توسيع مجال مدونة الحقوق العينية لتشمل جميع الأنظمة العقارية، وتوحيد القوانين والمساطر المتعلقة بالنزاعات العقارية
ذ. إبـراهـيم بحـمانـي
رئيس غرفة بمحكمة النقض–الرباط
مداخلة ضمن أشغال الندوة الوطنية التي نظمت من طرف المركز يومي 25 و26 نونبر 2016 تحت عنوان :”العقار والتعمير والاستثمار” بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة وذلك بمناسبة تكريم أستاذ التعليم العالي الدكتور الحسين بلحساني.
بـسـم الله الـرحـمـان الرحـيـم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
السيد الرئيس.
السادة الحضور كل باسمه وصفته ومركزه.
أحييكم تحية طيبة مباركة وبعد:
لقد تلقيت باعتزاز دعوة كريمة من الأستاذ الفاضل الدكتور ادريس الفاخوري للمشاركة في هذه الندوة العلمية المنظمة بهذا الصرح العلمي العظيم جامعة محمد الأول بوجدة يومي 25 و26 نونبر 2016.
ومما حفزني للمشاركة والحضور في هذه الندوة هو اشتياقي لمجالسة هؤلاء العلماء والأساتذة والباحثين وكل المهتمين بموضوع القضايا العقارية، والاستماع إلى الأساتذة المشاركين والمتدخلين لأن مثل هذه الفرص قلما تتاح لمن يرغب في الاستفادة منها.
وقد اخترت أن يكون موضوع مداخلتي متعلقا بالمحور الأول من هذه الندوة: وعنوانه هو: الأنظمة العقارية ودورها في الاستثمار وهو متفرع إلى أربعة مواضيع وهي:
- تعدد الأنظمة العقارية بين إكراهات الواقع ومتطلبات الإصلاح.
- أثر مدونة الحقوق العينية على توحيد الأنظمة العقارية والنهوض بالاستثمار.
- أثر تعدد أنظمة الملكية العقارية على الاستثمار.
- التشريعات العقارية الخاصة ودورها في تنمية المجال العقاري ولا شك أن المحور الثاني المتعلق بالتحفيظ العقاري ودوره في تحصين الملكية العقارية يعتبر مرتبطا بالمحور الأول.
إن هدفي من هذه المداخلة هو التطرق لجوانب تتعلق بالمحورين معا وذلك من أجل تقديم مقترحات من أجل تصفية العقارات من النزاعات وتحصينها بتحفيظها، وإخضاعها لمساطر موحدة.
وذلك انسجاما مع فقرتين وردتا في الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين وفي المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالصخيرات يومي 8 و 9دجنبر 2015، فقد جاء في الرسالة الملكية.
“وبالنظر للطابع الأفقي لقطاع العقار، فإن الإكراهات والرهانات التي تواجهه تعد أمرا مشتركا بين مختلف الفاعلين والمهتمين به. لذا، فإن معالجتها تقتضي اعتماد منظور شامل، يستحضر كافة الأبعاد القانونية والمؤسساتية والتنظيمية والإجرائية، ويراعي خصوصيات هذا القطاع، وطبيعة بنيته المركبة والمتشابكة، والناتجة عن تداخل مجموعة من العوامل التاريخية والاجتماعية والاقتصادية.
ويشكل الجانب التشريعي أحد اهم هذه التحدياتـ التي يتعين رفعها لتأهيل قطاع العقار، وذلك نظرا لتنوع أنظمته، وغياب أو تجاوز النصوص القانونية المنظمة له، إضافة إلى تعدد الفاعلين المؤسساتيين المشرفين على تدبيره.
لذا ندعو للانكباب على مراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة للعقار، بشقيه العمومي والخاص، بما يضمن حماية الرصيد العقاري وتثمينه، والرفع من فعالية تنظيمه، وتبسيط مساطر تدبيره، لتمكينه من القيام بدوره في تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا”.
إن تطبيق ما ورد بهذه الرسالة يقتضي مراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة للعقارات بأنواعها، وذلك يتطلب توسيع مجال مدونة الحقوق العينية لتشمل جميع الأنظمة العقارية كما يقتضي توحيد القوانين والمساطر المتعلقة بتحفيظ العقارات والبت في النزاعات المثارة بشأنها لذلك اتخذت لهذه المداخلة عنوان:
توسيع مجال مدونة الحقوق العينية لتشمل جميع الأنظمة العقارية، وتوحيد القوانين والمساطر المتعلقة بالنزاعات العقارية.
ولمعالجة هذا الموضوع سنتطرق إليه في ثلاثة مباحث.
المبحث الأول: هيكلة النظم العقارية وتطهير العقارات من المنازعات.
المبحث الثاني: توحيد المساطر المتعلقة بالبت في المنازاعات العقارية.
المبحث الثالث: مراجعة مدونة الحقوق العينية وقانون التحفيظ العقاري.
المبحث الأول: هيكلة النظم العقارية وتطهير العقارات من المنازعات.
سنعالج هذا المبحث في المطالب الآتية.
المطلب الأول: الوضعية الحالية للعقارات في المغرب.
