آليات ولوج الفاعلين الخواص للعقارات السلالية.
ذ.أحمد الزيتي
باحث في قانون العقود والعقار
باحث بمركز الدراسات في الدكتوراة: الشريعة والقانون
جامعة سيدي محمد بن عبد الله – فاس
منشور في العدد 4 من مجلة فضاء المعرفة القانونية االتي تصدر عن المركز.
يعتبر العقار عامل إنتاج استراتيجي ورافعة أساسية للتنمية المستدامة بمختلف أبعادها. ومن ثم فالعقار هو الوعاء الرئيسي لتحفيز الاستثمار المنتج المدر للدخل والموفر لفرص الشغل ولانطلاق المشاريع الاستثمارية في مختلف المجالات الصناعية والفلاحية والسياحية والخدماتية وغيرها. وبالإضافة إلى ذلك فهو محرك ضروري للاقتصاد الوطني لأنه يوفر الأرضية الأساسية لإقامة مختلف البنيات التحتية والتجهيزات العمومية. كما تنبنى عليه سياسة الدولة في مجال التعمير والتخطيط العمراني وهو الآلية الأساسية لضمان حق المواطنين في السكن.[1]
وتتسم البنية العقارية بالمغرب بكونها مركبة ومعقدة، نتيجة تداخل مجموعة من العوامل التاريخية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها. وقد ترتب عن هذه الوضعية تنوع الأنظمة القانونية المؤطرة للعقار، وتعدد الجهات المتدخلة في تدبيره.[2]
ومن بين الأنظمة القانونية العقارية نجد نظام العقارات السلالية، والذي ظل مؤطرا لقرن من الزمن بمقتضى ظهير 27 أبريل 1919[3] والنصوص المرتبطة به ، قبل أن يتم نسخه بمقتضى القانون رقم 17.62 [4] ، قصد تجاوز العديد من الاخلالات والإكراهات التي كانت تثيرها مقتضيات الظهير الملغى، والتي منها حصر نطاق قاعدة التفويت لفائدة الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية _فقط _ بالرغم من التطور الحاصل في أهمية الفاعل الاقتصادي الحقيقي أي الفاعلين الخواص[5].
وتجاوزا لهذا الإشكال، فإنه كان من بين أهداف القانون 62.17 فتح إمكانية تفويت أراضي الجماعات السلالية لفائدة الفاعلين الاقتصاديين الخواص؛ لإنجاز مشاريع الاستثمار والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد[6]. وهو ما تم فعلا بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون رقم 62.17 والتي نصت على أنه ” .. يمكن إبرام العقود والاتفاقات المذكورة عن طريق المنافسة أو عند الاقتضاء بالمراضاة، لفائدة الفاعلين العموميين والخواص “.
وهو ما يثير التساؤل عن كيفية ولوج الفاعلين الخواص إلى هذا الصنف من العقارات ؟ وهل المسطرة المقررة كفيلة بتحقيق أهداف القانون 17.62 ؟
إن الجواب عن هذا الاشكال ، يقتضي القول أنه إذا كان المشرع المغربي جعل من التفويت بالمراضاة آلية لانتقال العقارات السلالية لفائدة الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية والجماعات السلالية الأخرى ، فإنه بالمقابل جعل تفويت هذه العقارات لفائدة الفاعليين العمومين والخواص يتم بالأساس عن طريق المنافسة وعند الاقتضاء بالمراضاة . الأمر الذي يدفعني إلى مقاربة هذا الموضوع من خلال محورين :
المحور الأول : ولوج الفاعلين الخواص للعقارات السلالية عن طريق المنافسة.
المحور الثاني : ولوج الفاعلين الخواص للعقارات السلالية عن طريق المراضاة.
المحور الأول : ولوج الفاعلين الخواص للعقارات السلالية عن طريق المنافسة.
