الإفراغ بسبب حاجة المكري إلى سكنى المحل في القانون المغربي -دراسة مقارنة

د.الحسين بلحساني
أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بوجدة
هذا المقال منشور في العدد الثالث* 2019 * من مجلة فضاء المعرفة القانونية التي تصدر عن المركز.
المفروض بالنسبة لحالة الاحتياج أن المكتري يحترم جميع واجباته، ويفي بكل التزاماته، وأنه لم يرتكب أي إخلال بما تقتضيه بنود العقد أو نصوص القانون. ولكن التشريعات الكرائية الخاصة قد راعت، أولوية المالك في الانتفاع بملكه، فأقرت له بالحق في استعادة المحل من يد المكتري إذا كان هو الأحق به، وهو كذلك إذا قامت لديه أو لدى أقاربه حاجة حقيقية إلى اعتماره، على أساس أن ذلك من شأنه أن يحقق التوازن المنشود بين طرفي العلاقة الكرائية وينسجم مع مقتضيات العدالة، إذ أنه في حالة تساوي المالك والمكتري من حيث حاجة كل منهما إلى السكنى بعين المحل، ينبغي أن يفضل الأول عن الثاني، لأن المالك أولى بملكه من الغريب[1].
لكن التجارب العملية قد أثبتت أن المكرين استغلوا هذا الترخيص من التشريعات الكرائية الخاصة أسوء استغلال، فكانوا يسعون إلى اختلاق حالة الاحتياج، ويتحايلون على أسبابها ما وسعتهم الحيلة[2]، لذلك عمدت القوانين المقارنة إلى إعادة النظر في مجال إعمال هذه الرخصة بقصد الحد من سوء استخدام بعض الملاك لها، بما يخرجها عن الهدف المتوخى منها، وجعلها وسيلة للتلاعب بمصالح المكترين وتهديد حقهم في الاستقرار. وقد اتخذ تدخل هذه القوانين سبلا ووسائل متباينة. فذهب بعضها إلى حد الإلغاء الكلي والنهائي لإجازة الإفراغ بسبب الاحتياج، مضحية –من دون شك- ببعض الملاك الذين قد تكون لديهم ظروف خاصة وجدية لطلب السكن في ملكهم، في سبيل مراعاة جانب الأغلبية الساحقة من فئة المستأجرين[3]. وهذا هو الموقف الذي كان التشريع المصري قد استقر عليه فعلا. فقد اختفت من ضمن الأسباب المقررة للإفراغ في قوانينه المتعاقبة حالة الاحتياج تماما منذ صدور القانون رقم 24 لسنة 1965، ومن ثم، فإنه لم يعد بالإمكان الاستناد إليها للمطالبة بالإخلاء[4].
أما بعض التشريعات الأخرى فقد اكتفت باتباع أسلوب التقييد من هذه الرخصة بدل الوصول إلى حد المنع الكلي، وهذا هو موقف المشرع الفرنسي، والمشرع المغربي على خلاف بينهما في مدى هذا التقييد ومظاهره.
وسنتناول هذا الموضوع في ثلاثة مطالب، نعرض في الأول منها لشروط الاستفادة من رخصة الإفراغ بسبب الاحتياج، ونخصص الثاني لبيان صور الحاجة التي يعتبرها القضاء مبررة للإفراغ، ونختم في الأخير بالوقوف على مدى سلطة المحكمة في القضاء بإفراغ المكتري عند تحقق حاجة المكري إلى العين.
المطلب الأول: قيود الاستفادة من الإفراغ بسبب الاحتياج
عمدت التشريعات الكرائية الخاصة، في محاولة لتقييد إجازة الإفراغ بسبب الاحتياج إلى تحديد الأشخاص الذين يمكنهم الاستفادة من هذه الرخصة من ناحية، وإلى استلزام مجموعة من الشروط ينبغي توفرها وجوبا لإعمالها من ناحية أخرى. وهكذا سنتعرض في الفقرة الأولى من هذا المطلب إلى الأشخاص الذين يحق لهم الاستفادة من رخصة الإفراغ بسبب الاحتياج، ثم نتناول في الفقرة الثانية شروط إعمال هذه الرخصة.
الفقرة الأولى: المستفيدون من رخصة الإفراغ بسبب الحاجة
تنص المادة45 من القانون المغربي رقم 12/67[5] على أنه: “يجب على المكري الذي يرغب في إنهاء عقد الكراء أن يوجه إشعارا بالإفراغ إلى المكتري يستند على أسباب جدية ومشروعة من قبيل:
-استرداد المحل المكترى لسكنه الشخصي،أو لسكن زوجه، أو أصوله أو فروعه المباشرين من الدرجة الأولى أو المستفيدين –إن وجدوا- من الوصية الواجبة المؤسسة بمقتضى المادة369 وما يليها من مدونة الأسرة، أو المكفول المنصوص عليه في القانون رقم 01. 15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 172. 02. 1 في فاتح ربيع الآخر 1423 (13 يونيو 2002) …”.
يتضح من هذا النص أن المشرع المغربي قد عدد المستفيدين من هذه الرخصة تعدادا مانعا على سبيل الحصر، ويتعلق الأمر أولا بالمكري، وبطائفة من أقاربه ثانيا.
أولا: المكري
من البديهي أن يكون المكري نفسه هو أول المستفيدين من رخصة الإفراغ بسبب الحاجة إلى السكنى، وهذا ما تتفق عليه فعلا كل التشريعات التي تعتد بهذا السبب كمبرر لطلب إخلاء المكتري. ولكن الآراء اختلفت اختلافا شديدا حول ما إذا كان من اللازم والضروري أن يكون المكري مالكا للمحل. فقد ذهب البعض إلى أن حق الإفراغ من أجل السكنى مرتبط بالملكية ولا صلة له بالمكري غير المالك. ويقوم هذا على أساس المفاضلة بين حق المالك في الانتفاع بملكه، وحق المكتري في البقاء بالعين، إذ يرجح في هذه الحالة حق الأول عن الثاني. أما إذا كان المكري غير مالك فلا سبيل إلى تغليب مصلحته على مصلحة المكتري. وقد راعت بعض التشريعات فعلا هذا الاعتبار، فاشترطت المادة الثالثة من الأمر العسكري المصري رقم 315 لسنة 1942 أن تكون الحاجة التي تبرر الإفراغ قد قامت لدى المالك. وهذا ما تأكد مرة أخرى في الأمر العسكري رقم 598 لسنة 1954. ولقد أخذ بهذا الاتجاه نفسه المشرع الفرنسي في كل التشريعات الخاصة بالكراء الصادرة إلى غاية 1/9/1948 حيث قصر حق الاستعادة لهذا السبب على المالك دون المكري غير المالك[6].
غير أن هذا الاتجاه لم يستمر طويلا على مستوى التشريع، حيث تم تعميم هذا الحق على المكري بصفة مطلقة، سواء كان مالكا أو غير مالك، وذلك على أساس أن القوانين الخاصة بالكراء، إنما تنظم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين، وأن إجازة الإفراغ للاحتياج مرتبطة بحق المنفعة وليس بالملكية. ولذلك فإن حرمان المؤجر من الباطن –وهو صاحب حق المنفعة طول مدة الإيجار- من هذه الرخصة يكون تحكما لا محل له[7]. وهكذا فمقتضيات المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 وكذلك القانون 121 لسنة 1947 أفادت إرادة المشرع المصري بأن حق طلب الإخلاء بسبب الحاجة إلى السكنى ليس قاصرا على المالك، وإنما هو متاح لكل من له حق التأجير[8].
وخلافا لما كان عليه الأمر في التشريعات السابقة، فإن الفصل التاسع من القانون الفرنسي المعدل رقم 82-526 الصادر بتاريخ 22 يونيو 1982 والمعروف بقانون “كييو” صريح في إجازته للإفراغ بسبب الاحتياج للمكري عموما، حتى ولو لم يكن مالكا[9]. وهذا هو الموقف ذاته في القانون المغربي، لأن المادة 45 أعلاه، تعتبر الإفراغ لهذا السبب مخولا للمكري دون تحديد لصفته مالكا كان أم غير مالك.
ومع وضوح الأمر ظاهريا، فإننا نعتقد مع ذلك أن المشرع المغربي عندما استعمل لفظ “المكري” في هذا المجال، لم يكن يقصد في الحقيقة غير المالك أو من يقوم مقامه، على أساس أن هذا الأخير هو نفسه المكري حسب الشائع والغالب في العمل، ولم يعبر عن المالك “بالمكري” إلا تجاوزا. ويؤيد هذا النظر اعتبارات متعددة نذكر منها على الخصوص:
- إن إقرار حق الإفراغ بسبب الاحتياج هو استثناء من المبدأ الذي أضحىقارا وثابتا في مجال عقود أكرية الأماكن المعدة للسكنى، وهو استمرار هذه العقود تلقائيا بعد انتهاء مدتها الأصلية، لذلك ينبغي عدم التوسع في تفسير هذا الاستثناء، كما يجب قصر إعماله في أضيق الحدود.
- إن الدافع الذي فرض إقرار حق الإفراغ لهذا السبب، هو تأكيد أولوية المالك في الانتفاع بملكه[10] على أساس أن الانتفاع عنصر أساسي من عناصر الملكية، لذلك فإن تغليب جانب المالك يتأتى من رجحان حقه على غيره تلافيا لتفتيت أو تجزئة حق الملكية، وهذا غير وارد في حالة المكري من الباطن، إذ أن مركزه لا يختلف كثيرا عن المركز القانوني للمكتري الذي يراد إفراغه، وبالتالي لا يمكن ترجيح الجانب الأول عن الثاني عن طريق المفاضلة بينهما، لذلك نقول بأن الإفراغ بسبب الاحتياج مرتبط بحق الملكية وليس بعنصر الانتفاع.
- إن المشرع المغربي لئن كان قد خول الإفراغ بسبب الاحتياج للمكري عموما في المادة 45 من قانون 12/6745، إلا أنه قيد هذه الرخصة بشرط واضح في دلالته على أن المقصود بالمكري هو المالك، حيث تطلبت المادة 49 منه: “أن يكون المحل المطلوب إفراغه ملكا للمكري منذ 18 شهرا على الأقل من تاريخ الإشعار بالإفراغ…”.
إن هذا الشرط يؤكد بما لا يدع أي مجال للشك في أن المالك -أو من تؤول إليه ملكية المحل-، وحده هو الذي يملك في القانون المغربي حق طلب الإفراغ بسبب الحاجة إلى السكنى.
وإذا كان المحل المراد إفراغه مملوكا على الشيوع، فإن الشركاء الذين يحق لهم إدارة المال الشائع[11] هم أنفسهم الذين يستطيعون المطالبة بالإفراغ للاحتياج، ولو لم يكونوا هم المكرين.
ويحق للمالك الذي تقوم لديه حاجة حقيقية لسكنى المحل المكرى، أن يطالب بإفراغ المكتري، سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، حتى ولو خلا عقد الكراء من بند اتفاقي يخول المكري هذا الحق[12]. وفي ذلك يختلف القانون المغربي عن القانون الفرنسي المعدل لسنة 1982، إذ يشترط الفصل التاسع من هذا الأخير أن يكون المكري الذي يطالب بالإفراغ للاحتياج بالضرورة شخصا طبيعيا، وأن يكون عقد الكراء قد تضمن شرطا مسبقا بذلك لممارسة هذا الحق قبل انتهاء المدة الأصلية للكراء[13].
وينصرف لفظ المكري إلى الرجل أو المرأة حتى ولو كانت هذه الأخيرة متزوجة، ولا يمكن الاحتجاج على ذلك بأن الزوجة لا يتصور أن تقوم لديها من الناحية الشرعية والقانونية معا حاجة إلى السكنى بمحلها المكرى، ما دامت نفقتها تقع على زوجها وجوبا طبقا لمدونة الأسرة.[14]
فقانون 12/67 يعطي للمكري عموما حق طلب الإفراغ بسبب حاجته إلى السكنى، ولا يميز في ذلك بين الرجل والمرأة، ومن ثم فإن قانون الكراء لا يمنع المرأة، وهي مالكة ومكرية، أن تطلب تصحيح الإشعار بالإفراغ لتسكن بالمحل هي وأبناؤها وزوجها[15]. وأن القاعدة التي تقتضي أن تكون سكنى الزوجة واجبا يقع على زوجها، مستمدة من قانون ينظم علاقة الزوجين فيما بينهما، لا مع غيرهما. ومن ثم فلا وجه للاحتجاج بها ضد دعوى الإفراغ للاحتياج، طالما أن الزوج اضطر إلى إسكان زوجته في ملك الغير، والحال أن زوجته تتوفر على مسكن مملوك لها، وتريد أن تتبرع به عليه ليسكنا فيه معا[16].