من المعلوم أن العقارات في المملكة المغربية حاليا تخضع لنظام الملك العام والملك الخاص للدولة والأراضي الجماعية (السلالية) ، والأحباس، وأراضي الجيش، ثم ملك الخواص .
وكل نوع من هذه الأنواع تنظمه قوانين خاصة، وهذه القوانين تختلف عن بعضها لدرجة يصعب معها أحيانا تبرير هذا الاختلاف منطقيا، ويتجلى ذلك مثلا في أن حجية التحفيظ العقاري التي تأتي بعد المساطر التي يخضع لها العقار قبل إصدار قرار بتحفيظه، تبقى بدون مفعول فيما يخص بعض الأراضي، أراضي الجموع (أراضي الجماعات السلالية) أملاك الدولة الخاصة والأحباس، ويبقى دائما النقاش حول كيفية إثبات أن الأرض جماعية أو حبسية أو من ملك الدولة الخاص.
أما الملك العام فإن ارتباطه بالمنفعة العامة يجعله يبقى محصنا ليؤدي الغاية التي أنشئ من أجلها وهي المنفعة العامة التي تقتضي أن يستفيد منه الجميع فيما أعد له، ولكن يتعين تحديد هذا الملك العام بدقة، لأن ظهير 1914 المعدل بظهير 1919 ينص الفصل الأول منه على امتداد شاطئ البحر إلىالحد الأقصى من مد البحر، وفي بعض المناطق يكون شاطئ البحر متصلا بالغابة وهي ملك عام، ومع ذلك بنيت هناك بنايات يعاينها الجميع، وكيف تم ذلك؟ولهذا يظهر أنه من الواجب إعادة النظر في تحديد الملك العام للدولة ومعالجة الإشكاليات القائمة حاليا. وإن تنوع النصوص القانونية المنظمة لهذه العقارات على اختلاف أنواعها جعلت المشرع يخص كل نوع من هذه الأنواع بوسائل إثبات خاصة تختلف في كثير من الحالات عن وسائل الإثبات العامة المنصوص عليها في القانون المدني، كما تختلف عن وسائل التحقيق المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، وهذا الاختلاف يؤدي إلى التعقيد في بعض الحالات، ولذلك يظهر أنه من المناسب إعادة هيكلة القوانين المنظمة لهذه العقارات بما فيها وسائل الإثبات المتعلقة بها حتى يتحقق الإنسجام المطلوب في النظم والقوانين.
المطلب الثاني: هيكلة النظم العقارية وتطهير العقارات من المنازاعات
يظهر أنه من المناسب أن يتم تحفيظ جميع العقارات الموجودة بالمملكة المغربية وتصفيتها فعلا من النزاعات وذلك وفق الإجراءات الآتية:
- إحصاء جميع العقارات غير المحفظة الموجودة بالمملكة سواء في المدن أو القرى والتي تهم ملك الدولة العام والخاص، والجماعات والأحباس والجيش.
ب- إخضاع جميع هذه العقارات لعملية التحفيظ الإجباري بواسطة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بعد إصدار قانون يسند لها مهمة ذلك، ولكي تتم هذه العملية يتعين:
- إلزام أصحاب الحقوق المشاعة في تلك العقارات بأداء رسوم التحفيظ عن حقوقهم، ومن لم يمتثل للأداء، يتعين منح الصلاحية القانونية للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بأداء ما يجب عليه، وأن تسجل رهنا جبريا على العقار، يبقى مستمرا إلى أن يتم الأداء أو يصفى العقار عند الاقتضاء، وعليه يتعين:
أولا- إذا تعلق الأمر بأملاك الدولة الخاصة فإن إدارة أملاك الدولة (الأملاك المخزنية)تكون هي الملزمة بأداء مصاريف التحفيظ. ويجب التذكير بأن أملاك الدولة الخاصة غير معروفة حاليا بما فيه الكفاية وغير محددة، وخصوصا ما يتعلق منها بالأملاك المصادرة، فقد بينت الأبحاث في عين المكان أن كثيرا منها يحوزه أشخاص ويتمسكون بالحيازةوالملكية، ومنهم من يتوفر على وثائق لها قيمتها، أما إدارة أملاك الدولة (الأملاك المخزنية فلا تتوفر في كثير من الأحيان سوى على سجل تسجل فيه مصادرة أملاك القائد الفلانيأو يسجل في ذلكالسجل استرجاع العقار غير المحفظ دون حدود معينة ولا مساحات محددة، والإدارة تقوم بكراء تلك الأملاك للمكترين عن طريق المزاد العلني بما تشتمل عليه من أشجار ومرافق، وهم يعلمون أن بعضها محتل من طرف أشخاص آخرين، ويكتفون بما استطاعوا حيازته منها لإستغلاله أثناء مدة الكراء المحددة، وهذا معروف لدى السكان في المناطق التي توجد بها تلك الأملاك، وقد عاينا هذا شخصيا في مناطق إقليم تارودانت بحضور السيد ممثل إدارة أملاك الدولة أثناء البحث بعين المكان، وكان يحضر معنا ولا يتوفر إلا على نسخة من سجل أملاك الدولة الذي لا يتضمن حدودا واضحة ولا مساحة محددة، ومن أجل ذلك فإنه يتعين التحقق من وجود هذه الأملاك فعلا بحدودها ومساحتها وهل هي في حيازة الدولة أو في حيازة أشخاص لا زالوا ينازعون في ملكيتها وذلك قبل الحديث عن مقدار مساحة أملاك الدولة الخاصة التي لن تعرف بدقة إلا بتحفيظها.
