مركز إدريس الفاخوري للدراسات والأبحاث في العلوم القانونية وجدة

العمل القضائي: أحكام قضائية في المادة الإدارية.

 هذه الأحكام  منشورة في العدد الأول * أكتوبر 2018* من مجلة فضاء المعرفة القانونية التي تصدر عن المركز.

 

المحكمة الإدارية  بوجدة

قسم قضاء الإلغاء

بتاريخ: 16/05/2013

ملف رقم: 42/7110/2018

القاعدة
 

الاقتطاع  من الراتب…التغيب غير المبرر…وجوب  توجيه استفسار إلى المعني بالأمر.

قيام وزارة  الصحة بالاقتطاع من راتب الطاعن بدعوى تغيبه غير المبرر عن العمل بدون أن توجه له  أي استفسار  عن سبب  هذا التغيب، بجعل هذا الاقتطاع  مخالفا لمقتضيات  القانون رقم 12.81 بشأن الاقتطاعات من رواتب الموظفين و أعوان الدولة و الجماعات الترابية المتغيبين عن العمل بصفة مشروعة و المرسوم رقم 2.99.1216 الصادر بتاريخ10/05/2000 المحدد لشروط  و كيفية تطبيقه.

 

 

باسم جلالة  الملك و طبقا للقانون

بتاريخ 30   شعبان  1439 هـ/  الموافق  16 /05/2018    أصدرت المحكمة الإدارية   بوجدة   في جلستها العلنية   وهي تبت في قضايا تجاوز السلطة  الحكم الآتي نصه :

الوقائع:

بناء على مقال الطعن المرفوع أمام كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 08/02/2018 من لدن الطاعن بواسطة نائبه  و المعفى من أداء الرسوم القضائية بقوة القانون، عرض من خلاله أنه طبيب بمستشفى الفارابي بمدينة وجدة، التحق للاشتغال لدى وزارة الصحة بتاريخ 19/02/1998، و أنه في إطار ما تفرضه عليه مهامه، فقد كان يتناوب مع زملائه بفترات الحراسة الليلية إلى أن تخلد في ذمة الجهة المطلوبة في الطعن مبالغ جد مهمة، لا زالت عالقة في ذمتها إلى الآن. و على إثر ذلك فقد انعقدت عدة لقاءات من أجل تسوية النزاع مع الدكاترة و ذلك لصرف مستحقاتهم، كان آخرها محضر فبراير سنة 2017 بمقر عمالة وجدة أنجاد، حضر خلاله نقابة الأطباء و مندوب وزارة الصحة و المدير الجهوي للوزارة، و مدير مستشفى الفارابي، و كذا الكاتب العام لعمالة وجدة أنجاد، و قد تم الاتفاق من خلاله بالتزام الإدارة بصرف مستحقات الأطباء عن فترات الحراسة في أقرب وقت. و أنه خلال الفترة التي كان فيها ينتظر الإفراج عن مستحقاته الناتجة عن فترات الحراسة، فوجئ بقيام الإدارة المطلوبة في الطعن بالاقتطاع من أجره الشهري في نهاية  شهر مايو 2017 بما قدره 2233.41 درهم، دون سابق إشعار أو سبب وجيه، و دون سلوك أي مسطرة قبلية، مما أثر بشكل سلبي على أوضاعه المادية و مشاكل أخرى مرتبطة بالتسيير و التدبير. و أنه لم يعلم بهذا الإجراء المتخذ في حقه، إلا أواخر شهر أكتوبر بمناسبة استخراج بيانات حسابه البنكي، ليبادر على إثر ذلك إلى توجيه كتاب رفقة زملائه في نفس وضعيته إلى الإدارة المطلوبة في الطعن يستفسرها من خلاله عن سبب الاقتطاع، بقي بدون جواب رغم توصلها به بتاريخ 09/11/2017. و التمس لأجله الحكم بإلغاء قرار الاقتطاع من أجره لما شابه من عيب انعدام السبب و مخالفة القانون، مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.

وأرفق مقاله بشهادة أجر.

و بناء على مذكرة الإدلاء بوثائق المقدمة من طرف الطاعن بواسطة نائبه، المودعة بكتابة ضبط المحكمة بتاريخ 27/03/2018، أرفقها بصورة من كتاب موجه إلى وزير الصحة و شهادة تسليم.

و بناء على جواب الوكيل القضائي للمملكة بصفته نائبا عن الدولة المغربية، و وزير الصحة و المدير الجهوي لوزارة الصحة بالجهة  الشرقية، و المندوب الجهوي لوزارة الصحة بعمالة وجدة أنكاد، الجاعل محل المخابرة معه بمكتب قابض قباضة وجدة،  المودع بكتابة ضبط المحكمة بتاريخ 09/04/2018، عرض من خلاله أن الأجر يكون مقابل العمل، و أن هذا تؤكده المقتضيات القانونية و بالتحديد المادة 37 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، التي تحدد الوضعيات التي يكون عليها الموظف، و منها حالة القيام بالوظيفة، و التي تعرفها المادة 38 من نفس النظام بأنها” الحالة التي يكون فيها الموظف في وضعية القيام بالوظيفة إذا كان مرسما في رتبة ما، و يزاول بالفعل مهامه الوظيفية”، و أضافت بأنه” يعتبر قائما بالعمل الإداري طيلة رخصة الأمراض و طيلة الرخص الإدارية”. و أن ما يستفاد من ذلك أنه ما عدا الرخص الإدارية، أو بسبب المرض أو الولادة أو الرخص بدون أجر المنصوص عليها في الفصلين 38 و 39 من النظام العام الأساسي للوظيفة العمومية، أو حالة الرخص الاستثنائية  المنصوص عليها في الفصل 41 من نفس الظهير، فإن الموظف لا يكون مستحقا للأجر إلا إذا أدى فعليا العمل المنوط به. و أن هذه المقتضيات تنسجم و تتكامل مع تلك المنصوص عليها في الفصلين 11 و 41 من المرسوم الملكي عدد 66-330 الصادر بتاريخ 21/04/1967 بسن نظام عام للمحاسبة العمومية، ذلك أنه إذا كان الفصل 11 من المرسوم الأخير يلزم المحاسبين المكلفين بتسديد النفقات بالقيام بمراقبة دقيقة لصحة الدين المطالب به عن طريق التثبت من أداء العمل، فإن الفصل 41 من نفس المرسوم ذهب إلى أبعد من ذلك حين جعل الأداء معلقا على ضرورة تنفيذ العمل. و أنه يترتب على وقف العمل زوال الأجر كنتيجة لتحرر العامل من القيام بتنفيذ العمل، فالأجر هو تعويض و مقابل عن العمل، و من تم فإن عدم تنفيذ العمل يقتضي انقضاء المقابل له و هو الالتزام بدفع الأجر، و ذلك تطبيقا لفكرة السبب القانوني للالتزام بالأجر، فهو يبرر دفعه و يحدد مقداره، و من تم لا يستحق العامل أي أجر من حيث المبدأ عن العمل الذي لم ينفذ قط، أو يستحق أجرا يقابل فقط العمل الفعلي الذي قام به متى كان التوقف عن العمل جزئيا أو لمدة زمنية محددة، أي تخصم من الأجرة فترة التوقف  أو الانقطاع عن العمل بسبب الإضراب و الوقفات الاحتجاجية. و أنه تبعا لذلك فإن الاقتطاع الذي باشرته الإدارة من أجرة الطاعن عن الفترة التي انقطع فيها عن العمل، أمر منطقي و عادل و قانوني، مادام الأجر يكون مقابل العمل الناجز و الفعلي، و مال عام تحكمه ضوابط و مساطر و رقابة قبلية و بعدية، و لا يمكن صرفه إلا بعد توفر شروط الاستحقاق. و التمس تبعا لذلك الحكم برفض الطلب لعدم ارتكازه على أساس.

