مركز إدريس الفاخوري للدراسات والأبحاث في العلوم القانونية وجدة

دور أراضي الجموع في تشجيع الاستثمار

هشام عليوي

أستاذ باحث بكلية الحقوق- فاس

مداخلة ضمن أشغال الندوة الوطنية التي نظمت من طرف المركز يومي 25 و26 نونبر 2016 تحت عنوان :”العقار والتعمير والاستثمار” بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة وذلك بمناسبة تكريم أستاذ التعليم العالي الدكتور الحسين بلحساني.

مقدمة

إن العقار كان وما يزال يحتل مركز الصدارة في النسيج  الاقتصادي لأي بلد، فهو الوعاء الذي لا غنى عنه في أي سياسة اقتصادية أو اجتماعية ، إذ يعتبر بمثابة اللبنة الضرورية لإنجاز المشاريع الاستثمارية في شتى المجالات الصناعية و التجارية و الاجتماعية.[1]

 و يعتبر الوعاء العقاري لأراضي الجموع أهم و أكبر رصيد عقاري ، مقارنة مع باقي الأنظمة العقارية الأخرى المنتشرة في المغرب.لذلك فإنه من الضروري تعميق البحث والنقاش حول الإشكاليات القانونية المرتبطة بهذه الأراضي، من أجل تحسين طرق استغلالها وتنميتها و إدخالها في دائرة التداول، والرفع من حصيلتها الإنتاجية، مما ينعكس إيجابا على التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد.

وقد عرف المرحوم مأمون الكزبري الجماعات السلالية أو الأصلية، بأنها القبائل أو فصائل القبائل، وغيرها من العشائر الأصلية و التي تنتفع بالأملاك الجماعية طبقا للأعراف التي اعتادت عليها منذ القديم استعمالا و استغلالا[2].

وتتميز أراضي الجموع  في ظل ظهير27 أبريل 1919[3] بكونها أراضي ذات طبيعة خاصة ، حيث لا يمكن تفويتها أو إجراء الحجز عليها كما يمنع اكتسابها بالتقادم أو  تملكها بالحيازة حتى من طرف الأفراد المكونين للقبائل المالكة لها، والتي  أطلق عليها المشرع اسم الجماعات السلالية ومنح لها الشخصية المعنوية الخاصة.

وتحتل الأراضي الجماعية مكانة خاصة بالمغرب، نظرا لأهميتها على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، والتي تتجسد أساسا من خلال النسبة التي تمثلها ضمن النسيج العقاري المغربي. حيث تبلغ مساحتها الإجمالية حسب الموقع الرسمي للجماعات السلالية و الأراضي الجماعية حوالي 15 مليون هكتار، تشكل الأراضي الرعوية نسبة تفوق 85 في المائة تستغل بصفة جماعية من طرف ذوي الحقوق، وتوظف أهم المساحات المتبقية في النشاط الفلاحي.وحسب الإحصائيات الواردة في كتاب حول المناظرة الوطنية للأراضي الجماعية المنظمة بتاريخ 5 و 6 دجنبر 1995 وكذا إحصائيات البنك الدولي فإن مساحة أراضي الجموع بالمغرب تقدر بحوالي 12 مليون هكتار موزعة عبر مختلف عمالات وأقاليم المملكة.وتشكل الأراضي الصالحة للزراعة بــها نسبة مهمة من مجموع الأراضي الصالحة للزراعة على المستوى الوطني – حوالي 14 % من مجموع هذه الأراضي البالغ مساحتها 9.2 مليون هكتار[4] وهي مساحة تجعل منها مصدر عيش لشريحة مهمة من المجتمع تبلغ حوالي 2.600.000 نسمة تنتمي لأكثر من 4600 جماعة سلالية يمثلها أزيد من 7600 نائب[5] مما يجعلها “كنزا وطنيا”[6] يضطلع بدور كبير في خلق دينامية  اقتصادية ويساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي ستمكن المغرب من مواجهة التحديات التي يفرضها عليه الولوج إلى مضمار التنمية.

و يثير هذا الموضوع، مجموعة من النقط القانونية التي يتعين التطرق إليها بنوع من التمحيص و الدقة بهدف وضع حلول ناجعة لمختلف الإشكاليات التي يثيرها.

 فعلى الرغم من كثرة النصوص القانونية و التنظيمية،والعدد الهائل للدوريات و المناشير المرتبطة بأراضي الجموع ؛فإن الواقع العملي أثبت قصور النظام القانوني لهذه الأراضي بشكل جعله لا يؤدي الدور المتوخى منه،الأمر الذي كان له تأثير سلبي على الاستثمار في الأراضي الجماعية.

فإذا كانت حماية هذه الأراضي وضبط حدودها ومشتملاتها من الناحية المادية و القانونية-  بالنظر لشساعة المساحات المكونة لها،وبيان حقوق الجماعة وحقوق الغير- هي الهدف الأساسي للمشرع من خلال ظهير 1919 و النصوص الأخرى المرتبطة به؛فإن هذا الهدف لن يتحقق إلا بتحفيظ هذه الأراضي، لما يحققه نظام التحفيظ العقاري من حماية ووضوح الوضعية المادية والقانونية للعقار.ومن أجل التغلب على العوائق التي كانت تعترض تحفيظ أراضي الجموع استنادا إلى مسطرة التحفيظ المنصوص عليها في ظهير12 غشت1913[7]،قام المشرع بسن مسطرة خاصة لتحفيظ هذه الأراضي تختلف عن مسطرة التحفيظ العادية المنصوص عليها في ظهير12 غشت 1913، وذلك بموجب ظهير 18 فبراير 1924 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية[8].

لكن عملية التحديد الإداري للأراضي الجماعية المنصوص عليها في ظهير 18 فبراير 1924 لا تخلو من إشكالات، تفرغها من الأهداف المتوخاة منها، و المتمثلة أساسا في تسريع تحفيظ الأراضي الجماعية و تحفيظ أكبر عدد ممكن من هذه الأراضي.ومن بين هذه الإشكالات نشير إلى ما يلي :

مدى نجاعة عملية إشهار التحديد الإداري عن طريق النشر في الجريدة الرسمية في مواجهة الغير بقرينة العلم بالعملية، ؟ الإشكالية المتعلقة بتكوين اللجنة المكلفة بالتحديد الإداري المنصوص عليها في ظهير 18 فبراير 1924 . ما هي مدة المنع من التفويت المنصوص عليها في الفصل3 من ظهير1924 بالنسبة للقطع غير المتنازع عليها، هل تستمر إلى حين الفصل في جميع المطالب وتحيين تصاميم التحديد الإداري وصدور مرسوم المصادقة كما ينص على ذلك الفصل3 من ظهير1924 أم إلى حين نهاية الفصل في النزاع كما ينص على ذلك الفصل 11 من نفس الظهير؟ وهل المنع من التفويت ينصرف إلى القطع المتنازع عليها و التي أودع أصحابها مطالب تحفيظ تأكيدية لتعرضاتهم؟ الإشكال المتعلق بالتعرض على التحديد الإداري الذي يثير بعض التساؤلات من قبيل ، قصر أجل هذا التعرض و عدم وجود استثناءات عليه ،وكذا إلزام المتعرض بالتصريح بتعرضه أمام اللجنة أو السلطة المحلية.

