اتجاه المشرع المغربي نحو رسمية التصرفات العقارية

د. إدريس الفاخوري
أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق وجدة
هذا المقال منشور في العدد الثالث* 2019 * من مجلة فضاء المعرفة القانونية التي تصدر عن المركز.
إن تحصين الملكية العقارية في التشريع العقاري المغربي اقتضى من المشرع سن مجموعة من النصوص واتخاذ عدة تدابير من شأنها حماية الملكية من كل اعتداء أو غصب أو استيلاء بدون وجه حق ، ويعتبر التوثيق من أنجع وأهم الوسائل التي تحقق هذه الحماية، لما يؤمنه من ضمان وحماية للحقوق والمصالح، وتتضاعف أهميته كلما تعلق الأمر بالحفاظ على الملكية العقارية والحقوق المرتبطة بها.
وإذا كان توثيق التصرفات العقارية يخضع لشكلية الكتابة طبقا لمقتضيات الفصل489 من قانون الالتزامات والعقود، وأن المشرع المغربي وفق هذا المبدأ، قد ترك الحرية للأطراف المتعاقدة لتوثيق تصرفاتهم العقارية إما في محرر رسمي[1]، أو عرفي[2]، فإنه بصدور مدونة الحقوق العينية[3] وضع المشرع حداً للنقاش الذي كان سائدا حول شكلية الكتابة في البيوعات العقارية[4]. بالنص على توثيق :
- جميع العقود الرامية إلى تفويت الملكية العقارية سواء تم ذلك التفويت بعوض أو بغير عوض.
- جميع العقود المتعلقة بإنشاء حقوق عينية على الملكية العقارية، سواء كانت هذه الحقوق أصلية أو تبعية.
- جميع العقود المتعلقة بتفويت الحقوق العينية بعوض أو غير عوض.
- جميع العقود المتعلقة بتعديل الحقوق العينية.
- جميع العقود المتعلقة بإسقاط الحقوق العينية.
تعتبر عملية تحرير العقود المتعلقة بالتصرفات العقارية ذات أهمية بالغة نظرا لكونها تلعب دورا أساسيا في إثبات التصرفات. وكذا في المساهمة في تسيير التداول العقاري، إلا أن نجاح هذه العملية مرهون بمدى إمكانيتها في تحقيق استقرار المعاملات ونجاعتها في تحديد الالتزامات[5] .
وبقدر هذه الأهمية لم يكتف المشرع المغربي بتنظيم هذه التصرفات المتعلقة بالعقار كآلية أساسية للرفع من التنمية والاستثمار في قانون واحد [6] بل عمل على تنظيمها في مجالات مختلفة كلها ترتبط بالعقار ويتعلق الأمر بالقوانين التالية :
- القانون رقم 12-107 المغير والمتمم للقانون 00 المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز. المتمم بموجبه قانون الالتزامات والعقود[7] .
- القانون رقم 12-106 المغير والمتمم لقانون 18-00 المتعلق ببيع الشقق في إطار الملكية المشتركة[8].
- القانون رقم 51.00 المتعلق بالكراء المفضي إلى تملك العقار[9]
- القانون رقم 25.90[10] المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات
- السكنية، وتقسيم العقارات.
- القانون الصادر في (23 فبراير 2010 ) المتعلق بمدونة الأوقاف[11].
وبهذه الترسانة القانونية يكون المشرع المغربي حاول الحد أو على الأقل التخفيف من حدة النزاعات التي تعرفها التصرفات العقارية، والتي غالبا ما تكون ناتجة عن توثيق العقود المرتبطة بها، خصوصا أن القواعد العامة لم تعد كافية لتنظيم مختلف المجالات المرتبطة بالعقار.
على أي، اهتمت القوانين المذكورة أعلاه، بتحديد الجهات المخول لها تحرير التصرفات المتعلقة بالعقار (المطلب الأول)، وهذه التصرفات ليست محددة في قانون واحد، وإنما تكررت في أكثر من قانون (المطلب الثاني)، وتدخل المشرع بمقتضى المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية لتكريس الرسمية في التصرفات العقارية (المطلب الثالث ). وهذا ما نتعرض له في المطالب الثلاثة :
المطلب الأول: الجهات المخول لها تحرير التصرفات العقارية في إطار التشريعات العقارية الخاصة.
المطلب الثاني: رسمية التصرفات العقارية في ضوء التشريعات العقارية الخاصة.
المطلب الثالث : رسمية التصرفات العقارية في ضوء المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية
المطلب الأول: الجهات المخول لها تحرير التصرفات العقارية في إطار لتشريعات العقارية الخاصة.
أمام انتشار ظاهرة المحررات العرفية، والتي كانت السبب الرئيسي في تعميم الفوضى و الإهمال في مجال توثيق المعاملات العقارية، مما نتج عنه ضياع الحقوق والأموال عن طريق الترامي عليها بدون حق مشروع، وبالتالي انعدام الاستقرار في المعاملات العقارية.
لذلك تدخل المشرع المغربي بسنه لمجموعة من القوانين العقارية الخاصة، حيث أسند مهمة توثيق المعاملات العقارية الواردة عليها لأشخاص محددين لهم من الكفاءة العلمية والعملية ما يؤهلهم لهده المهمة، وقد رتب البطلان كجزاء عن مخالفة ذلك[12].
هذا وتعتبر القوانين المنظمة للتصرفات العقارية في إطار القوانين الخاصة بمثابة تأكيد نية المشرع على السير و العزم على إقرار الرسمية في مجال المعاملات العقارية، ويتجلى ذلك بالخصوص من خلال تحديد الجهات المؤهلة لتحرير هذه العقود على الرغم من أنه أبقى على مبدأ الخيار بين محررات رسمية (الفقرة الأولى) و محررات ثابتة التاريخ (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى: الجهات المؤهلة لتحرير العقود الرسمية في إطار القوانين الخاصة
نصت المادة 12 من القانون رقم 18.00 كما تم تعديله وتتميمه بالقانون رقم 106.12 على أنه (يجب أن تحرر جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة يخولها قانونها تحرير العقود، وذلك تحت طائلة البطلان.
يحدد وزير العدل سنويا لائحة بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود…)
أيضا الفصل 618.3 من القانون رقم 44.00 المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز كما عدل و تمم بالقانون رقم 107.12 نص على أنه :
“يجب أن يرد عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الإنجاز إما في محرر رسمي أو في محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة يخولها قانونها تحرير العقود، وذلك تحت طائلة البطلان.
يحدد وزير العدل سنويا لائحة بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود …”
وكذا المادة 4 من القانون 51.00 الذي لم يطرأ عليه أي تعديل بعد والذي ينص على أنه: ” يجب أن يحرر عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار بموجب محرر رسمي أو في محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية ومنظمة يخولها قانونها تحرير العقود، وذلك تحت طائلة البطلان.
يحدد وزير العدل سنويا لائحة بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير هذه العقود …”
كما تدخلت السلطة التنظيمية بمقتضى المرسوم رقم 2.03.852 الصادر في (07 يونيو 2007) ليس لتحديد شروط تقييد باقي المهنيين المقبولين لتحرير العقود،و إنما لبيان كيفية تطبيق أحكام المادة 12 من القانون 106-12 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية[13].
ومباشرة صدر مرسوم آخر رقم 2.03.853 يتعلق بتطبيق أحكام الفصلين 618.3 و618.16 من ق.ل.ع كما عدل وتمم بالقانون رقم 107.12 حيث يحمل نفس صياغة المرسوم الأول.
وبذلك أصبحت السلطة التنظيمية تنافس المشرع في وضع معايير لم يقل بها المشرع، فالمشرع ميز في القوانين المشار إليها أعلاه بين المحرر الرسمي والمحرر ثابت التاريخ بينما المرسوم أعلاه ميز بين من هو مؤهل قانونا للتحرير (العدل، الموثق، المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض) وبين المحرر المنجز من طرف من سيدرج اسمه في لائحة المهن القانونية والمنظمة المقبولة لتحرير للعقود [14]
إذن بناء على ما سبق فالعدل والموثق هما اللذان يمكن لهم تحرير العقود الرسمية في ظل القوانين الخاصة، والمشرع جاء فيها بنص يكاد يتشابه وإن لم نقل مكررا أو مشتركا بين القوانين الثلاثة المذكورة.