 و بناء مذكرة الإدلاء بوثيقة المقدمة من طرف الطاعن بواسطة نائبه المودعة بكتابة ضبط المحكمة بتاريخ 10/04/2018، أرفقها بشهادة عمل.

و بناء على تعقيب الطاعن بواسطة نائبه المودع بكتابة بتاريخ 19/04/2018، عرض من خلاله أن الإدارة المطلوبة في الطعن تجاوزت الضمانات القانونية المكفولة للموظف بمقتضى القانون رقم 12/81، الصادر بشأنه المرسوم الملكي رقم 2.99.1216، و الذي يلزم الإدارة باحترام إجراءات شكلية قبل مباشرة الاقتطاع، و ذلك بتوجيه استفسار للمعني بالأمر تفاديا لعنصر المفاجأة الذي يطرأ على الموازنة المالية للموظف. و أنه كان يعمل لفائدة الإدارة رفقة زملائه في العمل أثناء فترات الحراس الليلية و الديمومة لمدة طويلة، و أن الإدارة لم تعمل على صرف مستحقاتهم عن تلك الخدمة، الأمر الذي دفعهم إلى سلوك مساطر قانونية و مشروعة لدفع الإدارة لتسوية وضعيتهم العالقة، إذ قاموا بإضرابات عن العمل خلال الفترات التالية: – من 24/01/2017 إلى غاية 26/01/2017، – من 30/01/2017 إلى غاية  02/02/2017،- من 14/02/2017 إلى غاية 16/02/2017، – من 20/02/2017 إلى غاية 23/02/2017، و على إثر ذلك تم عقد اجتماع أواخر شهر فبراير من نفس السنة بحضور الكاتب العام لعمالة وجدة و خلاله نقابة الأطباء و مندوب وزارة الصحة و المدير الجهوي للوزارة، و مدير مستشفى الفارابي، و الذي رفضت الإدارة موافاتهم بنسخة منه إلى غاية الآن، كما أنها قدمت لهم وعود تسوية النزاع، لم تر النور إلى الآن. و أنه على هذا الأساس فإن تغيبه كان مبررا قانونيا، بل إن خدماته تفوق بكثير ما تم اقتطاعه من أجره بدون موجب حق. و أن الإدارة و لئن طبقت المقتضيات القانونية المنسجمة مع الفصلين 11 و 41 من المرسوم الملكي عدد 66-330 بسن عام للمحاسبة العمومية، إلا أنها أغفلت تطبيق الإجراءات الشكلية المكفولة له بمقتضى المادة الرابعة من المرسوم الملكي عدد 2.99.1216، التي تفرض و تلزم الإدارة بضرورة توجيه استفسار المعني بالأمر ليبقى تصرفها هذا خاضعا لرقابة المشروعية من طرف قاضي الإلغاء. و التمس رد دفوعات الجهة المطلوبة في الطعن، و الحكم وفق مقال الطعن.

و بناء على تعقيب الوكيل القضائي المودع بكتابة ضبط المحكمة بتاريخ 07/05/2018، عرض من خلاله أن الطاعن قد تغيب عن مقر عمله بصورة غير قانونية لمدة 3 أيام،  يوم 31/01/2017 و 16/02/2017 و 22/02/2017، مما يبقى معه قرار الاقتطاع مشروع. و التمس الحكم برفض الطلب.

و أرفق تعقيبه بصورة من محاضر تغيب عن أيام 31/01/2017، – 16/02/2017، – 22/02/2017.

وبناء على إدراج القضية بعدة جلسات كان آخرها الجلسة المنعقدة بتاريخ 09/05/2018، حضرها نائب الطاعن، في حين تخلفت الجهة المطلوبة في الطعن، فاعتبرت المحكمة القضية جاهزة، وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق الذي اقترح  الاستجابة للطلب لكون الإدارة لم تتقيد بمقتضيات المرسوم رقم 2.99.1216 المتعلق بتحديد شروط وكيفية تطبيق القانون رقم 12.81 بشأن الاقتطاع من رواتب الموظفين وأعوان الدولة والجماعات المحلية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة الذي قيد في مادته الرابعة تطبيق القانون المذكور بضرورة استفسار المتغيب مع تسليمه نسخة من أمر الاقتطاع كما تنص على ذلك المادة 6 من نفس المرسوم وهو ما لم تقم به الإدارة ويجعل قرارها بالاقتطاع غير مشروع ،فتم وضع القضية في المداولة لجلسة16/05/2018 قصد النطق بالحكم الآتي نصه بعده.