وتتحقق حاجة المكري إلى السكنى حتى ولو كان مقيما بصفة اعتيادية خارج الوطن، ولو لم يكن قد أحيل على التقاعد بعد، لأن القانون لا يشترط شيئا من ذلك[17]
ثانيا: أقارب المكري
يشكل تحديد المستفيدين من الإفراغ بسبب الحاجة إلى السكنى النقطة الأكثر إثارة للخلاف في الفقه والقضاء المقارنين، مما ترتب عنه تباين في المواقف على مستوى التشريع من حيث التضييق أو التوسع في عدد الذين يملك المكري أن يطالب بإفراغ المكتري من العين قصد إسكانهم.
ففي القانون المصري كانت المادة الثالثة من الأمر العسكري رقم 598 لسنة 1945 تقصر الاستفادة من هذه الرخصة على المالك وحده، ولكن المرسوم بقانون رقم 140 لسنة 1946 أجاز الإخلاء عند قيام ضرورة تلجئ المكري إلى شغل المكان بنفسه، أو بأحد أولاده أو والديه. غير أن المادة الثالثة من القانون 121 لسنة 1947 اتخذت بهذا الشأن موقفا وسطا، بحيث حددت المستفيدين في المؤجر شخصيا أو أحد أولاده، لذلك لا عبرة بضرورة من عدا هؤلاء، مهما كانت قرابتهم أو صلتهم بالمالك ولو كانوا أحد والديه.
أما القانون الفرنسي فقد توسع كثيرا في دائرة المستفيدين من حق الاستعادة للاحتياج، فالمادة 19 من قانون 1/9/1948 كانت تجيز استعادة العين لسكنى المكري بنفسه، أو لإسكان زوجه أو أقاربه من أصول وفروع زوجه، وأبقت المادة التاسعة من قانون “كييو” لسنة 1982 على نفس التعداد السابق”[18].
وبالنسبة للمغرب، فقد ورد تعداد المستفيدين من الإفراغ بسبب الاحتياج في المادة 45 المشار إليها سابقا، وهي تقضي بأن المستفيدين من حق الإفراغ بسبب الحاجة إلى السكنى هم بالإضافة إلى المكري، أقاربه وفقا للآتي:
- أصول المكري.
يتفق القانون المغربي في هذا الخصوص مع القانون الفرنسي، وهما معا يختلفان عما انتهت إليه المادة 3 من القانون المصري لسنة 1947. حيث كانت تحصر المستفيدين في أولاد المكري دون غيرهم من أقاربه. على أن المشرع، المغربي يشترط في الأصول المرشحين للاستفادة من العين المزمع إفراغها قصد سكناها، أن يكونوا مباشرين، عكس القانون الفرنسي الذي كان يمنح هذه الرخصة للأصول عموما، بحيث يستفيد منها الأجداد أيضا لدخولهم في عموم الأصول[19].
ويقف حق الاستعادة في القانون المغربي عند الأصول المباشرين للمكري فقط إذا جدت لديهم حاجة ماسة إلى سكنى المحل دون أصول زوجه، الذين كانوا يدخلون بدورهم ضمن دائرة المستفيدين في ظل القانون الفرنسي.
- فروع المكري.
تتفق التشريعات الثلاث السالفة الذكر على منح المكري حق استعادة العين ليسكن بها أحد أولاده، على أساس أن اضطرار الأولاد جزء من اضطرار المكري نفسه[20].ويسجل بعض الفقه المغربي في ظل قانون 1980 الملغى، أن التشريع المصري قد عبر عن المستفيدين في هذا المجال بالأولاد، في حين أن القانون المغربي استعمل لفظ “الفروع”، وخلص من ذلك إلى أن هذا الأخير توسع أكثر من الأول، إذ يحق في ظل التشريع المغربي أن يتمسك المكري بالإفراغ قصد إسكان الأبناء أو الأحفاد، بخلاف التشريع المصري الذي اقتصر فقط على الأبناء دون الأحفاد[21].
ونحن نعتقد أن وضوح نص المادة 45 يغني عن الإفاضة في مناقشة هذا الرأي. فالنص يقصر الاستفادة على الأصول المباشرين فقط، وهؤلاء هم الأولاد بلا خلاف. وترتيبا على ذلك فإن الفروع الذين يمارس حق الاستعادة لفائدتهم ينبغي أن يكونوا في القانون المغربي مباشرين، ومن ثم يستبعد أولاد الابن أو أولاد البنت، إذ لا عبرة لحاجتهم في نشوء حق الاستعادة[22]، خلافا للقانون الفرنسي الذي كان يسمح بالاستعادة لفائدة الفروع عموما دون تحديد لدرجاتهم[23].
وحيث إن نص المادة 45 قد ورد عاما، فإن لفظ الفروع ينصرف إلى الأولاد جميعهم دون تمييز بين الذكور منهم والإناث. فالكل سواء بالنسبة لحق المكري في طلب الإفراغ قصد إسكانهم. ويستوي في ذلك أن يكون هؤلاء الأولاد يعيشون في كنف المكري وتحت رعايته، أم أنهم مستقلون عنه[24].
ويلاحظ أن مثل هذا التفسير يؤدي إلى تخويل المكري مجالا واسعا جدا لاستعادة المحل من يد المكتري، وبالتالي تهديدا حقيقيا لاستقرار هذا الأخير[25]. لذلك فإن بعض القضاء المصري رفض الأخذ به وهو بصدد النظر في القانون الملغى لسنة 1947، على أساس أنه وإن كان نص المادة الثالثة من القانون رقم 121 لسنة 1947 عاما فيما يتعلق بالإخلاء للضرورة بالنسبة لأولاد المالك، فلم يفرق بين الذكور والإناث. إلا أنه يستشف من روح القانون وملابساته، أن المشرع قد قصد بأولاد المكري من هم تحت رعايته وفي كنفه، ويكون هو المسؤول شرعا وقانونا عن الإنفاق عليهم ورعاية شؤونهم وتدبير معيشتهم. فلا يشمل البنت التي تتزوج. لأنها بمجرد عقد قرانها تصبح بحسب الأصل تحت رعاية زوجها وفي كنفه. ويكون المسؤول شرعا وقانونا عن الإنفاق عليها، ولو كانت في منزل والديها، وذلك من تاريخ عقده عليها[26]. فهو المكلف بإعداد منزل الزوجية. أما ما يعترض به من عموم النص، وبأنه لم يفرق بين الذكور والإناث، فمردود بأن المشرع كان يهدف إلى من هم تحت رعاية الوالدين وفي كنفهما، ومن هما ملزمان بالإنفاق عليهم من البنين والبنات. فالبنت قبل زواجها في رعاية والديها، ويشملها النص. ويحق وقتئذ لوالديها أو أحدهما أن يطلب إخلاء المسكن الذي يؤجرانه لتقيم فيه. وكذلك إذا طلقها زوجها، أو توفي عنها وعادت إلى منزل والديها وأصبحت في كنفهما وتحت رعايتهما، إذا قام ثمة مانع من إقامتها مع والديها أو أحدهما[27].
ومع أن هذا الرأي لا يخلو من وجاهة، ويتفق مع روح القوانين الخاصة بالكراء التي تستهدف بالأساس حماية المكترين، فإن عموم النصوص لا تسمح فيما نرى باعتماده أو الأخذ به سواء في ظل القانون المصري الملغى أو في ظل القانون المغربي المعمول به، بسبب عموم النصوص ووضوحها[28].
ج- المستفيدون من الوصية الواجبة
انفرد المشرع المغربي بإضافة طائفة ثالثة ممن يملك المكري طلب إفراغ العين لمصلحتهم، وهم المستفيدون من الوصية الواجبة. ويتعلق الأمر بالأحفاد الذين يتوفى أبوهم قبل جدهم، حسب المادة369 من مدونة الأسرة التي جرى نصها على أنه: “من توفي وله أولاد ابن أو أولاد بنت، ومات الابن أو البنت قبله أو معه، وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشروط الآتية …”
ولأن المادة 45 من قانون 12/67 تحيل بخصوص استفادة هؤلاء الأحفاد من حق جدهم في طلب إفراغ العين لإسكانهم على المادة369 من مدونة الأسرة وما يليها، فإنه ينبغي أن يكون الأحفاد غير وارثين لأصل أبيهم، ولم يوص أو يعط لهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية الواجبة[29]. ولا يهم بعد ذلك أن يكون الأحفاد المعنيون أبناء إبن أو أبناء بنت، خلافا لما كان عليه الأمر في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة
وإذا توفرت هذه الشروط، أمكن للجد أن يتمسك بحاجة أحفاده إلى السكنى، فينشأ له بالتالي حق رفع دعوى المطالبة بتصحيح الإشعار بإفراغ المكتري من العين المكراة بناء على هذا السبب.
د- الأطفال المكفولون
وفقا للمادة الأولى من قانون كفالة الأطفال المهملين[30]، يكون الطفل مهملا:
– إذا ولد من أبوين مجهولين أو من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه بمحض إرادتها،
-إذا كان يتيما، أو عجز أبواه عن رعايته، وليست له وسائل مشروعة للعيش
-إذا كان أبواه منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعايته وتوجيهه من أجل اكتساب سلوك حسن كما في حالة سقوط الولاية الشرعية
وحيث إن الأمر القضائي المتعلق بإسناد الكفالة كما نصت على ذلك المادة 22 من القانون، تحمل الجهة الكفيلة بتنفيذ الالتزامات المتعلقة بالنفقة على الطفل وحضانته ورعايته،وتلبية حاجياته إلى حين بلوغه سن الرشد القانوني، بل إذا كان المكفول أنثى فإن نفقتها تستمر إلى أن تتزوج أو تتوفر على الكسب، كما تستمر النفقة على المصاب بإعاقة أو العاجز عن الكسب مدى الحياة.
وحيث إن المكفول ينزل بالنسبة للكفيل منزلة قريبة من الابن، ما دام قد ارتضى كفالته، فإنه من الطبيعي أن تعتبر حاجة المكفول إلى السكنى بمثابة حاجة الفرع إليها. ومن ثم ينبغي أن يخول المكري الكفيل حق طلب إفراغ المكتري لحاجة كفيله إلى سكنى المحل
ويقتضي موقف المشرع المغربي بخصوص حصر المستفيدين من الإفراغ بسبب الحاجة إلى السكنى إبداء الملاحظات التالية:
- إن نص المادة 45 من قانون 12/67يعدد ضمن المستفيدين من الإفراغ بسبب الاحتياج زوج المكري،وهو بذلك تفادى الإسقاط المسجل بهذا الشأن في قانون 1980 الملغى.صحيح أن طبيعة العلاقة بين الزوجين تقتضي تساكنهما وتعايشهما في محل واحد وتحت سقف واحد[31]، خلافا لحالة الأصول والفروع التي قد تتطلب إسكانهم في المحل المطلوب إفراغه باستقلال عن المكري الذي لا يدعي الاحتياج لنفسه[32]، ولكن ربما تقوم لدى المكري حاجة إلى المطالبة بالإفراغ قصد إسكان زوجه في حالة ما إذا كان هذا المكري متزوجا بأكثر من واحدة. ومن ذلك أن المادة 526 من القانون المدني الجزائري الصادر سنة 1975 تنص على ما يلي:”ينقضي حق الاحتجاج بالبقاء في الأمكنة على المالك الذي يتمتع بالجنسية الجزائرية إذا عزم على استرجاع مبناه ليسكنه بنفسه أو ليسكن فيه زوجه أو أصوله أو فروعه…”. ونحن نعتقد أن حاجة الزوجة إلى المسكن هي من حاجة زوجها ذاته، فلها أن تطلب الإفراغ لإسكانه، كما أن له أن يطلب الإفراغ على أساس قيام حاجته الشخصية إلى المحل ولو كان المقصود هو إسكان زوجة ثانية لا يزمع الإقامة معها فعليا لسبب أو لآخر ما دامت زوجته وفي عصمته. وقد كان هذا موقف القضاء المغربي حتى قبل وجود النص القانوني[33]
- لقد كان القضاء المغربي في ظل ظهير 5 ماي 1928 يسمح رغم عدم وجود النص بإفادة أقارب المكري من حق الاستعادة للاحتياج إلى السكنى إعمالا لسلطته التقديرية[34]. وكان الاتجاه الثابت، هو ضرورة عدم التوسع في تحديد هؤلاء الأقارب، والاقتصار في ذلك على الأصول والفروع، وكذا من هم تحت كفالة المكري، شريطة أن تثبت حاجتهم وعوزهم[35]. وعموما، فإن القضاء المغربي كان يقرن الاستفادة في هذه الحالة بأن يكون إسكان الأقارب واجبا على المالك، وإلا كان طلب الإفراغ المؤسس على الاحتياج مرفوضا[36].
