مركز إدريس الفاخوري للدراسات والأبحاث في العلوم القانونية وجدة

تحقيق الأمن القانوني لمركز الغير في ظل ثبوت تاريخ العقد وتقييده

د.عادل الغنوبي

أستاذ باحث

جامعة محمد الأول بوجدة

مداخلة ضمن أشغال الندوة الوطنية التي نظمت من طرف المركز يومي 25 و26 نونبر 2016 تحت عنوان :”العقار والتعمير والاستثمار” بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة وذلك بمناسبة تكريم أستاذ التعليم العالي الدكتور الحسين بلحساني.

تقديم

يختلف مركز الغير في ظل آثار العقد عن مركزه بالنسبة لعدم نفاذه،فالفقه التقليدي الفرنسي يميز بين “الغير” بالنسبة لأثر العقد و الغير فيما يتعلق بعدم نفاذه، وهناك من خالف هذا الاتجاه وذهب إلى القول بأن الغير لا يختلف مركزه سواء تعلق الأمر بعدم نفاذ العقد أم بأثره، إذ يتم تحقيق الأمن القانوني عن طريق حماية حقوق الغير في الوضعين معا[1].

فوفق هذا الرأي الأخير، وإذاكان الأمر كذلك،لكان للغير مفهوم واحد لا يختلف من حيث الأشخاص سواء بالنسبة لأثر العقد أمنفاذه، فالغير لا يعتبر في خانة الدائنين أو المدينين بموجب نسبية آثار العقد، وإن كان – كمبدأ عام– ينفذ العقد في حقه.

هكذا فمبدأ نسبية أثر العقد يحمي الغير من التأثر بموجب أثر العقد ولا يحميه من عدم نفاذه، والأكثر من هذا فإن العقد ينفذ بموجب حجيته، ولا يمكن القول إن ذلك يتعارض مع مبدأ النسبية، فالشخص الذي يعتبر من الغير بخصوص عدم نفاذ التصرف القانوني، لا يكون بحاجة للحماية في مواجهة أثر العقد عندمالا يكون المراد أن يصبح مدينا بمقتضيات التصرف القانوني[2].

ويختلف مفهوم الغير حسب ثبوت تاريخ العقد عن مفهومه بالنسبة لصورية العقد، فإذا كان من المتفق عليه أن الدائن العادي يعتبر غيرا بالنسبة للصورية، فإن وصفه بالنسبة لثبوت تاريخ العقد محل خلاف فيما إذا كان غيرا أم لا، وذلك لأن حكم كل حالة يختلف بالنسبة للأخرى، فالغير بخصوص الصورية يجب أن يثبت عدم صحة العقد الظاهر بما في ذلك تاريخه، أما الغير بخصوص ثبوت تاريخ العقد فيكفيه أن يتمسك بعدم ثبوت التاريخ ولا يقع عليه عبء الإثبات[3].              

وقد يفرض المشرع في بعض الأحيان عدة شكليات وإجراءات لنفاذ بعض العقود، وذلك لضمان ترتيب آثارها في مواجهة أطرافها أو الغير، ولعل من أبرز هذه الشكليات المتطلبة قانونا وهي المتعلقةبإثبات تاريخ العقود وإشهارها أو تقييدها.

وعليه، وفي ظل المركز القانوني للغير بخصوص ثبوت تاريخ العقد وتقييده، سنبحث هذا الموضوع من خلال دراسة مركز الغير عند ثبوت تاريخ العقد في (المطلب الأول)، على أن يتم الحديث في (المطلب الثاني) عن مركزالغير حسب تقييد العقد وإشهاره.

المطلبالأول: مركز الغير و ثبوت تاريخ العقد

يعتبر العقد واقعة اجتماعية وهو حجة على المتعاقدين وعلى الغير، والمشرع المغربي تعرض لحجية تاريخ المحرر العرفي من خلال قاعدة ذات شقين: الشق الأول فيها يتعلق بتاريخ المحرر العرفي الذي يعتبر حجة بين المتعاقدين، والشق الثاني يرتبط بكون هذا التاريخ لا يعتبر حجة إزاء الغير إلا إذا كان ثابتا([4])، والغير في هذه الحالة لا يمكنه أن ينكر وجوده، ولا يجوز أن يتعامل مع أحد المتعاقدين على أساس أن العقد لا يوجد إلا بين المتعاقدين[5].

وهذه الحجية لا تقوم إلا إذا كان للعقد تاريخ ثابت، فإن لم يتحقق ثبوت التاريخ هذا، فالعقد لا ينفذ في مواجهة الغير استثناء من مبدأ حجية العقد[6].

ونفاذ العقد يرتبط بمسألة الإثبات،ومعناها؛ إنه لا يحتج بتاريخ الورقة العرفية في مواجهة الغير إلا إذا كان ثابتا[7].

والعلة من وراء اشتراط ثبوت تاريخ العقد، هي الحاجة إلى حماية الغير من كل تواطؤ في تقديم هذا التاريخ أو تأخيره، وهو ما جاء به المشرع المغربي في الفصل 425 من ق.إ.ع.في فقرته الأولى، والتي تقابلها المادة 395 من القانون المدني المصري التي جاء فيها ما يلي:

“لا تكون الورقة العرفية حجة على الغير في تاريخها إلا منذ أن يكون لها تاريخ ثابت”[8].

هكذا فإن عدم ثبوت تاريخ الورقة العرفية،لا يسري على الغير الذي لا يعترف به، بل يعفى هذا الغير من المنازعة في ذلك، ومن ثم فرغم تواطؤ البائع- وهو الشريك على الشياع- مع المشتري على تأخير تاريخ حصول البيع العرفي للحصة الشائعة، على نحو يتجاوز أجل الشفعة، فله كباقي الشركاء على الشياع استعمال هذا الحق لأن العقد يعتبر- كقاعدة عامة- في مواجهتهم مجردا من التاريخ ما دام لا يتوفر على تاريخ ثابت[9].

والسؤال الذي يُثار في هذا الإطار يتجلى فيما يلي: من هو هذا الغير الذي لا يسري العقد في حقه نتيجة عدم ثبوت تاريخ تحريره؟.

انطلاقا من هذا التساؤل سنعمل على تحديد من لا يعتبر غيرا عند ثبوت تاريخ العقد (فقرة أولى)، ليتم الحديث بعد ذلك حول من يعتبر من الغير عند ثبوت تاريخ العقد (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: من لا يعتبر “غيرا” عند ثبوت تاريخ العقد

إن المحدد الرئيسي لنفاذ العقد في حق الغير[10] هو اشتراط ثبوت التاريخ، فتحديد التاريخ غايته منع التلاعب بهذا الأخير حتى لا يتم الإضرار بمصالحه، فشرط ثبوت التاريخ يبعد الأشخاص، الذين لا يعتبرون من فئة الغير.

هكذا سيتم الحديث عن المتعاقدان (أولا)، ثم الاصيل في النيابة (ثانيا)، ثم الخلف العام (ثالثا)، على أن يتم الحديث عن الدائن العادي (رابعا).

أولا- المتعاقدان

لا يعتبرالمتعاقدان من فئة الغير، فهم ممن لا يستفيد من الحماية القانونية الخاصةبعدم ثبوت تاريخ العقد، فيحتج عليهما بتاريخ الورقة العرفية، الذي يكتسي أهمية كبيرة كباقي البيانات الاخرى المضمنة في المحرر، وإذا كان أحد الطرفين قاصرا أو محجورا عليه، واتفق المتعاقدان على تأخير التاريخ حتى لا ينكشف أن التصرف صدر في وقت كان فيه المتعاقد قاصرا، أو اتفقا على تأخير التاريخ حتى لا يتضح أن التصرف قد وقع خلال الحجر، فكان التاريخ في كلتا الحالتين حجة عليهما، إلى أن يقع الإثبات من صاحب المصلحة على أن هذا التاريخ غير صحيح[11]، ولا يسوغ إثبات حجة مكتوبة إلا بحجة مكتوبة ما لم يتعلق الأمر بالاحتيال، حيث يكون اللجوء إلى كافة وسائل الإثبات متاحا[12]، مع العلم أن مسألة ثبوت التاريخ لا تتصل بالنظام العام بحيث ليس لمحكمة الموضوع أن تثيرها من تلقاء نفسها[13].

ثانيا- الأصيل في النيابة

قد يتعاقد الشخص في إطار الورقة العرفية عن طريق النيابة[14]، حيث تسري كافة التصرفات التي قام بها النائب ضمن حدود نيابته مباشرة في حق الأصيل كما لو أجراها بنفسه، ولا يعتبر هذا الأخير “غيرا” حتى وإن أبرم الوكيل عقدا بعد عزله من التوكيل، فالأصيل لا يسوغ له أن يدعي أنه غير وأن العقد ليس ثابت التاريخ، ومن تمة لا يعتبر حجة عليه، فتاريخ الورقة العرفية الموقعة من الوكيل تكون حجة على الأصيل وإن لم يكن لها تاريخ ثابت، اللهم إذا ما أثبت الأصيل أن التاريخ غير صحيح وقد قدم حتى لا يتبين أن النيابة انقضت، ويبقى له إثبات ذلك بكل طرق الإثبات التي نجد منها البينة والقرائن بسبب ما انطوى عليه تقديم التاريخ من غش[15].