وبعد المداولة طبقا للقانو ن

في الشكل :

حيث قدم الطعن من ذي صفة و مصلحة وداخل الأجل القانوني و مستوفيا لكافة نظمه الشكلية المتطلبة قانونا، مما يتعين معه التصريح بقبوله.

في الموضوع  :

حيث إن حاصل طلب الطاعن هو الحكم بإلغاء القرار الصادر عن وزير الصحة القاضي بالاقتطاع من أجرته الشهرية، مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.

وحيث دفعت الجهة المطلوبة في الطعن بمشروعية قرار الاقتطاع، لكون الطاعن قد تغيب عن مقر عمله بصورة غير قانونية لمدة أربعة أيام، و أن الأجر يكون مقابل العمل.

وحيث إنه بعد دراسة  المحكمة لكافة معطيات النازلة تبين لها أن الطعن أسس على عدم مشروعية قرار الاقتطاع من الأجر، لانعدام السبب، وخرق الإدارة للمسطرة الواجبة الإتباع قبل الاقتطاع، المتمثلة في توجيه استفسار كتابي للطاعن حول أسباب تغيبه عن العمل.

بخصوص الوسيلة المتصلة بمخالفة القرار محل الطعن للإجراءات الشكلية المتطلبة قانونا :

حيث استقر الفقه و القضاء الإداريين على تعريف عيب الشكل بأنه يتحقق عند صدور القرار الإداري  دون مراعاة الإدارة للشكل والإجراءات التي نص عليها القانون ،  سواء تم ذلك عن طريق المخالفة  الجزئية لها أو بإهمال كلي دون اعتبار لذلك.

وحيث إن الاقتطاع من أجور الموظفين المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة يجد سنده في نصوص قانونية عامة وأخرى خاصة ، تتمثل الأولى بالأساس في الظهير الشريف رقم 1.58.008 بتاريخ 4 شعبان 1377 [24 فبراير 1958] بشأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية ، حسبما تم تعديله وتتميمه، والمرسوم الملكي رقم 330.66 بتاريخ 10 محرم 1387 [21 أبريل 1967] بسن نظام عام للمحاسبة العمومية حسبما وقع تغييره وتتميمه، أما النصوص الخاصة بتنظيم هذا الأمر فهي القانون رقم 12.81 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي و أعوان الدولة و الجماعات الترابية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.83.230 المؤرخ في 9 محرم 1405 [5 أكتوبر 1984] الجريدة الرسمية عدد 3764 25 ربيع الأول 1405 [19 دجنبر 1984]، و المرسوم رقم 2.99.1216 الصادر في 6 صفر 1421[10/05/2000] بتحديد شروط و كيفيات تطبيق القانون رقم 12.81، وإن كانت مقتضيات هذا المرسوم تسمح بالاقتطاع من رواتب موظفي وأعوان الدولة والجماعات المحلية، الذين يثبت غيابهم عن العمل بدون ترخيص من لدن رؤسائهم أو مبرر مقبول [المادة الأولى من المرسوم رقم 2.99.1216] فإنها ربطت ذلك بضرورة توجيه الإدارة استفسار كتابي للموظف أو العون حول أسباب تغيبه عن العمل قبل اتخاذ قرار الاقتطاع [المادة الرابعة من نفس المرسوم ]، وتسليم نسخة من الأمر بالاقتطاع للمعني بالأمر [المادة السادسة من المرسوم ] وهو ما تم التأكيد عليه أيضا في منشور الوزير المكلف بتحديث القطاعات العامة رقم 4-03-وع بتاريخ 17 ربيع الأول 1424 [19 ماي 2003] بشأن التغيب عن العمل بصفة غير مشروعة ، والمنشور الصادر عن رئاسة الحكومة رقم 12-26 بتاريخ 30 ذو الحجة 1433 [15 نونبر 2012 ] المتعلق بالتغيب غير المشروع عن العمل .

وحيث إن الهدف من هذه النصوص القانونية هو تكريس نوع من التوازن بين المصلحة العامة التي ترعاها الإدارة والمصالح الخاصة للموظفين فإذا كان حق الإضراب مضمون دستوريا وبموجب المواثيق الدولية، فإن من حق رئيس الإدارة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان استمرارية نشاط المرفق العام، وفرض ضوابط قانونية وإجرائية تضمن عدم إساءة استعمال حق الإضراب و انسجامه مع مقتضيات النظام العام والسير العادي للمرافق الإدارية والقوانين المرعية، بما فيها حق اللجوء إلى الاقتطاع من الأجر طبقا لقاعدة “الأجر مقابل العمل” التي أقرها الاجتهاد القضائي في العديد من قراراته، ويعمل بها في العديد من الأنظمة القانونية المقارنة، اعتبارا لكون الأجر يؤدى مقابل قيام الموظف بالوظيفة المسندة إليه بصرف النظر عن طبيعة العلاقة التي تربطه بالإدارة وفق ما يستشف من الفصلين 26 و42 من قانون الوظيفة العمومية، ما لم يكن المعني بالأمر مستفيدا من رخصة قانونية وفق الحالات المقررة قانونا، فالإضراب باعتباره انقطاعا عن العمل يعد تغيبا لا يندرج ضمن حالات التغيب المرخص به قانونا بصرف النظر عن مشروعيته، دون أن يشكل ذلك الإجراء عقوبة إدارية أو مصادرة لحق الإضراب المضمون دستوريا، ما دام أنه لا يمنع حق الموظف وحريته في ممارسة الإضراب، غير أن تصرف الإدارة وتفعيلها لقرار الاقتطاع من الأجر، يظل خاضعا لرقابة المشروعية من طرف قاضي الإلغاء للتحقق من احترام الإدارة للضوابط القانونية والإجراءات المتطلبة قبل اتخاذها لقرار الاقتطاع أهمها توجيه استفسار كتابي للموظف أو العون حول أسباب تغيبه عن العمل قبل مباشرة الاقتطاع من الراتب طبقا للنصوص القانونية السابق ذكرها .