غير أن القانون 12/67 لم يلتزم بهذا التقييد في تعداده للمستفيدين من حق الاستعادة للاحتياج. بل أضاف إليهم كما رأينا المستفيدين من الوصية الواجبة وكذا الأطفال المهملين، مع أن المأمول كان هو الاتجاه نحو التضييق في المعتبر حاجتهم إلى السكنى مبررا لطلب المكري بالإفراغ، وليس الزيادة في التوسع[37]. وفعلا فإن الفقه المغربي يكاد يتفق على أن هذا التوسع يفتح المجال واسعا أمام المكري للمساس بحق المكتري في الاستقرار، وإنه كان يحسن على الأقل أن يتم حصر المستفيدين في الأولاد والآباء، وأن يشترط في المستفيدين من الوصية الواجبة على الأقل عدم الرشد أو عدم كفاية الموارد[38]، وكذلك الأمر بالنسبة للمكفولين. ويطالب بعض الفقه من القضاء المغربي وهو بصدد تطبيق مقتضيات الفصل الثالث عشر من قانون 1980 الملغى، أن يستحضر المبرر الذي قدمه ممثل الحكومة للإبقاء على التعداد المشار إليه والقاضي بأنه ينسجم وعادات العائلة المغربية وقواعد الفقه الإسلامي، وكذلك ما جاء في مدونة الأسرة، ومن ثم يكون هذا التبرير هو مناط الحكم بالإفراغ من عدمه[39].
الفقرة الثانية: شروط الإفراغ للاحتياج
إن استقراء التشريعات المقارنة بخصوص الموضوع، يكشف عن التباين الكبير بينها في الشروط التي توردها على حق الإفراغ بسبب الاحتياج، فنلمس عند بعضها اتجاها واضحا نحو التقييد من إعمال هذا الحق لينحصر في أضيق الحدود، بالإكثار من الشروط التي تستلزمها لتأسيس طلب الإفراغ على هذه الرخصة، في حين يعكس التساهل في فرض القيود والشروط، اتجاه بعض التشريعات الأخرى نحو التوسع في مجال الإفراغ للحاجة.
وسنتناول مختلف هذه الشروط مقسمة إلى نوعين، فنعرض أولا للشروط العامة التي تكاد تكون موحدة في جل التشريعات، ثم نعرض ثانيا للشروط الخاصة بالقانون المغربي التي ورد النص عليها في المادة 49 من قانون 12/67
أولا: الشروط العامة
حاولت التشريعات الخاصة بالكراء التوفيق بين مقتضيات العدالة التي تكفل حق المالك في الانتفاع بملكه عند الحاجة إليه، وبين ضمان حق الاستقرار والسكنى للمكري في ظل الاستمرار القانوني لعقود الكراء، وهكذا أجازت من حيث المبدأ تأسيس المكري طلب الإفراغ على احتياجه وذويه إلى المحل قصد السكنى به، ولكنها أحاطت هذه الرخصة في الوقت نفسه بمجموعة من الشروط تشكل ضمانا لعدم الإساءة أو التعسف في استعمالها، وحماية للمكتري من الإعنات والتجاوز، سواء قبل ممارسة حق الاستعادة أو بعدها.
أ – الشروط السابقة على ممارسة حق الاستعادة.
- أن تكون الاستعادة من أجل السكنى.
تكاد التشريعات المقارنة تتفق على أن الاحتياج الذي يبرر إفراغ المكتري من العين ينبغي لزوما أن يكون هو حاجة المكري أو المستفيدين المشار إليهم سابقا إلى السكنى، بحيث لا يمكن الاستناد في طلب الإفراغ على حاجة أي من هؤلاء إلى المحل المراد إفراغه بقصد استعماله محلا تجاريا، أو مكتبا مهنيا، أو لأي غرض آخر غير السكنى مهما بلغت أهمية الحاجة إليه. وقد نص المشرع المغربي صراحة على هذا الشرط، حيث ورد في المادة 45 من القانون أن القاضي يمكنه تصحيح الإشعار بالإفراغ إذا كان المقصود هو استرداد المحل لسكنى المكري بنفسه أو لسكن زوجه، أو أصوله أو فروعه المباشرين أو المستفيدين من الوصية الواجبة أو المكفولين[40].
وقد أثارت صياغة المادة الثالثة من القانون المصري رقم 121 لسنة 1947 جدلا واسعا في الفقه والقضاء بهذا الشأن، حيث ورد في النص المذكور أنه: “يجوز للمؤجر أن ينبه المستأجر بالإخلاء… إذا كانت هناك ضرورة تلجئه لشغل المكان بنفسه أو بأحد أولاده”. فقد تمسك اتجاه في الفقه والقضاء بعموم النص الذي لم يقيد صراحة استعادة العين بالسكنى فيها، إذ أن لفظ شغل المكان يشمل استعماله للسكنى أو لغيره من الأغراض. لذلك فإن المهم عند هذا الاتجاه هو أن يخلي المؤجر المكان ليشغله، بالسكنى أو بغيره إلا أن يعيد تأجيره لمستأجر آخر بقصد استغلاله، خصوصا وأن الحاجة إلى وجوه الاستعمال الأخرى لا تقل أهمية وإلحاحا عن الحاجة إلى السكنى[41].
غير أن الرأي الراجح والسائد في الفقه والقضاء المصريين قد استقر على أن المقصود بشغل المكان في نص المادة المشار إليه هو السكنى لا غير، تمشيا مع روح القانون الخاص، وقصد المشرع في التخفيف من أزمة السكنى. وكل هذا يتناقض مع السماح للمؤجر بإخلاء المستأجر لاستعمال العين في غير أغراض السكنى[42].
- أن تنتهي مدة العقد الأصلية
كانت المادة الثالثة من القانون المصري رقم 121 لسنة 1947 تنص صراحة على أن حق الإفراغ بسبب الحاجة إلى السكنى، لا يمكن ممارسته إلا في نهاية المدة الأصلية لعقد الإيجار[43]. وهذا الحكم يبدو طبيعيا، لأن ارتباط المؤجر بمقتضى العقد لمدة معينة يستلزم عليه تنفيذ ما ارتضاه طيلة هذه المدة. لذلك كانت القواعد العامة لا تخول الإفراغ للاحتياج مطلقا كما رأينا، فلا يتصور أن تكون للمكري حقوق أوسع في ظل التشريعات الخاصة بالكراء[44].
والمقصود بالمدة الأصلية التي لا يحق للمكري خلالها تأسيس طلب الإفراغ على الحاجة إلى السكنى، هو المدة المتفق عليها أصلا بين الطرفين، أو التي يحددها القانون عند عدم وجود مثل هذا الاتفاق، ويلحق بهما فترة التجديد الضمني للعقد[45]. إذ في جميع هذه الحالات يعتبر العقد في مدته التعاقدية. ويترتب عن ذلك أن المكري لا يحق له طلب الإفراغ بالاحتياج، إلا في حالة الاستمرار القانوني لعقد الكراء، لأن المكتري في هذا الفرض، يستند في البقاء بالعين إلى قوة القانون رغم إرادة المكري، فإذا قامت لهذا الأخير حاجة إلى السكنى سينبغي آنئذ الموازنة بين الطرفين وترجيح جانب المالك في حال التساوي على المستأجر، لأنه أولى بالانتفاع بملكه[46]. لذلك ينظر بعض الفقه إلى الإفراغ بسبب الحاجة على أنه من أسباب سقوط الحق في الامتداد القانوني لعقد الكراء”[47].
أما بالنسبة للقانون الفرنسي فإن عقد الكراء ينبغي أن يبرم بحسب الأصل في ظل قانون “كييو” لسنة 1982 لمدة لا تقل عن ست سنوات[48]. وفي هذه الحالة يحق للمكري وفقا للفقرة الأولى من الفصل التاسع، أن يضمن عقد الكراء بندا يسمح له باستعادة العين إذا جدت حاجته أو حاجة ذويه إلى السكنى عند نهاية كل سنة من مدة العقد. بل إن الطرفين يملكان أن يتفقا على إمكانية الاستعادة في أي تاريخ من السنة، شريطة ألا يكون ذلك قبل انتهاء العام الأول من مدة العقد[49].
غير أن هناك استثناء متعلقا بالمواطن الفرنسي الذي يؤجر محل إقامته بسبب استقراره خارج الوطن، فقد سمحت له الفقرة الخامسة والأخيرة من نفس الفصل بطلب فسخ العقد إذا اضطرته أو زوجه، قوة قاهرة إلى قطع إقامته بالخارج، بشرط أن يكون عقد الكراء قد تضمن بندا يتيح له هذه الإمكانية، وأن يكون قد مضى على الأقل عام كامل من مدة العقد الأصلية[50]. أما إذا أبرم عقد الكراء لمدة ثلاث سنوات فإن المكري يمتنع عليه مطلقا أن يطالب بإفراغ المكتري حتى ولو ثبتت حاجته الماسة إلى سكنى العين ما لم تنقض المدة الأصلية للعقد[51].
ولقد ألغى الإصلاح الجديد لسنة 1986 كل هذه المقتضيات السابقة حيث لم يعد بإمكان المكري مطلقا أن يطالب باستعادة المحل ولو قصد سكناها قبل انتهاء مدة العقد لأي سبب من الأسباب[52]، مع الإشارة إلى أن قانون 1989 يحدد مدة العقد من حيث المبدأ، في ثلاث سنوات بالنسبة للأشخاص الطبيعيين، وست سنوات للأشخاص المعنويين، تتجددضمنيا بالنسبة لهما معا، لمدة ثلاث سنوات[53].
أما بالنسبة للمغرب، فإن نصوص القانون 12/67 لا تسعف في استخلاص موقف المشرع المغربي بهذا الشأن. ومع ذلك فإننا نعتقد أن روح القانون الذي يستهدف بالأساس تقوية مركز المكتري وحمايته يقتضي رفض طلبات الإفراغ المؤسسة على الاحتياج إذا كانت المدة الاتفاقية للعقد لم تنته بعد، وإلا فإن هذه الرخصة ستشكل مساسا غير مقبول بحق الاستقرار في حده الأدنى المتوخى توفيره للمكترين. وهو ما لا يتصور أن يكون المشرع قد قصده. ثم إن المكري الذي يخول المكتري حق الانتفاع بالمحل طيلة مدة معينة، يكون ضمنيا قد تنازل عن حقه في استعادة هذا المحل قصد سكناها خلال المدة المتفق عليها. ولا شك أن مثل هذا التنازل جائز قانونا وملزم للمكري، سواء عند تحقق الحاجة أم قبله. ولا يحتج على ذلك بأن التنازل الضمني المفترض لا يعتد به في سقوط الحقوق[54]، لأننا في مجال القوانين الكرائية الخاصة، نأخذ بالتفسير الأصلح للمكتري، على أساس أن ذلك هو الأقرب إلى إرادة المشرع، وهذا هو الاتجاه الذي كان القضاء المغربي يأخذ به فعلا، حيث أكد المجلس الأعلى في كثير من قراراته بخصوص طلب الإفراغ للحاجة إلى السكنى بالمحل، على أن الإنذار الموجه لهذا الغرض يكون عديم الأثر إذا لم يحترم المدة الاتفاقية أو المجددة لعقد الكراء[55]. وليس هناك ما يدعو إلى الخروج عن هذه القاعدة في ظل القانون الحالي رقم 12/67، سيما وأن الأمر يتعلق بحالة لا يعزى فيها إلى المكتري أي خطأ أو إخلال بالتزاماته، وهو ما يستدعي رعاية أكثر لحاجته، وتشديدا أكبر على جانب المكري.
ب – الشروط اللاحقة على ممارسة حق الاستعادة
يلتزم المستفيد من حق الاستفادة بموجب مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل التاسع من القانون الفرنسي المعدل لسنة 1982 بالتزامين اثنين[56].
أولهما: سكنى العين فعلا خلال ستة شهور تبتدئ من اليوم الذي يتم رحيل المكتري وإفراغه للمحل.
وثانيهما: أن يستمر في سكنى المحل لمدة لا تقل عن سنتين اثنتين، يبتدئ احتسابها من تاريخ انقضاء مهلة الإخطار الموجه إلى المكتري من قبل المكري[57].
وينبغي أن يتم شغل العين بسكناها من قبل المستفيد شخصيا[58]، غير أن القانون الفرنسي لم يكن يحدد طبيعة هذا الاعتمار ومداه. ولذلك يذهب بعض الفقه إلى أن المشرع لا يتطلب شغلا مستمرا ودائما للعين وأن المكري بالتالي يستطيع استعادة العين بقصد استعمالها مسكنا ثانويا«Résidence secondaire »[59].ومع ذلك فإن هناك رأيا آخر في الفقه الفرنسي يذهب إلى أن المحل المراد استعادته ينبغي أن يشكل فعلا السكن الاعتيادي للمستفيد، وأن القضاء بهذا الخصوص يملك سلطة تقدير مدى توفر هذا الشرط.وهو مدعو في حالة وجود صعوبات إلى البحث في جميع عناصر الواقع التي قد تسمح له بالتأكد من ذلك. على أنه كان من الأفضل حسب هذا الرأي أن يحيل المشرع بهذا الشأن على مقتضيات الفقرة الثانية من المادة العاشرة من قانون 1948 التي تعتبر أن من ضمن الذين لا يحق لهم الاحتجاج بحق البقاء في العين، أولئك المكترون الذين لا يستطيعون إثبات شغلهم المحل ثمانية أشهر على الأقل من مدة السنة الكرائية، اللهم إلا إذا كانت مهنهم أو وظائفهم أو سبب آخر مشروع يبرر شغلهم العين لمدة اقل[60].
