التعرض على مسطرة التحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية، إشكالاته القانونية والعملية
ذ. عبد القادر بوبكري
أستاذ باحث بكلية الحقوق بمكناس
– محافظ عقاري سابق-
مداخلة ضمن أشغال الندوة الوطنية التي نظمت من طرف المركز يومي 25 و26 نونبر 2016 تحت عنوان :”العقار والتعمير والاستثمار” بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة وذلك بمناسبة تكريم أستاذ التعليم العالي الدكتور الحسين بلحساني.
مقدمة
أراضي الجماعات السلالية هي تلك الاراضي التي ترجع ملكيتها إلى جماعات سلالية في شكل قبائل أو دواوير أو عشائر، قد تربط بينهم روابط عائلية أو روابط عرقية أواجتماعية أودينية، وحقوق الافراد فيها غير متميزة عن حقوق الجماعة، بحيث أن استغلالها يتم مبدئيا بكيفية جماعية، كما يمكن لأفراد القبيلة أن يتفقوا فيما بينهم على إجراء قسمة استغلالية[1]، وتعرف هذه الأراضي أيضا بكونها تلك التي تمتلكها بصفة جماعية مجموعات من السكان المنتمين لأصل واحد وسلالة واحدة[2].
ونظرا للأهمية التي تكتسيها أراضي الجماعات السلالية في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، دعت الرسالة الملكية الموجهة الى المشاركين في المناظرة الوطنية حول موضوع: السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية يومي 8-9 دجنبر 2015،” للعمل على تسريع وتيرة تصفية الوضعية القانونية للأراضي الجماعية، بهدف توفير مناخ ملائم لدمج أمثل لهذه الأراضي في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد”.
وحماية لهذه الأراضي من الترامي، فإن مصالح الوصاية التابعة لوزارة الداخلية تعمل على تحديد هذه الأراضي إما في إطار مسطرة التحديد الإداري طبقا لظهير12 رجب 1342(18 فبراير 1924) المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية، وإما بإتباع مسطرة التحفيظ العادية وفقا لظهير12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري.
ويقصد بالتحديد الاداري لأراضي الجماعات السلالية ، تلك العملية التي تهدف إلى ضبط الحالة المادية والقانونية لعقار يعود للجماعات السلالية والذي يكون غالبا ذو مساحة كبيرة[3]، ويخضع هذا التحديد لظهير 18 فبراير 1924، المتمم بالظهائر المؤرخة على التوالي: 16فبراير 1933، 19 أكتوبر1937،11مارس 1938 وظهير 25 شتنبر 1942 [4].
وتمر مسطرة التحديد الإداري بمجموعة من المراحل[5]، تبدأ بالإعلان عن افتتاح عملية التحديد بموجب مرسوم ينشر في الجريدة الرسمية، وتنتهي بالمصادقة على إجراءات التحديد الإداري للعقار المعني، بموجب مرسوم ينشر أيضا في الجريدة الرسمية.
ولما كان التحديد الإداري يروم ضبط الحالة الواقعية والقانونية للعقار موضوع التحديد، فإن هذه العملية قد تمس الأفراد الذين قد تكون لهم حقوق عينية على هذا العقار سواء تعلق الأمر بحق الملكية أو الحقوق العينية الأخرى المتفرعة عنه، وذلك مايقتضي صون هذه الحقوق من خلال تمكين هؤلاء الأفراد من الإعلان عن ادعاءاتهم خلال مسطرة التحديد وذلك عن طريق التعرض.
وإذا كان التعرض على مسطرة التحفيظ العادية يخضع لظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري[6]، فإن التعرض على مسطرة التحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية ، يخضع لمقتضيات قانونية خاصة منصوص عليها في ظهير 18 فبراير 1924 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية، وقد ظلت هذه المقتضيات عاجزة عن تنظيم هذه المسطرة، وهو ما جعل الإدارة الوصية على هذه الأراضي تصدر العديد من المناشير والمذكرات لسد النقص الذي عرفه هذا الظهير[7].
وعلى أي، فإن إجراءات التعرض على التحديد الإداري لأراضي الجماعات السلالية لازالت تعرف العديد من التساؤلات والإشكالات القانونية والعملية على مستوى تطبيق هذه الإجراءات من قبيل: حدود السلطة التقديرية للسلطة المحلية في رفض أو قبول التعرضات الواردة عليها ضد مسطرة التحديد الإداري؟،وإجراءات وشكليات إيداع مطلب التحفيظ التأكيدي للتعرض،وهل ينفرد هذا المطلب بخصوصيات تميزه عن متابعة مطالب التحفيظ العادية؟، وماهي حدود سلطة المحافظ على الأملاك العقارية تجاه هذا المطلب؟، وهل يجوز التعرض عليه؟.
كل هذه التساؤلات وأخرى سيتم تناولها من خلال ثلاث فقرات، نتناول في الأولى مسطرة التعرض على التحديد الإداري لدى السلطة المحلية، ونتعرض في الثانية لتدعيم التعرض عن طريق تقديم مطلب تحفيظ تأكيدي، لنتناول في الفقرة الثالثة شهادة عدم التعرض كأساس للمصادقة على التحديد الإداري.
الفقرة الأولى: مسطرة التعرض على التحديد الإداري لدى السلطة المحلية
تبدأ مرحلة التعرضات على مسطرة التحديد الإداري لأراضي الجموع بتقديمها، داخل أجل محدد للجنة المشرفة على التحديد الإداري أو للسلطة المحلية التي يوجد العقار المعني في دائرة نفوذها. غير إن مسطرة تقديم هذه التعرضات، تتسم بعدة خصوصيات تختلف تماما عن إجراءات التعرضات في إطار مسطرة التحفيظ العادية ، سواء من حيث شكليات تقديم هذه التعرضات ومؤيداتها(أولا)، أو من حيث أجلها(ثانيا).
أولا : شكليات التعرض ومؤيداته
تبعا للفصل 5 من ظهير 18 فبراير 1924 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية، يحق لكل شخص ينازع في شأن حدود العقار موضوع التحديد الإداري أو يدعي حقا في هذا العقار أن يتقدم بتعرضه لدى السلطة المحلية إذا لم يكن قد سبق له أن تعرض أمام لجنة التحديد الإداري[8]، إذ يستوي أن يقدم التعرض أمام اللجنة أو أمام السلطة المحلية، وهذا ما أقره المجلس الأعلى في قرار له ورد فيه مايلي:” يصح التعرض على التحديد الاداري سواء قدم أمام اللجنة التي قامت بانجازه أو السلطة المحلية التي وقع بدائرتها ذلك التحديد الاداري”[9].
ويقدم التعرض بموجب تصريح كتابي أو تصريح شفاهي[10]، على أنه إذا كان المشرع يشترط على المتعرض الذي يتقدم بتعرضه كتابيا أن يؤيده بالحجج والوثائق التي تثبت ادعاءه، فإن التساؤل يثار حول طبيعة هذه الحجج، وحدود السلطة التقديرية للسلطة المحلية في مراقبتها وفحصها؟، بمعنى اخر هل تملك السلطة المحلية سلطة تقديرية في رفض التعرض المقدم لديها لكونه غير مؤيد بالحجج، أو لكون الحجج المدلى بها غير كافية لاثبات حقوق المتعرض(كأن يدلي المتعرض مثلا بوثائق لاعلاقة لها بالعقار المتعرض عليه أو الادلاء برسم إراثة أو رسم قسمة علما أن هذين الأخيرين لايثبتان التملك)؟.