وحيث إنه بعد دراسة أوراق القضية يتبين أن الإدارة المطلوبة في الطعن لم تدل بما يفيد توجيه الاستفسار الكتابي للطاعن قبل مباشرة الاقتطاع احتراما للمادة الرابعة من المرسوم الملكي رقم 2.99.1216 المشار إليها ،وهو ما يشكل تجاوزا للضمانات التي توفرها هذه الإجراءات للمخاطبين بأحكامها، المقررة لصالح الموظف لتفادي عنصر المفاجأة في الاقتطاع وتخويل المعني به فرصة التحضير لنتائج النقص الذي تتعرض له أجرته الشهرية تبعا للالتزامات المالية المترتبة عليه، وهي شكلية جوهرية تمس بشرعية القرار المخالف لها.

وحيث إنه في ظل نفي الطاعن سبق توجيه أي استفسار إليه قبل مباشرة الاقتطاع، مع منازعته الجدية في الإخلال بهذا الإجراء الشكلي الجوهري المستمد من حق الدفاع المكرس دستوريا، واستنكاف الإدارة عن الإدلاء بما يفيد احترام المسطرة القانونية المقررة في حالة اللجوء إلى الاقتطاع من أجر الموظف، فإن الوسيلة المتمسك بها والمتصلة بمخالفة القرار محل الطعن للإجراءات الشكلية المتطلبة قانونا جديرة بالاعتبار ويتعين اعتمادها .

وحيث إنه أمام هذه المعطيات يكون القرار المطعون فيه مشوب بتجاوز السلطة لصدوره دون احترام الشكليات المتطلبة قانونا، ويتعين لذلك ومن دون حاجة إلى مناقشة باقي الوسائل المثارة الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار قانونية.

المنطــــــــــوق

و تطبيقا لمقتضيات المواد3-4-5-7- 8-20-21-22 و 23 من القانون رقم  90/ 41 المحدث للمحاكم الإدارية، القانون 12.81 بشأن الاقتطاعات من رواتب موظفي و أعوان الدولة و الجماعات الترابية المتغيبين عن العمل بصفة غير مشروعة، و المرسوم الملكي رقم 330.66 بمثابة النظام العام للمحاسبة العمومية، و المرسوم رقم 2.99.1216 المؤرخ في 10/05/2000 بتحديد شروط و كيفيات تطبيق القانون رقم 12.81.

لهـــــذه الأسبـــاب

قضت المحكمة الإدارية بوجدة علنيا حضوريا و ابتدائيا:

في الشكل:  بقبول الطعن.

في الموضوع: بإلغاء القرار المطعون فيه مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.

  وبه صدر الحكم وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمحكمة  الإدارية بوجدة.

الرئيس(ة)                                        المقرر                       كاتب(ة) الضبط

 

 

المحكمة الإدارية  بوجدة

قسم القضاء الشامل

بتاريخ: 20/02/2014

ملف رقم: 83/6.13

حكم رقم : 106

القاعدة
 

–   منازعات ظهير 02 مارس 1973 المتعلق باسترجاع الأراضي الفلاحية من المعمرين .

–   كون العقار بتاريخ إصدار القرار الوزاري المشترك الذي تم بموجب استرجاعه وتسجيله باسم الدولة كان يتواجد بداخل المجال الحضري لمدينة وجدة ، وعقد شراء مورث المدعيان كان قبل صدور ظهير الاسترجاع، وقبل تفعيله بموجب القرار الوزاري المشترك ، ومادامت العبرة في تحديد طبيعة العقار وقابليته للاسترجاع من عدمه هي بتاريخ صدور القرار الوزاري المشترك ، فإنه بهذا التاريخ كانت الملكية انطلاقا من عقد البيع في اسم مغربي، والعقار غير فلاحي ، وبذلك تكون قد اختلت شروط تطبيق الاسترجاع.

 

 

 

باسم جلالة  الملك و طبقا للقانون

  بتاريـــخ 20 ربيع الثاني 1435 موافــــق 20/02/2014 أصدرت المحكمة الإدارية بوجدة   الحكم الآتي نصه :

الــــوقــائـع

بناء على المقال المسجل والمؤداة عنه الرسوم القضائية بصندوق كتابة ضبط هذه المحكمة بتاريــــــــــــــــــخ: 25 أبريل2013 يعرض فيه المدعيان بواسطة نائبهما، بأن مورثهما المرحوم … اشترى في بحر سنة 1968 من المالكة الأصلية (…)، مجموع القطعة الأرضية المشتملة على دار للسكنى موضوع الرسم العقاري عدد: … الكائنة بطريق سيدي يحيى مدينة وجدة، وذلك بموجب عقد مصحح الإمضاء أمام المصالح البلدية بوجدة بتاريخ: 15/01/1968 وبعد الحصول على الرخصة الإدارية للتفويت، وبناء على ذلك العقد انتقلت ملكية الأرض إلى مورث العارضين وحازها ويتصرف فيها، إلا أنه خلال سنة 1978 عمدت الدولة إلى تطبيق ظهير 2 مارس 1973 المتعلق باسترجاع الأراضي الفلاحية، على الأرض المذكورة واعتبرتها ضمن أملاك الدولة وتم تسجيل ذلك النقل بالرسم العقاري، وأنه منذ ذلك الحين وهو ينازع الإدارة المدعى عليها في تطبيق الظهير المذكور على أرضه، لأنها انتقلت ملكيتها إليه منذ: 15/01/1968، وهو تاريخ سابق على صدور الظهير، كما أن الأرض بتاريخ الاسترجاع لم تكن أرض فلاحية، وإنما صارت أرضا داخل المجال الحضري لمدينة وجدة ، وأنه أمام هذه المنازعة فإن الإدارة اعترفت بحقوقه على الأرض وقررت اللجنة الوزارية المشتركة للبت في النزاعات الناتجة عن تطبيق ظهير 2 مارس 1992 الموافقة على مطالب مورثهما، وأحالت الملف على اللجنة الإقليمية بوجدة قصد تصفية النزاع وإنصاف المالك، هذه اللجنة التي عقدت عدة اجتماعات وقررت استصدار قرار من السيد وزير المالية والاقتصاد للإذن بالتخلي عن العقار ذي الرسم العقاري … لفائدة خلف المرحوم … مناصفة بينهما مقابل ثمن رمزي، وذلك كما هو ثابت من محضر الاجتماع المؤرخ في: 26/05/2012 وأنه بالرغم من هذه المحاولات فإن الإدارة لا تزال تمتنع عن تسوية القطعة ولا تزال حقوقهما عالقة بدون مبرر، وبما أن شروط تطبيق مقتضيات ظهير الاسترجاع غير متوفرة في الأرض موضوع النزاع لانتقال الملكية قبل صدوره ، ولكون الأرض تدخل ضمن المجال الحضري، ولإقرار الجهة المدعى عليها بجدية منازعتهم وموافقتها على تصفية النزاع، وبما أنهم حرموا من الاستفادة والتمتع بملكيتهم ومعاناتهما مع هذا الحرمان قرابة نصف قرن الذي يعتبر اعتداء على الملكية بدون مسوغ قانوني فلأجل هذه المعطيات فقد التمسا المدعيان الحكم على الجهة المدعى عليها بالتخلي عن الأرض موضوع النزاع، واتخاذ الإجراءات والتدابير الفعلية لنقل الملكية ، مع اعتبار الحكم بالتخلي بمثابة سند ناقل للملكية ، وأمر السيد المحافظ على الأملاك العقارية … بشطب اسم الدولة من سجل الرسم العقاري .