أما في مصر فقد كانت الفقرة الرابعة من المادة الثالثة من القانون رقم 121 لسنة 1947تنص على أنه: “وإذا كان المؤجر لغير عذر مقبول لم يشغل المكان في ميعاد شهر من تاريخ الإخلاء، أو لم يستمر شاغلا له مدة سنة على الأقل، جاز للمستأجر أن يطالبه بجميع التعويضات الناشئة عن الإخلاء، كما يجوز له شغل المكان من جديد”.
وهكذا فإن التشريعين الفرنسي والمصري قد أوردا أحكاما متقاربة من شأنها أن تضمن جدية التمسك بالحاجة إلى السكنى، وعدم اعتمادها كوسيلة لإفراغ المكتري دون داع حقيقي يقتضيه، أو للمضاربة على العين ببيعها فارغة، أو إعادة كرائها لمكتر آخر بشروط أفضل. وهذه الأحكام لئن كانت مختلفة في جزئياتها وتفاصيلها خصوصا من حيث المدد التي ينبغي للمستفيد أن يشغل خلالها العين بعد رحيل المكتري، فإنها مع ذلك متفقة ومتماثلة من حيث الغاية والجوهر. وقد كان المشرع الفرنسي أكثر تساهلا في المهلة التي تعطى للمستفيد كي ينتقل إلى العين، حيث حددها الفصل التاسع المشار إليه في ستة أشهر، بينما حددها القانون المصري في شهر واحد. وبالعكس فإن القانون الفرنسي كان أكثر تشددا بالنسبة للفترة التي يلتزم المستفيد ببقائه شاغلا للعين، حيث حددها في سنتين، بينما اكتفى المشرع المصري بسنة واحدة. ولكن مظهر التشدد في القانون الفرنسي، يتمثل أساسا في كونه يلزم المستفيد باحترام القيدين السابقين مطلقا أيا كانت الظروف والأسباب، تفاديا للغش في ممارسة حق الاستعانة من أجل السكنى. في حين يعفى المستفيد من الالتزام بشغل العين سنة كاملة في ظل القانون المصري إذا اضطرته ظروف طارئة بعد تمام استعادة المحل إلى عدم الانتقال إلى العين عقب إفراغها من لدن المكتري، أو حالت دون بقائه فيها واستمراره شاغلا لها المدة اللازمة قانونا.
أما بالنسبة للمغرب، فإن القانون 12/67 كسابقه، لا يتضمن أيه مقتضيات من هذا القبيل. صحيح أن المادة 52 منه تمنح المكتري حق طلب التعويض إذا ثبت أن السبب الذي انبنى عليه إفراغه من المحل غير مطابق للواقع، ولكنه لا يلقي على المستفيد أي التزام بضرورة شغل المحل بعد تمام إفراغه. ولم يحدد بالأحرى زمنا معينا يجب على المستفيد أن يظل خلاله مستمرا في شغل المحل. ولا شك أن ذلك يشكل نقصا بينا يحسن تفاديه حماية للمكترين، إذ يفتح المجال واسعا للاحتيال والغش، ويخل بالتوازن الذي ينشده القانون بين طرفي العلاقة الكرائية لصالح المكري. ونرى في انتظار تدخل تشريعي بهذا الشأن، أن يسترشد القضاء بالمقتضيات المشار إليها في القوانين السابقة، وأن يعمل سلطته التقديرية للحيلولة دون أي تعسف أو احتيال في هذا المجال[61]، وأن يعتبر بالتالي عدم اعتمار العين بعد إفراغها من قبل المستفيد، دليلا على سوء نية المكري، وحجة على عدم مطابقة السبب المعتمد في الإشعار للواقع، فيحكم للمكتري في هذه الحالة بالتعويض المنصوص عليه في القانون، ما لم يثبت أن هناك مانعا جديا يحول دون استيفاء هذا الشرط[62].
ثانيا: الشروط الخاصة
تنص المادة49 من قانون 12/67 على أنه: “لا يقبل طلب تصحيح الإشعار بالإفراغ للسبب المشار إليه في البند الأول من المادة 45 أعلاه، إلا بتوفر الشرطين التاليين:
- أن يكون المحل المطلوب إفراغه ملكا للمكري منذ 18 شهرا على الأقل من تاريخ الإشعار بالإفراغ. على أن للوارث والموصى له والمكفول حق الاستفادة من احتساب المدة التي كان يملكه خلالها المالك السابق
- أن يكون المكري أو زوجه أو أصوله أو فروعه المباشرون من الدرجة الأولى أو المستفيدين من الوصية الواجبة، حسب الحالات، أو المكفول، لا يشغلون سكنا في ملكيتهم أوكافيا لحاجيتهم العادية.
لا يشترط توفر هذين الشرطين إذا عرض المكري على المكتري سكنا مماثلا للمحل المطلوب إفراغه بنفس المواصفات ونفس الوجيبة الكرائية”.
يتضح من هذا النص أن المشرع المغربي يميز بخصوص الشروط الواجب توفرها للحكم بالإفراغ المؤسس على الاحتياج بين حالتين، تتعلق الأولى بطلب إفراغ العين من أجل السكنى دون عرض محل مماثل بديل على المكتري، وهنا ينبغي توفر الشرطين المنصوص عليهما في الفصل الرابع عشر أعلاه، وتتعلق الثانية باقتران طلب الإفراغ بعرض مسكن بديل مماثل على المكتري المراد إفراغه. وسنتناول كلا من الحالتين على حدة:
- طلب استعادة العين دون عرض مسكن مماثل على المكتري
تعتبر هذه الصورة، الأكثر شيوعا في العمل، إذ الغالب أن يرتكز المكري في طلبه لإفراغ المكتري على حاجته أو ذويه إلى السكنى، دون أن يكون لديه استعداد لأن يعرض على المكتري مسكنا مماثلا بدل المحل المراد إفراغه[63].ومن هنا كان من اللازم عدم التساهل في التضحية بالمكتري الذي يتعرض مع عائلته للتشرد، فلا يحكم بإفراغه إلا إذا تأكد بأن المالك قد يوجد في وضعية مماثلة إذا لم يمكن من مسكنه. لأننا في هذه الحالة سنوجد بين خيارين يقتضيان معا التضحية بأحد الطرفين لزوما. ويكون الانحياز إلى جانب المالك مبررا بسبب أفضليته وأولويته في التمتع بملكه من المكتري. لذلك اشترط المشرع المغربي أن يكون المكري أو المرشح للاستفادة من العين بعد إفراغها لا يشغل سكنا في ملكه كافيا لحاجياته العادية، ويتعلق الأمر بمعايير الاحتياج وصوره،فنرجئ الحديث عنها إلى حين تناولها مفصلة في المطلب الثاني. ونقتصر هنا على الشرط الثاني القاضي بضرورة أن يكون المكري مالكا للمحل المراد إفراغه منذ ثمانية عشر شهرا على الأقل من تاريخ الإشعار بالإفراغ.
لم يسبق للمشرع المغربي أن أورد شرطا مماثلا في أي من القوانين المتعاقبة والخاصة بالكراء قبل قانون 1980 الملغى. ومع ذلك فإن الاجتهادات القضائية المغربية قد سارت حتى في ظل ظهير 5 مايو 1928 على رفض طلبات الإفراغ التي تقدم مباشرة بعد تملك المحال المراد إفراغها، خصوصا عندما يتبين لها من خلال إعمال سلطتها التقديرية أن المالك سيء النية، وأنه إنما ينوي المضاربة والاستغلال، ولم تقم لديه حاجة حقيقية وجدية لسكنى المحل. وفعلا فقد استقرت محكمة استئناف الرباط على أن توجيه إشعار بالإخلاء بعد تاريخ الشراء بقليل يكتسي طابع المضاربة، ينبغي رفضه رغم عدم وجود نص بذلك[64].
وبصدور قانون 25 دجنبر 1980، حدد الفصل الرابع عشر منه المدة التي ينبغي أن تفصل بين تملك المكري للعين، ورغبته في إخلاء المكتري منها في ثلاث سنوات كاملة من تاريخ الإشعار بالإفراغ[65].
غير أن المشرع المغربي قد استكثر فيما يبدو على المكري تربص كل هذه المدة التي اعتبرها زائدة عن اللزوم، فقلص منها إلى النصف.
ويعتبر هذا الشرط القاضي بتربص 18 شهرا بالتحديد المشار إليه، من النظام العام، بحيث يحق للأطراف أن يتمسكوا به في جميع مراحل الدعوى، كما يحق للمحكمة أن تثيره من تلقاء نفسها. فقد أكد المجلس الأعلى في هذا الشأن بأن مقتضيات قانون 1980 المطبق حينئذ، بما فيها الفصل الرابع عشر القاضي بعدم سماح دعوى الإفراغ إلا إذا كان المحل المطلوب إفراغه على ملك المكري منذ ثلاث سنوات على الأقل من تاريخ التنبيه بالإفراغ، تطبق بأثر فوري على كافة عقود الكراء الجارية منذ أن دخل القانون حيز التطبيق، وعلى القضايا التي لم تكن جاهزة للبت فيها آنذاك، ويمكن للأطراف أن يتمسكوا بهذه القاعدة المتعلقة بقبول الدعوى في جميع مراحل التقاضي، ويجب على القضاة أن يثيروها تلقائيا[66].
ويجدر التذكير بأن قانون 1980 الملغى، كان قد اعتمد في إقراره شرط مرور ثلاث سنوات على تملك المكري طالب الإفراغ للعين صياغة عامة، بحيث لا تفيد أي تمييز بين طرق ووسائل هذا التملك، وهو ما أثار خلافات عديدة، حول مدى سريان هذا الشرط على الورثة أيضا؟
لا شك أن المكري إذا كان قد تقدم لدى القضاء بطلب يرمي إلى تصحيح الإشعار بإفراغ المكتري بعد مضي المدة المطلوبة على تملكه العين، ثم توفي أثناء النظر في هذه الدعوى وقبل الفصل فيها، فإن ورثته الذين سيتقدمون بطلب مواصلة الدعوى في اسمهم غير ملزمين بتربص المدة القانونية المطلوبة[67]. ولكن التساؤل الذي كان مطروحا هو ما الحل في حالة وفاة المكري قبل تقديم الدعوى بتصحيح الإشعار بالإفراغ، فهل يجب أن ينتظر الورثة ثلاث سنوات ابتداء من وفاة مورثهم باعتباره تاريخ تملكهم للعين، أم أن لهم الحق في تقديم هذا الطلب دون مراعاة المدة الطويلة على أساس أن مورثهم قد استوفاها قبل ذلك؟
يذهب رأي في الفقه المغربي[68] إلى أن الإجابة عن هذا التساؤل تقتضي استحضار الهدف الذي يتوخاه المشرع من خلال فرضه لهذا الشرط. فما دام أن هذا الهدف هو حماية المكتري من المضاربين في العقار، والذين يعمدون إلى شراء محلات مسكونة ثم يبادرون في الحين إلى مطالبة المكترين بالإفراغ ولو لم تمر مدة على وفاة المكري، فإنه يكفي أن يكون هذا الأخير مالكا قيد حياته للمحل المطلوب إفراغه المدة القانونية المطلوبة.
ومع التسليم بوجاهة أسانيد هذا الرأي، فإننا كنا نعتقد عدم إمكانية الأخذ به للأسباب الآتية:
- إن الفصل الرابع عشر من قانون 1980 صريح في أن المكري ملزم بتربص المدة القانونية في جميع الحالات دون ما اعتبار لطريقة اكتساب ملكية العين المراد إفراغها. لذلك فإن النص ينبغي تطبيقه على إطلاقه إذ لا تخصيص بدون مخصص.
- إن الاستئناس بالأعمال التحضيرية لمشروع القانون، واستخلاص هدف المشرع من مناقشات أعضاء مجلس النواب للنص المعني لا يخلو من فائدة وأهمية في تحديد مجال إعمال النص ومداه. ولكن ذلك لا يبرر الخروج عن مضمونه، أو إيراد استثناءات عليه. وحتى إذا سلمنا بهذه الإمكانية، فإن الأعمال التحضيرية لمشروع الفصل الرابع عشر لا تسعف في استثناء الورثة من الخضوع لمقتضياته، لأن هدف المشرع كما يتضح من خلالها هو حماية المكتري من المضاربة العقارية من جهة، وضمان حق استقراره من جهة أخرى. ثم إن نية المضاربة قد تتوفر عند الورثة بنفس درجة احتمال توفرها عند من يتملك العين عن طريق الشراء. فلا شيء ينفي افتراض أن يقدم الوارث بمجرد وفاة مورثه على طلب إفراغ المكتري بقصد إعادة كراء العين بشروط أفضل، أو بيعها فارغة بقصد المضاربة. لذلك ينبغي أن يتقيد في ذلك بشرط المدة القانونية على الأقل حماية للمكتري من مثل هذه التصرفات.