جوابا على هذا التساؤل نبادر إلى القول بأن العبارة التي أوردها المشرع في الفصل الخامس من الظهير المذكور تفيد أن تأييد التعرض بالحجج شرط لازم لقبول هذا التعرض، إذ ورد في هذا النص مايلي:” أما المعارضون زيادة عما لهم من الحق في تقديم تعرضهم في نفس المكان إلى اللجنة يعطى لهم أجل مدته ستة أشهر ابتداء من نشر ماذكر من إيداع التقرير في الجريدة الرسمية لكي يقدموا إلى النائب المحلي عن حكومة المراقبة تصريحا كتابيا يضمنون فيه موضوع اعتراضهم والحجج المستند عليها في ذلك…”.
غير أنه وبناء على الفصل الخامس نفسه، يمكن استنتاج مرونة المشرع في اشتراطه تأييد التعرض بالحجج المؤيدة له، وذلك من خلال إجازته تقديم التعرض بمجرد تصريح شفاهي ودون ضرورة تأييده بالحجج، فضلا على أن هناك مرحلة أخرى لتأكيد هذا التعرض أمام إدارة المحافظة العقارية، والتي من خلالها يمكن للمتعرض الذي لم يدلي بالحجج للسلطة المحلية أن يدلي بها للمحافظ على الأملاك العقارية .
بناء على ذلك، لاتتشدد السلطة المحلية في مراقبة التعرض من حيث الحجج والوثائق المؤيدة له، وذلك تفاديا لإثارة مسؤوليتها بتفويت فرصة التعرض من جهة، ولتجنب تدخلها في اختصاص السلطة القضائية من جهة أخرى، ومن تم تقبل السلطة المحلية التعرض على مسطرة التحديد الاداري بمجرد تقديم طلب بشأن ذلك[11].
وإذا كانت شكليات التعرض المقدم لدى السلطة المحلية غير ذات أهمية من حيث اثار الإخلال بها، فإن آجال التعرض تكتسي أهمية قصوى، وذلك ما سنراه في النقطة الموالية.
ثانيا: أجل تقديم التعرض لدى السلطة المحلية
حدد المشرع في الفصل الخامس من ظهير 12 رجب 1342 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية ، أجل تقديم التعرض للسلطة المحلية في 6 أشهر تبتدأ من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية للإعلان عن إيداع محضر التحديد الإداري لدى السلطة المحلية والمحافظة العقارية[12]، ويختلف هذا الأجل عن الاجال المحددة في قانون المسطرة المدنية، لكون هذه الأخيرة كاملة تخضع للقطع والوقف[13]، بخلاف الاجل المحدد للتعرض على مسطرة التحديد الاداري الذي يعد أجل سقوط لاينقطع ولايتوقف لأي سبب من الأسباب لكونه من النظام العام.
ويعد هذا الأجل قصيرا جدا خصوصا مع مراعاة وضعية الأفراد المخاطبين به، إذ أن أغلبهم من سكان البادية ومن الفلاحين، وذلك مايؤدي- في أغلب الحالات- إلى انصرام الاجل وضياع الحقوق، علما أن المشرع لم يقر منح أجل جديد للتعرض بعد انتهاء الأجل المحدد قانونا[14].
ومن حسنات العمل الإداري، أنه يشار إلى هذا الأجل في الإعلان عن إيداع محضر التحديد الإداري، وذلك لتنبيه الأفراد للأجل الذي يتعين فيه تقديم تعرضاتهم، تحت طائلة عدم القبول[15].
وإذا كانت السلطة المحلية –كما رأينا سابقا- لاتتشدد في مراقبة شكليات التعرض ومؤيداته، فإن مراقبة الأجل تعد مسألة صارمة، إذ أن المشرع جعل هذا الأجل إلزاميا، لذلك فكل تعرض ورد على السلطة المحلية خارج الأجل المحدد قانونا سيقابل بالرفض.
وهنا يثار التساؤل بشأن طالب التحفيظ الذي قام بإيداع مطلب تحفيظ في إطار مسطرة التحفيظ العادية قبل فتح مسطرة التحديد الإداري، وهل يلزم هو الاخر بتقديم تعرض لدى السلطة المحلية على العقار موضوع مطلب التحفيظ والذي فتحت بشأنه مسطرة التحديد الاداري؟.
في هذا الإطار، ومع سكوت المشرع عن هذه المسألة، يمكن القول أن الأشخاص الذين تقدموا بمطلب تحفيظ قبل انطلاق عملية التحديد الاداري، غير مطالبين بتقديم التعرض على التحديد الإداري،بل الجماعة السلالية هي التي يتوجب عليها أن تتقدم بتعرضها ضد مطالب التحفيظ التي تم إيداعها قبل إجراء التحديد الإداري، وذلك ما قضت به محكمة النقض في أحد قراراتها الذي ورد فيه مايلي:” إنه يتجلى من أوراق الملف أن مطلب التحفيظ قدم بتاريخ 22/02/1991 أي قبل صدور المرسوم بتاريخ 24/03/1992 وفي هذه الحالة فإن المسطرة المنصوص عليها في ظ ت ع هي الواجبة التطبيق على النازلة، وتعتبر لذلك صاحبة التحديد الاداري هي متعرضة وعليها اثبات ما تدعيه من حقوق على العقار المطلوب تحفيظه”[16]
ويستثنى من ذلك الحالة التي يلغى فيها مطلب التحفيظ المودع قبل فتح مسطرة التحديد الاداري وفقا للفصل 23 أو 50 من ظ ت ع [17]، إذ سيصبح مطلب التحفيظ في هذه الحالة وكأن لم يكن، مما يستوجب آنذاك على طالب التحفيظ الذي ألغي مطلبه والذي يدعي حقا في العقار موضوع التحديد الإداري، أن يتقدم بتعرضه للسلطة المحلية داخل أجل 6 أشهر وإلا سقط حقه.
الفقرة الثانية: تدعيم التعرض عن طريق تقديم مطلب تحفيظ تأكيدي
إذا كان إيداع ومتابعة مطالب التحفيظ العادية يخضع لمجموعة من الإجراءات المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري[18]، فإن الأمر يختلف بالنسبة لمطالب التحفيظ التأكيدية التي تخضع لمسطرة خاصة من حيث إيداعها ومتابعة إجراءاتها، بالإضافة لخصوصيات التعرض عليها.
ومن خلال هذه المسطرة تثار العديد من التساؤلات التي تبقى مطروحة في ظل عدم تنظيمها والإجابة عليها في ظهير 12 رجب 1342 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية، وذلك ماسيتم ملامسته من خلال تناول خصوصيات إيداع ومتابعة مطلب التحفيظ التأكيدي (أولا)، ثم تناول مدى إمكانية التعرض على هذا المطلب(ثانيا).
أولا: خصوصيات إيداع ومتابعة مطلب التحفيظ التأكيدي للتعرض
تبعا للفصل6 من ظهير 12 رجب 1342 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية[19]، يتعين على المتعرض الذي قدم تعرضه أمام اللجنة أو لدى السلطة المحلية، أن يؤكد هذا التعرض بتقديم مطلب تحفيظ تأكيدي للمحافظ على الأملاك العقارية، وذلك داخل أجل 3 أشهر الموالية لانقضاء أجل التعرضات أمام السلطة المحلية، وهذا الأجل مقرر قانونا لاينقطع ولا يتوقف.