وبناء على المذكرة الجوابية المقدمة من طرف السيد المحافظ على الأملاك العقارية والرهون … المؤشر عليها بتاريخ: 16 ماي 2013 أوضح بموجبها بأن العقار موضوع النزاع قد تم استرجاعه من قبل الدولة المغربية – الملك الخاص – بموجب القرار الوزاري المشترك عدد: 1452/80 المؤرخ في: 26/12/1998، وذلك تطبيقا للظهير الشريف بمثابة قانون رقم: 1-73-213 بتاريخ: 02 مارس 1973، وأن المحافظ قام بتنفيذ القرار المذكور في إطار المهام المنوطة به قانونا، وبما أن الجهة المدعية لم يسبق لها أن استصدرت أي قرار من المحافظ يقضي برفض التشطيب أو التقييد يمكن أن يكون موضوع الطعن فيه، وبذلك فإنه ليس هناك مبرر لمواجهة المحافظ على الأملاك العقارية بهذه الدعوى ملتمسا التصريح بإخراجه منها.

وبناء على المذكرة الجوابية المقدمة من طرف الدولة الملك الخاص ، بواسطة مديرية أملاك الدولة المؤشر عليها بتاريخ: 18/09/2013 لاحظت بموجبها بأن حصول المدعيان على موافقة اللجنة الوزارية المشتركة من أجل تسوية النزاع لفائدتهم، لا يلزمها بالتخلي عن هذا العقار لصالحهم، ما دام لم يصدر أي قرار بذلك، وأن موافقة اللجنة هو مجرد رأي استشاري غير ملزم لأي طرف وهذا ما أكدته محكمة النقض من عدة قرارات، ومن جانب آخر فإن طلب المدعيان يرمي إلى التشطيب على اسم الدولة، وهذا لا يتأتى إلا بإلغاء القرار الوزاري المشترك، الذي هو قرار إداري لا يجوز إلغاؤه إلا عن طريق دعوى مستقلة أمام قضاء الإلغاء وداخل الأجل، وهو المنحى الذي أكده أيضا العمل القضائي، والتمست لهذه العلل اسناد النظر من حيث الشكل، والحكم برفض الطلب موضوعا.

وبناء على مذكرة المستنتجات التوضيحية للمقال الأصلي مع التعقيب على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف المدعيان بواسطة نائبهما بجلسة: 24/10/2013 التي أوضحا بموجبها الإطار القانوني المنظم للدعوى والشروط التي يجب توفرها في العقار ليصح استرجاعه من طرف الدولة ذلك أن تطبيق ظهير الاسترجاع ترتبت عنه عدة صعوبات وإشكالات قانونية استدعت إصدار العديد من الدوريات والرسائل الوزارية لتبيان كيفية التطبيق. وشروط التسوية بالنسبة للحالات التي تتوفر على الشروط القانونية، وأكدا على أن مورثهما قد حصل على الرخصة الإدارية قبل اقتناء العقار، وأنه يتوفر على عقد بيع تام الأركان وأدى كامل الثمن، وأن شروط الاسترجاع غير متوفرة لكون العقار إبان صدور القرار الوزاري المشترك كان يتواجد بداخل المجال الحضري لمدينة وجدة ، وعلى هذا الأساس فإن جميع الاجتماعات التي عقدتها اللجنة المكلفة بالتسوية قد اقتنعت بصحة مطلب مورثهما ومطالبهما من بعده، وقد تم اقتراح جميع الحلول التي تنص عليها الدورتين الصادرتين عن السيد الوزير الأول – سابقا – رئيس الحكومة، الصادرتين بتاريخ: 20/08/1980 وبتاريخ: 18 أبريل 1994، بحيث أنه في ضوء ما تنص عليه المذكرتين تمت دراسة ملف تسوية العقار. وأكدا المدعيان أيضا على أن حالة النزاع تدخل ضمن الحالات التي سبق عرضها على القضاء، وقضى بتسوية الوضع مستشهدين في هذا الإطار بنسخة من حكم سابق صادر عن هذه المحكمة، وبقرار الغرفة الإدارية بمحكمة النقض وقد تم تنفيذ الحكم السالف الذكر القاضي بتأييده مع العلم أن الوثائق التي يتوفران عليها أقوى من حيث الحجية بالنسبة للوثائق المعتمد في النازلة السابقة ، كما أن الحلول المقترحة لتسوية النزاع تتسم بالجدية والقناعة أكبر من النازلة المذكورة. وقد لاحظا المدعيان في الأخير بأنه ولئن كان لم يطعنا في قرار الاسترجاع، إلا أن الحوار والتفاوض بقي مستمرا إلى حدود الآن بدليل آخر الأجوبة الصادرة عن الجهة المدعى عليها، وأنه يمكن فحص شرعية ذلك القرار بموجب هذه الدعوى، واستشهدا المدعيان في هذا الإطار ببعض الحالات التي تمت تسويتها وهي حالات مشابهة، وأصدرت قرارات التخلي المطلوب إصداره بالنسبة للعقار موضوع النزاع . واستنادا إلى جميع ما جاء بهذه المذكرة بتفصيل وما أرفق بها من وثائق فقد التمسا استبعاد جميع الدفوع، والإشهاد على تعديل ملتمسهما، وذلك بالحكم على الجهة المدعية بتسوية الوضعية القانونية للرسم العقاري عدد: … وذلك بإصدار قرار التخلي عنه لفائدتهما طبقا لما تنص عليه الدورتين الصادرتين عن الوزير الأول عدد: 1470 بتاريخ: 28/08/1980، وعدد: 449 بتاريخ: 18/04/1994 ووفقا لما آلت إليه القرارات الصادرة عن اللجان التي بتت في الموضوع.