– ولا يقتصر هذا الأمر على الأملاك المصادرة وإنما يهمكذلك الأراضي المسترجعة غير المحفظة كما يهم أملاك الدولة بالمدن ومنها البنايات التي احتلها موظفون لم تعد لهم الصفة لاستغلالها أو يحتلها أشخاص آخرون لا علاقة لهم بالوظيفة العمومية.
ثانيا: إذا تعلق الأمر بالأملاك الجماعية، وسبق تحديدها إداريا فإنه يتعين أن يقوم بأداء مصاريف التحفيظ مجالس الجماعات الترابية: وإذا لم يسبق وجود تحديد إداري فإن مسطرة التحفيظ تباشر في اسم الحائز للأرض وعند وجود من ينازعه يعرض النزاع على القضاء للبت فيه، ويتعين التحقق من حيازة هذه الأراضي بالفعل من طرف الجماعة السلالية أو غيرها وتحديدها إن لم تكن محفظة ولم ينلها التحديد الإداري مع بيان مساحتها بدقة ومشتملاتها.
– ويمكن اعتبار نفس الملاحظة المثارة بشان أملاك الدولة الخاصة والعامة بخصوص هذه الأراضي من حيث من يحوزها ويستغلها بالفعل.
ثالثا: وإذا تعلق الأمر بأراضي الجيش، وهي أراضي لا يوجد قانون ينظمهاحاليا حسب ما أعلم، ولا تخضع لسلطة الوصاية، فإن هذه الأراضي ينبغي أن تعتبر من أملاك الدولة الخاصة، لأن الهدف من وجود هذه الأراضي، هو مكافأة الجنود الذين كانوا يرابطون في الثغور للدفاع عن الوطن، وقد تغير الوضع حاليا إذ أصبح الجيش منظما في رتب، وتتكفل الدولة بتموين الجنود ونفقاتهم وأجورهم، وتقاعدهم، ولذلك من المصلحة أن تعود تلك الأراضي لملك الدولة الخاص، ولكن يتعين إحصاؤها بدقة وبيان مساحتها وكيف تستغل ومن يستغلها.
رابعا: وإذا تعلق الأمر بأراضي الأحباس، فإنه يتعين على نظار الأحباس القيام بإجراءات تحفيظهاإجباريا إن لم تكن محفظة وإذا وقع نزاع بشأنها يتعين البت فيه من طرف القضاء. وذلك حتى يوضع حد للمنازعات التي تقع بين الأحباس وبين من ينازعها في تلك الأراضي، لأن هذه العقارات بدورها تعرف منازعات كثيرة، ولا يمكن معرفة محتوياتها وقدرها إلا بعد تصفية هذه النزاعات عن طريق تحفيظها.
خامسا: تحيين الرسوم العقارية، ينبغي كذلك تخويل الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية صلاحية تحيين الرسوم العقارية التي لم تجر عليها أي عملية عقارية منذ مدة معينة، ولتكن أربعين سنة مثلا على أن تحيين الرسوم العقارية يتطلب أن يلزم المستفيدون بأداء المصاريف، وأن يطبق عليها كذلك نظام التحيين الإجباري كنظام التحفيظ الإجباري سواء تعلق الأمر بتحيين الأراضي أو المنشآت المقامة عليها.
وإذا تعذر تحيينها فإنه يتعين إصدار قانون بإلغائها وإعادة مسطرة التحفيظ حسب الوضعية الحالية، لأن بعض الرسوم العقارية يشمل جزءا كبيرا من مدن بكاملها ويستحيل قانونا وواقعا إجراء القسمة فيها، كما أن الذين يستغلونها إنما يتوفرون على عقود عرفية غير قابلة للتسجيل بالمحافظة من الناحية القانونية، ولا يبقى لحل الإشكالات القائمة سوى إلغاء تلك الرسوم وتقديم مطالب تحفيظ جديدة، بحيث يطلب كل من يحوز جزءا من العقار تحفيظه سواء كان أرضا عارية أو مبنية وذلك حسب الوثائق التي يتوفر عليها، ويمكن لمن ينازعه أن يرفع أمره إلى القضاء للبت فيه.