 وبالإضافة إلى الإشكاليات المرتبطة بعملية التحديد الإداري لأراضي الجموع ، نشير إلى مسألة عدم قابلية هذه الأراضي للتفويت باستثناء الدولة أو الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية التي يمكنها اقتناء هذه الأراضي. فهل يمكن إعادة النظر في مبدأ عدم قابلية أراضي الجموع للتفويت ؟ و ماهي شروط هذا التفويت التي تحمي حقوق الجماعة السلالية من جهة و تسمح بإدخال العقار الجماعي إلى دائرة التداول؟

إضافة إلى ذلك هناك مجموعة من الاشكالات القانونية التي يثيرها ظهير30 . 69. 1. الصادر بتاريخ 25 يوليوز 1969 المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري ومن بينها :عدم تطابق المقتضيات المتعلقة بالإرث مع القواعد الشرعية ، وكذا منع ذوي الحقوق من تفويت الحقوق المشاعة على الرغم من أن المشرع اعتبرهم ملاك على الشياع. ما هو مصير بعض الحصص الجماعية التي تم تفويتها واقعيا لأشخاص أجانب عن الجماعات السلالية و أنجزوا فوقها تجهيزات مهمة أصبح من الصعب منازعتهم فيها.فكيف سيتم التعامل مع هذا المشكل من الناحية القانونية؟

من خلال ما سبق يتبين أن الإشكالية الأساسية التي يثيرها الموضوع هي كالآتي:

إذا كان المشرع المغربي نظم أراضي الجموع بمقتضى ظهير 27 أبريل 1919المتعلق بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات و ضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية و تفويتها، وكذا العديد من الدوريات والمناشير الوزارية سواء من حيث الأجهزة المكلفة بتدبيرها أو من حيث آليات وطرق استغلالها، فهل مازال هذا التنظيم القانوني يشكل أرضية صلبة وإطارا صالحا لتحقيق متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه الأراضي التي تنعكس على تنمية البلاد بشكل عام، بالنظر للرصيد الكبير لهذه الأراضي ؟

يمكن القول أن النظام القانوني لأراضي الجموع ، ومن خلال ما يقرب عن قرن من تطبيقه، لم يفلح في إدخال هذه الأراضي في الدورة الاقتصادية للبلاد و مساهمتها في التنمية الشاملة.وهو الأمر الذي يفرض  ضرورة التفكير في إصلاح المنظومة القانونية لأراضي الجموع بشكل يؤدي إلى تسوية قانونية لكل المشاكل العالقة، سواء على مستوى تحفيظ هذه الأراضي أو على مستوى التصرفات القانونية الواردة عليها،وذلك في أفق إعطاء هذا الرصيد العقاري مكانته في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية.

و بناء عليه سوف تتم دراسة هذا الموضوع، من أجل المساهمة في اقتراح بعض الحلول الكفيلة بإخراج أراضي الجموع من الخندق الذي توجد فيها و إدخالها في دائرة التداول، بهدف تحقيق التنمية الشاملة للبلاد.وهذا الأمر لن يتأتى إلا بإعادة النظر في الإطار القانوني المتعلق بالتحديد الإداري لأراضي الجموع ( المطلب الأول) ، وكذا مبدأ عدم قابلية أراضي الجموع للتفويت (مطلب ثاني) 

المطلب الأول:قصور الإطار القانوني للتحديد الإداري لأراضي الجموع .

يتبين من خلال دراسة ظهير 27 أبريل 1919 ، أن الهدف الأساسي للمشرع هو حماية أراضي الجموع.وذلك عن طريق معرفة هذه الأراضي وتعيين حدودها ومشتملاتها من الناحية المادية وضبط حالتها القانونية وتوضيح حقوق الجماعة وحقوق الغير. لكن هذا الهدف لن يتحقق إلا عن طريق تحفيظ هذه العقارات بناء على مسطرة خاصة للتحفيظ من شأنها التغلب على الصعوبات التي تطرحها مسطرة التحفيظ العادية المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913.

ويقصد بالتحديد الإداري بيان الحدود التقنية والقانونية للملك ومن تم توضيح حقوق الشخص المعنوي المالك له وكذا حقوق الغير[9]، فالغاية الأساسية من التحديد الإداري هي ضبط حدود عقار ذ ومساحة شاسعة غالبا ما يكون ملكا جماعيا أو ملكا خاصا للدولة أو ملكا غابويا[10].

وتنطلق مسطرة التحديد الإداري بطلب تودعه الجماعة السلالية الراغبة في تحديد العقار من طرف نائبها لدى السلطة الإقليمية التابع العقار لدائرة نفوذها. وتقوم السلطات الإقليمية ( قسم الشؤون القروية بالعمالة) بتكوين ملف قانوني وإرساله لسلطة الوصاية.

بعد توصل السلطة الوصية بالملف القانوني لعملية التحديد تتولى بدورها تقديم طلب التحديد[11] إلى الوزير الأول(رئيس الحكومة حاليا) تبين فيه اسم الجماعة المالكة للعقار، وحدوده والمجاورون له، والحقوق والتحملات العقارية المثقلة به، وتطلب منه إصدار مرسوم التحديد وتعيين تاريخ للشروع في عملية التحديد[12].

ويتم نشر مرسوم التحديد إلى جانب طلب سلطة الوصاية بالجريدة الرسمية خلال أجل شهر قبل الشروع في عملية التحديد. وبالموازاة مع النشر في الجريدة الرسمية يتم إشهار هذا المرسوم و الطلب داخل نفس الأجل بالمناداة في القرى والأسواق الأسبوعية[13] وتعليقهما لدى كل من المحافظة العقارية و إدارة أملاك الدولة والمحاكم وإدارة المياه والغابات، التي يقع العقار في دائرة نفوذها.

و تتكون اللجنة المكلفة بالتحديد من ممثل سلطة الوصاية، وممثل عن الجماعة المعنية والقائد، ومهندس مساح وعدلين، وعند الاقتضاء ممثل عن وزارة التجهيز.و تبدأ هذه اللجنة عملية التحديد في اليوم والساعة والمكان المعينين في مرسوم التحديد بحضور كل من يعنيه الأمر من الجيران والمتعرضين.

وعلى من يرغب في التعرض أثناء عملية التحديد أن يتقدم بتعرضه في عين المكان لدى السلطة المحلية المكلفة بالتحديد التي تقوم فورا بتضمين هذا التعرض بالمحضر المخصص لذلك[14].

وبعد ذلك تقوم اللجنة المكلفة بالتحديد بإيداع محضر التحديد مرفق بتصميم العقار الذي تم تحديده لدى السلطة المحلية المعنية، وإيداع نفس الوثيقتين لدى المحافظة العقارية[15].

 بعد ذلك وطبقا للفقرة الرابعة من الفصل الخامس من ظهير 18 فبراير 1924يتم نشر هذا الإيداع الذي تم لدى السلطة المحلية في الجريدة الرسمية، ويتم تعليق هذا النشر لدى السلطة المحلية والمحافظة العقارية والإدارات العمومية المعنية. ويحق لكل من يدعي حقوقا عينية أو ينازع في حدود التحديد الإداري أن يقوم بتعرضه على التحديد الإداري بواسطة تصريح كتابي لدى السلطة المحلية خلال أجل 6 أشهر ابتداء من تاريخ نشر إيداع المحضر لدى السلطة المحلية في الجريدة الرسمية، غير أن تعرضه لا يكون مقبولا إلا إذا دعمه عن طريق إيداع مطلب تحفيظ تأكيدي للتعرض لدى المحافظة العقارية المعنية داخل أجل ثلاثة أشهر الموالية لانتهاء أجل 6 أشهر المذكورة لتـقديـم التعرض الكتابي لدى السلطة المحلية([16]).

وعندما تتأكد السلطة الإقليمية المعنية من عدم تــقديـم أي تعرض على التحديد الإداري داخل الآجال القانونية المشار إليها، تقوم بإحالة محضر التحديد والتصميم المرفق به على سلطة الوصاية التي تـــقوم بدورها بإحالته على الوزير الأول(رئيس الحكومة حاليا) قصد المصادقة عليه بواسطة مرسوم. ولا يقوم الوزير الأول(رئيس الحكومة حاليا) بإصدار مرسوم المصادقة على التحديد الإداري إلا بعد اطلاعه على شهادة يسلمها المحافظ على الأملاك العقارية(تسمى الشهادة السلبية) تبين أنه لم يتم إيداع أي تعرض على التحديد الإداري في شكل مطلب تأكيدي وفق الآجال والشروط المنصوص عليها في الفصل 6 من ظهير 18 فبراير 1924.

