مركز إدريس الفاخوري للدراسات والأبحاث في العلوم القانونية وجدة

توزيع الاختصاص في مجال التعمير بين القانون والممارسة ومتطلبات الحكامة العمرانية.

د.عماد أبركان

الكلية المتعددة التخصصات بالناظور

مداخلة ضمن أشغال الندوة الوطنية التي نظمت من طرف المركز يومي 25 و26 نونبر 2016 تحت عنوان :”العقار والتعمير والاستثمار” بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة وذلك بمناسبة تكريم أستاذ التعليم العالي الدكتور الحسين بلحساني.

مقدمة

يحتل موضوع التعمير مكانة أساسية في الوقت الحاضر، بالنظر لارتفاع وثيرة التحضر المقترنبالتقدم والتنمية في البلدان المصنعة، واقترانه في بلدان الجنوب عموما بالبطالة والفقر وضعف التنمية،الأمر الذي جعل البعض يتحدث عن تحضر دون تنمية. لهذا تؤكد التقارير العالمية أن أكثر مننصف ساكنة العالم يعيش بالمدن، وأن وتيرة نمو الساكنة الحضرية في تزايد متسارع. فالمدن تستقبلفي المعدل 5مليون نسمة إضافية كل شهر،وكلما ارتفع حجم ساكنة المدن واتسعت رقعتها،كلماازدادت الحاجة إلى تدبير فاعل للمدينة عبر تطوير السياسات العمومية المتبعة لتلبية الحاجياتالمتزايدة في مختلف الميادين العمرانية والبيئية والاجتماعية… لهذا تطرح أهمية الحكامة في تدبيرالمدن والقرى، قصد تحقيق تنمية مندمجة تستجيب لحاجيات الساكنة الحضرية.

أما على الصعيد الوطني، فإن المغرب لا يخرج عن هذا المد الحضري العالمي، إذ عرف ظاهرةالتحضر منذ القديم، وعرف ظهور قوانين حديثة تخص تنظيم وتدبير المجال ووثائق التعمير، مع ظهورمؤسسات مختصة في التخطيط والتعمير والسكن. بيد أنه رغم المجهودات المبذولة لتطوير تدبير المدن والقرى، لاسيما مع بروز مفاهيم متعددة تخص التنمية المستدامة، والذكاء الترابي، والتنمية المجالية، واستراتيجيةالتنمية الحضرية، فإن هناك الكثير من التحديات والإشكالات المرتبطة بتنامي ظاهرة التعمير بالمغرب تطرح اليومأمام الدولة والجماعات الترابية وباقي الفاعلين الوطنيين والمحليين.

وفي هذا الإطار يمكن على سبيل الذكر لا الحصر الإشارة إلى مايخص الدفع بالحق في التنمية، وتحقيق التنسيق بين الفاعلين والارتقاء بالتخطيط الحضري… وتوفيرالبنيات التحتية والتجهيزات الكبرى، وتجويد الخدمات العمومية من ماء وكهرباء ونقل وتطهير سائلوصلب، وحماية البيئة، عموما في اتجاه التأسيس لحكامة عمرانية دامجة قائمة على جعل تكافؤ الفرص في قلبالعملية التنموية، مع ارتكاز التهيئة الحضرية والتخطيط الحضري على مقاربة حقوق الإنسان ومختلف المقاربات المرتكزة على المشاركة. لاسيما وأن القوانين التنظيمية الجديدة للجماعات الترابية تركزعلى مشاركة المواطنين في تدبير الشؤون المحلية، قصد بلوغ تنمية عمرانية للجميع تضمن العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص فيالحصول على الشغل، والخدمات الأساسية، ومناطق عمرانية تنافسية وجذابة تجلب الاستثمارات وتتطلع إلىمراتب المدن والقرى العالمية، ومناطق تتحكم في تطورها عبر التخطيط وتطوير القدرات وتحسين أليات التدبير.

نعم لم يسبق لبلادنا خلال تاريخها الطويل أن عرفت نموا ديمغرافيا يضاهي ما عرفته خلال العشرية الأولى من القرن الواحدوالعشرين، حيث ارتفع عدد سكان المغرب من حوالي 8 ملايين نسمة عند بداية الخمسينات و33 مليون نسمة سنة 2010[1]،إلى 33.848.242 نسمة في فاتح شتنبر 2014[2]. ولا زال هذا الرقم مرشحا للارتفاع، حيث يقدر المختصون أنه سيصل إلى ما يناهز 40 مليونا أواخرالعشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين.هذا ويلاحظ اليوم أن المغرب من بين الدول التي تعاني كثيرا من مشاكل التعمير، ويعزى هذا إلى أن المجال الحضري أصبح يشكل ثقلا ديمغرافيا مضادا للمجال القروي، فحسب إحصاء سنة 1960 حددت نسبة التمدين في حوالي 29 % مقابل 55.1 % سنة 2004، وقد كان ذلك نتاجا للنمو الطبيعي لسكان الحواضر وأساسا نتيجة دينامية الهجرة من البوادي نحو المدن، وبسبب إعادة التصنيف الإداري الذي نجم عنه توسع المدارات الحضرية للمدن، أو انتقال مراكز قروية إلى وضعية حضرية، وهكذا فإن الساكنة الحضرية، التي كانت لا تجاوز 3,4 مليون نسمة سنة 1960، تضاعفت خمس مرات، لتستقر في 16,5مليون نسمة سنة 2004[3].

ولقد رفعت من حدة وقع التأثيرات السلبية، لهذا التزايد الديمغرافي مجموعة من الاختلالات على مستوى التوزيع السكاني بين مختلف جهات المملكة وبين القرى والحواضر، حيث أصبحت نسبة الساكنة الحضرية تفوق نسبة الساكنة القروية بكثير. وسوف يظل العالم القروي، ولمدة غير وجيزة، يزود المدن بالأعداد الوافدة من السكان الجدد نتيجة متاعب الحياة بالبوادي، مساهما بذلك في تعاظم وتيرة النمو الحضري الذي يعرف هو الآخر توزيعا غير متكافئ للكثافة السكانية، واستعمالا غير رشيد للمجال، وضغطا متزايدا على البنيات التحتية الأساسية، وحاجة ماسة إلى المرافق العمومية، وخصاصا متفاقما في ميدان المساكن الاجتماعية، وغير ذلك من كبريات المشاكل الناتجة عن سرعة وتيرة التمدن، المقرونة بقلة الإمكانات المالية، وضعف القدرة التنظيمية، ونفاذ الاحتياط العقاري للدولة والجماعات الترابية وعدم تنفيذ التخطيطات الحضرية، بل وغياب الوعي بجدوى المخططات الشمولية، وتغليب كفة العمل القطاعي القصير الأمد على العمل المندمج البعيد المدى.

وهكذاأنتجت حركة التمدن خلال العقود الأخيرة، أنسجة حضرية متباينة الخصائص، متعددة الأشكال، حيث تقلصت رقعة الأنسجة المنظمة، وانحصرت مساحة الأحياء المجهزة، وتعرضت المدن الأصيلة للتلاشي من جراء عدم الصيانة، والتحقت بها أنسجة أخرى أقل قدما بسبب الغش في البناء والاحتيال في التجهيز والمضاربات العقارية. كما اندفعت أنسجة أخرى تخرج عن الانضباط، وتقل فيها التجهيزات، في تزايد مهول، حيث أضحى العديد من أبنيتها خطرا على القاطنين، بل إن مواقع البعض منها تحتل انحدارات خطيرة، أو تعتلي فرشات مائية هامة، أو تقذف بنفايات صلبة وسائلة في مواطن مضرة بالبيئة أو تهدد مؤسسات عمومية حيوية، مما جعل مشاكل التعمير تتجاوز حدودها التقنية المحضة، لتصبح مشكلا مجتمعيا،لا يتوقف إصلاحه على تغيير القانون وحده، بل يتعداه إلى إصلاحات في مختلف الميادين، بل إلى تصور مشروع جديد للمجال، يتلاءم والمشروع المجتمعي للمغرب الجديد.

هذا ومما لا شك فيه أن مجال التعمير هو مجال شائك وواسع لا يمكن لجهة معينة أن تحتكره أو تنفرد به، وذلك نظرا لتعقد قضاياه وكثرة مستجداته وتشعب علاقاته بميادين ومجلات اقتصادية واجتماعية وتنموية متعددة، بل أكثر من ذلك فميدان التعمير أصبح المعيار الأساسي الذي تقاس به التنمية والتطور الذي وصل إليه البلد. ومن هنا كان لزاما أن تتدخل فيه مجموعة من الجهات والهيئات والمؤسسات والهياكل إن على المستوى المركزي أو على المستوى اللامركزي.

إن توزيع الاختصاص في ميدان التعمير موضوع ذا أهمية كبرى من الناحية الأكاديمية، فهو يطرح الكثير من الإشكالات البنيوية العميقة، والتي يمكن أن تكون جديرة بالدراسة والتفكير والتأمل والمناقشة والمساءلة المتجددة في الملتقيات العلمية. ولعل المداخل الأساسية للموضوعوالتي ستحاول أن تجيب عنها هذه المقالةهي تلكالمتعلقة بالجواب عن الأسئلة التالية: 

ما المقصود بتوزيع الاختصاص في ميدان التعمير؟ وكيف ولماذا تم توزيع ذلك الاختصاص؟ ما هي الأسباب المؤدية إلى ذلك، ثم ما هي الأهداف المتوخاة من وراء توزيع الاختصاص؟ وما هو واقع توزيع الاختصاص في ميدان التعمير بالمغرب؟ ما هي الاختلالات والاشكالات التي تعتري توزيع الاختصاص في ميدان التعمير؟ وما هي الإكراهات والصعوبات والعوائق والمعوقات التي تحول دون إرساء الفعالية والنجاعة والحكامة في توزيع الاختصاصات المتعلقة بالتعمير؟ وما هي الممكنات والرهانات والافاق المستقبلية لمسألة توزيع الاختصاص التعميري في المغرب؟

تلكم هي بعض الأسئلة من ضمن أخرى ذات الأهمية التي سنحاول الإجابة عنها حسب التقسيم الاتي.

المبحث الأول: المحددات الكبرى لتوزيع الاختصاص في مجال التعمير

المطلب الأول:السيرورة والمسار والتراكم التاريخي للمسألة العمرانية في المغرب

المطلب الثاني:أهداف توزيع الاختصاص في ميدان التعمير وغاياته المبدئية

المبحث الثاني: متطلبات حكامة توزيع الاختصاص في مجال التعمير

المطلب الأول: تضخم الأجهزة والهياكل والمؤسسات المتدخلة في مجال التعمير

المطلب الثاني: ضرورة تقليص عددوالأجهزة والهياكلالمتدخلة في مجال التعمير

المبحث الأول: المحددات الكبرى لتوزيع الاختصاص في مجال التعمير

إن المحددات الكبرى لتوزيع الاختصاص في مجال التعميرتتأرجح بين السيرورة والمسار والتراكم التاريخي للمسألة العمرانية في المغرب )المطلب الأول(، وبينأهداف توزيع الاختصاص في ميدان التعمير وغاياته المبدئية)المطلب الثاني(.