المبحث الثاني: توحيد المساطر المتعلقة بالبت في المنازاعات العقارية:
تطبيقا لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليه في تصدير دستور 2011، الذي يضمن كذلك حق الملكية في الفصل 35 من الدستور، يتعين توحيد المساطر المطبقة على النزاعات التي تهم جميع الأراضي، سواء كانت أملاك الدولة العامة أو الخاصة أو الجماعة أو الجيش أو الحبس، كما يتعين توحيد وسائل الإثبات، بحيث يخضع الجميع لقوانين موحدة، ولمساطر موحدة، ولتوضيح ذلك ينبغي إعادة النظر في القواعد الاستثنائية المخالفة للقواعد العامة وأذكر من ذلك:
1-التعرض على التحديد الإداري الذي يجب أن يتم بواسطة مطلب تحفيظ، وبعد تقديم هذا المطلب يبقى مع ذلك صاحب المطلب في حكم المتعرض بحيث يقع عليه دائماعبء إثبات حقوقه، وهذه القاعدة مخالفة للمنطق السليم ولقاعدة – البينة على المدعي – فما دام الشخص حائزا وهو طالب التحفيظ فإنه يجب أن يعتبر مدعى عليه، ويبقى من ينازعه في حيازته هو المدعي، ولتطبيق هذه القاعدة يتعين تعديل الفصل 37 من قانون التحفيظ العقاري بحيث ينص على أن المحكمة تبت بين الأطراف في الحقوق المتنازع عليها حسب وسائل الإثبات المقدمة لها.
2-التحفيظ الجماعي للأملاك القروية والتحفيظ بمناسبة عملية ضم الأراضي هذا النوع من التحفيظ كالتحفيظ الإجباري تقرره الدولة، وتقوم اللجنة المشرفة عليه بتسجيل أملاك في اسم أشخاص كانوا حائزين لها، أثناء عملية التحفيظ وقد لا يكونون مالكين، وإنما يستغلون بإذن من المالكين الحقيقيين، وعندما ينازع المالكون ويتعرضون على مطلب التحفيظ يعتبرون هم المدعون الذين يقع عليهم عبء الإثبات.
– وإذا كان لهذه القاعدة ما يبررها عندما يطلب الشخص تحفيظ عقار يدعي ملكيته، فإنه ليس لها ما يبررها عندما تقرر الدولة التحفيظ الإجباري وتسجل اللجنة العقار في اسم شخص مجرد حائز كمكتر بعقد شفوي أو عامل بنصيب في الغلة حسب العرف ولم يقدم مطلب التحفيظ.
ومعلوم أن هذا التحفيظ معفى من الرسوم، ويصبح المالك ملزما بالتعرض للمطالبة بحقوقه وفي نفس الوقت ملزما بأداء رسوم التعرض على التحفيظ. وتحقيق العدالة يقتضي أن يتساوى الطرفان في تحمل عبء إثبات ما يدعيه كل واحد منهم، لا أن يعفى أحدهم من أداء الرسوم ومن الإثبات، بينما يتحملها الآخر وقد يكون هو صاحب الحق الحقيقي.
وقد طبقت محكمة النقض قاعدة البينة على المدعي وهو المتعرض في الحالة التي يكون فيها مطلب التحفيظ سابقا في التاريخ على التحديد الإداري لأرض الجماعة السلالية (أراضي الجموع)، وجاء في القرار رقم 2500 الصادر في 24/05/2011، ملف 391/1/1/2010، ملفات عقارية رقم 5 محكمة النقض صفحة 99.
إذا قدم مطلب التحفيظ قبل انطلاق عملية التحديد الإداري من طرف الجماعة فإن مسطرة التعرض الواجبة التطبيق هي المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري الصادر في 12/08/1913، وليس ظهير 18/02/1924، وتعتبر صاحبة التحديد متعرضة يقع عليها عبء إثبات الملك.
3- التحديد الإداري للأملاك الغابوية:
قبل الحديث عن هذا التحديد، ينبغي أولا تحديد مفهوم الغابة التي يتعين أن يطبق عليها التحديد الإداري.
فالمفهوم المتعارف عليه هو أن الغابة عبارة عن أرض فيها أجمة من القصب أو الشجر المتكاثفلأنها تغيب ما فيها وجمعها غاب وغابات، (المنجد في اللغة والأدب مادة غيب وغاب).
إن التحديد الإداري للأملاك الغابوية يبقى دائما متعلقا بتحديد مفهوم الغابة ومن هذا المفهوم غير المحدد بكيفية واضحة تم تحديد عقارات بكيفة شمولية.