ومن تم يترتب عن عدم تأكيد التعرض اعتبار هذا الأخير بدون جدوى وعديم الاثر، وهذا ما أقرته المحكمة الادارية بالرباط في أحد قراراتها الذي ورد فيه مايلي:”…وحيث بالرجوع إلى نازلة الحال، فالثابت من أوراق الملف أن الطاعنين وإن كانوا قد تقدموا بداية بتعرض على عملية التحديد الاداري للملك موضوع النزاع في حدود مساحة 35 هكتار لدى لجنة التحديد، إلا أنهم لم يبادروا إلى تأكيد تعرضهم بإيداع مطلب التحفيظ داخل الاجل المشار اليه أعلاه والممتد من 13/06/1996 إلى غاية 13/09/1996 تاريخ انصرام أجل قبول التعرضات، بالرغم من الرسالة الموجهة إليهم من طرف المحافظ من أجل الاسراع بإيداع ذلك المطلب والتي توصلوا بها بتاريخ 17/05/1996، الامر الذي يجعل تعرضهم عديم الاثر بعد انصرام الاجل المذكور، ويعتبر ملغى بقوة القانون…”[20]
وإذا كان للمحافظ في إطار مسطرة التحفيظ العادية، سلطة تقديرية في قبول التعرضات المقدمة خارج الاجل المحدد في الفصل27 من ظ ت ع، وذلك وفقا للاستثناء المنصوص عليه في الفصل 29 من نفس القانون[21]، فإن أجل تأكيد التعرض على التحديد الاداري غير قابل للتمديد بالرغم من كونه أجل قصير.
والمشرع لم ينظم مسطرة إيداع مطلب التحفيظ التأكيدي سواء من حيث الوضعية القانونية لصاحب هذا المطلب أوالرسوم المؤداة عنه أو الوثائق المؤيدة له أو إجراءات إشهاره وتحديده، وذلك ما أفرز العديد من الإشكالات العملية والقانونية.
في هذا الإطار، تثار مسألة الوضعية القانونية لصاحب هذا المطلب’ هل سيكون في مركز طالب التحفيظ وفقا لظهير التحفيظ العقاري، والذي يكون فيه هذا الأخير في وضعية المدعى عليه، ومن تم يلقى على عاتق الجماعة السلالية (صاحبة التحديد الإداري)، عبء الإثبات بصفتها مدعية، أم أن هذه الاخيرة هي التي تحمل صفة المدعى عليه ويكون صاحب مطلب التحفيظ التأكيدي هو المدعي الذي يلقى عليه عبء إثبات ادعائه؟.
بالرجوع لظهير 12 رجب 1342 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية، نجد أن المشرع لم ينظم هذه المسألة، بينما العمل القضائي استقر على وضع صاحبة التحديد الإداري في مركز المدعى عليه، وصاحب مطلب التحفيظ التأكيدي في مركز المدعي(المتعرض)، وهذا ما أقره المجلس الأعلى في أحد قراراته الذي ورد فيه مايلي:”…في حين أن النزاع في النازلة يتعلق أساسا بتعرض المطلوب على مسطرة التحديد الاداري لعقار النزاع المقام من طرف الطاعنة مما يجعلها في مركز المدعى عليها، وأن تقديم مطلب التحفيظ من طرف المطلوب في النقض إنما هو شرط لقبول تعرضه على التحديد المشار إليه طبقا للفصل 6 من ظهير 18/02/1924، وبالتالي فهو المدعي الذي يقع عليه إثبات تعرضه الأمر الذي يعتبر معه القرار بالتعليل أعلاه قد قلب عبء الاثبات فجاء بذلك عديم الأساس القانوني مما عرضه بالتالي للنقض والإبطال”[22]
ومن التساؤلات التي تثار أيضا، حدود سلطة المحافظ في مراقبة الوثائق التي يدلى بها عند تقديم مطلب التحفيظ التأكيدي، أي هل يلزم طالب التحفيظ بالإدلاء بالوثائق التي يستوجبها المشرع عند تقديم مطلب تحفيظ في إطار مسطرة التحفيظ العادية[23]؟،وهل يحق للمحافظ أن يتخذ قرارا برفض مطلب التحفيظ التأكيدي لعدم كفاية الحجج والمستندات وفقا للفصل 37 مكرر من ظ ت ع؟.
أمام غياب جواب قانوني حول هذه المسألة، لايتشدد أغلب المحافظين في مراقبة الوثائق المدلى بها تأييدا لهذا المطلب، باستثناء الشهادة الإدارية التي تثبت تقديم التعرض للسلطة المحلية أو للجنة التحديد الإداري التي يتعين الإدلاء بها تحت طائلة رفض إدراج هذا المطلب[24].
ويبقى التساؤل مطروحا بشأن الرسوم التي تؤدى عن هذا المطلب، هل تخضع للرسوم المؤداة عن إيداع مطلب التحفيظ في إطار مسطرة التحفيظ العادية أم تخضع لتعريفة الرسوم المؤداة عن التعرض على مطلب التحفيظ ؟.
بالرجوع إلى القانون المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية[25] والمرسوم المتعلق بتحديد تعرفة رسوم المحافظة العقارية، نجدهما لايقدمان حلا مباشرا لهذه المسألة، وذلك ماأدى إلى بروز اختلاف على مستوى الممارسة العملية بين المحافظين على الأملاك العقارية إلى أن تم حسم ذلك من خلال دورية المحافظ العام التي أقرت أن مطالب التحفيظ التأكيدية تبقى خاضعة للقواعد العامة لأداء الرسوم المتعلقة بإيداع مطالب التحفيظ العادية[26].
وأعتقد بأن التوجه الذي أقرته هذه الدورية فيه إجحاف كبير في حق صاحب مطلب التحفيظ التأكيدي، إذ أن مطلبه وإن كان من حيث الشكل يأخذ صفة مطلب تحفيظ إلا أنه من حيث الموضوع يبقى مجرد تعرض على مسطرة التحديد الإداري، لذلك ينبغي أن تطبق عليه الرسوم المؤداة عن التعرض والمتمثلة في الوجيبة القضائية وحقوق المرافعة، وهذا ماينسجم مع الصياغة التي أوردها المشرع في الفقرة الأخيرة من الفصل السادس من القانون المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية والتى وصفت صاحب مطلب التحفيظ التأكيدي بكونه متعرض.
وإذا كان جانب من الفقه[27]، قد دعا إلى إعفاء صاحب مطلب التحفيظ التأكيدي من الرسوم على غرار ما اقره المشرع بالنسبة لطالبي التحفيظ في مسطرة ضم الأراضي القروية ومسطرة التحفيظ الجماعي، فأعتقد أن استعمال القياس هنا ليس في محله لكون مطلب التحفيظ التأكيدي يعتبر بمثابة تعرض على مسطرة التحديد الاداري، على عكس مطلب التحفيظ في إطار المسطرتين المذكورتين والذي لايحمل صفة التعرض، بل أقر المشرع مجانية إيداعه بهدف تشجيع عملية تحفيظ هذه الأملاك.
وما تجب الإشارة إليه أيضا في هذا الإطار، هو أنه إذا كان المشرع في الفقرة الأولى من الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري قد أشار إلى إمكانية حصول المتعرض على المساعدة القضائية وفقا لقواعد قانون المسطرة المدنية، فإن ظهير18 فبراير1924 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية لم يشر إلى هذه المسألة، وهو مايدفعنا إلى التساؤل حول مدى إمكانية طالب التحفيظ في مطلب التحفيظ التأكيدي سلك هذه المسطرة طالما أنه هو الأخر يعتبر متعرضا ومدعيا ضد مسطرة التحديد الإداري؟.
أمام سكوت المشرع عن هذه المسألة، ونظرا لكون أجل تقديم هذا المطلب محددا في أجل قصير قدره ثلاثة أشهرغير قابل للتمديد، ونظرا لكون المحافظ على الأملاك العقارية- كما سلف الذكر- لايقبل إيداع هذا المطلب مالم يؤد المتعرض الرسوم الواجب أداؤها، وخوفا من فوات هذا الاجل فإن سلك مسطرة طلب المساعدة القضائية في هذه الحالة أمر غير ممكن.