المطلب الأول: السيرورة والمسار والتراكم التاريخي للمسألة العمرانية في المغرب

تعد كلمة التعمير في المغرب حديثة النشأة، لكن ذلك لا يلغي التنظيم الذي كانت تعرفه بعض المدن المغربية العتيقة، حيث أحيطت المدن بالأسوار وتمحورت حول المسجد والسوق المركزي وتميزت بوجود العديد من الأحياء الوظيفية المتخصصة وخاصة في الصناعات اليدوية والتجارة (النجارون، الحدادون، الخرازون، سوق الذهب، سوق الفضة وغيره)، وكانت نتيجة هذا التطور العمراني والمعماري إرثا تاريخيا جد هام من المدن المتطورة في شكلها وتنظيمها ودورها الاقتصادي، ففي بداية القرن العشرين تميزت البنية الحضرية بالمغرب بعنصرين هامين:

  • محور ثلاثي يتكون من المدن العتيقة في شمال المغرب، يربط بين مدن فاس وتطوان والرباط في شمال المغرب ومحور ثنائي يربط بين مدن مراكش وتارودانت في الجنوب؛
  • وجود العديد من المدن الصغيرة والمتوسطة العتيقة التي لعبت دورا هاما في التواصل التجاري والتأطير الحضري والمقاومة ضد الأطماع الأجنبية(وجدة، تافلالت، صفرو، شفشاون، الصويرة، أزمور)[4].

إن استقراء عناصر البنية الحضرية بمختلف تلك المدن يبين مدى أهمية الانشغالات الدينية والاقتصادية والأمنية في اختيار الموقع ونمط البناء وتوجيه التوسع الحضر .غير أن التعمير بمفهومه التقني الدقيق والحديث لم يعرفه المغرب إلا بعد خضوعه لنظام الحماية الفرنسية، بعدما عملت هذه الأخيرة على إدخال لبناته الأولى انطلاقا من مجموعة من الإجراءات القانونية والمؤسساتية المتمثلة في إصدار التشريعات وإحداث الهياكل الإدارية المكلفة بتطبيقها. إلا أن الإدارة الفرنسية لم تكن تنظر إلى المجال المغربي نظرة تنموية، كما نصت على ذلك بنود معاهدة الحماية بقدر ما كانت تهدف إلى استغلاله واستنفاد خيراته الطبيعية وتسخير موارده البشرية، وذلك في إطار تقسيم العمل الدولي وبسط هيمنة الدول الأوربية على مستعمراتها. لقد نتج عن ذلك تعميق عوامل التهميش والفوارق الاجتماعية وتولدت عنه أطروحة “المغرب النافع” و”المغرب غير النافع” التي تحكمت في اختيارات الحماية.[5]

ومن بين أبرز القرارات التي اتخذها المستعمر والتي كان لها وقع كبير على الظاهرة العمرانية وتأثير واضح في خلخلة ذلك المحور الداخلي المتوازن الذي طبع المجال المغربي قبل الحماية، نذكر تلك المتعلقة بتحويل العاصمة من فاس نحو الرباط، وذلك لأسباب أمنية، حيث اعتبرت السلطات الفرنسية وجود نخبة معارضة للحماية بمدينة فاس عاملا يهدد مصالحها خاصة وأن عناصر المقاومة بالداخل لم يتم القضاء عليها. ومن القرارات المؤثرة كذلك إنشاء ميناء الدار البيضاء الذي اعتبر من أكبر موانئ إفريقيا، بالإضافة إلى إحداث مدن جديدة كالقنيطرة التي كانت تحمل اسم ليوطي وفضالة المعروفة حاليا بمدينة المحمدية. كما تم تقسيم المجال الترابي إلى مناطق للمراقبة المدنية ومناطق الحكم العسكري. تلك القرارات كانت كافية لإضفاء طابع اللاتوازن على مجموع المجال الترابي المغربي، حيث نتج عنها فوارق جهوية لازال المغرب يعاني منها إلى اليوم[6] .

لقد عمد المقيم العام الفرنسي ليوطي منذ 1912 إلى إحداث مرفق للتعمير مكلف أساسا ببناء المدن الأوربية والسهر على سلامة المدن العتيقة. ولم يكن ليوطي يولي أي اهتمام لتوسع المدن، إلا أن المشكل سيطرح بحدة مع الانفجار الديموغرافي والهجرة القروية، بعدما كلف ليوطي المهندس المعماري الفرنسي هنري بروست H.Prost بالإشراف على مرفق التعمير. فموازاة مع الإطار المؤسساتي عملت الإدارة الحمائية على وضع الإطار القانوني لقطاع التعمير بإصدار ظهير 16 أبريل 1914 المتعلق بتصفيف الأبنية وتوسيع المدن وفي الواجبات والضرائب المفروضة على الأبنية وما يلحق بها[7]. ويعتبر هذا القانون أول قاعدة مكتوبة تهم التعمير بالمغرب مستقيا بعض مبادئه وقواعده من تشريعات أجنبية وخاصة منها التشريع المصري والتشريعات المحلية لمدينة لوزان السويسرية وستراسبورغ الفرنسية .

وقد تمت تقوية وسائل عمل الإدارة بظهير 31 غشت 1914 حول نزع الملكية[8] والذي نص على مسطرة مشابهة لتلك التي ينص عليها القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 21 أبريل 1914. وخلال تلك الفترة كانت المهام المرتبطة بإعداد وثائق التعمير بيد قسم الأشغال العمومية. وفي سنة 1920 أصبحت مصالح أخرى تساعد المديرية العامة للأشغال العمومية في تلك المهام، حيث تضمنت مديرية الشؤون المدنية المنظمة بظهير 23 أكتوبر 1920 قسما مكلفا بإعداد وإنجاز مخططات تهيئة المدن. وغير بعيد عن ذلك الإطار وبعد مدة صدر ظهير 14 يونيو 1933 المتعلق بتجزئة الأراضي[9]. الذي حاول أن يجيب عن بعض إشكاليات تجزيئ الأراضي من اجل التعمير في تلك الفترة.

ولقد تميزت تلك المرحلة بوجود أزمة في التخطيط، وخلل على مستوى التدبير العمراني، ساعد في ذلك اندلاع الحرب العالمية الثانية سنة 1939 التي واكبها هروب العديد من الأوربيين -وخاصة الفرنسيين منهم إلى المغرب- مما دفع بالمسؤولين آنذاك لتدارك الموقف، خصوصا أن الأزمة أصبحت تطال سكان الأحياء الأوربية. ولهذه الغاية تم استدعاء المهندسإيكوشار Ecochard سنة 1946 قصد إصلاح الأخطاء المرتكبة، حيث عمد إلى وضع تصميم لمدينة الدار البيضاء، والذي زكى في جزء منه اختيارات بروستH.Prost من خلال ارتكاز التصميم الجديد بدوره على تنطيق دقيق يمكن من الحفاظ على التوزيع والتكامل الوظيفيين للمجال مع تبني بعض مظاهر التجديد المتمثلة في محاولة احتواء التوجه التلقائي لمدينة الدار البيضاء عن طريق تحويله إلى اختيار رسمي.

 كما نهج إيكوشار سياسة اللامركزية الصناعية ورفض فكرة الفصل بين السكان الأوربيين والسكان المغاربة بالإضافة إلى اختياره التصميم الخطي الذي يروم ربط الدار البيضاء بمدينة فضالة (المحمدية) علما أن تصميمه قد جاء بمشروع الطريق السيار للربط بين الدار البيضاء والرباط. ورغم ذلك فإن مخطط إيكوشار لم يحظ برضى العديد من الأوربيين بالمدينة، الشيء الذي أدى إلى الاستغناء عن خدمات واضعه سنة 1953 أي سنة واحدة بعد المصادقة النهائية على التصميم، لكن ذلك لم يمنع من متابعة تطبيق هذا التصميم إلى ما بعد عهد الاستعمار.[10]

ومما تجدر الإشارة إليه، أن مقتضيات قانون 1952 عملت على تطبيق مضامين التصفيف ومخطط التهيئة، ونصت على ضرورة إلزامية رخصة البناء، ومساهمة السكان المجاورين للطرق في بناء وإصلاح شبكة الطرق العمومية. كما عمل هذا القانون على توسيع المناطق التي يشملها التخطيط الحضري بغية تحقيق عنصر الشمولية والقراءة المستقبلية للمجال الحضري. وعلى عكس القانون السابق، فإن قانون 1952 أعطى للإدارة سلطة توقيف تسليم رخص البناء خلال فترة إعداد مشروع تصميم التهيئة، وذلك حتى لا يتم خلق عراقيل تحول دون تنفيذ تصميم التهيئة أو يؤدي إلى إرغام الإدارة على تغييره أو تعديله بعدما أصبح جاهزا مصادقا عليه[11].

وفي هذا السياق، أعطى القانون سلطة تقديرية فيما يخص منح أو منع إعطاء رخص البناء خلال تلك الفترة التي يتم فيها إعداد التصاميم. كما نص القانون على تصميم التنطيق لتفادي تلك العراقيل كذلك أمام تنفيذ سياسة التعمير المتبعة من قبل الإدارة المعنية بذلك.وتماشيا مع استراتيجية إيكوشار، فقد عمل قانون 1952 على إدخال تحسينات على مضامين تصميم التهيئة، حيث حدد له أهدافا مهمة ذات أبعاد تنموية يجب على الإدارة القيام بإنجازها. ومن ثمة فإن الفصل 8 من القانون 1952 نص على ضرورة إنجاز العديد من المرافق والتجهيزات الأساسية كالملاعب الرياضية والحدائق والطرق والمناطق الخضراء والمساجد والحمام والفرن والساحات العمومية… كل هذا من أجل تحسين الطابع المعماري للمدينة بصفة عامة .

موازاة مع ذلك، تم إصدار ظهير 30 شتنبر 1953 بشأن التجزئات وتقسيم العقارات الذي عدل ظهير 14 يونيو 1933 المتعلق بتجزئة الأراضي[12]، والذي كان قد تم تعديله على التوالي في 07 غشت 1934[13]،و06 أبريل[14]و07 أكتوبر 1937[15]. حيث إن ظهير 1953 قد عرف التجزئة بشكل دقيق موضحا مختلف أنواعها سواء منها المعدة للسكن أو ذات الغرض الصناعي أو التجاري، كما بين بعض التقسيمات التي لا تعتبر تجزئة .[16]وعليه سمحظهير 1953 للإدارة بممارسة مراقبة صارمة على الملاكين عن طريق الترخيص أو المنع من أجل تفادي وجود تجزئات سرية.ورغم المستجدات التي جاء بها كل من ظهيري 1952 و1953، فإنهما لم يستطيعا حل المشاكل المطروحة على المستوى القانوني، ليظل المجال المغربي مفتقدا إلى الانسجام والتوازن مع استمرار ظاهرة المضاربة العقارية والسكن غير اللائق بشتى أشكاله أمام ضعف إن لم نقل غياب مراقبة رسمية له. هذا ناهيك عن اشكالية الرخص والهندسة المعمارية، بل حتى الإصلاحات التي عرفها ظهير 30يوليوز 1952، بشأن الشؤون المعمارية والتميمات لم تجد حلا للإشكالية المطروحة[17].