إذا كانت الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون رقم 62.17 فتحت إمكانية إبرام عقود تفويت العقارات السلالية لفائدة الفاعلين الخواص، فإن المرسوم التطبيقي للقانون المذكور[7]، حدد الاجراءات الكفيلة ببلورة هذه القاعدة على أرض الواقع ، ويتعلق الأمر بالمسطرة التالية:
- طلب العروض (Appel d’offres)
تتم الدعوة إلى المنافسة بناء على دفتر للتحملات،(cahier des charges)، إما بمبادرة من طرف سلطة الوصاية أو بطلب من الجماعة السلالية المالكة[8] . ويتم شهر هذه الدعوة عبر نشر طلب العروض ، على الاقل، في جريدتين مرخص لها بنشر الإعلانات القانونية والقضائية والإدارية ، إضافة إلى تعليقه في مقر السلطة المحلية والعمالة أو الاقليم ، مع إمكانية نشر هذا الاعلان بالبوابة الإلكترونية لسلطة الوصاية .
وما يلاحظ على وسائل الشهر التي قررت للإعلان عن طلب العروض لاقتناء عقارات سلالية من أجل انجاز مشاريع استثمارية ، أن المرسوم جعل نشر الإعلان عن طلب العروض في البوابة الالكترونية لسلطة الوصاية ، ليس الزاميا ، بل على سبيل الامكان فقط ، مما لا ينسجم وسياسة الدولة في التوجه نحو نزع الطابع المادي عن الاجراءات الإدارية وتبسيطها في اطار استراتيجية الإدارة الإلكترونية والحكومة الرقمية ، إضافة إلى أن وسائل النشر الإلكتروني اليوم أصبحت ذو فاعلية وجدوى من وسائل النشر التقليدية ” الجرائد ” الذي جعل النشر فيها الزاميا.
وأيا كان الأمر، فإن الاعلان عن طلب العروض يجب وفقا للفقرة الثانية من المادة 35 من المرسوم التطبيقي، أن يتضمن معلومات عن العقار المعروض للتفويت وخاصة الموقع والمساحة والمراجع العقارية والاستعمال حسب وثائق التعمير إن وجدت . كما يجب أن يتضمن أيضا مكان ايداع العروض وتاريخ الشروع في استلامها والتاريخ والساعة المحددين لانتهاء هذه العملية ، وكذا الساعة والمكان المحددة لفتح الاظرفة.
- فتح الأظرفة وفحص العروض وتقييمها:
عند حلول التاريخ المحدد لفتح الأظرفة المعلن عن ساعته ومكانه سابقا، تقوم لجنة الاشراف على عمليات تفويت عقارات الجماعات السلالية من أجل انجاز مشاريع استثمارية، طبقا للمادة 34 [9] من المرسوم التطبيقي ، بفتح الأظرفة وفحص العروض وتقييمها مع تحرير محضر يوقع من طرف أعضائها قبل أن يحال الملف بجميع الوثائق إلى مجلس الوصاية المركزي لاتحاذ القرار بشأنه.
- مصادقة مجلس الوصاية المركزي على عملية التفويت
نصت الفقرة الاخيرة من المادة 20 من القانون رقم 17.62 على أنه ” تتم مباشرة ابرام العقود والاتفاقات السالفة الذكر بعد مصادقة مجلس الوصاية المركزي ” ، ذلك أن المصادقة على عمليات التفويت المتعلقة بأملاك الجماعات السلالية تعتبر من أهم اختصاصات مجلس الوصاية المركزي. ويتخذ هذا الاخيرفراره في الملف الذي يعرض عليه بأغلبية ثلثي أعضائه داخل ثلاثين يوما من تاريخ توصله به.
هذا والزمت المادة 37 من المرسوم التطبيقي بتعليق نتائج فحص العروض وتقييمها بمقر السلطة المحلية العنية ونشرها بالبوابة الالكترونية لسلطة الوصاية ، مع ضرورة تبليغ المنافس الذي فاز عرضه ودعوته إلى أداء الثمن وتقديم الضمانة البنكية المطلوبة داخل أجل 30 يوما من تاريخ التبليغ ، تحت طائلة سقوط حقه في التفويت.
- إبرام عقد التفويت
نصت الفقرة الثانية من المادة 37 على أنه ” يسلم مشروع عقد التفويت إلى المتنافس المذكور ، داخل أجل 15 يوما من تاريخ أداء ثمن البيع والمصاريف والإدلاء بالضمانة البنكية المطلوبة ، وذلك قصد توقيعه والمصادقة على هذا التوقيع ، وإعادته داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التوصل به ” .