وقد صرح السيد المندوب السامي للمياه والغابات في لقاء صحفي يوم 03 نونبر 2016 بأن 98% من الأملاك الغابوية قد تم تحديدها وأن أربعة ملايين هكتار قد تم تحفيظها وتسعة ملايين هكتار قد تم تحديدها إداريا، ولا شك أن عمل المندوبية السامية يستحق التنويه، ولكن ينبغي القول بكل وضوح بأن التحديد قد يشمل أملاكا فلاحية خاصة وأشجارا مثمرة غرسها وتعهدها مالكوها لعدة سنين، كما يشمل مساكن بناها أصحابها ومطافي وآبار وغيرها من الممتلكات الخاصة. وإذا قام هؤلاء السكان بالتعرض على التحديد الإداري عن طريق مطلب التحفيظ، فإنهم يعتبرون في حكم المدعي الذي عليه إثبات ادعائه وأنى لهم ذلك، لأن التعرض على التحديد الإداري إنما يستند إلى الحيازة الطويلة خلفا عن سلف، وعندما يطلبون شهادة إدارية لأجل إقامة ملكيتهم للأرض كما تنص على ذلك المادة 18 من المرسوم المؤرخ في 28/10/2008، المتعلق بتطبيق قانون خطة العدالة رقم 03-16 المنشور بالجريدة الرسمية في 01/12/2008، فإن السلطات لا تسلمها لهم لأن تسليم تلك الشهادة يتوقف على استشارة مصلحة المياه والغابات والمسؤول عن هذه المصلحة يصعب عليه تسليم شهادة بأن الملك المعني ليس من أملاك الغابة وذلك باعتبار التحديد الإداري يشمله، وبذلك يعجز المتعرض على التحديد الإداري عن إثبات تعرضه، كما أن المحافظ لا يستطيع قبول تعرضه لأنه لا يتوفرعلى ما يؤيده، وقد يدلي برسوم قديمة قلما تعتبر، وهكذا تضيع الحقوق بسبب وسائل الإثباتالمطلوبة والخاصة بهذا النوع من العقارات، وهكذا يصبح السكان عندما يضطرون لاستغلال الغابة المجاورة لهم سواء في الحرث أو الرعي أو الانتفاع بالأشجار التي يتعهدونها تحت سلطة حراس الغابة، لدرجة أن بعض السكان أصبحوا تحت رحمة حراس الغابة يتعاملون معهم حسب مزاجهم أحيانا خصوصا في المناطق التي لم يشملها التحديد.
وقد دفعت الغرامات المفروضة على السكان بسبب ما يسمى « بالرعي الجائر»أو قطع الأشجار للحطب إلى هجر مساكنهم إلى المدن المجاورة.
ومن المفارقات أن سكان المناطق التي توجد بها أراضي الجموع أو الأراضي السلالية. ينتفعون بها وتوزع عليهم بواسطة مجلس النواب، وقد ينطبق على هذه الأراضي نفسها مفهوم الغابة ولكنها سميت كذلك لأن السلطات الاستعمارية أرادتها كذلك عندما وضعت ظهير الأملاك العامة المؤرخ في 01/07/1914 ثم ظهير 02 يناير 1916 المتعلق بتحديد الأملاك المخزنية ومنها أملاك الغابات كما جاء في الفصل الأول من الظهير، أما ظهير تنظيم الوصاية الإدارية على أملاك الجماعات فقد وضع ف 27/04/1919 ومن يتأمل في موضوع الأراضي التي نظمها كل من الظهيرين يتبادر إلى ذهنه سؤال وهو أن الظهير المنظم للغابات لا يتحدث عن العشائر أو القبائل أو الجماعات التي ورد ذكرها في الفصل الثاني في 27/04/1919 كما وقع تعديله.
وإنما يتحدث عن مسطرة التعرض على التحديد الإداري التي يقوم بها من تضرر منه، وكأن تحديد أملاك الغابة لا يشمل أملاك القبيلة أو العشيرة أو الجماعة مع أن سكان الغابات بما لديهم من أعراف وعادات في كيفية استغلال أملاكهم يعتبرون أكثر تنظيما من غيرهم، نظرا لحرصهم على استغلال الأشجار المحيطة بمساكنهم والقيام بحرث الأراضي التي توجد فيها تلك الأشجار وكثيرا ما تقع نزاعات بينهم حول ثمار أشجار أركان وغيرها، وتعرض على المحاكم وهم يعتقدون أنها ملكهم مع أن الدولة لا تعتبرهم مالكين ما داموا لم يتعرضوا على التحديد الإداري ويثبتوا تعرضهم بصدور أحكام لصالحهم.
إن السلطات تكتفي بغض الطرف عن استغلالهم الغابة في الرعي، ونوع من الحطب يهم الأشجار اليابسة، ولكن ذلك يتم بكيفية غامضة ومبهمة، وحسب اجتهاد حراس الغابة، بحيث إنه من صلاحية الحراس حجز المواشي التي ترعى في الغابة أو مصادرة أدوات الحطب بما فيها البهائم، بالإضافة إلى الغرامات التي يمكن الحكم بها.
ونحن عندما نعرض هذه المعضلة لا نقول بإتلاف الغابة أو تركها بدون حراس ولكن نشير إلى أنه يتعين تحديد الملك الغابوي الحقيقي، والتخلي عن أملاك الخواص الذين ورثوها عن آبائهم وأجدادهم منذ عشرات السنين قبل إصدار سلطة الحماية للقوانين المتعلقة بالغابات التي كان تطبيقها متسما بالتجاوزات في كثير من الأحيان،لأن هؤلاء السكان قد وجد المستعمر صعوبة في إخضاعهم لسلطته سواء في شمال المغرب أو في وسطه أو جنوبه، ويظهر من كيفية تطبيق قوانين الغابة إشعار السكان بأنهم لا أرض لهم ولا وطن بحيث يعتبرون مجرد محتلين مؤقتا، وأن الدولة إنما تسمح لهم بالاستغلالسخاء منها، مع أن أجدادهم كانوا موجودين على هذه الأراضي (الغابات) قبل توقيع معاهدة الحماية وإصدار قوانين الغابات.
