المرحلة القضائية لمسطرة التحفـــيظ
ذ. إدريس الفاخوري
أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق وجدة
هذا المقال منشور في العدد الأول من مجلة فضاء المعرفة القانونية التي تصدر عن المركز.
إذا تعذر الصلح بين طالب التحفيظ والمتعرض، يحيل المحافظ على الأملاك العقارية والرهون الملف على المحكمة الابتدائية، وذلك بعد استكمال جميع مراحل المسطرة .
لذلك سنتطرق لإجراءات البت في دعوى التعرض كالتالي:
الفرع الأول: البت في التعرض خلال المرحلة الابتدائية.
الفرع الثاني: البت في التعرض خلال المرحلة الاستئنافية.
الفرع الثالث: البت في التعرض أمام محكمة النقض (المجلس الأعلى).
الفرع الرابع: ضوابط تدخل القضاء في مسطرة التحفيظ.
الفرع الأول: البت في التعرض خلال المرحلة الابتدائية
بعد التصريح بالتعرض وفق الضوابط القانونية المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري، وانتهاء أجل التعرض وبعدما يتأكد المحافظ على الأملاك العقارية من القيام بمختلف مراحل الإشهار والمستندات المثبتة لذلك، وإذا لم يستطع طالب التحفيظ من إثبات رفع التعرض، فإن المحافظ في هذه الأحوال يحيل الملف على المحكمة الابتدائية قصد البت في مدى صحة أو عدم صحة التعرض أو التعرضات المقدمة ضد مطلب التحفيظ[1].
وبذلك سنتطرق في هذا الفرع للفقرات التالية:
– الفقرة الأولى: دور القاضي المقرر في تحضير الملف.
– الفقرة الثانية: دور النيابة العامة في المرحلة القضائية.
– الفقرة الثالثة: الجلسة وإصدار الحكم.
الفقرة الأولى: دور القاضي المقرر في تحضير الملف
تنص الفقرة الرابعة من الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري كما عدل بالقانون رقم 14.07 على ما يلي: “خلال الثلاثة أشهر الموالية لانصرام الأجل المنصوص عليه في الفصل23 يوجه المحافظ على الأملاك العقارية مطلب التحفيظ والوثائق المتعلقة به إلى المحكمة الابتدائية التي يقع العقار بدائرتها”.
يتضح أن انصرام أجل التعرض مع بقاء التعرض ساري المفعول يلزم المحافظ على الأملاك العقارية بإحالة ملف مطلب التحفيظ على المحكمة الابتدائية. بعد ما يتأكد من انتهاء المرحلة الإدارية للتحفيظ مع ضرورة توفر الملف على كل الوثائق والمستندات التي أودعها طالب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري ومحاضر التحديد والتصاميم الهندسية وكل الإعلانات المثبتة للإشهار لدى كل من السلطة المحلية والمحكمة الابتدائية ورئيس المجلس الجماعي الذين يقع العقار في دائرة نفوذهم، ويجب أن يرفق الملف بشهادة صادرة عن المحافظ على الأملاك العقارية تدعى شهادة التعرض التي تحدد التعرض أو التعرضات ( ونوعها) الواجب البت فيها من قبل المحكمة قصد تجنب إغفال تعرض معين وتسهيل فهم الحقوق المطالب بها من قبل المتعرض.
وتنطلق المرحلة القضائية لمسطرة التحفيظ مباشرة بعد توصل كتابة الضبط بملف مطلب التحفيظ الذي أحيل عليها من قبل المحافظ على الأملاك العقارية وتقوم كتابة الضبط لدى المحكمة الابتدائية التابع لها العقار موضوع التعرض بتضمين واقعة ورود الملف عليها وتاريخ ذلك وأسماء أطراف الخصومة ونوع الخصومة وتعطيه رقما ترتيبيا وتوضع نفس المعلومات على ظهر الملف الخاص[2] ويتم إرجاع شهادة التوصل إلى المحافظ على الأملاك العقارية لتوضع بملف مطلب التحفيظ الذي يحمل غالبا نسخا فقط وعبارة أحيل الملف على المحكمة بتاريخ… تحت عدد… .
ثم يقدم بعد ذلك لرئيس المحكمة الابتدائية الذي يعين قاضيا مقررا يتكلف بتحضير الملف قصد البت فيه من قبل المحكمة وذلك بناء على مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 34 من ظهير التحفيظ العقاري التي تنص على أنه: “يعين رئيس المحكمة الابتدائية فور توصله بمطلب التحفيظ قاضيا مقررا يكلف بتحضير القضية للحكم واتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لهذه الغاية…”.
والقاضي المقرر هو قاض ينتمي للهيئة يتم تعيينه من طرف رئيس المحكمة لتهيئ قضية معينة أو قضايا معينة، ويأتي الهدف من إحداث هذه المؤسسة القضائية خلق قاضي حكم يتولى التحقيق نيابة عن هيئة الحكم الجماعية ــ والتي يعتبر أحد أعضاءها ــ مع تمتيعه بسلطات تدخلية قوية وصلاحيات واسعة لتسيير المسطرة[3]، وبذلك فهو يبحث في النزاع ويسيره بأبسط الوسائل وأكثرها فعالية[4]، ويتكلف بدراسة ملف التحفيظ المحال على المحكمة الابتدائية والذي يتضمن عددا هاما من الوثائق والمستندات سواء تلك المدلى بها من قبل طالب التحفيظ أو المدلى بها من قبل المتعرض ويختلف هذا الملف عن الملفات العادية والجنائية حيث إنه لا يحتوي على مقال افتتاحي ولا محضر للشرطة أو الدرك، والغاية من دراسة الملف في البداية هي تحديد طبيعة النزاع، هل يتعلق الأمر بالمنازعة في حق الملكية أو مدى هذا الحق، أو بشأن حدود العقار، أو المطالبة بأحد حقوق الارتفاق، أو المنازعة في أحد الحقوق التي تم الإعلان عنها بناء على مقتضيات الفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري… وإذا تبين له من أن النزاع مرتبط بنقطة يسيرة ولا تتطلب إجراءات مسطرية أخرى قام بتحديد تاريخ الجلسة والاستدعاء إليها، أما إذا كان النزاع يتعلق بالمطالبة بحق يتداخل مع العقار المراد تحفيظه وبدا للقاضي المقرر ضرورة تعميق الدراسة لتنوير المسار للمحكمة، فإنه يبدأ في إجراءات البحث والاستماع إلى الشهود….إلخ.
وتبدأ مرحلة البحث من قبل القاضي المقرر باستدعاء كل من طالب التحفيظ أو طلاب التحفيظ الذين قدموا مطلب تحفيظ أمام المحافظ على الأملاك العقارية ويمكن أن يفوضوا وكيلا عنهم لتمثيلهم في مختلف مراحل الدعوى ويستدعي كذلك المستفيد من الإيداع طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري إذا تم التعرض عليه بحيث إن القانون رقم 14.07 جاء بمستجد جديد يتعلق بإمكانية تقديم التعرض على أي حق تم الإعلان عنه طبقا للفصل المذكور، كما يستدعي المتعرض أو المتعرضون ضد مسطرة التحفيظ، لاعتبار وجود التعرضات هي سبب النزاع الذي تنظر فيه المحكمة، وعليه فمن باب الفائدة أن يتعرف القاضي المقرر على عدد المتعرضين وهويتهم ومحل مخابرتهم وعن مزاعم كل واحد منهم[5]، وكذلك بغرض استفسارهم عن النقط المرتبطة بتعرضهم ومطالبتهم بكل ما يفيد القاضي المقرر في التحكم في النزاع من أجل وضع تقرير بشأنه[6].
ففي بعض الأحيان يقدم المتعرض تصريحه أمام المحافظ أو رسالة تتضمن تعرضا على مطلب تحفيظ إلا أنها مجردة من نوع أو طبيعة التعرض كالتعرض على حقوق مشاعة دون تحديد مدى هذه الحقوق، أو التعرض الجزئي دون التصريح بالمساحة كموضوع التعرض الجزئي… ففي مثل هذه الحالات وغيرها ينبغي على القاضي المقرر استدعاء المتعرض إلى مكتبه قصد تصحيح ما وقع من إغفال أثناء تقديم التعرض أمام المحافظ على الأملاك العقارية.
أما إذا لم يقم القاضي المقرر بهذه المهمة وبتت المحكمة في تلك التعرضات بنفس الحالة التي أحيلت عليها، فإن المحافظ على الأملاك العقارية سيجد صعوبة قانونية في تقييد تلك الأحكام القضائية مما يؤدي إلى تعطيل مسطرة التحفيظ بسبب بسيط مرتبط بالتعرض.
في مقابل ذلك قد يرغب الأطراف في الاستماع إلى بعض الشهود الذين قد يفيدون في حل النزاع بشهادتهم أو الانتقال إلى عين العقار موضوع المنازعة لإجراء البحث، كما يمكن للقاضي المقرر أن ينتدب قاضيا منتدبا آخر إذا تطلب الأمر بعد موافقة رئيس المحكمة الابتدائية على هذا التعيين، كما يحق إن اقتضى الأمر ذلك طلب مساعدة مهندس مساح طبوغرافي محلف من جهاز المسح العقاري يكون مقيدا في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين بعد موافقة المحافظ على الأملاك العقارية على هذا الطلب وتحديد تاريخ انتقاله إلى عين العقار[7].
ويجب على القاضي المقرر حينما يتطلب الأمر الخروج إلى عين المكان أن يحدد مصاريف التنقل التي يدخل في نطاقها التعويضات الواجب وضعها لكل من القاضي وكاتب الضبط والمهندس المساح الطبوغرافي المحلف مع تعيين الطرف الملزم بأداء هذه المصاريف لدى صندوق المحكمة قبل الانتقال إلى عين المكان[8] هو الشخص الذي طلب هذا الإجراء[9]، أما إذا حصل المعني بالأمر على المساعدة القضائية فإنه يعفى من الأداء وتؤخذ المصاريف من صندوق الخزينة العامة.
وقبل الانتقال إلى عين المكان يستحسن أن يطلب حضور السلطات المحلية لحفظ الأمن أثناء القيام بعملية البحث خصوصا حينما تكون منازعة كبيرة ما بين المتعرضين وطالب التحفيظ، ويقوم القاضي المقرر بإخبار السلطة المحلية باليوم والساعة وموقع العقار مع ذكر كل المعلومات التي تساعد على تحديد مكان العقار محل النزاع وذلك بمقتضى رسالة[10].
وتجب الإشارة، إلى أن القاضي المقرر حينما ينتقل إلى عين المكان يجب عليه الاستماع إلى تصريحات جميع الخصوم دون استثناء خاصة فيما يتعلق بمصدر ملكيتهم، بسبب منازعتهم و استفسارهم عن كل مستنداتهم مع تطبيق الحجج المدلى بها على الحقوق أو الأجزاء المتنازع عليها وتضمين كل ذلك في محضر يحرر من قبل القاضي المقرر يوقعه هذا الأخير مع جميع المعنيين حتى تكون له الحجة القانونية عند إثارة أي نزاع فيما بعد.
ووجب القول هنا كذلك أن التدابير التكميلية الرامية للتحقيق في دعوى التعرض هي موكولة للسلطة التقديرية للمحكمة ، ولا يكون اللجوء إليها إلا إذا كانت ضرورية للفصل في النزاع، وجاء في قرار لمحكمة النقض بخصوص ذلك أنه ” القيام بالتدابير التكميلية للتحقيق في الدعوى موكول لتقدير المحكمة ولا تلجأ إليه إلا إذا كان ضروريا للفصل في النزاع، والمتعرضة لما اكتفت بالقول أن أرض الأحباس تجاور أرض طالبة التحفيظ المطلوب دون أن تعزز تعرضها بأي حجة، فإن تطبيق الفصل 64 من مدونة الأوقاف رهين بثبوت الصفة الحبسية للعقار المدعى فيه”[11]، كما جاء في قرار لها آخر أن ” المحكمة عندما اقتصرت على إجراء خبرة فقط رغم أن ظروف النازلة تتطلب إجراء بحث بعين المكان وبمساعدة مهندس طبوغرافي لتطبيق الحجج، والبحث مع الشهود والجيران في حدود العقار سابقا وما إذا كان يدخل ضمن وعاء العقار المسترجع، يكون قرارها فيما انتهى إليه ناقص التعليل”[12]، وفي قرار آخر تقول محكمة النقض أن “… القيام بإجراءات التحقيق في الدعوى وتحديد نوع تلك الإجراءات موكول لتقدير المحكمة ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك، وأنه باعتبار الطاعنة متعرضة على مطلب التحفيظ فهي الملزمة بإثبات ملكية ما تتعرض عليه بحجة مقبولة…”[13].
وعند الانتهاء من جميع الإجراءات المتطلبة حسب ظروف الملف ويرى أن القضية أصبحت جاهزة يعمل على وضع تقرير إجمالي لمختلف المراحل منذ إحالة الملف عليه من قبل رئيس المحكمة الابتدائية، ويعتبر هذا التقرير الأساس الذي ينير الطريق للمحكمة للبت في القضية[14] لكونه يتضمن كل ما حدث من عوارض في تسيير المسطرة ويحلل فيه القاضي المقرر الوقائع والتعليلات القانونية التي قدمها الخصوم مع إدراج جميع مطالبهم واستنتاجاتهم إضافة لذكر جميع النقط الواجب الفصل فيها. وأخيرا يجب تحديد تاريخ الجلسة التي ستندرج فيها القضية ويخبر الأطراف بذلك وذلك بناء على مقتضيات الفصل 35 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 14.07 الذي ينص على ما يلي: “عندما يرى القاضي المقرر أن القضية قد أصبحت جاهزة يخبر الأطراف بيوم الجلسة العلنية التي ستعرض فيها وذلك قبل موعدها بثمانية أيام على الأقل بعد التوصل بالاستدعاء”.
الفقرة الثانية: دور النيابة العامة في المرحلة القضائية
يعد تبليغ النيابة العامة في قضايا التحفيظ العقاري غير إلزاميا باستثناء الحالة التي ينص فيها قانون خاص على ذلك كما هو الحال في القضايا المتعلقة بفاقدي الأهلية أو ناقصيها.
وما دام حضور النيابة العامة غير إلزامي جاء في الفقرة الأولى من الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري كما عدل بالقانون رقم 14.07 على أنه: “…ويقدم ممثل النيابة العامة إن اقتضى الحال مستنتجاته…” لكن حينما تكون الدولة كطرف في النزاع سواء متعرضة أو طالبة التحفيظ فيجب تبليغ النيابة العامة قصد تقديم مستنتجاتها في الملف في المرحلة الابتدائية أولا قبل مرحلة الاستئناف وهذا ما استقر عليه المجلس الأعلى حيث جاء في قرار له[15] ما يلي: حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار ذلك أنه ثبت لدى قضاة الاستئناف عدم تبليغ الدعوى إلى النيابة العامة قصد الإدلاء بمستنتجاتها باعتبار الدولة طرفا في النزاع في المرحلة الابتدائية.
وحيث إن هذا الإخلال لا يمكن إصلاحه أو تداركه بتبليغ الدعوى إلى النيابة العامة في مرحلة الاستئناف، ولذلك فإن القرار المطعون فيه حين أيد الحكم الابتدائي بالعلة المذكورة أعلاه يكون خارقا للمقتضيات القانونية المحتج بها مما عرضه للنقض والإبطال”.
و تنص الفقرة الأولى من الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية على ما يلي: “يجب أن تبلغ إلى النيابة العامة الدعاوي الآتية:
1- القضايا المتعلقة بالنظام العام والدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية والهبات والوصايا لفائدة المؤسسات الخيرية وممتلكات الأحباس والأراضي الجماعية…”.
يتضح إذا، أنه يجب تبليغ النيابة العامة بالدعوى كلما كانت الدولة طرفا فيها من أجل تقديم مستنتجاتها أمام المحكمة الابتدائية وهكذا جاء في قرار المجلس الأعلى ما يلي[16]: “حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار، ذلك أنه اعتمد في قضائه على انه إذا كانت محكمة البداية أغفلت إحالة الملف على النيابة العامة فإن المحكمة الآن تداركت الأمر إذ أحالته على النيابة العامة فأدلت هذه الأخيرة بمستنتجاتها، وأن النيابة العامة وحدة لا تتجزأ. في حين أن إحالة الملف على النيابة العامة في مرحلة الاستئناف لا يغني عن إحالة الملف عليها في المرحلة الابتدائية لاسيما وان الدولة المغربية (الملك الخاص) طرف في النزاع مما يكون معه بذلك القرار المطعون فيه قد خرق مقتضيات الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية فتعرض بذلك للنقض والإبطال”.
وأكد المجلس الأعلى في قرار[17] آخر على نفس ما ذكر أعلاه حيث جاء فيه: “حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار ذلك أنه رد دفعها المذكور أعلاه بان الفصل 37 من ظهير12/8/1913 نص على أن ممثل النيابة يتقدم إن اقتضى الحال بمستنتجاته خلال المرحلة الابتدائية وهي عبارة تفيد الاختيار لا الإلزام في حين أن إحالة الملف على النيابة لتقديم مستنتجاتها في المرحلة الاستئنافية لا يغني عن إحالة الملف عليها في المرحلة الابتدائية سيما إذا كانت الدولة طرفا في النزاع، الأمر الذي يعتبر معه القرار خارقا لمقتضيات الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية مما عرضه للنقض والإبطال”[18].