ثالثا- الخلف العام

والخلف العام بمفهومه الواسع، هو ممثل في جميع عقود سلفه، فلا يجوز له أن يحتج بعدم ثبوت تاريخ العقد لأنه لا يعتبر “غيرا”، فالعقود المبرمة من السلف تسري في حقه أيا كان تاريخها إلى وقت وفاة مورثه[16]، فعقد البيع ينفذ في حقه وإن لم يكن له تاريخ ثابت، وفي حالة ما إذا كان المورث-السلف- محجورا عليه وعمل على بيع الشيء بورقة عرفية، فالعقد في هذه الحالة ينفذ في حق الوارث-الخلف- ما دام تاريخ البيع في هذه الورقة سابقا على تاريخ تسجيل قرار الحجر، فالوارث لا يعتبر “غيرا” بالنسبة لثبوت تاريخ عقد البيع، بحيث لا يمكن له أن يدفع بأن عقد البيع وقع بعد تسجيل قرار الحجر[17].

والمشرع المغربي بين كيفية ثبوت التاريخ بالنسبة للوثائق العرفية من خلال مقتضيات الفصل 425 من ق.إ.ع،فالخلف العام ينزل منزلة سلفه فيسري في حقه تاريخ الورقة العرفية الصادرة من السلف، ما لم يثبت أن هنالك تحايلا يرمي إلى الإضرار بحقوقه، فيكون له في هذه الحالة أن ينقض ذلك التاريخ بكافة الطرق والوسائل.

ولقد جاء في قرار لمحكمة النقض المصرية إن:

«إثبات التاريخ  لا يكون إلا بإحدى الطرق التي عينها القانون، على التصرف بأنه صدر في مرض الموت بتاريخ السند، إذا لم يكن هذا التاريخ ثابتا، إلا أن هذا التاريخ يظل حجة عليهم إلى أن يثبتوا هم عدم صحته وأن التاريخ صدر في تاريخ آخر توصلا منهم إلى إثبات أن صدوره كان في مرض الموت…»[18].

وجاء في قرار آخر لنفس المحكمة أن:

«…التاريخ العرفي المعترف به من المورث يكون حجة على الوارث حتى يقيم الدليل على عدم صحته، فإذا كان الوارث لم يقدم الدليل على عدم صحة ذلك التاريخ، ولم يطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت بجميع الطرق القانونية صدور العقد في تاريخ آخر، فإن أخذ المحكمة بالتاريخ الوارد في العقد لا تكون فيه مخالفة للقانون…»[19].

ويتضح لنا من خلال هذين القرارين أن الخلف العام أي الوارث هو امتداد لسلفه، فتاريخ الورقة العرفية التي صدرت من مورثه يكون ثابتا في حقه، اللهم إلا إذا كان من شأن ذلك التاريخ هو الانتقاص من حقوقه، إذ يحق له آنذاك أن يطعن فيه بجميع الطرق القانونية، ومنها البينة والقرائن، لما ينطوي عليه تقديم تاريخ التصرف من غش أريد به الاخلال بحقه الشخصي في الميراث.

رابعا – الدائن العادي

منح المشرع المغربي حق الضمان العام للدائن على أموال مدينه فنص بموجب الفصل 1241 من ق.إ.ع. على أن:

” أموال المدين ضمان عام لدائنيه ويوزع ثمنها عليهم بنسبة كل واحد منهم ما لم توجد بينهم أسباب قانونية للأولوية “[20].

واستنادا إلى هذا الفصل، فالدائن العادي هو من لا يعتبر خلفا عاما أو خاصا لمدينه، حيث يتأثر بطريقة غير مباشرة بجميع التصرفات القانونية التي قد يعقدها مدينه، والتي قد تزيد أو قد تنقص من ضمانه العام.

فحق الضمان العام المخول للدائن العادي لا يمكّنه من الحجر على مدينه، وذلك عن طريق منعه من مباشرة التصرفات القانونية في أمواله بالطريقة التي يفضلها.

وعليه، فإن التاريخ المضمن في الورقة العرفية التي صدرت من المدين يكون حجة على الدائن العادي، كما هو حجة على المدين حتى ولو لم يكن هذا التاريخ ثابتا، فهذا الاخير يسري في حق الدائن سواء صدر التصرف قبل نشوء الحق أم بعده، ويسوغ للدائن والمدين معا أن يثبتا عدم صحة التاريخ العرفي كلما توفرت لأي منهما المصلحة في ذلك[21].

فالرأي السائد هو عدم اعتبار الدائن العادي من فئة الغير، فهو يتأثر بالعقد المبرم من طرف المدين الذي قد ينقص أو يزيد في ذمته المالية، بغض النظر عن تاريخ هذا العقد سواء كان سابقا أم لاحقا لحق الدائن[22]، فهذا الاخير قد يعنيه التاريخ الذي صدر فيه تصرف مدينه، لا ليعتبر غيرا مادام المدين قد مثله في هذا التصرف، بل لأن له مصلحة تمكن له أن يثبت عدم صحته عن طريق ممارسة الدعوى غير المباشرة والدعوى البولصية[23].

وبالرجوع إلى أحكام الفقه الإسلامي، نجدالدائنين يتأثرون بمختلف التصرفات التي يبرمها المدين في أمواله، وذلك على نحو إيجابي إذا كانت هذه التصرفات تقلص من هذا الضمان العام،فلو أن المدين اشترى دارا فإن أثر هذا الشراء ينصرف إلى الدائن بحيث يزيد ضمانه، وبدخول الدار المشتراة في ملك المدين يستطيع الدائن أن ينفذ عليها للحصول على حقه، وكذلك لو باع المدين دارا مملوكه له، وآلت الدار إلى المشتري فإن أثر هذا العقد ينصرف إلى الدائن، فتخرج الدار من ضمانه ولا يتمكن من التنفيذ عليها بحقه عقب خروجها من ملك مدينه[24].

هكذا، وبعدما ثم الحديث عن الأشخاص الذين لا يعتبرون من فئة الغير بالنسبةلثبوت تاريخ العقد، سنتحدث عن الاشخاص الذين يعتبرون من الغير عند ثبوت تاريخ العقد، فمن هؤلاء الأشخاص الذين يدخلون في فئة الغير والذين لا ينفذ العقد في حقهم لعدم ثبوت تاريخه؟.

الفقرة الثانية: من يعتبر “غيرا” عند ثبوت تاريخ العقد

اختلفت آراء الفقهاء[25] عند وقوفهم على تعريف “الغير” حسب ثبوت تاريخ العقد، فقد تم تعريفه بأنه:

“كل شخص يجوز أن يسري في حقه التصرف القانوني الذي تثبته الورقة العرفية، ومن ثم يصح أن يحتج عليه بهذه الورقة كدليل على التصرف الذي يراد أن يسري في حقه، وهو بوجه عام الخلف العام والخلف الخاص والدائن”[26].

وفي هذا الإطار سيتم التوقف عند أبرز شخصين، وهما كل من الخلف الخاص(أولا) والدائن الحاجز (ثانيا).

أولا – الخلف الخاص

الخلف الخاص هو من انتقل إليه من سلفه مال معين بالذات، أو أي حق عيني آخر على ذلك المال، وهو أيضا من يؤول إليه حق شخصي كان سلفه دائنا به من قبل، ويدخل في هذا الصدد المشتري الذي يعد خلفا خاصا للبائع في حدود المال محل البيع، بالإضافة إلى الموهوب له الذي يخلف الواهب في المال موضوع الهبة[27].

وحجية الورقة العرفية بالنسبة للخلف الخاص من حيث صحة التاريخ الذي تحمله، من أهم المسائل في حجية الورقة العرفية، فقد يكون طرفا العقد متواطئين في تقديم التاريخ أو في تأخيره لتحقيق غرض معين، فثبوت التاريخ بالنسبة للعقد شرط أساسي لحماية الخلف الخاص، فمثلا قد يتنازع خلف خاص مع خلف خاص آخر على شيء تعاقدا عليه مع السلف، فالواقع يفرض أن الذي يتمتع بالحماية هو من كان عقده سابقا عن الآخر، إلا أن ثبوت تاريخ عقد أحدهما على الآخر يجعله من الغير، ويتمتع بالحماية القانونية على الخلف الخاص الآخر الذي لم يكن تاريخ عقده ثابتا[28].

فمثلا، إذا باع شخص سيارته لمشتر بعقد ثابت التاريخ، فهذا الاخير يعتبر خلفا خاصا للبائع، ولا يحتج عليه بأي تصرف آخر في السيارة يصدر من البائع إذا كان تاريخه غير ثابت، فلو أن بائع السيارة باعها مرة أخرى إلى مشتر ثان، فإن المشتري الاول يكون من الغير بالنسبة إلى تاريخ هذا التصرف، ومن ثم فإن تاريخ البيع الثاني إذا كان عرفيا لا يحتج به بتاتا على المشتري الاول[29].

ونجد المشرع المغربي ينص في الفصل 694 من ق.إ.ع.[30] على أنه:

“لا يفسخ عقد الكراء بالتفويت الاختياري أو الجبري للعين المكتراة، ويحل المالك الجديد محل من تلقى الملك عنه في كل حقوقه والتزاماته الناتجة من الكراء القائم، بشرط أن يكون هذا الكراء قد أجري بدون غش، وأن يكون له تاريخ سابق على التفويت”.

ويستشف من خلال هذا الفصل،إن المشرع المغربي في ظل انتقال الملكية المثقلة بعقد الكراء، اشترط أن يكون هذا الأخير قد أجري بدون غش وأن يكون له تاريخ سابق على التفويت، فلا يحتج على المالك الجديد بعقد الكراء إلا بتوافر هذين الشرطين.