- إن التسليم بحق المحكمة في قبول دعاوى الورثة بإفراغ المكتري من العين التي عادت لهم عن طريق الميراث دون تربص المدة القانونية يستدعي إعفاء الموهوب له أيضا من هذا الشرط، وكذلك الموصى له، لأن هؤلاء جميعهم لم يسعوا إلى امتلاك العين بقصد المضاربة عليها. ولا شك أن فتح المجال بهذه السعة سيقلب الاستثناء إلى قاعدة، بحيث سينحصر تطبيق النص على المكري الذي تملك العين عن طريق الشراء فقط. ولا شك أن مثل هذه النتيجة غير مقبولة، لذلك فإن الصحيح عندنا هو أن النص ينبغي تطبيقه على إطلاقه، وأن استثناء الورثة وإعفاءهم من تربص شرط المدة قبل إقدامهم على طلب إفراغ العين سيكون تحكما لا سند له[69].
ويبدو أن المشرع المغربي قد أخذ علما بهذا الخلاف، وحاول بمناسبة صدور القانون الحالي 12/67 معالجته بما تصوره كفيلا بتحقيق التوازن والعدالة، فاتخذ له طريقا يبدو وسطا. فهو لم يعف الوارث من شرط المهلة تماما، وإنما مكنه مع بعض الذين يقومون مقامه في طلب الإفراغ للاحتياج، من احتساب المدة التي انصرمت منها منذ امتلاك المكري للمحل، فلا يلتزمون بمهلة ثمانية عشر شهرا كاملة، وإنما يكفيهم انتظار ما تبقى منها. وهذا هو مقتضى البند الأول من الفقرة الأولى من المادة 49 عندما نصت على وجوب أن يكون المحل المطلوب إفراغه ملكا للمكري منذ 18 شهرا على الأقل من تاريخ الإشعار بالإفراغ. على أن للوارث والموصى له والمكفول حق الاستفادة من احتساب المدة الذي كان يملكه خلالها المالك السابق. فإذا مضت سنة واحدة على ملكية المكري للمحل، ثم آلت بعد ذلك مثلا إلى أي من هؤلاء، فإن المهلة الواجب تربصها من قبل هذا الأخير قبل أن ينشأ حقه في مطالبة المكتري بالإفراغ للاحتياج، هي فقط ستة أشهر هي كل ما تبقى من المهلة الأصلية بعد احتساب ما سبق
وأخيرا، فإننا لا نرى مبررا لحرمان الموهوب له من هذا الإعفاء الجزئي، مع أن وضعه لا يختلف في شيئ عن الموصى له.
- عرض المكري للسكن المماثل على المكتري
إن المكتري في الحالة التي تعرضنا لها سابقا، يواجه في حالة تصحيح الإشعار بإفراغه احتمال التشرد والضياع، لذلك كانت الوضعية تستدعي تقييد حق الاستعادة بما يضمن عدم التعسف في استعمالها. أما في هذا الفرض، فإن الأمر مختلف، إذ المكتري لا يتعرض للطرد المفضي إلى الحرمان من السكنى، ما دام المكري يضع تحت تصرفه مسكنا بديلا للذي يشغله، فلن يضار إذن بذلك كثيرا. وهذا ما يبرر إعفاء المشرع المغربي للمكري والمستفيد معا من الشرطين اللذين تطلبهما في الحالة السابقة، فنصت الفقرة الأخيرة من المادة49 من القانون 12/67 على أنه: “لا يشترط توفر هذين الشرطين إذا عرض المكري على المكتري سكنا مماثلا للمحل المطلوب إفراغه بنفس المواصفات ونفس الوجيبة الكرائية”. ومفاد ذلك أن المكري يملك في هذه الحالة إفراغ المكتري ولو لم يكن في حاجة حقيقية إلى السكنى، بل ولو ثبت أنه مالك لمحلات أخرى كافية لحاجياته المعتادة، وهو يستطيع ذلك في أي وقت يريد، ولو مباشرة بعد تملكه للعين المطلوب إفراغها، أي أن الإفراغ في هذه الحالة لا يستند إلى الحاجة مطلقا، وإنما يشكل فيما نرى سببا مستقلا قائما بذاته وغير مرتبط بالإفراغ للاحتياج.
وإذا كان المكري يعرض على المكتري مسكنا بديلا للذي يشغله مقابل إفراغ العين، فإن ذلك لا يعني أن احتمال الإضرار بالمكتري غير وارد بالمرة، إذ قد ينطوي العرض على التحايل أو قصد التعسف والإعنات، لذلك أحاطه المشرع ببعض الشروط التي تضمن جديته، فتطلب أن يكون المسكن المقترح مماثلا للمحل المطلوب إفراغه، وبنفس قيمته الكرائية.
- مماثلة المسكن المقترح للمحل المطلوب إفراغه
هناك اعتبارات متعددة تتحكم في اختيار الشخص للمسكن الذي يكتريه. لذلك ينبغي أن يكون المحل الذي يعرضه المكري مقابل إفراغ المكتري مماثلا لهذا المسكن وبنفس الشروط. وليس المقصود بالمماثلة فيما نرى التطابق الكلي، لأنه يندر من الناحية العملية تحقق هذا الفرض، ولكن المقصود هو أن يكون المحل البديل ملبيا لحاجيات المكتري الأساسية والعادية بنفس الدرجة والمستوى[70]. ومن الصعب تحديد الشروط التي يجب أن يتساوى فيها المحلان على سبيل الحصر. لذلك تتمتع محكمة الموضوع بسلطة واسعة في تقديم ما إذا كانت هذه المماثلة المطلوبة متحققة أم لا، ويمكنها أن تسترشد في هذا الشأن إجمالا بعنصرين اثنين يتعلق أولهما بموقع المحل المقترح، والثاني بمحتوياته.
-الموقع: قد يكون الموقع عنصرا أساسيا في اختيار المسكن، إما بسبب قربه من مقر عمل المكتري أو دراسة الأولاد أو تواجد العائلة، وإما بسبب ملاءمته لوضعه الاجتماعي، أو لحالته الصحية، أو لغير ذلك من الاعتبارات التي لا حد لها. لذلك حكم بأن اختيار مكتر لكراء محل بمنطقة صحية لأجل الاستشفاء يحول دون المصادقة على الإشعار بالإفراغ، ولو عرض عليه محل آخر بنفس المميزات لكن في منطقته تقل جودة عن الأولى[71].
-المشتملات: إن المساكن تختلف ليس فقط من حيث موقعها، ولكن أيضا وبصفة أخص من حيث مشتملاتها، فيدخل في الاعتبار إذن عند تقدير مدى مماثلة المحل البديل للمسكن المطلوب إفراغه، عدد الغرف ومقاساتها، وكذا مختلف المرافق من مرآب وحديقة وسطح وغيرها، وكذا جدة الكل وقدمه، إضافة إلى تجهيزاته ومفروشاته عند الاقتضاء، وما إلى ذلك مما يعتبر أساسيا لتلبية الحاجيات المعتادة للمكتري، فلا يكون العرض جديا ومقبولا إذا افتقد المحل المقترح شرطا منها يترتب عنه حرمان المكتري من ميزة مشروعة.
- مساواة المسكن المقترح للمحل المطلوب إفراغه
إن وضع مسكن مواز للمحل المطلوب إفراغه تحت تصرف المكتري وبنفس الشروط والمواصفات، بل وربما بأفضل منه، أمر في متناول المكري دون كبير عناء. ولكن المشرع لم يكتف بهذا الشرط، وإنما تطلب إلى جانب ذلك أن يكون المسكن المقترح في نفس القيمة الكرائية التي كان المكتري ملتزما بدفعها من قبل. وهو ما يعتبر قيدا حقيقيا على رخصة الاستعادة في هذه الحالة، ذلك لأن الأزمة السكنية التي يعاني منها المجتمع المغربي ليس مردها إلى انعدام أو ندرة المحلات المعدة للسكنى فقط، وإنما أيضا إلى الارتفاع المهول في القيمة الكرائية للمعروض منها، مما لا يتناسب مع القدرة الشرائية للراغبين في شغلها. ولقد تفطن القضاء المغربي في ظل ظهير 5 مايو 1928 إلى أهمية هذا القيد، خصوصا عندما أقر المشرع حرية الأفراد في تحديد أجرة المساكن بالتراضي دون تدخل من الدولة[72]، بعد أن كانت في السابق محددة بمقتضى قواعد آمرة سواء بالنسبة لأصلها أو بالنسبة لمقادير الزيادة فيها[73]. فقضى بأنه في حالة التشريع الراهنة، وبالخصوص بسبب ظهير 22 أبريل 1954 بشأن حرية أثمان الأكرية الجديدة، فإن إيجاد مسكن آخر للمكتري من طرف المكري أصبح لا يكتسي نفس الأهمية التي كانت له من قبل بالنسبة لتقدير قبول الإخطارات بالإفراغ، وأن المشكل الرئيسي الذي تطرحه الإخطارات من الآن فصاعدا لا ينبني على صعوبة إيجاد مسكن آخر، بل على الإمكان الذي تخوله للمكتري قدرته الشرائية للحصول على ذلك[74].
وهكذا فإن المالك الذي يعرض على المكتري مسكنا موازيا للمحل الذي يشغله وبنفس قيمته الكرائية، يحق له طلب الإفراغ، وبالتالي استعادة ملكه، وليس للمكتري أن يرفض هذا العرض طالما أنه قد استوفى كل الشروط المطلوبة، وإلا كان متعنتا، بل ومتعسفا في استعمال حقه في البقاء والتمسك بالعين[75].
المطلب الثاني: صور الاحتياج المبرر للإفراغ
إن مجرد رغبة المالك في السكن بالعين المكراة شخصيا، أو من قبل أصوله أو فروعه أو غيرهم من المستفيدين، لا تكفي لتبرير القضاء بإفراغ المكتري، وإنما ينبغي لزوما أن تقوم لدى أحدهم حاجة ملحة لسكنى المحل[76]، باستثناء الحالة التي يعرض فيها المكري على المكتري سكنا بديلا مناسبا. إذ تكون صفة المالك أو من يقوم مقامه، آنذاك كافية -كما رأينا- لتبرير الإفراغ وفقا للفقرة الأخيرة من المادة 49، ولو لم تثبت حاجة المرشح للاستفادة من المحل إلى السكنى. وقد عمدت بعض التشريعات إلى تحديد الحاجة المبررة للإفراغ عن طريق بيان طبيعتها، فاشترطت المادة الثالثة من الأمر العسكري المصري رقم 315 لسنة 1942 أن تقوم بالمالك حاجة حقيقية لاستعمال المكان المؤجر، في حين يتطلب الأمر رقم 598 لسنة 1945 قيام ضرورة قصوى تلجئ المالك إلى شغل المكان. واستقر الأمر بعد ذلك في القانون 121 لسنة 1947 على استلزام قيام ضرورة ملجئة[77].
أما في فرنسا، فقد كانت الفقرة الأولى من الفصل التاسع عشر من قانون 1/9/1948 تقتضي أن يثبت بأن المرشح للاستفادة من العين المراد استعادتها ليس له مسكن يكفي لحاجياته الاعتيادية، وحاجيات أفراد أسرته الذين يعيشون معه عادة. غير أن الأمر قد اختلف تماما بعد صدور قانون “كييو” لسنة 1982، حيث لم يعد المكري في ظله، عندما يرفض تجديد الكراء من أجل سكنه الشخصي، أو إسكان أقاربه، ملزما بتبرير ذلك بضرورة خاصة « Une nécessité particulière » باستعادة العين، ولا بكونه ليس لديه مسكن يفي بحاجياته « Un logement correspondant à ses besoins » لأن ذلك لم يأخذ به القانون المذكور خلافا لسابقه[78]، وإنما استعاض عنه بشروط أخرى سنقف عليها في حينه.
أما المشرع المغربي فقد أشار إلى المقصود بالحاجة المبررة للإفراغ، في المادة 49، حيث ورد فيها أنه “لا يقبل طلب تصحيح الإشعار بالإفراغ … إلا بتوفر الشرطين التاليين: …
2) “أن يكون المكري أو زوجه أو أصوله أو فروعه المباشرون من الدرجة الأولى أو المستفيدين من الوصية الواجبة، حسب الحالات، أو المكفول … لا يشغلون سكنا في ملكيتهم أو كافيا لحاجياتهم العادية…”. ومفاد ذلك أن الحاجة إلى السكنى التي قد تبرر إفراغ المكتري، يمكن أن تتخذ بالنسبة للقانون المغربي واحدة من الصورتين الآتيتين:
-أن يكون المرشح للاستفادة من العين بعد إفراغها لا يشغل سكنا في ملكه.