يظهر جليا أن عدم تبليغ النيابة العامة بالدعوى في الحالات المنصوص عليها في الفصل9 من ق.م.م، يعد خللا شكليا يبرر إبطال الحكم أو القرار الذي صدر من دون تقديم أية مستنتجات من قبل ممثل النيابة العامة أمام المحكمة الابتدائية، وحتى لو تم تبليغها أمام محكمة الاستئناف فإن ذلك لا يصلح المسطرة في شيء، ونفس المقتضى في الدعاوى المتعلقة بفاقدي الأهلية أو التي يكون فيها ممثل قانوني نائبا أو مؤازرا لأحد الأطراف، وفي ذلك جاء في قرار للمجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) أنه “…حيث ثبت صحة ما عابته الطالبة على القرار المطعون فيه، ذلك أن الثابت من المقال الافتتاحي للدعوى أنها وجهت ضد قاصرين وهم …. في شخص والدتهم الطالبة…، وأن مقتضيات الفصل 9 من ق. م.م. تنص على أنه يجب أن يبلغ إلى النيابة العامة الدعوى منها المتعلقة بفاقدي الأهلية وبصفة عامة جميع القضايا التي يكون فيها ممثل قانوني نائبا أو مؤازرا لأحد الأطراف.
وبالرجوع إلى أوراق الملف لا نجد من ضمنها ما يفيد أن النازلة قد أحيل على النيابة العامة، وأن المحكمة المصدرة للقرار المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي القاضي بجراء القسمة في المدعى فيه وفي مواجهة القاصرين المذكورين عندما بتت في القضية دون إحالة الملف على النيابة العامة تكون قد خالفت مقتضيات الفصل 9 من ق.م.م المحتج بخرقه في الوسيلة، وجاء قرارها معرضا للنقض والإبطال…”[19].
ونشير في الختام إلى أن الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تتميمه وتغييره بالقانون 07ــ14 قد ألغى دور النيابة العامة في فتح الأجل الاستثنائي للتعرض، وهو الدور الذي كان يطرح عديد التساؤلات خاصة إذا نظر للأمر من حيث الاختصاص الأصيل للنيابة العامة والذي هو الطابع الزجري والدفاع عن الحق العام في ذلك، وهو ما يبعدها نوعا ما عن قضايا التحفيظ، زيادة على ذلك فالمشرع المغربي قبل تعديل الفصل 29 من ظهير التحفيظ العقاري لم يحدد مطلقا الضوابط المؤطرة لقبول التعرض الاستثنائي من طرف السيد وكيل الملك، زيادة على كون تطبيق ذاك التدخل على مستوى مصالح المحافظات العقارية بالمغرب اتسم بعدم وحدة المعايير ، أضف إلى ذلك أنه أحيانا كان قرار قبول التعرض الاستثنائي من طرف وكيل الملك لا يتم إيداعه بسجل التعرضات أو اكتشافه إلا بعد تهييئ الملف للبت فيه عند انتهاء مرحلته القضائية.
الفقرة الثالثة: الجلسة وإصدار الحكم
بعد قيام القاضي المقرر بتحضير النازلة المعروضة على المحكمة الابتدائية وعند حلول اليوم الذي عينه للجلسة يبدأ عادة بقراءة الوقائع بالجلسة[20] دون أن يبدي أي رأي ما دام أن الذي يملك صلاحية التقرير في النازلة هي المحكمة[21].
ويبدأ الاستماع للخصوم في حالة وجود عناصر جديدة في كل النزاع رغم أنه من المفروض أن جميع الأطراف قدموا جميع مستنتجاتهم أمام القاضي المقرر[22]، ويمكن تمثيل الخصوم بواسطة محام أو الحضور بصفة شخصية مادام أن ظهير التحفيظ العقاري لم يقرر ضرورة الاستعانة بمحام.
وبعد إتمام المناقشة يتم النطق بالحكم حالا، وان اقتضى ذلك تتم المداولة في شأن النازلة موضوع النزاع.
على أن المحكمة تلتزم بما طلب منها في التعرض دون زيادة أو نقص بناء على أحكام الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية[23] ويقتصر دورها في الحكم بصحة أو عدم صحة التعرض، وهكذا جاء في قرار للمجلس الأعلى[24]: “وأن المحكمة المحال عليها مطلب التحفيظ المسجل بشأنه تعرض لا تتوفر على صلاحية مناقشة الجانب الشكلي للتعرض سواء ما يتعلق بالأجل أو غير ذلك، وإنما ينحصر دورها وفق ما حدده الفصل 37 من نفس الظهير في البت في وجود الحق المدعى به من قبل متعرض ونوعه ومحتواه ومداه، وهذا كله يتعلق بجوهر النزاع الذي هو من صميم صلاحية المحكمة المعروض عليها ذلك”، كما أنه لا شيء يمنع الأطراف من الإدلاء أمامها بما لديهم من حجج ووسائل دفاع، وفي ذلك جاء في قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) “إن المحكمة الابتدائية باعتبارها محكمة واقع وقانون يمكن للأطراف أن يدلوا أمامها بكل ما لديهم من حجج ووسائل دفاع مادام المحافظ قد أبقى التعرض المذكور وأحاله عليها للبت فيه ولذلك فإنها لما قبلت الحجج المدلى بها أمامها فهي لم تخرق مقتضيات الفصل 32”[25].
وأهم قاعدة من قواعد البت في دعاوى التعرض أن مطلب التحفيظ يعطي صاحبه صفة المدعى عليه، و للمتعرض صفة المدعي ، وبين الطرفين يتأرجح الإثبات، وتقول محكمة النقض في ذلك ” إن طلب التحفيظ يعطي صاحبه صفة المدعى عليه، ولا يجب عليه الإدلاء بحجة حتى يدعم المتعرض تعرضه بحجة قوية، والمتعرضون أدلوا إثباتا لتعرضهم برسم شراء قديم لا يتضمن أية مراجع توثيقية، ولا يتضمن خطاب القاضي، لا يحمل حدود العقار ولا مساحته ولا وصفه، ولا ما يميزه عن غيره من العقارات، كما لم يؤيد المتعرضون تعرضهم بما يفيد علاقتهم بالمشترين، لذلك فالمحكمة في غنى عن مناقشة حجج طالب التحفيظ، مما يجعل طلب إيقاف البت في انتظار الفصل في الشكاية المباشرة في مواجهة شهود البينة المدلى بها من طرف طالبي التحفيظ غير ذي أثر”[26]، وتقول في قرار آخر “… طبقا للفصلين 37 و 45 من قانون التحفيظ فإن المتعرض يعتبر مدعيا ويقع عليه عبء إثبات الحق المدعى به من قبله…”[27].
وجاء في قرار لمحكمة الاستئناف بوجدة أنه “… وحيث قضى الحكم المستأنف بعدم صحة التعرض بعلة كون المتعرض بمثابة متعرض وفق الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري، وكون هذا الأخير أسس تعرضه على رسم صدقة اختل فيها شرط الحوز من لدن الوثيقة المذكورة أخدا بقول المتحف :
الحوز شرط صحة الحبيــــــــــــــــــــــــــــــــــس *** قبل حدوث مـــــــــــــــــوت أو تفليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــس
وإن يكن موضع سكناه يهـــــــــــــــــــــــــــــــب *** فإن الإخلاء لــــــــــــــــــــــــــــــــــــــه وجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــب
وحيث إعمالا للأثر الناشر للنزاع على الصعيد الاستئنافي أدلى المتعرض بموجب عدلي عدد 123 ص 122 شهد شهوده بكون المدعى فيه يوجد في حوز هذا الأخير منذ إبرام عقد الصدقة إلى الآن وبالتالي وإعمالا للحجة المذكورة التي استقر العمل القضائي على الأحد بها باعتبار الحوز واقعة مادية يمكن إثباتها بالشهادة اللفيفية، ولما تبت الحوز في حياة المتصدق فإن الرسم المذكور منتج في النزاع…”[28].
كذلك فمن بين قواعد الفصل في التعرض، عدم صلاحية المحكمة للفصل في صحة مطلب التحفيظ المقدم من طرف طالب التحفيظ فهو من اختصاص المحافظ على الأملاك العقارية وذلك بناء على مقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 37 التي تنص على ما يلي: “تبت المحكمة في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتملاته ونطاقه، وتحيل الأطراف للعمل بقرارها، بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقضي به، على المحافظ على الأملاك العقارية الذي له وحده النظر في قبول أو رفض مطلب التحفيظ كلا أو بعضا مع الاحتفاظ بحق الطعن المنصوص عليه في الفصل 37 مكرر”[[29]].
وجاء في قرار لمحكمة الاستئناف بوجدة أن ” قاض التحفيظ يقتصر نظره على البت في الحقوق المدعى بها من قبل المتعرضين وأنه وعند عدم اقتناعه بوجود تلك الحقوق لا يكون مؤهلا للبت في الحجج المؤيد بها طلب التحفيظ الذي يتخذ المحافظ بشأنه ما يراه مناسبا”[30].
كما أنه وإن كان دور المحكمة هو البت في التعرض وتقرير صحته من عدمها، فإن لاشيء يمنعها مطلقا من فحص الرسوم والوثائق المستدل بها من طرف المتعرضين، وهو ما زكته محكمة الاستئناف بوجدة بقولها ” … وحيث أن مقتضيات الفصل 37 من ظهير 12/08/1913 والتي كانت تنص على أن المحكمة ثبت فيما يخص وجود أو عدم وجود الحق المدعى فيه من طرف المتعرضين فإن ذلك لا يمنع قضاة الموضوع من فحص الرسوم المستدل بها من لدن الأطراف وبيان قوة ثبوتها …”[31].
كما أن المحكمة قد تنظر في حجج طالب التحفيظ حالة إقراره في الدعوى، وفي ذلك جاء في قرار لمحكمة النقض أن ” … إقرار طالب التحفيظ بأن أصل الملك يعود لجده الذي هو والد المتعرض، يعفي هذا الأخير من إثبات ذلك، ويعطي المحكمة صلاحية مناقشة حجج طالب التحفيظ، وما اعتمدها لإثبات اختصاص موروثه به، والمحكمة لما قضت بصحة التعرض جزئيا في حدود نصيب المتعرض إرثا في الملك موضوع المطلب على أساس أن القسمة الموجودة قسمة انتفاعية لا غير لم تخرق الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري”[32].
ونفس الأمر ينطبق على حالة حيازة المتعرض للعقار محل دعوى التعرض وفي ذلك تقول محكمة النقض ” … حيازة المتعرض للعقار موضوع التحفيظ، يجعل عبء إثبات استحقاقه على طالب التحفيظ، والمحكمة لما لم تثبت لها ملكية جد طالب التحفيظ للملك، وبقائه على الشياع لورثته من بعده، قضت وعن صواب بصحة تعرض المتعرض”[33].
وفي قرار آخر “إذا ثبتت الحيازة للمتعرض، فإن ذلك يستلزم من المحكمة مناقشة حجة طالب التحفيظ ومقارنتها مع هذه الحيازة، وترتيب الأثر القانوني على الدعوى بشأن ذلك، إما نفيا أو إيجابا، وهو ما لم تقم به المحكمة في نازلة الحال مما يكون معه قرارها غير مرتكز على أساس قانوني”[34].
وفي قرار آخر كذلك تقول محكمة النقض: “إذا ثبتت الحيازة لأحد الأطراف بحكم أو غيره، فإنها ترتب أثرها القانوني في دعوى التحفيظ من حيث عبء الإثبات، حتى ولو كانت حيازته غير هادئة أو مكسبة للملك، وعليه إذا ثبت للمحكمة أن المتعرض على مطلب التحفيظ هو واضع اليد على العقار المطلوب تحفيظه وجب عليها الانتقال إلى مناقشة حجة طالب التحفيظ وترتيب أثر ذلك على الدعوى سلبا أو إيجابا”[35].
وقد لا ينظر في بعض الحالات مطلقا للحيازة كعنصر فاصل في دعوى التعرض، وقد جاء في قرار حديث لمحكمة النقض أنه ” لكن ردا على الوسيلتين مجتمعتين لتداخلهما، فإنه طبقا للقواعد الفقهية المعمول بها قضاء ” ترجح بينة الملك الأقدم تاريخا على البينة اللاحقة لها إن لم يمكن الجمع بينهما”، والمراد بقدم التاريخ هنا هو تاريخ الحيازة فيهما وليس تاريخ إنجازهما، وأن المحكمة لم تكن في حاجة إلى إجراء معاينة لمعرفة الحائز طالما أن الحيازة لا تعتبر مرجحا في النازلة ما دام أن الطرفين أدليا بملكيتين مستوفيتين لشروط الملك، وأنهما تتساقطان في المدة المشتركة بينهما ويبقى استصحاب الحال قائما للتي ثبتت أقدمية حيازتها خاليا من المعارض..”[36].
وبخصوص التعرض المتبادل وارتباطه بالحيازة فقد اعتبرت محكمة النقض أنه ” لئن كان صاحب المطلب اللاحق في التاريخ يعتبر متعرضا على مطلب التحفيظ السابق في التاريخ ويعتبر بالتالي مدعيا يقع عليه عبء الإثبات وفقا لمضمون الفصلين 37 و 45 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري، فإن تطبيق هذه القاعدة رهين بعدم ثبوت حيازة صاحب المطلب اللاحق وأن ثبوت حيازة العقار محل النزاع في يد أصحاب المطلب اللاحق في التاريخ عن طريق البناء والهدم منذ خمسين سنة، ينقلب معه عبء الإثبات على طالب التحفيظ صاحب المطلب السابق في التاريخ”[37].
وعليه فبعد صيرورة الحكم أو القرار نهائيا[38] يتخذ المحافظ على الأملاك العقارية قرارا بشان مطلب التحفيظ إما بالتحفيظ في حالة صدور حكم بعدم صحة التعرض، أو نشر خلاصة إصلاحية وفقا لمقتضيات الفصل 83 من ظهير التحفيظ العقاري في حالة صدور حكم بصحة التعرضات[39]. وذلك خلافا لما كان عليه الأمر قبل دخول القانون رقم 07-14 حيز التنفيذ حيث كان يلغى مطلب التحفيظ في حالة الحكم بصحة التعرض كليا ويبقى للمتعرض في هذه الحالة الخيار بين فتح مطلب جديد أو إبقاء عقاره بعيدا عن مسطرة التحفيظ[40].
وكان يرى جانب من الفقه قبل دخول القانون رقم 07-14 حيز التنفيذ[41] أن تقييد سلطة المحكمة للبت بين المتعرضين فيما بينهم يطرح مشاكل عملية كبيرة لجميع الأطراف، لكون أن المتعرضين الذين ينازعون بعضهم البعض والذين فصلت بينهم المحكمة سيضطرون إلى إعادة الفصل بينهم من جديد عندما يتقدم المتعرض الذي حكمت له المحكمة بصحة تعرضه بمطلب تحفيظ قصد تحفيظ العقار المحكوم له به، فإن باقي المتعرضين الذين حكمت المحكمة بعدم صحة تعرضهم سيتقدمون مجددا على مطلب التحفيظ الجديد وبهذا ستجد المحكمة نفسها أمام نفس الأشخاص ونفس موضوع النزاع مما يسبب في إطالة أمد البت في النزاع[42].
و تفاديا لهذا النوع من المشاكل أضاف المشرع بمقتضى القانون رقم 07-14 مقتضيات جديدة للفصل 37 من ظ.ت.ع حيث جاء في الفقرة الثالثة منه ما يلي: “تبين المحكمة في حكمها حدود ومساحة الأجزاء المحكوم بها لفائدة المتعرضين، وفي حالة الشياع نصيب كل واحد منهم”، وفي ذلك يرى أحد الباحثين أنه بناء على هذه الفقرة أصبح اختصاص المحكمة يمتد في دعوى التعرض للبت في ادعاءات المتعرضين في مواجهة بعضهم البعض، دون أن يمتد ذلك للنظر في طلب أو إدعاء طالب التحفيظ أو المستفيد من الإيداع وفقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ العقاري، فتحديد الأجزاء المحكوم بها لفائدة المتعرضين أو نصيب كل واحد منهم في الشياع يتوقف على بت المحكمة في تعرض كل واحد منهم في مواجهة الآخر، وحسنا فعل المشرع بإضافة الفقرة الثالثة المذكورة، لما سيكون في ذلك من فائدة على مستوى جودة الأحكام وعلى مستوى ضمان تنفيذها[43].
ويطرح السؤال عن الحالة التي يتوفى فيها طالب التحفيظ بعد إحالة الملف على أنظار المحكمة الابتدائية للبت في التعرض، وهل يُتوجب أن يرجع الملف للمحافظة على الأملاك العقارية قصد إيداع الإراثة ثم إرجاعه لها للبت في الدعوى؟
نعتقد أنه يتوجب على المحكمة الاستمرار في البت في دعوى التعرض، من غير إيقافها، لعلة عدم وجود مقتضى ملزم في ذلك، كما أن التركة تنتقل حكما ولا عبرة هنا بالإيداع، لاسيما وأن محل الحديث هو مطلب التحفيظ، وفي ذلك جاء في قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) أنه ” إذا أحيل الملف من طرف المحافظ على المحكمة وجب عليها أن تبت في وجود الحق المدعى به من طرف المتعرضين، وإذا توفي طالب التحفيظ وجب عليها أن تستمر في الإجراءات لتصدر حكمها بصحة التعرض أو بعدم صحته ولا يجوز لها أن تأمر بإرجاع الملف للمحافظ للقيام بالإجراءات اللازمة لتدخل ورثة الهالك إذ في إمكان هؤلاء ــ بعد البت في صحة التعرضــ أن يقدموا أمام المحافظ مطلبا بتصحيح الحالة الناشئة عن وفاة طالب التحفيظ”[44].