ومن الإشكالات التي يثيرها أيضا مطلب التحفيظ التأكيدي، مسطرة إشهاره وتحديده، فهل يخضع للإجراءات المطبقة على مطالب التحفيظ العادية؟[28]
في هذا الإطار، أثير اختلاف بين المحافظين حول المسطرة المطبقة على مطلب التحفيظ التأكيدي، وذلك مادفع بالمحافظ العام إلى إصدار دورية في هذا الشأن لتجاوز هذا الاختلاف، ومما ورد في هذه الدورية مايلي:” يترتب عن إيداع مطالب التحفيظ التأكيدية من طرف المتعرضين على التحديد الاداري المعني، خضوعها لكافة إجراءات مسطرة التحفيظ طبقا لمقتضيات ظهير التحفيظ العقاري المؤرخ في 12 غشت 1913 من إشهار وتحديد”.[29]
وتجدر الإشارة أيضا أن العقار موضوع مطلب التحفيظ التأكيدي، يثير مسألة مدى جواز خضوعه للتصرفات القانونية من بيع أو هبة أو رهن، ومدى جواز إيداع هذه التصرفات بسجل التعرضات طبقا للفصل 84 من ظ ت.ع أو نشرها في خلاصة إصلاحية طبقا للفصل 83 من نفس الظهير[30]؟.
على مستوى العمل الاداري، يلاحظ اختلاف بين المحافظين بشأن هذه المسألة، فمنهم من يعتبر هذا المطلب بمثابة تعرض، فيعمد إلى إجراء تحديده ثم إحالته على المحكمة المختصة للبت فيه، ومنهم من يعتبره مطلبا للتحفيظ شأنه في ذلك شأن مطالب التحفيظ العادية، فيقبل إدراج جميع التصرفات الواردة عليه من رهن وبيع وهبة[31] .
وفي ضوء هذين التوجهين، أعتقد أن منطوق الفصل الثالث من ظهير 1924[32]، يفيد أن العقار موضوع التحديد الإداري لايقبل جميع التصرفات كيفما كان نوعها خلال فترة المنع الممتدة من تاريخ نشر قرار الإعلان عن افتتاح عملية التحديد الاداري بالجريدة الرسمية وإلى حين المصادقة عليه، وبالتالي لايحق للمتعرض أن يتصرف في الحق الذي يدعيه خلال هذه الفترة، وإلا عد باطلا ومن تم لايقبل إدراجه بالمطلب التأكيدي سواء في إطار الفصل 83 أو الفصل84 من ظ ت ع [33].
ثانيا: مدى إمكانية التعرض على مطلب التحفيظ التأكيدي
بعد إيداع مطلب التحفيظ التأكيدي للتعرض، تثار مسألة مدى إمكانية قبول التعرضات المقدمة ضده، خصوصا وأن هذا المطلب هو في ذاته تعرض على التحديد الإداري؟.
نظرا لكون المشرع لم يتطرق لهذه المسألة، فقد برز توجهين مختلفين في هذا الشأن:
التوجه الأول[34]: يرى بعدم قبول التعرضات الواردة على مطلب التحفيظ التأكيدي مبررا موقفه بالمبررات التالية:
– إن مطلب التحفيظ التأكيدي هو في حد ذاته تعرض، ولايسوغ تقديم تعرض على تعرض سابق.
– إن قبول التعرض على مطلب التحفيظ التأكيدي فيه تحايل وإخلال بالأجل المحدد قانونا لتقديم التعرضات على التحديد الإداري، ومن تم فإن كل شخص فاته هذا الأجل سيتقدم بتعرضه على المطلب التأكيدي.وهو مايمكن اعتباره تعرضا من الباطن على التحديد الاداري.
وبخلاف هذا التوجه، نجد رأيا أخر أقره المحافظ العام من خلال أحد دورياته، التي اتجه فيها إلى جواز التعرض على مطالب التحفيظ التأكيدية، مستندا في ذلك على مجموعة من المبررات يتجلى أهمها فيما يلي:
– إن الآجال المنصوص عليها في ظهيري 3يناير 1916 المتعلق بتحديد أملاك الدولة و18 فبراير 1924 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية، وضعت لحماية الدولة أو الجماعة المعنية بالتحديد الإداري، أما التعرضات ضد مطالب التحفيظ التأكيدية فتكون في مواجهة طالب التحفيظ.
– إن المشرع، بمقتضى نظام التحفيظ العقاري، لايحمي المتعرض الذي حكم القضاء بصحة تعرضه ضد مسطرة تحفيظ عقا رفي إطار المسطرة العادية، بدليل أنه سمح للمحافظ بإمكانية قبول التعرضات ضد مطلب التحفيظ الذي يمكن أن يتقدم به طبقا لمقتضيات الفصل 37 من ظهير 12 غشت 1913، خلال أجل أربعة أشهر من تاريخ نشر خلاصة المطلب، وقياسا على ذلك فإن المشرع لايمكن أن يذهب في منحى حماية المتعرض ضد مسطرة التحديد الاداري من إمكانية تقديم تعرضات ضد مطلب التحفيظ التأكيدي المقدم من طرفه[35].
– لايوجد في الظهيرين المذكورين أعلاه ما يمنع قبول التعرضات ضد مطالب التحفيظ التأكيدية، كما أنهما لم يتطرقا لإجراءات خاصة تطبق بالنسبة لتلك المطالب، مما يستفاد منه أنها تظل خاضعة لقواعد المسطرة العادية للتحفيظ المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري بما في ذلك إمكانية قبول التعرضات[36].
وفي ختام هذه الدورية حث المحافظ العام السادة المحافظين على قبول التعرضات ضد مطالب التحفيظ التأكيدية متى استجابت للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913، مع تأكيده على ضرورة تنبيه المحكمة المحال عليها هذه المطالب إلى مايلي:
- البت بداية في تعرضات طلاب التحفيظ في مواجهة الدولة أو الجماعة السلالية المعنية بالتحديد الإداري.
- وعلى ضوء مال التعرضات المشار إليها أعلاه، يتم البت في التعرضات المودعة في مواجهة طلاب التحفيظ على النحو التالي:
في حالة الحكم بعدم صحة تعرض طالب التحفيظ ضد مسطرة التحديد الاداري، ينتهي نظر المحكمة عند هذا الحد ولا تلتفت إلى باقي التعرضات، لكونها موجهة ضد طالب التحفيظ دون غيره.
وفي حالة الحكم بصحة تعرض طالب تحفيظ ضد التحديد الاداري، تنظر المحكمة بعد ذلك في التعرضات الموجهة ضده بصفته طالب تحفيظ طبقا لمقتضيات ظهير 12 غشت 1913.
وفي هذه الحالة الأخيرة يتغير المركز القانوني لطالب التحفيظ من مدعي في مواجهة التحديد الإداري إلى مدعى عليه في مواجهة باقي المتعرضين الذين ينازعونه في العقار موضوع الطلب، ومن تم يمكن للمحكمة أن تنظر في التعرضات الموجهة ضد مطالب التحفيظ على إثر تغيير مركزه القانوني من مدعي إلى مدعى عليه، لكون مطلب التحفيظ التأكيدي، بعد إحالته من طرف القضاء على المحافظ على الأملاك العقارية لم يعد موجها ضد التحديد الإداري[37]
الفقرة الثالثة : شهادة عدم التعرض كأساس للمصادقة على التحديد الإداري
عملا بمقتضيات الفصل الثامن من ظهير 12 رجب 1342 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية، فإن المصادقة على هذا التحديد تتم بموجب مرسوم ينشر في الجريدة الرسمية،إذ من خلاله يتم تحديد الوضعية المادية والقانونية للعقار المحدد تحديدا إداريا وبشكل نهائي[38].