وبناء على المذكرة التعقيبية المقدمة من طرف الدولة الملك الخاص بواسطة مديرية أملاك الدولة والرامية إلى تأكيد الدفوع السابقة.

وبناء على المذكرة التعقيبية المقدمة من طرف السيد المحافظ على الأملاك العقارية بوجدة والرامية إلى تأكيد الجواب الوارد أعلاه.

وبناء على تبليغ نسخة من المقال إلى باقي المدعى عليهم وعدم إدلائهم بأي جواب رغم التوصل بصفة قانونية.

وبناء على الوثائق الأخرى المدرجة بالملف.

وبناء على الإعلام بإدراج القضية بعدة جلسات كان آخرها الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ: 06/02/2014، وبعد المناداة على الأطراف ومن ينوب عنهم، وحضور الأستاذ عبادي عن نائب المدعيان، وتخلف الجهة المدعى عليها، فقررت المحكمة اعتبار القضية جاهزة، وبعد أن تلا السيد المفوض الملكي تقريره الكتابي – الرامي إلى إجراء بحث في النازلة حول مآل مسطرة التخلي عن العقار التي باشرتها اللجنة العاملية الإقليمية موضوع محضر الاجتماع المؤرخ في: 09/11/2012، وحول مباشرة الطعن بالإلغاء ضد قرار الاسترجاع – تم وضع القضية في المداولة لجلسة: 20/02/2014.

وبعد المداولة  طبقا للقانون

في الشكل: حيث قدم الطلب مستوفيا لجميع الشروط الشكلية المتطلبة قانونا لذلك فهو مقبول من هذه الناحية.

في الموضوع: حيث يهدف الطلب الأصلي والتوضيحي إلى الحكم على الجهة المدعى عليها بتسوية الوضعية القانونية للأرض موضوع الرسم العقاري عدد: … الكائنة بوجدة. وذلك بالتخلي عنها لفائدة المدعيان مناصفة بينهما، وإلزامها باتخاذ كل الإجراءات والتدابير الفعلية والقانونية لنقل ملكية العقار المذكور، وفقا لما تنص عليه القوانين والدوريات المنظمة للنزاع ، ووفقا لما خلصت إليه اللجنة المكلفة بالبت في النزاع مع اعتبار الحكم بالتخلي بمثابة سند للتفويت وأمر السيد المحافظ على الأملاك العقارية بشطب اسم الدولة – الملك الخاص – وتقييد اسم المدعيان بالرسم العقاري .

وحيث دفعت مديرية أملاك الدولة بكون ما خلصت إليه اللجنة هو مجرد رأي استشاري غير ملزم لها وهو ما أقره العمل القضائي، وأن ملتمس التشطيب على اسم الدولة من الرسم العقاري يستلزم مناقشة القرار الوزاري المشترك القاضي باسترجاع العقار موضوع النزاع، والذي يجب تقديم دعوى مستقلة بشأنه داخل الأجل والتمست لهاتين العلتين الحكم برفض الطلب، في حين التمس المحافظ على الأملاك العقارية إخراجه من الدعوى لأن عمله اقتصر على تنفيذ القرار الوزاري المشترك، في حين لم يدل باقي المدعى عليهم بأي جواب رغم التوصل ومنحهم أجلا كافيا لذلك.

وحيث إنه بعد دراسة المحكمة لكافة معطيات النازلة تبين لها أن الطلب قد أسس على وسيلة واحدة وهي:

  • أحقية المدعيان في تسوية الوضعية القانونية للعقار موضوع النزاع.

وحيث إن الثابت من وثائق الملف ومما لا نزاع فيه بأن المرحوم السيد … قد اشترى بموجب العقد المصحح الإمضاء والمسجل لدى المصالح البلدية لمدينة وجدة بتاريخ: 15 يناير 1968 الرسم العقاري عدد: … من المالكة الأصلية للعقار، وذلك قبل صدور ظهير 02 مارس 1973 المتعلق باسترجاع الأراضي الفلاحية من المعمرين، وقد انتقلت إليه الملكية بموجب العقد المذكور، وبعد مرور أزيد من عشر سنوات على شراء العقار، وسبع سنوات على صدور ظهير الاسترجاع ، فقد لجأت الدولة إلى استرجاع العقار المذكور وتسجيله في اسمها، وذلك بموجب القرار الوزاري المشترك عدد: 1452/80 المؤرخ في: 26/12/1980 المنشور بالجريدة الرسمية عدد: 3568 بتاريخ: 18/03/1981، هذا ومنذ شراء مورث المدعيان ومن بعده خلفه وهم يطالبون بتسوية وضعية العقار المذكور لانعدام شروط الاسترجاع .

