنفيذ الأحكام هو الوسيلة الوحيدة الكفيلة لدعم مصداقية القضاء و الحفاظ على هيبته و ترسيخ دولة الحق و القانون و في هذا الإطار جاء في كلمة للمغفور له الحسن الثاني بمناسبة اجتماعه بقضاة المملكة يوم 31 مارس 1982 على موضوع التنفيذ و أهميته بقوله “……فعدم التنفيذ أو التماطل في التنفيذ يجر المرء إلى تفكير آخر هو انحلال الدولة ” و أضاف جلاله قائلا ” بل أصبحنا أمام انحلال الدولة و عدم الخوف منها و عدم احترام كلمة القاضي و يعني هذا أنه لا يبقى أحد مطمئنا على سلامة القضاء و لا على نزاهته و لا على السرعة في التنفيذ ” انتهى كلام  المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني

كما جاء في رسالة   الخليفة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه الموجهة إلى موسى الأشعري  ” لا ينفــع التكلـــم بحــــق لا نفــــاذ لـــــه “.

و نظرا لأهمية تنفيذ الأحكام القضائية و ما تعاني منه من بطء  وهذا ما حدى بالهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة  أن تضمن توصياتها للتسريع عملية تنفيذ الأحكام القضائية خلال آجال معقولة ضرورة إحداث مؤسسة قاضي التنفيذ بصلاحيات قضائية واسعة  ، واحتراما للحيز الزمني الممنوح لي في هاته المداخلة سوف أتناولها من خلال محورين إثنين :

المحور الأول :الإشكاليات التي تعترض تنفيذ الأحكام العقارية

المحول الثاني: اقتراح بعض الحلول لهاته الإشكاليات  .

معرجا على ما تضمنته مسودة  قانون المسطرة المدنية بهذا الخصوص استشرافا لمستقبل قضائي أفضل يسرع وثيرة التنفيذ و يزرع الثقة  لدى المتقاضين في مؤسة القضائية بصفة خاصة و مؤسسات الدولة بصفة عامة و المؤسسة القضائية بصفة خاصة  .

المحــور الأول : الإشكاليــات التي تعترض تنفيذ الأحكـــام العقاريـــة

لا يخفى على أي متقاضي أو ممارس في الحقل القضائي ما يعترض  تنفيذ الأحكام العقارية من إشكاليات وصعوبات تعوق سيره العادي  الشيء الذي يضعف ثقة المتقاضي في مؤسساته كما تمت الإشارة إلى ذلك لكون هدف أي متقاضي في لجوئه للقضاء لم يكن البتة هو استصدار حكم أو قرار أو أمر قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به و إنما هو توصله للحق تم غصبه و الاستيلاء عليه من طرف خصمه  إما بمحض إرادته  أو إجبارا و  الحياة العملية أبانت على أن المنفذ عليه من النادر جدا أن يخضع بسهولة و يقبل بما تم الحكم به عليه و يقوم بعملية التنفيذ رضائيا  مما لا يبقى معه  بد سوى إجباره على ذلك بالطرق التي نص عليها القانون

وما يؤخذ على تنفيذ الأحكام بصفة عامة و الأحكام العقارية بصفة خاصة أنها تتميز بالبطء وسبب ذلك يعود إلى تخبط عملية التنفيذ في مجموعة من الإشكاليات  منها ما يعود إلى الجهة التي أوكل إليها المشرع مهمة التنفيذ  و هناك إشكاليات أفرزتها الحياة العملية 

  1. الإشكاليات التي تعود إلى الجهات التي أوكل إليها المشرع مهمة تنفيذ الاحكام العقارية .

 لقد أوكل المشرع مهمة  تنفيذ الأحكام العقارية لثلاث لجهات و هي :

