مركز إدريس الفاخوري للدراسات والأبحاث في العلوم القانونية وجدة

توجهات السياسة العقارية لأراضي الجماعات السلالية في ميدان التعمير وفق المستجدات التشريعية.

ذ.مصطفى البوداني

باحث في صف الدكتوراه قانون خاص

منشور في العدد 4 من مجلة فضاء المعرفة القانونية التي تصدر عن المركز.

      يتسم النظام العقاري بالمغرب بميزة التعدد في أنظمته والازدواجية في هياكله والتي ينفرد بها عن باقي الأنظمة العقارية المقارنة، واستتبع هذا التعدد والازدواج اختلافٌ في أنماط الملكية من حيث الأشكال والتقسيمات وتنوعٌ في الأجهزة المختصة لكل نظام من حيث الإشراف وطرق التدبير، نتيجة لذلك تميزت وتَصَنَّفَتْ الملكيات العقارية وصارت أنواعا وصنوفا، وأضحى لكل نوع نظام قانون خاص ينظمه ويُعنى به، فهذه أملاك الجماعات السلالية العقارية[1] وإن اختلفت في التسميات والصفات والنعوت إلا أن الغاية التي تؤديها واحدة، هي أنها نظام قانوني يروم تمكين أفراد جماعة معنية من حق الانتفاع عليها دونما الانفراد باستحقاق تملك ملكية رقبتها.

وجدير بالبيان أن الملكية الجماعية للأرض تعتبر من أقدم الأنظمة العقارية التي عرفها المغرب، والتي تعود أصولها إلى التملك الجماعي لوسائل الإنتاج داخل القبيلة ولفكرة التضامن بين القبائل والعشائر الذي كان سائدا آنذاك في عصور ما قبل الحماية[2]، وغداة الحماية تم تقنينها قصد تحصينها وتثمينها عبر خلق هياكل لتسييرها وتحديد إجراءات لتدبيرها واستغلالها وتحديد كيفيات ممارسة الانتفاع منها، وتعزز ذلك من خلال إصدار نظام قانوني ينظمها بمقتضى ظهير 27أبريل 1919 بشأن تنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وتنظيم تسيير وتفويت الأملاك الجماعية كما وقع تغييره وتتميمه، إذ بموجب هذا الإطار التشريعي باتت الأملاك الجماعية تخضع لوصاية وزير الداخلية مع حفظ حق القبيلة الجماعية في الانتفاع، كما أن هذا القانون بالموازاة مع باقي الإصدارات التنظيمية الأخرى ذات الصلة رامت بالأساس مساهمة هذه الأراضي في مسلسل التنمية قصد تحسين حكامة استغلالها بشكل أنجع، وذلك راجع لأهمية المكانة التي تحتلها على مختلف المستويات، ناهيك على أنها تمثل خزانا عقاريا مهما بالنظر لشساعة المساحة التي تمثلها.

ومما ينبغي بيانه أن الرصيد العقاري للجماعات السلالية يشكل ثروة اقتصادية هامة، إذ تقدر المساحة الإجمالية لهذه الأراضي بحوالي 15 مليون هكتار، تمثل الأراضي الرعوية منها نسبة تفوق %85، وتغطي حوالي 12 مليون هكتار تستعمل بصفة جماعية من طرف ذوي الحقوق، بينما توظف أهم المساحات المتبقية في النشاط الفلاحي، وتمثل مساحتها 2 مليون هكتار أي بنسبة %13، حيث يتم توزيع حق الانتفاع من الأراضي الجماعية الفلاحية بين ذوي الحقوق من طرف جمعية المندوبين أو النواب طبقا للأعراف والعادات وتعليمات سلطة الوصاية[3]، وتستفيد منها ساكنة تقدر بحوالي 10 ملايين نسمة، ويقدر عدد الجماعات السلالية ب 4563 جماعة سلالية ويمثلها ستة آلاف و532 نائبا ونائبة[4]، وتتواجد في 48 إقليما وعمالة وهو ما يعطيها أهمية خاصة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي ودورا هامة في التنمية[5].

فبالرغم من شساعة مساحات أراضي الجموع بالعالم القروي فإن أكثر المساحات هي مخصصة للرعي وتوجد بمناطق شبه قاحلة وأغلبها مهجورة من الساكنة[6]، بل حتى تلك المخصصة للفلاحة تعرف تقلصا ملحوظا بفعل تنامي ظاهرة التمدن والتوسع العمراني وتفتيتها بإجراء عمليات للتقسيم العشوائي الخارج عن إطاره القانوني، لأجل كل هذا تدخل المشرع وعيا منه بخطورة هذه الظاهرة المستفحلة ببلورة إطار قانوني حديث ذي بعد تنموي وإجرائي، يُساير التحولات والإصلاحات المتراكمة، بغية تحقيق المبتغى المنشود بفتحها للاستثمار بشكل يراعى فيه الالتقائية على مستوى تجانس القوانين واندماجية مشاريع التنمية، ويكرس التماسك القبلي والإنصاف التضامني بين أفراد الجماعة السلالية.

عموما فإن أهمية هذه الأراضي كرصيد عقاري مهم يمكن أن يتجاوب مع الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تسعى الدولة المغربية لتحقيقها، والتي تظهر من خلال الجهود التي تبدلها من أجل التخفيف من العجز المتزايد بين العرض والطلب في قطاع السكن في ظل الارتفاع المهول في أثمنة العقار سواء في المدن أو في القرى، وما يزيد من أهمية الرصيد العقاري للأراضي الجماعية هو قرب نفاذ الوعاء العقاري التابع للملك الخاص للدولة الذي كان يتركز على محاذاة مع المدار الحضري[7].

وفقا للاعتبار أعلاه فإن الإصلاح الشمولي التشريعي الذي طرأ على أملاك الجماعات السلالية، بخاصة تجديد صياغة النظام القانوني المتعلق بأملاكها العقارية[8]، والذي يأتي في سياق تنفيذ مخرجات الحوار الوطني حول الأراضي الجماعية لسنة 2014، كما جاء استجابة للتوصيات المتمخضة عن المناظرة الوطنية للسياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دجنبر 2015، والرامية لإدماجها لخدمة التنمية المنشودة دونما إهمالٍ لطابعها الفلاحي، وكذا في إطار المجهودات المبذولة لبلورة نموذج تنموي جديد يستجيب لمتطلعات الشرائح المجتمعية ويؤسس لمنطق التقليص من التفاوتات المجالية والتباينات الترابية ويقوم على إحقاق مرتكزات وشروط العدالة الاجتماعية، فمستجدات هذا القانون تهدف إلى إضفاء قيمة مضافة على هذه الأملاك العقارية من خلال إقرار التوزيع العادل والمتكافئ لأعضاء الجماعة ذكورا وإناثا، وانخراط مساهمتها داخل نسق دينامية الدورة الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما وأن جلها تقريبا يتمركز داخل النطاق القروي وفي المراكز الصاعدة وفي المناطق التي أصبحت يعول عليها في احتواء ظاهرة التوسع والزحف العمراني، إذ كان مما لا شك فيه البحث عن بدائل أخرى للأوعية العقارية بعد نفاذ الرصيد العقاري لأملاك الدولة الخاصة لاستقطاب مختلف التحولات التنموية العمرانية والدفع بعجلة الاقتصاد ودعم الاستثمار المنتج، مما تركزت الأنظار على الأراضي السلالية قصد تهيئتها وجعلها صالحة لاحتضان مختلف عمليات التعمير وفتحها لهذه الغاية، بحسب الغرض الأساسي الذي يجب أن تستعمل له، ووفقا لطبيعة النشاطات الغالبة التي يمكن أن تمارس فيها سواء أكانت فلاحية سكنية استثمارية سياحية تجارية…، الأمر الذي اقتضى ضرورة إعادة بلورة صياغة إطارها القانوني والذي عَمَّرَ زُهاء قرن من الزمان وتحيينه ليتلاءم مع التغيرات والإصلاحات التي تعرفها الظرفية الآنية، مع الحفاظ على خصوصياتها.

وقصد تجاوز مشاكل أراضي الجماعات السلالية والصعاب التي قد تعترض الاستثمار العقاري في قطاع التعمير والإسكان، وكذا الحد من انتشار العمران العشوائي في ضواحي المدن بشكل مهول، خصوصا في تلك التي أصبحت فيها الأراضي الجماعية مشمولة بنطاق المدار الحضري، يتوجب تأطيرها وإخضاعها لعمليات التهيئة والتخطيط التنظيمي، مع فرض الرقابة في كيفية التعاطي مع مختلف الاستعمالات الواردة عليها، فضلا عن ما أباحه المشرع من فتح إمكانية تفويتها للفاعلين الاقتصاديين الخواص إلى جانب الفاعلين العموميين لإنجاز مشاريع استثمارية، حيث يترتب عن عملية التفويت هاته نقل ملكيتها لمالك جديد بمقتضاها تسقط عنها الصفة السلالية، وللمالك الجديد الحق في ممارسة جميع السلطات التي تمنحها الملكية العقارية على ألا يخالف مضمون عقد التفويت والقانون الجاري به العمل.

مما تجدر الإشارة إليه أن أهمية الموضوع تكمن في تزايد الاهتمام بهذه الأراضي، خصوصا وأن الوعاء العقاري للأراضي السلالية يشكل رصيدا مهما في النظام العقاري المغربي مقارنة مع باقي الأنظمة الأخرى، نظرا لوظيفته الاقتصادية والاجتماعية التي يُعنى بها لا سيما على مستوى توفير سكن الفلاحين وتجهيزات الاستثمار الفلاحي فضلا عن مكانته ضمن العمليات العمرانية، ولأجل ترشيد واستغلال هذا المكون العقاري بطريقة ناجعة، يتعين ضبط مختلف الاستعمالات التي قد ترد عليه، وجعله يساهم في التنمية الشمولية والمندمجة، الأمر الذي لا يمكن تصوره إلا عبر وثائق التعمير[9] كونها غدت محركا للاقتصاد ومنتجا للسكن بمختلف أنواعه، باعتبارها تقوم على توفير الرصيد العقاري الصالح للتعمير ناهيك عن دورها في برمجة مناطق المشاريع العمومية لتلبية وإشباع حاجيات الأفراد، استنادا لمسألة العدالة المجالية في تعميم التراب الوطني بالمرافق العمومية والتجهيزات الأساسية والبنيات التحتية كحق دستوري، دونما كبح لوظيفته وتعميق الهوة بين أعضاء الجماعة السلالية فيما يخص توزيع حق الانتفاع فيما بينهم.