وعليه، فالموثق والعدل كلاهما يخضعان لمهنة مختلفة فالأول يخضع لمهنة التوثيق (العصري) بموجب القانون رقم 32.09 الذي جاء في مادته الأولى[15] بتعريف التوثيق بأنه مهنة حرة تمارس وفق الشروط وحسب الاختصاصات المقررة في هذا القانون.
وبهذا يكون المشرع قد خطى خطوة مهمة حيث نظم مهنة التوثيق بشروط وضوابط وأحكام، منها ما هو مرتبط بالموثق ومنها ما هو مرتبط بالوثيقة التي يحررها هذا الأخير.بعبارة أخرى فالمشرع المغربي لتنظيمه هذه المهنة يكون قد وفر إلى حد كبير حماية قانونية للمهنة والمتعاملين معها.
لأنه إذا تفحصنا جل مقتضيات هذا القانون نجد أنه يصب في حماية المتعاقدين بالمحررات العقارية عامة وفي ظل القوانين الخاصة بشكل خاص نظرا لأن الفئات التي تلتجئ إلى هذه القوانين عادة ما تحتاج إلى أكبر حماية ممكنة.
و على هذا الأساس فالقانون 32.09 جاء بالضمانات التالية :
- إلزام الموثق تحت مسؤوليته بالتأكد من صحة هوية الأطراف وصفاتهم[16]
- حماية الحقوق الراجعة لأصحابها وقطع الطريق أمام المتلاعبين و العابثين.
- التأكد من الوضعية القانونية للعقار بغض النظر عن طبيعته إذا كان محفظا أو غير محفظ أو في طور التحفيظ.
- إسداء النصح وتوضيح الأبعاد و الآثار التي قد تترتب عن العقود التي يتلقاها.
- إمكانية الاستعانة بترجمان كلما واجه الموثق صعوبة في لغة معينة.
- ارتجال فحوى الوثيقة على الأطراف.
- تحديد طريقة كتابة الوثيقة بعيدا عن أي إشكالات.
- كتمان السهر المهني في كل ما يتعلق بالعقود التي يحررها وتصريحات الأطراف.
وعليه يتبن أن تحرير المعاملات العقارية في محرر رسمي يشكل ضمانة قانونية سواء بالنسبة للمعاملات العقارية بصفة عامة أو في إطار القوانين الخاصة.
كما يعتبر العدول[17] إلى جانب الموثق الذي تحدثنا عنه أعلاه جزء لا يتجزأ من منظومة التوثيق في التصرفات العقارية.
فالتوثيق العدلي مؤسسة قانونية مهمة لا يمكن الاستغناء عنها منذ ظهوره إلى يومنا هذا. وإن كان قد تعرض في فترة من الزمن لنوع من الإقصاء و التهميش داخل المجتمع المغربي، إلا أن سلسلة الإصلاحات القانونية[18] التي استهدفته جعلته إلى حد ما يتخطى تلك الأزمة في فترة الاستعمار[19].
عموما تتجلى أهمية التوثيق العدلي على خلاف التوثيق العصري أنه يجمع بين أحكام الشهادة و أحكام الكتابة وهي ميزة يتميز بها التشريع المغربي على خلاف التشريعات المقارنة كالمشرع السعودي و المصري، أما التشريعات الأخرى الأوروبية فهي لا تعرف مثل هذه المؤسسة التوثيقية.
ومن مستجدات هذه المنظومة ولوج المرأة المغربية لمهنة التوثيق بعد صراع طويل أثار مداد الكثير من الباحثين و والمهتمين، و نعتقد أنها خطوة جديدة في مسار تحديث منظومة العدالة و تفعيل مقتضيات الدستور خاصة في جانبها المتعلق بالمساواة طبقا للفصل 19 من الدستور المغربي 2011[20]، على أي فالقانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة و المرسوم التابع له يلزمان العدول باحترام والتزام ضوابط مهنتهم كما يحددها. وإلا قد يشوب المحرر العدلي نواقص وبالتالي امتناع القاضي المكلف بالتوثيق من المخاطبة عليها. لأن الوثيقة العدلية على خلاف الوثيقة المحررة من طرف الموثق، فهي تمر بمرحلتين لا تغني إحداهما عن الأخرى فبعد الاستماع للشهادة وتوثيقها من طرف العدلين يقوم القاضي بالمخاطبة عليها حتى تكتسب الصبغة الرسمية، بعد تأكده من صفة المحرر وخلوه من أي عيب أو ما يخالف القانون.
وفي ما يخص ضمانات وأهداف قانون خطة العدالة المنظمة لمهنة التوثيق العدلي، فهي نفسها مقارنة مع مهنة التوثيق العصري.
الفقرة الثانية: الجهات المؤهلة لتحرير العقود الثابتة التاريخ في إطار التشريعات الخاصة
بالرغم أن المشرع المغربي في إطار القوانين الخاصة المتعلقة بالعقار اشترط أن تكون التصرفات المتعلقة بها محررة في وثيقة رسمية من حيث الأصل. بعد أن كرس توجهه نحو إقرار الرسمية بالتدريج، فإن مع ذلك سمح بإمكانية إبرام التصرفات القانونية بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محامي مقبول للترافع أمام محكمة النقض.
وتعتبر العقود ثابتة التاريخ عقود عرفية مقيدة من لدن المشرع بضوابط خاصة تجعل منها محررات ذات حد أذني من المصداقية دون أن يغير ذلك من طبيعتها أو الارتقاء بها إلى مستوى الوثائق الرسمية[21]
إضافة إلى المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض خول المشرع تحرير هذه العقود لبعض المهنيين المنتمين إلى مهنة قانونية و منظمة يخولها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان.
كما أن المشرع علق الأمر بضرورة صدور لائحة سنوية تحدد المهنيين المؤهلين من طرف وزير العدل[22].
إلا أن التساؤل المطروح من هم المهنيين المنتمين إلى مهنة قانونية منظمة؟
بالرجوع لمختلف القوانين نجد مجموعة منها تحدد أشخاص يمكن اعتبارهم منتمين لمهنة قانونية منظمة ويتعلق الأمر بـ:
- مهنة المحاماة[23] إلا أن القوانين المذكورة أعلاه اشترطت أن يكون مقبولا للترافع أمام محكمة النقض[24] .
- وكلاء الأعمال: وقد يكون شخصا ذاتيا أو معنويا فالمهم أنه ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة[25] سواء كانت حرة أو تابعة للدولة.
على أي فالشروط الواجب توفرها بالمحرر الثابت التاريخ سواء في المحرر المنظم بمقتضى المادة 12 من القانون 106-12 بالملكية المشتركة للعقارات المبنية والفصلين 3-618 و3-618 مكرر واحد و 3-618 مكرر مرتين و 16-618 من القانون 12-107 المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز المفضي لتملك العقاري هي شروط واحدة كالتالي:
- أن يكون المحرر ثابت التاريخ و يتحقق ذلك وفق مقتضيات الفصل 425 من ق. ل.ع والذي ينص على أنه : “المحررات العرفية دليل على تاريخها بين المتعاقدين و وورثتهم و وخلفهم الخاص حينما يعمل كل منهم باسم مدينه، ولا تكون دليلا على تاريخها في مواجهة الغير إلا:
- من يوم تسجيلها، سواء كان ذلك في المغرب أم في الخارج:
- من يوم إيداع الورقة بين يدي موظف عمومي.
- من يوم الوفاة أو من يوم العجز الثابت إذا كان الذي وقع على الورقة بصفته متعاقد أو شاهدا قد توفي أو أصبح عاجزا عن الكتابة عجزا بدنيا.
- من يوم التأشير أو المصادقة على الورقة من طرف موظف مأذون له بذلك أو من طرف قاض سواء في المغرب أو في الخارج.