لقد ورث المغرب -بعد الاستقلال- أزمة عمرانية خانقة مبنية على سياسة التمايز بين “مغرب نافع” “ومغرب غير نافع”، حيث وجدت الإدارة المغربية نفسها أمام تحديات حاولت تجاوزها من خلال برامج التنمية والمخططات الاقتصادية والإصلاحات الإدارية التي لم تف بالمقصود. فإلى حدود سنة 1967 نجد غيابا واضحا للتعمير مع التركيز على الإسكان ضمن المخططات؛ إذ أن مخطط 1958-1959 قد ركز على حل مشكل السكن عبر نهج سياسة السكن للأكثرية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد قام المشرع بإصدار ظهير 25 يونيو 1960 بشأن التكتلات القروية، الذي يعد أول نص يصدر بعد الاستقلال في ميدان التعمير بخصوص التجمعات القروية التي لم يسبق أن تم تنظيمها تشريعيا، ليسري الظهير المذكور على المناطق التي لا يشملها ظهير 1952، حيث نص على وثيقة تعميرية هي تصميم التنمية، كما تضمن مقتضيات همت التجزئة العقارية والبناء بالمنطقة المشمولة بتصاميم التنمية.[18]

إن التحولات المجالية العميقة، الناجمة عن التوسع العمراني بفعل الضغط الديموغرافي الكبير الذي شهده المغرب خلال النصف الثاني من القرن الماضي، فرضت على السلطات العمومية تبني استراتيجية شاملة في مجال التعمير استهدفت إرساء أسس تنمية مجالية متوازنة تتوخى تلبية الحاجيات الملحة للساكنة في مجال البنيات التحتية والسكن والتجهيزات العمومية، وكذا العمل على توفير الإطار المرجعي اللازم لتحقيق متطلبات تنمية التجمعات الحضرية والقروية. وقد شكلت مسألة إعادة النظر في الإطار القانوني المنظم للتعمير إحدى محاور تلك الاستراتيجية[19].

وهكذا أولت السلطات العمومية أهمية خاصة للإطار القانوني الذي ينظم هذا القطاع وذلك باستصدار تشريعات متعددة ومتنوعة استهدفت توفير الإطار المرجعي الذي يحكم مجال التعمير والعمل على إرساء الأليات الضرورية لتحقيق تدخلاتها في مجال التنمية المجالية بمختلف أبعادها. وللتأكيد في الإشارة فإن منظومة القوانين المؤطرة حاليا للتعمير بالمغرب والمتمثلة بالخصوص في قانون 90-12 المتعلق بالتعمير[20]، وقانون 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات[21]. هذا ناهيك عن مرسوميهما التطبيقيين الذين صدرا لتوضيح كيفية تطبيق مقتضيات القانونين، وليكونا سندا قانونيا للعمليات العمرانية والتعميرية المختلفة[22].

وهكذا انطلق في بداية التسعينيات من القرن الماضي ورش إصلاح منظومة التعمير من خلال إصدار تشريعين أساسيين شكلا بداية تحول جدري في التعاطي مع قضايا التعمير بصفة عامة، واستهدفا ملاءمة تلك المنظومة مع التحولات والمشاكل المتعلقة بالتعمير، ويتعلق الأمر بكل من قانون 90-12 الخاص بالتعمير، وقانون 90-25 المتعلق بالتجزيئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، ناهيك عن القانون المتعلق بممارسة الهندسة المعمارية وتأسيس الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين[23].

وبخصوص قانون 90-12 المتعلق بالتعمير فقد مكن من توفير الإطار المناسب الذي سمح للسلطات العمومية من التدخل بطريقة مناسبة وأكثر فاعلية لمعالجة المشاكل المطروحة في مجال التعمير بالنظر إلى تأثيراته الكبيرة على كافة المجتمع وبنياته. وقد جاء هذا القانون بمجموعة من المقتضيات أهمها: تحسين وتسريع مساطر دراسة ومعالجة الملفات، انجاز وإعداد وثائق التعمير بمختلف أشكالها، تحسين الجودة المعمارية وأمن المباني من خلال الزامية تدخل المهندس المعماري، إضافة إلى إقراره لمجموعة من العقوبات الزجرية في حق المخالفين لقوانين التعمير والبناء[24]. كما حدد هذا القانون آليات التنسيق بين كافة المتدخلين في ميدان التعمير وبالخصوص الجماعات المحلية بالنظر إلى الأدوار الطلائعية التي تقوم بها في مجال مراقبة وتتبع إنجاز وثائق التعمير وغيرها من الاختصاصات المتعلقة بالتدبير الحضري[25].

وبالنسبة للقانون 90-25 المتعلق بالتجزيئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، فقد حاول تمكين الإدارة المكلفة بتدبير هذا المجال من الوسائل الضرورية والفعالة لمواجهة أحد المشاكل المستعصية في مجال التدبير الحضري، وهو التجزيء السري، ومن أجل تحقيق هذا الهدف وسع هذا القانون من مفهوم التجزئة العقارية والتقسيم وبين حقوق وواجبات المجزئين، وحدد وبسط مختلف مساطر دراسة الملفات، وفرض ضرورة اللجوء إلى المهنين في المجال، ناهيك عن تقوية الجانب الزجري. كما نظم عملية إعادة هيكلة التجزيئات العشوائية[26].

لقد حاولت هذه الخطوة بالإضافة إلى خطوات أخرى، رسم أسس إعادة تدخل الدولة في إنتاج المجال وتنظيمه والتحكم فيه بالنظر إلى حجم الاختلالات التي شهدتها مختلف مراكز ومدن المغرب.وفي هذا الإطار،ومع حكومة التناوب برئاسة عبد الرحمن يوسفي سنة 1998، تم تنظيم حور وطني حول إعداد التراب الوطني ساهم فيه كل الفعاليات المحلية والجهوية والوطنية ونقشت فيه العديد من القضايا الكبرى المتعلقة بالتعمير. ومن ذلك المنطلق فقد تم إعداد مشروع قانون جديد (42.00) المتعلق بتأهيل العمران،تغير بموجبه النصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها.

ولقد تم اقتراح مشروع قانون يتعلق بالتدابير المؤقتة لتشجيع مشاريع التنمية ذات الفائدة الاقتصادية والاجتماعية، إلا أنه لم يرى النور وتم تعويضه بالدورية الوزارية عدد 254 المتعلقة بتشجيع الاستثمار.كما تم إعداد مشروع القانون 06-04 المتضمن لإجراءات انتقالية لتسوية وضعية المناطق والبنايات المخالفة لأحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.ومن الإصلاحات الجزئية التي تم طرحها مشروع قانون هم زجر المخالفات في ميدان التعمير، حيث كان الهدف تقوية صلاحيات العامل والرفع من الغرامات، واقتراح العقوبات الحبسية في حق الموظفين والأعوان المكلفين بمعاينة المخالفات وزجرها.أما بخصوص مشروع القانون 04-04 القاضي بسن أحكام تتعلق بالسكنى والتعمير فهو بدوره لم يرى النور رغم الموافقة عليه في المجلس الوزاري بتاريخ 16 ابريل 2004 وعرضه على أنظار البرلمان منذ ماي 2004 ودراسته من طرف اللجنة المختصة، فقد لقي معارضة قوية من طرف الفعاليات الحزبية وخاصة رؤساء المجالس الجماعية الذين اعتبروه ضربة للديمقراطية المحلية وسيفا حادا على أعناق المسؤولين، الأمر الذي كان سببا في تعطيل مسطرة إخراجه إلى حيز الوجود.

المطلب الثاني: أهداف توزيع الاختصاص في مجال التعمير وغاياته المبدئية

تعتبر السياسات العمرانية إحدى المدخلات التي تبتغي الدولة من ورائها إشباع حاجيات السكان وتنظيم المجال عبر توظيفها لعدة آليات أبرزها تلك التي تهم التخطيط والتدبير العمرانيين. إلا أن هذه السياسات، مهما بلغت من أهمية تظل محدودة النتائج في غياب معالجة واقعية وشاملة وفعالة لمختلف المشاكل والاكراهات التي تؤثر بشكل سلبي على أهدافها وتحد من نجاعة الإجراءات المتخذة بشأنها.ولا شك أن ذلك لا يكون إلا من خلال توزيع محكم للاختصاصات بين مختلف المتدخلين في مجال التعمير.هذا ويحتل التعمير أهمية قصوى، بالنظر لدوره في تحقيق التنمية المستدامة. فهو أداة لتدخل الدولة والجماعات الترابية وغيرها من الإدارات في ضبط المجال بمختلف مستوياته، ومراقبة استعمالات الأرض. ولكن هذا لا يعني اندراج التعمير ضمن القطاعات الموضوعة للانفراد من قبل الأجهزة العمومية. فهو يثير اهتمام جميع المتدخلين الاخرين كالخواص والتقنيين والباحثين والمجتمع المدني والمواطنين بشكل عام. حيث يشكل التعمير مجالا تتقاطع وتتضارب فيه مصالح متعددة ومتنوعة، ومن أصعب الأمور التوفيق في التحكيم بين هذه المصالح.

وقد عرفت المجتمعات الحديثة بروزاملحوظا لقضايا السكنى والتعمير، التي أصبحت من أهم المشاكل التي تعرقلعملية إدماج الفئات الاجتماعية في مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وعلى الرغم من المجهودات والمحاولات التي بدلتها مختلف الدول لحل مثل هذهالمشاكل، فإنها ظلت تلقى صعوبات متعددة لتطويق هذه الظاهرة التي غدت مثاراهتمام رجال السياسة والقانون والاقتصاد والاجتماع وغيرهم.كماأن التعمير الحديث هو قبل كل شيء، تخطيط لتنمية المدن وتنظيم الحياة فيها،يقوم على توفير التجهيزات الضرورية بالموازاة مع التحكم في استعمال الأرض،باعتبارها الركيزة الأساسية لكل تعمير. فهو تخطيط يقوم على إعداد مخططاتوتصاميم وبرامج مترابطة وعقلانية، وهي التي نسميها وثائق التعمير، وغايتهتنظيم المدن وتنميتها من خلال توفير التجهيزات الفوقية والتحتية الضروريةلحياة طبيعية، مستقرة، ومنسجمة. ووسائله التجهيز والتحكم في الأرض من خلالعملية مادية منظمة: تجزئة، تقسيم، وبناء، تخضع لمجموعة إجراءات المراقبةالقبلية والبعدية. ولذلك يكمن تلخيص التعمير الحديث في بعض الكلمات، أنهتخطيط يتم وفق إجراءات تشريعية وتنظيمية وتقنية، غرضه تنظيم التجمعاتالعمرانية وتحقيقتنميتها.

وفيهذا الإطار، حدد المهتمون في ميدان التعمير مجموعة من الأهداف التعميرية،التي ينبغي استحضارها عند عملية بناء أو إعادة بناء المدن، باعتبارهاالمجال المستهدف للتعمير ومن ثم خلال توزيع الاختصاص في مجال التعمير. وهي تتعلق بالمحافظة على البيئة وجمالية المدينة،وتزويدها بالتجهيزات الأساسية والمرافق الضرورية. وتحقيق هذه الأهداف يتموفق إجراءات وأسس قانونية وتنظيمية. وفي حالة غياب التخطيط تحل محلهالتلقائية والعشوائية في توسع العمران ونتائج ذلك تكون بالتأكيد، منافيةلما يطمح إليه التخطيط خاصة، وقانون التعمير عامة. غير أن وجود التخطيطوحده غير كاف لإبعاد شبح العشوائية والتلقائية إذ لابد من تنفيذ ما تمالتخطيط له، فضلا عن ضرورة أن يكون التخطيط جيدا، أو على الأقل بالشكلالذي ترسمه قوانين التعمير، لأن هذا الأخير يندرج ضمن الكل من منظومة الآلياتالاستراتيجيةالتنموية .