وهو ما أكده الإجتهاد القضائي المغربي في القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 31 مارس1994، الذي جاء في حيثياته:

” وحيث إن الثابت بمقتضى الشهادة العقارية المستدل بها في الملف… وإن الشقة موضوع النزاع الموضوع لها الرسم العقاري 86216/03 في ملكية دينيه عبد الحميد.

وحيث إن المستأنف عليه لا ينازع في كونه فوت العقار أثناء قيام العلاقة الكرائية. وإنه لا محل للتمسك باستمرار هذه العلاقة بناء على مراسلات وإقرارات صادرة عن الطرف المستأنف للمدة الفاصلة بين تاريخ انتقال الملكية وتاريخ قيام النزاع الحالي واعتمادها لإعطائه صفة الادعاء مادام قد ثبت عكس ذلك الإقرار بحجة انتقال الملكية للغير وهي الإدلاء بما يثبت انتقال ملكية العقار موضوع الطلب للغير المالك الجديد الذي تلقى الملك عنه وحل محله في كل حقوقه والتزاماته الناتجة عن الكراء القائم قبل التفويت عملا بأحكام الفصل 694 من ق.إ.ع. “[31].

فانطلاقا من حيثيات هذا القرار، ووفقا للقواعد العامة الواردة في هذا السياق، فإنه يتعين أن يكون العقد المرتب للحقوق والالتزامات التي جرى فيها الاستخلاف سابقا من حيث تاريخه على تاريخ انتقال الحق من السلف إلى الخلف، ولنفاذ التصرف القانوني الوارد في المحرر العرفي إزاء الخلف الخاص ينبغي التمييز في هذا الإطار بين حالتين هامتين:

الحالة الأولى: وهي المتعلقة بعلم الخلف الخاص بالقيد، فعلم الخلف الخاص بهذا الأخير، ينفذ في مواجهته وإن لم يكن تاريخ التصرف ثابتا.

ومن المعلوم أن القاعدة هي عدم علم الخلف الخاص بهذا التاريخ، ويبقى عبء الإثبات على من يدعي العلم أن يبرهن على ما يدعيه وفقا للقواعد العامة.

الحالة الثانية: وهي المتعلقة بعدم علم الخلف الخاص بتاريخ المحرر العرفي المشتمل على القيد، ولم يستطع من يدعي عكس ذلك أن يبرهن على ما يدعيه، وفي هذه الحالة لا يعتبر التاريخ نافذا في مواجهته إلا إذا كان ثابتا[32].

هكذا، فإن الجهل بالقيود وتلافيا لكل تواطؤ قد يلحق الضرر بمصالح المشتري يجعله في هذه الفرضية غيرا لا يحتج في مواجهته إلا بالتاريخ الثابت.

وحري بنا أن نشير، قبل أن ننتقل لدراسة الدائن الحاجز، أننا لم ندرس الخلف الخاص بالنسبة للعقار، بل اقتصرت دراستنا له في هذه المحطة من الدراسة على مركزه كمشتري أو كمكتري، وذلك لما يتطلبه العقار من إجراءات أخرى غير ثبوت التاريخ  كالتسجيل أو القيد[33].

ثانيا- الدائن الحاجز

         يعتبر الدائن الحاجز من ” الغير “إذا تركز حقه في مال للمدين معين بالذات، ولا يقع هذا إلا إذا باشر الدائن حجزا لدى الغير على أموال مدينه المنقولة أو العقارية أو على غيرها من الحقوق المالية، فالحكم يختلف في هذه الحالة، فالدائن يصبح من الغير بالنسبة لما يقع عقب ذلك من تصرفات بخصوص المال أو الأموال المحجوزة، ومعلوم أن الحجز هو الحلقة الاولى في مرحلة التنفيذ[34].

         هكذا، فإن حرية المدين في تصرفاته على سبيل التبرع خلال مرض موته تكون مقيدة، لتعلق حقوق الدائنين بماله كله إذا كان الدين مستغرقا، وبجزء منه إذا لم يكن كذلك، فإذا كان المريض مرض الموت مدينا منع من التصرف الضار بمصلحة الدائنين[35].

وعليه، إذا كان المريض مدينا بدين استغرق كل ماله منع من التبرعات أو ما في حكمها، كالهبة والوقف والوصية بشيء من ماله، والبيع والشراء بالمحاباة ويكون تصرفه موقوفا على إجازة الدائنين بعد وفاة المريض[36].                             

والشخص في إطار تصرفاته المالية، سواء كان صحيحا أم مريضا، إذا ما تجاوزتديونه ما تحت يده، ساغ لدائنيه منفردين أم مجتمعين، على مستوى جميع المذاهب السنية[37] أن يطلبوا الحجر عليه بسبب الدين حماية لحقوقهم من الضياع[38].

ومن المعلوم أن تعلق حق الدائنين المتعلق بأموال التركة من وقت المرض هو أكثر فاعلية من تعلق حق الورثة، وذلك نظرا إلى أن حقوق الدائنين مقدمة على حقوق الموصى لهم والورثة[39]، فإذا كانت التركة مستغرقة بالديون فلا ينفذ في حق الدائنين أي تبرع أو محاباة صدر في مرض الموت ولو أجاز الورثة[40].

وما تنبغي الاشارة إليه في هذا الصدد، إلى أنه في حالة حصول أحد دائني التركة في حال حياة المورث على تأمين عيني، ويضمن الوفاء بحقه سواء كان ذلك التأمين رهنا أو اختصاصا أو امتيازا، فإنه يكون في مأمن من كل خطر يهدد الحق، حيث يمكّن هذا الضمان التقدم في استيفاء حقه من المقابل النقدي للمال المحمل بالتأمين على الدائنين العاديين للتركة والدائنين التاليين له في المرتبة، كما يخوله تتبع هذا المال إذا حصل التصرف فيه في أي يد يكون[41].

بيد أن فقهاء المالكية يذهبون إلى أن تصرف المدين، ولو على سبيل المعاوضة عقب الحجر عليه للفلس لا ينفذ في مواجهة دائنه، بالإضافة إلى تصرف المدين الصادر قبل الحجر عليه للفلس لا يسري في مواجهة الدائن إذا كان يضر بحقه[42].

وما تنبغي الإشارة إليه في هذا الصدد، أن الغير يشمل بالنسبة لثبوت تاريخ الورقة العرفية:

«الدائن الحاجز، سواء كان المال المحجوز عليه منقولا أو عقاراأو دينا لمدينه في ذمة الغير، إذ أن القانون يرتب على الحجز حبس المال المحجوز ووضعه تحت يد القضاء على ذمة الدائنين الحاجزين حتى يستوفوا من ثمنه حقوقهم، أي أنه يرتب للدائن حقا خاصا على المال المحجوز يتعارض مع  حق المتصرف إليه بالمحرر العرفي، ويجعل الدائن بذلك في مثل مركز الخلف الخاص فلا يحتج عليه بتاريخ ذلك المحرر العرفي ما لم يكن ثابتا بوجه رسمي»[43].

هكذا، وبعد الحديث عن مركز الغير بالنسبةلثبوت وعدم ثبوت تاريخ العقد، سيتم الحديث في المطلب الموالي عن مركز الغير و تقييد العقد وإشهاره.

المطلب الثاني: الغير وتقييد العقد وإشهاره

تعتبر عملية تقييد عقد معين وسيلة ليست ذات طابع منشئ لحقوق المتعاقدين، كما هو الأمر فيما يتعلق بالتقييد في الرسم العقاري[44]، ولا يعتبر دليلا على وجود العقد بين أطرافه، ولا حتى بداية حجة مكتوبة لإثبات الوقائع التي يتضمنها، بل تمثل وسيلة هامة تضفي على العقود العرفية تاريخا ثابتا في مواجهة الغير، وهو ما نص عليه المشرع المغربي في الفصل 425 من قانون الالتزامات والعقود[45].

فتقييد العقد أو إشهاره يلعب دورا هاما في حماية الغير الذي يريد كسب حق عيني على عقار معين، فالإشهار يهيئ العلم للغير بالوضع القانوني للعقار مما يمكنه من عدم التعاقد إذا ما علم أن المالك للعقار قد سبق له أن تصرف فيه عينيا، وأنه إذا ما أقدم على التعاقد لاصطدم بقاعدة أن الشخص لا يستطيع أن ينقل للغير أكثر مما يملك[46].

فالحق العيني المتعلق بعقار محفظ لا يمكن أن ينشأ سواء بين المتعاقدين أم بالنسبة للغير إلا عن طريق تقييده في السجل العقاري ومن تاريخ التقييد، وهو ما أكده المشرع المغربي بموجب الفصلين 66 و 67 من ظهير 9 رمضان الذي تم تعديله وتتميمه بموجب القانون رقم14-07، والمادة الثانية من مدونة الحقوق العينية[47]، وذلك عندما قرر قاعدة تفيد بأن للتقييد أثرا منشئا للحق العيني، ومن ثم فقد ربط نشوء الحق بتاريخ التقييد في الرسم العقاري وحده، سواء تعلق الأمر بعقود ناقلة للملكية أم بغيرها[48].

ولقد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى على أنه:

« لا يكون أثر حتى بين المتعاقدين، للاتفاقيات الرامية إلى إنشاء أو نقل حق عيني عقاري إلا من تاريخ تسجيلها في الرسم العقاري، ولا يمكن حصول حماية الحق العيني حتى بين المتعاقدين إلا عن طريق  إشهاره بتقييده في الرسم العقاري المخصص لكل عقار كما يستفاد كل ذلك من الفصل 67 من ظهير 9 رمضان 1331، والفصل الثاني من ظهير 19 رجب 1333، قرر نقض وإبطال حكم محكمة الاستئناف في الرباط المطعون فيه من حيث إنه خرق هذه المبادئ عندما قضى بقبول مطلب شركة كان يرمي إلى الحكم بشطب ما سجل في الرسم العقاري في 7 يوليوز 1949 من عقد متضمن لتفويت حقوق عينية محرر في 20 يونيو 1949، وذلك ليتأتى للشركة الطالبة أن تقوم بتقييد عقد شرائها المحرر في تاريخ يونيو 1928»[49].