-أن يكون المرشح للاستفادة يشغل مسكنا في ملكه ولكنه لا يكفي لحاجياته العادية.
وهكذا سندرس هذا المطلب في فقرتين نخصصهما للصورتين المشار إليهما.
الفقرة الأولى: المستفيد لا يشغل سكنا في ملكه
لا شك أن قواعد العدالة لا تستسيغ أن يكون المكري محروما من مسكن يأويه وعائلته، والحال أنه مالك لمحل يشغله الغير على سبيل الكراء. إذ أن المالك أولى بالتمتع والانتفاع بملكه[79]، لذلك لا تثير الحالة التي يثبت فيها احتمال تعرض المكري للتشرد إذا رفض طلبه بإفراغ المحل المملوك له أي خلاف أو جدال[80]. ولكن الإشكال يكمن في أن المشرع المغربي لا يتطلب في حقيقة الأمر قيام حاجة لدى المستفيد إلى السكنى ليخول المكري حق استعادة العين. فليس في قانون 12/67 ولا في سابقه، أي شرط من هذا القبيل. بل إن المادة 49 تعتبر كل مكر لا يشغل مسكنا مملوكا له في عداد المحتاجين. وهذا تحديد معيب جدا للاحتياج، ويشكل المظهر الأكثر وضوحا لاتجاه قصد المشرع المغربي نحو التوسع في حق الاستعادة من أجل السكنى، وتراجعا بينا عما كان القضاء المغربي قد أقره في هذا المجال، ويترتب عن ذلك أن المكري قد يكون في وضعية سكنية عادية، بل وربما مريحة، ولكنه مع ذلك يملك حق طلب الإفراغ كما هو الشأن بالنسبة للشخص الذي يشغل محلا يكتريه من الغير، أو مسكنا تابعا للمهنة أو الوظيفة التي يمارسها، أو محلا في ملكية زوجه أو أحد أقاربه. إن مثل هذا المكري وغيره يستطيع وفقا للمادة49 أعلاه، أن يستعيد مسكنه المكرى طالما أن المحل الذي يشغله ليس ملكا له، ولو لم يكن مهددا بالطرد منه في المدى القريب أو البعيد.
إن المشرع المغربي قد أقام الاحتياج بالنسبة لهذه الصورة على معيار موضوعي ثابت وصلب، يفتقد إلى المرونة اللازمة في مثل هذه الحالة. إذ ليس صحيحا أن كل من لا يشغل مسكنا مملوكا له هو بالضرورة في حاجة ملحة إلى السكنى، وإلا فإن النتيجة ستكون هي حرمان مكتر محتاج وتعريضه للتشرد والضياع، مقابل تأمين الانتفاع لفائدة مالك قد لا تقوم لديه حاجة إلى المحل المراد إفراغه. وهذا ما لا يجوز قبوله ولا يمكن التسليم به، لأنه يجعل من الحالة التي تبدو في ظاهرها محققة للعدالة، وسيلة للظلم والتعسف.
لذلك فإنه يعول على القضاء المغربي في تدارك ما يمكن تداركه من عيب ظاهر في هذا النص، عن طريق إعمال سلطته التقديرية في الموازنة الحقيقية بين ما يحققه الحكم بالإفراغ من فوائد للمكري ومن مضار يمكن أن تلحق بالمكتري. غير أن محكمة النقض ليست من هذا الرأي، فقد قضت بأن مناط الاحتياج هو عدم شغل المعني لسكن في ملكه كاف لحاجياته العادية، وأيدت قرارا بإفراغ المكتري بسبب حاجة ابن المكري إلى سكنى المحل، رغم ثبوت إقامته مع والده في منزل واسع جدا بمساحة تتجاوز 600 متر مربع، وذلك على أساس أن الابن محق في الاستقلال بسكن خاص به رفقة عائلته، وأن في ذلك تطبيقا سليما لمقتضى القانون[81]
ويمكن القول إجمالا بأن المرشح للاستفادة من العين المطلوب إفراغها، سواء كان المكري نفسه أو غيره من المستفيدين، والذي يمكن القضاء بإفراغ المكتري بسبب احتياجه إلى العين لعدم توفره على مسكن مملوك له، قد يوجد في واحدة من الوضعيتين الآتيتين:
أولا: فقدان المستفيد لمسكنه
تفترض هذه الحالة أن المرشح للاستفادة من العين المطلوب إفراغها، كان له في السابق مسكن يشغله، ولكنه فقده فيما بعد لسبب من الأسباب، وهي تنتظم صورا متعددة لا يمكن تحديدها حصرا. لذلك سنقتصر على أبرزها وأكثرها شيوعا في العمل:
- إفراغ المستفيد من المنزل الذي كان يشغله بسبب وظيفته
إن حق الموظف أو العامل في شغل المسكن الممنوح له بسبب هذه الوظيفة، يسقط بانفصام العلاقة التي تربطه بمشغليه، ويترتب عن هذا الوضع وجود المعني في حاجة إلى مسكن يأويه. لذلك من الطبيعي أن يمنح له حق طلب استعادة المحل الذي كان قد أكراه للغير، فقد قضى المجلس الأعلى في هذا الشأن بأن المكري الذي يصدر في حقه حكم القضاء بإفراغه من الدار التي كان يسكنها بعد إحالته على التقاعد، تقوم لديه حاجة ماسة تبرر طلب إفراغ المكتري لمنزله[82]. كما قرر أيضا بأن المكري الذي كان يشغل منزلا مملوكا للدولة بالمستشفى التي يعمل بها، والذي أنذرته مصلحته بضرورة إخلائه يعتبر في حاجة إلى سكنى محله المؤجر، وبالتالي يكون طلبه بإفراغه المكتري مبررا ومقبولا[83]
ومع ذلك فإن بعض الفقه المصري لا يعتبر فقدان المسكن بسبب الإحالة على التقاعد في حد ذاته ضرورة ملجئة تبرر الإخلاء، وإنما يشترط بالإضافة إلى ذلك، أن تكون للمكري مصلحة ظاهرة تدعوه إلى الاستقرار حيث يوجد المحل المراد إفراغه[84]
- عودة المغترب إلى الوطن
من الشائع أن يؤجر الشخص المستقر خارج الوطن مسكنا مملوكا له خلال مدة اغترابه. فإذا انتهت إقامته بالخارج لسبب من الأسباب، واضطر إلى الالتحاق بالوطن، فإن من حقه أن يطالب بالإفراغ للمكتري إذا دعت الحاجة إليه. وقد عمد المشرع الفرنسي إلى النص صراحة على هذه الحالة في قانون “كييو” لسنة 1982، حيث خول للمكري أو زوجه إذا كان شخصا طبيعيا أن ينهي عقد الكراء بالنسبة لمسكنه في الوطن، إذا اضطره ظرف قاهر إلى قطع إقامته بالخارج شريطة أن يشغله شخصيا أو عن طريق زوجه، وأن يكون عقد الكراء قد تضمن بندا يسمح له بذلك. وللمكري إمكانية فسخ العقد حتى ولو أبرم لمدة تقل عن ثلاث سنوات وفي أي وقت يريد وباستثناء فترة السنة لأولى من مدة العقد[85].
ورغم عدم وجود نص مماثل، فإن الحكم لن يختلف كثيرا بالنسبة للقانون المغربي، لأن عودة المغترب إلى أرض الوطن، وعزمه الاستقرار فيه، يشكل حتما حاجة حقيقية تبرر إفراغ المكتري من مسكنه إذا أثبت أنه لا يملك غيره يكفي لحاجياته، ولكنه لا يستطيع ذلك بالنسبة للقانون المغربي ما لم تكن المدة الأصلية للعقد قد انقضت[86]. بل إن محكمة النقض اعتبرت أن من حق المكري أن يطالب باستعادة العين لفائدة ابنه المقيم وإياه فعليا بالخارج. وعللت ذلك بأن “إقامة الطاعن وابنه في الخارج لا ينفي احتياج كل منهما لسكن مستقل، ما دام المالك أولى باستغلال ملكه الذي هو في حاجة إليه … وذلك حتى ولو تأكد للمحكمة من خلال المعاينة القضائية، أن ما يشغله الطاعن كافيين له ولأسرته لقضاء فترة عطلهم بأرض الوطن، لكونهم يقيمون بالخارج”[87]
ج- تهدم المسكن الذي كان يشغله المستفيد
ويستوي في هذه الحالة المسكن الذي كان يشغله المستفيد بسب عوامل طبيعية، أو تنفيذا لقرار إداري أو قضائي[88]. ويقوم مقام الهدم، نزع ملكية المنزل الذي كان يقيم فيه المستفيد للمصلحة العامة، لأن ذلك قد تتولد عنه حاجة حقيقية تبرر طلب إخلاء المكتري[89].
والحقيقة أن الصور المشار إليها لا تعدو أن تكون مجرد أمثلة، بحيث تقاس عليها كل الحالات الأخرى التي يفقد فيها المكري، أو المستفيد عموما مسكنه لسبب من الأسباب. غير أن بعض الفقه يشترط أن يكون فقدان المكري لمسكنه راجعا لسبب لا يد له فيه، لأن القول بغير ذلك يفتح المجال واسعا للتحايل والتهرب من أحكام القانون. إذ يمكن لكل شخص أن يفقد مسكنه عمدا وبإصرار، بنية استعادة العين المؤجرة التي يملكها[90]. وقد كان القضاء المغربي يأخذ بهذا الرأي، حيث ذهبت محكمة الاستئناف بالرباط إلى أن إقدام المكري على بيع منزل فارغ مملوك له، لا يخول له حق توجيه إخطار بالإخلاء إلى مكتري عقاره الآخر، وأن عليه في هذه الحالة أن يجد لنفسه مكانا آخر للسكن فيه باستعمال ثمن بيع عقاره، أو ألا يبيع العقار فارغا، بأن يحتفظ لنفسه بالحق في السكنى عند إبرام البيع، وإلا كان في الحقيقة مستهدفا مضاربة مزدوجة[91]. وتطبيقا لذلك رفضت بعض المحاكم المصرية طلبات الإفراغ المؤسسة على فقدان المكري لمسكنه بسبب نقله من وظيفته، حيث كان يقيم، إلى منطقة أخرى يملك بها منزلا مؤجرا، مستندة في ذلك إلى أن هذا النقل لا يبرر الإفراغ لكونه قد تم بناء على طلب قدمه المعني بمحض إرادته[92]. ويفيد قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط اتجاه القضاء المغربي نحو الأخذ بنفس الحكم، حيث ذهب إلى أن نقل الموظف اللاحق على إبرام عقد الكراء دون أن يقدم طلبا بذلك يعتبر مبررا مشروعا للإفراغ[93]. مما يدل بمفهوم المخالفة أن النقل الذي يتم بناء على طلب المعني بالأمر لا يولد حاجة تبرر الإفراغ. ومع ذلك فإن بعض المحاكم قد اعتبرت مجرد تمام نقل الموظف مبررا كافيا لقيام الحاجة لديه، حتى ولو كان هو الذي سعى إليه، على أساس أن السلطات الحكومية لها من الهيمنة والإشراف على شؤون الموظفين التابعين لها ما يضمن مطابقة ما تصدره من قرارات للنقل- ولو كانت بناء على طلب من صدرت لصالحهم- لمقتضيات المصلحة العامة”[94].
ثانيا: حاجة المستفيد إلى الاستقلال بمسكن خاص به
تفترض هذه الحالة كون المرشح للاستفادة من العين المراد إفراغها يشارك أحدا من ذويه أو أقاربه السكنى إما وفاء بالتزام قانوني، وهذا هو الشأن بالنسبة للزوجة والأصول والفروع والمكفول عندما تكون نفقتهم واجبة على الغير، وإما تفضلا عن طريق الإيواء أو المساكنة، أو أية صورة من صور الالتزام الاتفاقي. فإذا وجد لديه ما يقتضي استقلاله بمسكن خاص به[95]، وكانت له عين مكراة، حقت له المطالبة بإفراغها بناء على حاجته لسكناها بنفسه إذا كان هو المستفيد شخصيا، أو لإسكان واحد من أصوله أو فروعه بحسب الأحوال[96]. وليس بالإمكان الإحاطة بجميع الصور التي تنتظمها هذه الحالة. ففي القضاء المقارن تطبيقات لا حصر لها في هذا الشأن[97]. ولكن الصورة الأكثر شيوعا في العمل هي تأسيس طلب الإفراغ على الحاجة إلى العين بسبب الإقبال على الزواج. إذ لا شك أن الزواج يشكل حاجة حقيقية للاستقلال بمسكن خاص، وبالتالي يحق للمكري في هذه الحالة أن يطالب بإفراغ المكتري كي يسكن شخصيا بمنزله بعد استعادته. ولا يمكن الاحتجاج في رفض طلبه بكونه يسكن مع والده، لأن هذا الأخير غير مكلف بإسكان ابنه وزوجته، ولأن الزوج هو المكلف بتهيئة بيت شرعي مستقبل للزوجة[98]. بل إن المرأة نفسها تملك إذا تزوجت أن تطالب بإفراغ المسكن المملوك لها من مكتريه لتشغله شخصيا مع زوجها، بالرغم من أنها غير ملزمة شرعا وقانونا بتهيىء منزل الزوجية[99].