وحيث إنه في ضوء ما أدلى به في الملف، وما تمسك به الطرف المدعي، فمما لا شك فيه بأن صدور ظهير الاسترجاع قد ترتبت عنه عدة إشكالات قانونية وصعوبات واقعية من حيث التطبيق لاسيما  بالنسبة للعقارات التي تم شراءها من طرف المواطنين المغاربة من الأجانب قبل صدور ظهير الاسترجاع وعلى هذا الأساس بادرت الدولة بواسطة الإدارات المعنية بقانون الاسترجاع إلى إصدار العديد من الدوريات الموضحة لشروط التطبيق، وتلك المتعلقة باستثناء بعض الأجانب ولمساحات معينة، وأهمها تلك المتعلقة بشروط تسوية النزاعات الناشئة عن تطبيق ظهير الاسترجاع، وأهمها الدورية عدد: 4/170 بتاريخ: 20/08/1980 ورسالتي الوزير الأول عدد: 449 بتاريخ: 08/04/1994 وعدد: 1326 بتاريخ: 03/06/2011، والهدف من الدورية والرسالتين المذكورتين هو تجاوز الصعوبات التي عرفها تطبيق الظهير السالف الذكر.

وحيث إنه بقراءة النصوص القانونية الخاصة بالاسترجاع والدوريات المذكورة، بتأكد جليا بأن أهم شروط تطبيق مقتضيات ظهير الاسترجاع فإنها تنحصر في شرطين وهما:

1 – أن يكون العقار مملوك لأجنبي.

2 – أن يكون عقارا فلاحيا أو قابلا للفلاحة.

أما بخصوص من له الحق في المطالبة بتسوية الوضعية القانونية للعقار الذي تم استرجاعه فيجب أن تتوفر فيه الشروط التالية:

1 – أن يكون متوفرا على عقد شراء ثابت التاريخ ومصحح الإمضاء.

2 – أن يكون الشراء مسبوقا بالإذن المنصوص عليه في ظهير: 26/09/1963 المتعلق بمراقبة العمليات المنصبة على العقارات الفلاحية.

3 – أن يكون مشمولا بالإحصاء ويتوفر على محضر حيازة الاستغلال.

وحيث إن من توفرت فيه الشروط المذكورة فتطبيقا للدورية 4/170 بتاريخ: 20/08/1980 والرسالة عدد: 449 بتاريخ: 08/04/1994، فإنها تسفر عن إحدى الحلول التالية:

  • إما تفويت العقار بثمن رمزي لفائدة المطالب بالتسوية.
  • إما أن تحتفظ به الدولة مقابل أدائها التعويض لفائدة المعني بالأمر.
  • إما بتعويضه بعقارات فلاحية أخرى.

وحيث إنه في هذا الإطار فإن العقار موضوع النزاع ولئن كان مسجلا بصحيفة الرسم العقاري في اسم الدولة – الملك الخاص – وأن المطالبة بأي حق عيني بخصوص عقار محفظ ينبغي أن يكون ذلك الحق مسجلا أولا بالرسم العقاري تحت طائلة عدم القبول، إلا أنه باستقراء المعطيات الواردة أعلاه، فإن الأمر يختلف مادام العقار يدخل ضمن الأراضي المسترجعة، ويكون بإمكان من يدعي حقا بشأنه المطالبة بالتسوية القانونية إن توفرت شروطها وفق لما أعلنت عنه الدولة بموجب الدوريات المذكورة، وبذلك فإن هذه المقتضيات تدخل في إطار مقتضيات القانون العام، ومن هذا الجانب تستمد هذه المحكمة اختصاصها وصلاحيتها للبت في النزاع، وهو الاتجاه الذي سبق لهذه المحكمة أن سلكته بموجب نازلة مشابهة موضوع الملف عدد: 35/03 ش ت حكم عدد: 314 بتاريخ: 05/12/2005 المؤيد استئنافيا – الغرفة الإدارية سابقا – بموجب القرار عدد: 141 بتاريخ: 25/02/2009 الملفين المضمومين عدد: 1204/4/3/2006 و 1205/4/3/2006 الاتجاه الذي خلصت فيه إلى إحدى الحلول الممكنة والمذكورة أعلاه.

وحيث إنه بالنسبة لنازلة الحال فبخصوص شروط تطبيق ظهير الإسترجاع، فإن الثابت من وثائق الملف وبإقرار من الجهة المدعى عليها، بأن العقار بتاريخ إصدار القرار الوزاري المشترك الذي تم بموجب استرجاعه وتسجيله باسم الدولة كان يتواجد بداخل المجال الحضري لمدينة وجدة المصادق عليه بتاريخ: 10/11/1976 بموجب المرسوم رقم: 355/77/2 . وهو المعطى الذي أكدته اللجنة العاملية في محضري اجتماعها – المستدل بهما في الملف – وعللت به استصدار قرار التخلي عن العقار لفائدة المدعيان.

وحيث إنه ما دام قد ثبت شراء مورث المدعيان بعقد صحيح واعتمدته اللجنة في التسوية، قبل صدور ظهير الاسترجاع، وقبل تفعيله بموجب القرار الوزاري المشترك، ومادامت العبرة في تحديد طبيعة العقار وقابليته للإسترجاع من عدمه هي بتاريخ صدور القرار الوزاري المشترك، فإنه بهذا التاريخ كانت الملكية انطلاقا من عقد البيع في اسم مغربي، والعقار غير فلاحي، وبذلك تكون قد اختلت شروط تطبيق الاسترجاع.

وحيث إنه مادام كذلك فقد ثبت من خلال وثائق الملف بأن الجهة المدعى عليها قد فتحت ملف التفاوض مع الطرف المدعي، بدأت بإنجاز محضر الاستغلال، ثم باقتراحها في البداية على مورث المدعيان بواسطة الكتاب الصادر عن السيد وزير الاقتصاد والمالية تحت عدد: 14448 بتاريخ: 20 يونيو 2001 تعويضه بعقارات أخرى موضوع الرسمين العقاريين عدد: … البالغة مساحتهما الإجمالية 56 هكتارا، الكائنين بعمالة وجدة أنجاد. ثم بعد ذلك موافقة اللجنة الوزارية المشتركة، أعلى هيئة في هذا النوع من النزاعات، وبعد ذلك الإحالة على اللجنة العاملية التي عقدت عدة اجتماعات كان آخرها الاجتماعين موضوع المحضرين المؤرخين في: 16 أبريل 2012 و 09 نونبر 2012 . وبعد دراستها للملف بشكل مستفيض من الناحية القانونية، والميدانية، فإن اللجنة قررت، وليس اقترحت كما جاء بدفع مديرية أملاك الدولة، قررت استصدار قرار التخلي عن العقار لفائدة الطرف المدعي، مع الأخذ بعين الاعتبار المعطيات المستمدة من الواقع، لاسيما الجزء المخصص لمؤسسة للا أسماء للصم والبكم، والجزء المخصص لفائدة وزارة التربية الذي لا يستغل منه سوى المساحة المخصصة لبناءات مهجورة يستغل إحداها من طرف أحد متقاعدي الوزارة، أما باقي المساحة فجزء منها يستغل من طرف الغير للعب الكرة الحديدية وباقي المساحة شاغرة.