وفي قرار آخر صادر عن نفس المجلس جاء فيه بأن:

« قاضي  الأمور المستعجلة مختص بطرد من يحتل عقارا محفظا دون أن يكون مسجلا في رسمه العقاري كمالك، ولو استظهر بعقد شراء وثيقة أخرى ترمي إلى تملكه، ما دام هذا العقد لم يسجل بعد في الرسم العقاري، لأن الاتفاقيات التعاقدية الرامية إلى نقل حق عيني إلى الغير لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ تسجيلها في الرسم العقاري عملا بمقتضيات الفصل 67 من ظهير 9 رمضان 1331 بشأن التحفيظ العقاري»[50].

كما أننا نجد المجلس الأعلى طبق القاعدة على الحقوق التي نص عليها الفقه الإسلامي، وبصورة خاصة حق الزينة، حيث جاء في إحدى حيثيات القرار ما يلي:

” إن حق الزينة حسب الفصل 8 من ظهير 2 يونيه 1915 يعتبر حقا عقاريا، وأن الفصل 197 من نفس الظهير عندما نص على أن الحقوق التي نص عليها الفقه الاسلامي الواردة في الفصل 8 ومن بينها حق الزينة تبقى خاضعة للقواعد التي تحكمها، لا يحدد إلا القواعد الجوهرية، وعليه فإن المحكمة صادفت الصواب عندما اعتبرت أنه لا يمكن الاحتجاج بحق الزينة الذي لم يقع تسجيله في السجل العقاري”[51].

وبناء عليه، فالقضاء المغربي من خلال هذه القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى، تبين أنه أصدر أحكاما وقرارات تؤيد أن للتقييد أثرا منشئاللحق سواء بين المتعاقدين أم بالنسبة للغير.

وللإشارة لا يتم انتقال ملكية العقار المحفظ المبيع إلا من وقت قيام المحافظ العقاري بالتوقيع على السجل العقاري بعد إيراد بيانات موجزة في هذا الاخير وتاريخه، وهو ما ثم التنصيص عليه بموجب الفصل 75 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون رقم 14-07 إذ جاء فيه ما يلي:

” ينجز كل تقييد بالرسم العقاري بيانات موجزة ويؤرخ هذا التقييد ويوقع من طرف المحافظ على الاملاك العقارية تحت طائلة البطلان”.

وهو ما أكده القضاء المغربي في قرار صدر عن المجلس الاعلى بتاريخ 30 يناير 1985 حيث جاء فيه ما يلي:

” إيداع الطلب والوثائق بسجل الايداع بالمحافظة لا يرقى إلى درجة إشهار الحق بتسجيله بالرسم العقاري”[52].

أما المشرع الفرنسي فلم يعتبر تسجيل العقد العيني الوارد على العقار إلا شرطا لنفاذ الحق العيني في مواجهة الغير، فبيع العقار الذي لم يتم إشهاره بنقل الملكية بين المتعاقدين  وتنشأ عنه جميع الإلتزامات العقدية، إلا أنه لا ينفذ فيما يتعلق بانتقال الملكية في حق الغير[53].

فالإشهار في القانون الفرنسي هو وسيلة لإعلام “الغير” بالتصرفات العينية التي يجريها المالك على العقار، هكذا إذا لم يتم إشهار العقد بتقييده لدى الجهة المختصة بما يسهل على الغير العلم به، فإن للغير أن يعتبر هذا العقد وكأنه لم يوجد، وبهذه الوسيلة تم حل النزاع بين الخلفاء الخاصين لسلف واحد، فالخلف الخاص الذي تؤول إليه ملكية العقار، لو باعه مالكه مرتين، هو من يسبق خصمه إلى إشهار العقد[54].

أما بالنسبة للمالك في القانون العراقي، فإن العقد ذو الأثر العيني الوارد على عقار يشهر بتقييده، فالتقييد حسب هذا القانون هو ركن في العقد لا ينعقد إلا به[55]، فبخلاف المشرع الفرنسي، فالعقد غير المقيد صحيح إلا أنه لا يمكن أن يحتج به على دائن البائع[56].

أما بخصوص المشرع المغربي، فاعتبر أن للتقييد حجية في مواجهة الغير بالمعنى الواسع أي في مواجهة الكافة، فمالك الحق العيني المقيديحق له أن يطلب طرد الشخص الذي يستغل العقار الذي يزعم أنه صاحب حق عيني عليه، طالما أنه لا يتمسك بأي حق مقيد بالسجل العقاري بمجرد بيع مزعوم غير مقيد.

وهناك معنى ضيق للغير في هذا الإطار، أي الشخص الذي يتمتع بحق عيني مقيد أصلا في السجل العقاري والذي يتأثر حقه بحجية التقييد، والغير بهذا المعنى الضيق يلزمنا أن نعمل على التمييز بين حالتين يكون فيهما الغير إما حسن النية (فقرة أولى)، وإما سيء النية بالنسبة لحجية إشهار العقد (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: الغير حسن النية وحجية تقييد العقد بالسجل العقاري

تكتسي حجية التقييد بالنسبة للغير قوة قاطعة، بمعنى أن قيود السجل العقاري التي استند عليها الغير، تعتبر قيودا صحيحة على الإطلاق، بحيث لا يتأثر حقه بما يمكن أن يطالها من بطلان أو إبطال أو أي تغيير[57]، وهو ما ينص عليه المشرع المغربي بموجب الفصل 66 من ظهير 9 رمضان 1331 المعدل والمتممبموجب القانون رقم 14-07 على أن:

“كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده، وابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية.

لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة”.

وهو ما أكده المشرع المغربي كذلك بموجب المادة 2 من مدونة الحقوق العينية التي تنص على ما يلي:

إن الرسوم العقارية وما تتضمنه من تقييدات تابعة لإنشائها تحفظ الحق الذي تنص عليه وتكون حجة في مواجهة الغير على أن الشخص المعين بها هو فعلا صاحب الحقوق المبينة فيها.

إن ما يقع على التقييدات من إبطال أو تغيير أو تشطيب من الرسم العقاري لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد عن حسن نية، كما لا يمكن أن يلحق به أي ضرر، إلا إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور أو استعماله شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحق داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه.”

ويستشف من خلال هذه النصوص، أن الغير حسن النية هو الذي يجهل العيوب التي تطال السند أو الرسم الذي تلقى الحق بموجبه بعد تقييد اسمه في السجل العقاري.

ويسوغ القول بأن حجية التقييد بالنسبة للغير حسن النية هي حجية مطلقة، وذلك حتى بالنسبة للحالة التي يثبت فيها أن التقييدات التي استند إليها الغير مزيفة أو قابلة للإبطال، فما دام هذا الغير قد وثق بصحتها، فإن أي إبطال أو تغيير لاحق لا يمكن أن يضر به، وإن حقه الذي قام بتقييده بعد التصرف يظل مصانا ولا يلحقه أي إزعاج[58].

بيد أن مبدأ حسن النية لا يستطيع تطهير السند الذي بموجبه قيد الغير حقه، لأن حسن نية الغير تحميه من بطلان وعيوب التقييدات السابقة، ولا تحميه من بطلان السند نفسه الذي بموجبه آل إليه الحق في حالة ما إذا كان هذا السند معيبا[59].

وبناء عليه، فالغير حسن النية لا يتأثر إذا ما اتصلت العيوب بعلمه بعد تقييد الحق الذي انتقل إليه، فالعبرة إذن في تقدير حسن النية من عدمها هو بتاريخ وقوع التقييد، فإذا كان الغير يجهل أمر العيوب اعتبر حسن النية، وفي حالة علمه بها كان إذن سيء النية[60].

الفقرة الثانية: الغير سيء النية وحجية تقييد العقد بالسجل العقاري

ربط المشرع المغربي مسألة القيد في السجل العقاري -الذي يعتبر قرينة على وجود الحق وإثباته- بمبدأ حسن النية، أما سوء النية فهو لا يمكن من الاستفادة من حجية التقييد[61]، وهو ما يستنتج من مفهوم مخالفة الفقرة الثانية من الفصل 66 من ظهير9 رمضان 1331 المعدل والمتمم بالقانون رقم 14-07، الذي اشترط المشرع المغربي بموجبه أن يكون الغير حسن النية حتى لا يتم الاحتجاج في مواجهته بإبطال التقييد.

لقد ذهب رأي من الفقه إلى القول، بأن الغير سيء النية هو الذي يعلم بعيب سند من تلقى الحق عنه[62]، وعلى الرغم من وجاهة هذا الرأي، فلا يمكن الإعتداد بمجرد العلم البسيط، خاصة وأن الشخص الذي يعمل على تقييد حقه، إنما يعتمد في ذلك على البيانات المقيدة في السجل العقاري، وليس على بنود العقد[63]، حيث إنه من الصعب اعتباره سيء النية بسبب وجود عيب في التصرف السابق، وفي رسم من تلقى الحق عنه[64]، وإنما يجب تعليق هذه النتيجة الخطيرة ليس فقط على مجرد العلم، وإنما على التواطؤ مع المتصرف للإضرار بمصلحة المتضرر المشتري الأول أو الشخص الموعود له بالبيع أو بالحق العيني.