غير إن اتخاذ قرار المصادقة رهين بالحصول على شهادة يسلمها المحافظ على الأملاك العقارية، فما مضمون هذه الشهادة وما مسؤولية المحافظ تجاهها[39]؟(أولا)، وما هي الحجية القانونية لقرار المصادقة، وما مدى إمكانية الطعن فيه؟(ثانيا).
أولا: مضمون شهادة عدم التعرض ومسؤولية المحافظ تجاهها
يتوقف مرسوم المصادقة على التحديد الإداري، على شهادة يسلمها المحافظ على الأملاك العقارية، وقد نص الفصل الثامن المومأ إليه أعلاه، أن هذه الشهادة يتعين أن تتضمن البيانات التالية:
أولا: إنه لم تقيد أي قطعة كانت داخلة في دائرة الأرض المشار إليها في القرار المذكور.
ثانيا: أنه لم يقع اعتراض ما يتعلق بتحديد الأرض المشار إليها في القرار المتحدث عنه ولم يودع بسبب ذلك مطلب في التقييد حسب الشروط وفي الآجال المعينة في الفصل السادس أعلاه.
وتبعا للصعوبات التي اعترضت المحافظين على الأملاك العقارية في تفسير البيانات المنصوص عليها في هذا المقتضى، أصدر المحافظ العام دورية لتوضيح وتحديد البيانات الواجب تضمينها في الشهادة المذكورة وهي:
أنه لم يتم أي تحفيظ سابق لقطعة تقع ضمن دائرة التحديد الاداري المعني، إذ أنه لايمكن إجراء التحديد الاداري لعقار سبق تحفيظه .
أن أي تعرض على التحديد الإداري المعني لم يكن موضوع إدراج مطلب تحفيظ ضمن الشروط المتطلبة قانونا .
والمقصود هنا بمطلب التحفيظ هو مطلب التحفيظ التأكيدي، ومن تم أكد المحافظ العام في ختام هذه الدورية على عدم الاعتداد في تسليم هذه الشهادة بالتعرضات التي تم تقديمها للجنة التحديد الإداري أو السلطة المحلية ولم يتم تدعيمها بمطالب تحفيظ تأكيدية، إذ يتعين عدم الإشارة إليها في هذه الشهادة.[40]
وإذا كانت المصادقة على التحديد الاداري- كما سلف الذكر- رهينة بالحصول على هذه الشهادة من المحافظ، فإن التساؤل يثار بشأن حدود مسؤولية هذا الأخير عن البيانات الواردة فيها؟.
بالنظر لظهير 12 رجب 1342 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية ، ليس هناك أي إشارة لمسؤولية المحافظ عن تسليم هذه الشهادة، غير أن هذا لايعني أنه لايتحمل أي مسؤولية في هذا الشأن، بل يخضع لقواعد المسؤولية المنصوص عليها في إطار الفصلين 79 و80 من ق. ل.ع، شأنه في ذلك شأن باقي موظفي الدولة، وذلك تبعا للإحالة على هذين الفصلين في اختصاصات ومسؤوليات المحافظ من خلال المادة 4 من القانون رقم 58.00 المحدث للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية.
ومن تم قد يسأل المحافظ مسؤولية مرفقية إذا كان الخطأ الصادر عنه من قبيل الأخطاء المرفقية طبقا للفصل 79، فتحل الدولة ( الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والخرائطية)، محله في أداء التعويض للمتضرر من خطئه، ويسأل مسؤولية شخصية إذا كان الخطأ الصادر عنه في تسليم هذه الشهادة خطأ جسيما أو ارتكب تدليسا طبقا للفصل 80 ق.ل.ع[41]، إذ يتحمل وحده مسؤولية أداء التعويض للمتضرر ولا تتدخل الدولة إلا في حالة عسره[42].
وعلى مستوى العمل الإداري، فإن المحافظين يجدون عدة صعوبات في منح هذه الشهادة، وذلك نظرا لصعوبات التثبت من البيانات الواجب تضمينها بها، إذ كيف للمحافظ أن يتثبت من مطالب التحفيظ التأكيدية المودعة ضد التحديد الإداري لمنطقة معينة، وأيضا عن مال هذه المطالب خصوصا بالنسبة للتحديدات الإدارية التي بدأت إجراءاتها منذ زمن بعيد قد يعود إلى فترة الاستعمار وهو الحال بالنسبة لأغلب التحديدات الإدارية لأراضي الجموع، فخلال هذه الفترة لم تكن المحافظة العقارية تتوفر على قاعدة للمعطيات المعلوماتية[43]، مما قد يعيق مسألة تحديد التعرضات الواردة على التحديد الاداري، وهو ما يحول في النهاية إلى صعوبة إجراء المصادقة على العديد من التحديدات الادارية لأراضي الجموع.
ثانيا: القيمة القانونية للتحديد الإداري غير المصادق عليه
إذا كانت المصادقة على التحديد الاداري هي التي تحدد الوضعية القانونية والمادية للعقار المحدد وتكسبه حجية قانونية وتطهره من جميع الحقوق السابقة عن التحديد ولاتقبل أي منازعة في شكل تعرض أو غيره[44]، فإن التساؤل يثار بشأن القيمة القانونية والثبوتية لاجراءات التحديد الإداري بعد إنتهاء أجل التعرضات وقبل المصادقة؟.
بالنسبة لهذه المسألة، صادفنا توجهات قضائية مختلفة، فهناك توجه يقر بأن مرسوم المصادقة على التحديد الإداري هو الذي يحدد الوضع النهائي للعقار ويطهره من جميع الحقوق والادعاءات غير المعلن عنها خلال إجراءات التحديد، وذلك ما أقرته محكمة النقض في أحد قراراتها الذي ورد فيه أنه:” …مادام قد ثبت للمحكمة أن المطلوبة هي الحائزة للمدعى فيه، فإن الطاعنة هي الملزمة باثبات استحقاقها له، ولايعفيها من ذلك مجرد كونها صاحبة التحديد الاداري الذي هو محل النزاع، وأن قواعد الفقه الاسلامي هي الواجبة التطبيق في النازلة، وأن القرار لم يعتمد فقط رسم الحيازة وإنما اعتمد بالأساس حيازة المطلوب للمدعى فيه، وأن ما أثارته المستأنف عليها من كونها هي الحائزة الفعلية للمتنازع فيه لايستند إلى أي أساس، ذلك أن التحديد الاداري المستدل به لم يصبح بعد نهائيا حتى تكون له الحجية القطعية في مواجهة الكافة.”[45]
وفي مقابل هذا التوجه، أقرت محكمة النقض في قرار اخر أن انتهاء إجراءات التحديد الإداري وانتهاء أجل التعرضات بشأنه يجعل العقار محصنا لفائدة الإدارة صاحبة التحديد الإداري[46]، وهو الامر الذي أكدته نفس المحكمة في قرار يتعلق بالتحديد الإداري للملك الغابوي، ومما جاء في حيثياته مايلي:”ومن جهة أخرى فإن التحديد الاداري لايتوقف أثره وحجيته على صدور مرسوم المصادقة عليه، بل أنه حسب الفصل الثالث من ظهير 03/01//1916 المتعلق بتحديد أملاك الدولة، فإنه من يوم صدور القرار الوزيري بتحديد العقار والى أن يصدر قرار المصادقة لايقبل خلال هذه المدة المذكورة أي مطلب يقصد به تحفيظ العقار الا بشرط أن يكون ذلك على وجه التعرض على اعمال التحديد وفقا للفصل الخامس من نفس الظهير”[47] ، وفي الاطار نفسه أقرت استئنافية طنجة هذا التوجه من خلال أحد قراراتها الذي ورد فيه مايلي:” وبذلك أصبح هذا الملك يكتسي الصفة النهائية في تملكه له ولايمكن تقديم أي تعرض عليه في الشكل والاجال المنصوص عليها في ظهير 3 يناير 1916 وذلك أن التحديد الإداري بعد فوات أجل التعرض يصبح له الصفة القطعية والنهائية في ملكية الدولة”[48].