وانطلاقا من هذا النص يمكن ابداء الملاحظتين التالتين :
أ – إن المرسوم التطبيقي حاد عن التوجه العام للمشرع في شكلية إبرام التصرفات العقارية ، والمتمثل في القطع مع المحررات العرفية وتضييق نطاقها فقط في المحررات الثابتة التاريخ التي ينجزها محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ، إلى جانب العقود الرسمية طبقا للمادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية[10]، مما يجعلنا نتسائل هل يرقى هذا المقتضى المقرر بمقتضى مرسوم الى استثناء ضمنى جديد ينضاف إلى لائحة الاستثناءات الواردة على المادة المذكورة؟[11] خصوصا وأن هذه الأخيرة نصت بوجوب احترام الشكلية المقررة فيها ” ما لن ينص قانون خاص على خلاف ذلك ” ، بمعنى أن الاستثناء يكون بمقتضى قانون وليس بمقتضى مرسوم . لذلك كان من الأجدر أن يضمن هذا المقتضى في القانون رقم 62,17 وليس بمرسومه التطبيقي .
ب – إذا كان المرسوم استثنى عقود تفويت العقارات السلالية من الشكلية المنصوص عليها في المادة الرابعة فإنه سكت عن شكلية الوكالة المتعلقة بإجراء مثل هذه العقود ، مما يجعلنا نتساءل عن الشكلية المطلوبة فيها خصوص بالنسبة للفاعلين الخواص المعنويين؟
ذلك أن أهلية الفاعل الخاص المعنوي في إجراء التصرفات تختلف عن أهلية الشخص الطبيعي ، في أنها لا يمارس التصرفات بنفسه ولكن بواسطة أشخاص طبيعين يمثلونه ويعملون باسمه ولحسابه.
وبالنظر لضخامة أنشطة بعض الفاعلين الخواص المعنويين وخصوصا شركات المساهمة ، وبعض الشركات العقارية الكبرى فإنه يتعذر على مسير الشركة تمثيلها عبر التراب الوطني في مختلف العمليات التي تجريها يوميا ، مما يحتم عليه تفويض السلط المخولة له لبعض العاملين في الشركة المعنية . ويقصد بهذا التفويض أن يعهد صاحب الاختصاص بممارسة جانب من اختصاصه سواء في مسألة معينة أو في نوع معين من المسائل إلى فرد آخر طبقا لما تقتضي الأوضاع القانونية[12].
وقد كان هذا التفويض يتم في شكل عرفي في الغالب، لكن بعد تعديل المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية بتاريخ 14/09/2017 بموجب القانون قانون رقم 69.16 [13] بإضافة الوكالة ضمن الوثائق الواجب تحريرها بمحرر رسمي أو من طرف محام مؤهل لذلك بواسطة محرر ثابت التاريخ. والذي جاء في إطار تنفيذ القرارات المتخذة من لدن الآلية المكلفة بتتبع موضوع الاستيلاء على عقارات الغير، والمشكلة تنفيذا للتعليمات السامية المضمنة في الرسالة الملكية الموجهة إلى وزير العدل بتاريخ 30 دجنبر 2016 بخصوص التصدي الفوري والحازم لأفعال الاستيلاء على عقارات الغير. أصبح من الضروري افراغ التفويضات المتعلقة بمباشرة تصرفات تتعلق بالحقوق العينية طبقا للشكلية المنصوص عليها في المادة الرابعة ما لم يوجد قانون خاص يقضي بعكس ذلك. وما دام أن المرسوم التطبيقي سكت عن هذا الامر فإنه يرجع إلى القاعدة العامة لأن الاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فيه.
المحور الثاني : ولوج الفاعلين الخواص للعقارات السلالية عن طريق المراضاة.
الى جانب الاقتناء بالمنافسة خول المشرع للفاعلين الاقتصادين مكنة أخرى لتملك العقارات السلالية تتمثل في الاقتناء الاتفاقي على أساس دفتر للتحملات. إلا أنه إذا كان الاقتناء عن طريق المنافسة للعقارات السلالية يمكن إجراؤه بغض النظر عن طبيعة المشروع الاستثماري لعمومية المادة 33 من المرسوم التطبيقي، فإن الاقتناء بالمراضاة لا يمكن مثلا أن يكون قصد إنجاز مشروع استثماري في المجال الفلاحي ، وإنما لا بد في المشروع المزمع إحداثه أن يندرج ضمن أحد الميادين المحددة حصرا في المادة 39 من المرسوم التطبيقي في الميدان الصناعي أو التجاري أو السياحي أو السكني أو الصحي أو التربوي أو الخدماتي. وهو حصر لا مبرر له ، اللهم إلا إذا كان الغرض منه إبعاد المبادرة الاستثمارية في الميدان الفلاحي عن الفطاع الخاص وجعلها فقط بيد سلطة الوصاية أو الجماعة السلالية نفسها لاتخاذ المبادرة في هذا المجال عن طريق طلب العروض للتفويت بالمنافسة.