- إذا كان التاريخ ناتج عن أدلة أخرى لها نفس القوة القاطعة.
- إذا كان التاريخ ناتجا عن التوقيع الإلكتروني المؤمن الذي يعرف بالوثيقة وبموقعها وفق التشريع الجاري به العمل.
ويعتبر الخلف الخاص من الغير في حكم هذا الفصل، إذا كان لا يعمل باسم مدينه”.
- أن يكون المحرر موقعا من طرف محرره، ومؤشرا على جميع صفحاته من الأطراف والجهة التي حررته.
لأن التوقيع على المحرر حتى وإن كان عرفيا يعطي له قوة الإثبات كقوة السند أو المحرر الرسمي وبالتالي لا يمكن الطعن فيه إلا بالزور، وذلك طبقا للفصل 424 من ق.ل.ع الذي نص على أن: “الورقة العرفية المعترف بها ممن يقع التمسك بها ضده أو المعتبرة قانونا في حكم المعترف بها منه، يكون لها نفس قوة الدليل التي للورقة الرسمية في مواجهة كافة الأشخاص على التعهدات و البيانات التي تتضمنها وذلك في الحدود المقررة في الفصلين 419 و420 عدا ما يتعلق بالتاريخ كما سيذكر في ما بعد.”
- أن يتم تصحيح توقيع المحامي من طرف رئيس كتابة ضبط المحكمة التي يقع العقار في دائرة نفوذه.
ونعتقد أن استعمال المشرع لمصطلح تصحيح إمضاء المحامي فيه نوع من التقليل لعمل المحامي لأنه قد يفهم منه أن توقيعه خاطئ يجب تصحيحه. و الأولى أن يستعمل مصطلح المصادقة بدل التصحيح.
على أي فالعلة من التصحيح الذي يقوم به رئيس كتابة ضبط المحكمة هي فقط إجراءات إدارية تؤكد من خلالها صحة التوقيع وليس الأمر يهدف إلى إضفاء الرسمية على المحرر على غرار المحرر العدلي.
وهذا ما أكده القضاء في العديد من المناسبات، حيث جاء في أحد قرارات المجلس الأعلى ما يلي: ” حيث ثبت صحة ما عابته الوسيلة، ذلك أن المطلوب في النقض لم ينكر توقيعه على العقد العرفي للشركة، ومع ذلك فإن المحكمة استبعدته لعدم المصادقة على التوقيع مع أن المصادقة على التوقيع لا أثر لها على ثبوت الورقة العرفية أو عدم ثبوتها مما يجعلها تخرق الفصل 431 من ق.ل.ع وتعرض قرارها للنقض،[26] وهو نفس النهج الذي سار عليه المجلس الأعلى-محكمة النقض حاليا- في قرار آخر جاء فيه “تصحيح توقيع من لدن السلطة المختصة لا يضفى على الورقة الحاملة لذلك التوقيع الصفة الرسمية، إذ المصادقة على التوقيع من طرف المصالح المختصة لا يعدو أن يكون إجراء إداريا”[27]
إلا أن قرارا آخر ذهب في توجه فريد من نوعه، حيث جرد إجراء المصادقة على التوقيع من كل أثر، واعتبر أن هذا الإجراء يجعل المحرر عرفيا من حيث مضمونه ورسميا من حيث توقيعه، حيث جاء فيه :
“…لم يعتبر القرار المطعون فيه عقد التنازل بمضمونه ورقة رسمية لأنه مشهود بصحته من طرف الموظف العمومي المختص بذلك، ولم يكن في حاجة إلى إجراء بحث في الموضوع مادام أن الطاعنين لم يطعنوا فيه بالزور من حيث التوقيع الامر الذي كان معه القرار المذكور معللا ومرتكزا على أساس قانوني”[28].
المطلب الثاني: رسمية التصرفات العقارية في ضوء التشريعات العقارية الخاصة
كما أشرنا سابقا أنه نظرا لمجموعة من المشاكل التي يطرحها الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود حيث أنه رغم تأكيده على ضرورة توثيق البيوع العقارية، إلا أنه لم يلزم توثيقها من طرف جهات محددة، كما أنه لم يحدد طبيعة المحرر الذي ينبغي أن تحرر فيه التصرفات العقارية حتى تكون لها حجة قاطعة في الإثبات، وهو ما نتج عنه انتشار المحررات العرفية، وانعكس ذلك على الاستقرار في المعاملات العقارية وبالتالي تحقيق الأمنين التعاقدي و العقاري.
وهو ما دفع بالمشرع لسن مجموعة من القوانين العقارية التي تحمل طابع خاص مقارنة بالأنظمة العقارية الأقدم تاريخا.
حيث جعل كل نظام يحمل في مقتضياته شقا يتعلق بالتصرفات العقارية، ويتعلق الأمر بالقانون 106.12 المغير والمتمم للقانون 18.00 (الفقرة الأولى)، والقانون 107.12 المغير والمتمم للقانون 44.00 (الفقرة الثانية)، والقانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار (الفقرة الثالثة) وأخيرا القانونين 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية، والقانون 23 فبراير 2010 المتعلق بمدونة الأوقاف (الفقرة الرابعة). كما عمد المشرع المغربي مؤخرا على تعديل وتتميم بعض مقتضيات قانون الالتزامات والعقود المرتبطة بعقد الوكالة (الفقرة الخامسة ) .
الفقرة الأولى: تحرير التصرفات العقارية على ضوء القانون رقم 106.12
إن عملية تحرير العقود المتعلقة بالتصرفات العقارية تعتبر ذات أهمية بالغة نظرا لكونها تقوم بدور أساسي في إثبات التصرفات، و أيضا في المساهمة في تيسير تداول الملكية العقارية. إلا أن نجاح هذه العملية مرهون بمدى إمكانياتها في تحقيق استقرار المعاملات ونجاعتها في تحديد ضمانات تكفل التزامات طرفي العقد.
وقبل صدور القانون رقم 18.00 كما تم تعديله وتتميمه بالقانون 106.12 نجد بأن التصرفات العقارية كان يحكمها الفصل 489 من قانون الالتزامات والعقود المذكور سابقا، مما ترتب على ذلك جدل فقهي وقضائي نتيجة العمومية التي صيغ بها، بحيث لم يحدد العقارات الخاضعة له و الجهات المخول لها تحرير هذه العقود مقتصرا فقط على ذكر صيغة “الكتابة” الأمر الذي ترتب عنه بقاء المجال مفتوحا أمام جميع الجهات والفئات المختصة وغير المختصة، المهنية وغير المهنية لتحرير مختلف أنواع التصرفات العقارية[29].
وأمام هذا الوضع غير المحكم، تنامت المحررات العرفية مما نتج عنه ضياع حقوق الأفراد نظرا لكونها تفتقد إلى أبسط شروط الصحة.
وبهذا تدخل المشرع المغربي بمقتضى قوانين عقارية خاصة، ومن بينها القانون رقم106.12 المغير والمتمم للقانون رقم18.00 والذي جاء بالمادة 12[30] كطفرة تشريعية مهمة لتفادي النزاعات المترتبة عن تحرير التصرفات المبرمة في إطاره[31].
وبهذه المادة يكون المشرع قد حسم للأمر بخصوص تحرير العقود المبرمة على العقارات المبنية، وأصبح هذا التحرير واجبا بقوة القانون[32].
وبالتالي فإذا قمنا بقراءة المادة 12 أعلاه، وخصوصا بعد التعديل الذي طالها بموجب القانون 106.12 نستخلص ما يلي:
أولا: فرض المشرع لشكلية الكتابة في جميع العقود المبرمة في إطار العقارات المبنية والمشتركة تحت طائلة البطلان.
ثانيا: وضع الأطراف أمام الخيار بين المحررات الرسمية و المحررات ثابتة التاريخ.
ثالثا: التقليص من الجهات المخول لها حق إبرام هذه التصرفات في الموثقين والعدول بالنسبة للمحررات الرسمية، وفي المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض وباقي المهنيين الذين ستسفر عنهم اللائحة السنوية التي ستحدد من قبل وزير العدل.