من خلال ما سبق تبرز الإشكالية الأساسية فيما مدى مسايرة المشرع بمقتضى هذا الإصلاح التشريعي الذي طرأ على أملاك الجماعات السلالية التغيرات الراهنة في ميدان التعمير؟ وهل أصبح هذا الإطار التشريعي الجديد ملائما مع المقتضيات التعميرية حتى يواكب الدينامية الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية الجديدة؟ أم أن وثائق التعمير أضحت عاجزة عن تدبير التهيئة المجالية ومواكبة التحولات العمرانية عندما تنسحب على أراضي الجماعات السلالية بفعل طبيعة ونوعية بنيتها العقارية؟ وهل أراضي الجماعات السلالية تسعف في مواكبة وتأطير التطورات العمرانية أم أنها تقف عائقا في وجهها؟ وما حدود تحقيق المشرع لالتقائية تشريعية وتنموية بين النظام القانوني للأملاك السلالية والقوانين المؤطرة للتعمير؟ وكيف تساهم أملاك الجماعات السلالية العقارية في إرساء حكامة تعميرية متناسقة؟

المطلب الأول: مساهمة أدوات التعمير في تنمية الأملاك العقارية للجماعات السلالية

إن نجاح سياسة التعمير رهين بسياسة عقارية واضحة المعالم والمرامي من جهة، وسياسة للتدبير العمراني تترجم توجهات التخطيط المجالي وتستحضر المقاربة العقاريةبشتى أبعادها[10]، ولأجل ذلك تلعب أدوات التعمير بشقيها التخطيطي[11] والتدبيري[12] دورا محوريا وفعّال في الرفع من قيمة الأراضي عن طريق تهيئتها لتكون قابلة للتعمير بتحديد قواعد وضوابط استعمالاتها، كما أنه لا مسوغ لأي كان الحق في المساس والتصرف في هذه الأراضي بمختلف أوجه الاستعمالات إلا بموجب الرخص والأذن المنصوص عليها قانونا والتي لا تمنح إلا بناء على هذه الوثائق، والغاية من ذلك تحسين إطار العيش وتعزيز سبل الارتقاء بالمشهد المعماري والعمراني، ناهيك عن دورها في المحافظة على الأغراض العامة المخصصة لها الأراضي طبقا لمواقع تنطيقها، وبالتالي يتوجب على مختلف الفاعلين والمدبرين ملاءمة التوجهات المعتمدة على مستوى السياسة التعميرية مع وضعها القائم الذي تعرفه السياسة العقارية لجميع الأنظمة والهياكل العقارية، منها بخاصة أراضي الجماعات السلالية حتى يتسنى مساهمتها في التنمية المنشودة وإدماجها في التنمية العمرانية والسوق العقارية، وعليه ما حدود انسحاب وثائق التعمير على أراضي الجماعات السلالية (الفقرة الأولى)، وما طبيعة التراخيص الممنوحة على هذه الأراضي (الفقرة الثانية)؟

الفقرة الأولى: انسحاب وثائق التعمير على أراضي الجماعات السلالية

يمكن صياغة هذا العنوان وفق إشكالية أدق ترمي إلى رفع الغموض وفك الجمود بين وثائق التعمير وأراضي الجماعات السلالية لتحقيق التقائية تشريعية وتنموية، تتجلى فيما مدى إمكانية خضوع هذه الأملاك العقارية لأن تكون موضوع وثائق التعمير؟ وكيف تساهم هذه الوثائق في تنمية أملاك الجماعات السلالية؟

إن سبب طرح هذه الإشكالية يكمن في طبيعة النظام العقاري القانوني لأراضي الجماعات السلالية، حيث قيدها المشرع بمجموعة من التحصينات تمثل جوهر استمرارية وحدة تماسكها، الأمر الذي قد لا يتوافق أحيانا مع الأهداف العامة لوثائق التعمير، مما يتعين البحث عن حلول مشروعة قصد إمكانية انسحاب وثائق التعمير على هذه الأراضي، لأن هذه الوثائق تلعب دورا أساسيا في الرفع من قيمة أراضي الجماعات السلالية الواقعة بالمدار الحضري[13].

في إطار إصباغ حق الملكية العقارية بالوظيفة الاجتماعية فإن أملاك الجماعات السلالية بدورها لم تسلم منها، ذلك أن مشروعية المساس بحق الملكية العقارية من خلال أدوات التخطيط العمراني إنما يعكس رغبة المشرع في أن تساهم إلى جانب باقي الأنظمة العقارية الأخرى في مواكبة دينامية التحولات الاجتماعية والاقتصادية والديمغرافية التي عرفتها المنظومة العمرانية، إذ أضحى من الضروري العمل على تحديد قواعد وضوابط استعمال الأراضي وفقا لوضعها القانوني، لغاية تجنب السكن العشوائي وتكثيف الأنسجة السكنية واحتواء التوسع العمراني بشكل منظم.

إذا كانت وثائق التعمير تهدف بالأساس إلى تهيئة المجالات الجغرافية تهيئة استباقية لأجل توفير الأراضي القابلة للتعمير حتى تكون قابلة لاحتضان المشاريع والبرامج العمرانية والاستثمارية، فإنها  بالموازاة مع ذلك تروم الحفاظ على الخصوصيات التي تمتاز بها هذه المجالات بتحديد الأغراض العامة المخصصة لها وتعيين المواقع التي يجب أن تستعمل لها أو طبيعة النشاطات الغالبة التي يمكن أن تمارس فيها، فضلا عن اختصاصها بإيقاع الارتفاقات وتقرير القيود المؤديان إما إلى المنع والحظر من البناء والرامية إلى حماية المكونات الطبيعية البيئية بغض النظر عن نظامها القانوني.

وبالرغم من كل ذلك يمكن القول بأن وثائق التعمير لا تميز عند القيام بأدوارها بين طبيعة الأنظمة العقارية للمجالات التي تسري عليها، لكونها تستند على مبدأ الشمولية في تقرير أهدافها العامة، حتى لا تكون الملكية العقارية الخاصة هي من تتحمل لوحدها هذه الأهداف وإنما تشمل على جميع حدود المجال الترابي الذي تغطيه، ويتضح هذا الأمر بشكل واضح وجلي سواء من خلال مقتضيات المادة 8 المنظمة لاختصاصات مديرية التعمير بالإدارة المركزية للوزارة[14] أو من خلال مقتضيات المادة 3 المحددة لاختصاصات الوكالة الحضرية[15]، ومنه فإن أراضي الجماعات السلالية وإن كانت تقبل البعض منها إلا أن البعض الآخر قد يتعارض معها استنادا لخصوصيتها البنيوية إذا ما تواجدت بدوائر الري المسقية أو دوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية غير المسقية البورية، والسبب في ذلك أن المشرع أراد تحصينها من كل ما من شأنه أن يقسمها ويفتتها فيفقدها وظيفتها الفلاحية، وعلى الرغم من ذلك أخضعها لوثائق التعمير شأنها شأن جميع الأنظمة العقارية دونما استثناء ولكن في حدود ضيقة، لأنه بالبحث في إطارها القانوني المستجد لا نجد ما يمنع لكي تكون هذه الأراضي ضمن النطاقات التي تشملها وثائق التعمير، وعليه يجب ألا يفهم أن أراضي الجماعات السلالية معفاة أو مستثناة من أن تسري عليها وثائق التعمير بقدر ما أن سريانها مقيدة بالحفاظ على خصوصياتها الفلاحية كلما وجدت مبرراته، الأمر نفسه تروم بلوغه هذه الوثائق من حيث استحضار الاعتبار الفلاحي ضمن أهدافها.

انسجاما مع ذات السياق يتعين الإشارة إلى مسألتين في غاية الأهمية بمكان، الأولى تتعلق في أن وثائق التعمير لا تنظر إلى الطبيعة القانونية للأرضي وإنما تهدف إلى تخطيط المجال الترابي المتوقع داخل حدودها الجغرافية بصرف النظر عن طبيعة الأنظمة العقارية المكونة لها والمتواجدة بها، والثانية تتجلى في أن أراضي الجماعات السلالية أغلبها تتواجد وتتموقع في النطاقات القروية، الأمر الذي يدفع إلى القول بأن وثيقة التعمير الأكثر ملاءمة لها هو التصميم الخاص بتوسيع نطاق العمارات القروية[16] أو كما يُفضل الكثير تسميته بتصميم النمو أو التنمية، مصحوبا بالقرارات الخاصة بتصفيف العمارات القروية، مع إمكانية وضع مخطط توجيه التهيئة العمرانية وتصميم التهيئة إذا ما توافرت محددات إدماجها داخل المدار الحضري أو وجدت مسوغاته أو مبرراته.

مبدئيا متى كان نطاق سريان مخطط توجيه التهيئة العمرانية يشمل أراضي الجماعات السلالية بحكم وجودها داخل نطاقه لوجود ترابط بين مكوناتها، إذ ذلك تصبح مختلف استعمالاتها مقيدة بأحكامه إثر المصادقة عليه، وبالتالي يمكن إشمال بعض أو جميع الأراضي التابعة للجماعات السلالية بمخطط توجيه التهيئة العمرانية على ألا تقل مساحتها عما هو مقرر، بل إن هذا المخطط بدوره يحافظ على الخصوصيات الفلاحية التي تطبع هذه الأراضي، ويجد هذا القول سند قانونيته في الأهداف التي يرمي إلى تحقيقها هذا المخطط طبقا لما هو منصوص عليه في البند الثاني من المادة 4 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير كما وقع تعديله بالقانون رقم 66.12[17]، فإذا كان هذا المخطط يقوم بتحديد المناطق العمرانية الجديدة وتواريخ السماح بالقيام بعمليات عمرانية فيها، فإنه في المقابل يعمل بوجه خاص على الحفاظ على الأراضي الزراعية والمناطق الغابوية التي تتولى السلطة التنظيمية تحديدها[18] خصوصا إذا ما شمل أراضي واقعة داخل دوائر الري للجماعات السلالية، ولأجل هذه الغاية يحدد الأغراض العامة المخصصة لها الأراضي ويعين مواقع المناطق الزراعية والغابوية فيها، والمناطق المثقلة بارتفاقات حماية الموارد المائية والأماكن الطبيعية، وتخصيصه لهذه التنطيقات مرهون بما ورد في المراسيم التنظيمية المحددة في الدوائر الواقعة فيه هذه الأراضي.

ما ينطبق على مخطط توجيه التهيئة العمرانية يسقط كذلك على تصميم التهيئة، لأنه بالرجوع إلى أهداف هذا الأخير نجدها ترمي بمقتضى المادة 19 من نفس القانون أعلاه إلى تخصيص مختلف المناطق بحسب الغرض الأساسي الذي يجب أن تستعمل له أو طبيعة النشاطات الغالبة التي يمكن أن تمارس فيها، وذلك بإحداث منطقة سكنية ومنطقة صناعية ومنطقة تجارية ومنطقة سياحية ومنطقة لزراعة الخضروات ومنطقة زراعية ومنطقة غابوية على سبيل المثال، حيث يمكن سريان تصميم التهيئة على أراضي الجماعات السلالية في حالة تواجدها داخل المجالات العقارية التي تقتضي تزويدها بهذا التصميم، بشرط احترامه تخصيصاتها ومواقعها بفرض ارتفاقات عليها بعدم المساس بها من حيث المساحة، لأن أهدافه قد لا تتعارض مع ما ترمي إليه هذه الأراضي، وبالتالي فتصميم التهيئة يعمل على تحديد قواعد استعمال الأراضي والتي تتنوع وتتعدد بحسب موقعها وطبيعتها وأهميتها الاقتصادية مع الحفاظ على طابعها الفلاحي.

فإذا كانت الرقعة الجغرافية موضوع إعداد تصميم التهيئة تتواجد بها أراضي للجماعات السلالية فإنه في هذه الحالة يتوجب أثناء إعداده مراعاة خصوصية دورها في النشاط الفلاحي، وفرض ارتفاقات على المواقع المخصصة لذلك، اللهم إذا كانت هذه الأراضي تتواجد داخل دوائر الري، فعندئذ يكون هذا التصميم ملزما باحترامه مساحتها الدنيا عند فرض مختلف التنطيقات، كونها تنهض قيدا مانعا من أن يسري عليها إذا خالف هذه المقتضيات، ولا يحتج بهذه الموانع إذا تم إسقاط عنها هذه الصفة.

أما بالنسبة للتصميم الخاص بتوسيع نطاق العمارات القروية، ما يلاحظ عليه أنه يوضع لغير الدوائر التي يوضع لها تصميم التهيئة[19] ويكون ملزما في حالة وجود مخطط توجيه التهيئة العمرانية بأن يتقيد بأحكامه إذا كان يشمل جميع أو بعضا من الحيز الترابي له[20]، بمفهوم المخالفة فإنه يوضع للمجالات القروية دون غيرها، وما دامت غالبية أراضي الجماعات السلالية تتموقع داخل هذه المجالات القروية كونها مخصصة للفلاحة أو الرعي أو بها غابات، وبالنظر لنطاق تطبيق هذا التصميم يمكن القول على أنه التصميم الأكثر تناسبا مع خصوصيات هذه الأراضي، من جهتين:

  1. استنادا للأهداف العامة التي يروم بلوغها كما نص عليها الفصل الثاني من الظهير الشريف رقم 1.60.063 بشأن توسيع نطاق العمارات القروية كما وقع تعديله بالقانون رقم 66.12، حيث يهدف تحديدا إلى تشييد مرافـق خاصة بالاستغلال الفلاحي[21] والمناطق التي يمنع فيها كل بناء والأمكنة المخصصة للغراسة؛
  2. الجهات التي تتولى عملية إعداده والمصادقة عليه كما بينها الفصل الثالث من نفس الظهير أعلاه تظهر أنها تتناسب مع خصوصية هذه الأراضي، حيث تدرس التصاميم الخاصة بتوسيع نطاق العمارات القروية بسعي من المصالح المختصة التابعة لوزارة الأشغال العمومية (مصلحة التعمير) ولوزارة الفلاحة (قسم استثمار الأراضي والهندسة القروية)، وبعد عرضه على المجلس القروي وإبداء رأيه وإخضاعه للبحث العمومي، يصادق عليه بموجب قرار يصدره العامل، وينشر هذا القرار بعد موافقة وزير الداخلية عليه في الجريدة الرسمية وبمقر السلطـة المحليـة ويكون هذا القرار بمثابة التصريح بأن الأشغال والعمليات العمومية الضرورية لإنجاز هذا التصميم تعتبر من المصلحة العمومية.