وهذا ما زكاه القضاء المغربي في العديد من القرارات القضائية، فالشخص الذي قيد حقه عن سوء نية لا يستطيع أن يحافظ على حقه رقم تقييده، وبذلك يكون ملزما بإرجاع الحق إلى صاحبه، وهو ما أكدته محكمة الاستئناف بالرباط في قرارها الصادر بتاريخ 17 فبراير 1951، حيث قررت بأنه:

” يجب الأمر بالتشطيب على تسجيل البيع حالة وجود اتفاق تدليسي بين البائع والمشتري، ويتم الاتفاق التدليسي إذا كان المشتري على علم بوعد بالبيع السابق، وإبرام الشراء بدون أن يقع إبطال الوعد بالبيع، وإذا سجل شراءه بسرعة استثنائية في نفس اليوم الذي تم فيه التشطيب على العقد وتسجيل قسمة قضائية من شأنها أن تفتح المجال لإنجاز البيع “[65].

خاتمة

والملاحظ مدى تأثير تقييد الحقوق العينية في السجل العقاري بحسن نية الطرف المقيد للحق، بحيث إن حسن النية هو الذي يعمل على ضمان إنشاء الحق بصورة أبدية، من هنا يتجلى لنا الوظيفة الإنشائية لحسن النية، ذلك أن التقييد للحقوق العينية لا يضمن بقاءها للطرف المتصرف إليه إذا لم يكن هذا الأخير حسن النية.

وبالرغم من وضوح الفصل 66 من ظهير التحفيظ العقاري والمادة الثانية من مدونة الحقوق العينية بشأن الدور الإنشائي للتقييد، فإن هذا الأخير لا يحافظ على الحق المقيد بصورة مطلقة إذا ما كان الشخص المقيد سيء النية، فالدور الهام لاستقرار مثل هذه الحقوق موكول إلى توافر حسن النية للطرف المقيد أولا و إجراء التقييد ثانيا.

ونشير في هذا الشأن، إلى أن توافر حسن النية وحده لا يكفي إذا لم يجر التقييد، بالإضافة إلى أن التقييد غير المقرون بحسن النية لا يجدي نفعا، وبالتالي فتوافر حسن النية وإجراء التقييد أمران ضروريان في مجال التحفيظ العقاري، وذلك للمحافظة على الحقوق وضمان استقرارها.


[1]– Bartin (E), « De la règle,  res inter alios acta, en droit romain », Th. Paris, 1885, P.186.

[2]– Dagot (M), «  La simulation en droit privé », Thèse (imprimée), L.G.D.J, Paris, 1962, P.136.

[3]–  سليمان مرقس،” الوافي في شرح القانون المدني، الجزء الخامس، أصول الإثبات وإجراءاته في المواد المدنية، المجلد الأول، الأدلة المطلقة “، مطبعة السلام، القاهرة 1991،ص 287.

[4]–  ينص المشرع المغربي في الفصل 425 من قانون الالتزامات والعقود المغربي على أن:

” المحررات العرفية دليل على تاريخها بين المتعاقدين وورثتهم وخلفهم الخاص حينما يعمل كل منهم باسم مدينه.

                        ولا تكون دليلا على تاريخها في مواجهة الغير إلا:

  1. من يوم تسجيلها، سواء كان ذلك في المغرب أم في الخارج؛
  2. من يوم إيداع الورقة بين يدي موظف عمومي؛
  3. من يوم الوفاة أو من يوم العجز الثابت إذا كان الذي وقع على الورقة بصفته متعاقدا أو شاهدا قد توفي أو أصبح عاجزا عن الكتابة عجزا بدنيا؛
  4. من يوم التأشير أو المصادقة على الورقة من طرف موظف مأذون له بذلك أو من طرف قاض، سواء في المغرب أو في الخارج؛
  5. إذا كان التاريخ ناتجا عن أدلة أخرى لها نفس القوة القاطعة؛
  6. إذا كان التاريخ ناتجا عن التوقيع الالكتروني المؤمن الذي يعرف بالوثيقة وبموقعها وفق التشريع الجاري به العمل.

ويعتبر الخلف الخاص من الغير، في حكم هذا الفصل، إذا كان لا يعمل باسم مدينه.”

– يراجع حول مضمون هذا الفصل:

– محمد الكشبور، ” بيع مريض مرض الموت “، قراءة في قرار للمجلس الأعلى، ح.ع. 3958 الصادر في 24 يونيو 1997، م.م.ع. 3817/1/2/95 “، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، الطبعة الأولى 1422-2002،ص 144 وما بعدها.

[5]– Aussel (J), « Essai sur la notion de tiers en droit civil français », Thèse (imprimée), Montpellier, 1953,P.229.

[6]– صبري حمد خاطر،” الغير عن العقد- دراسة في النظرية العامة للالتزام”، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة، عمان، الطبعة 2001، ص 201.

[7]– وتنبغي الاشارة في هذا الصدد إلى إشكال ثبوت التاريخ بالنسبة للورقة الرسمية و المحررات العرفية، فإن تاريخ الورقة الرسمية يعتبر صحيحا إلى أن يتم الطعن فيه بالتزوير، أما بالنسبة لتاريخ الورقة العرفية فإنه يكون حجة على موقعيها، ولكنه يكون حجة على الغير إلا إذا كان ثابتا.

– يراجع في هذا الصدد:

– عبد الرزاق أحمد السنهوري،” الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزءالثاني،نظرية الالتزام بوجه عام،الإثبات- آثار الالتزام”، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت لبنان، الطبعة الثالثة الجديدة 2000. ص109.

[8]– لقد أعطى الفقيه المصري عبد المنعم فرج الصدة تبريرا لهذه القاعدة بأن أورد المثال الآتي الذي جاء فيه:

“فمثلا: لو أن شخصا باع منقولا كسيارة أو جواد، مرتين لشخصين مختلفين دون أن يسلمه إلى أي منهما، يكون عقد البيع لثاني ساريا في حق المشتري الأول، لأن هذا الأخير قد أصبح مالكا بمجرد العقد، وعقده سابق على عقد المشتري الثاني ولكن هذه الأسبقية لا تتحدد بالتاريخ الذي يدونه العاقدان في الورقة، وإنما بتاريخ تعززه واقعة تنهض بصدفة على أساس يقيني وفقا لحكم المادة 395، وهذا هو التاريخ الثابت، وإلا أمكن للشخص بعد أن يتصرف في الشيء أن يعقد بشأنه تصرفات أخرى ويقوم تاريخها غشا إلى ما قبل التصرف الأول حتى تكون سارية في حق من حصل لم التصرف أول  مرة، فالحكم الذي نحن بصدده يكفل حماية الغير، وهو في هذا  المثال منع المشتري الأول، من أن يتواطأ البائع مع المشتري الثاني، فيقدما تاريخ البيع الثاني كي يكون نافذا في حق المشتري الأول، ولو ترك أمر التاريخ في حالة الغش هذه القاعدة العامة المتعلقة بالبيانات الأخرى في الورقة لكان على الغير الذي يتمسك ضده بالورقة أن يثبت كذب التاريخ المدون فيها، وهيهات أن يتيسر له ذلك، وإذا  كانت الميزة الأولى لهذا الحكم أنه يدرأ عن الغير خطر غش يصعب عليه إثباته، فإنه يمتاز فضلا عن ذلك بأنه يرد أمر التاريخ إلى حد معلوم يسهل التحقق منه، الأمر الذي يوفر على الخصوم صعوبات كثيرة، ويبسط عمل القاضي إلى درجة تنأى به عن كل تحكم، على أن هذا الحكم لا يخلو من مساوئ فهو يضحي بمصلحة الغير الطيب النية إذا لم يكن تاريخ محرره ثابتا، حتى ولو كان هذا التاريخ في حقيقته هو الأسبق، لكن يلاحظ في خصوص هذا الحكم أن حسناته ترجح سيئاته إلى حد كبير، والمشرع فيما يأخذ به من أحكام إنما يرجح مصلحة على أخرى بحسب ما يمليه الصالح العام، فالأخذ بهذا الحكم أمر يقتضيه تنظيم المعاملات، وما على الشخص الذي يتعامل بورقة عرفية إلا أن يأخذ حذره وينزل على حكم القانون لإعطاء الورقة تاريخا ثابتا….”

– يراجع في هذا الصدد:

– عبد المنعم فرج الصدة، ” الإثبات في المواد المدنية”، جمهورية مصر العربية، 1995 ص 128 و 129.

[9]– محمد الكشبور، “بيع العقار بين الرضائية والشكل”، دراسة في أحكام الفقه الإسلامي وفي القانون الوضعي وفي مواقف القضاء، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1997، ص 87.

[10]– فالغير المتحدث عنه في حجية الورقة العرفية هو كالغير في حجية الورقة الرسمية، إلا أنه في ظل حجية تاريخ الورقة العرفية تضيق دائرته، ويتحدد وضع الغير على نحو يتلاءم مع هذا الوضع الذي يشغله، والفكرة الجوهرية التي تشترك مع باقي الاوضاع كالغير في الصورية أو التسجيل إلخ…، هي أن أثرا قانونيا معينا قد يمتد لشخص تقضي المبادئ العامة للقانون بحمايته من أن يتأثر به، فيعتبر من الغير بالنسبة لهذا الاثر.  