وحيث إن قبول الجهة المدعى عليها بتسوية الوضع نابع من اقتناعها على توفر الطرف المدعي على شروط التسوية، فله عقد ثابت التاريخ ومصحح الإمضاء، وتم إحصائه وسلم له محضر بشأن ذلك، وعمد إلى استصدار الإذن بالتفويت طبقا لما ينص عليه ظهير 1963 المتعلق بمراقبة العمليات المنصبة على العقارات الفلاحية المملوكة للأجانب، وتم قبوله من طرف اللجنة واعتمدته ضمن أسانيد التسوية التي قررتها، فضلا عن الخطأ في تطبيق مقتضيات الاسترجاع بتاريخ صدور القرار الوزاري المشترك، والمتمثل في انعدام الطبيعة الفلاحية للعقار.

وحيث إنه استجماعا لما ذكر، فإنه باختلال أحد شروط تطبيق ظهير الاسترجاع، واستحضارا لتوفر المدعيان على شروط التسوية، في إطار الدورية عدد: 4/170 بتاريخ: 20/08/1980 الصادرة عن السيد الوزير الأول، فيكون من حقهما المطالبة بتلك التسوية، وعليه فإنه ولئن كان مورثهما لم يطعن في قرار الاسترجاع، إلا أنه يمكن فحص وملامسة مدى مشروعيته بموجب هذه الدعوى، وذلك في ظل قبول الإدارة المدعى عليها بفتح مجال للتسوية، ويستبعد ما أثارته مديرية أملاك الدولة من ضرورة تقديم طعن مستقل بشأن الاسترجاع وداخل الأجل، لأنها بنفسها وباقي الإدارات المدعى عليها، قد تخلت ضمنيا عن قرارها لما قبلت وقررت في أكثر من مناسبة تسوية الوضع وتكون بذلك فتحت بابا آخر للمنازعة في قرار الاسترجاع، إلا أن الأمر لازال في قيد الدراسة رغم مرور أزيد من 45 سنة على تاريخ شراء العقار موضوع النزاع.

وحيث إنه أمام جميع ما ذكر فإنه يتعين اعتبار ما توصلت إليه اللجنة العاملية بخصوص استصدار قرار التخلي عن العقار بأنه يتماشى مع المقتضيات الواردة في دورية 1980 ويتماشى أيضا مع قواعد العدل والإنصاف أما بخصوص ملاحظاتها المستمدة من الواقع، فإنه قد تبين للمحكمة من خلال محضري اجتماع اللجنة، بأن المدعيان يقران بأنهما يتنازلا عن مساحة 2530 متر مربع لفائدة مؤسسة للاأسماء للصم والبكم وذلك على سبيل البر والإحسان، وبذلك فإنه يتعين استثناء هذه المساحة من التسوية المطلوبة.

وحيث إنه فيما يخص الجزء المستغل من طرف وزارة التربية الوطنية الذي هو عبارة عن خمسة مساكن أربعة مهجورة والخامس يعتمره أحد متقاعدي الوزارة بدون سند، فإنه يبقى قابل للحل وفقا للمعادلة التي أقرتها الدورية عدد: 4/170 بتاريخ: 20/08/1980، وذلك إما بتفويته أيضا إلى الطرف المدعي، أو بتعويضه عنه عينا أو نقدا إذا أرادت الجهة المدعى عليها الاحتفاظ به أما باقي المساحة فهي شاغرة وما يتواجد فوقها قابل للحل بمساطر قانونية أخرى، التي تأتي في مقدمتها المطالبة موضوع الدعوى الحالية، التي تبقى مبنية على أساس سليم ويتعين الاستجابة لها، وذلك بالتخلي عن العقار لفائدة المدعين.

وحيث إنه فيما يخص طلبات الحكم على الإدارة باتخاذ الإجراءات الفعلية لنقل الملكية، وأمر السيد المحافظ بالتشطيب على اسم الدولة، وتقييد اسم المدعيان بالرسم العقاري، فهي طلبات تنطوي على توجيه أمر للإدارة وهو ما يجوز ، وفي جانب آخر فإنها تخرج عن دائرة اختصاص هذه المحكمة وتتجاوز الإطار القانوني الذي بتت فيه المحكمة في النزاع، بحيث اقتصرت على معاينة شروط التسوية في إطار المقتضيات المذكورة أعلاه، وأمرت بها، وبذلك يتعين استبعاد الطلبات المذكورة.

الـمنطـــــوق

وتطبيقا للمواد 3 – 4 – 5 – 7 – 8  من القانون 41/90 المحدث للمحاكــم الإداريــــة. وظهيـــــــــــــــــر 02 مارس 1973 المتعلق باسترجاع الدولة للعقارات الفلاحية والقابلة للفلاحة من المعمرين.

لهــــــــذه الأسبــــاب

حكمت المحكمة الإدارية علنيا ابتدائيا حضوريا:

في الشكل: بقبول الطلب.

في الموضوع: بالحكم على الجهة المدعى عليها بتسوية الوضعية القانونية للقطعة الأرضية موضوع الرسم العقاري عدد:… الكائنة بوجدة، وذلك بالتخلي عنها لفائدة المدعيان وفقا لما قررته اللجنة العاملية، باستثناء المساحة المخصصة لفائدة مؤسسة للا أسماء للصم والبكم، مع تحميل المدعى عليها الصائر.      

وبه صدر الحكم وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بالمحكمة  الإدارية بوجدة.

الرئيس(ة)                                        المقرر                       كاتب(ة) الضبط