أما فيما يخص الأحكام الصادرة في قضايا التحفيظ دائما تكون حضورية رغم عدم الإدلاء بأي مذكرة أو بأسباب خاصة، لأن مطلب التحفيظ يسير بمراحل عدة ابتداء من إيداعه إلى غاية إحالته على المحكمة[45]، ويجب أن يتم تحرير الحكم بكيفية دقيقة وواضحة، يسهل فهمه من قبل الطرفين ويستطيع المحافظ على الأملاك العقارية أن يطبقه دون وجود أي صعوبة في التطبيق
وينص الفصل 40 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون رقم 14.07 على ما يلي: “بمجرد صدور الحكم وقبل انصرام ثمانية أيام، يبلغ ملخصه إلى طالب التحفيظ وإلى جميع المتعرضين وفق الشكل المقرر في قانون المسطرة المدنية. يمكن استئناف هذا الحكم داخل الأجل المحدد في نفس القانون”.
وبذلك، فإن الفصل في التعرض يوجب تبليغ جميع طالبي التحفيظ في حالة تعددهم أو النائب عنهم، وكذا المتعرضين أو من ينوب عنهم في ظرف ثمانية أيام قصد الاطلاع على مضمونه[46] ولإمكانية الطعن فيه داخل الآجل المقرر في قانون المسطرة المدنية، وهكذا فقد جاء المشرع بمستجد جديد من خلال الفصل 40 المذكور أعلاه، بناء على القانون رقم 14.07 إذ أن الفصل 40 القديم لم يكن ينص على الطريقة الواجب إتباعها للتبليغ.
الفرع الثاني: البت في التعرض خلال المرحلة الاستئنافية
يعتبر الطعن بالاستئناف الطعن الشعبي بامتياز لإقبال عدد كبير من المتقاضين على ممارسته، ولكونه يجسد فكرة التظلم في معناها الكامل من حيث إنه يهدف تارة إلى إلغاء حكم ابتدائي لمخالفته للقانون الشكلي أو الموضوعي، ويهدف تارة أخرى إلى مجرد مراجعته وتعديله موضوعيا، وقد تكون المراجعة المطلوبة كلية شاملة، وقد تكون جزئية تقتصر على بعض أجزاء الحكم فقط، كما يمكن تقديم الاستئناف للمطالبة بالفصل في عناصر لم تفصل فيها المحكمة الابتدائية، ثم إنه تظلم لأن المحكوم عليه يقصد منه التريث في تنفيذ الحكم الابتدائي الصادر ضده إلى حين الحسم في موضوع استئنافه[47].
وارتباطا بالمادة العقارية ينص الفصل 41 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون رقم 14.07 على ما يلي: “يقبل الاستئناف في موضوع التحفيظ مهما كانت قيمة العقار المطلوب تحفيظه.
يمكن رفع طلب الاستئناف على الكيفية المذكورة في الفصل 141 من قانون المسطرة المدنية. ويوجه الملف بدون مصاريف مع نسخة الحكم المطعون فيه إلى كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف”.
لقد أحال المشرع على مقتضيات قانون المسطرة المدنية فيما يتعلق بشكليات تقديم الاستئناف، وهكذا فإن الفصل 141 من هذا القانون[48] حدد طريقة تقديم الاستئناف أمام كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم الابتدائي والإجراءات اللاحقة على ذلك فور التوصل بمقال الطعن بالاستئناف.
ويجب أن يقدم المقال الاستئنافي وفق مقتضيات الفصل 142 من قانون المسطرة المدنية[49].
ويحق لكل طرف من أطراف دعوى التعرض تقديم طلب استئناف حكم المحكمة الابتدائية مهما كانت قيمة العقار موضوع النزاع[50].
لذلك، سنتطرق لقواعد الاستئناف (الفقرة الأولى) ثم تحضير القضية من طرف المستشار المقرر (الفقرة الثانية) ثم في (الفقرة الثالثة) سنتعرف على دور النيابة العامة أمام محكمة الاستئناف ثم نبحث الجلسة وإصدار القرار في (الفقرة الرابعة).
الفقرة الأولى: قواعد الاستئناف
تنص الفقرة الثانية من الفصل 43 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 14.07 على ما يلي “في مرحلة الاستئناف لا يمكن للأطراف أن يتقدموا بأي طلب جديد، ويقتصر التحقيق الإضافي المنجز من قبل المستشار المقرر على النزاعات التي أثارها مطلب التحفيظ في المرحلة الابتدائية”.
بمعنى أن الطرف الذي قام باستئناف الحكم الابتدائي مجبر على التقيد بموضوع دعوى المرحلة الابتدائية، وهكذا فالمتعرض على مطلب التحفيظ لا يحق له التوسيع من نطاق تعرضه أثناء مرحلة الاستئناف، إذ يجب الاقتصار عند البحث أو التحقيق الإضافي فيما أثير من النزاع بسبب مطلب التحفيظ الذي نوقش في المرحلة الابتدائية بكيفية قانونية[51]، ولا يحق له المطالبة بحق لم تتم الإشارة إليه في الطلب الأصلي.
ويقصد بالطلب الجديد كل إدعاء لم يتم التطرق إليه أثناء المرحلة الابتدائية ويقدم لأول مرة في مرحلة الاستئناف، ويعد كل طلب جديد سواء لسببه أو لموضوعه، وتبنى قاعدة عدم تقديم طلبات جديدة أثناء المرحلة الاستئنافية لكون الطلبات الجديدة تؤدي إلى تجاوز درجة من درجات التقاضي على الخصم وتؤدي إلى حدوث اضطراب في التسلسل القضائي[52].
كما أن من خصوصيات الاستئناف في قضايا التحفيظ العقاري إمكانية تقديم الاستئناف التبعي إلى جانب الاستئناف الأصلي[53].
الفقرة الثانية: تحضير القضية من طرف المستشار المقرر
ينص الفصل 42 من ظهير التحفيظ العقاري كما وقع تعديله وتتميمه بالقانون رقم 14.07 على أنه: “بمجرد توصل كتابة الضبط لدى محكمة الاستئناف بالملف، يعين الرئيس الأول مستشارا مقررا وينذر هذا الأخير المستأنف بالإدلاء بأسباب استئنافه ووسائل دفاعه خلال أجل لا يتعدى خمسة عشر يوما، ثم يستدعي الأطراف المعنية بالأمر للاطلاع على ما أدلى به المستأنف ولإبداء منازعاتهم ووسائل دفاعهم في أجل آخر مماثل”.
يظهر لنا أنه بمجرد الطعن بالاستئناف في الحكم الابتدائي وتوصل كتابة الضبط لدى محكمة الاستئناف بالملف يجب إحالته على الرئيس الأول لهذه المحكمة الأخيرة والذي يعين مستشارا مقررا قصد العمل على تحضير القضية.
فبمجرد تعيين المستشار المقرر يتم إشعار المستأنف بالإدلاء بأسباب استئنافه ووسائل دفاعه داخل أجل 15 يوما، إضافة إلى أجل المسافة ثم بعد ذلك يستدعي أطراف النزاع للإطلاع على مزاعم المستأنف وتقديم مذكراتهم الجوابية ووسائل دفاعهم في أجل قدره خمسة عشر يوما، أما إذا تعدد المستأنف عليهم ولم يستطع بعضهم تقديم مستنداتهم في الأجل المقرر ينبههم المستشار المقرر عند حلول الأجل إلى انه في حالة عدم تقديمها في أجل يحدده لاحقا فإنها لا تقبل منهم بعد ذلك[54]، وقد جاء في قرار لمحكمة النقض أنه “… لما كان النزاع يتعلق بالتحفيظ العقاري الذي له مسطرته الخاصة، والتي من بينها ما يقتضي تبليغ المقال الإستئنافي للمستأنف عليه، فإن ما يلزم هو استدعاء الطرف المستأنف عليه للإطلاع على ما أدلى به المستأنف، وإبداء منازعته ووسائل دفاعه حسب الفصل 42 من ظهير التحفيظ العقاري، والمحكمة لما قضت بعدم صحة التعرض بعلة أن عقد البيع المبرم بين البائع والمشتري، وشهادة عدم التجزئة المسلمة عند تحفيظ الملك موضوع الشراء لا تشيران إلى وجود حق ارتفاق بالمرور من جهة القبلة أو باقي حدود الملك، تكون قد عللت قرارها تعليلا كافيا وسليما”[55].
وتجب الإشارة، إلى أن المحكمة مقيدة بالبت في موضوع الدعوى كما كان معروضا على المحكمة الابتدائية، لكن ومع ذلك فإنه يجوز للمستشار المقرر بحكم اختصاصه أن يجري مختلف الإجراءات التحضيرية عند البحث والتحقيق في الدعوى وذلك إما تلقائيا أو بناء على طلب من أحد الأطراف، وهكذا تنص الفقرة الأولى من الفصل 43 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: “يمكن للمستشار المقرر، إما تلقائيا أو بطلب من الأطراف، أن يتخذ جميع التدابير التكميلية للتحقيق وبالخصوص أن يقف على عين العقار المدعى فيه مستعيناً -عند الاقتضاء- بمهندس مساح طبوغرافي محلف من جهاز المسح العقاري، مقيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، طبق الشروط المحددة في الفصل 34 ليقوم بتطبيق الرسوم أو الاستماع إلى الشهود. كما يمكنه، بموافقة الرئيس الأول، أن ينتدب لهذه العمليات قاضيا من المحكمة الابتدائية”.
وبناء على أحكام الفصل المذكور، يجب على المستشار المقرر العمل على تحضير الملف من جميع النواحي التي تهم إيجاد الحل للنزاع ما بين الطرفين المتنازعين كالاستماع إلى الشهود، الوقوف على عين العقار مستعينا بمهندس مساح طبوغرافي محلف كما ينص على ذلك الفصل 34 والذي سبقت الإشارة إليه عندما كنا بصدد التطرق للقاضي المقرر[56].
وأخيرا، فإن المستشار المقرر حينما يرى أن القضية أصبحت جاهزة ومن تم يمكن إحالتها على قضاة الحكم قصد البت في النزاع، فإنه يخبر الأطراف المتنازعة في عناوينهم المختارة باليوم الذي ستعرض فيه القضية بالجلسة وذلك قبل خمسة عشر يوما كاملة طبقا لمقتضيات الفصل 44 من ظهير التحفيظ العقاري[57] وإذا لم يحترم هذا الأجل وتضرر أحد طرفي النزاع بعد حجز القضية للمداولة فإنه يعد خرقا لحقوق الدفاع يبرر إبطال القرار[58]، إضافة إلى أن قضايا التحفيظ العقاري التي من بينها دعوى التعرض المنظم بناء على أحكام ظهير التحفيظ العقاري لا يلزم المستشار المقرر بضرورة اتخاذ الأمر بالتخلي[59].
الفقرة الثالثة: دور النيابة العامة أمام محكمة الاستئناف
سبقت الإشارة إلى أنه في حالة وجود الدولة كطرف في النزاع فإنه ينبغي تبليغ النيابة العامة قصد تقديم مستنتجاتها، وقد نص الفصل 45 من ظهير التحفيظ العقاري على نفس الأمر أمام محكمة الاستئناف، بحيث إن عدم تبليغ النيابة العامة يجعل المسطرة معيبة شكلا، إذ جاء في قرار للمجلس الأعلى[60] على أنه: “حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار، ذلك أنه بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية فإنه في القضايا المتعلقة بالدولة يشار في الحكم إلى إيداع مستنتجات النيابة العامة أو تلاوتها بالجلسة وإلا كان باطلا كما أنه بمقتضى الفصل 45 من ظهير التحفيظ العقاري فإن ممثل النيابة العامة لم يقدم مستنتجاته، وأنه يستفاد من وثائق الملف الاستئنافي أن ممثل النيابة العامة قدم استنتاجه وأن القرار أشار إلى ذلك مما يكون معه هذا القرار خارقا للفصلين المستدل بهما”، وجاء في قرار آخر ما يلي[61]: “في حين أنه بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية يشار في الحكم في الحالات المشار إليها في الفصل إيداع مستنتجات النيابة العامة أو تلاوتها بالجلسة وإلا كان باطلا”، ولذلك فإن إحالة محكمة الاستئناف الملف على النيابة العامة وإدلائها بمستنتجاتها لا يصحح الحكم الابتدائي و القرار المطعون فيه لما ذهب في تعليله عكس ذلك يكون خارقا للفصل المستدل به مما عرضه للنقض والإبطال”.
يتضح إذن، أن تدخل النيابة العامة كطرف اختياري أو إلزامي مرهون برعاية مصلحة عامة،أي عندما يكون لتدخلها مبرر تمليه مصلحة العدالة وحماية القانون لا مصالح الأطراف الشخصية[62]. سواء تعلق الأمر بالقضايا العادية أو قضايا التحفيظ العقاري، ومن ثمة يمكننا القول أنه لا مجال لاستبعاد مقتضيات الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية، كلما تعلق الأمر بقضايا التحفيظ .
الفقرة الرابعة: الجلسة وإصدار القرار
نص الفصل 45 من ظهير التحفيظ العقاري والذي نسخ الفصل السابق وعوض بالقانون رقم 14.07 على ما يلي: “تفتتح المناقشات بتقرير المستشار المقرر الذي يعرض القضية والمسائل المطلوب حلها من غير أن يبدي أي رأي ثم يستمع إلى الأطراف إما شخصيا وإما بواسطة محاميهم، ويقدم ممثل النيابة العامة استنتاجاته وتبت محكمة الاستئناف في القضية إما في الحين أو بعد المداولة سواء حضر الأطراف أو تخلفوا دون أن يقبل أي تعرض ضد القرار الصادر.
تبت محكمة الاستئناف ضمن الحدود وطبق الكيفية المرسومة لقضاة الدرجة الأولى في الفصل 37 من هذا القانون”.
بعد انتهاء المستشار المقرر من تحضير القضية يقوم بإشعار أطراف النزاع بتاريخ انعقاد الجلسة وذلك قبل موعدها بخمسة عشر يوما استنادا إلى مقتضيات الفصل 44 من ظ.ت.ع، ويعتبر حضور الأطراف في الجلسة أمرا اختياريا فقط، ما دام أن محكمة الاستئناف يمكنها البت في القضية ولو في حالة غيابهم لأنه لا يقبل منهم أي تعرض على القرار الذي سيصدر لاحقا[63].
وعند حلول اليوم والساعة المقررة للجلسة وبعد افتتاح هذه الأخيرة، يتولى المستشار المقرر بتلاوة تقريره ،الذي يعرض بمقتضاه القضية والمسائل المطلوب حلها من غير إبداء أي رأي له[64]، ثم يشير إلى مختلف الوقائع والمراحل التي مر منها إلى غاية الانتهاء من تحضيره للملف، ثم يتم الاستماع إلى الأطراف الحاضرين أو ممثليهم تدعيما لما سبق لهم أن قدموه كتابيا[65].
ومحكمة الاستئناف تكون ملزمة طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 45 بالبت في النزاع ضمن الحدود المرسومة لقضاة الدرجة الأولى، أي في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتملاته ونطاقه ،استنادا إلى الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري.
وتجب الإشارة إلى أنه إذا حدث عارض نظير الوفاة ولم يتم تصحيح المسطرة، فالمحكمة عليها الاستمرار في البت في الملف بدلا من النطق بعدم قبول الاستئناف خاصة وكون الدعوى هنا هي دعوى التعرض التي يتم تهيئها من طرف المحافظ، ونظرا لخصوصيتها المتميزة بها، وقد جاء في قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) أنه:”إذا حدث عارض لأحد المستأنف عليهما، وكان النزاع غير قابل للتجزئة كما هو الشأن في مسطرة التحفيظ التي يبت فيها القاضي في الحدود المرسومة له في الفصلين37 و45 من ظهير التحفيظ العقاري ولم يتم إصلاح المسطرة بالنسبة للمتوفي، فالأولى أن يقبل الاستئناف بالنسبة للمستأنفين معا بدلا من عدم قبوله”[66].
و يتم إصدار القرار الاستئنافي حالا أو بعد المداولة ،وذلك حسب طبيعة موضوع النزاع ، لأن بعض النوازل قد تحتاج إلى كثير من التروي والتأني لضمان سلامة الحكم، والتخفيف ولو بشكل يسير من كثرة الطعون التي توجه ضده[67].
وتجدر الإشارة أن المستشار المقرر في القضايا العقارية لم يلزمه ظ ت ع باتخاذ قرارا التخلي المنصوص عليه في الفصل 335 من قانون المسطرة المدنية[68].
وبمجرد صدور القرار الاستئنافي يجب تبليغه لكل من طالب التحفيظ وكذا جميع المتعرضين وفق قواعد التبليغ المعمول بها في قانون المسطرة المدنية، وذلك على خلاف المرحلة الابتدائية التي يكتفي فيها بتبليغ مجرد ملخص للحكم فقط للأطراف المذكورة أعلاه مع الإشارة إلى إلزامية القيام بهذا الإجراء داخل اجل قدره ثمانية أيام طبقا للفصل 40 من ظهير التحفيظ العقاري.
لكن الفصل 47 من ظهير التحفيظ العقاري لم يشر إلى أجل التبليغ المذكور أعلاه وهكذا جاء فيه: “يبلغ القرار الاستئنافي وفق الشكل المقرر في قانون المسطرة المدنية ويمكن الطعن فيه بالنقض داخل الأجل المحدد في نفس القانون”.
وعند تبليغ القرار الاستئنافي ينبغي الإشارة إلى إمكانية الطعن فيه بالنقض داخل أجل ثلاثون يوما من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه إلى الشخص نفسه أو إلى موطنه الحقيقي ، طبقا لأحكام الفصل المذكور أعلاه ،الذي أحال على مقتضيات الفصل 358 من ق.م.م.
الفرع الثالث: البت في التعرض أمام محكمة النقض ( المجلس الأعلى سابقا)
لقد أصبحت القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف في قضايا التحفيظ العقاري تقبل الطعن بالنقض ابتداء من تاريخ 23 أكتوبر 1957 بناء على التعديل الذي لحق الفصل 47 من ظهير 12 غشت 1913 (بموجب ظهير 26 ماي 1958) والذي أكد على أن الأحكام الصادرة في موضوع التحفيظ العقاري تقبل الطعن بالنقض المنصوص عليه في ظهير 27 شتنبر 1957[69].