[11]– يراجع في هذا الصدد:

– عبد الرزاق أحمد السنهوري،”الوسيط في شرح القانون المدني الجديد” الجزء 2، نظرية الالتزام بوجه عام، الإثبات، آثار الالتزام،” م.س. ص 202.

– سليمان مرقس،” قوة المحررات العرفية في الإثبات “، مقال منشور في مجلة القانون والاقتصاد، العدد الثالث والرابع والخامس، 1944، ص 266.

[12]– محمد الكشبور،” بيع العقار بين الرضائية والشكل “، دراسة في أحكام الفقه الإسلامي وفي القانون الوضعي وفي مواقف القضاء، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1997، ص 78.

[13]– محمد الكشبور، ” بيع مريض مرض الموت “، م.س. ص 144.

[14]– وتنبغيالإشارة إلى أن مصطلح النيابة يجب أن يؤخذ بمعنى واسع، فهو يشمل كلا من النيابة الاتفاقية كالوكالة والنيابة الشرعية أو القانونية كالولي والوصي والقيم، والنيابة القضائية التي تجري مثلا في إطار الحراسة القضائية.

– يراجع في هذا الصدد:

–  سليمان مرقس، ” الوافي في شرح القانون المدني، الجزء الخامس، أصول الإثبات وإجراءاته في المواد المدنية، المجلد الأول، الأدلة المطلقة “،مطبعة السلام، القاهرة 1991، ص 283 و 284.

[15]– عبد الرزاق أحمد السنهوري، “الوسيط في شرح القانون المدني الجديد” الجزء 2، نظرية الالتزام بوجه عام، الإثبات، آثار الالتزام”،م.س. ص 203.

[16]– محمد الكشبور،”بيع العقار بين الرضائية والشكل”، دراسة في أحكام الفقه الإسلامي وفي القانون الوضعي وفي مواقف القضاء،م.س. ص 76 وما بعدها.

[17]–  عبد الرزاق أحمد السنهوري، “الوسيط في شرح القانون المدني الجديد” الجزء 2، نظرية الالتزام بوجه عام، الإثبات، آثار الالتزام”،م.س. ص 205.

[18]– نقض مدني صادر في 6 دجنبر 1977، الطعن رقم 816 س 43 ق.

[19]– نقض مدني صادر على محكمة النقض المصرية، بتاريخ 13 فبراير 1943، مجموعة القواعد القانونية، الجزء الثالث ص 323 رقم 101.

[20]–  نص المشرع المغربيفي الفصل 1242 منق.إ.ع.على أن:

“الأسباب القانونية للأولوية هي الامتيازات والرهون وحق الحبس”.

[21]– عبد الرزاق أحمد السنهوري، “الوسيط في شرح القانون المدني الجديد”، الجزء 2، نظرية الالتزام بوجه عام، الإثبات، آثار الالتزام”،م.س. ص 212.

[22]– صبري حمد خاطر،”الغير عن العقد”، م. س. ص 217.

[23]– يراجع في هذا الاطار:

– مأمون الكزبري،” نظرية الالتزامات في ضوء قنون الالتزامات والعقود المغربي”، الجزء الاول، مصادر الالتزامات، م.س. ص 263.

– عبد الرزاق أحمد السنهوري، “الوسيط في شرح القانون المدني الجديد”، الجزء 2، نظرية الالتزام بوجه عام، الإثبات، آثار الالتزام”،م.س. ص 213.

[24]– عبد الرزاق أحمد السنهوري،” مصادر الحق في الفقه الاسلامي، دراسة مقارنة بالفقه الغربي”، الجزء الخامس، م.س. ص 98.

[25]– يراجع في هذا الصدد:

– آدم وهيب النداوي،”شرح قانون الإثبات”، الطبعة الأولى بغداد 1986، ص 113 و 114.

– سليمان مرقس،” أصول الإثبات وإجراءاته في المواد المدنية”،م.س. ص 246.

– سعدون العامري، “موجز نظرية الإثبات “، الطبعة الأولى، بغداد 1966، ص 62 وما بعدها.

[26]– عبد الرزاق أحمد السنهوري، “الوسيط في شرح القانون المدني الجديد” الجزء 2، نظرية الالتزام بوجه عام، الإثبات، آثار الالتزام،” م.س. ص 196.

[27]– عبد الحق صافي،” القانون المدني” الجزءالأول، المصدر الإرادي للالتزامات، العقد، الكتاب الأول تكوين العقد، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، الطبعة الأولى 2006، ص 490 و491.

[28]– يراجع في هذا الصدد:

– عبد الرزاق أحمد السنهوري، “الوسيط في شرح القانون المدني الجديد” الجزء 2، نظرية الالتزام بوجه عام، الإثبات، آثار الالتزام،” م.س. ص218.

– سليمان مرقس، أصول الاثبات وإجراءاته في المواد المدنية في القانون المصري”، الجزء الثاني، الادلة المطلقة، 1981، ص 233 وما بعدها.

[29]– أورد هذا المثال الفقيه:

– عبد الرزاق أحمد السنهوري، “الوسيط في شرح القانون المدني الجديد” الجزء 2، نظرية الالتزام بوجه عام، الإثبات، آثار الالتزام،” م.س. ص220 و221.

[30]– ينص المشرع المصري في المادة 604 من القانون المدني على ما يلي:

” إذا انتقلت ملكية العين المؤجرة اختيارا أو جبرا إلى شخص آخر، فلا يكون الإيجار نافذا في حق هذا الشخص إذا لم يكن له تاريخ ثابت سابق على التصرف الذي نقل الملكية”.

– يراجع حول هذه المادة:

– عبد الرزاق أحمد السنهوري، “الوسيط في شرح القانون المدني الجديد” الجزء 2، نظرية الالتزام بوجه عام، الإثبات، آثار الالتزام،” م.س. ص221.

[31]– قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 31 مارس 1994، الغرفة المدنية، قرار صادر في الملف المدني عدد 7107/89- 2872/90، أشار إليه:

–  عبد الفتاح بنوار، ” المجموعات القانونية والقضائية المغربية، مجموعة القانون المدني، قانون الالتزامات والعقود”، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى 1996، ص 274.

[32]– عبد الحق صافي،” القانون المدني” ج 1، المصدر الإرادي للالتزامات، العقد، الكتاب الأول تكوين العقد، م. س، ص 491.

[33]–  بالرجوع إلى الفصول 65 و 66 و 67 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون رقم 14/07، يتضح لنا جليا أن الحقوق والتصرفات غير المقيدة لا يمكن الاحتجاج بها ضد الغير وحتى الأطراف. يتعلق الأمر هنا، إذن، بالتسجيل النهائي بمعناه الحقيقي، بيد أن التقييد الاحتياطي في نظر الأستاذ “بول دكرو” ليس بتسجيل بالمعنى الحقيقي المنشئ للحق، أي المعنى المخصوص في نظام التسجيلات العقارية.

ومن خلال ما سبق يتبين لنا أن هناك فروق جوهرية بين هاتين المؤسستين من حيث طبيعتهما القانونية والآثار المترتبة عنهما.

فبالنسبة للتسجيل l’inscription هو تدوين كتابة على الرسم العقاري بهدف تأسيس حق عقاري أونقله إلى الغير، أو تغييره أو إسقاطه طبقا لماجاء في الفصل 67 من ظهير التحفيظ العقاري. فالتسجيل بهذا المعنى يتم تعبا لأثر التأسيسي، وهو بهذه الصفة يظل قائما ويحافظ على الحقوق التي يتضمنه امالمتقع أسباب قانونية تستدع إلغاء تلك الحقوق أو انقضائها كأن تتغير بتسجيل جديد، أو يصدر بصددها حكمقضائيا كتسب قوة الشيء المقضي به يصرح بانقضاء أو بطلان الحق الذي يتعلق به.

أما التقييد الاحتياطي خلاف اللتسجيل،فهو مجرد إجراء بياني Mention يرد على الرسم العقاري ليقيد الحق الناتج عنه بما هو وارد في مطلب التقييد الاحتياطي أي إشارة بالتسجيل توضع على السجل العقاري بصفة مؤقتة، ولا يتمتع هذا البيان بأية قوة ثبوتية ولا أية حجية؛ بمعنى أن التقييد الاحتياطي لا ينشئ الحق المقيد احتياطيا ولا يقرره ولا يغيره و لا يسقطه، وإنما ينبأ باحتمال وجوده و إمكانية استكمال شروطه القانونية مستقبلا.

وبخلاف التسجيل النهائي، فالتقييد الاحتياطي ينقضي بنهاية المدة المحددة له إذا لم ينجز التسجيل النهائي خلال مدته،لكن في حالة إنجاز التسجيل النهائي خلال مدته، أو لم يدعم بفتح النزاع أمام القضاء، لكن في حالة إنجاز  التسجيل النهائي خلال المدة المحددة بصفة قانونية فإنه يعود بأثر رجعي إلى تاريخ التقييد الاحتياطي الذي يعين رتبة التقييدات اللاحقة له.

وبذلك يتضح لنا بأن التقييد الاحتياطي له دور وقائي وهو حماية الحقوق غير القابلة للتقييد  النهائي، ضد الأخطار الت يتهددها و التي تتحقق بسبب مفاعيل السجل العقاري و لا سيما القوة الإنشائية للحق  والثبوتية له و مراتب الحقوق التي يعطيها تاريخ التسجيل.