كما تجدر الإشارة أن التحديد الإداري المصادق عليه لا تكون له صفة الرسم العقاري إلا بعد قيام سلطة الوصاية طبقا للفصل 10 من ظهير 18 فبراير 1924 بإيداع مطلب تحفيظ لدى المحافظة العقارية، التي تقوم عبر مصلحة المسح العقاري التابعة لها بعملية مراجعة التحديد التي سبق القيام بها ، من أجل إعادة كشف الأنصاب التي  تم غرسها أتناء عملية التحديد الإداري، ومن تم إنجاز تصميم عقاري للقطعة موضوع هذا التحديد الإداري. وعند توصل المحافظ بالتصميم العقاري المنجز من طرف مصلحة المسح العقاري، يقوم بتأسيس الرسم العقاري الخاص بالعقار وهي مسطرة خاصة تتم بدون إشهار وبدون تعرض على مطلب التحفيظ ، لأن هذه المسطرة الخاصة للتحفيظ تسبقها مسطرة التحديد الإداري التي تتيح للمتعرضين التعرض على تحديد العقار الجماعي المعني.

ونظرا لما لهذه العملية من أهمية بالغة ، لكونها ترمي إلى إعطاء التحديدات الإدارية المصادق عليها خاصية شبيهة بتلك التي يتوفر عليها  الرسم العقاري المؤسس طبقا لمسطرة التحفيظ العادية المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913 والمتمثلة في نهائية الرسم العقاري و منع الطعن فيه،مما ينعكس إيجابا على مستوى استغلال هذه الأراضي وتنميتها وإدخالها لدائرة التداول. خاصة وأن المساحة التي تحتلها أراضي الجماعات السلالية موضوع تحديد إداري مصادق عليه بلغت حوالي 2.200.00 هكتار.([17])  وتحقيقا لهذه الغاية عملت وزارة الداخلية على توقيع اتفاقية شراكة مع الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية في 22 شتنبر 2010 تهدف حسب الفصل الأول منها إلى تحديد الشروط والتدابير اللازمة لإنجاز عمليات تحفيظ الرصيد العقاري للجماعات السلالية ،وبمقتضاها  تتعهد وزارة الداخلية بإيداع مطلب تحفيظ لكل عقار موضوع تحديد إداري مصادق عليه لدى المحافظات العقارية المختصة ،وذلك داخل أجل ستة أشهر من تاريخ التوقيع على هذه الإتفاقية ، مدعمة طلبها بمحضر التحديد الإداري والتصميم المرفق به، وتصميم ربط حدود الملك بالشبكة الجيوديزية،ومرسوم المصادقة على التحديد الإداري، وكل وثيقة أخرى تعتبر ضرورية  .كما تلتزم وزارة الداخلية بالإضافة إلى أداء واجبات المحافظة العقارية عن كل مطلب تحفيظ بمؤازرة المهندس المساح التابع لمصلحة المسح العقاري المكلف بمراجعة التحديد وباتخاذ التدابير اللازمة لإنجاح هده العملية([18]) .وبالمقابل تلتزم المحافظة العقارية بإخضاع مطالب التحفيظ المشار إليها أعلاه لمسطرة التحفيظ الخاصة المقررة في الفصل 10 من ظهير 18 فبراير 1924،والبت في المطالب المعنية داخل أجل ستة أشهر من تاريخ إدراجها،واحتساب الواجبات المستحقة عنها على أساس القيمة المصرح بها من طرف وزارة الداخلية .

بالإضافة إلى ذلك نص الفصل الخامس من نفس الإتفاقية على إحداث لجنة مشتركة مكونة من ممثلي مديرية الشؤون القروية والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية لمتابعة تنفيذ هذه الاتفاقية ،وتجتمع كل ثلاتة أشهر أو كلما دعت الضرورة إلى ذلك للقيام بما يلي :

  •  تقييم مستوى تنفيذ البرنامج المشترك المتفق عليه حسب ترتيب الأولويات.
  •  دراسة الصعوبات التي قد تظهر أثناء التحفيظ أو التحديد الإداري.
  •  اقتراح الحلول المناسبة لتجاوز الصعوبات المطروحة. 

و يبدو أن من شأن هذه الاتفاقية أن تؤدي في حالة تفعيلها على أرض الواقع إلى  تصفية العديد من الملفات العالقة لدى المحافظة العقارية إذا ما أخدنا بعين الاعتبار أن تأخر البت في هذه الملفات يرجع في الغالب الأعم إلى أسباب شكلية كعدم حضور ممثلي الوصاية إلى عين المكان أثناء عملية مراجعة التحديد ،أو عدم تعرفهم على حدود العقار أو عدم أداء الوصاية للرسوم المستحقة على إيداع مطالب التحفيظ[19].

وبالرغم من أهمية مسطرة التحديد الإداري في حماية أراضي الجماعات السلالية من التطاول والاستنزاف. فإنــها تعاني العديد من المشاكل التي تعيق عملية الاستثمار في هذه الأراضي ،و تحول دون إدخالها في الدورة الاقتصادية. وهذه المشاكل هي كالآتي :

الإشكال الأول يتعلق بمدى فعالية الوسائل المعتمدة في شهر عملية التحديد الإداري في إحاطة العموم علما بهذه العملية و مواجهة الغير بقرينة العلم؟

كما هو معلوم فإن الغالبية العظمى من سكان الجماعات السلالية هم أميون مما يطرح إشكالية الاطلاع على الجريدة الرسمية في البوادي مع العلم أن هذا الاطلاع صعب حتى داخل المدن.

و لتجاوز هذا الإشكال يمكن اتخاذ الإجراءات التالية:

  • تمديد أجل الشهر المخصص لإشهار عملية التحديد و جعله يتراوح ما بين ثلاثة أشهر إلى أربعة أشهر حسب المساحة موضوع عملية التحديد؛
  • ضرورة استدعاء المجاورين كتابة مقابل شهادة التوصل و ذلك لحضور عملية التحديد و المحافظة على حقوقهم؛[20].

الإشكال الثاني يتعلق باللجنة المكلفة بإجراء عملية التحديد الإداري و تحديدا مكونات هذه اللجنة.إذ يلاحظ على هذه اللجنة أنها تتكون من أشخاص إداريين وتقنيين يهدفون إلى حماية مصالح الجماعة السلالية و لو على حساب بعض العقارات المملوكة لأشخاص آخرين ، مما يدخل الجماعة في نزاعات لا تنتهي و تؤثر على سرعة تصفية الأرض الجماعية و إدخالها في دائرة التداول.

لذلك يمكن تدارك هذا الأمر بما يلي:

إضافة أشخاص إلى هذه اللجنة يتوفرون على تكوين قانوني، خاصة في المجال العقاري كالمحافظ العقاري و رئيس مصلحة المسح العقاري و قاضي مختص في الشؤون العقارية و ذلك بهدف ضبط الوضعية المادية و القانونية للعقار و حل النزاعات و التعرضات بعين المكان لأن أغلبها يتعلق إما بالحدود أو بعض الحقوق الواردة على هذه العقارات[21].