ذلك من جهة، ومن جهة أخرى، تعتبر المدينة مجالا للتحولات الاجتماعية والاقتصادية التي يعرفهاالمجتمع، وإطارا جغرافيا لتجسيد علاقة الدولة بمحيطها، ومختبرا لفلسفتها فيتدبير إقليمها الترابي.فيهذا السياق يكتسي قطاع التعمير أهمية قصوى في مسلسل التنمية المحلية،بالنظر إلى الدور الذي يلعبه في تأهيل المجالات الترابية والرفع من قدرتهاعلى استقطاب الاستثماري وخلق الثروة وتحسين إطار عيش المواطنين. فبواسطةأدوات التعمير، يمكن للإدارة المحلية أن تضع تخطيط ملائما وتدبيرا سليمالقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية. غير أن تحقيق هذاالمبتغى غالبا ما تعترضه الكثير من الإكراهات التي تحد من فعالية سياسةالتعمير وتعيق نهوضها بدورها التنموي في الاستجابة للحاجيات الملحة، ورفعالتحديات المتزايدة.

هذا ويعتبر من نافل القول التأكيد على أن أهم المشاكل البنيوية والهيكلية والمعضلات التي أضحت تعوق المدينة هي تلك المتعلقة بكيفية تنظيمها واختيار الأساليب والتقنيات لإدارتها. وذلك لأن مسألة إدارة المدن تعتبر من الأمور العويصة المستعصية والمعقدة، لارتباطها بمشاكل التنمية والحكامة في شموليتها، ومن ثم تعد إحدى المشكلات التي أصبحت مثيرة للانشغال بصورة متزايدة[27].ففي ظل تعدد الوظائف الاقتصادية والاجتماعية للمدينة وتنوع متطلباتها التنموية وتحدياتها الأمنية، أصبح إشكال التعمير في قلب الحدث الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، بل حتى الثقافي.وبالإضافة إلى ذلك أضحت المدن تعرف تحديات سكانيةوعمرانية ارتبطت بالانفجار العمراني والنمو الديمغرافي المتزايد وبظاهرة التمدن السريع، لذلك أصبحت مسألة التعمير والتهيئة هاجسا يوميا للإدارة الترابية والجماعات الترابية والمؤسسات العامة والخاصة ومختلف’ الفاعلين، بل للدولة والمواطنين عموما.

 لقد أصبح التوسع الحضري التلقائي ظاهرة شاملة مركبة معقدة تترتب عنها انعكاسات سلبية على مستوى تدهور إطار الحياة الحضرية (بانتشار السكن غير اللائق، مشاكل التطهير، ضعف التجهيزات العمومية، ضعف التأطير الإداري، ضعف الخدمات العمومية كالخدمات الصحية وخدمات التعليم والنقل، الأحياء الهامشية، أحزمة الفقر، انتشار الجريمة، …). هذا ناهيكعما يثيره تدهور الوسط البيئي من مشاكل، ولتفادي هذا كله، فإن المهتمين بميدان التعمير حددوا مجموعة من الأهداف التعميرية والمقاصد والغاياتوالمغازي البعيدة والمتوسطة والقريبة والتي ينبغي استحضارها عند عمليات التخطيط والتهيئوبناء أو إعادة بناء المدن، فهذه الأهداف يمكن تلخيصها فيما يلي:

الأهداف الصحية والبيئية:

لا شك أنه من أكبر المسؤوليات الملقاة علىعاتقواضعي المخططات التعميرية هي مراعاة الجانب البيئي، فالتعمير لا ينبغي أن يكون على حساب البيئة خصوصا ونحن نعلم أن المغرب بلد فلاحي وسياحي في آن واحد، وقد أكد الملك الراحل الحسن الثاني على هذه الخاصية في افتتاح المناظرة الوطنية الثالثة للجماعات المحلية التي عقدت بمكناس من 91 إلى 22 يونيو 1986تحت عنوان التشارك بقوله: “… أن نجعل من الفلاحة المحور الأساسي للانطلاقة الاقتصادية…”[28].

ومن هذا المنطلق، فإن وثائق التعمير، وضوابط البناء الحديثة تعطى أولويات مهمة للجانب البيئي والصحي، كما تساهم بشكل واضح في تدعيم إحدى المهام والاختصاصات للإدارة العمومية والتي تتجلى في مهام الشرطة الإدارية. لكن وفي المقابل، وللأسف الشديد، فإن الممارسة غالبا ما تضرب بالمقتضيات القانونية الموجبة لاحترام البيئة وحمايتها عرض الحائط. ولعله لا أدل على ذلك، من تلك الفجوة العميقة والمفارقة الصارخة، التي ظلت دائما حاضرة قائمة بين الخطاب والقانون والممارسة بخصوص سياسة اللامركزية الترابية في ميدان التعمير.ففي الوقت الذي كان ومازال الأسلوب اللامركزي في تدبير المجال يحتل فيه مكانة خاصة ومتميزة على مستوى الخطاب السياسي الرسمي، وكانت النصوص القانونية قد حملت بعضا من تلك التوجهات السياسية دون أن تصل إلى المستوى المطلوب، نجد أن الممارسة والواقع العملي شيء أخر، حيث تكرست المركزية الصارمة والمشددة والمبالغ فيها عمليا وتطبيقيا.فالممارسة في المغرب غالبا ما تشكل عقبة كؤود وحجر عثرة في طريق الجهود والمبادرات الإصلاحية المتخذة.ولعل هذه المفارقة والوضعية المختلة تفسر بالأساس بوجود خلل وارتياب بالنسبة إلى نهج سياسة حقيقية واضحة ودقيقة في ميدان اللامركزية الترابية بصفة عامة، وفي المجال التعميري بصفة خاصة. ومن هنا، وإذا كانت العديد من القوانين والمقتضيات التنظيمية الصادرة لتأطير وتنظيم مجال التعمير، قد جاءت ببعض المقتضيات الإيجابية بخصوص الأهداف الصحية والبيئية محاولة تجاوز بعض اختلالات النظام العمراني السابق، فإن كلمة الحسم والفصل ستعود للممارسة العملية على أرض الواقع.

الأهداف الاجتماعية:

تتجلى تلك الأهداف في ضمان وتأطير وضبط المجتمع بمختلف فئاته وأفراده وجماعاته. وذلك من خلال تنظيم وضبط والتحكم في النمو الحضري والقروي للبلاد، تنفيذا لسياسة التوازن التي يحددها إعداد التراب الوطني في النمو الديمغرافي، وفي حاجيات السكان، وفي توزيع الخيرات والأنشطة الاقتصادية والتجهيزات والبنيات التحتية بين الجهات، وداخل كل جهة على حدة، حتى تمحى معالم التمييز والفوارق بين مغرب نافع ومنتفع ومغرب غير نافع ولا منتفع، وتضيق فجوة الفروق الطبقية والجهوية[29].وبالإضافة إلى هذا ينبغي تزويد المجالات الحضرية المهمشة بالتجهيزات الأساسية والمرافق الضرورية العامة والخاصة. التي تعمل على تكوين وتنشئة السكان وتأطيرهم وتنظيمهم وإدماجهم في الحياة العامة للمجتمع، حتى يصبحوا مواطنين فاعلين ومنتجين وايجابيين في المجتمع.

الأهداف الأمنية للتعمير:

لقد استطاع Georges Houssmanأن يحدد البعد الأمني في سياسة التعمير، “فهوسمان” باعتباره من رواد التعمير التنظيمي ركز على تدعيم الأمن والنظام العام[30]. ولقد اعتبر المدينة عبارة عن نسق شمولي أو إطار عام تلعب فيه شبكات الطرق والمواصلات والماء الصالح للشرب دورا أمنيا. وعلى سبيل المثال، فإن بناء الطرق والقناطر الواسعة والطويلة تسهل عملية المرور، كما أنه في حالة الطوارئ أو الاستعجال تسهل عمليات تدخل السلطات العمومية في أقرب وقت ممكن، وهكذا تصبح المدينة مهيأة لأداء وظائفها في حالة السلم والحرب.

ويلاحظ من خلال الاطلاع على بعض مقتضيات قانون التعمير المغربي[31]، خاصة تلك المتعلقة بمخططاته أن المشرع قد اهتم بالعديد من مدلولات النظام العام من أمان وسلامة وصحة وراحة وجمالية[32].فبخصوص الأمن، يلاحظ أن المشرع أوجب إحداث ارتفاقات لخدمة أمن الجماعة.وبالطبع، فإن هذه الارتفاقات ضرورية لإحساس السكان من مواطنين وأجانب بالطمأنينة وبالتالي الاستقرار مع ما يترتب عن ذلك من آثار إيجابية تخدم التنمية المحلية بشكل عام.

وفيما يتعلق بالسلامة، ورغبة من المشرع المغربي في حماية أرواح وممتلكات المواطنين، استلزم تعيين التدابير الكفيلة بالوقاية من الحريق، تلك التدابير التي يجب أن تشمل مختلف المحلات التجارية والصناعية والمؤسسات الخاصة والعامة وينبغي السهر على تطبيقها بتنسيق بين الجماعة والقيادة الاقليمية للوقاية المدنية[33].ويندرج ضمن تدابير السلامة، تنظيم حركة المرور تفاديا لحوادث السير التي تخلق أضرارا بشرية ومادية جسيمة تنعكس سلبا على الاقتصاد الوطني.

واهتماما من المشرع المغربي بالجانب الصحي، تبنى عدة تقنيات لتأمين هذا الأخير، ويتعلق الأمر بالمحافظة على الموارد المائية، وتعيين مواقع المؤسسات الرئيسية الصحية،وتحديد مبادئ الصرف الصحي، وتعيين الأماكن التي تفرغ بها المياه المستعملة. وكذا تلك التي توضع بها النفايات المنزلية، وتحديد التجهيزات العامة المتعلقة بالمقابر والصحة وتعيين حدود المساحات الخضراء وتحديد الارتفاقات المحدثة لمصلحة النظافة، وتحديد القطاعات الواجب إعادة هيكلتها أو تجديدها وتحديد شروط تهوية المحلات واعتماد مبدأ تخصص الأراضي.

كما أن التعمير الحديث، يركز على الأهداف الجمالية للمجال الحضري، وذلك حتى يظهر هذا الأخير بمظهر أكثر تنسيقا وتنظيما، وبالتالى تحقيق الجانب الجمالي في بناء المجالات الحضرية من شأنه أن يساهم في إنعاش قطاع السياحة مثلا، وذلك من خلال الحفاظ على المآثر التاريخية[34]، وخلق مساحات خضراء وتحديد ساحات أو فضاءات عمومية للترفيه والاستراحة، وتزيين واجهات المنازل وأرصفة الشوارع بأشكال هندسية تعكس طابعا معماريا معينا، كما أن عمليات تشجير الساحات العمومية والأرصفة من شأنها إضفاء طابمجمالى على فضاء المدينة.

التعمير ضرورة للأمن القومي

يتفق أساتذة العلوم السياسية على أن مفهوم الأمن القوميفي أبسط معانيه هو قدرة الدولة على توفير الحماية الذاتية والمحافظة على تماسك مجتمعها ومواجهة ما يمكن أن تتعرض له من مخاطر وتهديدات ويتفقون كذلك على أن توفير هذه الحماية لم يعد مقصورا على البعد العسكريوالأمني بمعنى حماية أراضي الدولة من أية تهديدات داخلية أو خارجية ولكنها اتسعت لتشمل كل ما يتعلق بتوفير متطلبات التنمية بأبعادها المختلفة الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، الأمن القومي إذاً له أبعاد متعددة.