وعلى مستوى الممارسة العملية في مصالح المحافظة العقارية، فإن إجراءات التحديد الاداري تكتسي قوة ثبوتية تجاه الاغيار بعد انتهاء أجل التعرضات، وحتى قبل صدور مرسوم المصادقة، ومن تم فكل مطلب تحفيظ يرد على المحافظ، ويتضح من خلال عملية التحديد المؤقت أو النهائي لهذا المطلب أنه يقع داخل وعاء العقار موضوع التحديد الإداري، وحتى قبل المصادقة عليه، يتم رفضه طبقا للفصل 37 مكرر من ظهير التحفيظ العقاري.
وفي ختام هذه الدراسة، يتضح أن القانون المتعلق بتحديد الاراضي الجماعية يثير جملة من الاشكالات القانونية والعملية، وذلك لكونه من مخلفات الفترة الاستعمارية، ولم يحظى بتحيين ينسجم مع مستجدات الواقع المغربي الحالي، مما يتعين على الفاعلين في المجال التشريعي التدخل لتحيين هذا القانون والقوانين الاخرى ذات الصلة به، وذلك ما أكدت عليه الرسالة الملكية المشار إليها أعلاه، والتي ورد فيها مايلي:” وتلبية للتطلعات المعبر عنها من طرف الجماعات السلالية ومختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، أثناء الحوار الوطني حول الأراضي الجماعية، المنعقد سنة 2014، فإنه من الضروري إعادة النظر في الإطار القانوني والمؤسساتي، وتبسيط المساطير لتدبير أنجع لهذا الرصيد العقاري.”[49]
[1] – محمد خيري، أراضي الجموع بين البقاء والزوال، منشورات مجلة الحقوق المغربية، سلسلة الانظمة والمنازعات العقارية، أراضي الجماعات السلالية بالمغرب، العدد الاول ، 2010، ص63.
[2] – دليل الاراضي الجماعية الصادر عن وزارة الداخلية، مديرية الشؤون القروية، قسم الاراضي الجماعية، ص 4.
[3] – تبلغ مساحة أراضي الجموع حوالي 15 مليون هكتار، تمثل الاراضي الرعوية منها نسبة تفوق 85% ،راجع في هذه الاحصائيات : التقرير التركيبي حول واقع قطاع العقار بالمغرب بمناسبة انطلاق أشغال المناظرة الوطنية حول موضوع: السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بالصخيرات، يومي 8-9 دجنبر 2015 ص 8،9.
[4] – ينص الفصل الأول من ظهير 12 رجب 1342 (18 فبراير 1924) المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية، على مايلي:” إن العقارات المظنون أنها مشتركة بين القبائل يمكن مباشرة تحديدها بقصد تعيين صورتها أو مشتملاتها من الوجهة المادية وتقرير حالتها الشرعية القانونية…”
[5] – راجع في إجراءات التحديد الاداري لأراضي الجموع مقتضيات ظهير12 رجب 1342( 18 فبراير 1924 ) المتعلق بتحديد الاراضي الجماعية.
[6] – لقد عرف هذا الظهير إصلاحا تشريعيا مهما سنة 2011 إذ تم تغييره وتتميمه بموجب الظهير الشريف رقم 1.11.177 الصادر في 25 من ذي الحجة 1432(22نوفمبر 2011) بتنفيذ القانون رقم 14.07 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 من ذي الحجة 1432(24نوفمبر2011)، المتعلق بتغيير وتتميم الظهير المتعلق بالحفيظ العقاري.
[7] – راجع في هذا الشأن دليل الاراضي الجماعية، م س، ص 93 وما يليها.
[8] – تنص الفقرة الثانية من الفصل الخامس من ظهير 12 رجب 1342 المتعلق بتحديد الاراضي الجماعية على أنه:”وكل معارضة بأمر التحديد راجعة إما لنزاع في شأن الحدود وإما لادعاء بحق من الحقوق في الأراضي المحدودة يمكن تقديمها في نفس المكان إما إلى اللجنة التي تضمنها في تقريرها أو النائب المحلي من حكومة المراقبة على الصورة المقررة فيما بعد”.
[9] – قرار المجلس الأعلى رقم 252 الصادر بتاريخ 20 أبريل 1978 في الملف المدني عدد 57532، أورده محمد الصغير، التطور التاريخي لأراضي الجموع، حمايتها- التحديد الإداري والتحفيظ العقاري، منشورات مجلة الحقوق المغربية العدد الاول، يناير 2010، ص32- 33
[10] – تنص الفقرة الرابعة من الفصل 5 من ظهير12 رجب 1342 المتعلق بتحديد الاراضي الجماعية على أنه:”…أما المعارضون زيادة عما لهم من الحق في تقديم تعرضهم في نفس المكان إلى اللجنة….لكي يقدموا إلى النائب المحلي عن حكومة المراقبة تصريحا كتابيا يضمنون فيه موضوع اعتراضهم…وإذا جرى التصريح المشار إليه شفاهيا فيجب على الحكومة التي تتلقاه أن تحرر به تقريرا خاصا…”.
وعلى نفس المنوال أقر المشرع في الفصل 25 من ظ ت ع فيما يخص تقديم التعرض في إطار مسطرة التحفيظ العادية أنه:”تقدم التعرضات عن طريق تصريح كتابي أو شفوي إما للمحافظ على الاملاك العقارية وإما للمهندس المساح الطبوغرافي…”
[11] – نموذج من تقديم طلب التعرض على تحديد ملك غابوي للسلطة المحلية وهو نفس النموذج الذي يمكن اعتماده لتقديم التعرض على ملك جماعي:”
إلى السيد القائد رئيس ملحقة تالوين
لفائدة: رشيد محمد بن عبد المالك
في مواجهة: مصلحة المياه والغابات.
تحية واحترام وسلام تام بوجود مولانا الامام وبعد،
جناب القائد:
…وإنه في إطار عملية تحديد وتحفيظ الملك الغابوي …قامت مصلحة المياه والغابات باقتطاع جزء من ملكنا تقدر مساحته بحوالي هكتارين لضمها إلى الملك الغابوي.
وعليه، فإني أتقدم إلى سيادتكم بتعرضي هذا ضد تحديد وتحفيظ الملك الغابوي، وألتمس من جنابكم بكل احترام تسجيل هذا التعرض بمصالح القيادة وأبلغها إلى الجهات المختصة، وتسليمي شهادة إدارية بإيداع هذا التعرض..”،
[12] – تجدر الإشارة أن هذا الأجل لايتعدى ثلاثة أشهر بالنسبة للتعرض على مسطرة التحديد الإداري لأملاك الدولة الخاصة المنظم بموجب ظهير 3 يناير1916( الفقرة الرابعة من الفصل الخامس من هذا الظهير).
[13] – لأخذ فكرة عن الآجال في قانون المسطرة المدنية، راجع:
– عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، مطبعة المعار يف، مراكش، الطبعة الرابعة 2007، ص 126.
[14] – محمد الصغير، م س، ص 36-37.