وعند المصادقة على وثائق التعمير أعلاه ونشرها في الجريدة الرسمية تنتج أثارها في مواجهة الأملاك العقارية والحقوق العينية العقارية للجماعة السلالية وأعضائها ونوابها ومن لهم حق انتفاع على أملاكها العقارية، ويجب أن تكون استعمالاتهم لأراضيهم متطابقة وغير متنافية مع أحكام هذه الوثائق سواء تلك التي تهم المصلحة العامة الواردة في هذه الوثائق والواقعة على أراضي الجماعات السلالية، أو تلك الموجهة للأشخاص المعنوية أو الخواص أو ذوي الحقوق، تحت طائلة ترتيب المخالفة وتقرير الجزاء حالة مخالفتها.

صفوة القول إن انسحاب وثائق للتعمير على أراضي الجماعات السلالية يجد سند مشروعيته في اعتبارين:

– الاعتبار الدستوري: محتوى الفصل 39 من دستور 2011[22] والذي قضى أنه على الجميع أن يتحمل، كل على قدر استطاعته، التكاليف العمومية، التي للقانون وحده إحداثها وتوزيعها، الأمر نفسه أكده الفصل 40 من الدستور أنه على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وفي هذا الباب يرجع لوثائق التعمير اختصاص إحداث هذه التكاليف بالنظر لطبيعتها العمومية، ويتأكد ذلك أيضا من خلال الأثار الإلزامية التي تنتجها وتسري على الجميع دونما سواهم. باعتبارها درجة من درجات التشريع؛

– الاعتبار القانوني: بالرجوع سواء إلى القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير أو إلى الظهير الشريف رقم 1.60.063 بشأن توسيع نطاق العمارات القروية كما وقع تعديلهما بالقانون رقم 66.12 نجدهما وإن كان قد حدد النطاق الترابي لوضع وانسحاب وثائق التعمير إلا أنهما لم يستثنيان أي نظام عقاري داخل هذه المجالات من أن تسري عليه، لأنهما لا ينظران إلى الطبيعة القانونية للأنظمة العقارية بقدر ما أنهما يعملان على تهيئتها بتخطيطها بغية جعلها صالحة للتعمير ولتكون قادرة على احتواء البرامج العمرانية.

الفقرة الثانية: حدود الترخيص للعمليات التعميرية على أراضي الجماعات السلالية

بَادِئَ ذِي بَدْءٍ فإن الملكية العقارية تحتل مكانة مركزية على مستوى الترخيص العمراني بواسطة الرخص والأذن، في مقابل ذلك تطرح مجموعة من الإشكالات القانونية الموضوعية وكذا الواقعية التقنية، وسبب ذلك ناتج على أنه ليس من صلاحية الإدارة صاحبة الاختصاص في منح الترخيص البحث في طبيعة ووضعية الملكية العقارية، وإنما التزامها ينحصر في فحص وثائق الملف طلب الترخيص وتحققها فيما إذا كانت الأرض تقبل البناء من عدمها أو الزيادة إذا كانت مبنية من جهة، مع ممارستها للرقابة على باقي المستندات الأخرى ذات الصلة من جهة أخرى.

ويرتبط منح الترخيص في مجال التعمير بوجود وثيقة التعمير وضابطتها المرفقة بها والذي يُمنح طبقا للوارد فيهما شكلا ومضمونا، لكون أن هذه الوثائق هي من تحدد كيفيات استعمال واستغلال الأراضي وتعين تموقع تخصيصاتها وارتفاقات المنع والحظر من البناء، ويستوي في ذلك وثيقة التعمير المصادق عليها والمنتجة لأثارها والوثائق التي لا زالت قيد مشروع الإعداد، هذا من غير إذا ما تم الالتجاء إلى الترخيص الاستثنائي.

سبق وأن قلنا بأن وثائق التعمير لا تميز داخل الرقعة الجغرافية الموضوعة لها بين طبيعة الأنظمة العقارية بقدر ما أن أهدافها تتوقف على القيام بحسن تخطيطها وتوجيهها، وما دامت هذه الأراضي قابلة للتخطيط وتسري عليها أثار وثيقة التعمير المصادق عليها، فإنها بالتعبية تصلح أن تكون موضوع ترخيص بشأنها[23].

كقاعدة عامة أن الأرض هي صفة العقار المبني، بصيغة أخرى إن حق البناء مرتبط في الأصل بحق الملكية ويمتد ارتباطه أيضا على مستوى الحقوق العينية العقارية الأصلية، ومنه فإن مصدر ممارسة حق البناء شديد الارتباط بحق الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية الأصلية القائمة بذاتها، تطبيقا لذلك لا يحق للأشخاص المعنوية والطبيعية القيام بذلك على أراضي الجماعات السلالية إلا وفق إجراءات مسطرية، في مقابل ذلك يحق لأصحاب حقوق الانتفاع الواردة على ملكية رقبة أراضي الجماعات السلالية بأن يقوموا ببنائها قصد استغلالها بسكناها، غير أن المشرع قيد هذه العملية بمجموعة من الشروط حتى تصح وتكون مشروعة تحت طائلة إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه كعقوبة عينية فضلا عن تقرير باقي العقوبات، لأن حق الانتفاع السلالي هذا ليس حقا قائم بذاته ومستقلا عن ملكية الرقبة.

فبالنسبة للأشخاص المعنوية العامة والخاصة والأشخاص الطبيعية فلا يحق لهم التقدم بطلب قصد الترخيص لهم بالبناء فوق أو تحت أراضي الجماعات السلالية إلا بعد تفويتها لهم أو بإبرام اتفاقات الشراكة أو بإجراء المبادلة العينية[24] سواء تمت عن طريق المنافسة وعند الاقتضاء بالمراضاة، ولا تكون نافذة إلا بعد مصادقة مجلس الوصاية المركزي عليها[25]، ويتعين عند التقدم بطلب الترخيص بالبناء -شريطة أن يكون صالح لذلك- الإدلاء بوثيقة التملك باعتبارها نتيجة آلت إليها هذه العملية والتي بمقتضاها تُسقط الصفة السلالية عن هذه الأراضي، حيث إن عملية التفويت هاته عبارة عن بيع تؤدي إلى نقل الملكية لمالك آخر له السلطة والاختصاص لممارسة ملكه، نفس الأمر بالنسبة لعملية المبادلة العينية التي تهم مبادلة عقار سلالي بعقار أخر.

أما بالنسبة لذوي الحقوق تتضح أحقيتهم في تقديم ملف طلب الحصول على ترخيص بالبناء فوق أراضي الجماعات السلالية من خلال ما يوفره لهم حق الانتفاع[26] من صلاحية، لا سيما وأن حق الانتفاع هذا الوارد على أراضي الجماعات السلالية يتميز بكونه حقا شخصيا لأعضاء الجماعة السلالية وغير قابل للتقادم والحجز[27]، ومهما يكن فإنه يحق لعضو من أعضاء الجماعة السلالية استنادا على حق الانتفاع الممنوح له التقدم قصد الحصول على الترخيص بالبناء، ولا يُرخص له البناء إلا إذا كان جائزا بمقتضى وثيقة التعمير، غير أن ما يثير الصعوبة هو أن المشرع السلالي وإن جعل من حق الانتفاع حقا شخصيا إلا أنه قيده بمجموعة من الإجراءات في حالة انصرافه لغاية السكن، ويتجلى ذلك في ضرورة موافقة مجلس الوصاية الإقليمي[28] في حالة استعمال عقار تابع للجماعة السلالية من طرف أحد أعضاء الجماعة لبناء سكن شخصي، كما هو مبين في المادة 33 من القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، والتي عددت اختصاص هذا المجلس ومنها على وجه الخصوص هذه النقطة، الأمر الذي يدفع للتساؤل حول مصير ملف طلب الترخيص من طرف عضو الجماعة السلالية في حالة عدم الإدلاء بهذه الموافقة؟

بالرجوع إلى القواعد العامة المتعلقة بتكوين طلبات الرخص عموما ورخصة البناء خاصة والمنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 37 من مرسوم رقم 2.18.577 بالموافقة على ضابط البناء العام[29]، نجدها تتكون على نوعين من الوثائق[30] وثائق أساسية وأخرى تكميلية، ونصت أيضا على عدم استلام أي ملف ناقص، ما يفهم معه أن ملف تكوين الرخصة غير متضمن لقرار موافقة مجلس الوصاية الإقليمي ضمن وثائق الملف يعد غير مقبول لأنه ينزل منزلة عدم الاستلام كنتيجة يترتب عنها، وحيث إن هذه الموافقة وإن كانت من ناحية الموضوع تعد بمثابة وثيقة تكميلية، إلا أن طبيعة أراضي الجماعات السلالية جعلت البناء فوقها مرهونة بضرورة الحصول على هذه الموافقة، مما يمكن اعتبارها من قبيل الوثائق الأساسية بدليل ما قضت به الفقرة الثانية من المادة 43[31] من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير كما وقع تعديله، زد على ذلك ما قرره المشرع السلالي من عقوبة حبسية وغرامة مالية على من احتل بدون موجب عقارا تابعا لجماعة سلالية، ويزداد اتضاحا اعتبار قرار الموافقة هاته من وثائق الملف الأساسية بشكل جلي ما ذهبت إليه المادة 5 من مرسوم رقم 2.18.577 المشار إليه أعلاه عندما عرفت المقصود بصاحب الشأن في كونه:” كل شخص ذاتي أو اعتباري تقدم بطلب الحصول على رخصة تتعلق بمشروع معين. ولا يمكن أن يقدم هذا الطلب إلا مالك العقار المعني أو كل شخص يدلي بموافقة هذا الأخير أو بوثيقة تبرر ذلك كقرار إعلان المنفعة العامة”، في نفس الاتجاه فإنه يحق لسلطة الوصاية باعتبارها مالكة الرقبة طبقا للمادة 91 من مدونة الحقوق العينية كما تم تتميمها بأن تتعرض على أي استعمال غير مشروع أو غير متفق مع طبيعة العقار أو الحق العيني المنتفع به، وفي هذه الحالة لها أن تطلب إنهاء هذا العقد دون إخلال بما قد يكون للطرفين من حق في التعويض ودون المساس بحقوق الغير.

وعلى هذا الأساس فإن صاحب حق الانتفاع المملوك لأحد أعضاء الجماعة السلالية ملزم بالإدلاء بموافقة مالك العقار الذي هو سلطة الوصاية باعتبارها صاحبة حق التصرف ومالكة للرقبة، حيث لا يثبت له إلا عبر هذه الموافقة. وعلى هذا القبيل فهي تندرج ضمن الوثائق الأساسية، والسبب الرئيسي في ذلك أن حق الانتفاع بالرغم من كونه حق عيني أصلي إلا أنه ليس حقا قائما بذاته ومستقلا عن ملكية الأرض وإنما هو حق متفرع عنها لأنه ملكية ناقصة.