  • مأموري التنفيذ و هو موظفون عموميون تابعون لكتابة ضبط المحكمة التي يوجد العقار موضوع التنفيذ في دائرة نفوذها ليس لهم نظام خاص بحيث ليست هناك شروط يحتم القانون توفرها في تعيين هؤلاء كما أنه ليس هناك مسطرة خاصة لإعفائهم من مهامهم و مسطرة تأديبهم مثلها مثل مسطرة تأديب أي موظف عمومي آخر ،  يتم تعيينهم من طرف رئيسهم المباشر و هو رئيس كتابة الضبط  مستندا في ذلك على سلطته الراسية  وفي الغالب ما يتم تعيينهم من فئة الموظفين الذين لهم من الخبرة ما يكفي للقيام بهاته المهمة .
  • المفوضون قضائيون هاته المؤسسة التي رأت النور في ثمانينيات القرن الماضي بمقتضى ظهير 25/12/1980  و هي مهنة حرة بنص القانون المنظم لها يقوم أصحابها بمهام الذي موكولة أصلا لكتابة الضبط في جانبها المتعلق بالتبليغ و تنفيذ الأحكام باستثناء التنفيذ النصب على إفراغ المحلات و البيوعات العقارية و بيع السفن و الطائرات و الأصول التجارية ( المادة 15 من قانون رقم 81.03)  إضافة إلى المعاينات هاته المهام المحددة على سبيل الحصر بنص القانون .
  • السلطة الإدارية المحلية و التي أوكل إليها المشرع مهمة تنفيذ الأحكام الصادرة عن محاكم الجامعات و المقاطعات و التي حل محلها حاليا قضاء القرب و هي غير مختصة في تنفيذ الأحكام العقارية على اعتبار أن قاضي القرب غير مختص للبت في مثل هاته القضايا .

وبالرغم من كون هاته الجهات تعمل  على تحت إشراف و مراقبة رئيس المحكمة التابعون لها أو القاضي المكلف بمتابعة إجراءات التنفيذ حالة تكليفه بذلك ، فقد أدى هذا التعدد إلى ارتباك في عملية التنفيذ وتتبعها بشكل مرن و سلس  أدى أحيانا إلى البطء في عملية التنفيذ .

  •  فمسك المفوض القضائي المكلف بالتنفيذ لملف التنفيذ بمكتبه الذي يوجد بمكتبه خارج المحكمة قد يصعب في كثير من الأحيان تتبعه من طرف الجهة المكلفة بتتبع إجراءات التنفيذ  أو ضمه لملف الصعوبة الوقتية التي قدمت بشأنه الشيء الذي يؤدي إلى البطء في البت في هاته الصعوبة . 
  •  عدم وجود نظام قانوني يحدد بدقة  الشروط الواجب توافرها في  مأموري التنفيذ  قد يتيح الفرصة في إسناد هاته المهمة لأشخاص غير مؤهلين لها و هذا ما يفسر العدد الكبير من الشكايات التي يتقدم بها  متقاضون للجهات المعنية أو ينشرونها على صفحات الجرائد .
  • عدم إسناد تنفيذ بعض الأنواع من الأحكام المدنية  للمفوضين القضائيين دون الاحكام العقارية  بالرغم من كون هاته المؤسسة  مر على وجودها مدة زمنية ليست باليسيرة راكمت فيها تجربة كبيرة في التبليغ و التنفيذ  و أقل مستوى تعليمي للمفوض القضائي في الوقت الراهن هو الإجازة في الحقوق مما يستوجب توسيع في اختصاصاتهم فيما يتعلق بالتنفيذ و في نفس الوقت تشديد المراقبة على أعمالهم .
  • عدم تفرغ  القاضي المكلف بإجراءات التنفيذ  لتتبع عملية التنفيذ فقط إذ جمعه بين عمله القضائي الذي هو الأصل و المتمثل في حضور الجلسات والمداولات و تحرير الأحكام  و متابعة إجراءات التنفيذ   يؤثر على  مهمته المتعلقة  بالتنفيذ التي كلفته بها الجمعية العمومية للمحكمة التي يعمل بها  فكثير من أحيان ما ينتظره  مأمور إجراءات التنفيذ بباب مكتبه ينتظر فراغه من مداولة أو انتهاء جلسة من الجلسات هو عضو فيها ليعرض عليه إشكال اعترض سبيل تنفيذ حكم مثلا .
  • الإشـــــكاليات العمليـــــــــــة

أفرزت الحياة العملية مجموعة من الإشكاليات تعطل عملية التنفيذ و تؤخر إيصال الحقوق إلى أصحابها الشيء الذي يزعزع ثقتهم في المؤسسة القضائية و من خلالها المس بهيبة الدولة  و من هاته الإشكاليات التي وقفنا عليها في حياتنا المهنية .