رابعا: زوال الإشكال المتعلق بمدى إمكانية المحامي في تحرير عقد الهبة، حيث تم اعتبار أن عقد الهبة استثناء من المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية ومن المادة 12 المذكورة أعلاه، وبالتالي فإن تحرير عقد الهبة محصور في الموثق والعدول.
إلا أن الفقه انتقد المادة 12 المذكورة باعتبار أن المشرع اقتصر على المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض دون غيرهم من المحامين وهذا الأمر في وجهة نظرهم غير منطقي[33].
أما على المستوى القضائي فالأغلبية الساحقة تتبنى الموقف الذي نهجه المشرع المغربي خاصة ما جاء في مقتضيات المادة 12 المذكورة، حيث جاء في حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء[34]:
“… وحيث إن الأصل العام أن العقود يمكن تحريرها من طرف جميع الأشخاص المؤهلين لذلك دونما قيد فضلا على أن الطاعن يزاول مهنة مستشار قانوني وهي مهنة قانونية، وبالتالي فإنه يندرج ضمن الأشخاص المحددين بالمادة 12 من قانون الملكية المشتركة ومرسوم 07 يونيو 2004 المتعلق بتطبيق أحكام نفس المادة الذي ينص على أنه يحدد القرار المشترك لوزير العدل ووزير الفلاحة… لائحة المهن القانونية المنظمة الأخرى المقبولة لتحرير العقود المشار إليها… وبالتالي، فإنه وأمام عدم صدور القرار الوزاري المشترك المتوقف عليه سريان القانون رقم 18.00 في مادته 12 فإن الطاعن يكون له الحق في الاستمرار في تحرير العقود طالما أن الشرط المعلق عليه سريان القانون الجديد لم يزل بصدور القرار الوزاري المشترك واللائحة السنوية…”.
يتبين من التوجه القضائي أعلاه أنه تبنى اعتماد معيار الانتماء لمهنة قانونية ليتم التأهيل لتحرير العقود وبالتالي صحة التصرف[35].
و أيضا ذهبت المحكمة الابتدائية بسلا في حكمها[36]: “…. وحيث إنه لما كان عقد البيع المبرم بين المدعية والمدعى عليه مجرد عقد عرفي فإنه يجب أن يحرر من قبل مهني ينتمي إلى مهنة قانونية كالموثقين والمحامون تحت طائلة البطلان وذلك طبقا لما نص عليه صراحة مضمون المادة 12 من قانون الملكية المشتركة… وحيث تبعا لذلك، فإن عقد البيع المدلى به من طرف المدعية لا يمكن اعتباره كسند ناقل للملكية خاصة وأنه غير محرر من طرف مهني طبقا لما نصت عليه المادة أعلاه…”
وما يسري على عقد البيع يسرى أيضا على كل العقود الناقلة للملكية، وهذا ما أكده القضاء في العديد من المناسبات[37].
الفقرة الثانية: تحرير التصرفات العقارية في ضوء القانون 107.12
إن الهدف من وراء إقرار القانون رقم 107.2 المعدل والمتمم للقانون رقم 44.00 المتعلق ببيع العقارات في طور الإنجاز، هو الخروج من دائرة الفوضى التي كان يعرفها في إطار الشريعة العامة، لما في ذلك من حماية للمصالح الاقتصادية والاجتماعية في المعاملات العقارية، وتشجيع الاستثمار فيها مما يبعث الأمن والاستقرار في نفوس كل فئات المنخرطين في هذا المجال ملاكا و منعشين ومستثمرين عقاريين ومقترضين.
ثم إن من شأن ذلك توفير السكن و قطع العلاقة مع مجموعة من المشاكل الاجتماعية[38]
وقد عرف المشرع المغربي بيع العقار في طور الإنجاز في الفصل 618/1 ق. ل.ع كما يلي:
“بيع بيعا لعقار في طور الإنجاز كل اتفاق يلتزم بمقتضاه البائع بإنجاز عقار داخل أجل محدد ونقل ملكيته إلى المشتري مقابل ثمن يؤديه هذا الأخير تبعا لتقدم الأشغال…”.
ونستخلص من هذا التعريف، إن هذا البيع، هو بيع لعقارات غير موجودة في واقع الحال، لكن يمكن أن تتواجد في المستقبل، كما يسمى أيضا بالبيع على التصميم[39].
كما يتبين أيضا أن بيع العقار في طور الإنجاز يترتب عنه مجموعة من الآثار الايجابية كالمساعدة في تمويل مشروعات البناء دون حاجة إلى قروض فهو بمثابة تمويل ذاتي إذ كلما بلغت الأشغال مرحلة معين دفع مشتروا العقارات في مشروع ما قسطا من الثمن حتى تبلغ الأشغال نهايتها فيتم إبرام العقد النهائي ببيع العقار. أما قبل ذلك فإن صاحب المشروع والمشتري لا يجمعهما إلا عقد بيع ابتدائي[40].
كما أن المشتري يدفع أقساط تدريجية رسمها المشرع حسب تقدم الأشغال، ولكل مرحلة نسبتها من الدفع.
وهكذا فإن القانون 107.12 جاء بمجموعة من المستجدات منها ما كان موجود في إطار القانون 44.00 ومنها ما يعتبر مستحدثا لأول مرة و ذلك كالتالي:
أولا: يحرر العقد الابتدائي وفق الفقرة الثالثة من الفصل 618/3 حيث جاء فيه :
” يجب أن يرد عقد البيع الابتدائي للعقار في طور الانجاز إما في محرر رسمي أو في محرر ثابت التاريخ يتم توثيقه من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة ويخول لها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان.”
ثانيا: قبل أن يحرر العقد الابتدائي يمكن للأطراف تحرير عقد التخصيص إلا أن هذا الأخير يعتبر مسألة اختيارية و ذلك وطبقا لمقتضيات الفصل 618/3 مكرر مرتين من القانون12.107 المغير والمتمم للقانون 00.44 ، حيث جاء في الفقرة الأولى من هذا الفصل :
“يمكن للبائع والمشتري قبل تحرير العقد الابتدائي إبرام عقد تخصيص من أجل اقتناء عقار في طور الإنجاز يحرر إما في محرر رسمي أو محرر عرفي ثابت التاريخ وفقا للشكل المتفق عليه من الأطراف.”
ثالثا: أما بالنسبة للعقد النهائي فإنه يبرم وفق مقتضيات من الفصل 618-16 حيث يحيل على الفصل 618-3 المشار إليه أعلاه.
رابعا: ضرورة احترام مقتضيات القانون رقم 12-107 تحت طائلة بطلان العقود المتعلقة ببيع العقار في طور الانجاز.
خامسا: إمكانية إبرام العقد الابتدائي ببيع العقار في طور الإنجاز بعد الحصول على رخصة البناء، بعدما كان هذا العقد لا يمكن إبرامه إلا عند الانتهاء من أشغال الأساسات، و الهدف هو تمكين البائع من الانطلاق في مشروعه العقاري و تمويله.
سادسا: المشرع أشار إلى أن العقد الابتدائي يجب أن يتضمن بيانات تتعلق بهوية الأطراف المتعاقدين، ثم الرسم العقاري الأم للعقار موضوع البناء أو مراحل ملكية العقار غير المحفظ مع تحرير الحقوق العينية و التحملات العقارية الواردة على العقار المنجز.
سابعا: تمكين المشتري من مراجع الضمانة البنكية بغية الرجوع على البائع و استرجاع حقوقه في الثمن في حالة عدم وفاء البائع بالتزامه بإتمام المشروع، إلا أن التعديل الذي جاء به القانون رقم 107.12 المغير والمتمم للقانون رقم 44.00 نجد على انه قد تم إعفاء البائع من الالتزام بالضمانة بمجرد إبرام عقد البيع النهائي أو تقييده بالسجل العقاري إذا كان العقار محفظا او بمجرد صدور حكم ناتج عن رفض المشتري إتمام البيع.
وبهذا نجد المشرع المغربي كرس الضمانات المخصصة لخدمة المشترين سواء على مستوى توثيق التصرفات العقارية أو على مستوى الالتزامات المفروضة على كلا الطرفين إلى غاية انتهاء الأشغال و المتمثلة في الحصول على العقار خلال الأجل المحدد للتسليم[41].