ثم إنه عند تحديد الملك الغابوي ينبغي أن يتم بكل دقة بحيث لا يشمل المساكن والمنشآت التي أقامها السكان، ولا المساحات اللازمة لممارسة حياتهم العادية، واستثمار أراضيهم التي قاموا بإصلاحها أو بنائها أو غرسها لأن حياة أغلب الأسر الفقيرة ومعاشهم يتوقف على ما تنتجه تلك الأراضي والأشجار التي يعتبرون أكثر حرصا من غيرهم في حمايتها وصيانتها بينما تقوم إدارة المياه والغابات في بعض المناطق ببيع أشجار مساحة معينة قصد قطعها لتجديدها، ولكن المشترين المقاولين في بعض الأحيان لا يكتفون بقطع أشجار المساحة المبيعة، وإنما يتجاوزونها بكثير، فيقوم السكان بإشعار السلطات والاحتجاج على ذلك، وقد أجريت أبحاث وتبين فعلا التجاوز على مساحات الأشجار المبيعة، وقدم المتجاوزون للمحاكم وصدرت عليهم أحكام، وبهذا يتضح أن سكان الغابة هم أشد حرصا على صيانتها وحفظها من غيرهم، ولذلك ينبغي تشجيعهم للحفاظ عليها، أما مضايقتهم فإنها تؤدي إلى إتلاف الغابة ليتمكنوا من السيطرة على أراضيها خصوصا إذا لم تحدد إداريا أو لم يتم تحفيظها.
ولا شك أنه توجد حاليا منشآت خاصة أقامها أشخاص داخل الغابة المحددة، ولكن السلطات تغض الطرف عن احتلالهم لها مراعاة لمشاعرهم أو عدم إثارة غضبهم.
المبحث الثالث: مراجعة مدونة الحقوق العينية وقانون التحفيظ العقاري.
المطلب الأول: مراجعة بعض مواد مدونة الحقوق العينية، بتوسيع مجالها كما يلي:
أ- فيما يتعلق بالتبرعات.
- تنظيم هبة الثواب وبيان أحكامها.
- تنظيم هبة الانتفاع مع الاحتفاظ بالرقبة، أو هبة الثمار، وكيفية الحيازة.
3-إمكانية انجاز الهبة بعقد عرفي إذا كان موضوعها زهيدا أو يكون العقد مصادقا عليه وتسجيلها بالمحافظة في حياة الواهب، أوإثبات حيازتها بالوسائل الفقهية الجاري بها العملطبقا للمادة 25 من مدونة الأوقاف، وخلافا للمادة 274 من مدونة الحقوق العينية التي توجب إبرام الهبة بعقد رسمي تحت طائلة البطلان، كيفما كانت قيمة الشيء الموهوب.
وقد تم تتميم المادة 174المتعلقة بالرهن الاتفاقي بالقانون رقم 13/22 ج ر رقم 6208 في 28/11/2013 المطبق بمرسوم 17/04/2015 ج ر 6356 في 30/04/2015، وقد صدر قرار بتحديد المبلغ في 250000 درهم بتاريخ 15/06/2015، ج ر 6339، وبمقتضاه حدد الدين موضوع الرهن الاتفاقي الذي لا تسري عليه مقتضيات المادة 4 من مدونة الحقوق العينية. ونعتقد أنه كان ينبغي هذا المقتضى أن يشمل بقية التصرفات المنصوص عليها في مدونة الحقوق العينية التي لا تتجاوز قيمتها مبلغ الرهن المذكور.
4-سعي الموهوب له لحيازة الهبة والتصدي لها في حياة الواهب أو فور انعقادها ووفاةالواهبوأثر ذلك في تحقق حيازتها.
5-توضيح حالات اعتصار الهبة إذا انفصل الزوجان (المادة 285) من مدونةالحقوق
العينية التي تمنع اعتصار الهبة ما دامت الزوجية قائمة، وسكتت عن حالة انفصال الزوجية.
6- حكم هبة المريض، مع بيان المدة الفاصلة بين انعقاد الهبة والوفاة ليعتد بالمرض المخوف، وأثره على صحة التبرعات، وذلك لأن المادة 280 من مدونة الحقوق العينية اكتفت بالنص على أنه تسري على الهبة في مرض الموت أحكام الوصية، وإذا لم يكن الواهب وارثا صحت الهبة في الشيء الموهوب بكامله.
7-حكم هبة الدار الخاصة بسكنى الواهب.لم تتحدث عنها المدونة تماما.
8-تحديد مدة تقادم الطعن في التبرعات بصفة عامة، عندما يكون النزاع بين طرفي العقد أو بينهما مع الغير، فهل يخضع الطعن لأجل التقادم القصير أو الطويل، أوأنه لا يتقادم إذا كان النزاع بين أشخاص معنيين.