  • إشكالية ممارسة المنفذ عليه حقه في الطعن في الحكم موضوع التنفيذ أثناء سريان مسطرة التنفيذ بعد انصراف اجل الطعن

المنصوص عليها قانونا  بإحدى طرق الطعن التي لها أثر واقف مثل ( التعرض و الاستئناف أو النقض في الحالات التي لا يوقف فيها التنفيذ مثل الحالات المنصوص عليها في الفصل 361 من ق م م أو المادة   من مدونة الوقف   وفي هاته الحالة  استقر الاجتهاد القضائي على ضرورة التوقف عن إجراءات التنفيذ بغض النظر عن المرحلة التي وصلت إليها في انتظار أن تقول المحكمة المعروض عليها الطعن كلمتها فيه و لا تملك الجهة التي تتابع إجراءات التنفيذ مواصلته لكون الطعن كان خارج الأجل  مما يؤدي  إلى تعطيل إجراءات التنفيذ لمدة قد تطول أحيانا و تكون سببا في ضياع الجهد وزيادة في المصاريف .

  • الإشكاليات التي  تعترض تنفيذ الأحكام المتعلقة القاضية بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه بعد التنفيذ .

فمن المتعارف عليه أن القررات الصادرة في مادة القسمة القضائية العقارية إما أن تقضي بقسمة التصفية عن طريق بيع العقار المشاع بالمزاد العلني و قسمة ثمنه بين الشركاء على الشياع أو قسمة عينية تحددها خبرة قضائية أمرت بها المحكمة أثناء سريان المسطرة وصادقت عليها  تكون قابلة للتنفيذ و لو تم الطعن فيها بالنقض لان النقض في هاته الحالة لا يوقف التنفيذ إلا عند الاقتضاء كما نصت على ذلك مقتضيات المادة 319 من مدونة الحقوق العينية ، فالإشكال يطرح عندما يتم التنفيذ و يتوصل كل متقاسم بما نابه من بيع العقار المشاع بالمزاد العلني أو حصة عينا في هذا الأخير وتتم بعد ذلك الاستجابة للطعن بالنقض ونقض و إبطال القرار الاستئنافي الذي تم تنفيذ فيستحيل في غالب الأحيان إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار الاستئنافي الذي تم نقضه في الحالة التي يتم صرف المتقاسم ما نابه نقدا  و لا يستطيع إرجاعه أو تفويت المتقاسم  حصته التي خرجت من نصيبه عينا  أو إثقالها بحق يعود للغير  و نفس الشيء ينطبق في الحالة التي يتم فيها  تنفيذ  أمر استعجالي أو حكم أو قرار قضائي قاضى بإرجاع الحالة إلى ما كانت  ويبقى الإشكال حول حق من أصبح يمتلك حقا على العقار موضوع التنفيذ .

  • الإشكاليات  المتعلقة بالأحكام أو القرارات القضائية المنصبة على عقار غير محفظ.

عندما نقول عقار غير محفظ فإن حدوده قد تكون غير مضبوطة و مساحته غير دقيقة وهنا يبقى كل حكم لم يحدد  العقار موضوع التنفيذ بدقة من حيث إسمه و حدوده ومساحته و موقعه  وكل شيء ينزع عنه الجهالة يطرح عدة إشكالات في التنفيذ خاصة عندما نكون أمام تشابه في أسماء القطع الأرضية  و تغيير في الحدود

  • إشكالية ضرورة تبليغ الحكم موضوع التنفيذ للمنفذ عليه قبل البدء في إجراءات تنفيذه

يعتبر تبليغ الحكم موضوع التنفيذ للمنفذ عليه إجراءا جوهريا وضروريا قبل مباشرة إجراءات التنفيذ تحت طائلة اعتبار التنفيذ باطلا  بصريح الفصل 440 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص ” يبلغ عون التنفيذ إلى الطرف المحكوم عليه، الحكم المكلف بتنفيذه ويعذره بأن يفي بما قضى به الحكم حالا أو بتعريفه بنواياه وذلك خلال أجل لا يتعدى عشرة أيام من تاريخ تقديم طلب التنفيذ.

إذا طلب المدين آجالا أخبر العون الرئيس الذي يأذن بأمر بحجز أموال المدين تحفظيا إذا بدا ذلك ضروريا للمحافظة على حقوق المستفيد من الحكم.

إذا رفض المدين الوفاء أو صرح بعجزه عن ذلك اتخذ عون التنفيذ الإجراءات المقررة في الباب المتعلق بطرق التنفيذ.