وإذا كان الفصل 47 المذكور أعلاه قد حدد أجل الطعن بالنقض في شهرين ، فإنه بمقتضى التعديل الذي لحق الفصل المذكور أصبح أجل الطعن بالنقض هو نفس الأجل المنصوص عليه في الفصل 358 من قانون المسطرة المدنية أي ثلاثون يوما من تاريخ تبليغ الحكم المطعون فيه إلى الشخص نفسه أو إلى موطنه الحقيقي[70].
وبذلك أنهى المشرع العقاري في التعديل الأخير الخلاف الذي كان قائما بين أجل الطعن بالنقض في القرارات الصادرة في مادة التحفيظ والذي حدده الفصل 47 من ظ.ت.ع قبل التعديل في شهرين من تاريخ التبليغ، وبين الفصل 358 من قانون المسطرة المدنية والذي ينص على أن أجل الطعن بالنقض هو ثلاثون يوما[71] مكرسا ما سار عليه الاجتهاد القضائي، إذ جاء في قرار للمجلس الأعلى على أنه: ” لما كان الفصل 358 من قانون المسطرة المدنية ينص على أن أجل الطعن بالنقض هو ثلاثون يوما، ما لم توجد مقتضيات أخرى فإن الفصل 47 من ظهير التحفيظ العقاري يعد من تلك المقتضيات الخاصة التي نص عليها الفصل 358، وحيث أن الفصل 47 من ظهير التحفيظ العقاري يحدد أجل الطعن بالنقض في شهرين من تاريخ التبليغ، فهو الواجب التطبيق”[72].
وأجل الطعن هو أجل كامل حيث لا يحسب اليوم الأول ولا اليوم الأخير، وإذا كان اليوم الأخير يوم عطلة امتد الأجل إلى أول يوم بعده حسب ما ينص عليه الفصل 512 من قانون المسطرة المدنية.
ويقدم طلب النقض بواسطة عريضة كتابية تتوفر إلزاميا على بيانات محددة بناء على الفصل 355 من قانون المسطرة المدنية ومن بينها ما يلي :
1- أسماء الأطراف العائلية والشخصية وموطنهم الحقيقي[73]، وفي ذلك جاء في قرار للمجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) أنه ” يجب أن يتوفر مقال الطعن بالنقض على الموطن الحقيقي للأطراف تحت طائلة عدم القبول”[74]، وجدير بالبيان هنا أن الطعن بالنقض لا يقبل إذا وجه ضد شخص متوفى، وجاء في قرار للمجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) أنه ” وحيث ثبت من محضر المعاينة المنجز من طرف محكمة الاستئناف بتاريخ 17/12/1999 أن طالبة التحفيظ (…) كانت متوفاة بتاريخ المحضر المذكور وقد حضر ممثل الطاعنة أثناء المعاينة وعلم بوفاة طالبة التحفيظ، ومع ذلك فالطاعنة وجهت طعنها بالنقض ضد (…) شخصيا مع أنها معدومة، الأمر الذي يجعل طلبها على النحو المذكور غير مقبول “[75].
2- ملخص الوقائع و الوسائل وكذا المستنتجات، وجاء في قرار للمجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) أنه: “بالرجوع إلى العريضة المشار إليها يتبين أنها لا تتضمن وقائع القضية، وأن ما أشير إليه بها تحت عنوان موجز الوقائع إنما هو إشارة إلى قرار المجلس بالنقض والإحالة… وبذلك يبقى المقال مخالفا لمقتضيات الفصل المذكور والطلب بالتالي غير مقبول”[76].
3- ضرورة إرفاق المقال بنسخة من الحكم النهائي المطعون فيه تحت طائلة عدم القبول[77] وفي حالة تعدد الأطراف يجب إرفاق المقال بنسخ مساوية لعددهم، وإلا أشعر الطالب بضرورة إيداع تلك النسخ داخل أجل عشرة أيام ،وعند انصرام الأجل دون القيام بالمطلوب تدرج القضية بالجلسة ويصدر المجلس قرارا بعدم القبول، وجاء في قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) أنه: “نسخة القرار المرفقة بمقال الطعن بالنقض لا تحمل الإشهاد بمطابقتها للأصل ومذيلة بتوقيع غير مقروء، ولا يعرف لمن هو، مما لم تكن معه مطابقة لشروط الفصل 349 من قانون المسطرة المدنية، الأمر الذي يكون معه الطلب غير مقبول”[78].
يجب تحرير المقال من قبل محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ويودع مقال الطعن بالنقض أمام كتابة ضبط محكمة الاستئناف التي أصدرت القرار المطعون فيه يوجه إلى كتابة ضبط محكمة النقض ويتم تسجيل تاريخ وصوله مع إعطاءه رقما ترتيبيا.
هذا ويثار تساؤل حول إمكانية الطعن بالنقض بمجرد تصريح بطلب النقض، وهل يغني ذلك عن تقديم مقال الطعن بالنقض ؟
تجيبنا محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) في أحد قراراتها أنه: “… وحيث تبين من وثائق الملف أن الطاعنين إنما تقدموا بمجرد تصريح بطلب النقض لا يتضمن أي شيء من وقائع القضية و لا أي سبب من الأسباب التي يتحتم أن ينبني عليها طلبات النقض المنصوص عليها في الفصل 359 من قانون المسطرة المدنية، و اكتفى الطاعنون بالتصريح فيه بالتزامهم بتقديم مذكرة تفصيلية داخل شهر طبقا للفصل 364 من قانون المسطرة المدنية.
وحيث أن اكتفاء طالبي النقض بمجرد تصريح بذلك لا يغني عن مقال النقض الذي هم ملزمون بتقديمه والذي يجب أن تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في الفصل 355 من قانون المسطرة المدنية وتحت طائلة عدم القبول والتي لا يمكن تدارك نقص أحدها بتقديم مذكرة وصفت بأنها تفصيلية، مع أنه بالرجوع إلى التصريح بطلب النقض يلفى أنه لا يتضمن مما يمكن تفصيله أو توضيحه، ولم يتضمن لا ملخص الوقائع ولا الوسائل ولا المستنتجات، وبالتالي يكون طالبوا النقض لم يتقدموا بأي مقال للنقض، مادام الطاعنون أنفسهم قد اعتبروا أن ما تقدموا به هو مجرد تصريح بطلب النقض، وليس هناك أي نص قانوني يخول لطالبي النقض الاكتفاء بمجرد النقض وليس هناك أي نص قانوني يخول لطالبي النقض الاكتفاء بمجرد تصريح بطلب النقض داخل الأجل القانوني، مما يجعل الطاعنين لم يحترموا مقتضيات الفصول 354 و 355 و 359 من قانون المسطرة المدنية”[79].
هذا ويتم أداء الوجيبة القضائية في نفس الوقت الذي يقدم فيه طالب النقض مقاله أمام محكمة النقض بناء على أحكام الفصل 357 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على ما يلي: “يتعين على طالب النقض أمام المجلس الأعلى أن يؤدي الوجيبة القضائية في نفس الوقت الذي يقدم فيه مقاله تحت طائلة عدم القبول”[80].
وتتشابه المسطرة المتبعة أمام محكمة النقض مع تلك التي يتم إعمالها أمام محاكم الموضوع، إذ يقوم الرئيس الأول بتعيين مستشار مقرر ويضطلع هذا الأخير بدور شبيه بذلك الذي يلعبه القاضي المقرر والمتمثل في توضيح النقط الجوهرية للنزاع التي يتعين على هيئة الحكم الفصل فيها، كما تقوم بعد أن تصبح القضية جاهزة بتحرير تقرير وإصدار الأمر بالتخلي[81].
ووجبت الإشارة إلى أنه بمقتضى التتميم و التعديل التشريعي لظهير التحفيظ العقاري بمقتضى القانون رقم 14.07 فقد أصبحت الأحكام الصادرة في مادة التحفيظ العقاري لا تقبل الطعن إلا بالاستئناف و النقض بصريح الفصل 109 منه، وهو المقتضى الذي تطبقه محكمة النقض بشكل واضح، حيث جاء في قرار لها: “حيث أنه بمقتضى الفصل 109 من ظهير التحفيظ العقاري، كما وقع نسخه، وتعويضه بمقتضى القانون رقم 14.07 فإنه لا تقبل الأحكام الصادرة في مادة التحفيظ العقاري إلا الطعن بالاستئناف والنقض، الأمر الذي يكون معه الطعن بإعادة النظر في قرار صادر في مادة التحفيظ غير مقبول” [82].
وجاء في قرار آخر لها أنه ” بمقتضى الفصل 109 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم نسخه وتعويضه بالقانون رقم 14.07 والذي دخل حيز التنفيذ منذ 24 نونبر 2011 فإنه: “لا تقبل الأحكام الصادرة في مادة التحفيظ العقاري إلا بالاستئناف والنقض”.
وحيث إن الطلب أعلاه يرمي إلى إعادة النظر في قرار محكمة النقض الصادر في مادة التحفيظ، الأمر الذي يكون معه غير مقبول”[83].
وفي ختام هذا الفرع نود الإشارة إلى مسألة مهمة مرتبطة بتطبيق الأحكام القضائية الصادرة بصحة التعرضات، التي وبغية إيجاد إطار يحتوي الحالة التي يتقاعس فيها المحكوم له بصحة تعرضه عن متابعة إجراءات مسطرة تحفيظ المطلب موضوع التعرض المذكور، ونظرا للاختلاف الذي ميز ذلك على صعيد المحافظات العقارية، فقد تدخل المحافظ العام بمقتضى دوريته عدد 400 قصد توحيد العمل وإعطاء قراءة صحيحة لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري والتي تنص على أنه “يكتسب صاحب الحق المنشأ أو المغير أو المقر به صفة طالب التحفيظ في حدود الحق المعترف به له”.
وعليه فإنه إذا كانت الأحكام القضائية الصادرة بشأن التعرض هي التي أقرت حق المتعرض فإن تقديم طلب متابعة إجراءات مسطرة التحفيظ من طرف المتعرض بواسطة نشر خلاصة إصلاحية و إعلان جديد عن انتهاء التحديد مع أداء وجيبات المحافظة العقارية المستحقة عن ذلك، يعتبر إجراءا كاشفا لاكتساب المتعرض صفة طالب التحفيظ استنادا إلى الأحكام القضائية النهائية التي قضت بصحة تعرضه، وأن الأمر لم يعد يتعلق بطالب التحفيظ الذي فقد هذه الصفة بالنسبة للحق المحكوم به لفائدة المتعرض.
وتأسيسا على ذلك وبعد دراسة الأحكام القضائية والتأكد من إمكانية تطبيقها، وفي الحالة التي لا يعمل فيها المتعرض المحكوم له على تقديم طلب متابعة إجراءات مسطرة التحفيظ في اسمه، فإنه حسب حالات التعرض التي حكم القضاء بصحتها يتعين العمل على ما يلي :
أولا : حالة التعرض الكلي .
يتعين قبل التشطيب على التعرض إنذار المتعرض قصد استئناف مسطرة التحفيظ في اسمه داخل أجل يبتدئ من يوم تبليغه بالإنذار تحت طائلة إلغاء مطلب التحفيظ طبقا الفصل 50 من ظ ت ع.
ثانيا : حالة التعرض الجزئي الذي تم تحديد وعائه.
فبعد التأكد من أن وعاء التعرض قد تم تحديده إما خلال المرحلة الإدارية أو القضائية لمسطرة التحفيظ طبقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 25 من ظ ت ع، فإنه يمكن تحفيظ الجزء الذي لا يشمله أي تعرض عند الاقتضاء وفقا لمقتضيات الفصلين 30 و 31 من ظهير التحفيظ العقاري، أما التعرض الجزئي المحدد والمحكوم بصحته فيتعين إنذار المتعرض قصد استئناف مسطرة تحفيظه، ومنحه أجل ثلاثة أشهر يبتدئ من يوم تبليغه بالإنذار تحت طائلة إلغاء المطلب موضوع الجزئي طبقا لمقتضيات الفصل 50 المذكور.
ثالثا : حالة التعرض الجزئي الذي لم يتم تحديد وعائه .
إذا قضت الأحكام بصحة تعرض جزئي لم يتم تحديد وعائه خلال المرحلة الإدارية أو القضائية لمسطرة التحفيظ، فإنه يمكن لطالب التحفيظ أو المتعرض تقديم طلب إجراء تحديد تكميلي لوعاء التعرض الذي يجب أن ينجز بحضور جميع الأطراف المعنية، بحيث يتم بعد ذلك تحفيظ الجزء الذي لا يشمله أي تعرض عند الاقتضاء وفقا للفصلين 30 و 31 المشار إليهما أعلاه، ومتابعة إجراءات تحفيظ الجزء المحكوم به لفائدة المتعرض، أما إن تعذر إنجاز تحديد وعاء التعرض الجزئي، فيمكن إحالة الملف من جديد على المحكمة قصد تحديد وعاء التعرض طبقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 25 والفصول 34 و 37 و 43 من ظهير التحفيظ العقاري.
رابعا : حالة التعرض على حقوق مشاعة
إذا كانت هذه الحقوق محددة فإنه يتعين بعد التشطيب على التعرض استئناف مسطرة التحفيظ بطلب من المتعرض وذلك بنشر خلاصة إصلاحية وإعلان جديد عن انتهاء التحديد في اسم طالب التحفيظ والمتعرض المحكوم له بحقوق مشاعة.
أما إذا كانت هذه الحقوق غير محددة ولم تبين المحكمة نصيب كل واحد من المتعرضين، فإنه يتعين في حالة عدم اتفاق الأطراف المعنية على تحديد نصيب كل واحد منهم إرجاع ملف المطلب إلى المحكمة قصد تحديد الحقوق المشاعة المحكوم بها طبقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 37 من الظهير المذكور.
خامسا : حالة الحكم بصحة تعرضين أو عدة تعرضات تتعلق بنفس الوعاء
يتعين هنا قبل التشطيب على هذه التعرضات دعوة المتعرضين إلى إمكانية متابعة إجراءات مسطرة التحفيظ بعد الإدلاء إما باتفاق بينهم تحدد فيه حصة كل واحد منهم أو بما يفيد تسوية وضعية التعرضات المنصبة على نفس الوعاء والكل تحت طائلة رفض مطلب التحفيظ كليا أو جزئيا طبقا لمقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري.
سادسا : التعرضات المتبادلة[84].
فإننا نميز بين حالتين وهما حالة التداخل الكلي، أو حالة التداخل الجزئي.
الحالة الأولى ( حالة التداخل الكلي) : يتعين التشطيب على التعرض المتبادل بمطلبي أو مطالب التحفيظ المعنية، ورفض مطلب أو مطالب التحفيظ الذي حكم القضاء بعدم صحتها طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من الفصل 37، وبعد ذلك البت في مطلب أو مطالب التحفيظ الذي حكم القضاء.
الحالة الثانية ( حالة التداخل الجزئي) : يتعين التشطيب على التعرض الناتج عن التداخل الجزئي بمطلبي أو مطالب التحفيظ المعنية، تم الرفض الجزئي لمطلب أو مطالب التحفيظ الذي حكم القضاء بعدم صحتها في حدود التداخل، وبعد ذلك البت في المطلب أو مطالب التحفيظ بعد استخراج الوعاء موضوع الرفض الجزئي، وفي الختام البت في مطلب أو مطالب التحفيظ التي حكم القضاء بصحة التعرض الناتج عن التداخل الجزئي لفائدتها[85].
وبخصوص الإجراءات المتعين اتخاذها بعد إحالة مطلب التحفيظ على المحافظة العقارية من طرف المحكمة، فترى محكمة النقض المغربية في أحد القرارات الحديثة لها أنه “… الفصلين 37 و 37 مكرر من قانون التحفيظ قد حصرا الإجراءات التي يتخذها المحافظ بعد إحالة ملف المطلب عليه من المحكمة في أمرين، إما قبول مطلب التحفيظ، وإما رفضه كليا أو جزئيا مع وجوب تعليل القرار في الحالة الأخيرة وتبليغه لطالب التحفيظ ، أما الإنذار بإتمام الحجج وانتظار إبداء الموقف فهي إجراءات غير قانونية ابتدعها المحافظ من أجل تبرير تماطله في البت في مطلب التحفيظ وبقاء الملف عنده مؤجلا بدون مآل لعدة سنوات بعدما قطع جميع أشواط التقاضي خلال سنوات عديدة، وأن ملف النازلة صدر فيه قرار قضائي نهائي برفض التعرض الذي كان قد انصب على المساحة الزائدة التي أظهرها المسح الطبوغرافي للقطعة موضوع مطلب التحفيظ بعلة العبرة بالحدود وليس بالمساحة، وبالتالي فإن هذا الحكم قد بت في استحقاقها واعتبرها مشمولة برسم الشراء، غير أن المحافظ تجاهل ذلك وعاد يناقش الشراء وكأنه يقدم إليه أول مرة وأرجع الطاعن إلى نقطة الصفر وأفرغ المرحلة القضائية من محتواها والقرار لما سايره في ذلك قد خرق قواعد الإثبات وأضر بمصالح الطاعن…”[86].