المبحث الثاني: متطلبات حكامة توزيع الاختصاص في مجال التعمير

إن متطلبات حكامة توزيع الاختصاص في مجال التعمير تتوزع بين السلبي والإيجابي، حيث من جهة هناك تضخم الأجهزة والهياكل والمؤسسات المتدخلة في مجال التعمير (المطلب الأول)، ومن جهة أخرى هناكضرورة تقليص عددوالأجهزة والهياكلالمتدخلة في مجال التعمير(المطلبالثاني).

المطلب الأول: تضخم الأجهزة والهياكل والمؤسسات المتدخلة في مجال التعمير

لعل من أهم المآخذ والعيوب المسجلة على الإطار القانوني للتعمير هو عدم وجود جهة واحدة تتولى مهمة التدخل والإشراف والرقابة في مجال التعمير. ولعل ذلكيظهر بوضوح أن التعدد والتضخم غير المبرر للأجهزة المتدخلة، هو الخاصية الأساسية لمجال التعمير في المغرب. فالإدارة المركزية بشقيها إدارة التركيز وإدارة اللاتمركز الإداريوالجماعات (الجماعات الحضرية والقروية كما كانت تسمى سابقا)،والوكالات الحضرية، والسلطة المحلية ممثلة أساسا في مؤسسة العمال والولاة وباقي رجال السلطة وأعوانها، والوكالات المتخصصة بالنسبة لبعض المناطق كوكالة تهيئة بحيرة مارتشيكا بالناظور، إلى جانب جهات متعددة معقدة ومتنوعة الاتجاهات والمشارب،كلها تتدخل في مجال التعمير. بل الأكثر من ذلك كله، هو أنه حتى القوانين التنظيمية الجديدة التي صدرت لتنظيم الجماعات الترابية، تنفيذا لما جاء به الدستور الجديد بخصوص التنظيم الترابي للمملكة الذي أصبح قائما على الجهوية المتقدمة- لم تأت بأي جديد في مجال تعدد وتضخم الأجهزة المتدخلة في مجال التعمير، وإنما عملت على تكريسها[35].بل حتى النصوص الجديدة التي صدرت مؤخرا في ميدان التعمير كرست نفس الوضعية[36].

إن الأجهزة المتدخلة في مجال التعمير، وعلى الرغم من وجود هدف مشترك تسعى إلى تحقيقه، وهو تحقيق حكامة المجال العمراني وعقلنة تدبيره، بالإضافة إلى العمل على ضمان حماية النظام العام العمراني، فهي تمارس عملها بشكل شبه مستقل عن بعضها البعض ولا يوجد أي تنسيق مسبق أو مخطط يقسم العمل بالتدقيق بينها. حيث تقوم بعضالجهات المتدخلة في مجال التعمير بنفس العملية على نفس التصرف أو الجهاز المحلي، أو بالأحرى الاختصاص مجال التعمير. ولعل هذا الأمر نتيجة منطقية لعدم وجود أي مخطط أو برنامج أو تنسيق أو تعاون بين تلك الأجهزة، حيث غياب أي مقتضى أو نص أو مادة قانونية تنظم عملية توحيد وتنسيق الأعمال التي تقوم بها تلك الأجهزة المختلفة. بل إن ذلك الأمر قد ازداد استفحالا وتفاقما على مستوى الممارسة وذلك نتيجة غياب أي خطة وطنية أو جهوية أو إقليمية أو جماعية أو حتى قطاعية موحدة يتم وفقها توزيع الاختصاص العمراني.

ويعتبر حرص الدولة المغربية على مواكبةتطور التعمير الذي عرف مشاكل كبيرةنتيجة النمو الديمغرافي الهائل الذي عرفه المغرب، وعلى وحدتها وحماية الأموال العامة من سوء الاستعمال، وضمان صحة وسلامة العمليات الإدارية، من الدوافع المعلنة لإحداث وسائل وآليات متعددة ومتنوعة للقيام بمختلف عمليات التدبير العمراني في مجال التعمير. ذلك من الناحية السياسية والنظرية، أما في الحقيقة وعلى المستوى الواقعي، فإن الأمر لا ينحصر في ذلك. حيث باستقراء دقيق لمختلف العوامل والمعطيات والظروف التي تحيط بالتعمير يمكن التأكيد أن الحفاظ على المصلحة العامة، ليس هو السبب الوحيد الذي كان وراء تعدد المتدخلين في المجال العمراني. فالأجهزة والمؤسسات والجهات المتدخلة قد وصلت إلى حد كبير من التضخم، حيث التفريخ اللاعقلاني للهياكل ولأجهزة الإدارية، لأسباب ودوافع أخرى. أبرزها تغييب البعد الاستراتيجي والتخطيطي المقصود حفاظا على المصالح والامتيازات التي يوفرها ذلك التضخم والاختلال أو الانحراف لبعض المسؤولين محليا ومركزيا.

ولعل هذا الأمر المتعلق بالتضخم والإحداث اللاعقلاني للهياكل والأجهزة، يبدو واضحا، يؤكده الواقع، وليس من باب المبالغة. حيث يظهر من خلال جميع الإجراءات والتدابير التي تمت منذ الاستقلال، قصد ترسيخ وتثبيت القرى والحواضر المغربية، خاصة في شقها الإداري، ويظهر كذلك من خلال منهجية الإصلاح التي تم إتباعها وتنفيذها منذ تلك الفترة قصد تجاوز مظاهر قصور وعدم ملاءمة المنظومة العمرانية مع متطلبات التدبير العقلاني الرشيد.

 ويعتبر هذا التعدد والتضخم في الهياكل والأجهزة، من أهم وأبرز المعطيات السلبية والمعيقات البنيوية التي تنطوي عليها منظومة التعمير بصفة عامة. وذلك نظرا لما تشكله مسألة التعدد والتضخم من مس بفعالية وجودة ونجاعة العمليات العمرانية في حد ذاتها. حيث نتيجة للتداخل والازدواجية غير المجدية ولا المبررة في المهام والاختصاصات التعميرية، أصبحت كثيرة ومتعددة بل ومتنوعة هي التأثيرات والمخلفات والتداعيات السلبية المترتبة عنها.

لقد أدى غياب أي تخطيط محكم وعقلاني لإحداث الأجهزة المتدخلة في مجال التعمير، إلى اتسام المنظومة العمرانية الحالية بالتضخم والتضاعف غير المبرر، وبالتقريبية أو التماثل في الاختصاصات الموكولة لها. وتلك الأجهزة نتيجة لذلك، لا تستجيب لمواصفات ومتطلبات الترشيد والعقلنة، ولا تحمل في طياتها المؤشرات والشروط التي تضمن الجودة والحكامة في المراقبة. فهناك من الأجهزة، ما هو غير مبرر إطلاقا من الناحية العملية والممارساتية، لكون معظم مهامها أو بعضها تمارس من قبل جهات وهيئات أخرى، والتي هي أكثر منها تخصصا واتقانا للعمليات المنشودة. ومن ثم لا يمكن أن يكون وجودها إلا تبذيرا للمال العام وإهدارا للزمن التنموي، وضياعا لمصالح المواطنين.

ولعل الأدهى والأمر من كل ما سبق، هو أن القوانين التنظيمية الجديدة للجماعات الترابية قد حملت هي الأخرى نفس المنطق العمراني، بخصوص كثرة وتضخم وتعدد الأجهزة المتدخلة. فرغم كون تلك النصوص القانونية قد جاءت بمستجدات متقدمة نسبيا، مقارنة مع القوانين التي سبقتها، فإنها تشتمل نقائص وثغرات كثيرة نأمل أن يتم تداركها في المستقبل القريب. لاسيما ما يتعلق منها بالإقرار الضمني لمسألة تضخم وتعدد الأجهزة الممارسة للاختصاص العمراني نتيجة تجاهل التنصيص على ضرورة تقليص تلك الأجهزة. فالأمر يتعلق هنا بتنظيم وتأطير للتنظيم الترابي الجديد الذي يقوم على الجهوية المتقدمة واللامركزية المتطورة، وعلى هذا الأساس لا يصح ولا يعقل أن يتم الإبقاء على ظاهرة التضخم في الأجهزة المتدخلة في مجال التعمير.

وعموما، يمكن القول أنمسألة التضخم والكثرةفي الأجهزة المعنية بمجال التعمير وتعددها بالمغرب، مسألة جد سلبية. وتؤدي إلى ضياع الهدفمنوجودها،الذيهو ضمان فعالية التدخلات في مجال التعمير، والحفاظ على المالالعام من جميع التصرفات والسلوكيات المشينة.فإلى جانب هدر الزمن التنموي بفعل تعقد وتضخم المسألة التعميرية،هناك مسألة أخرى تتعلقبتحميلبعض تلك الأجهزةالمسؤوليةعن التقصير فيالواجب للبعض الآخر،وبالتالييحصلالتضارب والتعارض والتنازعوالتخبط حول من يجب محاسبته من الأجهزة في حالة الفشل. ومن هنا نؤكد أن العبرة -كما يقال- ليست بكثرة الأجهزة والوسائل واتساع رقعة اختصاصاتها، وإنما بمدى نجاعة وفعالية المنظومة العمرانية في الذود عن المصلحة العامة وعن الحكامة والنجاعة.

وأخيرا فإن هذا التضخم في المتدخلين وكثرة تدخلاتهم قد أدى إلى العديد من السلبيات، وليس أبرزها ما ذكر سالفا فقط، بل هناك سلبيات أخرى يمكن ذكر بعضها على سبيل المثال لا الحصر كالتالي:

– قلة وثائق التعمير المصادق عليها، فلقد كانت ضرورة موافقة المجالس الجماعية أمرا ضروريا من أجل التخطيط الحضري في ظهير 1952[37]، مما أدى إلى امتناع المجالس الجماعية عن الموافقة لأسباب عدة، لكن هذه الظاهرة لازالت موجودة حتى مع التشريع الحالي 12-90 وعدم اشتراط موافقة المجالس الجماعية، وذلك راجع لبطء الإجراءات التنسيق والاستشارة والمصادقة. كما أنه ليس هناك دائمتا تنسيق بين مكاتب الدراسات المكلفة بإعداد وثائق التعمير والمجالس الجماعية من جهة، وبعض الإدارات المعنية من جهة أخرى.