 اللهم إلا تعلق الأمر بتنفيذ أمر استعجالي أشير بصلبه أن الجهة المصدرة له تأمر بتنفيذ هذا الأمر بموجب الأصل في حالة الضرورة القصوى ، فقد صدر في هذا الصدد قرار عن المجلس الأعلى سابقا – محكمة النقض حاليا – تحت عدد 1017 مؤرخ في 22/09/2004 في الملف عدد 1613/2003 ” إن تبليغ الحكم قبل مسطرة التنفيذ هو إجراء جوهري و ضروري و لو كان مشمولا بالنفاذ المعجل باستثناء الأوامر التي تأمر فيها المحكمة بتنفيذها بموجب الأصل في حالة الضرورة القصوى ” و إجبارية تبليغ الحكم المذكور يطرح أكثر من إشكال من الناحية العملية تتمثل في سكوت الفصل 440 المشار إليه أعلاه ما إذا كان التبليغ يجب أن يتم للمنفذ عليه شخصيا  أم أنه يكفي أن يبلغ للأشخاص الذين لهم صفة تسلم طي التبليغ و المنصوص عليه في الفصول 37 و 38  من ق م م  وما هو الحل في الحالة التي يتعذر فيها التبليغ للمنفذ عليه إذ في كثير من الاحيان إن لم أقل أغلبها ما يتملص هذا الأخير من التوصل بالاعذار و يعطل المحكوم له من الوصول إلى حقه  هذا فضلا عما تثيره عملية التبليغ بصفة عامة يضيق المقام للحديث عن إشكالاتها بتفصيل .

  • إشكالية تعذر تنفيذ بعض الأحكام العقارية لكون ذلك من شأنه المساس بالنظام العام .

توجد بأقسام التنفيذ مجموعة من ملفات التنفيذ لم تعرف طريقها للتنفيذ بالرغم من صدور أحكام قضائية حائزة لقوة الشيء المقضي به لكون تنفيذها يقتضي الاستعانة بقوة عمومية كافية و هاته الأخيرة تستوجب إذنا من السيد العامل أو الوالي و في بعض الأحيان يجيب هذا الأخير بمقتضى كتاب  بتعذر ذلك لكون عملية التنفيذ من شأنها المساس بالنظام العام ويبقى ملف التنفيذ معلقا و تضيع حقوق طالب التنفيذ .

  • عدم وجود أي نص قانوني في المسطرة المدنية متعلق بالأجل الاسترحامي أو أجل ميسرة

سكوت قانون المسطرة عن هذا الإجراء فتح الباب  للاختلاف في التطبيق و أحيانا إلى تعطيل عملية التنفيذ سواء فيما يتعلق بالأسباب المتمسك بها من طرف المنفذ عليه طالب  هاته المهلة  أو من حيث تحديد مدة الأجل نفسه  .

المحول الثاني : اقتراح بعض الحلول لإشكالية تنفيذ الأحكام العقارية

  • إدخال إصلاحات على الأجهزة المكلفة بالتنفيذ

لا يخفى على أحد الأهمية البالغة للمهام الملقاة على الجهات المكلفة بالتنفيذ في سير عملية التنفيذ و إيصال الحقوق إلى أصحابها مما يستدعي القيام بما يلي:

  • تشديد الرقابة الدائمة و المستمرة على أعمالهم حتى ينجزوها على الوجه المطلوب و تكون لمحاضر التنفيذ التي ينجزونها المصداقية هاته الرقابة  لم تتأتى إلا بتبني المشرع المغربي لمؤسسة قاضي التنفيذ كمؤسسة قانونية قائمة بذاتها أسوة ببعض التشريعات المقارنة مثل التشريع الفرنسي و التشريع المصري لما تضمنه من مزايا و فوائد على سير عملية التنفيذ من بدايتها إلى نهايتها وهذا ما اقترحته اللجنة العليا لإصلاح منظومة العدالة في ميثاقها – الهدف الرابع من الميثاق –  و تبنته مسودة قانون المسطرة المدنية ابتداء من المادة 451/2 إلا أن هاته المواد في نظرنا على حالتها لن تفي بالمطلوب كافيا سواء من حيث تعيين قاضي التنفيذ أو السلطات المخولة له اتجاه الجهات التي تقوم بعملية التنفيذ
  • فمن حيث التعيين نصت المادة 451/2 على أن قاضي التنفيذ يعين من بين قضاة محكمة أول درجة وفق التنظيم القضائي دون تحديد لدرجته أو مدة أقدميته في القضاء  و هنا في نظرنا كان يجب أن تحتم المادة تعيين قاضي التنفيذ من قضاة الدرجة الثانية على الأقل ليكون قد اكتسب تجربة و حنكة و كفاءة تمكنه من ممارسة هاته المهام بنجاح .
  • كما أن ذات المادة لم تنص على تفرغ قاضي التنفيذ بعملية التنفيذ فقط
  • نصت ذات المادة يساعد قاضي التنفيذ عدد كاف من الموظفين و المكلفين بالتنفيذ  فهم حسب هاته الصيغة مساعدون له و ليس له عليهم أية سلطة إدارية .
  •   توسيع من الاختصاصات المخولة للمفوضين القضائيين فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام العقارية