  • الاشكال الثالث يتعلق بمسطرة التعرض على التحديد الإداري التي تثير العديد من الملاحظات منها:
  • إن الأجل المضروب للتعرض هو أجل قصير ولم ترد عليه أية استثناءات
  • إن المشرع ألزم المتعرض بالتصريح بتعرضه أمام اللجنة أو السلطة المحلية مما يجعل من هذه الأطراف خصما وحكما في نفس الوقت[22].
  • إن كل متعرض ملزم بتأكيد تعرضه عن طريق إيداع مطلب التحفيظ[23] مع ما يتطلبه ذلك من أداء واجبات مالية قد لا تتوفر للبعض، كما يتناقض مع مبدأ اختيارية التحفيظ، إضافة إلى الإدلاء بالحجج المؤيدة لمطلبه، وهو مالا يتأت دائما بالرغم من أن هذا المتعرض قد يكون حائزا للعقار ويتصرف فيه حسب المدة والشروط المعتبرة شرعا.

إن هذه الصعوبات تقتضي إعادة النظر في المقتضيات المتعلقة بالتعرض على التحديد الإداري وذلك على النحو التالي:

– إعادة النظر في الآجال المحددة للتعرض وإيداع مطلب التحفيظ تأكيدا له حيث يجب تمديد تلك الآجال المحددة للتعرض مع جعل استثناءات عليها كما هو الشأن بالنسبة للفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري[24] والتنصيص على مبدأ مجانية تلك المطالب.

– بحث إمكانية إيداع مطلب التحفيظ التأكيدي بدون وثائق مدعمة للتعرض إذا كان طالب التحفيظ هو الحائز لأن الملف سيحال لاحقا على القضاء للنظر في استحقاقه الملكية.

– إعادة النظر في الجهة المكلفة بتلقي التعرضات وإسنادها إلى جهة محايدة تتمثل إما في جهة قضائية أو إدارية.

– احترام قواعد الفقه الإسلامي التي تجعل افتراض الملكية يكون لصالح من بيده الحيازة وأن من ينازع الحائز صار مدعيا لغير الأصل والعرف ويقع عليه بالتالي عبء الإثبات[25].

من خلال ما سبق ، يتبين أن الإطار القانوني للتحديد الإداري للأراضي الجموع تعتريه مجموعة من النواقص ، تقف حاجزا أمام ضبط الوضعية المادية و القانونية لهذا الرصيد العقاري الهائل ، لكن دون الإجهاز على مصالح الأغيار التي تكون مرتبطة بهذه الأراضي.وهو ما يجعل هذا النظام القانوني لأراضي الجموع قاصرا في إدخال هذه الأراضي لدائرة التداول ،مع العلم أن هذا الإدخال له آثار إيجابية على تنمية الاستثمار في هذا الرصيد العقاري الهائل الذي تزخر به بلادنا.

لذلك نتمنى أن يعمل المشرع على تعديل ظهير 18 فبراير 1924 المتعلق بالتحديد الإداري للأراضي الجماعية و استحضار المقترحات المشار إليها أعلاه ، والتي كانت و ما تزال مطلب الفقهاء و الباحثين المهتمين بأراضي الجموع[26].

المطلب الثاني: تفويت أراضي الجموع

ينص الفصل 4 من ظهير 27 أبريل 1919([27]) على ما يلي :”إن الأراضي الجماعية غير قابلة للتقادم و لا التفويت و الحجز”. يتبين من هذا الفصل أن مبدأ عدم التفويت و الحجز و الاكتساب بالتقادم من أهم المبادئ التي تميز التنظيم القانوني لأراضي الجموع. و السؤال المطروح بهذا الخصوص كيف يمكن إدخال أراضي الجموع في دائرة التداول في ظل وجود هذا المبدأ؟ و هل كانت الاستثناءات التي أقرها المشرع على هذا المبدأ كفيلة بتحقيق هذا الهدف؟ هذا ما سنحاول توضيحه من خلال التطرق للاستثناءات الواردة على مبدأ عدم التفويت (فقرة أولى) و كذا لتقسيم أراضي الجموع (فقرة ثانية )

الفقرة الأولى : الاستثناءات القانونية على مبدأ عدم تفويت أراضي الجموع

يبدو أن تفعيل الاستثناء عن الفصل الرابع من ظهير 27 ابريل 1919 المشار إليه أعلاه أمر ضروري، وذلك بتطبيق مقتضيات الفصل 11 من ظهير 27 ابريل 1919 الذي ينص على “أن اقتناء عقار جماعي من طرف الدولة أو الجماعات أو المؤسسات العمومية أو الجماعات الأصلية يمكن انجازها خلافا لمقتضيات الفصل الرابع من ظهيرنا الشريف هذا إما بالمراضاة إذا كانت الجماعة المالكة ومجلس الوصاية متفقين على مبدأ وشروط التفويت وإما بواسطة نزع الملكية في حالة العكس”[28].

و هكذا ،فإن تفعيل هذا الاستثناء كان هو المدخل نحو إشراك الغير في استثمار الأراضي الجماعية من خلال إنجاز مشاريع ذات طابع اجتماعي في الغالب، إلا أن لا شيء يمنع من أن تكتسي هذه المشاريع طابعا اقتصاديا[29].

إلا أن هذه الصيغة من التـفويتات كانت لها العديد من السلبيات تجلت أهمها في مشكل تحديد قائمة المستفيدين من ذوي الحقوق من مقابل التفويت.لكن بالرغم من ذلك فإن هذا الاستثناء كان هو المدخل نحو انجاز أهم المشاريع والاستثمارات الكبرى التي عرفتها بلادنا كالسدود والطرق السيارة وعددا كبيرا من المشاريع السكنية الهامة، إلا أن ما يلاحظ أيضا هو محدودية مساهمة القطاع الخاص، خصوصا في برامج الإسكان بسبب عدم إمكانية تفويت الأراضي الجماعية إليهم، مما يجمد هذه الثروة العقارية المهمة ويقف عقبة في وجه استثمار هذه الأراضي وتداولها ويحرم خزينة الدولة، من مدا خيل مرتبطة بتداول تلك العقارات. مما يستدعي إعادة النظر في مبدأ عدم قابلية هذه الأراضي للتفويت وخاصة تلك الموجودة داخل مدارات الجماعات الحضرية والمناطق المحيطة بـها بإقرار قابليتها للتفويت حتى بالنسبة للخواص، مع إعادة تنظيم مسطرة التــفويت وإخضاع عملية انجاز المشاريع للمراقبة من طرف هيئة يحددها القانون[30].

الفقرة الثانية : تقسيم أراضي الجموع

تعتبر عملية التقسيم من أهم التصرفات التي يمكن أن ترد على الأراضي الجماعية ،فهي تكون إما على وجه المنفعة  خارج دوائر الري وتسمى القسمة الاستغلالية([31]) أو قسمة المنفعة أو على وجه التمليك داخل دوائر الري([32]).و سنقتصر في هذا المقال على هذا النوع الأخير من القسمة نظرا لأنه يؤدي إلى تمليك أراضي الجموع موضوع هذه القسمة و بالتالي رفع القيود التشريعية المفروضة على هذه الأراضي و التي تحد من إدخالها في دائرة التداول.

وهكذا،فبالنظر إلى السلبيات والإشكالات التي تطرحها القسمة الاستغلالية لأراضي الجموع ، ووعيا من السلطات العامة بـهذه المعوقات التي تحول دون الاستثمار الأمثل للإمكانيات المهمة التي توفرها هذه الأراضي، ومن أجل الرفع من مردودية الاستثمارات الهائلة التي  قامت بـها الدولة داخل دوائر الريفقد صدر  ظهير 25 يوليوز 1969 المتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري.[33]

وقد اعتبر المشرع المغربي- من خلال هذا الظهير- الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري ملكية  مشاعة  بين  ذوي الحقوق المتوفرين على هذه الصفة بتاريخ نشر هذا الظهير[34] .

فبحكم هذا القانون فقدت هذه الأراضي صبغتها الجماعية لتصبح ملكا مشاعا بين ذوي الحقوق الواردة أسماؤهم باللائحة التي وضعتها الجماعة النيابية والمصادق عليها من قبل وزير الداخلية والمنشورة بالجريدة الرسمية[35] .