– البطء في دراسة الحصول على رخص التعمير، فمن بين الإشكاليات التي يطرحها تعدد المتدخلين في قطاع التعمير هو البطء في دراسة طلبات الحصول على ترخيص من أجل البناء أو إحداث تجزئات عقارية.وذلك بالرغم من أن المشرع قد حدد الآجال التي يجب خلالها دراسة هذه الطلبات (ثلاثة أشهر فيما يخص مشاريع التجزئات وأجل شهرين فيما يخص البنايات عدا المجموعات السكنية التي خصص لها نفس أجل التجزئات)، فما يلاحظ غالبا أن تلك الآجال لا يتم احترامها من طرف السلطات الإدارية، مما يترتب معها ضياع الوقت وبالتالي ارتفاع تكاليف إنجاز المشروع، كما أنه قد يؤدي بالبعض إلى التراجع عن مشروعه نهائياّ. وتجدر الإشارة أنه بالنسبة للمناطق الواقعة خارج نفوذ الوكالات الحضرية[38] تطرح صعوبة أخرى وتهم الحصول على المعلومات التعميرية (كالمتعلقة بالتنظيق والاستعمالات المسموحة بها). بالنسبة للآرض المراد تجزئتها أو بناؤها والتي تنص عليها وثائق التعمير في حالة وجودهــا.                                                                    

– ظـاهرة رفض الترخيص للمشــاريــع، فرغم التحسن الذي عرفه قطاع منذ أحداث الوكالات الحضرية، فإن الملاحظ أن هذه الأخيرة ساهمت هي لأخرى في التعقيد التدبير قطاع التعمير من خلال رفضها للعديد من رخص التعمير. ولعل ذلك تفاقم نظرا لافتقار هذه الوكالات إلى الأساس القانوني الذي تعتمد عليه لدراسة الطلبات، وذلك نتيجة لعدم تغطية كل الجماعات بوثائق التعمير، وبالتالي تفضل الوكالات الحضرية الحيطة والحذر وعدم المغامرة في اتخاذ المبادرة بالإضافة إلى الخروقات التي تسجلها الوكالات الحضرية من طرف رؤساء المجالس الجماعية الذين يتجاهلون قانون التعمير وتسخير هذا القطاع من أجل تحقيق أغراض ذاتية وأهداف انتخابوية على حساب المصلحة العامة.

– غياب التعاون بين الجهات المتدخلة في ضبط مخالفات التعمير، فضبط المخالفات في ميدان التعمير يحتاج إلى موارد بشرية كفيلة بالقيام بمهامها على أحسن وجه تريده الإدارة لإنجاح وثائق التعمير من جهة ولمراقبة فعالة للحركة العمرانية من جهة ثانية. ومن هنا تأتي أهمية مؤازرة المصالح التقنية التابعة للدولةوللإدارات الجماعية.

إن تعدد المتدخلين في التعمير يطرح مشكلة التنسيق، وتؤدي السلطة المحلية دورا أساسيا على المستوى المحلي يتجلى في محاولة التنسيق بين كل المتدخلين في ميدان التعمير.  فعامل الإقليم أو العمالة يعتبر الرئيس المباشر بالنسبة لرؤساء المصالح الخارجية للوزارات، و يلعب دورا مهما برئاسة اللجنة التقنية للإقليم أو العمالة المحدثة بموجب الفصل 5 من الظهير الشريف رقم 138- 75- 1 بتاريخ 15 فبراير 1977 المعتبر بمثابة قانون يتعلق باختصاصات العامـــل[39]. وبالمقابل فإن المصالح اللاممركزة للوزارات والمؤسسات العمومية الممثلة في اللجنة التقنية تنفيذ برامج الوزارات الوصية والمجالس الإدارية المعنية.  والوكالات الحضرية تخضع لوصاية وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان والبيئة، باستثناء الوكالة الحضرية للدار البيضاء. كما أن وزارة الداخلية تمارس وصياتها على الجماعات الترابية وعلى الوكالة الحضرية للدار البيضاء.                                                                                                                                                                                

كل هذا التداخل وإن كان ضروريا للتنظيم الإداري وله مزايا متعددة يمكن تلخيصها في تخصص كل إدارة في نشاط معين، فإن عمليات التعمير نظرا لشموليتها وارتكازها على كل هذه النشاطات سواء منها الإدارية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية أو غيرها وحتى الممارسات الديموقراطية، تعاني من عدم الانسجام والتناسق بين أعمال الإدارة وبرامجها الزمنية من جهة وبين مخططات الجماعات المحلية وبرامجها التنموية من جهة أخرى.  وبالإضافة إلى كل هذا فهناك ضعف موارد الجماعات البشرية والمادية والتي تشغل من طرف الإدارة لبسط نفوذها على التخطيط والبرمجة وكذلك التدبير، وخير مثال على ذلك التنافر القائم بين المجالس الجماعية والوكالات الحضرية في ميدان التعمير، الشيء الـذي أدى إلـى نهج سياسة شـد الحبل بين الجانبين مما يعرقل إنجاز المشاريع الاستثمارية، ويسبب في محاولة عدم الامتثال للقوانين وما يترتب عن ذلك من سكن عشوائي وتشويه للمجال.

المطلب الثاني: ضرورة تقليصعددوالأجهزة والهياكلالمتدخلة في مجال التعمير

إذا كانت أول فكرة أو خلاصة يمكن أن يخرج بها الباحث أو المتأمل توزيع الاختصاص في مجال التعمير بالمغرب، هي تضخم الأجهزة والجهات الممارسة لتلك الرقابة. مما ينعكس سلبا على التنمية وتدبير الشؤون العمومية، وعلى الرقابة والحكامة الجيدة بصفة عامة، فإن المصلحة العامة والضرورة والمنطق الإصلاحي يقتضي أن أول ما يمكن القيام به لتحقيق النجاعة العمرانية، وتجنب عرقلة وإعاقة التنمية المستدامة والمنشودة، هو تقليص عدد المتدخلين.

إن تقليص الأجهزة المتدخلة في مجال التعمير ينبغي أن يشكل إحدى الخيارات الاستراتيجية للدولة من أجل النهوض بالحكامة الجيدة. ذلك أن أي سياسة تنموية تقدم عليها الدولة في عموم التراب الوطني، لا بد لها من سياسة عمرانية ملائمة مؤهلة وحديثة مرنة، قادرة على الدعم والدفع والمواكبة وتحقيق الأهداف التنموية. وذلك قصد التمكن من المساهمة الفعالة في الارتقاء بتدبير الشأن العام المحلي والوطني، ومن ترجمة المشاريع التنموية إلى أعمال واقعية وملموسة، ليستفيد منها في آخر المطاف المواطن المغربي باعتباره المعنى الأول والمستفيد من تجويد العمليات التنموية إذا تم، ومن الحكامة الجيدة عموما.

 ولعل تقليص الأجهزة المتدخلة في مجال التعمير، سيمثل في المستقبل القريب هاجسا أساسيا، سيشغل بال كل الجهات الهادفة إلى جعل المغرب دولة ديمقراطية. بحيث ستطرح مسألة التضخم والتعدد في الأجهزة، العديد من الإشكالات ذات الارتباط العميق بمجمل التحولات التنظيمية والنظامية والسوسيو-اقتصادية التي ستعرفها بنية التدبير العمومي. وذلك نتيجة الإصلاحات المتعلقة بتضاعف الاختصاصات والصلاحيات في القوانين التنظيمية الصادرة لتنظيم الجماعات الترابية في المغرب مستقبلا[40]. وفي سياق ذي صلة، تجدر الإشارة إلى أن هذه النصوص القانونية الجديدة الصادرة تنفيذا لمقتضيات دستور 2011 -ورغم بعض الإصلاحات التي جاءت بها- فهي لم تعمل على تقليص الأجهزة والمؤسسات المتدخلة في مجال التعمير كما كان منتظرا منها كما لم تعقلن الرقابة الإدارية عموما. ومن ثم لا يسعنا إلا أن نسجل ذلك على مضض، مع المطالبة بتدارك وتصحيح الوضعية في المستقبل القريب.

إنه وفي سياق التحولات الكبرى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية التي تضاعفت سرعتها وديناميتها، وفي إطار التحديات والمتغيرات المتعددة التي بات يفرضها النظام العالمي الجديد على المغرب. ثم في ظل التحولات التي يعيشها المجتمع المغربي داخليا، حيث تضاعفت متطلبات التنمية ومستلزمات الحكامة الجيدة، فقد أضحت الدولة مطالبة أكثر من أي وقت مضى بتبني استراتيجية إصلاحية وتحديثية دقيقة، لمنظومة التعمير. بحيث ينبغي أن تتسم بالشمولية والفعالية، والملاءمة والنجاعة المتوازنة مع المرونة. ولعل ذلك ليس من شأنه تطوير الأداء الإداري والتنموي فقط، وإنما بفعله أيضا سيتم السير نحو مدن وحواضر مواطنة خدومة عصرية وحديثة، قادرة على الانسجام مع أدوارها الجديدة والمشاركة الفعالة في التنمية الشاملة للبلاد.

بل إن من شأن تقليص وعقلنة وترشيد الأجهزة المتدخلة في مجال التعمير -وبدونمبالغة- أن يجعل من تلك الجماعات أشخاصا مدعمة ومبادرة، وقد تكون فعالة في دعم القضايا الكبرى للوطن، خاصة إذا تم بشكل متواز الارتقاء السياسي بالنخب المحلية. ومن ثم قد تتماهى الجماعات الترابية في المستقبل مع الدور الجديد المفترض أن تقوم به الدولة إزاء اللامركزية الإدارية الترابية في مجال التعمير، حيث من المفترض أن يقوم أساسا على الأبعاد الاستراتيجية والإشرافيةوالمواكباتية والتحكيمية فقط. وذلك تماشيا مع متطلبات المرحلة ومع المنحى العالمي الجديد، السائد اليوم حول مفهوم الدولة، حيث يتجه حتمية ولزاما نحو جعل دورها يقتصر على المساعدة والمواكبة للأشخاص اللامركزية في قضايا ومسائل التعمير بدل التدخل المباشر في عملية الإنتاج والتنمية المحلية، وعلى التقنين والتقويم العادل بدل مباشرة التسيير والتدبير.

وعلى صعيد آخر، وإذا كان التخفيف والتقليص الشكلي والعضوي للأجهزة المتدخلة في مجال التعمير له كل هذه الأهمية والأبعاد التنموية والتحديثية الداخلية والخارجية، فإن هذه المسألة المتعلقة بضرورة تقليص الأجهزة، ليست قضية إلغاء وحذف فقط. بل مسألة جد معقدة لابد لها من تخطيط واستراتيجية ودراسة معمقة لتلك البنيات والأجهزة والهياكل، حتى يتم التخلص والاستغناء على أقلها أهمية وجدارة وكفاءة. أو على الأقل -وإن لم يكن ذلك ممكنا- فالتخلص من تلك التي تمارس نفس الوظائف والصلاحيات، مع ترك أقلها تكلفة وأيسرها وطأة على الحكامة العمرانية. وبالرجوع إلى الواقع العملي والممارساتي، نجد أنه صحيحا هناك العديد من التقارب والتقريبية في مهام واختصاصات بعض الجهات الرقابية، بل تصل بعض الأجهزة والجهات أحيانا وفي بعض الحالات إلى حد التطابق والتماثل في الوظائف. وهو الأمر الذي يقتضي ويستلزم الاستغناء عن إحداها أو بعضها أو أكثر، -إذا كان هناك أزيد من جهة تمارس نفس الصلاحية أو الاختصاص- وذلك تجنبا لتضييع الجهود والوقت وإهدار الزمن التنموي وتفاديا للتكرار في الفعل العمراني الذي يكون أحيانا بدون جدوى. وهذا التضخم بالتأكيد لا يمكن أن يكون هنا إلا مسألة سلبية معيبة ومعرقلة، بل هو بعيد كل البعد عن الجودة والجدوى في التدبير العمومي العمراني عموما.