الفقرة الثالثة: تحرير التصرفات العقارية وفق القانون رقم 51.00.
بالرجوع إلى المادة 2 من القانون رقم 00-51 نجدها تنص أنه:
” يعتبر الإيجار المفضي إلى تملك العقار كل عقد بيع يلتزم البائع بمقتضاه اتجاه المكتري المتملك بنقل ملكية عقار أو جزء منه بعد فترة الانتفاع به بعوض مقابل أداء الوجيبة المنصوص عليها في المادة 8 من هذا القانون وذلك إلى حلول تاريخ حق الخيار”.
يتبين من خلال هذه المادة أن المشرع قام بتعريف الإيجار المفضي إلى تملك العقار
إلا انه ركز على عملية بيع العقار عندما نص على أنه : ” كل عقد يلتزم البائع بمقتضاه تجاه المكتري المتملك بنقل ملكية عقار ” و هي العملية القانونية المتوخاة من هذا العقد غير أنها مسبوقة بعملية أخرى هي انتفاع المكتري المتملك بالعقار مقابل أدائه الوجيبة المنصوص عليها في المادة 2 من القانون رقم 51.00 و بالتالي يظهر من هذا التعريف اجتماع عقدين الكراء مع البيع في الإيجار المفضي إلى تملك العقار.
و لعل الغرض من هذا العقد هو أن المشرع اهتم بحاجة الناس إلى السكن بأداءات مقسطة في متناولهم فأصدر القانون رقم 51.00 منظما للإيجار المفضي إلى تملك العقار[42].
وعليه لأجل تكريس الغاية من إقرار هذا القانون قام المشرع بإخضاع تحرير العقود المبرمة في إطار القانون أعلاه إما بموجب محرر رسمي يحرره الموثق أو العدل وإما بموجب محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية منظمة يخولها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان[43]
ويظهر من هذا النص أن العقود المحررة بشأن الإيجار المفضي إلى تملك العقار إما أن تكون ثابتة التاريخ محررة من لدن المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض أو من لدن مهنيين ينتمون إلى مهنة منظمة يحدد وزير العدل لائحة بهم.[44]
إضافة إلى ذلك فرضت المادة 4 من القانون رقم 00.51 صراحة جزاء البطلان لكل عقد إيجار مفضي إلى تملك العقار أبرم خارج نطاق الأحكام المذكورة أعلاه.
وبهذا يمكن إبداء ملاحظة مفادها أن المشرع فعلا يتجه نحو إقرار الرسمية في هذه النوعية من العقود و ذلك ما من شأنه أن يضع حدا للعقود العرفية أو على الأقل سيخفف منها، وبالتالي التخفيف من الفوضى والترامي على حقوق الناس مما يؤدي ذلك أيضا إلى تهديد الأمن القانوني و العقاري.
الفقرة الرابعة: تحرير التصرفات العقارية في ضوء القانون 90-12 ومدونة الأوقاف
يتعلق الأمر هنا بالتصرفات العقارية التي تبرم في إطار التجزئات العقارية والمجوعات السكنية و تقسيم العقارات (أولا) والتصرفات إلي تبرم في إطار تفويت الأملاك الوقفية (ثانيا)
أولا: توثيق التصرفات الواردة على بقع التجزئات العقارية
إن التصرفات التي قد تقع على بقع التجزئات العقارية المذكورة قانونا ( القانون 25-90) هي ” البيع و القسمة و الإيجار” وبالتالي فإن توثيقها يستدعي استحضار المادة 35 من القانون رقم 25.90 التي تنص على أنه ” لا يجوز للعدول و الموثقين والمحافظين على الأملاك العقارية ومأموري إدارة التسجيل والجهات المخول لها الإشهاد على صحة الإمضاءات أن يحرروا أو يتلقوا أو يسجلوا أو يشهدوا على صحة إمضاءات العقود المتعلقة بعمليات البيع و الإيجار و القسمة المشار إليها في المادة الأولى إذا لم يقع الإدلاء :
- إما بنسخة مشهود بمطابقتها للأصل من محضر التسلم المؤقت وإما بنسخة مشهود بمطابقتها للأصل من شهادة مسلمة من رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية تثبت أن العملية لا تدخل في نطاق هذا القانون.”
إلا أن الآراء انقسمت إلى قسمين حول مسألة اعتماد المشرع مبدأ الرسمية الوارد في المادة 35 أعلاه حيث يذهب الرأي الأول إلى أن نية المشرع اتجهت نحو فرض رسمية العقود بالنسبة للمعاملات العقارية ويستدل بالمادتين 35 و61 من القانون رقم 25.90 المذكور.
بينما ذهب الرأي الثاني[45] إلى أن المشرع لم ينص على نص خاص تصاغ فيه هذه العقود وبالتالي يمكن اعتماد الورقة الرسمية أو العرفية.
على أي طبقا للمادة 35 من القانون رقم 25.90 نجد أن المشرع المغربي وقف مسألة تحرير التصرفات التي ترد على بقع التجزئات العقارية سواء كانت إيجارا أو بيعا أو قسمة إلا إذا تم إدلاء بنسخة مشهود بمطابقتها للأصل من محضر التسليم المؤقت أو بنسخة مشهود بمطابقتها للأصل من شهادة مسلمة من رئيس مجلس الجماعة الحضرية أو القروية تثبت أن العملية لا تدخل في نطاق هذا القانون، وهذا الأمر يبدو واضحا لأن المشرع عند ما وضع هذا المقتضى سعى من وراءه محاربة السكن العشوائي والمضاربة من لدن المنعشين العقارين الذين يضاربون في التجزئات السرية.
إلا أن التساؤل المطروح في هذا الإطار هل المادة 35 المذكورة تعتبر مادة مستقلة وخاصة أم تطبق المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية وبالتالي ما مدى إمكانية قيام المحامي المقبول للترافع أمام محكمة النقض بتحرير التصرفات الواردة على بقع التجزئات العقارية؟.
و الرأي فيما نعتقد أن المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية تسري أيضا على هذه التصرفات المذكورة أعلاه و لا مجال للقول أن القانون الخاص يقيد المادة 35 من القانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات تحرر إما بموجب محرر رسمي من طرف موثق أو عدل أو بموجب محرر ثابت التاريخ يحرر من طرف محام مقبول الترافع أمام محكمة النقض.
ثانيا: توثيق التصرفات الواردة على الأملاك الوقفية
يعتبر الحبس في حياة الناس من الأهمية بمكان لما يجسده من تكافل في كل تجلياته وأبعاده روحيا و اجتماعيا و اقتصاديا وثقافيا. لذا نجد القرآن الكريم يرغب فيه و يدعو إليه، ويحث الناس على فعل الخير مع الغير. مصداقا لقوله تعالى: “ لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ“[46] و قال سبحانه : ” وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “[47] . و قال صلى الله عليه وسلم: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له“. [48]
وحتى يؤدي الحبس دوره الرائد على الوجه المطلوب، و يطمئن المحبس على احترام قصده وشروطه من وقفه، وتتحقق الاستفادة من الحبس للمحبس عليه كان لا بد من وجود إطار يكفل هذا، فكانت وثيقة التحبيس أو الحبس التي تعتبر كوعاء لما تتضمنه من الشروط والإجراءات تحقق ما ذكر و تحول دون أي نزاع محتمل تجاه الحبس[49]. وتجدر الإشارة أنه قد ترد على الأملاك الحبسية مجموعة من التصرفات كالكراء و المعاوضات النقدية و العينية.
وهكذا نجد المشرع المغربي نظم المعاوضات العينية من المادة 72 إلى المادة 75 من قانون 23 فبراير 2010 المتعلق بمدونة الأوقاف حيث استهل في المادة 72 من القانون المذكور، لشروط يجب توفرها عند إجراء أي معاوضة عينية للأوقاف العامة و هي:
- أن يكون العين المعاوض بها محفظا.