و الملاحظ على ظهير30- 69- 1 / 1969 المشار إليه أعلاه أنه حدد طريقة خاصة لنقل الإرث تهدف إلى تفادي  تكاثر عدد الـملاكين على الشياع.و هكذا فإن  الحصة المشاعة تنتقل إلى أحد الورثة الذي يتم اختياره إما بالاتفاق مع باقي الورثة  أو بتدخل من مجلس الوصاية شريطة أن يؤدي لباقي الورثة قيمة حقوقهم.على أنه يمنع التخلي عن الحصص المشاعة  إلا لفائدة أحد المالكين على الشياع مع مراعاة مقتضيات الفصل التاسع من نفس الظهير المذكور الذي نص على أن كل مالك على الشياع سلمت إليه قطعة من ملك الدولة في إطار المرسوم الملكي بمثابة قانون رقم 66-267 الصادر بتاريخ 04/07/1966 يجب عليه التخلي لفائدة الدولة عن حصته في الملك الشائع، وهو ما سيجعل الدولة تقايض هذا المستفيد في حصته وتدخل  كمالك على الشياع مع أفراد الجماعة مع ما يترتب عن هذه الوضعية من سلبيات[36].

ومن ناحية أخرى فقد سمح المشرع من خلال الفصلين 12و13 بإمكانية تجزئة العقار الجماعي المعني بصفة كلية أو جزئية بقرار مشترك لوزير الفلاحة ووزير الداخلية بكيفية تساعد على منح كل ذي حق قطعة أرضية تعادل مساحتها حصته على الشياع. ويجب  أن تؤدي هذه التجزئة إلى خلق مؤسسات استغلال  تعادل مساحتها خمس هكتارات على الأقل. و بعد ذلك يصبح صاحب هذه القطعة بعد تسليمها له مالكا لها.([37]) أما إذا كان من شأن عملية التقسيم المشار إليها أعلاه أن تؤدي إلى إحداث مؤسسات استغلال فلاحيه تقل مساحتها عن خمس هكتارات فإن التجزئة لا تشمل عند الاقتضاء إلا جزء العقار المطابق لحصص المالكين على الشياع والذي تعادل مساحته خمس هكتارات على الأقل ويبقى الجزء الآخر من العقار على الشياع لذوي الحقوق غير الأفراد المسلمة  إليهم قطع أرضية[38].

و بناء عليه فقد تحول حق الملكية من خلال الظهير المشار إليه أعلاه ، من ملكية جماعية ،لا يكون فيها لذوي الحقوق إلا حق الاستغلال، إلى ملكية مشاعة ، يتمتع فيها ذوي الحقوق بملكية تامة مشاعة فيما بينهم ، ثم بعد ذلك أضحت ملكية تامة مفرزة ، يتمتع فيها كل فرد من ذوي الحقوق بملكيته الفردية و الخاصة.[39].

ويترتب على هذا التحويل تجريد الجماعة النيابية ومجلس الوصاية من أي  تدخل في إسناد التصرف أو إسقاطه، إذ أصبح اختصاص الجماعة النيابية منحصرا في وضع لائحة ذوي الحقوق، في حين اقتصر اختصاص مجلس الوصاية في البت في الطعون الموجهة إلى لائحة ذوي الحقوق وتعيين الفرد الذي ينبغي أن تسلم إليه القطعة في حالة وفاة أحد المالكين  على الشياع عند عدم حصول اتفاق بين الورثة على تعيين أحدهم[40] .

وبالرغم من الإيجابيات التي جاء بـها ظهير30-69-1 / 1969 المتعلق بالأملاك الجماعية الواقعة داخل دوائر الري، ورغم الجهود المبذولة من الأجهزة الإدارية المختصة (الداخلية- الفلاحة- السلطات الإقليمية المعنية- المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي…) فإن النتائج المحصل عليها منذ صدور الظهير لا ترقى إلى تقديرات السلطات العامة وانتظارات المستغلين لهذه العقارات . وذلك لعدة اعتبارات أهمها:

  • عدم مطابقة المقتضيات المتعلقة بالإرث الواردة في هذا الظهير مع القواعد الشرعية المحددة للميراث، لذلك يتعين تعديلها لتكون مطابقة لمقتضيات الإرث المنصوص عليها في مدونة الأسرة ، أو العمل بدلا منها بنظام قسمة المهاياة الزمانية أو المكانية[41].

وتجدر الإشارة أن إشكالية الإرث في الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري تطرح بحدة  بالنظر لوجود صعوبات عملية ومسطرية تعيق تطبيق الفصل الثامن من ظهير 1969، ذلك أنه في حالة وفاة أحد المالكين على الشياع، يصعب الحسم بصفة عادلة في تعيين الوارث الذي ستسلم له القطعة وكيفية تحديد مبلغ التعويض وشروط أدائه لباقي الورثة، ويعزى ذلك إلى غياب معايير مضبوطة  للفصل بين كافة الورثة  بالنظر لقصور الفصل 8 من الظهير و عدم تحديد معايير اختيار الوارث الذي سيمنح حق الاستفادة من القطعة من بين كافة الورثة. ومن أجل تجاوز هذه الصعوبات، عملت سلطة الوصاية على إحداث لجنة محلية تتكون من (ممثلي الوصاية- قسم الشؤون القروية بالعمالة- السلطة المحلية- نواب الجماعة السلالية المعنية) وبحضور الورثة المعنيين وذلك في أفق إيجاد حلول توفيقية بين الورثة تطبيقا للدورية الوزارية رقم 37 الصادرة بتاريخ 25 مايو 2007[42].

  • المنع من تفويت الحصص المشاعة المنصوص عليه في الفصل السابع لأنه يشكل تقييدا لحق الملكية، ويتناقض مع الصفة التي أضفاها الفصل الثامن على ذوي الحقوق عندما اعتبرهم ملاكين على الشياع.
  • عدم إقرار إجبارية التحفيظ بالنسبة لهذه الأراضي لتسهيل العمليات الواردة عليها وضبطها على غرار ما تم إقراره بالأراضي الواقعة بمناطق ضم الأراضي.
  • غياب حلول قانونية تتعلق ببعض الحصص المشاعة التي تم تفويتها لأشخاض أجانب عن الجماعة و بمبالغ مالية كبيرة جدا وأقاموا عليها تجهيزات مهمة أصبح معها من الصعب إفراغهم منها.
  • الإشكال القانوني الكبير المتعلق بتجزئة الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري و المتمثل في وجود فراغ قانوني في طريقة تجزيئ هذه العقارات.ذلك أن المشرع نص على أن هذه العقارات تصبح مملوكة على الشياع بين ذوي الحقوق ، و بعد ذلك يتم تقسيمها إلى قطع مفرزة و إفراد كل مالك على الشياع بقطعته المفرزة شريطة أن لا تقل مساحة هذه القطعة عل خمسة هكتارات.لكن عملية التقسيم كما هي منصوص عليها في هذا الظهير لا تستجيب للضوابط القانونية المتعلقة بتقسيم العقارات و فرزها في حالة الشياع.فكما هو معلوم فتقسيم رسم عقاري مملوك على الشياع إلى قطع مفرزة سوف يترتب عليه استخراج رسوم عقارية خاصة بكل قطعة مفرزة، لكن هذه الرسوم العقارية المستخرجة سوف تؤسس في اسم جميع المالكين على الشياع في الرسم العقاري الأم ، وهذا الأمر سيؤدي إلى أن الرسوم العقارية المستخرجة ستكون في ملكية جميع ذوي الحقوق للجماعة السلالية المعنية.و إذا أراد كل واحد منهم أن يتملك رسمه العقاري لوحده فيجب عليه أن يحصل على تنازل جميع المالكين على الشياع المقيدين معه في الرسم العقاري ،وهذا أمر مستحيل التطبيق على الواقع.فبالرجوع إلى الظهير المشارإليه أعلاه نجده ينص في فصليه 12 و 13 على إمكانية تجزيئ العقار الجماعي لقطع مفرزة بناء على قرار مشترك لوزيري الداخلية و الفلاحة ، ولم ينتبه واضع النص إلى الحلقة المفرغة في عملية التقسيم وهي في اسم مَن سيتم تأسيس الرسم العقاري المستخرج هل في اسم المستفيد مباشرة، وهذا أمر مستحيل لأن الرسم العقاري الأم في ملكية جميع ذوي الحقوق على الشياع بينهم، أم في اسم جميع المالكين على الشياع ، وهنا سنبقى ندور حول أنفسنا و يتم الرجوع إلى الملكية الشائعة و لا ننتقل إلى الملكية الفردية.