إن تقليص الأجهزة المتدخلة في المجال العمرانيبالمغرب مسألة ضرورية وأساسية، وتهدف إلى تبسيط التدبير العمومي العمرني وتجويدها وتسهيل مسألة التعمير. ومن ثم تيسير الحياة اليومية للمرتفق وتيسير نشاط الوحدات المنتخبة عموما، ومطاردة التعطيل والتعقيد والبيروقراطية بمفهومها السلبي في تدبير الشؤون العامة المحلية. فالأجهزة الوصائية والرقابية المرغوبة في هذا الصدد على سبيل المثال، هي تلك التي تؤدي أفضل رقابة ممكنة بأقل مجهود ممكن وفي أسرع وقت ممكن، مع أقل تكلفة مالية وبشرية ممكنة وفي أفضل الظروف الممكنة. ومن هنا ولكي يكون الأمر كذلك، لابد من الترشيد والعقلنة الشكلية والموضوعية لمنظومة التعمير الموجودة حاليا، وملاءمتها مع متطلبات الفعالية والنجاعة، ومع مستلزمات التنمية المحلية المستدامة والحكامة الترابية المنشودة.

ولعل من أولى الجهات والمكونات المعنية والمطالبة بتقليص أجهزتها، هي وزارة الداخلية المشرفة على اللامركزية الترابية والإدارة المحلية المنتخبة. فإذا كان معلوما أن تلك الوزارة بمقتضى الإشراف هي المسؤولة عن الجماعات الترابية وتمارس عليها وصايتها بشكل مباشر، وهي عبارة عن مراقبة واسعة ودقيقة ومستمرة، بحيث تشمل جميع الأشخاص والأنشطة بالوحدات المنتخبة وفي مقدمتها التعمير. فلماذا تم استحداث كل تلك الأجهزة والآليات الرقابية الأخرى؟ وأيا كان الرد والجواب عن هذا السؤال، فالترشيد والعقلنة الرقابية يقتضيان حذف وإلغاء بعض الأجهزة، وإدماج بعض مهامها غير المالية ضمن اختصاصات ووظائف أجهزة أخرى. فوجودها إذا كان غير مبرر من الناحية العملية، لكون معظم مهامها أو بعضها يمارس من قبل الأجهزة والجهات الأخرى، التي هي أكثر منها تخصصا واتقانا للعمليات الممارسة، فإن اختصاصها لا يمكن أن يكون إلا مضيعة للوقت وهدرا أو تبذيرا للمال العام المحلي، الذي قد تكون مجالات أخرى في أمس الحاجات إليه. ومن هنا لابد من إعادة النظر في وجودأجهزة تلك الوزارة، أو بالأحرى في إطار الإصلاحات الهيكلية المراد مباشرتها قبل الدخول الفعلي في تجربة اللامركزية العمرانية والتعميرية المتقدمة والجهوية الموسعة.

ولكن في الحقيقة قبل هذا وذاك، لابد بل يجب على وزارة الداخلية إعادة النظر في مسألة تقاسم اختصاصاتها الوصائية مع ممثليها المحليين (العمال والولاة). تجاوزا لمشكلة التضخم والازدواجية في ممارسة تلك الاختصاصات وتدقيقا في تحديد المسؤوليات، بجعل الرقابة الوصائية من اختصاص مندوبيها الترابيين. وإذا كان هذا الأمر قد يطرح بعض الإشكالات والمخاوف أو الهواجس لدى الدولة كعادتها، في حالة منح الاختصاصات الوصائية بشكل مباشر من طرف السلطة التشريعية وبصريح النصوص للولاة والعمال، فإن الحل موجود وهو اللاتمركز الإداري، حيث يعتبر هذا الأسلوب دعامة أساسية لتحديث الدولة ومرافقها[41]، ومن ثم ممارسة الوصاية من طرف سلطة عدم التمركز الإداري. فأسلوب اللاتمركز إلى جانب أهميته في تقليص هياكل المراقبة الإدارية خاصة على مستوى وزارة الداخلية (هياكل الإدارة المركزية)، فهو يمكن الجماعات المحلية، من اتخاذ القرار بالسهولة والسرعة المطلوبتين، نظرا لقرب الولاة والعمال من تلك الجماعات واتصالهم بها بصفة مباشرة ودائمة. أضف إلى ذلك أن فكرة تقريب الوصاية من الجماعات الترابية سيضمن إنجاز العمل الوصائي بدقة وفعالية أكثر[42].

إن الملك محمد السادس ومنذ إعلانه عن انطلاق التحضير لورش الجهوية الموسعة، ما فتئ يؤكد على ضرورة تطوير اللاتمركز الواسع، حتى تتمكن الجهوية الْمُنْتَظَرَة من الرقي بالتنمية المحلية وبلوغ مستوى الحكامة الترابية. فقد جاء في خطابه الموجه إلى المشاركين في الملتقى الوطني حولالجماعات المحلية بأكادير “إن اعتزازنا بالخطوات الهامة التي قطعها نظامنا اللامركزي، لا يعادله إلا حرصنا علىتثبيت دعائمه بنظام الجهوية الواسعة واللاتمركز الإداري… ومهما يكن تقدمنا في مجال ترسيخ النظام اللامركزي، فإنه سيظل ناقصا،ما لم يدعمه إصلاح نظام الجهات، وبناء أقطاب جهوية متجانسة، واعتماد التدبير غيرالمتمركز للشأن المحلي. لذا نعتبر أنه قد آن الأوان، للعمل على تسريع مسلسل اللاتمركز الإداري وتوسيع صلاحياته، باعتباره لازمة ضرورية، لمواكبة الجهويةالواسعة، …”[43]. ولعل المؤسسة الملكية في هذا الخطاب إذا كانت متحدثة عن أهمية اللاتمركزالإداري للجهوية واللامركزية بصفة عامة، وبمختلف تجلياته وتمظهراته، فإن المقصود هنا بالدرجة الأولى هو لاتمركز سلطات الوصاية.

هذا باختصار عن وزارة الداخلية وبعض ما يمكن بذله للتخفيف من التضخم، بتقليص أجهزة المراقبة الإدارية على الجماعات الترابية التابعة لها، أما بخصوص الوزارة المكلفة بقطاع المالية الممارس الثاني لسلطات الوصاية على تلك الجماعات، فإنه ينبغي عليها هي الأخرى أن تقلص من هياكلها وأجهزتها المتدخلة في ممارسة الرقابة الإدارية على المالية المحلية. وهنا نستحضر أن تلك الوزارة تمارس رقابتها من خلال المفتشية العامة للمالية والخزينة العامة للمملكة، وكذا من خلال المحاسبين العموميين المضطلعين بمسألة المراقبة المحاسبية للعمليات المالية أثناء التنفيذ بشكل مباشر. ولا ظن أن الأمر هنا لا يستدعي ولا يتطلب تدخل كل تلك الأجهزة -خاصة إذا علمنا أن لها العديد من الاختصاصات المتكررة والمتقاربة- فمن أجل تكريس الجودة والحكامة الترابية أصبح لزاما على الوزارة المكلفة بالمالية أن تعمل على إدماج تلك الأجهزة الثلاث وحوكمتها مع ترشيد وعقلنة اختصاصاتها.

ولما لا يتم في هذا الصدد أيضا، السعي والتفكير بجدية في مسألة إدماج بعض مصالح وأجهزة الرقابة الإدارية التابعة لوزارة الداخلية، في تلك التابعة للوزارة المكلفة بالمالية رسميا -خاصة تلك التي تمارس رقابة مالية صرفة- فالرقابة المالية ذات الطابع الإداري في الأصل هي اختصاص صرف لوزارة المالية. والجماعات الترابية أشخاص معنوية عامة تخضع للقانون العام ويجب أن تعمل تحت إشراف الدولة بمفهومها النسقي المتكامل، وليس لوزارة الداخلية وحدها، التي ترتبط في المخيال الشعبي المغربي بالأمن وبالهواجس الضبطية أكثر مما ترتبط بأمور أخرى.

ولعله بذلك سيندمج العمل الرقابي الإداري على المستوى المحلي من خلال ضمان وحدة التمثيلية الرقابية أولا، ثم من خلال وحدة التمثيلية ما بين أجهزة وزارة الداخلية المكلفة بالرقابة الإدارية، ونظيرتها التابعة للوزارة المكلفة بقطاع المالية المتقاربة في العمل والأنشطة المزاولة، وذلك باندماج المصالح التابعة لها في بنية إدارية واحدة. وهذا الأمر ليس إيجابيا بالنسبة لتقليص أجهزة المراقبة الإدارية على الجماعات الترابية لإرساء التجانس والتناسق والفعالية في النشاط الرقابي فقط، بل سيبسط النظام الرقابي على الجماعات الترابية عموما، كما سيمكن ذلك وفي نفس الإطار من تحديد مسؤولية الأجهزة المراقبة التي فشلت في أداء مهامها الرقابية قصد المحاسبة والمتابعة.


[1]– الأوضاع والأفاق الديمغرافية للمغرب – منشورات مركز الدراسات والأبحاث الديمغرافية، الرباط 1997.

[2]– مرسوم رقم 2.15.234 الصادر في 28 من جمادى الأولى 1436 الموافق ل 19 مارس 2015، بالمصادقة على الأرقام المحدد بها عدد السكان القانونيين بالمملكة، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6354، بتاريخ 4 رجب 1436 الموافق ل 23 أبريل 2015، ص 4026.

[3]– معلومات مستقاة من ملتقى الجماعات المحلية حول تنمية المدن يومي 12 و13 دجنبر 2006 بأكادير، وقد يشارك فيه حوالي 500 مشارك من منتخبين محليين وممثلي الدولة والمؤسسات العمومية والمصالح الخارجية وممثلي هيئات المجتمع المدني وكذا أساتذة جامعيين وخبراء وباحثين.

http://www.collectiviteslocales.ma/menu1.html

[4]– مجموعة مؤلفين: “تاريخ المغرب تحيين وتركيب”، إشراف وتقديم محمد القبلي، منشورات المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، مطبعة عكاظ الجديدة الرباط، الطبعة الأولى 2011.

[5]– فرضت الحماية الفرنسية على المغرب في 30 مارس 1912 م بعد توقيع معاهدة الحماية الفرنسية على المغرب من طرف السلطان عبد الحفيظ وامتدت فترة الحماية حتى حصول المغرب على استقلاله سنة 1956. راجع كتاب “المقاومة المغربية ضد الاستعمار 1904-1955 الجذور والتجليات”، أعمال الندوة العلمية المقامة في 13-14- 15 نونبر 1991، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة ابن زهر أكادير، سلسلة الندوات والأيام الدراسية، مطبوعات الهلال العربية للطباعة والنشر الرباط، الطبع الأولى 1997.

[6]– الحاج شكرة: “الوجيز في قانون التعمير المغربي”، دون ذكر المطبعة ولا دار النشر، الطبعة الخامسة 2010، ص 7.

[7]– الظهير الشريف، الصادر في 20 جمادى الأولى 1332، الموافق ل 16 أبريل 1914، المتعلق بتصفيف الأبنية وتوسيع المدن وفي الواجبات والضرائب المفروضة على الأبنية وما يلحق بها، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 51، الصادرة بتاريخ 27 جمادى الأولى 1332، الموافق ل 24 ابريل 1914، ص 173.

[8]– الظهير الشريف الصادر بتاريخ 9 شوال 1332 الموافق ل 31 غشت 1914، في شأن نزع الملكية بعوض واشغالها مؤقتا للمصلحة العمومية، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 74، الصادرة بتاريخ 20 شوال 1332، الموافق ل 11 شتنبر 1914، ص 412.

[9]– الظهير الشريف، الصادر في 20 صفر 1352، الموافق ل 14 يونيه 1933، يتعلق بتجزئة الأراضي، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 1080، الصادرة بتاريخ 13 ربيع الأول 1352، الموافق ل 7 يوليوز 1933، ص 1146.