علاوة على ذلك؛ فإن من مميزات التسجيل بالسجلات العقارية كونه يخضع لمبدأ المشروعية، ومفاده أنه لا  تسجيل إلا للحقوق الثابتة والمستندة على سبب صحيح،  و ألا يكون مشكوكا فيها، لذلك لابد من مراقبة مدى شرعية الحقوق المراد تسجيلها من طرف المحافظ العقاري مادام تستتمتع بقوة  ثبوتية وستعتبر حجة في مواجهة الأطراف والغير بعد التسجيل.

أما بالنسبة للتقييد الاحتياطي فإن  المحافظ على الملكية العقارية ليست له أية سلطة في مراقبة طلبات التقييد الاحتياطي، اللهم ما يتعلق بالتحقق أن الوثائق المستند إليها في طلب التقييد الاحتياطي  (السند –الأمرالقضائي – مقال الدعوى) وأن الحقوق المراد صيانتها قابلة للتقييد.

– يراجع في هذا الصدد:

– إدريس السماحي،” القانون المدني الحقوق العينية ونظام التحفيظ العقاري “، الطبعة لأولى،مطبعة أمبرزار- مكناس 2003، ص. 293.

– عبد اللطيف الورناسي،” التقييد الاحتياطي “، ندوة العقار والاسكان، مراكش 24 أبريل 2003، ص 86.

– سعاد عاشور،” حجية التسجيل وفق نظام التحفيظ العقاري المغربي “، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة القاضي عياظ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، السنة الجامعية 1995/ 1996، ص 298.

– محمد العلمي،” التقييد الاحتياطي في التشريع العقاري والقوانين الخاصة “،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2004/ 2005، ص 13.

– محمد مهدي،” التحفيظ العقاري في المغرب “، مطبوعات دار المغرب للتأليف والنشر بالدار البيضاء، 1972، ص 253.  

[34]– يراجع في هذا الصدد:

– عبد الرزاق أحمد السنهوري، “الوسيط في شرح القانون المدني الجديد” الجزء 2، نظرية الالتزام بوجه عام، الإثبات، آثار الالتزام،” م.س. ص218.

–  مأمون الكزبري،” نظرية الالتزامات في ضوء قنون الالتزامات والعقود المغربي”، الجزء الأول، مصادر الالتزامات، الجزء الأول، المطبعة غير مذكورة، طبعة 1972، ص.367 وما بعدها.

[35]– عبد السلام أحمد فيغو، ” التصرفات الصادرة من المريض مرض الموت دراسة فقهية قانونية مقارنة “، دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، مطبعة الأمنية، بالرباط، الطبعة الثالثة 2010، ص 106.

[36]– وهبة الزحيلي، ” الفقه الإسلامي وأدلته “، الجزء  الرابع، دار الفكر سوريا، الطبعة الثانية 1405هـ/ 1985م، ص 136.

[37]– وبالرجوع إلى الفقه الإسلامي نجد أن العلامة عبد الرحمان الجزيري يقول:

” الحنفية قالوا: فأما الدين يحجر به فهو أن يستدين الشخص ديونا تستغرق أمواله وتزيد عنها فيطلب الدائنون الذين لهم هذه الديون من القاضي أن يحجر عليه كي لا يتصرف في ماله الذي تحت يده فتضيع على الدائنين أموالهم، والحجر لا يكون إلا للقاضي، فمتى وضع عليه الحجر فلا يصح له أن يتصرف في ماله بصدقة أو هبة أو إقرار بمال لمن له عليه دين غير من حجر عليه بطلبهم، ولكنه يعامل بإقراره هذا بعد فك الحجر عنه، ويصح الحجر على المديون ولو كان غائبا ولكن يشترط لعدم تصرفه علمه – إعلانه- بالحجر فإذا لم يعلم به وتصرف، فإن تصرفه يقع صحيحا، وللقاضي أن يبيع مال المحجور عليه بالدين لسداده إذا امتنع من بيعه ويقسم بينهم بحسب حصة كل واحد في الدين…

الشافعية قالوا: يحجر على المدين بسبب الدين إن كان الدين أكثر من ماله، أما إن كان ماله أكثر أو مساو فإنه لا يصح الحجر عليه، ولا يحجر إلا إذا طلب الغرماء الحجر كلهم أو بعضهم، أو طلب هو الحج على نفسه – كالمفلس الذي يشهر إفلاسه-، ومتى طلب الغرماء الحجر فإنه يجب على القاضي أن يحجر على المفلس حالا، ومتى حجر عليه تعلق حق الغرماء بماله وصار ممنوعا من التصرف فيه، فيبطل تصرفه من بيع وهبة ونحوهما حتى يقبض دينه.

ويصح للمحجور عليه أن يتزوج ويبقى المهر دينا في ذمته لا في المال الذي تحت يده، وكذلك يصح خلعه وطلاقه ونحو ذلك، وإذا أقر بدين عليه قبل الحجر فالأظهر أنه يقبل إقراره ويكون صاحب الدين شريكا لباقي الدائنين، أما إذا قال إنه استدان بعد الحجر فإن إقراره لا يقبل ويستحب أن يبادر القاضي بيع أموال المفلس، ولا يشترط أن يكون المدين حاضرا وكذلك الدائنون وإنما يسن ذلك، ويجب أن يكون البيع بثمن المثل وأن يكون الثمن حالا لا مؤجلا، فإذا لم يكن كذلك، فإنه لا يصح البيع إلا برضاء المدين والدائنين… وما يتحصل من الثمن بعد البيع يقسم على الدائنين بنسبة ديونهم.

وإذا قسم ماله على الدائنين ثم ظهر غيرهم فإنه يشاركهم فيما أخذوه بنسبة دينه، فيأخذ من كل واحد منهم نصيبا بنسبة ذلك.

المالكية قالوا: الدين سبب من أسباب الحجر، بشرط أن يستغرق الدين مال المدين ويزيد عليه، واختلف فيما إذا كان مساويا له، فقيل: إنه يكون سببا في الحجر، وقيل: لا، واستظهر أنه يكون سببا لأن الغرض حفظ حق الدائن، فله منع كل ما ينقص دينه فإذا استغرق الدين كل مال المدين، فإن لذلك أحوالا ثلاثة:

الحالة الاولى: أن الدائنين لم يطلبوا من الحاكم تفليسة – نزع ماله منه وإعطائه للدائنين – وفي هذه الحالة يمون لهم الحق في منعه من التصرف فيما ينقص أموالهم، سواء كان دينهم حالا أو مؤجلا، فيمنعونه من التبرع والهبة والصدقة والوقف، ويمنعونه من أن يضمن شخصا أو يقرض شخصا معدما ونحو ذلك، مما فيه ضياع أموالهم كذلك لهم الحق في منعه من الإقرار بدين لشخص يتهم بأنه إنما أقر له فرارا مكن الدين كولده وزوجته، أما من لا يتهم معه فإن قراره يعتبر.

الحالة الثانية: أن يحكم الحاكم بتفليسه أي بنزع ماله منه ثم إعطائه للدائنين، وهذا لا يكون إلا بثلاثة شروط:

– الشرطالأول: أن يطلب الدائن التفليس، فلا يصح بدون طلبه، فلو طلب المدين تفليس نفسه لا يصح.

– الشرط الثاني: أن يكون الدين حالا، فلا يصح تفليسه بدين مؤجل.

– الشرط الثالث: أن يكون الدين زائدا على ماله، فإذا كان زائدا فإنه لا يصح تفليسه، ويترتب على هذه الحال أربعة أمور:

أحدهما: منعه من التصرفات المذكورة في الحالة الأولى.

ثانيها: منعه من البيع والشراء والتصرفات المالية.

ثالثها: قسمة ماله بين الدائنين.

رابعها: حلول الدين المؤجل… ولا يلزم في الحكم بتفليسه أن يكون حاضرا.

الحالة الثالثة: أن لا يرفع الغرماء الأمر إلى الحاكم، ولكنهم يقومون عليه فيستتر منهم فلا يجدونه، فإن لهم أن يحولوا بينه وبين ماله ويمنعوه من التبرعات والتصرفات المالية بالبيع والشراء ونحوهما.

ويقسم مال المفلس المتحصل بالنسبة لمجموع الديون، فيأخذ كل واحد من دينه بتلك النسبة ولا تتوقف قسمة ماله على معرفة أنه ليس له دائنون غائبون، ولا يكلف الدائنون الحاضرون إثبات أنه ليس هناك غيرهم.

ويحلف المدين بأنه لم يكتم من ماله شيئا، فإذا حلف وانتزع الدائنون أمواله من تحت يده على الوجه المذكور، فإن الحجر ينفك عنه ولو بقي عليه دين، فإذا اكتسب مالا جديدا بميراث أو ربح تجارة أو هبة أو غير ذلك، فإنه يكون مطلق التصرف فيه، إلا إذا حجر الحاكم عليه ثانيا، وللدائن أن يمنع المدين من سفره حتى يقتضي منه دينه ولو كان الدين غير مستغرق لماله بشروط:

أحدهما أن يكون السفر طويلا بحيث يحل أجل الدين في غيبة المدين، أما إذا كان أمد الدين بعيدا عن المدين، فليس للدائن منعه من السفر.

الشرط الثاني: أن يكون المدين موسرا، أما إذا ثبت إعساره فإنه ليس له منعه من السفر.

الشرط الثالث: أن لا يوكل المدين عنه من يقود بسداد الدين، فإذا كان موسرا ووكل عنه من يسدد دينه عند حلوله أو ضمنه موسر فليس له منعه من السفر.

ويجوز حبس المدين الذي ثبت عليه الدين إلا إذا أثبت أنه معسر، أما إذا ثبت أنه موسر فإنه يحبس حتى يسدد دينه، أو يأتي بكفيل مالي، وإذا جهل حال المدين فإنه يحبس حتى يثبت أنه معسر.