ولعل هذا الإشكال من أبرز الإشكالات التي كانت تعيق تطبيق ظهير30-69-1 / 1969 على أرض الواقع. لذلك فلا مناص من تدخل المشرع لتجاوز هذا الإشكال القانوني الدقيق الذي يعيق تطبيق هذا الظهير و ذلك من خلال التنصيص على أن العقارات الجماعية الواقعة داخل دوائر الري تملك لذوي الحقوق بناء على عقود إسناد من طرف الجماعة السلالية المعنية و وزارة الداخلية لفائدة المستفيد، على اعتبار أن العقار يكون في ملكية الجماعة السلالية ، و بالتالي يجب أن تنتقل الملكية من هذه الجماعة مباشرة إلى المستفيد تحت مراقبة وزارة الداخلية دون ضرورة اللجوء إلى الملكية الشائعة لأنها تؤدي إلى تحول الملكية من الجماعة السلالية إلى كافة ذوي الحقوق ، وهذه الوضعية تجعل من عملية التقسيم الفردية صعبة بل مستحيلة من الناحية القانونية.

وهكذا يتضح أن النظام القانوني لأراضي الجموع في هذا الشق سواء المتعلق بتفويت هذه الأراضي أو المتعلق  بتقسيمها و تمليكها لذوي الحقوق ، مازالت تعتريه بعض النواقص التي يتعين على المشرع التدخل لتنظيمها بشكل محكم يكون هدفه الأساسي هو إدخال هذا الكم الهائل من هذه الأراضي في دائرة التداول من أجل تشجيع الاستثمار و تحقيق التنمية الشاملة المنشودة من طرف الجميع.

خلاصة القول، إن دراسة هذا الموضوع و بسط كل الإشكالات القانونية المرتبطة به ومحاولة إيجاد الحلول الناجعة لها ، يشكل أهمية بالغة ، لأنه سيساعد الدولة، في تحديد معالم السياسة العقارية للمملكة بهذا الخصوص، تنفيذا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده الواردة في الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية المنظمة في الصخيرات بتاريخ 8 و 9 دجنبر 2015 في موضوع : “السياسة العقارية للدولة و دورها في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية”.حيث أجمع المشاركون في هذه المناظرة أن الرسالة الملكية تعتبر خارطة طريق لإصلاح شامل لقطاع العقار في إطار سياسة واضحة المعالم تأخذ بعين الاعتبار مختلف الأبعاد.ومن أهم مضامين هذه الخارطة الواردة في الرسالة الملكية نشير إلى ما يلي:

  • إصلاح نظام الأراضي الجماعية، واستثمار و ترصيد نتائج الحوار الوطني يشأنها و مخرجاته الأساسية لتأهيل أراضي الجماعات السلالية لتساهم بنصيبها في النهوض بالتنمية وجعلها آلية لإدماج ذوي الحقوق في هذه الدينامية الوطنية، وذلك في إطار مبادئ الحق و الإنصاف و العدالة والاجتماعية؛
  • تضافر الجهود من أجل إنجاح عملية تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دوائر الري لفائدة ذوي الحقوق مع مجانية هذا التمليك؛
  • تسريع وثيرة تصفية الوضعية القانونية للأراضي الجماعية بهدف توقير مناخ ملائم لدمج أمثل لهذه الأراضي في مسلسل التنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد؛
  • إعادة النظر في الإطار القانوني و المؤسساتي المنظم للأراضي الجماعية و تبسيط المساطر لتدبير أنجع لهذا الرصيد العقاري.

يتبين من خلال ما سبق أن الإرادة الملكية السامية تتجه نحو إدخال هذا الرصيد العقاري الهائل في الدورة الاقتصادية وجعله من جهة ، أرضية لإنجاز المشاريع الاقتصادية والاجتماعية الكبرى التي يسهر عليها جلالته، ومن جهة أخرى محفزا للمستثمرين الوطنيين و الأجانب لإنجاز مشاريعهم الاستثمارية، بهدف الرقي بهذا البلد و جعله في مصاف الدول المتقدمة.  غير أن الوضعية التي تعرفها أراضي الجموع سواء من حيث نظامها القانوني أو تسييرها، أو كيفية استغلالها يجعل هذا الرصيد العقاري الهام يعرف جمودا يحول دون التنمية المنشودة، ويشكل عائقا كبيرا من معيقات الاستثمار في هذه الأراضي.

لذلك فإن البحث عن الحلول الناجعة، والكفيلة بتحقيق هذه الأهداف الكبيرة هو لا شك من صميم انشغالات الدولة باعتبارها أهم متدخل في تنفيذ السياسة العقارية. وهذه الدراسة حاولت إيجاد حلول و اقتراح أفكار من شأنها إدخال أراضي الجموع في دائرة التداول في أفق تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يتوخاها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

ولا شك أن إيجاد الحلول لمختلف المشاكل التي تتخبط فيها أراضي الجموع من خلال التسوية القانونية لهذه الأراضي، سوف يترتب عليه بالتبعية إدخال هذه العقارات في دائرة التداول. وهو الأمر الذي سيؤدي حتما إلى الرفع من مداخيل الدولة، جراء تحرير هذا الرصيد العقاري الهائل من الجمود الذي ظل كاتما على أنفاسه لمدة تزيد عن قرن من الزمن.

وهكذا ،فإن إدخال الرصيد العقاري لأراضي الجموع في دائرة التداول من خلال تمليك هذه الأراضي و جعلها ملكا خاصا يجوز بيعه و قسمته و تجزئته ، وكذا الرفع من وتيرة تحفيظ أراضي الجموع غير المحفظة، سوف يشجع المستثمرين على اقتناء هذه الأراضي و إنجاز مشاريع استثمارية تعود بالنفع الكبير على الجميع.بل إن الواقع يبين أن أصحاب رؤوس الأموال يشترون فعلا هذه الأراضي من ذوي الحقوق بشكل مخالف للقانون و بعقود عرفية و عدلية أحيانا و ينجزون عليها مشاريعهم الاستثمارية. وكل هذه العمليات من بيع و تحيين الرسوم العقارية لهذه الأراضي لا تستفيد منها الدولة،مع العلم أن هذه البيوعات و المشاريع المنجزة فوق هذه الأراضي تكون ذات قيمة مالية كبيرة. لذلك كان من الضروري البحث عن الطرق الكفيلة باستفادة الدولة من هذه المداخيل المالية المهمة.وهذا ما حاولت هذه الدراسة البسيطة البحث فيه من خلال إبراز الإشكالات القانونية التي يثيرها النظام القانوني لأراضي الجموع، ومحاولة اقتراح بعض الحلول الكفيلة بالتغلب على مختلف العوائق و الحواجز التي تقف أمام إدخال هذه الأراضي في دائرة التداول و تشجيع الاستثمار.