وبخصوص التعرضات الجزئية محل التعرض فمحكمة النقض ترى أنه “…. حيث صح ما عابه الطاعن على القرار ذلك أنه علل بأن ” المحكمة تمعنت في طلب دفاع طالب التحفيظ وجواب المحافظ عليه، فتبين لها أن دفاعه اقتصر في طلبه على موافاته بمآل مطلب التحفيظ ولم يضمنه بالمقابل أي مطالبة للمحافظ بضرورة اتخاذه قرارا بالتحفيظ، كما أن جواب المحافظ تضمن فقرتين متكاملتين أولاهما أن الأحكام القضائية الصادرة في موضوع التعرض قد تم تطبيقها بالتشطيب عليه بمقتضى الإيداع الهامشي، وثانيهما أن قرار التحفيظ تعذر اتخاذه بسبب عدم كفاية الحجج لكون المساحة الموثق لها في العقود أساس المطلب تقدر ب 15 أرا 96 سنتيارا بينما المساحة التي أظهرها التصميم تقدر ب 26 آر 54 سنتيارا، وقد تم إخبار طالب التحفيظ شخصيا بالأمر ولذلك فإن المحافظ تقيد بمضمون الطلب المتعلق بالمآل فبين للطالب أن حكم القانون قد تم تنفيذه بشأن الأحكام الصادرة بشأن التعرض بعد صيرورتها نهائية وأخبر الطالب بشأن الخلاف في المساحة كمانع مؤقت للتحفيظ الكلي وليس نهائي، وما يؤكد ذلك ثبوت اتخاذه لقرار بإنذار المستأنف بقصد تسوية الخلاف في المساحة، ولذلك فإن القرار النهائي بالرفض لم يتخذ وأن مسطرة التحفيظ لا زالت جارية ومتوقفة على ما سيبديه طالب التحفيظ بشأن الخلاف البين والشاسع في المساحة، ولما كان الأمر على نحو ما ذكر وكانت المطالبة القضائية لا تتعلق بإلزام المحافظ على العمل بما يقتضيه القانون من التحفيظ الجزئي للمساحة التي توثق لها حجة طالب التحفيظ فإنه لا سبيل إلى اعتبار جواب المحافظ بمثابة قرار ضمني بالرفض لأن الأمر مازال يتعلق بالإجراءات التي يوجب القانون على المحافظ التقيد بها ومن ضمنها التثبت من كفاية الحجج طبقا للفصل 30 من قانون التحفيظ العقاري لأن طالب التحفيظ يعتبر في نظر القانون طالبا اتجاه المحافظ وإنذاره بتسوية الخلاف في المساحة أمام المحكمة للمطالبة بإلغاء ما يعتبره المستأنف على غير صواب قرارا ضمنيا بالرفض واعتبار الحكم الذي سيصدر سند للملكية لكافة العقار موضوع المطلب والحال أن نظر المحكمة يقتصر على مدى مطابقة قرارات المحافظ للقانون” في حين أن المحافظ لما أجاب الطاعن بأنه يتعذر تأسيس رسم عقاري بسبب الفرق في المساحة بين ما هو مضمن برسم شرائه، وبين ما أسفرت عنه عملية التحديد مع أن هذا التفاوت في المساحة كان هو سبب التعرض الذي بتت فيه المحكمة بعدم الصحة، وأصبح الحكم بشأن ذلك حائزا لقوة الشيء المقضي به بعد صيرورة قرار محكمة الاستئناف مبرما بمقتضى قرار محكمة النقض … فإن جوابه المذكور هو تعبير عن رفض التحفيظ ولا يغير من طبيعته مطالبة الطاعن بتبرير الفرق في المساحة، والقرار لما اعتبر أن المحافظ لم يتخذ بعد قرارا في الموضوع لم يجعل لقضائه أساسا من القانون وجاء معرضا تبعا لذلك للنقض والإحالة.”[87]، وعليه فمسطرة التحفيظ تقرأ شموليا ولا يمكن الانتقال إلى مرحلتها القضائية دون استنفاذ جميع الإجراءات، والمساطر، وبناء على ذلك فلا يمكن للمحافظ العقاري التذرع بعلة ” تبرير الفرق في المساحة”، بعد رجوع الملف إليه والبت في التعرضات من طرف القضاء، فهاته العلة كان يجب معالجتها قبل الإعلان عن انتهاء التحديد عبر إنذار طالب التحفيظ بالإدلاء بالحجج والوثائق المبررة للفرق في المساحة، أو طلب تقليص المساحة عبر طريقة التحديد التكميلي حتى تتطابق آنذاك المساحة المصرح بها مع المساحة التي أظهرها التصميم العقاري وهو المقتضى الذي يحتويه الفصل 50 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تتميمه وتغييره، أما والمسطرة قد قطعت أشواطا مهمة وانتهت لا سواء في شقها الإداري والقضائي، فإن المحافظ وحالة ارتكانه ورجوعه لمعالجة خلل سابق فهو غير مقبول، وقد يتسم بالشطط في استعمال السلطة، وكل قرار في ذلك يعتبر غير مقبول تحت أي دفع أو علة.
أما إذا تعلق الأمر بالأحكام القضائية الصادرة بصحة التعرضات ضد مطالب تحفيظ العقارات الواقعة داخل منطقة ضم الأراضي الفلاحية بعضها البعض، فقد شكل هذا الموضوع محل خلاف في التطبيق بين محافظي المملكة، ولأجل توحيد العمل فقد تدخل المحافظ العام وأصدر دوريته عدد 404 والتي جاء في أهم المقتضيات الموجهة الصادرة فيها أنه:
1- ظهير الضم والمرسوم التطبيقي له ، لا يتضمنان أي مقتضى قانوني يتعلق بكيفية تطبيق الأحكام القضائية الصادرة بصحة التعرضات المضمنة بمطالب تحفيظ العقارات الواقعة بمناطق الضم، أما الفصل 17 من الظهير المذكور التي تنص على تأسيس الرسم العقاري للقطعة المضمومة، فإنها تتعلق بمطالب التحفيظ المثقلة بتعرضات وصدرت بشأنها أحكام قضائية نهائية لفائدة طالب التحفيظ أي بعدم صحة هاته التعرضات، وهو ما ينسجم مع الإشهار الذي يطال حقوق طالب التحفيظ، سواء من خلال تعليق البيان والتصميم التجزيئيين لدى السلطة المحلية أو نشر الإعلان عن ذلك بالجريدة الرسمية، أو من خلال البحث المتعلق بمشروع الضم، أو نشر مرسوم المصادقة عليه، بخلاف المتعرض الذي لا يشار إليه في الوثائق المذكورة إلا ضمن الملاحظات إذا أقام تعرضه خلال تلك المراحل، أو لا يشار إليه مطلقا إذا أقام تعرضه بعد توجيه مشروع الضم قصد المصادقة عليه بموجب مرسوم.
2- إن الفصل 20 من المرسوم التطبيقي للظهير الشريف المنظم لمسطرة الضم المذكور ينص على أنه يتم تقديم التعرضات ضد مطالب تحفيظ العقارات الواقعة بمناطق الضم وفقا للشروط المنصوص عليها في الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري، باستثناء أجل تقديم هذه التعرضات الذي ينتهي بانصرام أجل 6 أشهر يبتدئ من يوم نشر مرسوم المصادقة على مشروع الضم بالجريدة الرسمية، ومن ضمن هذه الشروط بطبيعة الحال شروط إيداع التعرضات والتنازل عنها وإلغائها والبت فيها من طرف القضاء…، ولما لا كيفية تطبيق الأحكام القضائية الباتة في التعرضات المنصوص عليها في الفصل 37 من الظهير المذكور.
3- إن تأسيس رسم عقاري للملك موضوع مطلب التحفيظ في اسم المتعرض استنادا للأحكام القضائية من شأنه حرمان الأغيار من إمكانية التعرض على الحقوق المحكوم بها، والإخلال تبعا لذلك بمبدأ الإشهار الذي يعد من المبادئ الأساسية لنظام التحفيظ العقاري.
4- إن المتعرض في مسطرة التحفيظ العادية لا يكتسب صفة طالب التحفيظ إلا بعد نشر خلاصة إصلاحية لمطلب التحفيظ المعني وفقا للفصل 83 من الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري، والأكيد أن الأحكام القاضية بصحة التعرضات المضمنة بمطالب تحفيظ العقارات الواقعة بمناطق الضم لا تُكسب وحدها المتعرض صفة طالب التحفيظ، مما يقتضي القيام بإجراء يكتسب بموجبه المتعرض هذه الصفة، ولا يمكن أن يتأتى ذلك إلا بواسطة نشر خلاصة إصلاحية.
5- إن نشر خلاصة إصلاحية لمطلب تحفيظ العقار الواقع بمنطقة الضم به تعرضات حكم القضاء بصحتها، لا يتعارض مع مقتضيات الفصل 17 من الظهير المنظم لمسطرة الضم، لأن هذا الأخير يتعلق بطالب التحفيظ الذي حكم القضاء لصالحة كما سلف القول، كما لا يتعارض بالضرورة مع الطابع الإجباري لمسطرة الضم، إذ يمكن نشر الخلاصة الإصلاحية مع الأخذ بعين الاعتبار الطابع الإجباري المذكور، ولعل هذا الأمر هو الذي دفع المشرع بموجب القانون رقم 8.79 الصادر بشأنه الظهير الشريف رقم 1.80.281 المؤرخ في 1980.12.17 المتعلق بمطابقة الرسوم العقارية ومطالب التحفيظ المتعلقة بالعقارات الواقعة بقطاعات “الكرازة وبني ملال” إلى التنصيص صراحة بموجب الفصل الثامن منع على أن الحقوق المتعلقة بالتعرضات التي حكم القضاء بصحتها بوجوب إشهارها بموجب خلاصة إصلاحية وفقا لمقتضيات الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري .
ولكل ذلك وأمام غياب مقتضيات قانونية خاصة تتعلق بكيفية تطبيق الأحكام القضائية الصادرة بصحة التعرضات المضمنة بمطالب تحفيظ العقارات الواقعة بمناطق الضم، فإنه من المتعين الرجوع للمقتضيات العامة المنصوص عليها في الفقرة الأخيرة من الفصل 37 من الظهير المتعلق بالتحفيظ العقاري، التي تنص على أن المحافظ على الأملاك العقارية يقوم بالإعلان عن الحقوق المحكوم بها وفق الشروط والشكليات المنصوص عليها في الفصل 83 من نفس الظهير، والكل في استحضار تام للطابع الإجباري لمسطرة الضم مع مراعاة باقي المقتضيات القانونية الأخرى، وكذا مع اعتبار أن مسطرة الخلاصة الإصلاحية والإعلان الجديد بانتهاء التحديد لا تستوجبان الأداء، وتباشر إما عن طريق يتقدم به المتعرض أو بصفة تلقائية من طرف المحافظ[88].
غير أن البعض يعيب على هذا التوجه والإجراء أنه مجرد استئناف للمسطرة العادية، والحال أن مسطرة الضم هي مسطرة استثنائية بصريح الفصل 9 من المرسوم رقم 2.62.240 الصادر في شأن تطبيق الظهير الشريف المتعلق بضم الأراضي الفلاحية القروية بعضها إلى بعض، ويترتب عن الخلاصة الإصلاحية في حالة اعتمادها ما يلي:
- فتح مسطرة عادية في منطقة تخضع لمسطرة استثنائية واستئناف المسطرة في اسم المتعرض عن طريق مطلب إصلاحي يعتبر في حد ذاته تقديم مطلب جديد للتحفيظ خارج نطاق ما هو مسطر في مسطرة الضم.
- الطابع الاختياري لمقتضيات الفصل 83 من ظهير التحفيظ العقاري بالنسبة للمتعرض.
- نشر جديد بالجريدة الرسمية في حين أن مسطرة الضم تقوم أساسا على نشر مرسوم المصادقة بالجريدة الرسمية لحصر أجل التعرضات.
- فتح أجل التعرض العادي من جديد (نشر الإعلان الجديد عن انتهاء التحديد) ولا يوجد أي نص في مسطرة الضم يسمح بفتح أجل جديد للتعرض العادي.
- جواز التعرض من جديد على المطلب الإصلاحي مع إمكانية الإحالة على القضاء وتمديد أمد المسطرة.
- إمكانية رفض مطلب التحفيظ أو إلغائه بالنسبة للمسطرة العادية، وهذا الإجراء لا تخضع له المطالب الخاضعة لمسطرة التحفيظ الإجباري.
ولأجل ذلك ظهر رأي آخر يقول بضرورة الاستناد إلى:
- مقتضيات الفصل 17 من ظهير الضم التي تنص على أن القطع الأرضية المضمومة والتي تكون موضوع تعرض لا يجوز تقييد اسم مالكها السابق في الرسم العقاري بصفته رب القطعة المخصصة له على وجه المعاوضة إلا إذا صدر لفائدته حكم نهائي.
- مقتضيات الفصلين 22 و23 من المرسوم التطبيقي لظهير الضم، التي تعطي الصلاحية للمحافظ على الأملاك العقارية في تأسيس الرسوم العقارية للقطع التي طلب تحفيظها، والتي لم يقدم بشأنها أي تعرض بعد انتهاء الأجل المنصوص عليه في ف 20 نظرا ل :
- الطابع الإلزامي لتلك المقتضيات بالنظر إلى الطابع الإجباري لمسطرة الضم كنص خاص.
- إمكانية التحفيظ التلقائي للقطع التي لم يقدم أصحابها مطلبا لتحفيظها بعد انصرام الأجل المنصوص عليه في الفصل 22 من المرسوم التطبيقي لظهير ضم الأراضي الفلاحية بعضها إلى بعض.
- اكتساب المتعرض بتاريخ سابق لإجراءات الضم للحقوق موضوع النزاع يتم تأكيدها بصدور الأحكام، طالما أن هذه الأخيرة تعلن عن هذه الحقوق ولا تنشئها لأول مرة، وهو ما يجعل المتعرض في مرتبة طالب التحفيظ الذي لم يقدم مطلب تحفيظه في الأجل، ويمكنه استنادا إلى نفس المطلب أن يطلب تأسيس الرسم العقاري في اسمه دون حاجة إلى أي إجراء آخر، يطيل المسطرة ويحول دون تحقيق الهدف المتوخى من مسطرة الضم التي تسعى لتحسين أساليب استغلال الأراضي الفلاحية بتصفية وضعيتها القانونية واستثمارها وإعداد البنيات الهيدروفلاحية للمنطقة المعنية، بعيدا عن إجراءات المسطرة العادية المتسمة بالبطء والاختيارية.
- عدم اشتراط التحقق من كفاية الحجج والاقتصار على شهادة إدارية للملك، تسلمها السلطة المحلية في حالة عدم توفر الطالب على حجج التملك في حين الافتقار إليها يوجب الرفض في المسطرة العادية.
وقد سبق للمحافظ العام على الملكية العقارية أن أبدى رأيا في الموضوع بموجب رسالته عدد 1451 الصادرة بتاريخ 12 ماي 1997، وذلك بتوجيه المحافظ على الأملاك العقارية طالب الاستشارة إلى أن عليه ” بناء على نفس المطلب والأحكام المتعلقة به ” تأسيس الرسم العقاري في اسم المتعرضين، وذلك بناء على مقتضيات الفصل 17 من ظهير الضم كما تم تعديله، وضمنيا 22 و 23 من المرسوم 2.62.24 الصادر بتاريخ 25/7/1962 كما وقع تعديله، ولا مجال هنا لتقاضي أية رسوم تطبيقا لمقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل الرابع من ظهير الضم كما تم تتميمه وتعديله[89].
والمتطلع لكيفية تطبيق الأحكام القضائية الصادرة في مناطق الضم ، يجد ذاك الاضطراب الذي يتسم بها، لاسيما أمام عدم وحدة موقف المحافظ العام وهو ما اتضح من خلال دوريته عدد 404 ، و طلب إبداء الرأي الذي وجه له، علما أننا نتحدث عن مؤسسة واحدة تعتبر هي الفقه الإداري في عمل المحافظات العقارية بالمغرب، ولا يسمح هنا بترك هذا الجانب ( تطبيق الأحكام في مناطق الضم) إلى القراءات المتعددة والمتشعبة والتي قد تتأرجح بين الاستناد إلى مسطرة الخلاصة الإصلاحية أو التطبيق دونها، ولأجل تفادي ذلك فندعو إلى تدخل تشريعي يوحد هذا المقتضى، وفي ذات السياق نستغرب إلى عدم تدارك هذا النقص في مسطرة التحفيظ الإجباري التي جاء بها في الفصل 51ـ1 إلى 51ـ19 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تتميمه وتغير، علما أن مسطرة الضم شكلت المرجع الأقرب لهذا التدخل.
وتبقى نقطة مهمة جديرة بالمناقشة وهي تلك المتعلقة بمدى خضوع عمليات التشطيب على التعرضات المستندة إلى أحكام قضائية صادرة في إطار المرحلة القضائية لمسطرة لأداء وجيبات المحافظة العقارية على ضوء مقتضيات البند “ي” من الباب الأول من المادة الأولى من المرسوم رقم 2.16.375 والمؤرخ في 18/7/2016 المحدد لتعريفة وجيبات المحافظة العقارية كما تم تغييره؟
في ذلك يرى المحافظ العام للمملكة أن إجراء التشطيب المذكور يقوم به المحافظ بكيفية تلقائية بعد إحالة الملف عليه من قبل المحكمة ، وما دام أن المرسوم المحدد لتعريفة وجيبات المحافظة العقارية لا ينص على تعريفة خاصة بالتشطيب التلقائي على التعرض استنادا إلى أحكام قضائية باتة في التعرضات، فإنه يتعين عدم إخضاع الإجراء لأداء وجيبات المحافظة العقارية وذلك على غرار ما هو معمول به بالنسبة للتشطيب التلقائي الذي يتم في إطار إصلاح الأخطاء المادية المتسربة إلى الرسوم العقارية، وكذا التشطيب التلقائي على التقييدات الاحتياطية بعد انصرام الآجال المتعلقة بها، وكذلك لعلة انحصار الوجيبة الثابتة المنصوص عليها في البند ” ي” من الباب الأول من المادة الأولى من المرسوم المحدد لتعريفة المحافظة العقارية في التشطيب المقدم من قبل المعني بالأمر والمستند إلى عقد رفع اليد عن التعرض بشكل إرادي عن التعرض[90].