تماشيا مع هذا الطرح يفترض لزوما على الهياكل الإدارية المكلفة بدراسة ملفات طلبات الترخيص بالبناء[32] أن تقوم بتفحص وضعية الملكية العقارية تحت طائلة رفض الطلب إذا كان غير مرفقا بهذه الموافقة، محتجا بتعليل الرفض أن المشرع يحصر حق الانتفاع الواقع على أراضي الجماعات السلالية في غير السكن الشخصي، ويشترط لإقامته ضرورة الحصول على هذه الموافقة، الأمر الذي يقتضي إجباريا النظر في الجوانب العقارية كلما تعلق الأمر بطلب لأجل الترخيص بالبناء عليها ولكن في حدود أصل التملك لا في الجوهر والمنازعة فيه، ومن هنا تبرز مكانة الملكية العقارية ضمن أدوات التعمير العملياتي التدبيري، حيث يتعين على الجهات المختصة بتسليم رخص البناء أن تشترط ضرورة الحصول على موافقة مجلس الوصاية الإقليمي قبل منحه الرخصة، تحت طائلة رفض الطلب معللا بانتفاء هذه الموافقة، وعليه كلما انصرف البناء لغرض السكن الشخصي على أراضي تابعة للجماعات السلالة يقتضي لزوما قبل اللجوء إلى تقديم طلب الترخيص بشأن ذلك الحصول على هذه الموافقة، على أن من فوت له العقار السلالي غير ملزم بها.

في ذات السياق؛ وفي ضوء المستجدات التشريعية ذات الصلة صدر النص القانوني المنظم لرخصة تسوية البنايات غير القانونية، مما يثار معه تساؤل حول مدى إمكانية منح رخصة لتسوية بنايات مبنية على أملاك الجماعات السلالية بصفة غير قانونية؟

قبل الإجابة عن هذه الإشكالية ينبغي التأكيد على أن رخصة تسوية البنايات غير القانونية تعد بمثابة إجراء احترازيا ومصالحة تعميرية بين الإدارة والأفراد يرمي من خلالها المشرع إلى تسوية وضعية المباني القائمة غير القانونية من حيث عملية البناء، حتى تتسم بالمشروعية وجعلها قابلة للتداول والتعامل وصالحة تقديمها كضمانة والحصول على ائتمان بنكي بمقتضاها، وذلك لا يتأتى إلا باستفاء مجموعة من الإجراءات والشروط والضوابط المقررة، والتي تجد سندها القانوني في المادة 9 من مرسوم رقم 2.18.475[33]، فإذا ما توافرت هذه الشروط واحترمت هذه الضوابط واستكملت الإجراءات المتعلقة بالبناية الواقعة على أراضي سلالية فهل يمكن منح رخصة التسوية بشأنها؟

تقتضي منا الإجابة عن هذا التساؤل الارتكاز على القاعدة الدستورية القائلة بأن ليس للقانون أثر رجعي[34]، وتطبيقا لذلك فإنه بالرجوع إلى القانون 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، خاصة مقتضيات المادة 33 والمتعلقة بإحداث مجلس الوصاية الإقليمي، نجدها حددت اختصاصات هذا المجلس ومنها على وجه الخصوص الموافقة على استعمال عقار تابع للجماعة السلالية من طرف أحد أعضاء هذه الجماعة والمتمتع بحق انتفاع لبناء سكن لغرض شخصي، وبالتالي فإن منح هذه الرخصة رهين بالحصول على هذه الموافقة، إلا أن هذه الموافقة تهم بناء سكن شخصي في المستقبل لا الحاضر أو الماضي، بمعنى أن البناية قائمة وقد تكون مسكونة، وبالتالي لا محل لهذه الموافقة وفقا للوضعية هاته، لا سيما أن مقتضيات المادة 35 من نفس القانون أعلاه تنص على أنه:” يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنة وغرامة مالية من 5000 درهم إلى 20000 درهم أو بإحدى العقوبتين، مع إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، كل من اعتدى أو احتل بدون موجب عقارا تابعا لجماعة سلالية”، بل أبعد من ذلك تعد هذه الواقعة مخالفة تعميرية بموجب المادة 64 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير كما وقع تعديله، ويترتب على صاحب الفعل المخالف بالإضافة إلى الغرامات أعلاه، غرامة أخرى تفرضها قوانين التعمير لمخالفتها، حيث تنص المادة 71 من قانون التعمير أعلاه أنه يعاقب بغرامة من 10.000 إلى 100.000 درهم، كل من باشر بناء أو شيده من غير الحصول على رخصة سابقة بذلك، أما إذا كان الفعل واقعا على الأراضي التابعة للجماعات السلالية فتصبح الغرامة من 100.000 إلى 200.000 درهم طبقا للمادة 77 من نفس القانون، ناهيك عن عقوبة الهدم كعقوبة عينية قصد إرجاع الحالة على ما كانت عليه، وبموجب المادة 79 من قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير كما وقع تعديله يترتب عن تعدد الأفعال المرتكبة ضم الغرامات المحكوم بها، إضافة لكل هذا لمالك الرقبة طبقا للمادة 91 من مدونة الحقوق العينية كما تم تتميمها أن يعترض على أي استعمال غير مشروع أو غير متفق مع طبيعة العقار أو الحق العيني المنتفع به، وفي هذه الحالة له أن يطلب إنهاء هذا العقد دون إخلال بما قد يكون للطرفين من حق في التعويض ودون المساس بحقوق الغير.

ورغم كل هذا ليس هناك ما يمنع الاستجابة لطلب التسوية الموجه من طرف صاحب حق الانتفاع شريطة الإدلاء مسبقا بقرار الموافقة، باعتبارها تدبيرا إجرائيا ذات طابع شمولي.

المطلب الثاني: تأثير خصوصيات النظام القانوني لأراضي الجماعات السلالية على مجال التعمير

تدخل أملاك الجماعات السلالية ضمن الأنظمة العقارية التي تتسم بصفة عدم قابليتها للتقادم ولا تكتسب بالحيازة ولا يمكن أن تكون موضوع حجز، وذلك لأجل الحفاظ على طابعها الفلاحي وضمان استدامتها لتثمين الاستثمارات الفلاحية، وكذا قطع كل التصرفات التي من شأنها أن تجرى خارج إطارها القانوني، فهذه الصفات قد تتنافى في بعض الأحيان وغاية وثائق التعمير، كون أن هذه الوثائق مصدر بواسطتها يتم تحديد تنطيقات مختلف المشاريع التنموية لكي تنفذ على اٍض الواقع، مما يؤدي إلى تقزيم الاستغلاليات الفلاحية لفائدة المصلحة العامة، زد على ذلك أن الأثار التي تنتجها وثائق التعمير تعلن المنفعة العامة لإحداث التجهيزات العمومية الأمر الذي يترتب عنها إسقاط الصبغة السلالية والفلاحية الواردة على أراضي الجماعات السلالية، ومهما يكن فإن هذه الأخيرة بدورها تسري عليها وثائق التعمير مما تجعلها محل نزع لصالح المنفعة العامة وفقا للميزة التي تتصف بها الأثار التي تنتجها، حيث لا تسلم هي الأخرى من إنجاز  مشاريع العمليات العمرانية ذات المنفعة العمومية عبر سلوك مسطرة نزع الملكية (الفقرة الأولى)، على أن تنفيذ هذه العمليات العمرانية قد يصطدم بعدة إكراهات عقارية وبنيوية نتيجة تقسيمها وتفتيتها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: نزع ملكية عقارات الجماعات السلالية لإنجاز المشاريع التعمير ذات المنفعة العامة

تطبيقا لقاعدة كل ما يصح تفويته يصح نزع ملكيته للمنفعة العامة، سواء في الظهير الشريف المؤرخ في 27 أبريل 1919 كما تم تغييره وتتميمه[35]، أو بمقتضى التعديل التشريعي للقانون الحالي رقم 62.17[36] بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، فإن عقارات الجماعات السلالية كانت ولا زالت تخضع لمسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، هذا المقتضى ينسجم مع الأحكام العامة التي تتميز بها هذه العقارات طبقا للوارد في الفقرة الأولى من المادة 15 من القانون رقم 62.17 من القانون المشار إليه أعلاه، كما يتوافق مع مقتضيات المادة 20 من نفس القانون، وينسجم أيضا مع مقتضيات الفصل الرابع من الظهير الشريف رقم 81.7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة [37] والذي بموجبه حديد الأملاك المستثناة من مسطرة نزع الملكية، حيث إن عقارات الجماعات السلالية لا ترد ضمنها، وبالتالي ليس هنا ما يمنع من أن تكون موضوع مسطرة نزعها لفائدة المصلحة العامة.

وعلى هذا المنوال يلاحظ أن مسطرة نزع ملكية أملاك الجماعات السلالية تسري في مواجهة العقارات ككل، معنى ذلك فهي تشمل الأموال العقارية بالطبيعة سواء كانت أراضي عارية أو مبنية من دون أن تقتصر على الأولى فقط، والسند التشريعي في ذلك أن المشرع بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 15 من القانون رقم 62.17 استعمل عبارة “عقارات” حيث جاءت بصفة العموم، لأن لفظ العقار يشمل الأرض وما فوقها وما تحتها كما يشمل الأرض والبناية على السواء، ويستوي وفق هذا الاعتبار ملكية العقارات وملكية الحقوق العينية العقارية، ومرد ذلك أن حق الانتفاع الممنوح لأفراد الجماعة السلالية باعتباره حقا عينيا عقاريا بدوره يمكن أن يكون موضوع نزع لفائدة المصلحة العامة بشكل مستقل، أو أن يتم بشكل كلي عبر نزع الملكية التامة للعقار السلالي الذي يرد عليه هذا التحمل العقاري لهذا الحق العيني وينتقل حقه إلى التعويض.

على أن الأصل في ذلك إجراء مسطرة التفويت بالتراضي طبقا لمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 20 من القانون 62.17 السالف الذكر، ولا يتم إعمال مسطرة نزع الملكية في مواجهة عقارات الجماعات السلالية إلا بعد استحالة المسطرة الرضائية، وبصرف النظر فإنه في جميع الأحوال يترتب عن المسطرتين إخراج العقار من دائرة ملكية الجماعة السلالية وتخصيصه للمصلحة العامة، ويترتب عن ممارسة مسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة إسقاط صفة التملك السلالي، ويدخل في حكم هذا الاعتبار أيضا عقار الجماعة السلالية الذي يتم وفق مسطرة الاقتناء الرضائي، وإذ ذاك يصبح العقار المنزوع مسخرا لصالح الجمهور وتسري عليه الأحكام المنظمة للأملاك العامة من حيث الاستعمال.

ومادام أن عقارات الجماعات السلالية تخضع لمسطرة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، فإنه بالتبعية يكمن أن تكون موضوع وثيقة تعميرية، لا سيما وأن الأثار التي ترتبها هذه الأخيرة تتسم بطابع المنفعة العامة شأنها في ذلك شأن مسطرة نزع الملكية في الحالة العادية، غير أن مسايرة هذا الطرح يثير إشكالية تتعلق بعدم جواز تفتيت عقارات الجماعات السلالية خصوصا إذا ما تواجدت داخل دوائر الري المسقية أو الاستثمار الفلاحي البورية، وهو خلاف ما تروم تحقيقه أهداف مسطرة نزع الملكية سواء في المسطرة العادية للنزع أو بمقتضى تنفيذ وثيقة للتعمير التنظيمي.

تطبيقا لذلك قضت المادة 22 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير كما وقع تعديله بأن النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة يعتبر بمثابة إعلان بأن المنفعة العامة تستوجب القيام بالعمليات اللازمة لإنجاز التجهيزات المنصوص عليها في البنود 3 و4 و5 و6 و12 من المادة 19 من نفس القانون، وعلى منواله سارت مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل الثالث من الظهير الشريف رقم 1.60.063 بشأن توسيع نطاق العمارات القروية كما وقع تعديله، حيث يكون قرار المصادقة على التصميم الخاص بتوسيع نطاق العمارات القروية بمثابة التصريح بأن الأشغال والعمليات العمومية الضرورية لإنجاز هذا التصميم تعتبر من المصلحة العمومية، وهنا تتمظهر نقاط التقاطع بين المسطرتين، وفي جميع الأحوال فإن تنفيذ وثيقة التعمير التنظيمية في الشق المتعلق بمشاريع التجهيز العمومي ذات المنفعة العامة تقتضي وجوبا سلوك مسطرة نزع المكية في حالة استحالة مسطرة الاقتناء بالتراضي.