و الله ولي النعمة و التوفيق


[1]– رقية واحمان: “خصوصيات قضايا التحفيظ  العقاري بالمغرب” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون المدني جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية  والاجتماعية مراكش السنة الجامعية 2000-2001 ص 1و2

[2]– وهذه الأملاك الجماعية تختلف اختلاقا عميقا عن ممتلكات الجماعات المحلية بالرغم من الخلط الذي يقع فيه بعض أعضاء المجالس القروية عند إلحاحهم أثناء بعض المداولات العادية أو الاستثنائية لمجالسهم على تفويت أراضي جماعية لفائدة الخواص أو استغلال مقالع أو محافر رملية تقع فيها.وهذا ما دفع وزارة الداخلية لإصدار عدة دوريات من أجل رفع هذا اللبس، منها الدورية رقم 809 بتاريخ 13 ابريل 1963 و الدورية رقم 248 بتاريخ 31 غشت 1978،و الدورية رقم 3 بتاريخ 3 يناير1979. دليل أراضي الجموع – مديرية الشؤون القروية – وزارة الداخلية.

[3] – ظهير 27 أبريل 1919 المتعلق بتنظيم ولاية الدولة على الجماعات الأهلية و في ضبط تدبير الأملاك المشتركة بينها و تفويتها . منشور في الجريدة الرسمية عدد 329 بتاريخ 20 ذي القعدة 1337 الموافق 18 غشت 1918 كما تم تتميمه و تعديله.

[4] – هذه الإحصائيات وردت في كتاب حول المناظرة الوطنية للأراضي الجماعية المنظمة بتاريخ 5 و 6 دجنبر 1995 الذي نشرته مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية بدون تاريخ ص 1.كما وردت هذه الإحصائيات كذلك في تقرير البنك الدولي حول المغرب لسنة 2008

Rapport n 49970- MA Document de la banque mondiale : « Marchés fonciers pour la croissance économique au Maroc »31 mai 2008.Secteur Financier et Secteur privé Groupe Développement Economique et Sociale Région Moyen – Orient et Afrique du Nord.p7  

[5] – الكلمة التي افتتح بها السيد إدريس البصري وزير الداخلية سابقا، أشغال المناظرة الوطنية حول أراضي الجموع المنعقدة بالرباط يومي 5 و6 دجنبر 1995 م س، ص 10

[6] – الكلمة التي ألقاها السيد حسن أبو أيوب وزير الفلاحة سابقا خلال المناظرة الوطنية حول أراضي الجموع م س ،ص 45.

[7] – تتجلى هذه العوائق في التكاليف المالية الكبيرة التي كانت تتطلبها هذه المسطرة، و لعدم توفر مصالح المحافظة العقارية في ذلك الوقت على الإمكانيات المادية و البشرية لمباشرة تحفيظ هذه الأراضي، على اعتبار أن أراضي الجموع في غالبيتها عبارة عن مساحات كبيرة جدا تفوق مئات الهكتارات للجماعة الواحدة.

[8]– ظهير 18فبراير 1924 في شأن تأسيس ضابط خصوصي يتعلق بتحديد الأراضي المشتركة بين القبائل منشور بالجريدة الرسمية عدد 569/570 بتاريخ 25 مارس و فاتح أبريل 1924 كما وقع تغييره و تتميمه.و تجدر الإشارة إلى أن مسطرة التحفيظ المنصوص عليها في هذا الظهير تطبق على الأراضي الجماعية التي تفوق مساحتها 500 هكتار،أو الأراضي التي يمكن ضم بعضها إلى بعض لتصبح ذات مساحة تتجاوز500 هكتار،لتبقى الأراضي التي تقل مساحتها عن 500 هكتار خاضعة لمسطرة التحفيظ العادية المنصوص عليها في ظهير12 غشت 1913.

[9]– ذ. محمد بوجيدة ” مسطرة تحديد الأملاك العامة الجماعية” مقال منشورة بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد مزدوج 38-39 ماي – غشت 2000 ص 165. 

[10]– عبد الإله المرابط ” إلغاء مطلب التحفيظ لعدم متابعة المسطرة”  رسالة النيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال- الرباط. السنة الجامعية 2005-2006. ص12

[11]– الفقرة الثانية من الفصل 3 من ظهير 18 فبراير 1924 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية

[12]– الفقرة الأولى من الفصل 3 من ظهير 18 فبراير 1924 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية

[13]– تجدر الإشارة أن هذه العملية تعتبر من الأهمية بما كان لكونها تتم باللغة العامية المفهومة لدى عامة الناس ولا تحتاج لا لمعرفة القراءة ولا للوعي والاهتمام وهذا يعني أن تقنية التبراح في الأسواق تؤدي فعلا وظيفة إعلام الناس وإعلام الغير بعمليات التحديد.

[14]– الفقرة الثانية من الفصل 5 من ظهير 18 فبراير 1924.

[15]– للإشارة فإن إيداع التصميم ومحضر التحديد لدى المحافظة العقارية التابع العقار لدائرة نفوذها إنما يتم على سبيل الإخبار فقط لتفادي إيداع أي مطلب للتحفيظ يقع وعائه داخل الوعاء العقاري الجماعي موضوع التحديد الإداري حيث يتعين إلغاؤه ما عدا المطالب التأكيدية للتعرض، مما يستدعي إبداء ملاحظات حول بعض الممارسات بالمحافظات العقارية التي تقوم بتسليم شواهد الملكية لفائدة الجماعات السلالية التي لا تتوفر على رسوم عقارية و إنما فقط على تحديد إداري مصادق عليه أحيانا و غير مصادق عليه أحيانا أخرى.

[16]– نشير إلى أن المطلب التأكيدي للتعرض  يثير عدة صعوبات عملية لدى المحافظة العقارية تتوضح من وجهتين:

– أن التعرض عامة على مطلب التحفيظ العادي لا يقتضي من المحافظ مناقشة حجج المتعرض لأن ذلك من اختصاص المحكمة بينما التعرض على التحديد الإداري يأتي في صيغة مطلب التحفيظ مما يستدعي من المحافظ دراسة الوثائق المدعمة لهذا المطلب من حيث صحتها  مضمونا وشكلا وهو ما يحيل على عدم تساوي المراكز القانونية لدى المتعرضين على التحديد الإداري والمتعرضين على مطالب التحفيظ العادية.

– الصعوبة الثانية تثار بشأن مدى إمكانية قبول تعرض على مطلب التحفيظ التأكيدي الذي تقدم به المتعرض على التحديد الإداري فإذا كان تعرضا فإنه لا يمكن قبول تعرض على تعرض وإذا اعتبر بأنه مطلب تحفيظ فهل يمكن قبول تعرض على هذا المطلب؟  

[17]– هذه الإحصائيات مأخوذة من اتفاقية الشراكة الموقعة بين وزارة الداخلية والوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية المؤرخة في 22 شتنبر 2010.

[18]– الفصل الثاني من الإتفاقية المشار إليها أعلاه.

[19]– عبد الواحد سليوي:أراضي الجماعات السلالية بين التقييد التشريعي و ضرورة التنمية – رسالة لنيل شهادة الماستر- كلية الحقوق مكناس السنة الجامعية 2010/2011 ص 69.

[20]– ” محمد مومن ” : معيقات الاستثمار في أراضي الجموع ” مقال منشورة بكتاب -أراضي الجماعات السلالية بالمغرب – منشورات مجلة الحقوق المغربية سلسلة ” الأنظمة والمنازعات العقارية ” العدد الأول الطبعة الأولى 2010 ص 103

[21]– محمد مومن المرجع نفسه ص 106.

[22]– محمد مومن المرجع نفسه ص 106.