- أن يكون العين المعاوض بها تساوي أو تفوق قيمتها التقديرية قيمة العين الموقوفة[50]
- و هذه المعاوضات العينية للأوقاف العامة تتم إما بمبادرة من إدارة الأوقاف. أو يطلب كتابي ممن يعنيه الأمر.
كما تحدد كيفيات إجراء هذه المعاوضات بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف[51].
على أي، أن ما يهم في هذا الإطار هو ما ذهب إليه المشرع المغربي، حيث أوجب أن يضمن عقد المعاوضة العينية في محرر رسمي[52] مما يعني أنه لم يعط الخيار بين إمكانية التحرير في محرر رسمي يحرر من لدن الموثق أو العدل و بين محرر ثابت التاريخ يحرر من لدن محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض.
والرأي فيما نعتقد أن ما ذهب إليه المشرع هو عين الصواب نظرا لخصوصية الأملاك الوقفية العامة وأيضا السلبيات التي تخلفها المحررات العرفية من جهة و إجراءات حجية المحرر ثابت التاريخ.
الفقرة الخامسة: تسجيل عقود الوكالة على ضوء تعديل ق.ل.ع
سعيا من المشرع المغربي نحو تحقيق الأمن التوثيقي والتعاقدي، وتجاوز مختلف الثغرات التي ساهمت في استفحال ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، والتي من بينها القصور الذي يشوب تنظيم عقد الوكالة، فقد تم إصدار القانون رقم 31.18[53] القاضي بتغيير و تتميم ق.ل.ع لمعالجة جانب من هذا القصور، ومن أهم المستجدات إحداث سجل خاص لدى كتابة الضبط بالمحكمة الإبتدائية يتعلق بتنظيم عملية تسجيل عقد الوكالة، حيث يتعين على محرر العقد من تقييد عقد الوكالة بالسجل الوطني الإلكتروني للوكالات عندما يتعلق الأمر بإجراء أحد التصرفات العقارية، وهكذا نص الفصل 1- 889 من القانون رقم 18- 31 المذكور على أنه : “يجب تقييد الوكالة المتعلقة بنقل ملكية عقار أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها من طرف محررها بسجل الوكالات المتعلقة بالحقوق العينية، ولا تنتج آثارها القانونية إلا من تاريخ التقييد المذكور… يمسك سجل الوكالات الرسمية المتعلقة بالحقوق العينية على دعامة ورقية أو إلكترونية من طرف كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التابع لها مكان تحرير العقد…”.
كما تضمنت الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون 31.18 السابق الإشارة إليه:
– التنصيص على أن الشركات المدنية التي يكون محلها عقارات أو غيرها من الأموال التي يمكن رهنها رهنا رسميا، والمؤسسة قبل تاريخ دخول القانون رقم 31.18 المذكور حيز التنفيذ، يجب عليها أن تقوم بالتقييد في سجل الشركات المدنية العقارية داخل أجل سنة ابتداء من التاريخ المذكور.
ويأتي صدور القانون المذكور في إطار التدابير التشريعية الرامية إلى التصدي لعمليات الاستيلاء على عقارات الغير تنفيذا للتعليمات السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله المضمنة بالرسالة الملكية الموجهة إلى السيد وزير العدل والحريات بتاريخ 30 دجنبر 2016 حول ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير وضرورة الانكباب الفوري على إيجاد حلول عاجلة للتصدي لها.
وقد تضمن القانون المذكور مقتضيات جديدة ولا سيما تلك المضمنة للفصول 1-889 و 2-889 و1-987 و3-987 من ق.ل.ع، وفق تعديلات القانون رقم 31.18.
هذا التعديل سيمكن من تقليص التلاعب بالوكالات المتعلقة بالتصرفات العقارية، ويمكن الجهات التوثيقية وإدارة المحافظة العقارية[54] وكذا مختلف أصحاب الحقوق من الحصول على مرجعية قانونية واضحة تساهم في تعزيز الأمن التوثيقي والتعاقدي لحقوق الأشخاص وتحصيناً لممتلكاتهم[55].
المطلب الثالث: رسمية التصرفات العقارية في ضوء المادة الرابعة مدونة الحقوق العينية
إذا كانت المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية، قد أقرت مبدأ الاختيارية في توثيق التصرفات العقارية إما في محرر رسمي أو في محررات ثابتة التاريخ،(الفقرة الأولى) فإن نصوصا أخرى استثنت توثيق بعض التصرفات العقارية من هذا المبدأ، واستلزمت توثيقها في محررات رسمية فقط. (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: مبدأ الاختيارية
نصت المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية على ما يلي: “يجب أن تحرر – تحت طائلة البطلان – جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية أو بإنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها وكذا الوكالات الخاصة بها بموجب محرر رسمي. أو بمحرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض ما لن ينص قانون خاص على خلاف ذلك.
يجب أن يتم توقيع العقد المحرر من طرف المحامي والتأشير على جميع صفحاته من الأطراف ومن الجهة التي حررته.
تصحيح إمضاءات الأطراف من لدن السلطات المحلية المختصة ويتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي تمارس بدائرتها”.
إن المادة الرابعة قررت بموجب دلالتها القطعية رسمية العقود ذات الصلة بتوثيق المعاملات العقارية بحسب النطاق الوارد فيها من نقل الملكية أو إنشائها أو تعديلها أو إسقاطها، بل وتزيد في دلالتها الصريحة على ذلك في إقرار بطلان كل التصرفات التي لا تصب في الشكلية التي تقررها [56].
ويشمل مجال تطبيق هذا النص القانوني الحقوق العينية الأصلية والحقوق العينية التبعية.
وقد أقدم المشرع المغربي على تعديل المادة 4 من القانون رقم 39.08 حيث أقر بوجوب إبرام الوكالات العقارية في محررات رسمية أو ثابتة التاريخ و ذلك بموجب القانون رقم 16.69 .ولعل للأسباب التي دفعت المشرع إلى سن هذا المقتضى هو تنامي ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير و التعدي على حقوقهم العينية باستعمال وثائق مزورة. وما صاحب ذلك من تدخل ملكي عبر رسالة موجهة لوزير العدل تفرض ضرورة إيجاد حل قانوني عاجل لهذه الظاهرة[57].
إن توجه المشرع بإصداره المادة الرابعة بمقتضياتها يعتبر توجها حاسما إلى حد ما لأنه يتم إضفاء الصفة الرسمية على الاتفاقيات القائمة بين الأطراف، متى أنجزت من قبل من لهم صلاحية التوثيق وفق إجراءات شكلية محددة تجعل البيانات والوقائع الواردة فيها والتي يشهد الموثقون تحت مسؤوليتهم بحصولها أمامهم ذات حجية قوية لا يجوز الطعن فيها إلا بإتباع مسطرة الزور[58].
كما أن الموثقون والعدول يعتبرون ملزمون بمقتضى القوانين المنظمة لمهنتهم (03-09.16-32) بالتحقق من وضعية العقار وتضمين محرراتهم ببعض البيانات الإلزامية، فضلا عن التأكد من خضوع أو عدم خضوع العقارات للقانون 25.90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات.
الفقرة الثانية: استثناءات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية
إذا كانت المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية، قد أقرت مبدأ الاختيارية في توثيق التصرفات العقارية إما في محرر رسمي أو في محررات ثابتة التاريخ، فإن نصوصا أخرى استثنت توثيق بعض التصرفات العقارية من هذا المبدأ، واستلزمت توثيقها في محررات رسمية فقط.
وهكذا فرض المشرع إبرام التصرفات المتعلقة بعقود العمرى[59] والهبة [60] والصدقة[61] والرهن الحيازي[62] والمغارسة[63] في شكل رسمي تحت طائلة البطلان، و أيضا الوقف العام في إطار المعاوضات العينية[64]، وكذا تحرير عقد الوصية في إطار مدونة الأسرة.
هكذا فإن تكريس رسمية العقود في التصرفات العقارية من خلال المادة الرابعة من شأنه التخفيف من حدة النزاعات المطروحة على القضاء وتحقيق استقرار المعاملات العقارية، والرفع بها إلى مستوى الثقة والاطمئنان[65] وبالتالي توفير الأمن القانوني للمتعاقدين في المجال العقاري.