ويستطيع المكري أن يطالب بإفراغ المسكن المملوك له إذا كان أحد فروعه في حاجة إلى الاستقلال بالسكنى إثر عزمه على الزواج. ويستوي في ذلك أن يكون الولد ابنا أو بنتا[100]. فإذا كان الزوج مكلفا قانونا بالإنفاق على زوجته وبإسكانهاـ فإنه ليس في القانون ما يمنع الأب من إسكان ابنته المتزوجة في المحل الذي يملكه[101]. ومع ذلك فإن الزواج في حد ذاته لا يعتبر فيما نرى مبررا كافيا لطلب الإفراغ، وإنما ينبغي أن تتولد عنه حاجة حقيقية للاستقلال بمسكن خاص بالعروسين، بحيث يكون إفراغ المكتري مطلبا ملحا ووسيلة وحيدة لسد حاجة الزوجين. فلا يجاب المكري إلى طلبه بمجرد تقديم وثيقة الزواج المثبتة له، ودون حاجة إلى إجراء تحقيق ما من جانب المحكمة للوقوف على مقدار ما تولد لديه جراء هذا الظرف من حاجة ومداها، وعما إذا كان لا يستطاع دفعها إلا بطريق وحيد، هو إفراغ المكتري وتجريده من مسكنه، وذلك تبعا لظروف كل دعوى على حدة وملابساتها، ووضع ما جرى عليه العرف والتقاليد موضوع التقدير والاعتبار[102]. وهذا ما يبرر اشتراط القضاء المغربي لإفراغ المكتري قصد إسكان البنت المتزوجة، ألا يكون زوجها ميسورا بحيث يستطيع أن يوفر لها سكنا لائقا بها[103]. ومن ذلك أن القضاء الفرنسي كان قد جرى على رفض طلب استعادة العين المؤجرة متى ثبت أن مسكن الوالدين قابل للقسمة بحيث يسع للجميع، ويوفر في نفس الوقت إقامة مستقلة للعروسين بعد قسمته[104].
ولا يكفي الاستناد إلى مجرد العزم على الزواج لطلب الإفراغ، وإنما ينبغي أن يكون قد تم بالفعل، أو على الأقل أن يكون المسعى إليه قد اتخذ مظهرا رسميا وجديا. وهذا هو الشأن بالنسبة لإشهار الخطبة أو ما يقوم مقامها من قراءة الفاتحة وما جرت به العادة والعرف. ومع ذلك فإن بعض القضاء المصري كان يرفض اعتبار الخطبة مبررا كافيا للحكم بالإخلاء على أساس أن الاحتياج ينبغي أن يكون حالا، وأن الخطبة أيا كان شكلها لا ينعقد بها الزواج، وإنما هي مجرد وعد به لا تنتهي إليه بالضرورة. ولكن الاتجاه الغالب هو أن الخطبة الجدية تعتبر سببا منشئا للضرورة المبررة للإفراغ شريطة أن يثبت بأنها قد انتهت فعلا بالزواج من نفس الخاطب[105]. وهذا هو الرأي الذي يتبناه الفقه المصري في عمومه، حيث يذهب إلى أن الخطبة منشئة للضرورة إنشاء معلقا على شرط واقف هو تحقق عقد الزواج بين الخطيبين. فإذا ثبت ذلك اعتبرت الضرورة قائمة منذ تمام الخطبة بفعل الأثر الرجعي للشرط[106].
الفقرة الثانية: عدم كفاية المسكن لحاجيات المستفيد العادية
قد يشغل الشخص مسكنا مملوكا له ومناسبا لمتطلباته في ظل وضعية معينة، ولكن تجد ظروف أو تطرأ متغيرات تجعل هذا المحل قاصرا عن تلبية الحاجات العادية لساكنه، فتنشأ لديه حاجة حقيقية إلى استبداله بآخر يلائم وضعه الجديد. لذلك اعتبرت المادة 49 من قانون 12/67 أن عدم كفاية المحل لحاجيات الشخص العادية ينهض سببا مقبولا لطلب الإفراغ ويقوم مقام الحاجة إلى السكنى المبرر لتصحيح الإشعار بالإفراغ. غير أن النص يخلو من الإشارة إلى أي عنصر يمكن الاستناد إليه للوقوف على حقيقة الحاجات التي لم يعد المحل الذي يشغله المستفيد كافيا له، سوى اشتراطه أن تكون هذه الحاجات عادية. وهكذا فإن القضاء في غياب أية ضوابط تشريعية يتمتع بسلطة تقديرية واسعة في هذا الشأن[107]. وهو يعتد عموما بكل مصلحة شخصية أو عائلية هامة تعتبر مشروعة في نظر القانون[108]، ومنها على الخصوص:
أولا: الحاجة إلى التوسع في السكنى
الفرض هنا أن المستفيد من العين المراد إفراغها يشغل منزلا في ملكه ولكن ازدياد تحملاته العائلية قد يترتب عنه ضيق هذا المحل عن استيعاب الأسرة في ظل الوضع الجديد، مما يولد حاجة قد تكون ملحة إلى التوسع في السكنى. ويتحقق ذلك نتيجة أسباب عديدة لا حصر لها، ومنها إنجاب أطفال عديدين تضيق بهم حجرات المنزل، أو انتقال الأصول أو بعض الأقارب لمشاركة المستفيد في السكنى، أو استقرار البنت مع والدها رفقة أولادها بعد طلاقها أو وفاة زوجها… الخ. بل إن تقدم الأولاد في السن وانتقالهم من مرحلة الطفولة إلى المراهقة أو الشباب قد يكون مدعاة جدية إلى طلب التوسع في السكنى[109]. وقد ذهب المجلس الأعلى في وضوح إلى أنه لا فرق بين عدم التوفر على السكنى بالمرة، وبين عدم كفاية السكنى التي يتوفر عليها المكري فعلا، فكل منهما يعد سببا قانونيا لطلب الإفراغ[110]. وتأكيدا لذلك، قضي أيضا بإلغاء حكم استئنافي كان قد رفض دعوى الإفراغ بعلة أن المكري يسكن في جزء من العقار الذي يملكه وقد اشترى الجزء الثاني وهو مسكون، وأن هدفه بالتالي هو التوسع في السكنى فقط[111].
غير أن الإشكال المطروح بهذا الخصوص هو معرفة المقاييس التي يمكن اعتمادها للقول بأن المستفيد في حالة ضيق، وأنه في حاجة إلى التوسع في السكنى. وهذا ما تخلو منه نصوص القوانين في التشريعات المقارنة. صحيح أن المادة 3 من المرسوم الفرنسي الصادر بتاريخ 11/10/1945 تتضمن عناصر يمكن الاستعانة بها في هذا المجال، إذ تفيد بأن لكل شخص الحق في غرفة أصلية خاصة، بحيث لا يجوز للمالك المطالبة باستعادة العين المؤجرة إذا كان عدد أفراد الأسرة الذين يقيمون في مسكن المستفيد لا يزيد على عدد الغرف التي يشتمل عليها هذا المسكن. ولكن هذا المعيار لم يكن يؤخذ به حتى في ظل القانون الفرنسي لسنة 1948 نفسه باعتبار أن هذا الأخير لم يحل عليه في تحديد الحاجة إلى التوسع[112]. ولا يمكن الأخذ به في المغرب من باب أولى وأحرى لأنه يندر من الناحية العملية أن تكفي غرف المساكن في المجتمع المغربي لعدد أفراد الأسرة المقيمة فيه. لذلك فإنه لا مناص من ترك الأمر لسلطة تقدير المحكمة التي تملك أن تبت في المسألة بحسب ما يتكشف لديها من وقائع القضايا المعروضة عليها كلا على حدة[113].
ومع ذلك، ينبغي التأكيد على أن الحاجة إلى التوسع في السكنى لا تبرر الإفراغ إذا كانت ناتجة عن تصرف إرادي للمستفيد لا تستدعيه مصلحة ملحة ومشروعة، على أساس أن مثل هذا التصرف سيكون دليلا على سوء النية واختلاقا متعمدا للحاجة، لا يراد منه سوى إضفاء الشرعية على إرادة تشريد المكتري. وقد حكم في هذا الشأن بأنه إن صح اعتبار الزواج الأول في منزلة الضرورة الملجئة للمالك الذي يثبت حاجته لسكن يأويه وعروسه، لما تحث عليه الشرائع السماوية وتتطلبه مصلحة المجتمع، فإن وجه النظر هذا يتغير بالنسبة للزواج الثاني تمشيا مع أصول وقواعد الدين الحنيف القائمة على التيسير، إلا أن مثل هذا الزواج المزدوج ليس فرضا، بل هو مجرد رخصة. لذلك لا يعتبر ضرورة إلا إذا قام الدليل على أن الباعث عليه إنما كان لأمور لم يكن في الإمكان تلافيها أو الصبر عليها[114].
ثانيا: عدم ملاءمة المسكن للوضعية الصحية
لا شك أن ملاءمة المسكن للوضعية الصحية هي من أكثر الحاجات العادية التي يتطلبها الإنسان في المنزل الذي يأويه، فإذا كان المستفيد مصابا بمرض معين، وأثبت بموجب تقارير طبية أن حالته الصحية تستدعي حتما استبدال مسكنه بآخر مناسب، وكان المنزل الذي يشغله المكتري ملائما لوضعيته، فإن طلبه إفراغ هذا المحل ليسكن فيه، سيكون مبنيا على أساس قانوني ومبرر وجيه. وبالتالي ينبغي وفق القانون المغربي الاستجابة له. وقد حكم القضاء كما رأينا بأن اختيار المكتري لكراء محل بمنطقة صحية لأجل الاستشفاء يحول دون المصادقة على الإشعار بالإفراغ، ولو عرض عليه محل آخر بنفس المميزات ولكن في منطقة تقل جودة عن الأولى[115]. فتكون إجابة المكري وهو المالك الأحق في التمتع بملكه إلى طلبه من باب أولى وأحرى، شريطة أن تقتنع المحكمة بجدية الادعاء، وأن تثبت لديها جدوى إقامة المكري في المحل المراد إفراغه وأثرها الإيجابي على حالته الصحية[116].
ثالثا: بعد المسكن الذي يشغله المستفيد
إن الاحتجاج ببعد المسكن عن مقر العمل لا يكفي لتبرير طلب إفراغ المكتري إذا كان هذا البعد لا تترتب عنه مشقة غير اعتيادية في الذهاب والإياب. ومع ذلك فقد يقتضي تعليم الأولاد مثلا انتقالهم إلى مناطق بعيدة عن محل سكنى والديهم، فتنشأ بذلك لدى هؤلاء حاجة عادية باعتبارها مصلحة مشروعة، تبرر طلب إفراغ المكتري لمسكن الوالد قصد إسكان الأبناء قريبا من مقر دراستهم. فقد اعتبر المجلس الأعلى ثبوت أن الأولاد يسكنون في داخلية الثانوية لبعد هذه الأخيرة عن سكنى والدهم، والحال أن هذا الأخير يملك منزلا يشغله على سبيل الكراء شخص من الغير يوجد حيث مقر دراسة الأبناء، مبرر مشروع للقضاء بإفراغ المكتري من العين ليسكنها أولاد المكري[117].
المطلب الثالث: سلطة المحكمة في القضاء بالإفراغ للاحتياج
سنتناول في هذا المطلب العناصر التي تملك المحكمة اعتمادها لاستخلاص قيام حالة الاحتياج عند المستفيد المرشح لسكنى المحل بعد تمام إفراغه في الفقرة الأولى، ثم نخصص الثانية لمدى حرية المكري في اختيار المحل الذي يطالب بإفراغه في حالة تعدد محلاته.
الفقرة الأولى: عناصر تقدير الاحتياج
كان القضاء المغربي خلال السنوات الأولى من هذه المرحلة يملك سلطة تقديرية واسعة لا حدود لها بخصوص البت في طلبات الإفراغ المؤسسة على الاحتياج، وهي سلطة تستند إلى مضمون الفصل الثاني من الظهير المذكور، أمام خلو القانون من أي نص تشريعي يحدد مجال ومدى إعمال أسباب الإفراغ عموما لعدم حصرها أو الإشارة إليها آنذاك. وقد استغل الملاك الثغرات التي كشف عنها العمل بمقتضيات ظهير 5 مايو 1928،فسارعوا إلى رفع دعاوى اختلط فيها الجدي بالكيدي للمطالبة بإفراغ المكترين بدعوى حاجتهم أو ذويهم إلى سكنى محلاتهم. وكان لذلك انعكاس خطير على وضعية المكترين، إذ شكلت طلبات الإفراغ للاحتياج في ظل أزمة السكنى التي عرفها المغرب خلال هذه الفترة تهديدا حقيقيا لحقهم في الاستقرار والسكنى.