[10]– أحمد مالكي: “التدخل العمومي في ميدان التعمير بالمغرب”، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة مولي عبد الله فاس، 2007-2008.  ص 12.

[11]– الظهير الشريف، الصادر في 7 قعدة الحرام 1371، الموافق ل 30 يوليوز 1952، بشأن الشؤون المعمارية، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2083، الصادرة بتاريخ 5 محرم 1372، الموافق ل 26 شتنبر 1952، ص 6046.

[12]– الظهير الشريف، الصادر في 20 صفر 1352، الموافق ل 14 يونيه 1933، يتعلق بتجزئة الأراضي، المشار إليه سابقا.

[13]– الظهير الشريف الصادر في 25 ربيع الثاني 1353 الموافق ل 7 غشت 1934 بتغيير (الظهير الشريف، الصادر في 20 صفر 1352، الموافق ل 14 يونيه 1933، يتعلق بتجزئة الأراضي) الصادر بالجريدة الرسمية عدد 1140، الصادرة بتاريخ 31 غشت 1934، ص 1196.

[14]– الظهير الشريف الصادر بتاريخ 24 محرم عام 1356 الموافق ل 06 أبريل 1937، (في تتميم الظهير الشريف المؤرخ في 20 صفر 1352 الموافق ل 14 يونيو 1933، الصادر في تجزئة الأراضي)، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 1281، الصادرة في 14 ماي 1937، ص 851.

[15]– الظهير الشريف الصادر بتاريخ فاتح شعبان عام 1356، الموافق ل 07 أكتوبر 1937، (في شرح مقتضيات الظهير الشريف المؤرخ في 20 صفر 1352 الموافق ل 14 يونيو 1933 المتعلق بتجزئة الأراضي)، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 1308، الصادرة في 19 نونبر 1937، ص 1870.

[16]– الظهير الشريف، الصادر في 20 محرم 1373، الموافق ل 30 شتنبر 1953، بشأن تجزئة الأراضي وتقسيمها إلى قطع صغيرة، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2142، الصادرة بتاريخ 5 ربيع الأول 1373، الموافق ل 13 نونبر 1953، ص 3682.

[17]– ظهير شريف رقم 1.60.016 بتميم (الظهير الشريف الصادر في 7 ذي القعدة 1371 الموافق ل 30 يوليوز 1952، بشأن التعمير)، الصادر في 7 شوال 1379 الموافق ل 4 أبريل 1960، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2477، الصادرة بتاريخ 18 شوال 1379، الموافق ل 15 أبريل 1960، ص 1262.

[18]– ظهير شريف رقم 1.60.063 بشأن توسيع نطاق العمارات القروية، الصادر في 30 ذي الحجة 1379 الموافق ل 25 يونيه 1960، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2489، الصادرة بتاريخ 13 محرم 1380، الموافق ل 8 يوليوز 1960، ص 2098.

[19] – Programme d’Action Intégré pour le Développement et l’Aménagement de laRégion Méditerranéenne Marocaine: rapport de diagnostic, volume IV, Mai 1996, p 47.

[20]– القانون رقم 90-012 المتعلق بالتعمير، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.31، الصادر في 15 من ذي الحجة 1412 الموافق ل 17 يونيو 1992، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4159، الصادرة في 14 محرم 1413، الموافق ل 15 يوليو 1992، ص 887.

[21]– القانون رقم 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.7، الصادر في 15 من ذي الحجة 1412 الموافق ل 17 يونيو 1992، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4159، الصادرة في 14 محرم 1413، الموافق ل 15 يوليو 1992، ص 880.

[22]– أنظر:

– المرسوم رقم 2.92.832، الصادر في 27 من ربيع الأخر 1414، الموافق ل 14 أكتوبر 1993، لتطبيق القانون رقم 90-12 المتعلق بالعمير، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4225، الصادرة في 4 جمادى الأولى 1414، الموافق ل 20 أكتوبر 1993، ص 2061.

– المرسوم رقم 2.92.833، الصادر في 25 من ربيع 1414، الموافق ل 12 أكتوبر 1993، لتطبيق القانون رقم 90-25 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4225، الصادرة في 4 جمادى الأولى 1414، الموافق ل 20 أكتوبر 1993، ص 2057.

[23]– القانون رقم 016.89 المتعلق بمزاولة مهنة الهندسة المعمارية وإحداث هيئة المهندسين المعماريين الوطنية، المشار إليه سابقا.

[24] -Programme d’Action Intégré pour le Développement et l’Aménagement de la Région Méditerranéenne Marocain: op.cit. ، page 47.

[25] – للمزيد من التفاصيل راجع القانون 90. 12 المشار إليه في مرجع سابق.

[26]– للمزيد من التفاصيل راجع القانون 90. 25 المشار إليه في مرجع سابق.

[27]– Louis Jacquignon: Le droit de l’urbanisme, cités actuelles et villes nouvelles, 6ème plan 1971-1975 – éditions Eyrolles, Paris, 1975, P 1.

[28]– المناظرة الوطنية الأولى للجماعات المحلية، انعقدت بمراكش في دجنبر 1977 كان شعارها “التعايش”. والمناظرة الثانية انعقدت بالرباط، في نونبر 1979 تحت شعار “التمازج”. وانعقدت الثالثة بمكناس في يونيو 1986 بعنوان “التشارك”. أما الرابعة فقد كانت بالدار البيضاء في يونيو 1989 تحت شعار “المسؤولية”. وكانت الخامسة في الرباط في أبريل 1992 وقد اختير لها شعار “التطابق”. لتأتي بعدها المناظرة السادسة تحت شعار “تكوين وإعلام المنتخبين المحليين”. وانعقدت المناظرة الوطنية السابعة بالدار البيضاء في 19-20-21 أكتوبر 1998. وزارة الداخلية: “أشغال المناظرة الوطنية السابعة للجماعات المحلية، 19-20-21 أكتوبر 1998 بالدار البيضاء تحت عنوان “اللاتركيز لازمة للامركزية”، مطبعة فضالة المحمدية، 1998، ص 73.

[29]– راجع محمد السنوسي معنى مرجع سابق ص 28.

[30] -Robert Savyop.cit P20. (George Haussman Administrateur français، né à Paris (préfet de la seine), il dirigea les grands travaux qui transformèrent Paris).

[31]– يتعلق الأمر بالقانون رقم 90-012 المتعلق بالتعمير، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.31، الصادر في 15 من ذي الحجة 1412 الموافق ل 17 يونيو 1992، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4159، الصادرة في 14 محرم 1413، الموافق ل 15 يوليو 1992، ص 887.

[32]– انظر المادة 4 المتعلقة بمخطط التهيئة العمرانية والمادة 13 المتعلقة بتصميم التنطيق وكذا المادة 19 المتعلقة بتصميم التهيئة من القانون رقم 90-012 المتعلق بالتعمير، المشار إليه سابقا.

[33]– أنظر المادة 100 من القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.85، الصادر في 20 رمضان 1436، الموافق ل 07 يوليوز 2015، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6380، مكرر الصادرة بتاريخ 06 شوال 1436، الموافق ل 23 يوليوز 2015، ص 6660.وكذا قرار وزير الداخلية رقم 2-502 الصادر في 23 أكتوبر 2002 المتعلق بإحداث وتنظيم وتحديد صلاحيات المصالح الخارجية للوقاية المدنية واختصاصها الترابي، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 5065 الصادرة في 11 شوال 1422 الموافق ل 16 دجنبر 2002 ص 3690.

[34]– الظهير الشريف رقم 1.80.341، الصادر بتاريخ 17 صفر 1401 الموافق ل 25 دجنبر 1980، يتضمن الأمر بتنفيذ القانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات، الصادر الجريدة الرسمية عدد 3564 الصادر بتاريخ 12 ربيع الأخر 1401 الموافق ل 18 فبراير 1981 ص 162.

[35]– أنظر

– القانون التنظيمي رقم 14.113 المتعلق بالجماعات، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.85، الصادر في 20 رمضان 1436، الموافق ل 07 يوليوز 2015، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6380، الصادرة بتاريخ 06 شوال 1436، الموافق ل 23 يوليوز 2015، ص 6660.

– القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، الصادر في 20 رمضان 1436 الموافق ل 7 يوليوز 2015، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.84 الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6380،الصادرة بتاريخ 6 شوال 1436 الموافق ل 23 يوليوز 2015، ص 6625.

– القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، الصادر في 20 رمضان 1436 الموافق ل 7 يوليوز 2015، والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.83، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6380 الصادرة بتاريخ 6 شوال 1436 الموافق ل 23 يوليوز 2015، ص 6585.

[36]– أنظر:

– القانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.124 الصادر في 21 من ذي القعدة 1437 الموافق 25 أغسطس 2016،الصدر بالجريدة الرسمية عدد 6501، الصادرة في 17 ذو الحجة 1437 الموافق ل 19 شتنبر 2016 ص 6630.

– المرسوم رقم 2.13.424 الصادر في 13 من رجب 1434 الموافق 24 ماي 2013، بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقةبالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6155 الصادرة بتاريخ 16 رجب 1434 الموافق ل 27 ماي 2013، ص 4306.

[37]– الظهير الشريف، الصادر في 7 قعدة الحرام 1371، الموافق ل 30 يوليوز 1952، بشأن الشؤون المعمارية، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 2083، الصادرة بتاريخ 5 محرم 1372، الموافق ل 26 شتنبر 1952، ص 6046.

[38]– الظهير الشريف رقم 1.93.51 الصادر في 22 من ربيع الأول 1414، الموافق ل 10 سبتمبر 1993، معتبر بمثابة قانون يتعلق بإحداث الوكالات الحضرية، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4220، الصادرة بتاريخ 27 ربيع الأول 1414 الموافق ل 15 شتنبر 1993، ص 1624.

[39]– الظهير الشريف بمثابة قانون، رقم 1.75.168، الصادر بتاريخ 25 صفر 1397، الموافق ل 15 فبراير 1977، يتعلق باختصاصات العامل، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 3359، الصادرة بتاريخ 25 ربيع الأول 1397 موافق 16 مارس 1977، ص 767. أنظر كذلك الظهير الشريف المعتبر بمثابة قانون، رقم 1.93.293، الصادر بتاريخ 19 ربيع الأخر 1414 الموافق ل 6 أكتوبر 1993، (يغير ويتمم بمقتضاه الظهير المعتبر بمثابة قانون الصادر في 1977 المتعلق باختصاصات العامل)، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4223، الصادرة بتاريخ 19 ربيع الأخر 1414، الموافق ل 6 أكتوبر 1993، ص 1911.

[40]– أنظر المواد من 80 إلى 95 من القانون التنظيمي المتعلق بالجهات، والمواد من 78 إلى 90 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم، والمواد من 77 إلى 91 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، قوانين مشار إليها سابقا.

[41]– Jean-Benoît Albertini : “La Déconcentration : l’administration territoriale dans la réforme de l’Etat”, Edition Economica, Paris, 1997, p 164.

[42]– ميمونة هموش: “الوصاية على أعمال الجماعات”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، 2005-2006، ص 146.

[43]– أنظر خطاب الملك محمد السادس، الموجه إلى المشاركين في الملتقى الوطني حولالجماعات المحلية بأكادير، سنة 2006، انبعاث أمة: الجزء 51، القسم الثاني، المطبعة الملكية، الرباط، 2006، ص505.