9-إن ما تنص عليه المادة 2 من مدونة الحقوق العينية بشأن وجوب رفع دعوى إبطال التقييدات التي تقع على الرسم العقاري بسبب تدليس أو تزوير داخل أربع سنوات من تاريخ التقييد يعتبر خطيرا جدا ومناقضا لهدف التحفيظ العقاري الرامي إلى تحصين العقار وصيانة حقوق مالكه، وفيه إرهاق وحرج للملاك لأن كل مالك لعقار محفظ أصبح مسؤولا عن تفقد عقاره خلال أربع سنوات، وإلا فقد حقه ولو كان تسجيل نقل الملكية ناتجا عن تدليس أو تزويير. وكان ينبغي على الأقل رفع هذه المدة إلى خمسة عشر سنة انسجاما مع مدة التقادم المنصوص عليها في الفصل 387 من قانون الالتزامات والعقود، وحتى يعتبر ذلك مدعاة لتحيين الرسوم العقارية.
10-إن تقرير مبدأ تحرير جميع التصرفات العقارية بموجب محررات رسمية تحرر من طرف العدول أو الموثقين أو المحامين المقبولين لدى محكمة النقض مهما كانت قيمتها فيه ضرر واضح على المواطنين عندما تكون قيمة تلك التصرفات ضئيلة،كما في حالة نصيب فيالإرث ضئيل يوجد بمنطقة نائية ويتعلق بأرض البور. وسيؤدي ذلك إلى تخلي كثير من المواطنين عن المطالبة بحقوقهم إن كانت ضئيلة، لأن مصاريف تحرير العقد قد تستغرق أو تفوق قيمة العقار موضوع التصرف وفي ذلك ضرر واضح على الفقراء بالخصوص، وبذلك يتعين تعديل المادة 4 من مدونة الحقوق العينية بحيث يقتصر إلزام تحرير التصرفات العقارية بعقود رسمية على الحقوق التي تتجاوز قيمتها مائة ألف(100000) درهم مثلا أو ما شابه ذلك.
- ويجب التذكير بأن وجوب إثبات التصرفات بعقود رسمية تحت طائلة البطلان مخالف لقواعد الإثبات المنصوص عليها في القانون المدني، الذي ينص الفصل 405 منه على أن إقرار الخصم هو أول وسيلة من وسائل الإثبات، ونص الفصل 410 على أن الإقرار القضائي حجة قاطعة على صاحبه وعلى ورثته وخلفائه، وكيف يمكن للقاضي أن يطبق تلك النصوص التي توجب أن يتم التصرف بعقد رسمي سواء منها المنصوص عليها في مدونة الحقوق العينية أو في النصوص الأخرى المتعلقة ببيع العقار في طور الإنجاز، والإيجار المفضي إلى التملك أو غيرها فإذا ثبت للقاضي إقرار الخصم أمامه بصدور التصرف عنه فإنه ملزم قانونا بالأخذ به وإلا كان حكمه مخالفا للقانون، لأن المقصود من الكتابة هو إثبات التصرف، ولكن إذا أقر الطرف المعني بأنه صدر عنه، فلا حاجة للإثبات بالكتابة، وإنما يكتفي بتسجيل ذلك الإقرار في محضر يوقعه المعني بالأمر والقاضي وكاتب الضبط، وكثيرا ما يقع ذلك أثناء البحث بعين المكان أو الأبحاث التي تجرى بالمحاكم، ولذلك يتعين مراجعة تلك النصوص التي تعتبر جميع التصرفات غير المثبتة بعقد رسمي باطلة، لأن الذي قد يتمسك ببطلانها لا مصلحة قانونية له إذا أقر بصدورها عنه.وقد طرح إشكال فيما يخص طلب قسمة العقارات غير المحفظة عندما يرفع أحد المالكين على الشياع دعوى القسمة ويجيب المدعى عليه بأن القسمة قد وقعت منذ أزيد من عشر سنوات وكل واحد من الورثة تصرف فيما نابه وقد يكون منهم طالب القسمة نفسه، وأنه وقعت تفويتات بعد هذه القسمة، ففي مثل هذه الحالات إن القضاء يأخذ بهذه القسمة الفعلية إذا مضت عليها عدة سنوات وتصرف كل شريك فيما نابه بالتفويت أو البناء أو الغرس بدون منازع، وذلك رعيا لاستقرار المعاملات وسدا لباب المنازعات، وقد صدرت في هذا الإطار قرارات عن المجلس الأعلى سابقا وعن محكمة النقض حاليا وهي متواترة.
أما إذا كان العقار محفظا فمن المعلوم أن القسمة لا تعتبر إلا إذا سجلت في الرسم العقاري، كما أن التفويتات لا تعتبر إلا إذا سجلت في الرسم العقاري.