الفرع الرابع: ضوابط تدخل القضاء في مسطرة التحفيظ
نصت الفقرة الثانية من الفصل 37 من ظ.ت.ع على أنه: “تبت المحكمة في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتملاته ونطاقه…”.
إن هذه الفقرة قزمت من دور القضاء في مجال يتعلق بأهم الحقوق المنصوص عليها دستوريا ، ألا وهو حق الملكية الأمر الذي يقتضي البحث عن ضوابط تدخل القضاء في مسطرة التحفيظ، من خلال تقسيم هذا الفرع إلى أربع فقرات على الشكل التالي :
الفقرة الأولى : ارتباط قاضي التحفيظ بما يحال عليه من طرف المحافظ من حيث أطراف الدعوى
الفقرة الثانية : صلاحية المحكمة للبت فقط ووجوبا في حدود التعرضات
الفقرة الثالثة :عدم صلاحية قضاء التحفيظ للفصل بين المتعرضين
الفقرة الرابعة :عدم صلاحية القضاء لتنفيذ الحكم الصادر في مادة التحفيظ
الفقرة الأولى: ارتباط قاضي التحفيظ بما يحال عليه من طرف المحافظ من حيث أطراف الدعوى
إذا كانت أطراف الدعوى في الدعاوى العادية يتم تحديدها في المقال الافتتاحي للدعوى، فإن أطراف نزاع التحفيظ تحدد مسبقا أمام جهاز إداري هو جهاز المحافظة، الذي يحيل الملف إلى المحكمة الابتدائية الكائن بدائرتها الترابية العقار، لتبقى هذه الأخيرة مقيدة بملف النزاع ،مما يطرح التساؤل حول مدة جواز التدخل لتصحيح المسطرة (أولا) وكذا التدخل في الدعوى في قضايا التحفيظ (ثانيا).
أولا : التدخل لتصحيح المسطرة
إن خصوصية المسطرة القضائية للتحفيظ العقاري، لا توجب تصحيح المسطرة أثناء سريان الدعوى، على أساس أن محكمة التحفيظ تبت في القضايا المعروضة عليها كما أحاله عليها المحافظ، إذ جاء في قرار للمجلس الأعلى[91] على أنه: “إن محكمة التحفيظ تبت في القضايا المعروضة عليها كما أحالها عليها المحافظ على الأملاك العقارية، وترجعها إليه بعد أن يصبح الحكم نهائيا لتنفيذ ما قضت به ويصحح الحالة الناشئة عن وفاة أحد أطراف الدعوى بطلب ممن يعنيهم الأمر. الفصل 117 من ق م م المتعلق بإدخال ورثة أحد أطراف الدعوى لا يطبق أمام محكمة التحفيظ التي يتعين عليها أن تبت في القضية المحالة عليها من طرف المحافظ…”.
غير أن هذا الموقف القضائي غير مبرر ، لكون الورثة ما هم إلا استمرار لمورثهم ومن ثمة من العدالة السماح لهم بالتدخل في الدعوى ، ليكونوا أطرافا فيها ، لأنه لا يعقل حسب الأستاذ عبد العزيز حضري[92]، أن تستمر المحكمة في نظر نزاع تحفيظ طرفه ميت ، لأن الميت لا يمكنه أن يباشر الإجراءات القضائية المسطرية للرد على دفاع ودفوع خصمه.
غير أن المجلس الأعلى نحى منحى آخر في احد قراراته[93]، حيث أصبح يطبق قواعد المسطرة المدنية بشأن مواصلة الدعوى في قضايا التحفيظ، إذ جاء في قرار له على أنه: “حيث صح ما عابه الطاعنون على القرار، ذلك أنه اقتصر في تعليله بقبول الاستئناف شكلا على كونه “جاء على الصفة والمصلحة ووفق الشروط المتطلبة قانونا” دون أن يرد صراحة على الدفع الذي تمسكوا به أمام المحكمة من كون الاستئناف غير مقبول شكلا لكونه وجه ضد موثهم والحال أنه متوفي حسب الثابت من مستندات الملف في المرحلة الابتدائية كما يتجلى من الخبرتين المنجزتين خلال هذه المرحلة، وكذا مذكرة الطاعنين بمواصلة الدعوى والمرفقة بإراثة مورثهم وأنه رغم ما لهذا الدفع من تأثير على الفصل في النزاع فإن القرار المطعون فيه لم يرد عليه بأي شيء الأمر الذي يجعله منعدم التعليل وغير مرتكز على أساس قانوني مما عرضه للنقض والإبطال”.
إن هذا الموقف القضائي جدير بالتأييد، ومع ذلك فإن بعض محاكم الموضوع مازالت متمسكة بعدم جواز تصحيح الدعوى في حالة الوفاة مثلا كلما تعلق الأمر بقضايا التحفيظ، إذ جاء في حكم للمحكمة الابتدائية ببركان[94] على أنه: “حيث إن مسطرة التحفيظ لا تخضع لمقتضيات قانون المسطرة المدنية ما عدا في الأحوال المنصوص عليها صراحة، وأن محكمة التحفيظ تختص في النزاع الذي يثيره المتعرضون ضد طالب التحفيظ…
وأنه إذا توفي طالب التحفيظ تستمر المحكمة في الإجراءات لتصدر حكمها بصحة التعرض أو عدم صحته”.
ثانيا:التدخل في الدعوى في قضايا التحفيظ
نظم المشرع مسطرة التدخل في الدعاوى العادية بمقتضى الفصول من 111 إلى 118 من ق.م.م، بالنسبة للمرحلة الابتدائية، وبمقتضى الفصل 144 من ق.م.م بالنسبة لمرحلة الاستئناف، وبمقتضى الفصل 377 من ق.م.م بالنسبة للتدخل أمام محكمة النقض، غير أنه بالرجوع إلى ظ.ت.ع يلاحظ أنه سكت عن تنظيم مسألة التدخل في الدعوى، الأمر الذي أثار خلافا قضائيا وفقهيا حول مدى جواز التدخل في قضايا التحفيظ.
فعلى مستوى القضاء لم يقبل المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) في أحد قراراته[95] التدخل في الدعوى سواء كان هجوميا أو انضماميا، إذ جاء في أحد قراراته على أنه “لكن ردا على الوسيلة أعلاه فإن الطاعنة لم تبين الإجراء المسطري الذي تم خرقه من جهة ومن جهة أخرى فإن أطراف النزاع في مسطرة التحفيظ تحدد أمام المحافظ في طلاب التحفيظ والمتعرضين والمحكمة لا تبت إلا في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرض ومحتواه ومداه وفقا لما ينص عليه الفصلان 37 و45 من ظهير 12/08/1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري الواجب التطبيق لأنه قانون الشكل والموضوع، ومسطرة التدخل الاختياري سواء هجوميا أو انضماميا لم ترد في هذا القانون بعدما حصر المشرع أطراف النزاع في الفصلين أعلاه، وبذلك فإن القرار المطعون فيه حين رد دعوى التدخل الاختياري بعلة أن دعوى التدخل الاختياري المقدمة من طرف… غير مقبول ذلك أن دعاوى التحفيظ العقاري هي دعاوى خاصة أفرد لها المشرع قانونا خاصا ،له علاقة بالنظام العام تثار مخالفته تلقائيا، هذا القانون يشمل قانون الإجراءات الشكلية والموضوعية بمنأى عن تطبيق قانون المسطرة المدنية إلا في الحالات التي يحيل فيها قانون التحفيظ العقاري على قانون المسطرة المدنية ولا وجود بالقانون المذكور لنص قانوني يحيل على الفصل 111 من قانون المسطرة المدنية المتعلق بالتدخل الاختياري…
فإنه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار غير خارق لإجراءات المسطرة المدعى خرقها…”
بينما اعتبر القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بوجدة[96] أن التدخل غير مسموح به في مسطرة التحفيظ إلا إذا كان لتأييد أحد أطراف الدعوى، أي ميز بين التدخل الهجومي الذي لا يكون مسموحا به، لأن المتدخل هنا يلزمه سلوك مسطرة التعرض، والتدخل الانضمامي الذي يكون مسموحا به لأنه يرمي فقط إلى تعزيز مزاعم أحد الأطراف، إذ جاء فيه: “وحيث إن مقالات التدخل لا تقبل أمام هذه المحكمة إلا إذا كانت ترمي إلى تأييد مزاعم الخصوم أو ذوي الحقوق أو خلف الخصوم، أو المشتريين أو الدائنين، والمرتهنين، كما ينص على ذلك الفصل 42 من ظهير التحفيظ وبما أن تدخل السيد (…) لا يرمي إلى تأييد مزاعم أي متعرض هنا أو طالب التحفيظ فإن تدخله لا يكون مقبولا لأنه يطالب لنفسه بكافة الملك حسب مقال التدخل…”.
وجاء في حكم لابتدائية الناظور أنه ” حيث إن المقرر قضاء أنه يجوز التدخل في مسطرة التحفيظ لتأييد إدعاء أحد الأطراف، لذا وجب قبول التدخل الانضمامي شكلا”[97].
كما أن المحكمة الابتدائية لبركان اعتبرت على أنه “… وحيث إن تدخلهم الإرادي انضمامي للأطراف لا هجومي مما يكون معه طلبهم مؤسسا ولا يتعارض مع طبيعة دعوى التحفيظ مما يستدعي قبوله”[98].
وبالنسبة لهذا الحكم الأخير فقد تم الطعن فيه بالاستئناف فصرحت استئنافية وجدة على أنه: “… وحيث عاب المستأنف على الحكم أنه قضى بقبول تدخل تعاونية الوحدة للسكنى في الدعوى بالرغم من كونها ليست طالبة للتحفيظ ولا متعرضة خلاف ما تقتضيه مسطرة التحفيظ، لكن حيث إن تدخل تعاونية الوحدة للسكنى كان إجرائيا ليس إلا بوصفها خلفا خاصا لطالب التحفيظ … فاقتصر تدخلها شكليا انضمامي ، لأن المنازعة قد فصل فيها الحكم المطعون فيه مابين المتعرضين وطالبي التحفيظ ليس إلا، الشيء الذي لا ضير منه ولا مصلحة في إثارة هذا من طرف المستأنف ضمن أسباب استئنافه…”[99].
وهو ما لقي تأييدا على مستوى بعض الفقه[100] الذي اعتبر التدخل المسموح به في نزاعات التحفيظ هو التدخل ألانضمامي الذي يهدف من خلاله المتدخل مؤازرة أحد أطراف الدعوى، أما التدخل الهجومي الذي يهدف من خلاله المتدخل الحكم له بطلبات مستقلة فيعد غير مقبول على الإطلاق ،لأنه ما جدوى تنظيم مسطرة التعرض وتحديد آجال ممارستها إذا كان بإمكان أي كان التدخل في نزاع التحفيظ خارج هذه المسطرة.
بينما اعتبر الأستاذ عبد العزيز حضري[101]، أن ما يقضي به الفصل 29 من ظ.ت.ع قبل التعديل بالقانون رقم 14.07، من إمكانية قبول التعرض خارج الأجل من قبل وكيل الملك ، ما هو إلا تدخلا بالمفهوم المسطري لهذا الإجراء، لأنه يقع بعد وضع المحكمة الابتدائية يدها على النزاع، وبالتالي فالتعرض خارج الأجل بناءا على قرار وكيل الملك هو بمثابة تدخل هجومي.
إلا أننا نعتقد أنه لا مجال للتدخل الهجومي في قضايا التحفيظ بعد التعديل الذي عرفه الفصل 29 من ظ.ت.ع بالقانون رقم 07/14 الذي سحب الإمكانية المخولة لوكيل الملك بفتح أجل استثنائي للتعرض، لتبقى حسب وجهة نظرنا إمكانية فقط للتدخل الانضمامي في قضايا التحفيظ.
الفقرة الثانية: صلاحية المحكمة للبت فقط ووجوبا في حدود التعرضات.
نصت الفقرة الثانية من الفصل 37 من ظ.ت.ع على أنه: “تبت المحكمة في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتملاته ونطاقه وتحيل الأطراف للعمل بقرارها، بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقضي به على المحافظ على الأملاك العقارية الذي له وحده النظر في قبول أو رفض مطلب التحفيظ كلا أو بعضا مع الاحتفاظ بحق الطعن المنصوص عليه في الفصل 37 مكرر”.
إن هذه الفقرة حددت الإطار الذي يمارس فيها القضاء اختصاصاته أثناء البت في دعوى التعرض وهو وجود الحق وطبيعته ومشتملاته ونطاقه، أي أن المحكمة تبت فقط ووجوبا في حدود التعرضات ولا صلاحية لها للتقرير بشأن مطلب التحفيظ، وطالما لا وجود لمقال افتتاحي لدعوى التعرض، فإن القضاء يبقى ملزما بالبت في التعرض بالصيغة التي أحيل بها إليه من طرف المحافظ والمحددة في شهادة التعرض[102] بحيث لا يجوز له تغيير نطاق التعرض، فلو طالب المتعرض أمام المحافظ بقطعة مفرزة أي تعرضا جزئيا، فلا يجوز له أن يطالب أمام القضاء بتعرض على حقوق مشاعة ، كما لا يجوز توسيع نطاق التعرض أمام القضاء فلو طالب المتعرض أمام المحافظ بجزء فقط من الملك موضوع مطلب التحفيظ، فلا يجوز له أن يطالب بتعرض كلي أمام القضاء ،وهو ما كرسه المجلس الأعلى في أحد قراراته[103] إذ جاء فيه: “…لكن حيث إنه ردا على الوسيلتين معا، فإن التعرض هو بمثابة دعوى يحدد موضوعها أمام المحافظ وأنه بالرجوع إلى صك التعرض يتبين أن الطاعن يقصر تعرضه على المطالبة بحقوق مشاعة ولا ذكر لحق المرور به…”.
غير أن تقييد المحكمة بنطاق التعرض وإن كان يمنعها من قبول توسيع نطاق التعرض، فإنه لا يمنعها من تقليصه إذا رغب في ذلك المتعرض، ويفسر ذلك بالتنازل الجزئي عن التعرض والذي يدخل في إطار الصلح بين الخصوم أمام القضاء[104].
وإذا كانت الفقرة الثانية من الفصل 37 من ظ.ت.عقد حصرت اختصاص محكمة التحفيظ في البث فقط في التعرض، فهل معنى ذلك أنه من حق المحكمة النظر في الجوانب الشكلية للتعرض؟
جاء في قرار للمجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض) على أنه[105]: “لكن ردا على الأسباب مجتمعة لتداخلها فإن مسألة قبول التعرض على مسطرة التحفيظ العقاري سواء من حيث الأجل أو صفة المتعرض أو أداء الوجيبة القضائية ورسم الدفاع أو تقديم الرسوم والوثائق المؤيدة للتعرض كل ذلك يدخل في نطاق صلاحيات المحافظ على الأملاك العقارية، وأن المحكمة تقيدت بالفصل 37 من ظهير 1913 وذلك حينما بتت في موضوع الحق المدعى به”، وجاء في قرار آخر “…. إن ما كان معروضا على المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه كمحكمة تحفيظ هو البت في التعرض على المطلب المعروض عليها من طرف المحافظ حسب محضر تعرض الطاعنة الذي قبل من طرف المحافظ…، وإنما عندما لم تبت في هذا التعرض بعلة أن مقال تدخل الطاعنة في الدعوى غير مقبول مع أن المقال المذكور جاء تأييدا لتعرض الطاعنة، فإنما خرقت الفصل 37 من قانون التحفيظ في قرارها، وعرضا للنقض.”[106].
وجاء في قرار آخر، على أنه[107] “لكن ردا على السببين معا لتداخلهما، فإن قبول التعرض أو عدم قبوله يعود للمحافظ… وأن المحكمة المحال عليها مطلب التحفيظ المسجل بشأنه تعرض لا تتوفر على صلاحية مناقشة الجانب الشكلي للتعرض سواء ما يتعلق بالأجل أو غير ذلك، وإنما ينحصر دورها ووفق ما حدده الفصل 37 من نفس الظهير في البت في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرض ونوعه ومحتواه ومداه، وهذا كله يتعلق بجوهر النزاع الذي هو من صميم صلاحية المحكمة المعروض عليها ذلك…”.
وجاء في قرار آخر لمحكمة النقض المغربية ” حيث يعيب الطاعنون القرار فيها بخرق الفصل 14 من القانون العقاري الذي ينص على ” يقدم طالب التحفيظ مع طلبه جميع رسوم التملك والعقود والوثائق العمومية والخصوصية وكل مستندات التي من شأنها أن تعرف بالحقوق العينية المقررة على العقار” فيكون القانون ألزم على صيغة الوجوب طالب التحفيظ بإثبات ملكية العقار المطلوب تحفيظه، إلا أن ذلك لم يحصل وهو ما أثاره الطاعنون أمام محكمة الاستئناف إلا أن هذه الأخيرة جعلت عبء الإثبات على عكس ما يقره الفصل 14 المذكور.
لكن، حيث إن الفصل 14 المذكور يتعلق بإجراءات مسطرة التحفيظ أمام المحافظة العقارية، و أنه بمقتضى الفصل 37 من قانون التحفيظ إنما تبت المحكمة في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرض ونوعه ومحتواه ومداه وأن عبء الإثبات بذلك يقع على عاتق المتعرض، ولا يمكن الانتقال إلى مناقشة حجج طالب التحفيظ إلا إذا أدلى المتعرض بحجة قوية، وأن محكمة الاستئناف سارت على هذا النهج فجاء بذلك قرارها غير خارق للفصل المحتج به والوسيلة بالتالي على غير أساس.”[108].