الحنابلة قالوا: الدين من أسباب الحجر، ولكن بشرط أن يكون الدين أكثر من ماله الموجود، ويسمى المدين الذي يستغرق الدين ماله ويزيد عليه مفلسا، لأن ماله الذي تحت يده مستحق للغير فهو معدوم في الواقع، فيحجر على المفلس بواسطة الحاكم، ويشترط أن يطلب الدائنون كلهم أو بعضهم الحجر على المفلس بواسطة الحاكم، فإذا لم يطلبوا لم يحجر عليه.

وجميع تصرفات المدين قبل الحجر عليه من البيع والهبة والإقرار وقضاء بعض الدائنين نافذة، أما بعد الحجر فإنه لا ينفذ شيء من تصرفه في ماله ببيع أو غيره، وكل ما يتحدد له من مال بعد الحجر فإنه يكون كالموجود حال الحجر، فلا يصح له أن يتصرف فيه أيضا، وكذلك لا يصح الإقرار بشيء من ماله لغير الدائنين الذين حجروا عليه.

وبعد الحجر يبيع الحاكم ماله ويقسمه بين الغرماء بحسب ديونهم على الفور، ولا يحتاج الحاكم إلى استئذان المفلس في البيع، ولكن يستحب أن يكون حاضرا كما يستحب أن يكون الدائنون حاضرين…”

* عبد الرحمان بن محمد عوض الجزيري،” كتاب الفقه على المذاهب الأربعة”، الجزء الثاني، دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان 1998، ص 372 وما بعدها. 

[38]– محمد الكشبور، ” بيع المريض مرض الموت “، م.س. ص 148 و 149.

[39]– قال الحق سبحانه وتعالى: {من بعد وصية يوصي بها أو دين}، الآية 11 من سورة النساء.

[40]– عبد السلام أحمد فيغو، ” التصرفات الصادرة من المريض مرض الموت “، م.س. ص 108.

[41]– يراجع في هذا الصدد:

– عبد السلام أحمد فيغو، ” التصرفات الصادرة من المريض مرض الموت “، م.س. ص 108.

– عبد الرزاق أحمد السنهوري، “الوسيط في شرح القانون المدني الجديد” الجزء 2، نظرية الالتزام بوجه عام، الإثبات، آثار الالتزام،” م.س. ص226 و 227.

[42]– عبد الرزاق أحمد السنهوري،” مصادر الحق في الفقه الاسلامي، دراسة مقارنة بالفقه الغربي”، الجزء الخامس، م.س. ص 138 وما بعدها.

[43]– سليمان مرقس،” أصول الاثبات وإجراءاته في المواد المدنية”، م.س. ص 302 و303.

[44]– أحيانا يستوجب المشرع عدة شكليات وإجراءات لنفاذ بعض العقود، أي لضمان ترتيب آثارها في مواجهة أطرافها أو الغير بمفهومه الواسع، ونجد من أبرز هذه الشكليات والإجراءات: تسجيل بعض العقود الخاضعة لأداء واجبات التسجيل الضريبية في إدارة الضرائب، والقيد في المحافظة العقارية.

والمقصود بإجراء التسجيل حسب الأستاذ يحيى الصافي الذي حاول إعطاء تعريف دقيق لضريبة التسجيل بقوله:” هي تلك الفريضة النقدية المستحقة جبرا للخزينة بنص القانون، وطبقا لمسطرة تتمثل في تصفية مقدارها من طرف الآمر بالاستخلاص المختص بتحليل العقود والتفويتات وقيد عناصرها الأساسية بسجل الإيداع وإصدار أمر استخلاصها إلى القابض المحاسب الذي يضطلع بتحصيلها مقابل وصل يتيح التأشير على الوقائع الخاضعة.”

وأما المقصود بالقيد في المحافظة العقارية فقد سبقت الإشارة إليه لذلك فلا مناص للتكرار.

– يراجع في هذا الاطار:

– يحيى الصافي، ” الوجيز في نظرية وتطبيق ضريبة التسجيل بالمغرب، شركة الهلال العربية للطباعة والنشر، الرباط 1991، ص 31.

[45]– محمد الكشبور، ” بيع المريض مرض الموت “، م.س. ص 144 و ما بعدها.

[46]– Marty (G) et Raynaud, « Les Suretés de la publicité foncière », 2 édition, Sirey, Paris 1987, P. 447.

[47]– ينص الفصل 66 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 لموافق لـ 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري الذي تم تغييره وتتميمه بموجب القانون رقم 14-07 على أن:

” كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتقييده، وابتداء من يوم التقييد في الرسم العقاري من طرف المحافظ على الأملاك العقارية.

لا يمكن في أي حال التمسك بإبطال هذا التقييد في مواجهة الغير ذي النية الحسنة.”

– كما ينص الفصل 67 من نفس الظهير على ما يلي:

” إن الأفعالالإرادية والاتفاقات التعاقدية، الرامية إلى تأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو الإقرار به أو تغييره أو إسقاطه، لا تنتج أي أثر ولو بين الأطراف إلا من تاريخ التقييد بالرسم العقاري، دون الإضرار بما للأطراف من حقوق في مواجهة بعضهم البعض وكذا بإمكانية إقامة دعاوى فيما بينهم بسبب عدم تنفيذ اتفاقاتهم.”

– كما تنص المادة 2 من مدونة الحقوق العينية على ما يلي:

” إن الرسوم العقارية وما تتضمنه من تقييدات تابعة لإنشائها تحفظ الحق الذي تنص عليه وتكون حجة في مواجهة الغير على أن الشخص المعين بها هو فعلا صاحب الحقوق المبينة فيها.

إن ما يقع على التقييدات من إبطال أو تغيير أو تشطيب من الرسم العقاري لا يمكن التمسك به في مواجهة الغير المقيد عن حسن نية، كما لا يمكن أن يلحق به أي ضرر، إلا إذا كان صاحب الحق قد تضرر بسبب تدليس أو زور أو استعماله شريطة أن يرفع الدعوى للمطالبة بحق داخل أجل أربع سنوات من تاريخ التقييد المطلوب إبطاله أو تغييره أو التشطيب عليه.”

[48]– إدريس السماحي،” القانون المدني الحقوق العينية ونظام التحفيظ العقاري”، م.س. ص. 292 وما بعدها.

[49]– قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 233 بتاريخ 15-5-1968، مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 2، ص 30.

[50]– قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 688، بتاريخ 04/10/1978 مجلة المحاماة عدد 14 سنة 1979 ص 208.

[51]– قرار صادر عن المجلس الأعلى عدد 301 بتاريخ 13 أبريل 1966، مجلة قضاء المجلس الاعلى العدد التاسع الصادر في يونيو 1969، ص 54.

[52]– قرار صادر عن المجلس الاعلى بتاريخ 30 يناير 1985، منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 37 و38، يونيو 1986، ص 21 وما بعدها.

[53]– Marty (G) et Raynaud (P),« LesSuretés de la publicité foncière », 2 édition, Sirey, Paris 1987,P.450.

[54]– Guerriero (M), « L’Acte juridique Solennel »,Thèse (Imprimée), L.G.D.J. Paris 1975, P.214.

[55]– نصت المادة 1126 من القانون المدني العراقي على أن:

“العقد الناقل لملكية عقار لا ينعقد إلا إذا روعيت فيه الطريقة المقررة قانونا”.

[56]– حامد مصطفى،” القانون  المدني العراقي”، الجزء الأول الملكية وأسبابها، بغداد 1953، ص 256 و 258.

[57]– مأمون الكزبري، ” نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي”، ج 1، مصادر الالتزامات، م. س. ص 167.

[58]– يراجع في هذا الصدد:

– محمد شكورة، ” حسن النية في قانون العقارات المحفظة والقانون الخاص بالمنقول في التشريع المغربي”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، السنة الجامعية 1985/1986، ص 98.

– عبد الجليل اليزيدي، ” حسن النية وسوؤها في حقل الحقوق العينية “، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، السنة الجامعية 1999/2000، ص 181.

[59]– محمد شكورة،” حسن النية في قانون العقارات المحفظة والقانون الخاص بالمنقول في التشريع المغربي”، م.س. ص 99.

[60]-مأمون الكزبري،” نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي”، ج 1، مصادر الالتزامات، م. س. ص 169.

[61]– محمد خيري،” الملكية ونظام التحفيظ العقاري في المغرب”،  الطبعة الثانية 1990، ص 529.

[62]– يراجع في هذا الصدد:

–  مأمون الكزبري، ” نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي”، ج 1، مصادر الالتزامات، م. س. ص 170.

– إدوارد عيد،”الحقوق والضمانات المقدرة للغير بمقتضى نظام السجل العقاري”، مقال منشور بمجلة المحامون عدد 4 سنة 1975.

[63]– إدريس السماحي،” القانون المدني، الحقوق العينية ونظام التحفيظ العقاري”، م.س. ص 298.

[64]– محمد خيري،” الملكية ونظام التحفيظ العقاري في المغرب”، م س، ص 530.

[65]– قرار رقم 4316 الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 17 فبراير 1951، يراجع قرارات محكمة الاستئناف بالرباط، تعريب محمد العربي المجبود، ج 2، ص 254.

– ويراجع في نفس السياق:

– قرار المجلس الاعلى عدد 337 بتاريخ 13 نونبر 1918، ملف إداري عدد 83887، مجلة قضاء المجلس الاعلى عدد 31 السنة الثامنة مارس 1983.