غير أن ما يهمنا هنا ممارسة مسطرة نز ع الملكية لأجل المنفعة العامة بناء على ما ورد في وثائق التعمير التنظيمية، لأن المسطرة العادية في نزع الملكية وإن كانت تتفق من حيث المسطرة والنتيجة إلا أنها تختلف من حيث أساس المنفعة العامة، حيث في الأولى تتم وفقا لرغبات واحتياجات الإدارة، أما في الثانية تتم بناء على ما ورد في وثيقة التعمير، وحتى يتم إعمال هذه الأخيرة يتوجب أن تكون وثيقة التعمير:

  • مصادقة عليها؛
  • منشورة في الجريدة الرسمية؛
  • جارية المفعول والصلاحية؛
  • معلنة للمنفعة العامة.

وبالتالي فإن تنفيذ المشاريع التي تضمنتها هذه الوثائق لا يستقيم وواقع الحال إلا عبر هذه المسطرة بعد استحالة المسطرة الرضائية، الأمر الذي يطرح إشكالية الاصطدام بأراضي الجماعات السلالية المحددة بمرسوم والواقعة داخل دوائر الري[38]، إذ لا يمكن أن نتصور انسحاب وثيقة التعمير عليها من خلال ظاهر النص، غير أن هذه المكنة ليست مستحيلة بقدر ما أنها مقيدة بشرط عدم النزول عن المساحة الدنيا التي حددها المشرع في خمسة هكتارات وخارجها في هكتار واحد، فيمكن ترتيب مشاريع المنفعة العامة على هذه الأراضي شريطة التقيد بهذه المساحات، وبالتالي تثبت إمكانية إجراء نزع الملكية في ضوء تطبيق أثار هذه الوثائق، غير أنه بالنسبة للمسطرة العادية لنزع الملكية فإن هذا القيد لا يمكن التمسك به تجاهها على إثر إعمالها بدليل ما قضت به مقتضيات المادة 4 من قانون رقم 34.90 السالف الذكر في الفقرة الأخيرة منها[39].

إن الصعوبة في إعمال مسطرة نزع الملكية على أراضي الجماعات السلالية بمقتضى تنفيذ وثائق التعمير باعتبارها معلنة للمنفعة العامة مقيدة بشرط المساحة، حيث يجب ألا تقل عن مساحة خمسة هكتارات بالنسبة للأرضي الجماعات السلالية الواقعة داخل دوائر الري المسقية، أما في دوائر الاستثمار الفلاحي غير المسقية البورية في هكتار واحد، أما خارج هذين المناطق فلا حرج ولا إشكال، في مقابل ذلك فإن المسطرة العادية تقبلها في جميع الأحوال، فكان من المستحسن عدم تقييد مسطرة نزع الملكية بصرف النظر عن مصدرها ما دامت تخضع إلى نفس النتيجة التي ستؤول إليها، فهي في جميع الأحوال تروم تنفيذ مشاريع التجهيز العمومي لصالح الجمهور، كما تؤدي إلى إسقاط صفة التملك السلالي والصبغة الفلاحية عنها وتنقل في اسم نازعة الملكية.

غير أنه يمكن تفادي والتخفيف من حدة هذا الأثر المسقط بأثر منشئ موازي يتجلى في تسخير التعويضات الممنوحة لشراء عقارات أخرى تؤدي نفس الغرض والوظيفة مهما كانت المسطرة المتبعة في النزع.

وانسجاما مع ذات السياق فإن مع ذهبت إليه المادة 26 من القانون رقم 62.17 السالف الذكر تؤكد وبجلاء استعمال الموارد المالية للجماعات السلالية المتأتية من المعاملات العقارية لتمويل وإنجاز مشاريع اجتماعية وتنموية لفائدة الجماعات السلالية المعنية، أو للمساهمة في إنجازها في إطار اتفاقات شراكة، وعليه فإن مبالغ التعويضات المستحقة في إطار نزع الملكية يمكن صرفها في إنجاز مشاريع التنمية الاجتماعية، كما لها أن تقوم قصد الحفاظ على استمرارية طابعها السلالي اللجوء لاقتناء عقارات لفائدتها أو إجراء مبادلات عينية عقارية وفقا ما قضت به المادة 25 نفس القانون أعلاه قصد استدامتها.

الفقرة الثانية: تأثير إجراء تقسيم أراضي الجماعات السلالية على عمليات التنمية العمرانية

انطلاقا من فكرة مفادها أن الشياع يظل بطبيعته إكراها أمام التدبير العمراني[40]، كما إن المساحات الشاسعة والمتصلة والمتماسكة بعضها ببعض تشكل بدورها تحديا في مواجهة مختلف العمليات العمرانية، والسبب في ذلك أن إنجاز مثل هذه العمليات العمرانية والسكنية والبرامج الاستثمارية يتطلب لأجل تشييدها وجود أراضي جاهزة وقابلة لاحتوائها منفصلة الأجزاء ومجهزة، لأنه يستحيل الترخيص في ظل هذا الوضع.

وبالتالي حتى تساهم أراضي الجماعات السلالية في التنمية العمرانية في الشق المتعلق بتنزيل برامج السياسات العمومية السكنية لمواجهة ذروة التحولات الديمغرافية، يتعين أن تكون قابلة بحكم وضعها لأن تنسحب عليها مختلف التراخيص، لأنه عمليا لا يكمن تصور منح الترخيص على مساحة كبيرة الحجم لافتقارها للتجهيز نظرا لتكاليفه المرتفعة، الأمر الذي يتعين العمل على القيام بتوفير القطع والبقع الأرضية الصالحة لهذه العملية وإفرازها عبر إجراء عملية تقسيمها أو تجزئتها بحسب الحالة.

إذا كان التقسيم العقاري بالمفهوم العام يعني فرز قطعة أرضية إلى أكثر من بقعة لغير غرض البناء لتقزيمها أو لإنهاء واقعة الشياع بالقسمة أو البيع، التوجه نفسه يسري على أراضي الجماعات السلالية، حيث إن إجراء التقسيم الذي تخضع له هاته الأراضي هو التقسيم العقاري كإجراء لتفتيت الملكية العقارية وإسنادها على وجه الملكية المفرزة أو المشاعة ويدخل في حكمها حالة التفويت الجزئي المترتب عنه استقلال الجزء المبيع عن الأرض كلية، وفي هذا المقام ينبغي التمييز بين نوعين من التقسيم الذي يمكن إجرائه على أراضي الجماعات السلالية، التقسيم الواقع على أراضي الجماعات السلالية الفلاحية واسنادها على وجه الملكية الشائعة أو المفرزة لفائدة عضو من أعضاء الجماعة السلالية، والتقسيم الذي يجريه غيرهم والوضع خلافه، أما تقسيم أراضي الجماعات السلالية غير الفلاحية فذلك مرهون بوجود وثيقة للتعمير التنظيمي وبما تبيحه من صلاحية للبناء من عدمه.

ومما تجدر الإشارة إليه أن التقسيم كإجراء يؤدي إلى فرز الملكية يرد على الملكية العقارية التامة العارية، فالتقسيم الوارد على أراضي الجماعات السلالية يقع على ملكية رقبة الأصل، بعبارة أخرى لا يشمل التقسيم حق الانتفاع الوارد على هذه الأراضي، والسبب في عدم قابلية حق الانتفاع للتقسيم كونه يرد على المنافع لا الحقوق وأنه حق شخصي ولا يمكن التنازل عنه إلا لفائدة الجماعة، حيث عند إجراء هذا التقسيم وكانت الأرض مثقلة بحق الانتفاع فإنه ينتقل إلى من آلت إليه[41]، بل أبعد من ذلك إن هذا التقسيم ذو خصوصية خاصة فإذا كان التقسيم يرمي إلى إجراء عملية بمقتضاه تؤدي إلى فرز قطعتين أو أكثر إما بسبب البيع أو بسبب القسمة لإنهاء واقعة الشياع وهو أمر مستحيل لأن أعضاء الجماعة ليسوا شركاء في هذه الأراضي وإنما أصحاب حقوق انتفاع، وتتجلى خصوصياته في نتيجته، لأنه سبب من أسباب التملك الفردي يخول ملكية تامة كاملة العناصر والحقوق.

وحتى يكون طلب تقسيم الأراضي الفلاحية التابعة للجماعات السلالية من طرف أحد أعضاء هذه الجماعة ذكرا كان أو أنثى مشروعا ومنتجا لأثاره، يتوجب أن يستجمع شروطه طبقا للمادة 17 من القانون رقم 62.17 وهي:

  • أن تكون الأرض فلاحية؛
  • أن تكون واقعة خارج حدود دوائر الري؛
  • ألا تكون مشمولة ومغطاة بوثيقة التعمير.

وبمفهوم المخالفة يمنع على عضو من أعضاء الجماعة السلالية تقسيم الأراضي الفلاحية التابعة للجماعات السلالية:

  • إذا كانت مشمولة بوثيقة للتعمير؛
  • إذا كانت صالحة للبناء.
  • إذا كانت الأراضي تتواجد داخل دوائر الري[42]، وهذا المنع يكون عديم الأثر إذا ترتب عن التقسيم أراضي لا تقل وتتجاوز خمسة هكتارات بالنسبة لدوائر الري، أما في دوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية غير المسقية[43] لا تقل عن هكتار واحد، أما إذا كانت تقل عن هذه المساحة قبل إجراء التقسيم فلا يحتج بهذه القيود[44].

ترجع الغايات من وراء اشتراط المشرع لإجراء تقسيم الأراضي الفلاحية التابعة للجماعات السلالية أن تكون:

  1. خارجة عن دوائر الري: في أن مقتضيات المادة 314 من مدونة الحقوق العينية كما وقع تتميمها، تشترط بالإضافة إلى كون الملك موضوع القسمة مشاعا قابليته للقسمة، على ألا تزول المنفعة المقصودة منه بالنسبة لكل جزء من أجزائه بعد القسمة، وهو ما راعه المشرع عند تقييد عملية التقسيم؛
  2. غير مشمولة بوثائق التعمير: والسبب في ذلك هو أن المشرع استحضر الالتقائية على مستوى قوانين التعمير لا سيما قانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات كما وقع تعديله بالقانون رقم 66.12[45]، وفي ذلك تنص المادة 60 على أنه:” لا يقبل طلب الحصول على الإذن المنصوص عليه في المادة 58 أعلاه إذا كانت الأرض المعنية تقع في منطقة يباح البناء بها بمقتضى وثيقة من وثائق التعمير، وفي هذه الحالة لا يجوز الإذن في إجراء العملية إلا وفق الشروط المنصوص عليها في الباب الأول من هذا القانون”، تطبيقا لذلك فإن أراضي الجماعات السلالية المشمولة بوثائق التعمير ومباح البناء فيها تستحيل معها إمكانية تقسميها، وفي هذه الحالة يتعين اللجوء إلى طلب الإذن بتجزئتها، ولا يكون هذا الطلب مقبولا إذا لم تكن الأرض موضوع التجزئة محفظة أو في طور التحفيظ وانتهى باب التعرضات، وهو الأمر الذي لم يتجاوب معه المشرع وإنما اقتصر أن تكون مشمولة بوثيقة التعمير، بل كان حري به أن يقر بشموليتها بوثيقة التعمير وأن لا تكون صالحة للبناء؛
  3. كما إن هذه الاستحالة تمتد إذا ما كانت هذه الأراضي تقع داخل نفوذ دوائر الري كلا أو بعضا، إذا كانت مساحة التقسيم تقل عما هو مقرر، فلا يمكن تصور إصدار ترخيص بالتقسيم عليها لكونها محدد مسبقا بمقتضى مرسوم، لا سيما وأنها يعول عليها لإنجاح مخطط المغرب الأخضر.