وإذا كان المشرع قد سمح بتفويت العقارات السلالية بالمراضاة، فإنه بقراءة سريعة لمقتضيات المادة 20[14] من القانون 17.62 يتضح أن الأصل هو التفويت عن طريق المنافسة أما التفويت بالمراضاة فيشكل استثناء عند الاقتضاء. مما يجعلنا نتساءل عن الحالات التي تقتضي التفويت بالمراضاة ومن دون إعمال قواعد المنافسة؟
إنه بالرجوع إلى مقتضيات القانون 17.62 ومرسومه التطبيقي لا نعثر على معيار صريح لمعرفة متى يلجأ إلى التفويت بالمراضاة دون سلوك مسطرة التفويت بالمنافسة. إلا أن القراءة الأولية تجعلنا نفترض معيارا ، لعل الممارسة العملية قد تؤكد أو تنفي صحته، مفاده أنه عندما يكون صاحب المشروع هو الفاعل الاقتصادي الخاص ” شركة تجارية مثلا ” وتكون المبادرة الاستثمارية بناء على طلبه فإن هذه الحالة تقتضي إعمال قاعدة التفويت بالمراضاة . أما عندما تكون المبادرة الاستثمارية نابعة من سلطة الوصاية أو بطلب من الجماعة السلالية المالكة، فإنه يمنع تفويت العقار بالمراضاة ويتعين سلوك مسطرة التفويت عن طريق المنافسة وما يستتبع ذلك من إجراءات تضمن الشفافية والمساواة بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين واحترام قواعد الحكامة الجيدة.
وأيا كان الأمر ، فإن مسطرة التفويت بالمراضاة تتم عبر اتباع الإجراءات التالية :
- تقديم طلب الاقتناء
يتعين على الفاعل الاقتصادي الخاص الراغب في اقتناء عقار من العقارات السلالية قصد إنجاز مشروع استثماري في الميدان الصناعي أو التجاري أو السياحي أو السكني أو الصحي أو التربوي أو الخدماتي ، تقديم طلبها إما إلى سلطة الوصاية أو المركز الجهوي للاستثمار أو السلطة المحلية مقابل وصل.
وما يلاحظ هنا ، هو أن المشرع وسع من دائرة الجهات المختصة بتلقى طلبات لاقتناء ، الأمر الذي لا ينسجم والاصلاح الجديد الذي عرفته مساطر تدبير المشاريع الاستثمارية بإسناد الاختصاص إلى المراكز الجهوية للاستثمار فقط دون غيرها ، حيث تنص المادة الرابعة من القانون 47.18 [15] على أنه ” تتولى المراكز، كل واحد في حدود نفوذه الترابي ، المساهمة في تنفيذ سياسة الدولة في مجال تنمية الاستثمارات وتحفيزها وانعاشها وجلبها على الصعيد الجهوي، والمواكبة الشاملة للمقاولات، لاسيما المقاولات الصغرى والمتوسطة والصغيرة جدا…”
ولهذه الغاية تمارس المراكز الجهوية للاستثمار العديد من المهام، منها حسب نفس المادة “تلقي ملفات الاستثمار وطلبات التراخيص والقرارات الادارية المتعلقة بها، ودراستها بتنسيق مع الادارات والهيئات العمومية المعنية طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل “.
الأمر الذي يجعلنا نقول بأنه كان من الأجدر اسناد الاختصاص فقط للمراكز الجهوية للاستثمار بتلقي طلبات الاقتناء مع ضرورة تولي هذا الأخير تبليغ الطلب إلى سلطة الوصاية والسلطة المحلية قصد دراسته بتنسيق معها.