[15] – ومن النماذج العملية لهذا الإعلان نذكر إعلانا يتعلق بتحديد الغابة المخزنية المسماة”تزيوكت” الكائنة بإقليم تارودانت والذي ورد فيه ما يلي:” يعلن للعموم بأن التقرير المتعلق بتحديد الغابة المخزنية المسماة”تزيوكت” قسمي “تزيوكت وبوتوكا” الواقعة بتراب جماعة ايوزيوة اوناين، بقيادة ودائرة تالوين، إقليم تارودانت، التي وقع تحديدها بتاريخ 18 دجنبر 1991 وفي الايام الموالية سيوضع بتاريخ 12 ماي 1993 في مكتب قائد ملحقة تالوين، باقليم تارودانت، ومكتب محافظة الاملاك العقارية بتارودانت، حيث يمكن لمن له الغرض الاطلاع عليه، أما الاجل المضروب للاعتراض على التحديد المذكور فقدره ثلاثة أشهر (ستة أشهر بالنسبة لتحديد أراضي الجماعات السلالية) ابتداؤها 12 مايو 1993، تاريخ نشر هذا الاعلان في الجريدة الرسمية وتبقى الاعتراضات في مكتب السلطة الادارية المذكورة أعلاه.”
[16] – قرار عدد 2500الصادر بتاريخ 24/05/2011 في الملف المدني رقم 391-1-1-2010، منشور بمجلة ملفات عقارية، العدد الثاني، السنة 2012، ص 137.
[17] – تنص الفقرة الاولى من الفصل 23 من ظ ت ع )كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون رقم 14.07)على مايلي:”دون المساس بأحكام الفصل 6 من هذا القانون، إذا نص المحضر على تغيب طالب التحفيظ أو من ينوب عنه أو على عدم قيامه بما يلزم لإجراء عملية التحديد، فإن مطلب التحفيظ يعتبر لاغيا وكأن لم يكن إذا لم يدل بعذر مقبول داخل أجل شهر من تاريخ توصله بالإنذار.”
وينص الفصل 50 من ظ ت ع )كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون رقم 14.07)على مايلي:”إن الطلب الرامي إلى التحفيظ والعمليات المتعلقة به يعتبر لاغيا وكأن لم يكن إذا لم يقم طالب التحفيظ بأي إجراء لمتابعة المسطرة، وذلك داخل ثلاثة أشهر من يوم تبليغه إنذارا من المحافظ على الاملاك العقارية …”.
[18] – بخصوص هذه الاجراءات راجع الفصول من 10 إلى 23 من ظهير التحفيظ العقاري(كما تم تغييرها وتتميمها بموجب القانون رقم 14-07).
[19] – ينص الفصل 6 من ظهير 12 رجب 1342(18 فبراير 1924)على مايلي:” إن الاعتراض المقدم طبق الفصل الخامس لايجري مفعوله إلا إذا أودع المعترض مطلبا مصرحا فيه بأنه يرغب تقييد العقار في كناش إدارة المحافظة على الاملاك العقارية وذلك خلال الثلاثة أشهر الموالية لانقضاء الاجل المضروب لتقديم الاعتراضات، ويقع البحث والتحقيق وجوبا عما يتضمنه المطلب المشار إليه من التحديد الاداري لاغير مهما كانت الناحية الموجودة فيها الاملاك، وإن لم يفعل المعترض ما أشير إليه فستسقط حقوقه فيما ذكر…”
[20] – قرارعدد 935 بتاريخ 10/05/2007 في الملف رقم 450/6 أوردته أدريسية الحفناوي، إشكالات تعميم نظام التحفيظ العقاري بالمغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، الموسم الجامعي 2012-2013،ص 101-102.
[21] – ينص الفصل27 من ظ.ت.ع (كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون 14.07) على ” لايقبل أي تعرض باستثناء ماهو منصوص عليه في الفصل 29 بعد انصرام أجل شهرين يبتدئ من تاريخ نشر الاعلان المذكور في الفصل 23 من هذا القانون بالجريدة الرسمية.”
وينص الفصل 29 من نفس القانون على أنه:” بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق…”.
[22] – قرار عدد 2959 بتاريخ 03/09/2008، في الملف المدني عدد 4597/1/1/2006 منشور بمجلة سلسلة الاجتهاد القضائي، العدد الثاني، سنة 2011، ص 281.
[23] – ينص الفصل 14 من ظ ت ع (كما تم نسخه وتعويضه بالقانون رقم 14.07) على مايلي: ” يقدم طالب التحفيظ مع مطلبه أصول أو نسخ رسمية للرسوم والعقود والوثائق التي من شأنها أن تعرف بحق الملكية وبالحقوق العينية المترتبة على الملك.”
[24] – من النماذج العملية للشهادة الإدارية التي تثبت للمحافظ تقديم التعرض للسلطة المحلية في الأجل القانوني نورد الشهادة التالية:” شهادة إدارية
يشهد القائد رئيس ملحقة سكتانة دائرة تالوين.
أن السيد: رشيد محمد بن عبد المالك، الساكن بدوار الدزان، جماعة تسراس، قيادة أولوز، اقليم تارودانت، تقدم لدينا يومه الخميس 06 ماي 1993، بطلب اعتراض عن عملية تحديد الغابة المخزنية المسماة: قسمي تازيوكت وبوتوكا الواقعتين بتراب جماعة هوزيوة والتي وقع تحديدها مؤقتا بتاريخ 18 دجنبر 1992.
وقد سلمت له هذه الشهادة قصد الادلاء بها عند الحاجة.
سكتانة في :06 ماي 1993
القائد رئيس الملحقة”
[25] – تنص الفقرة الأخيرة من الفصل 6 من ظهير 18 فبراير1924 المتعلق بتحديد الاراضي الجماعية على مايلي:”أما مطلب التقييد فيودع باسم المعترض وعلى نفقته.”
[26] – ومما ورد في هذه المذكرة مايلي:” أن المشرع لم ينص على مقتضيات خاصة متعلقة برسوم المحافظة على الأملاك العقارية المستحقة على طلبات إيداع مطالب التحفيظ التأكيدية للتعرضات المصرح بها ضد مساطر التحديد الاداري لأراضي الدولة والجماعات السلالية، وتأكيدا للطابع العادي للمطالب المذكورة نصت الفقرة الاخيرة من الفصل السادس من كل من ظهير 3 يناير 1916 المنظم لتحديد الملك الخاص للدولة وظهير 18 فبراير 1924 المنظم لتحديد الاراضي الجماعية على أن مطلب التحفيظ يودع في اسم وعلى نفقة المتعرض” وعليه فإن طلبات ايداع تلك المطالب تظل خاضعة للقواعد العامة لأداء الرسوم المتعلقة بإيداع مطالب التحفيظ المنصوص عليها في الفقرة”أ” من الباب الاول من المرسوم رقم 358-97-2 المؤرخ في 30/06/1997 بتحديد تعريفة رسوم المحافظة على الاملاك العقارية…”، مذكرة المحافظ العام عدد 14145 بتاريخ 24 نونبر 2009.
[27] – ابراهيم بحماني، تحديد الملك الغابوي، مساهمة في أشغال اليوم الدراسي حول موضوع العقار والتنمية المجالية المنظم بشراكة بين المجلس البلدي لمدينة تيزنيت ومركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق مراكش، يوم السبت 13 ماي 2006، ص 138.
[28] – تخضع مطالب التحفيظ العادية لاجراءات دقيقة ومتسلسلة من حيث إشهارها بالجريدة الرسمية وتعليقها من قبل الجهات المختصة وتحديدها، وذلك ما تم تنظيمه في الفصل 17 ومايليه من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون 14-07.