وهو نفس التوجه الذي اتبعته محكمة الاستئناف بالعيون، التي جاء في أحد قراراتها: “إن التعليل الذي أورده الحكم الابتدائي سليم من الناحية الواقعية والقانونية ذلك أن المحكمة لا تبث في التعرض إلا من حيث وجود الحق من عدمه، أما ما عدا ذلك وما يتعلق بآجال التعرض فهي من اختصاص السيد المحافظ على الأملاك العقارية…”[109].
الفقرة الثالثة: عدم صلاحية قضاء التحفيظ للفصل المتعرضين
إذا كان الفصل 37 من ظ.ت.ع حدد اختصاص محكمة التحفيظ في البت في جوهر نزاع التحفيظ، فإن القضاء استنبط من هذا الفصل قاعدة مفادها أن المحكمة تبت في النزاع القائم بين المتعرض وطالب التحفيظ، ومن تم لا صلاحية للقضاء للفصل بين المتعرضين ، إذ جاء في قرار للمجلس الأعلى على أنه[110] : “إن محكمة التحفيظ وبمقتضى الفصل 37 من ظهير التحفيظ لا تنظر في النزاعات القائمة بين المتعرضين، ولكن في النزاعات القائمة بين طالب التحفيظ من جهة و المتعرض من جهة أخرى وأن المحكمة التي قضت بعدم قبول استئناف المتعرض ضد متعرضين آخرين تكون قد طبقت القانون”.
إن هذه القاعدة ستؤدي إلى استمرار نزاع التحفيظ إلى ما لا نهاية، لأن الحكم الصادر لن يحوز حجية الشيء المقضي به بين المتعرضين، بل فقط فيما بين المتعرض وطالب التحفيظ، لذلك تجاوز الفصل 37 من ظ.ت.ع بعد التعديل بالقانون رقم 07/14 هذه القاعدة، بعدما نص على أن المحكمة تبين في حكمها الحقوق المحكوم بها لفائدة كل متعرض ،ومن ثمة فإن قضاء التحفيظ سيكون ملزما بالفصل بين المتعرضين، وهذا مقتضى إيجابي لاشك أنه سيؤدي إلى حسم نزاع التحفيظ ،وتفادى اللجوء إلى القضاء مرات ومرات من أجل نزاع واحد، كان بالإمكان حسمه بحكم يفصل بين جميع أطراف النزاع ،كما أن هذا التعديل سيؤدي إلى تجاوز بعض صعوبات تطبيق الأحكام الصادرة في قضايا التحفيظ، والتي كان مردها قاعدة عدم جواز الفصل بين المتعرضين ،حيث إن المحكمة كانت تحكم بصحة تعرض متعرضين أو أكثر ضد طالب التحفيظ.
الفقرة الرابعة: عدم صلاحية القضاء لتنفيذ الحكم الصادر في مادة التحفيظ
نص الفصل 429 من ق.م.م على أنه: “تنفذ الأحكام الصادرة من محاكم المملكة في مجموع التراب الوطني بناء على طلب من المستفيد من الحكم أو من ينوب عنه.
يتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أو إذا اقتضى الحال وفقا لمقتضيات الفصل 439 من هذا القانون…”
انطلاقا من هذا النص فإن تنفيذ الأحكام الصادرة في القضايا العادية يتم بواسطة كتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم، غير أنه بالرجوع إلى نزاع التحفيظ فإن تنفيذ الأحكام الصادرة في التعرضات يتم من طرف المحافظ العقاري، ومن ثم فإن القضاء يقتصر على البت في التعرض دون التقرير في صحة مطلب التحفيظ الذي يتخذ بشأنه المحافظ ما يراه مناسبا، وهو ما أكده المجلس الأعلى في أحد قراراته[111] إذ جاء فيه: “… فإن القرار لا يمكن ان يعاب بتناقض الحيثيات لأن قضاة الموضوع لم يحكموا بصحة مطلب التحفيظ… التي لا تدخل في اختصاصهم والتي هي من اختصاص المحافظ…”.
ومنع المحكمة من تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في موضوع التعرضات، هو نزع لسلطة القضاء في تنفيذ الأحكام، وتأكيدا لإدارية مسطرة التحفيظ[112]، وهو ما أثار حفيظة إحدى الباحثات[113] التي أكدت على أنه ينبغي أن يمنح القاضي صلاحيات أوسع حين محاولته الفصل في ملف التعرض، وذلك ليكون له دور بارز في مآل مطلب التحفيظ وكذا في التعرض.
وتنفيذ الحكم الصادر في نزاع التحفيظ من طرف المحافظ يختلف بحسب ما إذا كان الحكم يقضي بصحة التعرض أو بعدم صحته كما يختلف بحسب نوع التعرض[114].
ومسألة تنفيذ الحكم من طرف المحافظ شهدت مستجدا من خلال الفصل 37 ظ.ت.ع بعد التعديل بالقانون رقم 14.07 حيث في حالة الحكم بصحة التعرض يكتفي المحافظ بنشر خلاصة إصلاحية طبقا للفصل 83 من ظ.ت.ع باسم المتعرض المحكوم له بصحة تعرضه ،وبذلك يكون المشرع قد تفادى ما تم التنصيص عليه في الفصل 37 من ظ ت ع قبل التعديل بالقانون المذكور أعلاه ،حيث كان يمنح الخيار للمتعرض الذي قضى الحكم بصحة تعرضه ،إما أن يسلك مسطرة الفصل 37 المذكور،أو لا يسلكها مما يعيد العقار إلى مرحلة ما قبل التحفيظ، أي عقار غير محفظ، مما لا يساهم في تعميم نظام التحفيظ
[1] – راجع الموضوع مفصلا : مصطفى الكيلة، خصوصيات المسطرة في قضايا التحفيظ العقاري، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار كلية الحقوق، جامعة محمد الأول بوجدة الموسم الجامعي 2009-2010، ص 186 وما بعدها .
– سعاد آيت بلخير ، قرارات المحافظ على الملكية العقارية بين إمكانية الطعن وحق التعويض، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار ،كلية الحقوق ، جامعة محمد الأول بوجدة ،الموسم الجامعي 2003/2004، ص 6 وما بعدها.
– فاطمة الداودي، تداخل الاختصاص بين قاضي التحفيظ والمحافظ العقاري بشأن مسطرة التحفيظ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار ، كلية الحقوق، جامعة محمد الأول بوجدة، السنة الجامعية 2005-2006، ص 54 وما بعدها .
[2]– عبد العالي بن محمد العبودي، نظام التحفيظ العقاري وإشهار الحقوق العينية بالمملكة المغربية، الطبعة الأولى، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء 2003، ص67.
[3]– محمد المدوبي الإدريسي، من أجل مراقبة عمل المقرر، مقال منشور بمجلة الإشعاع، العدد 12 السنة السابعة، يونيو 1995، ص 115.
[4]– محمد خيري، حماية الملكية العقارية ونظام التحفيظ العقاري بالمغرب، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الثالثة 1997، ص227.
[5]ــ في ذلك أنظر : سمير أفلاح، دور القاضي أو المستشار المقرر في مسطرة التحفيظ ــ مرحلة التحقيق نموذجا- ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، ماستر العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول بوجدة، السنة الجامعية 2015/2016 ، ص 25 وما بعدها.
[6]– قرار المجلس الأعلى عدد 196 صادر بتاريخ 15/1/2002 في الملف رقم 2647/1/1/01 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد59-60، ص36 وما بعدها.
– قرار المجلس الأعلى عدد 90 صادر بتاريخ 6/1/1999 في الملف رقم 3906/95 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 53-54، ص25 وما بعدها.
[7]– ينص الفصل 34 من ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمتمم بالقانون رقم 14.07 على ما يلي: “يعين رئيس المحكمة الابتدائية فور توصله بمطلب التحفيظ قاضيا مقررا يكلف بتحضير القضية للحكم واتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لهذه الغاية، ويمكن للقاضي المقرر على الخصوص إما تلقائيا وإما بطلب من أحد الأطراف أن ينتقل إلى عين العقار موضوع النزاع ليجري بشأنه بحثا أو يطبق عليه الرسوم كما يمكنه بعد موافقة رئيس المحكمة أن ينتدب لهذه العمليات قاضيا آخر.
ويراعي حينئذ القاضي المقرر أو القاضي المنتدب من طرفه القواعد المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية.
ويمكنه إن اقتضى الحال طلب مساعدة مهندس مساح طبوغرافي محلف من جهاز المسح العقاري، مقيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، بعد الاتفاق مع المحافظ على الأملاك العقارية على تعيينه وعلى تاريخ انتقاله إلى عين المكان.
ويحدد، من جهة أخرى، المبلغ الذي يجب أن يودعه المعني بالأمر حسب الأشغال التي ستنجز والتعويضات التي تقتضيها.
ويمكنه كذلك أن يتلقى جميع التصريحات أو الشهادات، ويتخذ جميع الإجراءات التي يراها مفيدة لتحضير القضية، ويستمع بالخصوص إلى الشهود الذين يرغب الأطراف في الاستماع إليهم”.
[8]- عبد العالي بن محمد العبودي، مرجع سابق، ص 76.
[9] – محمد خيري، مرجع سابق، ص 235.
[10]– عبد العالي بن محمد العبودي، مرجع سابق، ص77.
[11]- قرار محكمة النقض عدد 10 و الصادر بتاريخ 06 يناير 2015 في الملف المدني عدد 2014/1/1/4159، والمنشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض سنة 2015، مرجع سابق، ص 74.
[12]– قرار محكمة النقض عدد 277 و الصادر بتاريخ 05 ماي 2015 في الملف المدني عدد 2014/1/1/6232، والمنشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض سنة 2015، مرجع سابق، ص 76.
[13]– قرار محكمة النقض عدد 1/265 المؤرخ في 07/06/2016 في الملف المدني عدد 2015/1/1/3100 ( غير منشور).
[14]– محمد خيري، مرجع سابق، ص 250.
[15]– قرار المجلس الأعلى عدد 3174 صادر بتاريخ 16/10/2002، في الملف رقم 1613/1/1/2002 (غير منشور).
[16] – قرار المجلس الأعلى عدد 2838 صادر بتاريخ 6/10/2004، في الملف رقم 3365/1/1/2003 (غير منشور).
[17] – قرار المجلس الأعلى عدد 3033 صادر بتاريخ 26/9/2007، في الملف المدني عدد 2714/1/1/2005 (غير منشور).
[18] – انظر في نفس الاتجاه:
– قرار المجلس الأعلى عدد 58 صادر بتاريخ 22/1/1998، في الملف رقم 1321/5/3/1993 (غير منشور).
[19]ـــ القرار عدد 1488 الصادر عن الغرفة المدنية ( القسم الرابع) في الملف المدني عدد 3723/1/4/05، بتاريخ 02/5/2007 (غير منشور).
[20]– عبد العالي بن محمد العبودي، مرجع سابق، ص 87.
– محمد خيري، مرجع سابق، ص 252.
[21] – تنص الفقرة الأولى من الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري كما عدل بالقانون رقم 14.07 على ما يلي: “عند افتتاح المناقشات يعرض القاضي المقرر القضية ويعين المسائل التي تتطلب حلا دون أن يبدي أي رأي ثم يقع الاستماع إلى الأطراف ويقدم ممثل النيابة العامة إن اقتضى الحال مستنتجاته، ثم يفصل في القضية إما في الحين وإما بعد المداولة”.
[22]– محمد خيري، مرجع سابق، ، ص 252.
[23]– ينص الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية على أنه: “يتعين على القاضي أن يبت في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات ويبت دائما طبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك بصفة صريحة”.
[24] – قرار المجلس الأعلى عدد 892 صادر بتاريخ 24/3/2004 في الملف رقم 2386/1/1/2002 ( غير منشور).
[25]– القرار عدد 3083 الصادر بتاريخ 2004/10/27 الصادر في الملف المدني رقم 2004/3695، وارد بكتاب ” مقتضيات التحفيظ العقاري على ضوء قرارات المجلس الأعلى” الصادر عن المجلس الأعلى سابقا ( محكمة النقض حاليا)، مرجع سابق، ص 35 .
[26]– قرار محكمة النقض عدد 184 و الصادر بتاريخ 01 أبريل 2014 في الملف المدني عدد 2013/1/1/5826، والمنشور ،بالتقرير السنوي لمحكمة النقض سنة 2015، مرجع سابق، ص 60.
[27] – قرار محكمة النقض عدد 4499 و الصادر بتاريخ 18 أكتوبر 2011 في الملف المدني عدد 2009/1/1/2856، والمنشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض سنة 2015، مرجع سابق، ص 69.
[28] – قرار محكمة الاستئناف بوجدة رقم 332 الصادر بتاريخ 13/11/2014 في الملف عدد 29//1402/2014 ( غير منشور)
[29] – نشير كذلك إلى أنه من بين قواعد الفصل في التعرض التي كان قد استقر عليها الاجتهاد القضائي قبل دخول القانون رقم 07-14 حيز التنفيذ قاعدة عدم صلاحية المحكمة للبت ما بين المتعرضين، وهذا ما أكدته مجموعة من قرارات المجلس الأعلى نذكر منها:
– قرار عدد 126 صادر بتاريخ 5/3/1969 ( رقم الملف غير موجود) منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى المادة المدنية 1966-1982، ص26 وما بعدها.
– قرار عدد 242 صادر بتاريخ 13/5/1970 ( رقم الملف غير مذكور) منشور بمجموعة قرارات المجلس الأعلى 1966، 1982، ص263 وما بعدها.
– قرار عدد 1983 صادر بتاريخ 13/6/1988 في الملف المدني عدد 127 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 44، ص 5 وما بعدها.
– قرار عدد 4577 صادر بتاريخ 12/10/1999 في الملف رقم 3786/94 أورده عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ العقاري 1991-2002، ص43 وما بعدها.
– قرار عدد 2090 صادر بتاريخ 29/5/2001 في الملف عدد 27/01 منشور بالتقرير السنوي للمجلس الأعلى سنة 2001، ص 92-93.
[30] – قرار محكمة الاستئناف بوجدة رقم 83/1844 الصادر بتاريخ 10/05/1983 في الملف عدد 1112/82 ( غير منشور)
[31]– القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بوجدة تحت رقم 207 بتاريخ 05/06/2014 في الملف رقم 171/1401/11 (غير منشور).
[32] – قرار محكمة النقض عدد 90 و الصادر بتاريخ 12 فبراير 2013 في الملف المدني عدد 2320/1/1/2012، والمنشور ،بالتقرير السنوي لمحكمة النقض، والمعنون ب ” القضاء رأسمال لا مادي وطني ” 2015، مرجع سابق، ص 39.
[33] – قرار محكمة النقض عدد 55 و الصادر بتاريخ 12 يناير 2013 في الملف المدني عدد 2932/1/1/2012، والمنشور ،بالتقرير السنوي لمحكمة النقض، مرجع سابق، ص 39.
[34] – قرار محكمة النقض عدد 13 والصادر بتاريخ 08 يناير 2013 في الملف المدني عدد 561/8/1/2012، والمنشور ،بالتقرير السنوي لمحكمة النقض، والمعنون ب ” القضاء رأسمال لا مادي وطني ” 2015، مرجع سابق، ص 39.
[35] – قرار محكمة النقض عدد 2286 والصادر بتاريخ 17 ماي 2011 في الملف المدني عدد 2009/1/1/3127، والمنشور ،بالتقرير السنوي لمحكمة النقض، والمعنون ب ” القضاء رأسمال لا مادي وطني ” 2015، مرجع سابق، ص 45.
[36] – القرار عدد 8/410 الصادر عن الغرفة المدنية ( القسم الثامن) بتاريخ 18/7/2017 في الملف المدني عدد 2016/8/1/3380 ( غير منشور).
[37] – قرار محكمة النقض عدد 64 والصادر بتاريخ 05 فبراير 2013 في الملف المدني عدد 2012/8/1/502، والمنشور،بالتقرير السنوي لمحكمة النقض، والمعنون ب ” القضاء رأسمال لا مادي وطني ” 2015، مرجع سابق، ص 48.
[38] – قرار المجلس الأعلى عدد 6366 صادر بتاريخ 20/12/1995 في الملف المدني عدد2190/93 و3449/93 (غير منشور).
[39] – أنظر الفصل 37 من ظ.ت.ع بعد تعديله بالقانون رقم 07-14.
[40] – أنظر الفصل 37 من ظ.ت.ع قبل تعديله بالقانون رقم 07-14.
[41] – محمد خيري: مرجع سابق، ص255.
[42] – محمد خيري، مرجع سابق، ص255.
[43]– كمال عونة، تنفيذ المحافظ على الأملاك العقارية للمقررات القضائية ــ بين تطبيق القواعد العامة والخاصة وعلى ضوء مستجدات القانون رقم 14ــ07- أطروحة لنيل الدكتوراه في شعبة القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2013/2012، الصفحة 141 و 142.
[44]- القرار عدد 545 الصادر بتاريخ 29 سبتمبر 1976، في الملف المدني رقم 50843، والمنشور بكتاب ” مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري على ضوء قرارات المجلس الأعلى” 2009، مرجع سابق، ص 39.
[45] – عبد العلي محمد العبودي، مرجع سابق، ص91.
[46] – يتم التبليغ بناء على أحكام الفصول 37 و38 و39 من قانون المسطرة المدنية.
[47] – عبد العزيز حضري، استئناف الأحكام المدنية في التشريع المغربي، الجزء الأول ــ حق الاستئناف، الطبعة الأولى، مطبعة الأمنية الرباط، 2009، ص 5.