- ابداء الجهة المتلقية للطلب رأيها فيه
الزم المرسوم التطبيقي الجهة التي تلقت طلب الاقتناء بجمع المعطيات الضرورية حول العقار موضوع الطلب كموقع والمساحة والمراجع العقارية والاستعمال حسب وثائق التعمير إن وجدت … ثم بعد ذلك تقوم بإعداد تقرير يتضمن رأيها في الموضوع ، ويحال الملف مرفقا بالتقرير على لجنة الاشراف على عمليات التفويت.
- دراسة الملف من طرف لجنة الاشراف على عمليات التفويت
بعد توصلها بملف طلب التفويت تقوم لجنة الاشراف على عمليات تفويت العقارات السلالية بدارسة الطلب وإبداء الرأي بشأنه . وقد أسند لها المشرع مهمة اقتراح قيمة للعقار المطلوب بناء على عناصر المقارنة.
إن تحديد قيمة ثمن التفويت يعتبر ذا أهمية كبيرة في عملية تفويت هذا النوع من العقارات ، ولذا كان يحدد من طرف اللجنة الإدارية الإقليمية للتقييم وتستند في ذلك على المعايير التالية:
– وضعية ونوعية العقار
– نوعية المشروع المراد إنجازه
– الأخذ بعناصر المقارنة المتمثلة في الأثمنة السائدة في المنطقة
وتبقى لمجلس الوصاية الصلاحية الكاملة للمطالبة بمراجعته للرفع من قيمته حفاظا على مصالح الجماعات السلالية .[16]
- مصادقة مجلس الوصاية المركزي
عندما تنتهي لجنة الاشراف على عمليات التفويت من عملها ، تحيل الملف بجميع وثائقه على مجلس الوصاية المركزي قصد اتخاذ القرار بشأنه داخل أجل ثلاثين يوما. وإذا كان القرار بالمصادقة على عملية التفويت فإنه يتم إخبار المعني بالأمر بضرورة أداء الثمن والمصاريف والإدلاء بالضمانة البنكية داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التوصل ، وبعد القيام بالمطلوب ، يسلم مشروع العقد إلى المعني بالأمر قصد توقيعه والمصادقة على التوقيع وإعادته داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ التسليم ، أما إذا لم المعني بالأمر بما طلب منه فإنه يتم إشعاره بواسطة رسالة تبلغ إليه بإحدى طرق التبليغ القانونية بسقوط حقه في التفويت.
أما إذا اتخذ المجلس قرارا سلبيا ، بعدم المصادقة على عملية التفويت ، فإن المشرع لم يتناول هذه الحالة ، وأعتقد أنه يتعين إعمال القواعد العامة المتعلقة بتعليل القرارات الادارية [17]قصد الطعن فيها وفقا للطرق المقررة قانونا.
خاتمة :
من خلال ما سبق يمكن القول ، إن رغبة المشرع في دمج العقارات السلالية في مسلسل التنمية ، عبر فتح امكانية ولوج الفاعلين الاقتصاديين الخواص لهذا الصنف من العقارات ، تشكل خطوة هامة في مسار تحقيق التنمية الشاملة بالمغرب ، إلا أنه وبالرغم من صدور القانون الجديد رقم 17.62 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها ، ومرسومه التطبيقي فإنه لا زالت تعترض الفاعلين الاقتصاديين الخواص العديد من المعيقات، منها عدم إمكانية ولوج الشركات ذات الأسهم للعقارات القروية وعدم وضوح العلاقة ما بين القانون 62.17 وقوانين التعمير خصوصا تلك المرتبطة برخصتي التجزيئ والتقسيم . مما يعني أن هذه الخطوة وإن كانت معالمها الكبرى قد اتضحت، فإن تفاصيل أجرأتها وتنزيلها لا زالت تتطلب مجهودا أكبر من خلال الإسراع بتعديل بعض النصوص القانونية والعمل على تظافر جهود مختلف المتدخلين قصد تجاوز كل الاشكالات والمعيقات التي قد تحد من ذلك.
[1]– الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية حول موضوع “السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية” والتي انعقدت بالصخيرات ما بين 8-9 دجنبر 2015. منشورة بموقع البوابة الوطنية www.maroc.ma .(05/02/2020).
[2]– الورقة التأطيرية للمناظرة الوطنية حول موضوع “السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية” منشورة بموقع المناظرة العقارية www.assisesfoncier.ma. ( 05/02/2020)
[3] الظهير الشريف الصادر في 26 رجب 1337 الموافق ل 27 أبريل 1919 بتنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات المغربية وضبط تدبير الإدارة للأملاك الجماعية كما تم تعديله وتتميمه.