والسبب في اشتراط إمكانية إجراء التقسيم أن تكون خارج دوائر الري وغير مشمولة بوثائق التعمير، أنه بالرجوع إلى التعديل القانوني الذي طرأ على ظهير 1.69.30 المتعلق بأراضي الجماعات السلالية الواقعة داخل دوائر الري بالقانون رقم 64.17 نجد البند الثالث من الفصل الأول يستثني من أن تطبق أحكامه على الأراضي المملوكة للجماعات السلالية المشمولة بوثائق التعمير، بمفهوم المخالفة أن أراضي الجماعات السلالية الواقعة داخل دوائر الري وغير المشمولة بوثيقة من وثائق التعمير يصبح معها طلب التقسيم لا غيا وعديم الأثر، لأن هذا الظهير أحال على ظهير 1.693.25 بمثابة ميثاق للاستثمارات الفلاحية[46] لا سيما الفصل الخامس منه، والذي ينص على أن استثمار الأراضي الفلاحية أو القابلة للفلاحة الواقعة داخل دوائر الري يعتبر إجباريا، بل إن العدول أو الموثقين أو المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض يمنعو عليهم قطعا القيام بتحرير عقد القسمة أو البيع المترتب عنهما تقسيم استنادا للمنع القانوني أعلاه، بخلاف ما إذا كانت مشمولة بوثائق التعمير فتكون هذه الأراضي مستثناة من قاعدة إجبارية استغلالها، والسبب في ذلك لصغر حجمها وكذا الأغراض التي خصصت فيها بموجب وثيقة التعمير، مما يحتم احترام التنطيقات الواردة فيها، فيما يخص استعمالات الأرض والارتفاقات المترتبة عنها والتكاليف التعميرية التي تقتضي إحداثها أو تغييرها.

وفق هذا الوصف نلاحظ تأثير قوانين التعمير على إجراء التقسيم العقاري لأراضي الجماعات السلالية الفلاحية حيث يستحيل التقسيم بشأن هذه الأراضي إذا كانت مغطاة بوثيقة التعمير، وتكون قابلة فقط للتجزئة التي تتطلب حصول الاتفاق بين الملاك، كما أن طلب الحصول على إذن بالتقسيم يكون مرفوضا إذا كانت الأرض المعنية تقع في منطقة يباح البناء فيها بمقتضى وثيقة من وثائق التعمير، أما الإذن بالتجزيء يعد كأن لم يكن إذا كان العقار غير محفظ أو في طور التحفيظ و لم يقفل قُفِلَ باب التعرضات بعد، كما أن عملية التقسيم وحماية للمجال البيئي الفلاحي تكون عديمة الأثر إذا انصبت على عقار فلاحي دون خمسة هكتارات.

على عكس التوجه أعلاه فإنه يمكن إجراء تقسيم أراضي الجماعات السلالية الفلاحية من طرف غير عضو من أعضاء الجماعة السلالية وإن تواجدت داخل دوائر الري ومشمولة بوثائق التعمير بشرط مراعاة:

  • شرط المساحة: ألا تقل عن مساحة خمسة هكتارات إذا تواجدت داخل دوائر الري؛
  • شرط البناء من عدمه: ألا تكون مباحة البناء بمقتضى وثيقة للتعمير التنظيمي.

هذين الشرطين يجدان سند قانونيتهما ضمن مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون رقم 62.17.

ما يأخذ على المشرع السلالي أنه قيد أعضاء الجماعات السلالية من مكنة إجراء تقسيم الأراضي الفلاحية التابعة للجماعات السلالية إذا ما تواجدت داخل دوائري الري أو كانت مشمولة بوثائق التعمير، فكان حريا عليه أن يجيز ذلك وإن تواجدت داخل دوائر الري وكانت مشمولة بهذه الوثائق، مع إسقاط هذه الإمكانية إذا ما خالفت شرط المساحة وشرط البناء أو أحدهما أو هما معا، ويرجع ذلك لاعتبارين تشريعين وهما:

  • الاعتبار الأول: إن تقسيم أراضي الجماعات السلالية الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري مباح وجائز بقوة القانون بشرط عدم النزول عن مساحة خمسة هكتار؛
  • الاعتبار الثاني: إن تقسيم الأراضي لا تمنعه وثائق التعمير وإنما الذي يمنع التقسيم انصرافه على أراضي مباح البناء فيها بمقتضى هذه الوثائق، بل أبعد من ذلك فالمشرع جعل عبارة “غير المشمولة بوثائق التعمير” ذات دلالة عامة وفضفاضة، لأنه ليست جميع وثائق التعمير من تحدد الحق في البناء، فمثلا مخطط توجيه التهيئة العمرانية لا يفصل كيفيات البناء ولكن يحدد اختبارات التهيئة العامة والأغراض المخصصة لها الأراضي ويعين مواقعها، بخلاف تصميم التهيئة والتنطيق والتصميم الخاص بتوسع نطاق العمارات القروية، إذ يتناولون الأحكام التفصيلية ويحددون ضوابط استعمال الأراضي وكيفيات البناء عليها بشكل دقيق، وعلى هذا الأساس كان عليه أن يحددها في عبارة غير صالحة للبناء أو بالأحرى مشمولة بوثائق التعمير التنظيمية.

تسبيبا على ما سبق يلاحظ استحالة إجراء تقسيم الأراضي الفلاحية التابعة للجماعات السلالية لفائدة عضو من أعضاء هاته الجماعة واستنادها على وجه الملكية الشائعة أو المفرزة كلما تواجدت داخل دوائر الري، إذا نجم عن هذا التقسيم إفراز بقع أرضية تقل عن مساحة خمسة هكتارات باعتبارها مساحة الاستغلال الدنيا، طبقا للوارد في المادة 2 من القانون رقم 34.94 المتعلق بالحد من تقسيم الأراضي الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري ودوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية غير المسقية، أما إذا وجدت أراضي الجماعات السلالية خارج دوائر الري فالمشرع أباح إجرائها ولو قلت عن مساحة الاستغلال الدنيا عن خمسة هكتارات بشرط أن تكون كافية للحصول على دخل يسمح بتسديد دخل الأجرة الممنوحة لعاملين فلاحين محسوبة على أساس الأجرة السنوية الدنيا المضمونة في الفلاحة، وهي محددة في هكتار واحد كما تحدده المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي.

من خلال ما سبق يتضح أن المشرع من خلال تقييده لضوابط تقسيم أراضي الجماعات السلالية إنما يعرقل اطراد دواليب التطور العمراني ويقف حائلا دون حسن توسعه، الأمر الذي يؤدي إلى انتشار البنايات غير القانونية واستفحال ظاهرة البناء اللاقانوني والتجزئات السرية والتقسيمات العشوائية، ورغم كل هذا فإن المشرع له ما يبرر هذا الطرح لا سيما تحصينه للملكية العقارية الفلاحية ووضع القيود والارتفاقات التي تحول دون إمكانية حلول محلها الأبنية والتجزئات العقارية والمجموعات السكينة بشكل مخالف للقانون أو أن لا يتم المضاربة فيها.

خاتمــــــــة

زبدة الكلام إن التخطيط في مجال التعمير أضحى وسيلة لا غنى عنها للرقي بالمجالات العقارية وخلق تجمعات عمرانية منسجمة ومنظمة، وعبره يتم تحديد ضوابط استعمال الأراضي وعليه يتم تجهيزها وفي ضوئه يتم إفراز البقع الصالحة للتعمير، حيث يمنع القيام بالتصرف فيها ما لم يتم الحصول على طلب الإذن بالترخيص يسمح بذلك.

وحيث إن أراضي الجماعات السلالية شأنها في ذلك شأن مختلف الأراضي المعنية بالتخطيط وغير مستثناة منه، وهذا الاعتبار يجد مرجعتيه في النصوص المؤطرة لوثائق التعمير والقائمة على مبدأ الشمولية والعمومية في ترتيب الأثار، لا سيما وأن هذه الأملاك العقارية تمثل خزانا مهما يمكن تعبئته وتوجيهه لإنجاز المشاريع التنموية التي تبرمجها الوثيقة التعميرية ذات المصلحة العامة، لتساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية.

ومن حسنات واضعي القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير أنهم لم يحددوا نوعية الأراضي المشمولة وغير المشمولة بوثائق التعمير، لأن أهدافها تقوم على منطق التهيئة والتخطيط الاستشرافي، وهو أمر محمود لمحجة صائبة.

ويترتب عن انسحاب وثائق التعمير على أراضي الجماعات السلالية التقيد بأحكامها في حالة المصادقة عليها ونشرها في الجريدة الرسمية وسريانها في الزمن، وكل تجاوز لذلك يعد بمثابة مخالفة يعاقب عليها بحسب جسامتها وحدتها، كما أن سريان هذه الوثائق عليها سبيل مشروع للترخيص فيها بما يتوافق والوارد ضمنها، غير أن المشرع السلالي قيد عمليات البناء لغرض شخصي والتي يمكن أن يقوم بها عضو من أعضاء الجماعة السلالية المتمتعون بحق انتفاع عليها توجب بالإضافة إلى إباحة البناء ضرورة موافقة مجلس الوصاية الإقليمي على ذلك.

وتتضح بوضوح توجهات السياسة العقارية موضوع الدراسة في رغبة المشرع بإخضاع أراضي الجماعات السلالية لعمليات التفويت لفائدة الفاعلين العمومين والخواص بالإضافة إلى إمكانية فتحها للتعمير حتى يتم الترخيص عليها إما بالبناء أو التقسيم أو التجزيئ لغرض البناء حيث تمثل هكذا خطوات رافعة للنهوض بها وإدماجها في مسلسل التنمية.

ولتعزيز أواصر الانسجام والاتساق بين أراضي الجماعات السلالية وتوجهات سياسة التعمير بتنويع مداخل العرض العقاري السلالي لإنجاز مشاريع التجهيز العمومي أو الاستثمارية السكنية، وتتعدد أساليب تدبيرها مع تثمين طابعها السلالي، يتعين التوجه نحو تكريس التقائية بين تدبير أراضي الجماعات السلالية مع توجهات التعمير من خلال:

  • وضع دليل مرجعي تعميري قطاعي لكل نظام عقاري قصد مراعاته عند الشروع في إعداد وثائق التعمير، تلافيا لاصطدامها بصلابة بعض الأنظمة العقارية عندما تتواجد كلا أو بعضا ضمن نطاق وثيقة التعمير، تيسيرا لمرحلة تنفيذها؛
  • التعجيل بفتح الأرصدة العقارية التابعة للجماعات السلالية للتعمير؛
  • جعل أهداف وثيقة التعمير في شق المنفعة العامة تسري حتى على أراضي الجماعات السلالية الواقعة داخل دوائر الري أو دوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية غير المسقية من دون احترام شرط المساحة الدنيا؛
  • التنصيص صراحة على تسخير التعويضات الممنوحة عن نزع الملكية عقارات الجماعات السلالية لأجل المصلحة العامة لفائدة إجراء المبادلات العينية أو القيام بشراء أراضي أخرى تحل محلها قصد استدامتها واستمراراها، لأجل الحفاظ على حقوق أعضاء الجماعة التي شملهم نزع الملكية هويتهم المحلية؛
  • منح طلبات تسوية البنايات غير القانونية المقامة فوق أراضي الجماعات السلالية إذا كانت تمثل سكن شخصي ورئيسي، مع استيفاء الشروط والضوابط الأساسية؛
  • التنصيص على تقنين بعض التصرفات الواردة على الأراضي السلالية وتوجيهها لغاية القيام بأشغال البناء، بغية التقليص من الإكراهات التي تفرضها التحديات السكنية والزحف العمراني؛
  • صياغة دورية مشتركة بين السلطات الحكومية المكلفة بالتعمير والداخلية والفلاحة وتعميمها على مختلف الجهات الإدارية المعنية والمتدخلة في عمليات التدبير العمراني كلما تعلق الأمر بالقيام بالبناء لغرض لشخصي وللسكن على أراضي الجماعات السلالية، بإرفاق ملف طلب الحصول على رخصة البناء وتعليق منحها على ضرورة الإدلاء بموافقة مجلس الوصاية الإقليمي مع إثبات صفة عضو في الجماعة وتمتعه بحق الانتفاع؛
  • تعليق منح قرار مجلس الوصاية الإقليمي بشأن الموافقة حين البت فيها على مدى صلاحية الأرض للبناء من عدمها؛
  • إعادة النظر في النص التنظيمي المرتقب بتنظيم أحكام الفصل 3 المتعلق بأملاك الجماعات السلالية لا سيما في مسألة تقسيم الأراضي الفلاحية لفائدة عضو من أعضاء الجماعة واستنادها على وجه الملكية الشائعة أو المفرزة في الشق المتعلق بعدم شمولها بوثائق التعمير، وتوضيح المقصود بالأراضي المغطاة بوثائق التعمير، مع التنصيص على أنه في حالة إذا كان التخصيص الوارد فيها يبيح البناء فإن التقسيم يعد كأن لم يكون.