[23]– يسمى هذا المطلب بمطلب التحفيظ التأكيدي ، على اعتبار أنه يأتي لتأكيد التعرض الذي سبق للمعني بالأمر التصريح به لدى اللجنة المكلفة بالتحديد الإداري.أو لدى السلطة المحلية.

[24]– ينص الفصل 29 ظهير التحفيظ العقاري  ” بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، و لو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق، شريطة أن لا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية….”.

[25]– محمد مومن م س، ص 107.

[26]– محمد مومن م س، ص 103 و مايليها.

– عبد الواحد سليوي: أراضي الجماعات السلالية بين التقييد التشريعي و ضرورة التنمية م س، ص 69 و ما يليها.

[27]– ظهير 27 أبريل 1919 المتعلق بتنظيم ولاية الدولة على الجماعات الأهلية و في ضبط تدبير الأملاك المشتركة بينها و تفويتها . منشور في الجريدة الرسمية عدد 329 بتاريخ 20 ذي القعدة 1337 الموافق 18 غشت 1918 كما تم تتميمه و تعديله.

[28]– وفي هذا الإطار أيضا أصدر وزير الداخلية الدورية رقم 343 بتاريخ 23 أبريل 1992 تم التأكيد فيها على ضرورة تحقيق عمليات تفويت هذه العقارات لكلا الطرفين المتعاقدين وعدم شروع المقتنين في استغلالها إلا بعد الاتفاق على ثمن البيع وإجراءات نقل الملكية بعد صدور قرار مجلس الوصاية،وأضافت انه لا تقبل إلا طلبات الاقتناء التي ترمي إلى انجاز مشاريع اقتصادية واجتماعية محددة وتكون مدعمة بدراسة تقنية ومالية مع الإشارة إلى أن كل طلب اقتناء يرمي إلى تكوين رصيد عقاري على حساب ممتلكات الجماعات الأصلية يعتبر لاغيا بصفة تلقائية.دليل الأراضي الجماعية م س، ص 169

[29]  – السهل محمد ” ألأراضي الجماعية والاستثمار ” مقال منشور- بكتاب العقار والاستثماراشغال اليوم الدراسي المنظم من طرف عمالة إقليم الحوز والمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي للحوز بتعاون مع مركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية بمراكش بتاريخ 19 يونيو 2003 الطبعة الأولى 2005، ص 75 .

وفي هذا الإطار أيضا صدرت الدورية رقم 404 عن وزير الداخلية بتاريخ 11 غشت 1993 أكدت على منع انجاز أي مشروع تنوي إدارة أو مؤسسة عمومية أو جماعة محلية إحداثه فوق ارض جماعية، ما لم تتوصل بالموافقة المبدئية على التفويت لفائدتـها من طرف المصالح المركزية المكلفة بالوصاية على الجماعات الأصلية.

–  محمد مومن مرجع سابق ص 111.[30]

[31]–  والحقيقة أنه عند ما نتحدث عن القسمة ، وعن وجوبـها بالنسبة لأراضي الجموع ، فإن المقصود هنا هي قسمة الاستغلال أو قسمة المهايأة  وهو أمر منطقي  ينسجم مع طبيعة هذه الأراضي التي لا تعتبر مملوكة على الشياع بين أفراد الجماعة السلالية، بل هي مملوكة للجماعة ككل.أما أفراد تلك الجماعة فليس لهم إلا الحق في استغلال هذه الأراضي والانتفاع بـها بحرثها وزراعتها.

وبالرجوع إلى مقتضيات ظهير 27 أبريل 1919 وخاصة الفصل الرابع منه نجد أن المشرع سمح في فقرته الثانية بإمكانية تقسيم الأراضي الجماعية على وجه الانتفاع إلا انه اعتبر هذه العملية مؤقتة ولم يتطرق إلى تفاصيلها أو الوقت الذي تتحدد فيه  بل اكتفى بإشارة عامة إلى عملية التقسيم  حيث نص”…. تؤهل جمعية المندوبين لتوزيع الانتفاع بصفة مؤقتة بين أعضاء الجماعة حسب الأعراف وتعليمات الوصاية ، ويمكن أن تكون  هذه الأراضي موضوع تقسيم بناء على   طلب جمعية المندوبين أو مقرر من مجلس الوصاية يضمن بموجبه  لكل رب عائلة من العشيرة  حقا دائما في الانتفاع ضمن الكيفيات والشروط المحددة بموجب مرسوم ، وان هذا الحق غير قابل للتقادم  ولا يمكن تفويته أو حجزه إلا لفائدة الجماعة نفسها، ويجوز تبادل القطع المجزأة بين المستفيدين منها، غير أن كرائها أو الاشتراك فيها لمدة أقصاها سنتان فلاحيتان بين المستفيدين منها فقط يتوقف على إذن جمعية المندوبين….”

– محمد مومن ” معيقات الاستثمار في أراضي الجموع ” مرجع سابق ص111.[32]

[33]– ظهير شريف رقم 30- 69- 1 صادر بتاريخ 10 جمادى الأولى 1389 الموافق 25 يوليوز 1969 يتعلق بالأراضي الجماعية الواقعة في دوائر الري. منشور في الجريدة الرسمية عدد 2960 مكرر بتاريخ13 جمادى الأولى 1389 الموافق 29 يوليوز1969 ص 2018.

[34] – الفصل 2 من ظهير 30- 69- 1 / 1969

[35] –  السهل محمد مرجع سابق ص 80 .

تجدر الإشارة إلى أن ظهير30- 69- 1 / 1969   المشار إليه أعلاه  وضع مسطرة مدققة لإعداد لوائح ذوي الحقوق من طرف نائب الجماعة السلالية أو جمعية النواب وإعداد محضر تحديد المعايير لمنح صفة ذي حق (الفصل الثالث من ظهير 1969) ويجب أن يبلغ ممثل الجماعة المعنية بالأمر في أجل ستة أشهر من تاريخ نشر الظهير لائحة ذوي الحقوق إلى السلطة المحلية وإلى كل فرد من ذوي الحقوق . (الفصل الرابع من ظهير 1969) .ويعد نائب الجماعة السلالية قرارات فردية خاصة بكل طعن تقدم في شأن لائحة ذوي الحقوق المعدة للنشر.

وهكذا انطلقت عملية وضع لوائح ذوي الحقوق بمنطقة الغرب مثلا، حيث نشرت بالجريدة الرسمية منذ بداية السبعينيات لوائح تخص 135 جماعة سلالية وتضم حوالي 9737 من ذوي الحقوق بمساحة إجمالية تصل إلى 18416 هكتار. السهل محمد مرجع سابق ص 80 .

 – محمد مومن مرجع سابق ص 111 [36]

[37] –  ينص الفصل  15 من ظهير 30-69-1 بتاريخ 25 يوليوز 1969 على أنه ” يصبح كل شخص مسلمة إليه قطعة أرضية مالكا القطعة المخصصة به على إثر التجزئة المقررة بالفصل 12″

[38] – الفصل 13 من ظهير30-69-1 / 1969

[39] – محمد مومن مرجع سابق ص 112 .

[40] – المرجع نفسه ص 112 .

تجدر الإشارة إلى أن مساحة الأراضي السقوية  الموزعة على ذوي حقوق الجماعات السلالية بمنطقة الغرب الشراردة بني احسن مثلا في إطار  التجزيء بلغت 17000 هـ منها 15000 هـ صالحة للزراعة وقد بلغ ذوي الحقوق المستفيدين من العملية 5261 وتهم هذه العملية 76 جماعة سلالية بنسبة تبلغ 3% من أراضي الجموع المتواجدة بالقطاعات السقوية .هذه الإحصائيات مأخوذة من منشور للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي للغرب بعنوان معطيات عامة حول المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لسنة 2010

[41]– محمد مومن مرجع سابق ص 112

[42]– دليل نائب الأراضي الجماعية مرجع سابق ص 23-24 .