الهوامش
[1] _ عرف المشرع الورقة الرسمية بموجب الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود بأنها: “… هي التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون…”.
[2] _ على خلاف الورقة الرسمية المشرع المغربي لم يقم بتعريف الورقة العرفية، وترك الأمر للفقه.
[3] _ الظهير الشريف رقم 1.11.178، الصادر بتاريخ 22 نونبر 2011، بتنفيذ القانون رقم 39.08، المتعلق بمدونة الحقوق العينية، الجريدة الرسمية، عدد 5998، بتاريخ 24/11/2011، ص: 5587.
[4] _ كبوري محمد، قراءة في المادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية، سلسلة “الأنظمة والمنازعات العقارية”، العدد 6، سنة 2012، ص: 75.
[5] _ سهام الفرح، توثيق التصرفات العقارية على ضوء القوانين الخاصة. رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، مسلك قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2010-2011 ص 35.
[6] _ نقصد هنا مدونة الحقوق العينية كقانون خاص، وقانون الالتزامات والعقود باعتباره الشريعة العامة .
[7] _ القانون رقم 12-107 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.16.05 المؤرخ في 23 من ربيع الأخر 1437 (3 فبراير 2016)، الجريدة الرسمية عدد6440 بتاريخ 18 فبراير 2016 ص 931.
[8] _ ظهير الشريف رقم 1.16.49 صادر في 19 رجب 1437 (27 أبريل 2016) بتنفيذ القانون رقم 12.106 بتغيير وتتميم القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة – الجريدة الرسمية عدد 6465 بتاريخ 16 ماي 2016 ص،3781
[9] _ القانون رقم 51.00 الصادر الأمر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 202-03-1 بتاريخ فاتح ذي القعدة 1424 (11 نونبر 2003) المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5172 بتاريخ فاتح ذي القعدة 1724 موافق ل 25 ديسمبر 2003 ص: 4375 وما بعدها.
[10]_ الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 7-72-1 بتاريخ 15 ذي الحجة 1412 الموافق ل 17 يونيو 1992 منشور بالجريدة الرسمية عدد 4159. بتاريخ 15 يوليوز 1992، ص: 880 وقد غيرت وتممت بعض مقتضيات هذا القانون بالقانون رقم 12-66 الصادرة بتنفيذه الظهير الشريف رقم 124.16.1 بتاريخ 21 ذي الحجة 1437 (19 ديسمبر 2016)، ص 6630.
[11] _ ظهير شريف رقم 236.09.1 صادر في 8 ربيع الأول 1431 (23 فبراير 2010) يتعلق بمدونة الأوقاف
الجريدة الرسمية عدد 5847 بتاريخ فاتح رجب 1431 (14 يونيو 2010) الصفحة 3154.
[12] _ عمر أوتيل، التوثيق ودوره في استقرار المعاملات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة السنة الجامعية 2012/2013، ص 57 .
[13] _ ينص المرسوم رقم 2.03.852 : ” وتطبيقا لأحكام المادة 12 من القانون رقم 18-00 كما عدل وتمم بالقانون106.12 يؤهل لتحرير جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها الموثقون والعدول والمحامون المقبولون للترافع أمام المجلس الأعلى..”.
[14] _ عبد الحفيظ مشمشي، توثيق التصرفات العقارية في ظل القوانين الخاصة، مجلة المنازعات العقارية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى العدد 26 سنة 2007، ص 395.
[15] _ تنص المادة الأولى من القانون رقم 32.09 المنظم لمهنة التوثيق على أن ” التوثيق مهنة حرة تمارس وفق الشروط وحسب الاختصاصات المقررة في هذا القانون وفي النصوص الخاصة”.
[16] _ المادة 37 من القانون رقم 32-09 المنظم لمهنة التوثيق
[17] _ حتى مهنة العدول وفق القانون رقم 16.03 المتعلق بخطة العدالة تعتبر مهنة حرة على غرار مهنة الموثق وتمارس حسب الاختصاصات والشروط المقررة في القانون أعلاه .
[18] _ لقد خضع التوثيق العدلي لعدة تعديلات قانونية على المقتضيات المؤطرة لمهنة العدول إذ جاء بعدة ظهائر ومناشير وهي كالتالي:
-لظهير 7 يوليوز 1914 بشأن تنظيم العدالة وتفويت الملكية العقارية.
– ظهير 23 يونيو 1938.
– ظهير رقم 1.81.332 الصادر في رجب 1402 الموافق لـ 6 ماي 1982 المتضمن الأمر بتنفيذ القانون رقم 11-81
– الظهير الشريف الصادر في 7 فبراير 1944.
[19]_ عمر أوتيل، م.س، ص26 و 27
[20] _ حيث جاء القرار الملكي الذي أعلن عنه على إثر انعقاد المجلس الوزاري ليحسم جدلا استمر لسنوات طويلة حول إمكانية دخول النساء لمجال ظل حكرا على الذكور، قبل أن يفكر المشرع المغربي في تعديل القانون المنظم لمهنة العدول بالمغرب الذي يعود إلى سنة 1982 وإقرار القانون رقم 03-16 سنة 2006 حيث تم إسقاط شرط الذكورة في ممارسة المهنة إلا أن الأمر باء بالفشل حتى أواخر سنة 2017 حيث أقر القرار الملكي على جواز ممارسة المرأة لمهنة عدل بناء على أحكام الشريعة المتعلقة بالشهادة وأنواعها وللثوابت الدينية للمغرب وفي مقدمتها المذهب المالكي.
[21] _ الحسين بلحساني، الموجز في العقود الخاصة، دون ذكر الطبعة والمطبعة سنة 2014-2015 ص 71.
[22] _ يشار إلى انه صدر بالجريدة الرسمية عدد 6648 بتاريخ 28 جمادى 1439 (15 فبراير 2018) الصفحة 1051 قائمة برسم سنة 2017 للمحامين المقبولين لتحرير العقود المشار إليها في المادة 12 من القانون رقم 18.00 والفصل 618.3 من ظهير الالتزامات و العقود و المادة 4 من القانون 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار و المادة 4 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية.
[23] _ انظر المادة 30 من القانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة.
[24] _ تنص المادة 33 من القانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة.
[25] _ يخضع وكلاء الأعمال كمهنة حرة و منظمة بظهير 12 يناير 1941 حيث يعتبر هذا الأخير إطارا عاما لجميع المهن غير المنظمة طبقا لمادته الأولى (يعتبر وكلاء الأعمال الأشخاص الذاتيون أو المعنويون الآتون الذين يزاولون بصفة اعتيادية :
- محررر العقود العرفية
- المستشار القانوني
- المستشار الجبائي
- مراقبوا الحسابات
- المهندس الطبوغرافي
- الخبراء في الشؤون العقارية
[26]_ قرار عدد 792 بتاريخ 22/3/89 ملف مدني عدد0714/86 قضاء المجلس الأعلى عدد 46 ص 120-121.
[27] _ قرار عدد 1697-4-87 الصادر بتاريخ 19/11/86 منشور بمجلة المحامي عدد 15 سنة 1989 ص 132.
[28] _ قرار عدد 2563 المؤرخ في 17/9/2003 ملف مدني عدد 2/1514 قضاء المجلس الأعلى 25 يوليوز 2003 ص23.
[29]_ إبراهيم قادم، رسمية العقود في التصرفات العقارية ودورها في تكريس الأمن القانوني، مدونة الحقوق العينية وآفاق التطبيق، منشورات مجلة الحقوق، العدد 7، 2013، ص 309.
[30]_ تنص المادة 12 على أنه: “يجب أن تحرر جميع التصرفات المتعلقة بنقل الملكية المشتركة أو إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهن قانونية ومنظمة يخولها قانونها تحرير العقود وذلك تحت طائلة البطلان.
يحدد وزير العدل سنويا لائحة بأسماء المهنيين لتحرير هذه العقود. يقيد باللائحة المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض طبق القانون المنظم لمهنة المحاماة…”.