[48] – تنص الفقرة الثانية من الفصل 141 من قانون المسطرة المدنية كما تم تعديلها بمقتضى القانون رقم :35.10 والمنشور بالجريدة الرسمية عدد : 5975 بتاريخ 6 شوال 1432 موافق 5 شتنبر 2011 ص : 4388 على مايلي : ” يثبت وضع المقال بكتابة الضبط في سجل خاص ويوجه مع المستندات المرفقة به دون مصاريف حسب الأحوال إلى :
– غرفة الاستئناف بالمحكمة الابتدائية إذا كان الحكم المستأنف يدخل في نطاق أحكام البند الأول من الفصل 19 أعلاه.
– كتابة ضبط محكمة الاستئناف المختصة إذا كان الحكم يدخل في نطاق أحكام البندين الثاني والثالث من الفصل 19 أعلاه…” .
[49] – تنص الفقرة الثالثة من الفصل 142 من قانون المسطرة المدنية كما تم تعديلها بمقتضى القانون رقم 35.10 على أنه :” إذا لم تقدم أية نسخة أو كان عدد النسخ غير مساو للأطراف تطلب كتابة الضبط من المستأنف أن يدلي بهذه النسخ داخل عشرة أيام ويدرج رئيس المحكمة الابتدائية أو الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف القضية بعد مرور الأجل في الجلسة التي يعينها وتصدر المحكمة المرفوع إليها الاستئناف حكما أو قرارا بالتشطيب “.
[50] – عبد العزيز حضري، القانون القضائي الخاص، مطبعة دار الجسور، الطبعة الثانية 2000 ، ص 213.
[51] – سعاد بن جاني، مدى مساهمة الاجتهاد القضائي في تطوير نظام التحفيظ العقاري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار كلية الحقوق، جامعة محمد الأول بوجدة، الموسم الجامعي 2004-2005، ص54.
[52]– محمد خيري، مرجع سابق، ص271.
[53] – للتفصيل أكثر راجع:
– محمد خيري، مرجع سابق، ص272.
[54] – محمد خيري، مرجع سابق، ص277.
[55]– قرار محكمة النقض عدد 15 الصادر بتاريخ 06/1/2015 في الملف المدني عدد 4037/1/1/2014، منشور بالتقرير السنوي لمحكمة النقض ” القضاء رأسمال لا مادي وطني 2015، مرجع سابق، ص 76.
[56] – يمكن القول على أن المستشار المقرر له نفس الصلاحيات المخولة للقاضي المقرر والتي سبقت الإشارة إليها والتفصيل بشأنها.
[57] – ينص الفصل 44 من ظهير التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 14.07 على ما يلي: “عندما يرى المستشار المقرر أن القضية جاهزة يخبر أطراف النزاع في عناوينهم المختارة باليوم الذي ستعرض فيه بالجلسة وذلك قبل خمسة عشر يوما”.
[58] -قرار المجلس الأعلى عدد 4914 صادر بتاريخ 19/12/2000 في الملف المدني رقم 00604 أورده عبد العزيز توفيق: قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ العقاري 1991-2002، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ، الطبعة الأولى 2003ص 80 وما بعدها.
[59] – قرار المجلس الأعلى عدد 5406 صادر بتاريخ 15/9/1998 في الملف المدني عدد 1770/96 منشور بمجلة رسالة المحاماة عدد 21، ص 121 وما بعدها.
[60] – قرار المجلس الأعلى عدد 3488 صادر بتاريخ 1/12/2004 في الملف 3450/1/1/2003 (غير منشور) انظر في هذا الخصوص قرارات المجلس الأعلى التالية:
– قرار عدد 549 صادر بتاريخ 11/7/1996 في الملف عدد 76-95 ( غير منشور).
– قرار عدد 437 صادر بتاريخ 15/11/1995 في الملف عدد 293/5/1/95 ( غير منشور).
[61] – قرار المجلس الأعلى عدد 2084 صادر بتاريخ 30/6/2004 في الملف رقم 1466/1/1/2003 ( غير منشور).
[62] – محمد عتيق، محمد عتيق، دور النيابة العامة في التحفيظ العقاري، مقال منشور بندوة المنازعات العقارية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، ص272-273.
[63] – راجع الفقرة الأولى من الفصل 45 من ظهير التحفيظ العقاري والفصل 109 من ظهير التحفيظ العقاري.
[64] – وهذا ما أكده ر المجلس الأعلى في بعض قراراته منها :
– قرار (بدون عدد) صادر بتاريخ 21/12/1995 (بدون مراجع الملف) منشور بمجلة المحاماة العدد 41، ص112 وما بعدها.
– قرار عدد 812 صادر بتاريخ 28/11/1996 في الملف عدد 10033/94 منشور بمجلة المحامي عدد 32 و33، ص321 وما بعدها.
– قرار عدد 707 صادر بتاريخ 12/3/2003 في الملف المدني عدد 2424/02 منشور بمجلة رسالة المحاماة عدد 22، ص153 وما يليها.
[65] – محمد خيري، مرجع سابق، ص283.
[66]– القرار عدد 5244 الصادر بتاريخ 17 نونبر 1999، في الملف المدني رقم 1998/1170، والمنشور بكتاب ” مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري على ضوء قرارات المجلس الأعلى” 2009، م س، الصفحة 82.
[67]– عبد العلي بن محمد العبودي، مرجع سابق، ص109.
[68] – وهذا ما جاء في احد قرارات المجلس الأعلى: “فإن مقتضيات الفصل 335 من قانون المسطرة المدنية لا تطبق في قضايا مسطرة التحفيظ وإن مقتضيات ظهير 12/8/1913 المطبقة في النازلة لا تنص على اتخاذ المستشار المقرر الأمر بالتخلي وإنما ينص الفصل 44 على إخبار الأطراف باليوم الذي تعرض فيه القضية بالجلسة”.
– قرار المجلس الأعلى عدد 2108 صادر بتاريخ 28/6/2006 في الملف رقم 3513/1/1/2005 ( غير منشور).
– قرار المجلس الأعلى عدد 645 صادر بتاريخ 19/9/1996 في الملف رقم 26/5/1/1996 ( غير منشور).
[69] – الظهير الشريف رقم 223-57-1 المؤرخ في 2 ربيع الأول ( 27 شتنبر 1957) ، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2347، الصادر بتاريخ 18/10/1957 والمؤسس للمجلس الأعلى.
[70]- تنص الفقرة الأولى من الفصل 358 من قانون المسطرة المدنية عل ما يلي: “يحدد بصرف النظر عن المقتضيات الخاصة أجل رفع الدعوى إلى المجلس الأعلى في ثلاثين يوما من يوم تبليغ الحكم المطعون فيه إلى الشخص نفسه أو إلى موطنه الحقيقي”.
[71] – رغم صراحة الفصل 47 من ظ ت ع قبل التعديل بالقانون رقم 07-14 ،على أن أجل الطعن بالنقض هو شهران ، فإن هذا الأجل أثير حوله الخلاف داخل أوساط الفقه.
لمزيد من التفاصيل راجع:
– محمد الطالبي، أجل الطعن بالنقض ضد قرارات مسطرة التحفيظ العقاري، مجلة الدفاع، العدد الثاني السنة 2002 ص 37.
– محمد بفقير أجل نقض القرارات الاستئنافية الصادرة عن محاكم التحفيظ العقاري بين الفصل 358 من قانون المسطرة المدنية والفصل 47 من قانون التحفيظ العقاري، الجزء الرابع، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، طبعة 2004، ص 79 وما بعدها.
[72]– قرار المجلس الأعلى رقم 112 في الملف الإداري عدد 67344 بتاريخ 16 أبريل 1982 أورده عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ خلال أربعين سنة، مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الأولى 1995، ص 130.
[73] – انظر في هذا الاتجاه:
– قرار المجلس الأعلى عدد 578 صادر بتاريخ 26-2-2003 في الملف رقم 2050/1/1/2002 ( غير منشور).
– قرار المجلس الأعلى عدد 460 صادر بتاريخ 23/3/2000 في الملف رقم 120/6/2/1998 (غير منشور).
– قرار المجلس الأعلى عدد44صادر بتاريخ8-1-1986في الملف رقم3859/84 (غير منشور).
[74] – القرار عدد 771 المؤرخ في 17 فبراير 1999 الصادر في الملف المدني عدد 96/1/1/3096 ( غير منشور).
[75] – القرار عدد 2581 المؤرخ في 3/1/2001، والصادر في الملف المدني رقم 2001/01/01/656 ( غير منشور).
[76] – القرار عدد 3398 المؤرخ في 19 شتنبر 2000 الصادر في الملف المدني عدد 99/1/1/1745 ( غير منشور).
[77] – قرار المجلس الأعلى عدد 6193 صادر بتاريخ 22-10-1996 في الملف رقم 1430/89 ( غير منشور).
[78] – قرار المجلس الأعلى عدد 6193 صادر بتاريخ 22-10-1996 في الملف رقم 1430/89 ( غير منشور).
[79] – القرار عدد1195 والمؤرخ في 10 ماي 1989 في الملف المدني عدد 86/266 (غير منشور).
[80] – للتفصيل أكثر راجع:
– محمد خيري، مرجع سابق، ص114 وما بعدها.
[81] – لمزيد من التفصيل في الطعن بالنقض في القضايا العقارية أنظر: ليلى اجبارة ” الطعن بالنقض في قضايا التحفيظ العقاري ” رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص، ماستر قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2016/2017، الصفحة 57 وما بعدها.
[82] -ــقرار محكمة النقض عدد 1/357 المؤرخ في 24/06/2014 عدد 2014/1/1/2109 ( غير منشور).
[83] – قرار محكمة النقض رقم 331 الصادر بتاريخ 10 نونبر 2013 في الملف المدني عدد 2012/1/1/5030، منشور بمجلة ملفات عقارية الصادرة عن محكمة النقض، العدد 2015 ، مرجع سابق، ص 2011.
[84] ــ التعرض المتبادل هو تعرض ناتج عن تقديم مطلبين أو أكثر، من طرف طالبي أو طلاب تحفيظ مختلفين لتحفيظ نفس العقار إما كليا أو جزئيا وقد أشارت إليه صراحة الفقرة الثالثة من الفصل 32 من ظهير التحفيظ العقاري، ولا تؤدى عنه الرسوم القضائية ولا حقوق المرافعة، وقد ينجم عن هذا التعرض تعرض آخر وهو التعرض الإنعكاسي الذي يعتبر من التعرضات التلقائية التي يجريها المحافظ على الأملاك العقارية إنطلاقا من تداخل مطالب التحفيظ، وذلك حتى يتسنى للقضاء النظر فيها أثناء بته في المنازعة التي تجمع بين طلاب تحفيظ المطالب المتداخل.
أنظر أيت أحمد الغازي،التعرضات في المسطرة العادية والمساطر الخاصة للتحفيظ العقاري” مقال منشور ب أعمال ” الندوة الوطنية في موضوع الأمن العقاري” ، سلسلة دفاتر محكمة النقض، العدد 26، مطبعة الأمنية ، الرباط 2015، الصفحة 405.
[85] – الدورية رقم 400 الصادرة عن المحافظ العام بتاريخ 05 يونيو 2014.
ـــ وكذا الدورية عدد 391 الصادرة عن المحافظ العام بتاريخ 30 ديسمبر 2011.
[86] – قرار محكمة النقض عدد 8/542 الصادر بتاريخ 24/10/2017 في الملف المدني عدد7287/1/8/2016 ( غير منشور).
[87] – قرار محكمة النقض عدد 542/8 المشار له أعلاه.
[88] – الدورية عدد 404 الصادرة عن المحافظ العام بتاريخ 7/7/2015.
[89]– أيت أحمد التعرضات في المسطرة العادية والمساطر الخاصة للتحفيظ العقاري، مقال منشور بأعمال، الندوة الوطنية في موضوع الأمن العقاري ، سلسلة دفاتر محكمة النقض، العدد 26، مطبعة الأمنية ، الرباط 2015، الصفحة 416 وما بعدها.
[90] – الدورية عدد 409 الصادرة عن المحافظ العام بتاريخ 28/11/2016.
[91] – قرار المجلس الأعلى رقم 3590 في الملف رقم 2929/91 بتاريخ 04/07/1995 أشار إليه عبد العزيز توفيق، التشريع العقاري والضمانات، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء طبعة 2012، ص 172.
[92] – عبد العزيز حضري، تطبيق قواعد المسطرة المدنية أمام قضاء التحفيظ العقاري، مجلة رسالة الدفاع، العدد 2 نونبر 2001، ص 17.
[93] – قرار المجلس الأعلى عدد 2057 ملف مدني عدد 1207/1/1/2008 بتاريخ 04/05/2012 غير منشور أشار إليه عمر أزوكار، الدليل العملي للعقار في طور التحفيظ، مرجع سابق، ص 164.
وهو ما أكده القرار الصادر عن المجلس الأعلى عدد 2463 ملف مدني عدد 2028/1/1/2002 غير منشور أشار إليه المصطفى الكيلة (أطروحته) مرجع سابق، ص: 187.
[94] – حكم المحكمة الابتدائية ببركان عدد 452 ملف عدد 466/99 بتاريخ 04/03/2002 غير منشور أشارت إليه سمرة محدوب، مرجع سابق، ص: 19.
[95] – قرار المجلس الأعلى عدد 2336 ملف مدني عدد 2228/1/1/2006 مؤرخ في 18/06/2008 غير منشور أشار إليه عمر أزوكار، الدليل العملي للعقار في طور التحفيظ، مرجع سابق، ص: 168.
[96]– قرار محكمة الاستئناف بوجدة، رقم 327 ملف عدد 1802/87 بتاريخ 07/02/1989 غير منشور أشارت إليه وردة غزال (أطروحتها) مرجع سابق، ص: 102.
[97] – الحكم رقم 70 الصادر في الملف رقم 2003/191 بتاريخ 02/03/2009 ( غير منشور).
[98] – الحكم رقم 01 الصادر في الملف رقم 02/1667 و 02/1665 و 02/1668 الصادر بتاريخ 03 يناير 2006 ( غير منشور).
[99] – قرار محكمة الإستئناف بوجدة رقم 345 الصادر في الملف رقم 00/468 بتاريخ 04 يونيو 2002 (غير منشور).
[100]– P.Leris : l’intervention devant le tribunal en matière d’immatriculation RLJM 1924, p :3ets
-Jackes caille op cit p 138.
[101] – عبد العزيز حضري، ، تطبيق قواعد المسطرة المدنية أمام قضاء التحفيظ العقاري، مجلة رسالة الدفاع، العدد 2 نونبر 2001، ص: 12-13.
[102] – شهادة التعرض على التحفيظ عبارة عن وثيقة إدارية يقوم بتحريرها المحافظ عند اتخاذ قراره بإحالة نزاع التحفيظ على القضاء بحيث يحدد بموجبها أطراف وموضوع ونطاق النزاع الذي يجب على المحكمة أن تبت فيه، المصطفى الكيلة، دور المحافظ في تحديد أطراف نزاع التحفيظ، القواعد الموضوعية والشكلية في مساطر المنازعات العقارية منشورات مجلة الحقوق المغربية الجزء 4 دار أبي رقراق للطباعة والنشر بالرباط الطبعة الأولى 2012، ص 106.
[103] – قرار المجلس الأعلى عدد 2804 ملف مدني عدد 2251/1/1/97 بتاريخ 05/07/2000 أشار إليه عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ العقاري من سنة 1991 إلى سنة 2002، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة الأولى 2003، ص 74-75.
[104]– محمد المنتصر الداودي، مسطرة التحفيظ العقاري وآثارها وإشهار الحقوق العينية وتسجيلها على الرسوم العقارية مقال منشور بندوة العقار المنعقدة بالرباط منشورات وزارة العدل، بتاريخ 06/11/1978 و07/12/1978، ص 142.
[105] – قرار محكمة النقض عدد 2919 ملف مدين عدد 3320/1/2006 بتاريخ 29/07/2008 غير منشور، أشار إليه عمر أزوكار، مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء قانون 07/14 ومدونة الحقوق العينية، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء ط الأولى 2012، ص 145.
[106]– القرار الصادر عن المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا) رقم 2029 والمؤرخ في 25/3/1998ّ، في الملف رقم 93/969 ( غير منشور).
[107] – قرار محكمة النقض عدد 892 ملف مدني عدد 2386/1/1/2002 أشار إليه عمر أزوكار، مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء قانون 07/14 ومدونة الحقوق العينية، م س، ص 146.
[108] – قرار محكمة النقض عدد 672 الصادر بتاريخ 25 يناير 2006| في الملف الإداري عدد 385/1/1/2007، أورده الأستاذ عمر أزوكار في كتابه، التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري وقضاء محكمة النقض” الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، 2014، ص 75.
[109] – قرار محكمة الاستئناف بالعيون رقم 58/04 والمؤرخ 04/10/2005 في الملف رقم 04/58 ( غير منشور).
[110] – قرار المجلس الأعلى عدد 348 بتاريخ 21/02/1995 أشار إليه عيد العزيز توفيق، التشريع العقاري والضمانات، مرجع سابق، ص 156.
[111] – قرار المجلس الأعلى عدد 229 بتاريخ 15/05/1968، مجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 2 السنة الأولى نونبر 1968، ص 18.
[112] – فاطمة الحروف، دور المحافظ العقاري بشأن التعرضات على مطلب التحفيظ، مجلة القانون والاقتصاد العدد 19-2002، ص 55.
[113] – وردة غزال، الاجتهاد القضائي وخصوصية النظر في ملف التعرض، مجلة القبس، المطبعة الأورو متوسطية للمغرب العدد الثالث يوليوز 2012، ص 239.
[114]] – لمزيد من التفاصيل: يراجع: أحمد أجعون، خصوصيات دعوى التعرض على مسطرة التحفيظ من خلال اجتهادات القضاء مجلة الحقوق العدد 13 ماي دجنبر 2012، ص: 58 وما بعدها.