لقد راكمت مؤسسة المفوض القضائي تجربة كبيرة  بالرغم من الانتقادات الموجهة إليها في جانبها المتعلق بالتبليغ و التنفيذ فقد حان الوقت تحميلها مسؤولية في عملية التنفيذ تحت رقابة و إشراف قاضي التنفيذ  و كذا رئيس المحكمة ووكيل الملك بها .

  • إنشاء محاكم متخصصة في القضايا العقارية

تعالت أصوات الباحثين و المهتمين في جميع اللقاءات العلمية و المؤلفات القانونية و المحافل العلمية منادية  بضرورة إنشاء محاكم متخصصة في المادة العقارية  و هذا ليس من شأنه أن  يؤدي إلى  إصدار أحكام عقارية  في المستوى المطلوب فحسب و إنما سيمتد  ايجابيات ذلك إلى  تنفيذها .

  • توحيد العمل القضائي في بابه المتعلق بالتنفيذ

لازالت بعض الإجراءات المتعلقة بالتنفيذ تتباين بين محكمة و أخرى في نوازل متشابهة و السبب الرئيسي في ذلك هو غموض النص أو عدم وجوده بالمرة ويساعد على ذلك قلة التواصل بين الفاعلين في الحقل القضائي من قضاة و مساعدي القضاء و باحثين و أكادميين فمثل هاته اللقاءات العلمية تعتبر وسيلة من أجل إبداء الملاحظات و الخروج بخلاصات  نقضي من خلالها على التباين المذكور أو على الأقل التقليل منه .

  • تحمل الدولة مسؤوليتها كاملة في تنفيذ أحكام قابلة للتنفيذ 

ذلك أن التذرع بكون عملية التنفيذ غير ممكنة لمساسها بالأمن العام لم تعد مسموعة في وقتنا الراهن و من شأنها أن تهدم من حجية الأحكام و تمس بهيبة الدولة وبالتالي على الدولة أن تجتهد في إيجاد صيغة لتنفيذ هاته الأحكام .

  • الإسراع بتعيين قاضي التنفيذ و إعطائه سلطات واسعة على الجهة المكلفة بالتنفيذ
  • ذلك أن مجرد النص على تعيين قاضي التنفيذ في مسودة المسطرة المدنية دون تحديد درجته و مدة تجربته القضائية  وعدم تحديد  سلطاته على مأموري التنفيذ التابعين لدائرة نفوذ المحكمة التي يعمل بها ، لن يعطي في نظرنا النتائج المرجوة منه فعملية الإشراف على تنفيذ الأحكام تتطلب تجربة و حنكة و كفاءة  يكتسبها القاضي بعد مدة زمية في القضاء ، لذلك كان حري أن يشار في مسودة قانون المسطرة المدنية أن يعين قاضي التنفيذ من الدرجة الثانية على الأقل و أن تكون له سلطة مباشرة على الموظفين  و الجهة المكلفة بالتنفيذ  .

خـــــاتمــــة

لقد حاولت من خلال هاته المداخلة المتواضعة و في إطار الحيز الزمني المخصص لها أن أقف على بعض الإشكاليات التي يتخبط فيها تنفيذ الأحكام العقارية من الناحية العملية الصرفة  مدليا ببعض الاقتراحات لتجاوز معضلة بطء تنفيذ الأحكام بصفة عامة و الأحكام العقارية بصفة خاصة  وتبقى الإرادة و العزيمة في إيجاد حلول عملية  هي الحل الأمثل للوصول إلى الهدف المنشود .

 و الله ولي التوفيق .