[31]_ كريم طجيو، العقود المبرمة وفق القوانين العقارية الخاصة-دراسة للقرانين 25.90 و18.00 على ضوء القضاء المغربي، كلية الحقوق، جامعة محمد الأول، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، السنة الجامعية 2014-2015، ص 69.
[32]_ محمد بن احمد بونبات، تحرير العقود العقارية في نطاق التشريعات 18.00 و44.00 و51.00، سلسلة آفاق القانون رقم 15، مطبعة الوراقة الوطنية، مراكش، الطبعة الأولى 2007، ص 23.
[33]_ عمر أوتيل، مرجع سابق، ص 39.
[34]_ حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، رقم 799 الصادر بتاريخ 18/11/2006، ملف عدد 294/2006.
[35]_ كريم طجيو، مرجع سابق، ص 72.
[36] _ حكم المحكمة الابتدائية بسلا رقم 14 صادر بتاريخ 10/01/2012، ملف عدد 512/2008.
[37] _ حكم المحكمة الابتدائية سلا، رقم 634 صادر بتاريخ 18/04/2012 ملف رقم 21/1402/2012 (غير منشور)
حكم المحكمة الابتدائية بسلا، رقم 1210 الصادر بتاريخ 18/02/2014 ملف عدد 795/11/1402 (غير منشور)
- قرار محكمة الاستئناف بالرباط رقم 149 بتاريخ 14 أبريل 2010 ملف عدد 39/2009/6 منشور في مجلة قضاء محكمة الاستئناف بالرباط العدد، 2012، ص 76.
[38] _ إدريس الفاخوري، السكن في ظل التشريعات العقارية الخاصة، مقال منشور بمجلة الأملاك عدد 7 سنة2010 ص 13
[39] _ مبدئيا أنه لا يجوز بيع ما هو موجود وقت انعقاد العقد لكن استثناء يمكن بيع الأشياء رغم عدم وجودها بشرط قابليتها للتحقق وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 61 من قانون الالتزامات والعقود.
[40] _ محمد محروك، الوجيز في العقود المسماة، الطبعة الأولى 2007 مكتبة المعرفة مراكش. ص 177
[41] _حيث نص المشرع بالفصل618.9 : ” يتعين على البائع بعد توقيع عقد البيع الابتدائي أن يقدم لفائدة المشتري إما ضمانة إنهاء الأشغال أو ضمان استرجاع الأقساط المؤداة في حالة عدم تنفيذ العقد .”
[42] _ جيهان بونبات، مركز الكتابة والتسجيل في عقود تفويت العقارات أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الأول وجدة السنة الجامعية 2012 ص 174.
[43] _ حليمة بن حفو، توثيق عقد الإيجار المفضي إلى تملك العقار- مجلة المحامي المغربية – العدد 111 أكتوبر2009. ص93..
[44] _ محمد محروك، مرجع سابق ص 187-188.
[45] _ محمد خيري، التصرفات العقارية بين التوثيق العدلي والتوثيق العمري العصري الهبة كنموذج، مقال منشور بمجلة خطة العدالة، صادر عن هيئة العدول الوطنية، العدد 1، سنة 2013، ص 221 .
– عبد المجيد غميجة ضوابط التعاقد في الميدان العقاري وفق القانون 25.90 مجلة المحاماة العدد 41 سنة 1998 الصفحة 9 وما يليها.
[46]_ الآية 22 من سورة آل عمران
[47] _ الآية 77 من سورة الحج
[48] _ رواه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم و أبو داوود، والترمذي و النسائي وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.
[49] _ عمر لمين شروط وثيقة التحبيس مجلة الأملاك العدد 2 سنة 2010 ص 274
[50] _ حيث تنص المادة 72 من مدونة الأوقاف على أنه:
“يشترط لإجراء أي معاوضة عينية للأوقاف العامة أن تكون العين المعاوض بها محفظة وأن تساوي أو تفوق قيمتها التقديرية قيمة العين الموقوفة”.
[51] _ قرار لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية رقم 12.4140 صادر في 5 صفر 1434 (19 ديسمبر 2012 في شأن تحديد كيفيات إجراء المعاوضات العينية للأموال الموقوفة – الجريدة الرسمية 6161 بتاريخ 8 شعبان 1434 (17 يونيو 2013 )، ص 4639.
[52] _ حيث نصت المادة 75 من مدونة الأوقاف على أنه: “يجب أن يضمن عقد المعاوضة العينية في محرر رسمي”.
[53]_ ظهير شريف رقم 1.19.114 صادر في 7ذي الحجة 1440 (9 أغسطس 2019) بتنفيذ القانون رقم 31.18 بتغيير و تتميم الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات و العقود. منشور بالجريدة الرسمية عدد 6807 بتاريخ 24 ذو الحجة 1440 (26 أغسطس 2019) ص: 5885 .
[54]_ وقد تم في هذا الصدد إصدار مذكرة المحافظ العام عدد 13/2019 إلى السادة المحافظين على الأملاك العقارية بتاريخ 11 شتنبر 2019 في شأن القانون رقم 31.18 المغير و المتمم ل ق.ل.ع. حيث تشير هذه المذكرة إلى المقتضيات الجديدة كما وردت في الجريدة الرسمية على أن تدخل حيز التنفيذ ابتداءا من تاريخ نشر النصوص اللازمة لتطبيق القانون رقم 31.18 والشروع في العمل بسجلات الوكالات المتعلقة بالحقوق العينية وبسجلات الشركات المدنية العقارية.
[55]_ غير أن ما يؤاخذ على هذا التعديل، تعليق المشرع كيفية مسك و تنظيم سجل الوكالات المتعلقة بالحقوق العينية و السجل الوطني الإلكتروني للوكالات على ضرورة صدور نص تنظيمي، الأمر الذي يجعل تفعيل هذا المقتضى القانوني على أرض الواقع مؤجلاً، و يبقى هذا القانون بدون مفعول، اللهم إذا تم التسريع في إصداره هذه النصوص التنظيمية للاستفادة من هذه المزية التي ستساهم في التصدي لعمليات الاستيلاء على عقارات الغير…
[56] _ التقرير السنوي لمحكمة النقض 2013، مركز النشر والتوثيق القضائي بمحكمة النقض، إعداد قسم التوثيق والدراسات والبحث العلمي، الطبعة الأولى، مطبعة المعارف الجديدة- الرباط 2014، ص 171.
[57] _ تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان حول مشروع قانون رقم 6916 يتعلق بتميم المادة 4 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، دورة أبريل، السنة التشريعية الأولى، 2016 -2017، الولاية التشريع العاشرة 2016- 2021، ص 4.
[58] _ عبد المجيد بوكير، التوثيق العصري المغربي، مطبعة دار السلام الطبعة الثانية 2010. ص 96.
[59] _ تنص المادة 106 من مدونة الحقوق العينية على أنه “..يجب تحت طائلة البطلان أن يبرم عقد العمرى في محرر رسمي.”
[60] _ تنص المادة 274 من ذات القانون على أنه ” يجب تحت طائلة البطلان أن يبرم عقد الهبة في محرر رسمي”
[61] _ تنص المادة 291 من ذات القانون على أنه ” تسري على الصدقة أحكام الهبة ”
[62] _ تنص المادة 75 من مدونة الأوقاف على أنه “يجب أن يضمن عقد المعاوضة العينية في محرر رسمي..”
[63] _ تنص المادة 147 من مدونة الحقوق العينية على أنه: “يشترط لصحة الرهن الحيازي أن يبرم في محرر رسمي وأن يكون لمدة معينة …”
[64]– تنص المادة 268 من ذات القانون على أنه: “يجب أن يبرم عقد المغارسة في محرر رسمي، ويشترط لصحته أن يعين نوع الشجر المراد غرسه ويبين حصة الغارس في الأرض و الشجر”
[65]– أمينة ناعمي، توثيق التصرفات العقارية على ضوء مدونة الحقوق العينية واجتهادات محكمة النقض، مثال منشور بمجلة القضاء والقانون، العدد 160، سنة 2012، ص: 81.