[4] – ظهير شريف رقم 1 . 19 . 115 صادر في 7 ذي الحجة 1440. ( 09 أغسطس 2019) بتنفيذ القانون رقم 62 . 17 بشأن. الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها الجريدة الرسمية عدد 6807 بتاريخ 24 ذو الحجة 1440 ( 26 أغسطس 2019) ص 5884.
[5] – عرض السيد وزير الداخلية أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب، بمناسبة تقديم مشروع القانون رقم 17.62 ص 4.
[6] – تقرير لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب ، حول مشروع القانون رقم 17.62 ص 3.
[7] – مرسوم رقم 973.19.2 صادر في 13 من جمادى الأولى 1441 (9 يناير 2020) بتطبيق أحكام القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها الجريدة الرسمية عدد 6849 بتاريخ 24 من جمادى الأولى 1441 (20 يناير 2020) ص 321.
[8] – تنص المادة 33 من المرسوم التطبيقي على أنه ” تتم عملية تفويت الأراضي المملوعة للجماعات السلالية بواسطة طلبات العروض على أساس دفتر التحملات، بمبادرة من سلطة الوصاية أو بطلب من الجماعة السلالية المالكة، لانجاز مشاريع استثمارية من طرف الفاعلين العمومين أو الخواص “
[9] – تنص المادة 34 من المرسوم التطبيقي على أنه : ” تشرف على على عمليات تفويت عقارات الجماعات السلالية من أجل انجاز مشاريع الاستثمار لجنة مكونة من :
- عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنهما؛
- ممثل المركز الجهوي للاستثمار؛
- ممثل سلطة الوصاية عند الاقتضاء؛
- رئيس قسم الشؤون القروية بالعمالة أو الإقليم الذي يتولى كتابة اللجنة؛
- السلطة المحلية؛
- نائب أو نواب الجماعة السلالية المعنية؛
- ممثلي المصالح اللاممركزة حسب طبيعة المشروع، عند الاقتضاء”.
[10] – القانون رقم 39.08 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 ( 22 نوفمبر 2011) والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 24 نوفمبر 2011 ص : 5587.
[11] – للتوسع أكثر في هذه الاستثناءات أنظر عبد الرحيم حزيكر ، توثيق التصرفات العقارية على ضوء مقتضيات مدونة الحقوق العينية والظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري ، مقال منشور بالندوة الوطنية في موضوع الأمن العقاري ، دفاتر محكمة النقض ، عدد 26 ص 150 وما بعدها.
[12] – محمد الأعرج ، التنظيم الإداري المغربي، الطبعة الأولى 2016، بدون ذكر المطبعة، ص 16.
[13] – ظهير شريف رقم 1.17.50 صادر في 08 ذي الحجة 1438 (30/08/2017) بتنفيذ القانون رقم 16.69 القاضي بتتميم المادة 04 من القانون 08.39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية ، الجريدة الرسمية عدد 6604 بتاريخ 23 ذو الحجة 1438 ( 14 سبتنبر 2017) ص 5068.
[14] – تنص الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون رقم 17.62 على أنه ” .. يمكن ابرام العقود والاتفاقات المذكورة عن طريق المنافسة أو عند الاقتضاء بالمراضاة ، لفائدة الفاعلين العموميين والخواص “.
[15] – ظهير شريف رقم 18.19 .1 صادر في 7 جمادى الآخرة 1440 ( 13 فبراير 2019) بتنفيذ القانون رقم 18.47 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار الجريدة الرسمية 6754 بتاريخ 15 من جمادى الآخرة 1440 ( 21 فبراير 2019) ص 834.
[16] – موقع أراضي الجماعات السلاليةwww.terrescollectives.ma ( تاريخ زيارة الموقع 03 . 02. 2020).
[17] – ظهير شريف رقم 1.02.202 صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 ( 23 يوليو 2002) بتنفيذ القانون رقم 01. 03 بشأن الزام الإدرات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية ، الجريدة الرسمية عدد 5029 بتاريخ 3 جماى الآخرة 1423 ( 12 أغسطس 2002) ص 2282.