انتهي بفضل من الله وعونه ومنته


[1]– ويمكن تعريف الأراضي الجماعات السلالية أو أراضي الجموع بأنها:” أراضي ترجع في ملكيتها إلى جماعات سلالية في شكل قبائل أو دواوير أو عشائر قد تربط بينهم روابط عائلية أو روابط عرقية واجتماعية ودينية وحقوق الأفراد فيها غير متميزة عن حقوق الجماعة”.

– محمد خيري: أراضي الجموع بين البقاء والزوال، منشورات مجلة الحقوق المغربية، سلسلة الأنظمة والمنازعات العقارية، الإصدار الأول يناير 2010، الطبعة الأولى، الرباط، الصفحة: 63.

[2]– Paul Decroux: Droit Foncier Marocain, édition la porte, imprimé les peresses des éditions marocains et internationales, Tanger 1977, page : 437.

[3]– تقرير تركيبي حول واقع قطاع العقار بالمغرب أهم عناصر التشخيص، المنبثقة عن المناظرة الوطنية تحت موضوع السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، دجنبر2015، الصفحة: 8-9.

[4]– راجع الموقع الالكتروني الرسمي للجماعات السلالية والأراضي الجماعية http://www.terrescollectives.ma وكذا الموقع الرسمي الخاص بالبوابة الوطنية الإلكترونية http://www.maroc.ma تاريخ الولوج للموقعين 2019-10-30 على الساعة 15:00.

[5]– محمد مومن: أملاك الجماعات السلالية وأراضي الكيش، الجزء الأول، الأنظمة العقارية بالمغرب، مساهمة في أشغال “لحوار الوطني حول الأراضي السلالية”، منشورات مجلة الحقوق، سلسلة المعارف القانونية والقضائية، الإصدار 23، مطبعة النجاح الجديدة CIP، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2014، الصفحة: 8.

[6]– محمد بخنيف: إشكالية تأثير تعدد الأنظمة العقارية على التعمير القروي، أشغال الندوة الوطنية في موضوع التعمير والبناء ومتطلبات الحكامة الترابية، والمنظمة من طرف الماستر المتخصص في قانون العقار والتعمير بالكلية المتعددة التخصصات بالناضور، أيام 3-4-5 مارس 2017، الصفحة: 64.

[7]– عبد الرحمان الشرقاوي: العقود الجارية على أراضي بين أزمة النص وضرورة الاستجابة لمتطلبات الاستثمار، المنازعات العقارية دراسات وأبحاث في ضوء نظام التحفيظ العقاري ومدونة الحقوق العينية والمستجدات التشريعية في المادة العقارية، منشورات مجلة قضاء المدني، سلسلة “دراسات وأبحاث”، مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 2014، ص: 115.

[8]– ظهير شريف رقم 1.19.115 صادر في 7 ذي الحجة 1440 (9 أغسطس 2019) بتنفيذ القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6807 بتاريخ 24 ذو الحجة 1440 (26 أغسطس 2019)، الصفحة: 5887، خاصة الباب الثالث منه المتعلق أحكام خاصة بأملاك الجماعات السلالية المواد من 15 إلى 22.

[9]– ولئن كانت الملكية العقارية حقا يخول لصاحبه صلاحية استعماله واستغلاله والتصرف فيه في حدود الجاري به العمل، فإن لها وظيفة اجتماعية تروم رصد منافعها لصالح الجمهور كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك، فهذا الوضع لا يستثنى أي نظام ولا ينحصر في أملاك الخواص كما لا يُخرج أملاك الجماعات السلالية عن هذه الدائرة، إذ بدورها أضحت معنية بهذه الوظيفة، هذه الأخيرة تتجسد في صورة تكاليف وارتفاقات تُفرض على الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية وتحد من نطاقها. وتجدر الإشارة إلى أن فرض هذه القيود تقرر لمصلحة تعود على الجماعة ككل بالمنفعة العامة من دون أن تقتصر على الأفراد، وما دامت أدوات التخطيط العمراني تعبير يعكس بجلاء التنزيل الفعلي للوظيفة الاجتماعية للملكية العقارية، فإن مشروعية المساس بها من خلال وثائق التعمير إنما يعكس مظاهر وظيفتها الاجتماعية تحقيقا للتضامن وتكريسا للمساواة والعمل على تغطية وتعميم التراب الوطني بالمرافق العمومية والتجهيزات الأساسية.

[10]– أحمد المالكي: التدبير العمراني بين إكراهات العقار ومتطلبات التنمية، أشغال اليوم الدراسي الذي نظمه المجلس البلدي لمدينة تزنيت ومركز الدراسات القانونية المدنية والعقارية بكلية الحقوق بمراكش، يوم السبت 13 مايو 2006 تحت عنوان: “العقار والتنمية المجالية بمدينة تزنيت”، المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى 2006، الصفحة: 201.

[11]– يقصد بالتعمير التخطيطي ذلك التعمير الذي يتناول تهيئة رقعة جغرافية محددة في المكان والزمان قصد تنظيم العمليات التعميرية اللاحقة عبر وثائقه الملزمة، ويتحدد في وثائق التعمير التوجيهية والتنظيمية، فالأولى تقديرية على أمد بعيد تضم مخطط توجيه التهيئة العمرانية، بينما الثانية تفصيلية تحدد الالتزامات المفروضة عند استعمال الأراضي موضوع وثيقة التعمير، وتضم تصميم التهيئة وتصميم التنطيق والتصميم الخاص بتوسيع نطاق العمارات القروية وقرار تخطيط حدود الطرق العامة الجماعية.

[12]– التعمير التدبيري مرادف للتعمير العملياتي ويقصد بهما ذلك التعمير الذي بواسطته يلزم جميع الأفراد بضرورة الحصول على ترخيص وإذن إداري عند الشروع في استعمال أراضيهم، أو هو الذي يقيد ملاك الأراضي بعدم التصرف فيها إلا وفقا لترخيص يخول له مشروعية ذلك، ولا يلزم إلا ذوي الشأن مالكي العقارات العارية أو المبنية أو أصحاب الحقوق العينية العقارية، ويضم في تشكيلته جميع الرخص والأذن المتصلة بالملكية العارية للأرض والملكية العقارية المبنية، فالأولى تشترط إما رخصة البناء والتجزيء والتقسيم أو شهادة التسلم المؤقت والنهائي بحسب الغاية، في حين تضم الثانية رخصة الهدم أو الإصلاح أو رخصة تسوية البنايات غير القانونية أو رخصة السكن أو شهادة المطابقة وما إلى ذلك.

[13]– محمد بلحاج الفحصي: أراضي الجماعات السلالية بالمغرب بين التنظيم القانوني وإشكالات الواقع، مطبعة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، الرباط، طبعة يناير 2016، الصفحة: 320.

[14]– مرسوم رقم 2.14.478 ‏ صادر في 11 من شوال 1435 (8 ‏ أغسطس 2014 ‏) بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6289 الصادرة بتاريخ 12 ذو القعدة 1435 (8 سبتمبر 2014)، الصفحة: 6790.

[15]– ظهير شريف رقم 1.93.51 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993)، معتبر بمثابة قانون يتعلق بإحداث الوكالات الحضرية، منشور في الجريدة الرسمية عدد 4220 بتاريخ 27 من ربيع الأول 1414 (15 سبتمبر 1993)، الصفحة: 1624.

[16]– نظم المشرع المغربي مسطرة إعداد التصميم الخاص بتوسع نطاق العمارات القروية في الفصل الثاني إلى الخامس ظهير شريف رقم 1.60.063 بشأن توسيع نطاق العمارات القروية، منشور في الجريدة الرسمية عدد 2489 بتاريخ 13 محرم 1380 (8 يوليوز 1960)، الصفحة: 2098، كما تم تعديله بالقانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.124 بتاريخ 21 ذي القعدة 1437 (25 أغسطس 2016)، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6501 بتاريخ 17 ذو الحجة 1437 (19 سبتمبر 2016)، الصحة: 6647.

[17]– ظهير شريف رقم 1.92.31 صادر بتاريخ 15 ذي الحجة 1412 الموافق ل 17 يونيو 1992 بتنفيذ القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، منشور في الجريدة الرسمية عدد 4159 بتاريخ 14 محرم 1413 الموافق ل 15 يوليوز 1992 الصفحة: 887، كما وقع تغييره وتتميمه بالظهير الشريف رقم 1.16.124 صادر في 21 من ذي العقدة 1437 (25 غشت 2016) بتنفيذ القانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 6501 بتاريخ 17 ذو الحجة 1437 (19 شتنبر 2016)، الصفحة: 6630.

[18]– بمقتضى المادة 2 من المرسوم رقم 2.92.832:” تعين حدود المناطق الزراعية والغابوية المشار إليها في الفقرة 2 من المادة 4 من القانون الآنف الذكر رقم 12.90 بمراسيم تصدر باقتراح من الوزير المكلف بالفلاحة بعد استطلاع رأي السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير.

ويجب أن تكون المراسيم المذكورة التي تنشر في الجريدة الرسمية مشفوعة بخريطة تنطيق زراعي أو غابوي بحسب الحالة.”

– مرسوم رقم 2.92.832 صادر في 27 من ربيع الآخر 1414 (14 أكتوبر 1993) لتطبيق القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير، منشور في الجريدة الرسمية عدد 4225 بتاريخ 4 جمادى الأولى 1414 (20 أكتوبر 1993)، الصفحة: 2061.

[19]– يوضع تصميم التهيئة طبقا للمادة 18 من قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير كما وقع تعديله بالقانون رقم 66.12 ل:

  • جميع أو بعض كل من الجماعات والمراكز والمناطق والمجموعات المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة الأولى أعلاه، بيد أنه لا يجوز أن يوضع تصميم تهيئة لجزء من مجموعة عمرانية فقط إلا إذا كانت هذه المجموعة مشمولة بمخطط لتوجيه التهيئة العمرانية؛
  • جميع أو بعض أراضي جماعة قروية أو جماعات قروية تكتسي صبغة خاصة سياحية أو صناعية أو منجمية ويستوجب نموها العمراني المرتقب تهيئة تخضع لرقابة إدارية، وتتولى الإدارة تحديد هذه المناطق باقتراح من مجالس الجماعات المختصة أو بطلب من عامل العمالة المعنية أو الإقليم المعني في حالة عدم صدور اقتراح من هذه المجالس.

[20]– المادة 11 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير كما وقع تعديله بالقانون رقم 66.12.

[21]– هذا المقتضى ينسجم مع ما نص عليه المشرع في الباب الثاني من ظهير شريف رقم 1.69.25 بمثابة ميثاق للاستثمارات الفلاحية والمتعلق بتجهيز أراضي الجماعات السلالية الواقعة في دوائر الري بمختلف المنشآت والتقنيات التي تساهم في الرفع من مردودية الإنتاج الفلاحي، على شكل برنامج أشغال التجهيز المرتبطة بها.

[22]– ظهير شريف رقم 1.11.19 صادر في 27 شعبان 1432 (29 يوليوز 2011) بتنفيذ نص الدستور، منشور في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليوز 2011)، الصفحة: 3600.

[23]– ومما تجدر الإشارة إليه أن المشرع المغربي في تنظيمه لحق البناء جعله حقا نسبي في الزمان يتأرجح بين المنع والإباحة استنادا للمنصوص عليه في وثيقة التعمير لأنها مصدره، كما ربطه بضرورة الحصول على ترخيص متى كان جائزا عبارة عن إذن إداري قصد ممارسته ليتسم بالمشروعية، وبذلك لم يحدد طبيعة النظام القانوني للأراضي التي تستجيب لهذا الترخيص من عدمه، بل يكفي أن يكون البناء فيها مباحا، على أن المشرع لا يقرر الحق في البناء على الأراضي أو يقيده إلا وفق ضوابط موضوعية وتقنية بصرف النظر عن نظامها القانوني.