[29] – دورية المحافظ العام الموجهة للمحافظين على الاملاك العقارية تحت عدد 381 بتاريخ 08 ديسمبر 2010
[30] – تنص الفقرة الاولى من الفصل 83 من ظ ت ع على أنه :”بغض النظر عن المسطرة المقررة في الفصل 84 من هذا القانون، يمكن لصاحب حق وقع انشاؤه أو تغييره أو الاقرار به أثناء مسطرة التحفيظ أن يطلب نشره بالجريدة الرسمية بعد ايداع الوثائق المثبتة للحق بالمحافظة العقارية.”، وتنص الفقرة الاولى أيضا من الفصل 84 من نفس الظهير على مايلي:” إذا نشأ على عقار في طور التحفيظ حق خاضع للاشهار أمكن لصاحبه، من أجل ترتيبه والتمسك به في مواجهة الغير، أن يودع بالمحافظة العقارية الوثائق اللازمة لذلك، ويقيد هذا الايداع بسجل التعرضات”.
[31] -Amina Mabrouk Mahlaoui, réflexion sur la délimitation administrative, revue de l’immatriculation foncière 7 janvier 2000 p 22 et suiv.
[32] – ورد في الفصل الثالث من القانون المتعلق بتحديد الاراضي الجماعية على مايلي “…ولايجوز عقد أي رسم كان يتعلق بتفويت أراضي داخلة في الدائرة الجارية فيها أعمال التحديد سواء كان التفويت المذكور يتعلق بالملكية أو بالتصرف وذلك من تاريخ نشر هذا القرار والى تاريخ نشر القرار المشار اليه في الفصل الثامن المتعلق بالمصادقة على أعمال التحديد…والاعد التفويت باطلا لايعمل به حتى فيما بين المتعاقدين.”
[33] – وتجب الاشارة أنه إذا كانت غاية المشرع من المنع من إجراء التصرفات هو ضبط الحالة المادية والقانونية للعقار موضوع التحديد الاداري، والحيلولة دون حصول تغييرات على هذه الوضعية من تاريخ إجراء التحديد إلى تاريخ إجراء المصادقة، فإنه ينطوي على إجحاف كبير في حق الاشخاص الذين يدعون حقوقا على هذا العقار ويمنعون من التصرف في هذه الحقوق خلال فترة المنع، خصوصا إذا علمنا أن هذه الفترة قد تمتد لعدة عقود كما هو الشأن بالنسبة لأغلب التحديدات الإدارية التي لم يتم إجراء المصادقة عليها إلا بعد مرور مدة زمنية طويلة عن تاريخ تحديدها بل منها مالا يصل إلى مرحلة المصادقة مما يؤدي إلى عرقلة تداول مثل هذه العقارات لكونها موضوع تحديد إداري بالرغم من كون ملكيتها قد تعود لأفراد عاديين وليس للجماعة السلالية.
[34] – راجع في هذا التوجه، هشام بصري، م س، ص 54.
[35] – تجدر الاشارة إلى أن هذا التبرير أصبح بدون جدوى بعدما تم نسخ و تعويض الفصل 37 من ظ ت ع بموجب القانون رقم 14.07، إذ أضحت الحقوق المحكوم بها لفائدة المتعرض يعلن عنها وفقا للإجراءات المنصوص عليها في الفصل 83 من نفس الظهير.
[36] – راجع في هذه التبريرات دورية المحافظ العام عدد381 بتاريخ 08 ديسمبر 2010.
[37] – أحمد ايت الغازي، بعض مسطرة تحفيظ العقارات المحددة تحديدا إداريا مصادقا عليه، سلسلة دفاتر محكمة النقض العدد 21 سنة 2015،ص60-61.
[38] – تنص الفقرة الثانية من الفصل التاسع من ظهير 12 رجب 1342 المتعلق بتحديد الأراضي الجماعية (كما تم تغييره بظهير 9 محرم 1357 موافق 11 مارس 1938) على مايلي:” إن المصادقة المشار إليها تغير بتاتا صورة العقار المحدود ومشتملاته من الوجهة المادية، وتقرر حالته الشرعية القانونية”
[39] – تسمى هذه الشهادة في واقع الممارسة العملية بشهادة عدم التعرض
[40] – دورية المحافظ العام لدى الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، عدد 380 بتاريخ 12 مايو 2010.
[41] – كأن يغفل المحافظ الاشارة في الشهادة المذكورة بوجود مطلب تحفيظ تأكيدي للتعرض على التحديد الاداري المعني.
[42] – ينص الفصل 79 من ق.ل.ع على مايلي:” الدولة والبلديات مسؤولة عن الاضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الاخطاء المصلحية لمستخدميها.”
-وتنص الفقرة الثانية من الفصل 80 من نفس القانون على مايلي:”مستخدموا الدولة والبلديات مسؤولون شخصيا عن الاضرار الناتجة عن تدليسهم أو عن الاخطاء الجسيمة الواقعة منهم في أداء وظائفهم.”
[43] – تجدر الاشارة إلى أن المحافظة العقارية عرفت في السنين الاخيرة نظاما معلوماتيا متطورا يشكل قاعدة المعطيات، وأهمها نظام LOGISF المتعلق بالرسوم العقارية ونظام SIGST المتعلق بمطالب التحفيظ.
[44] – قرار المجلس الاعلى عدد 1371 بتاريخ 4 أبريل في الملف المدني عدد 149/1/1/98، أورده عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الاعلى في التحفيظ العقاري من سنة 1991 إلى سنة 2002 الطبعة الاولى 2003 ص 60-61.
[45] – قرار محكمة النقض عدد 1706 الصادر بتاريخ 13/04/2010 في الملف المدني رقم 2673/1/1/2008، أشار إليه يونس الزهري، التحديد الاداري للملك الغابوي للدولة، سلسلة الاجتهاد القضائي، العدد 2، ماي 2011 ص 45-46. وفي قرار مماثل يخص التحديد الاداري للملك الغابويي، أقرت محكمة النقض مايلي:”…إن المطلوب تدعي تحديد ملكها الغابوي بموجب المرسوم عدد 1369/01/02 الصادر بتاريخ 14/06/2000، إلا أنه ليس بالملف ما يفيد أن هذا التحديد أصبح نهائيا وبدون أي تعرض طبقا للمادة الثانية من نفس المرسوم…وأن المرسوم المتعلق بإعلان تحديد الغابة المسماة تاجديرت سيدي مسعود لايجعل الملك غابويا مادام لم يثبت إنتهاء التحديد وصدور مرسوم المصادقة عليه وشموله لأرض المطلب طبقا للفصل 8 من ظهير 2/1/1916 المتعلق بتحديد الاملاك المخزنية…”قرار عدد 58 بتاريخ 05فبراير2013 في الملف المدني عدد 783/1/8/2012، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 5 ص 126.
[46] – قرار محكمة النقض عدد 5185 بتاريخ 13/04/1995 في الملف المدني عدد 1290/90، أورده محمد أوزيان، الاملاك المخزنية بالمغرب: النظام القانوني والمنازعات القضائية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص،جامعة محمد الاول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، الموسم الجامعي 2012-2013، ص 324.
[47] – قرار محكمة النقض عدد 4639 بتاريخ 25/10/2011 في الملف المدني عدد 3410/1/1/2009، غير منشور.
[48] – قرارعدد 520 بتاريخ 30/09/2004 في الملف عدد 450/98/8، أورده رشيد زيان، التحديد الاداري، الدوافع والمنازعات، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص، قانون العقود والعقار، جامعة محمد الاول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، الموسم الجامعي 2011-2012، ص 81.
[49] – الرسالة الملكية الموجهة الى المشاركين في المناظرة الوطنية حول موضوع: السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالصخيرات يومي 8-9 دجنبر 2015