- وفيما يتعلق بالشفعة نقترح تعديل المادة 303 من مدونة الحقوق العينية: والنص على أنه لا شفعة في البيع بثمن رمزي، لأن هذا البيع تقوم به أحيانا الدولة لتجازي بعض الأشخاص على الخدمات التي قدموها للدولة أو مراعاة لوضعيتهم الاجتماعية فيستغله المالكون على الشياع ويطلبون الشفعة، وإذا حكم لهم بها فإن الغاية التي تقصدها الدولة لم تحصل، وقد عرضت قضايا من هذا القبيل على القضاء، وقد تردد في الحكم فيها، ولكن المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) فسر العقد على أنه عقد تبرع ولذلك لا شفعة فيه وهذا الاجتهاد ينبغي تقنينه لأهميته. (قرار المجلس الأعلى رقم 1340 الصدر في 28/04/2004، ملف 1166/1/4/2001 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى رقم 62 ص 70).وفي إطار تعديل المادة المذكورة ينبغي كذلك النص على منع الشفعة في التصرفات التي تقع بين الأصول والفروع إلى الدرجة الرابعة ( الأحفاد) وبين الأزواج، لأن هذه التصرفات تراعى فيها صلة القرابة أو المصاهرة وتتم بأثمنة تفضيلية ويستغل ذلكالأجانب المالكون على الشياع ويطلبون الشفعة.ومن القوانين التي منعت الشفعة في هذه التصرفات القانون المصري (المادة 939) والقانون الأردني.
المطلب الثاني: في قانون التحفيظ العقاري:
نقترح تعديل الفصل الأول من قانون التحفيظ العقاري الذي نص على أن التحفيظ يقصد منه، إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به، وأضاف في الفقرة الثانية من الفصل تقييد كل التصرفات الرامية إلى تأسيسأو نقل أو تغيير أو إقرار أو إسقاط الحقوق العينية ثم نص الفصل 109 من نفس القانون على أنه لا تقبل الأحكام الصادرة في مادة التحفيظ العقاري الطعن إلا بالإستئناف أو النقض.
– وقد طرح إشكال لدى بعض القضاة فيما يتعلق بالطعن بإعادة النظر بخصوص القضايا المنصوص عليها في الفقرة الثانية من الفصل الأول، وهي المتعلقة بتقييد التصرفات أو تعديل الحقوق أو إسقاطها.
– فالبعض يعتبرها كذلك غير قابلة للطعن بإعادة النظر لأن الفصل عرف المقصود من التحفيظ واعتبره شاملا لما ورد بالفقرتين معا.
والواقع أن التحفيظ وما يتطلبه من مساطر إدارية وقضائية يختلف عن التسجيل أو التقييد أو التشطيب الذي يمكن أن يقع في الرسم العقاري بعد التحفيظ ولذلك نعتقد أنه إنما وقع إغفال عن عدم التمييز بين الوضعيتين عندما نص المشرع في الفصل 109 على الأحكام الصادرة في مادة التحفيظ العقاري. ولذلك نقترح أن يتم التعديل في أقرب وقت حتى يزول اللبس. بحيث ينص الفصل 109 على ” الأحكام الصادرة في مطالب التحفيظ العقاري”.
-ونقترح كذلك تعديل الفصل 37 من قانون التحفيظ الذي يلزم المحكمة بالبت في الحق المدعى به من قبل المتعرضينلأن هذا الفصل يضع عبء الإثبات على المتعرض وحده، وإذا كان ذلك مقبولا عندما يقوم طالب التحفيظ بتقديم مطلب التحفيظ، لأن المحافظ لا يقبل المطلب إلا إذا كان مؤيدا بوثائق تدعمه، فإنه في حالة التحفيظ الإجباري كما يتم في عملية ضم الأراضي أو عملية التحفيظ الجماعي، فإن الدولة هي التي تقوم بوضع مطالب التحفيظ بواسطة لجنة معينة لهذا الغرض، وقد يكون مطلب التحفيظ غير مؤيد بأي حجة، وإنما يكتفي بشهادة إدارية تتضمن أسماء 12 شخصا وتنص على أنهم يصرحون بأن الملك المطلوب تحفيظه يحوزه من يحوزه أكثر من عشر سنوات وهذه الشهادة لا تعتبر حجة في الإثبات عند إدعاء الملكية من طرف من يدعيها وقد يكون هو المالك الحقيقي، أما من سجل المطلب في اسمه فقد يكون مجرد مكتر بعقد شفوي أو مستغل بنصيب ( الخبزة) ولذلك من العدل أن يتساوى الطرفان في تحمل عبء الإثبات، ومن أجله نقترح صياغة الفقرة 2 من الفصل 37 كما يلي: تبت المحكمة بين الأطراف في النزاع بينهما حسب الوثائق التي يتوفر عليها كل منهم وتحديد المحكوم به وطبيعته ومشتملاته ونطاقه….
– وفيما يخص التقييد الاحتياطي نقترح إلغاء الفقرة الثالثة من الفصل 86 من قانون التحفيظ لأنه لا فائدة عملية منها: وتنص هذه الفقرة على أنه: تنحصر في مدة شهر مدة صلاحية التقييد الاحتياطي بناء على إدلاء الطالب بنسخة من مقال الدعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء.
– ومن المعلوم أنه لا يتصور قانونا إنهاء دعوى أمام محكمة الموضوع في مدة شهر، لذلك تعتبر هذه الفقرة زائدة وبدون فائدة ويتعين حذفها لأن تطبيقها أثار مشاكل كثيرة للسادة المحافظين والمتقاضين.
والسلام عليكم ورحمة الله.