[24]– حبذا لو أن المشرع جعل من هذه العلميات لغاية القيام بأشغال البناء قصد المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية بتوفير السكن لمختلف شرائح المجتمع ومحاربة السكن العشوائي، وإحداث مشاريع التهيئة الحضرية والتجهيز العمومي، لمواجهة متطلبات التوسع العمراني واحتواء هذه الظاهرة.

[25]– يختص مجلس الوصاية المركزي طبقا للمادة 32 من القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها:” على المصادقة على عمليات الاقتناء أو التفويت أو المبادلة أو الشراكة المتعلقة بأملاك الجماعات السلالية”، غير أنه في إطار تكريس نظرية الموازنة بين المنافع والمضار  يتوجب على سلطة الوصاية أن تكون تصرفات استعمالاتها للأراضي السلالية لا تلحق أضرارا بأصحاب حقوق الانتفاع، وفي ذلك قضت المادة 20 من مدونة الحقوق العينية كما تم تتميمها على أنه:” إذا تعلق حق الغير بعقار فلا يسوغ لمالكه أن يتصرف فيه تصرفا ضارا بصاحب الحق”.

[26]– عرفت المادة 79 من مدونة الحقوق العينية كما تم تتميمها حق الانتفاع بقولها:” الانتفاع حق عيني يخول للمنتفع استعمال عقار على ملك الغير واستغلاله، وتنقضي مدته لزوما بموت المنتفع”.

– القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.178 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 (22 نوفمبر 2011)، منشور في الجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذو الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)، الصفحة: 5587، كما وقع تعديله وتتميمه.

ويقابل هذه المادة الفصل 578 من القانون المدني الفرنسي والذي عرفه حق الانتفاع بأنه:

– “L’usufruit est le droit de jouir des choses dont un autre à la propriété, comme le propriétaire lui-même, mais à la charge d’en conserver la substance.”

[27]– بالرجوع إلى المقتضيات القانونية المنظمة لحق الانتفاع بمقتضى مدونة الحقوق العينية كما تم تتميمها من المواد 79 إلى 104، نجده حقا قابلا للتقادم بأحد الأسباب الواردة في المادة 99 من نفس المدونة، كما أنه يمكن الحجز عليه لكونه قابلا للرهن ويمكن تفويته أيضا لأي كان طبقا للمادة 86 من نفس المدونة، وهو خلاف حق الانتفاع المقرر لأعضاء الجماعة السلالية والمنظم بنص المادة 16 من القانون رقم 62.17 يشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها.

[28]– علاوة على ما ذكر أعلاه إن المجلس الوصاية الإقليمي هو عبارة عن مستجد تشريعي تم إحداثه إلى جانب باقي هياكل الوصاية الإدارية والذي يختص بتدبير المحافظة على أملاك الجماعات السلالية على مستوى العمالة أو الإقليم، غير أن المشرع بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 33 من القانون رقم 62.17 من القانون السالف الذكر علق كيفيات اشتغال هذا المجلس على صدور نص تنظيمي، وهو ما يدفع للقول بانتظار صدوره حتى تتضح الأمور بكيفية أدق، على أنه يتوجب قبل أن يبت مجلس الوصاية الإقليمي في طلب السكن أن يتفحص ما إذا كان العقار السلالي قابلا للتعمير من عدمه، حيث يكون اتخاذ هذا القرار مرتبط بنوعية الاستعمالات المباحة والمحظورة.

[29]– مرسوم رقم 2.18.577 صادر في 8 شوال 1440 (12 يونيو 2019) بالموافقة على ضابط البناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقرر بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6793 بتاريخ 5 ذو القعدة 1440 (8 يوليوز 2019)، الصفحة: 4852.

[30]– والملاحظ أن الوثائق اللازمة المكونة لملفات طلبات الرخص ستحدد بواسطة قرار مشترك للسلطتين الحكوميتين المكلفتين بالتعمير والداخلية كما نصت على ذلك المادة 36 من مرسوم رقم 2.18.577 بالموافقة على ضابط البناء العام.

[31]– تنص الفقرة الثانية من المادة 43 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير كما وقع تعديله بالقانون رقم 66.12:” وتسلم رخصة البناء دون إخلال بوجوب إحراز الرخص الأخرى المنصوص عليها في تشريعات خاصة وبعد أخذ الآراء والحصول على التأشيرات المقررة بموجب الأنظمة الجاري بها العمل”.

[32]– ومما تجدر الإشارة إليه أن ملف طلب رخص التعمير كأصل عام ورخصة البناء على أراضي الجماعات السلالية على وجه الخصوص يودع لدى مكتب ضبط الجماعة ما لم يوجد الشباك الوحيد أو اللجنة الإقليمية للتعمير، وتتم دراستها في ضوء مسطرة المشاريع الكبرى، وقد حدد مرسوم رقم 2.18.577 بالموافقة على ضابط البناء العام اللجان المكلفة بالدراسة وكيفياتها ونوعية الوثائق المكونة لملفات الترخيص بالبناء في المواد من 10 إلى 42.

[33]– مرسوم رقم 2.18.478 صادر في 8 شوال 1440 (12 يونيو 2019) يتعلق بتحديد إجراءات وكيفيات منح رخص الإصلاح والتسوية والهدم، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6793 بتاريخ 5 ذو القعدة 1440 (8 يوليوز 2019)، الصفة: 4850.

[34]– الفقرة الأخيرة من الفصل 6 من دستور 2011.

[35]– الفصل 11 من ظهير الشريف المؤرخ في 27 أبريل 1919 كما تم تعديله بالظهير الشريف رقم 6 فبراير 1963.

[36]– الفقرة الثالثة من المادة 15 من القانون رقم 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها.

[37]– ظهير شريـف رقم 1.81.254 صـادر في 11 من رجب 1402 (6 مايو 1982) بتنفيذ القانون رقم 7.81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت، منشور في الجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 3 رمضان 1403 (15 يونيه 1983)، الصفحة: 980، كما تم تعديله.

[38]– طبقا للفقرة الأولى من الفصل 6 من ظهير شريف رقم 1.69.25 بمثابة ميثاق للاستثمارات الفلاحية أنه:” تحدد دوائر الري المشار إليها في الفصل السابق بمرسوم يتخذ باقتراح من وزير الفلاحة والإصلاح الزراعي بعد استشارة وزير المالية ووزير الداخلية”.

[39]– تنص المادة 4 من القانون رقم 34.94 المتعلق بالحد من تقسيم الأراضي الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري ودوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية غير المسقية على أنه:” يمنع:

  • أن يبرم في شأن الأراضي المشار إليها في المادة 1 أعلاه التي يزيد مجموع مساحتها على مساحة الاستغلال الدنيا أي عقد تصرف أو قسمة أو حق انتفاع أو أي عقد إيجار يترتب عليه إحداث قطع تقل مساحتها عن مساحة الاستغلال الدنيا؛
  • أن يبرم في شأن الأراضي المشار إليها في المادة 1 أعلاه التي يساوي مجموع مساحتها مساحة الاستغلال الدنيا أو يقل عنها أي عقد تصرف أو قسمة أو حق انتفاع أو أي عقد إيجار يترتب عليه تخفيض المساحة المذكورة.

على أن للإدارة أن ترخص بإبرام العقود المشار إليها أعلاه إذا كان الغرض من القطعة المراد استخراجها من مجموع الملك إحداث أو توسيع منشآت غير فلاحية.

ولا يحتج بالموانع المنصوص عليها بهذه المادة في حالة نزع الملكية لأجل المنفعة العامة”.

[40]– أحمد المالكي: التدبير العمراني بين إكراهات العقار ومتطلبات التنمية، م. س، الصفحة: 203.

[41]– المبدأ العام أن الحقوق العينية العقارية التي تثقل حق الملكية الشائعة لا تلزم إلا من التزم بها، وفي حالة إجراء القسمة وإنهاء واقعة الشيوع فإن هذا الحق ينتقل ليثقل الجزء المفرز الذي آل إلى هذا الشريك إذا كانت قسمة عينية، وينتقل حقه مباشرة إلى التعويض إذا كانت قسمة تصفية قضائية أو رضائية بالبيع، أما الوضع بالنسبة لحق الانتفاع الذي يثقل العقار السلالي الفلاحي، ففي حالة إجراء تقسيم هذا العقار فإن حق الانتفاع ينتهي ولا ينتقل، كون أن المشرع رخص لأصحاب هذا الحق أنفسهم بإمكانية إجراء تقسيم هذا العقار لاستجماع عناصر الملكية التامة، فلا يمكن تصور مالك لعقار مثقل بعقار عيني هو صاحب لاتحاد الصفة في يد مالك واحد.

[42]– ظهير شريف رقم 1.69.30 بتاريخ 10 جمادى الأولى 1389(25 يوليوز 1969) يتعلق بأراضي الجماعات السلالية الواقعة في دوائر الري، منشور في الجريدة الرسمية عدد الجريدة الرسمية عدد 2960 مكرر بتاريخ 13 جمادى الأولى 1389 (29 يوليوز 1969)، الصفحة: 2018، كما تم تعديله بـالقانون رقم 64.17 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.117 بتاريخ 7 ذي الحجة 1440 (9 أغسطس 2019)، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6807 بتاريخ 24 ذو الحجة 1440 (26 اغسطس 2019)، الصفحة: 5895.

[43]– ظهير شريف رقم 1.95.10 صادر في 22 من رمضان 1415 (22 فبراير 1995)، بتنفيذ القانون رقم 33.94 المتعلق بدوائر الاستثمار في الأراضي الفلاحية غير المسقية، منشور في الجريدة الرسمية عدد 4312 بتاريخ 22 محرم 1412 (21 يوليوز 1995)، الصفحة: 1773، كما وقع تعديله.

[44]– غير أنه يمكن القيام بتقسيم هذه الأراضي وإن كانت تتواجد داخل هذه الدوائر وتقل عن المساحة الدنيا بشرط إذا كان الغرض من القطعة المراد استخراجها من مجموع الملك إحداث أو توسيع منشآت غير فلاحية، كما تم النص عليه في الفقرة الثانية من المادة 4 من القانون رقم 34.94 المتعلق بالحد من تقسيم الأراضي الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري ودوائر الاستثمار بالأراضي الفلاحية غير المسقية ومرسومه التطبيقي رقم 2.94.590، وتبت اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار في ذلك طبقا للبند الثالث من المادة 29 من ظهير شريف رقم 1.19.18 صادر في 7 جمادى الآخرة 1440 (13 فبراير 2019)، بتنفيذ القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحد للاستثمار، منشور في الجريدة الرسمية عدد 6754 بتاريخ 15 جمادى الآخرة 1440 (21 فبراير 2019)، الصفحة: 834.

– المرسوم رقم 2.94.590 صادر في 22 من جمادى الآخرة 1416 (16 نوفمبر 1995) لتطبيق القانون رقم 34.94 المتعلق بالحد من تقسيم الأراضي الفلاحية الواقعة داخل دوائر الري ودوائر الاستثمار في الأراضي الفلاحية غير المسقية، منشور في الجريدة الرسمية عدد 4336 بتاريخ 13 رجب 1416 (6 ديسمبر 1995)، الصفحة: 3147.

[45]– ظهير شريف رقم 1.92.7 صادر في 15 من ذي الحجة 1412 (17 يونيو 1992) بتنفيذ القانون رقم 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، منشور في الجريدة الرسمية عدد 4159 بتاريخ 14 محرم 1413 (15 يوليوز 1992)، الصفحة: 880، كما وقع تغييره وتتميمه بالظهير الشريف رقم 1.16.124 صادر في 21 من ذي العقدة 1437 الموافق ل 25 غشت 2016 بتنفيذ القانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، منشور بالجريدة الرسمية عدد 6501 بتاريخ 17 ذو الحجة 1437 (19 شتنبر 2016)، الصفحة: 6630.

[46]– ظهير شريف رقم 1.69.25 بتاريخ 10 جمادى الأولى 1389 (25 يوليوز 1969) بمثابة ميثاق للاستثمارات الفلاحية، منشور في الجريدة الرسمية 2960 مكرر بتاريخ 13 جمادى الأولى 1389 (29 يوليوز 1969)، الصفحة:2007، كما خضع لمجموعة من التعديلات.