وقد تفطن المشرع المغربي إلى خطورة الوضع فبادر إلى إمداد القضاء بعنصر كانت له أهمية ملحوظة في الحد من اندفاع الملاك نحو طلبات الإفراغ للاحتياج. ويتمثل هذا العنصر في صدور ظهير 23 أبريل 1941 بشرح ظهير 5 مايو 1928، حيث نص فصله الفريد على ما يلي: “إنه تطبيقا للفصل الثاني من الظهير الشريف المؤرخ في 5/5/1928 بشأن اتخاذ أوامر وتدابير وقتية تتعلق بعقود الأكرية الراجعة للمساكن فإن القاضي بالمحكمة المختصة يجب عليه أن يراعي ما للمكتري بعقدة من التحملات العائلية، ويمكنه أن يصرح بعدم قبول التنبيه المتعلق بإفراغ المحل ولو كان التنبيه المذكور موجها في الوقت اللازم إذا كان يقصد به إخراج عائلة فيها على الأقل ثلاثة أولاد على قيد الحياة أو ولدان اثنان وكان الأب متوفيا”.
ومنذ ذلك الحين شكلت المقتضيات الواردة في هذا الفصل الفريد عنصرا أساسيا في تقدير الحاجة المبررة للإفراغ، مع احتفاظ محكمة الموضوع إلى جانب ذلك بسلطتها في الاستجابة لطلبات الإفراغ من عدمه. وقد قضي في هذا الشأن بأن صحة الإنذار بالإفراغ تقدر باعتبار مشروعيتها بالنسبة للمكري، ومن جهة أخرى باعتبار ما تحدثه من الاضطراب الذي يطرأ على الوضعية العائلية للمكتري[118]. وأكد المجلس الأعلى على أن لمحكمة الموضوع سلطة القضاء بالإفراغ من عدمه بشرط اعتبار التحملات العائلية[119].
وهكذا توصل القضاء المغربي إعمالا لظهير 5 مايو 1928 وظهير 23 أبريل1941 إلى إرساء القواعد التي ينبغي اعتمادها للفصل في قضايا الإفراغ بسبب الحاجة إلى السكنى وتقوم هذه القواعد أساسا على عنصرين اثنين[120].
- تقدير حاجة المستفيد بالنسبة لكل حالة خصوصية.
- مراعاة التحملات العائلية للمكتري.
وقد أصبح الحكم بالإفراغ من عدمه، متوقفا بالضرورة على إجراء موازنة دقيقة بين وضعية طرفي العلاقة الكرائية وتحملاتهما العائلية، فيرجح جانب على آخر بحسب ما يتوصل إليه القضاء من نتائج هذه الموازنة. واعتبر المجلس الأعلى كل قرار أغفل هذه العناصر غير مرتكز على أساس قانوني ومنعدم التعليل. وينبغي أن يتضمن الحكم الطرق التي اتبعت للوصول إلى التحملات العائلية، إذ لا يكفي مجرد الإشارة إليها دون بيان[121]. وللمحكمة أن تلجأ في سبيل ذلك إلى كل الوسائل القانونية المتاحة من إجراء خبرة اجتماعية، أو معاينة بعين المكان، أو غيرها من إجراءات التحقيق[122].
وقد استطاع القضاء المغربي إلى جانب ذلك أن يتكيف مع جميع الظروف المستجدة، وأن يلائم بين النصوص القانونية وقواعد العدالة. ومن ذلك أنه عندما صدر ظهير 22 أبريل 1954 بشأن حرية أثمان الأكرية الجديدة تزايدت طلبات الإفراغ بهدف المضاربة عن المساكن عن طريق بيعها أو إعادة كرائها من جديد بأثمان مرتفعة بعد إقرار حرية التراضي على الأجرة بموجب الظهير السابق. فتصدى القضاء المغربي لهذه الظاهرة حيث ذهبت محكمة استئناف الرباط إلى أنه في حالة التشريع الراهنة، وبالخصوص بعد ظهير 22 أبيرل 1954 يجب وضع حد للمضاربة على الإخطارات، أي الإخطارات الهادفة فقط إلى نقل مسكن من القطاع المسعر إلى القطاع الحر بواسطة إيجار جديد[123].
وبعد أن كان القضاء المغربي مستقرا على هذا النهج، ويفرض على المكري الذي يطلب إفراغ مكتريه بقصد سكنى المحل بنفسه أو أحد من ذويه أن يثبت صحة السبب المتمسك به باعتبار أن طلب الإفراغ لا يقبل على الحالة[124]، صدر عن المجلس الأعلى قرار غريب من حيث مضمونه، أكد فيه أن المكري غير ملزم بإثبات احتياجه للسكنى بمحله الذي يطلب إفراغه ليسكن فيه، وأن الاعتماد على بينة الاحتياج هو علة زائدة لا يتوقف عليها منطوق الحكم[125]. وقد أحدث هذا القرار اضطرابا حقيقيا في الفقه والقضاء، إذ كان بداية لتضارب الآراء في الموضوع. وهكذا تلقف بعض منها الحكم الذي أرساه القرار ليؤكد على أن الإدلاء بموجب الاحتياج ليس ضروريا، والاستناد عليه هو من وفرة التعليل لا أقل ولا أكثر[126]. فأصبح المكري غير ملزم بإثبات الاحتياج ليحصل على قرار قضائي بإفراغ المكتري، وإنما يتعين على هذا الأخير أن يقيم الدليل على عدم اضطرار المالك، بإثبات وجود سكنى أخرى للمالك بدل محل النزاع [127]، على أساس وجوب احترام حق الملكية، وحماية حرية الأفراد في التصرف في أملاكهم ما دام ذلك في حدود العدل والقانون[128].
ونعتقد أن هذا الرأي يشكل ردة وتراجعا عن تطور كانت له أهمية بالغة في القضاء المغربي، من حيث السعي إلى حماية المكتري في حدود ما تقتضيه العدالة، وأنه بالإضافة إلى إخلاله الصارخ بالتوازن المنشودبين طرفي العلاقة الكرائية، فإنه لم يستند إلى أي أساس قانوني سليم. بل بالعكس كان خرقا صريحا لمقتضيات القواعد القانونية العامة التي تقضي بأن البينة على من ادعى[129]. وليس من سبيل إلى استثناء حالة المالك المدعي للاحتياج من الخضوع لهذه القاعدة إلا بموجب نص قانوني خاص”، وهو غير موجود[130].
وإن التمسك بحق الملكية وحرية الأفراد في التصرف في أملاكهم من الوهن بحيث لا يحتاج الأمر إلى مناقشته بعد أن أصبحت مثل هذه العلل متجاوزة في جميع التشريعات على أساس أن الملكية لم تعد حقا خالصا، وإنما أصبحت وظيفة اجتماعية ينتفع بها في حدود ما تقتضيه المصلحة العامة.
لقد انحصرت عناصر تقدير الاحتياج المبرر للإفراغ تشريعيا في مقتضيات المادة 49 من قانون 12/67، وهي تتطلب لزوما إثبات أن المستفيد لا يشغل مسكنا مملوكا له أصلا، أو عدم كفاية هذا المسكن لحاجاته العادية، ما لم يعرض المكري على المكتري المراد إفراغه محلا آخر مناسبا للشروط السابق الإشارة إليها. وهكذا لم يعد ممكنا في ظل القانون الجديد إعفاء المكري من إثبات حاجته إلى السكنى بالمعنى السابق، لأن الاجتهاد القضائي الصادر عن المجلس الأعلى الذي كان قد أقر هذا الإعفاء لفائدة المالك[131]، أصبح متعارضا مع صريح نص المادة 49[132] الذي لا يسمح بتصحيح الإشعار بالإفراغ بناء على الاحتياج إلا إذا ثبت أن المستفيد لا يملك مسكنا يكفي لحاجياته. وهذا ما يقره القضاء المغربي فعلا، حيث يتطلب في وضوح أن يدلي المكري لإثبات دعواه بحجج كفيلة بجعل طلبه مبررا[133]. وقد ورد في هذا الشأن أن: “من موجبات الإفراغ للاحتياج، إثبات عدم تملك أو عدم كفاية العقار الذي يعتمره طالب الإفراغ للاحتياج، وأن ذلك فرض وواجب الإثبات في الطالب للسكنى، وانصياعا لما يمليه عليه القانون وقواعد العدالة. فقد درج العمل القضائي على التثبت مما على ملك المالك في حالة طلب الإفراغ له ولغيره سواء بسواء أو عدم كفاية ما يستغل. وإن البحث في الاحتياج يستلزم بالضرورة البحث في عدم تملك عقارات أخرى غير العقار المدعى فيه. فالإفراغ إن كان ضرورة يمليها كون المالك يبقى الأحق بالتمتع بملكه إما أصالة أو لفائدة الغير، فإن ذلك لا ينبغي أن يعصف بالأمن الكرائي وما يوجبه المشرع من استقرار المعاملات. فالحق يقابله عدم التعسف في استعماله، وإنه بذلك يبقى طالب الإفراغ ملزما بإثبات فروضه”[134]
ويثار التساؤل حول ما إذا كان المطلوب في تقدير الاحتياج المبرر للإفراغ، هو اعتبار وضعية المكتري أيضا، أم أن هذه الحاجة تقدر بالنظر إلى حال المكري فقط. لقد ذهب المجلس الأعلى صراحة في العديد من قراراته إلى أن المحكمة ليست ملزمة للبحث إلا فيما إذا كان المكري يملك محلا آخر غير المطلوب إفراغه، وأنها ليست ملزمة بالموازنة بين الأعباء العائلية للطرفين[135]. ويترتب عن ذلك إجمالا أن العبرة في تقدير الاحتياج تنحصر فقط بالنظر إلى وضعية المكري، فتتحدد الحاجة كما أشرنا إلى ذلك بمعيار موضوعي في شقه الأساسي، قوامه ألا يكون المالك أو المستفيد يشغل مسكنا مملوكا له، أو كافيا لحاجاته العادية[136]. ولا عبرة مطلقا لوضعية المكتري، فلا يحق للمكري أن يتمسك بطلب الإفراغ بدعوى أن المكتري أصبح في غنى عن العين التي يشغلها على سبيل الكراء بعد أن استأجر أو تملك غيرها[137]. ونعتقد أن مثل هذا الرأي لا يتفق ومقتضيات العدالة، بل إنه يخالف روح القوانين الخاصة بالكراء وأهدافها، فلا معنى لحرمان المالك من استعادة مسكنه، والحال أنه قد ثبتت عدم حاجة المكتري إليه، وانتفت بالتالي كل الأسباب التي تستدعي حمايته. لذلك نجد المشرع المصري فد احتاط لمثل هذه الحالة رغم إلغائه للإخلاء بسبب الحاجة إلى السكنى من ضمن حالات الإفراغ، وذلك من جهة،عن طريق حظر عام لاحتجاز أكثر من مسكن في بلد واحد بدون مقتضى، وبإقراره إمكانية إخلاء المستأجر الذي يقيم مبنى له به أكثر من ثلاث وحدات أخرى.
وإذا كان القانون 12/67 لا يتضمن مقتضيات يمكن الاستناد إليها لاعتبار جانب المكتري ومدى حاجته إلى العين في تقدير طلب المكري للإفراغ، فإن القضاء المغربي لم يساير لحسن الحظ نهج المشرع في هذا الشأن على إطلاقه. فقد ذهبت بعض المحاكم في ظل ظهير 1928 إلى أن المكتري الذي يتمسك بالعين المؤجرة رغم امتلاكه لمحل آخر يعتبر سيء النية مما يبرر الحكم بإفراغه. بل إن المجلس الأعلى قد نقض قرارا استئنافيا لأنه لم يبحث ظروف أحوال الطرفين، ويقدرها حق قدرها كما يجب، ولم يراع تحملات المكتري، ويقوم بمقارنتها مع تحملات المالك، ويجري موازنة بينهما لترجيح من منهما أحق بمحل النزاع[138]. وأقر نفس المجلس حكما آخر على أساس أن قضاة الموضوع قد ناقشوا التحملات العائلية للطرفين، وأن الموازنة التي استعملتها المحكمة في نطاق سلطتها التقديرية مبنية على عناصر ثابتة مما يجعل قرارها صائبا[139].
وهذا ما يحمل على القول بأن المشرع المغربي لئن كان قد ألغى ظهير 23 أبريل 1941، فإنه مع ذلك لم ينتقص من سلطة القضاء في تقدير الحاجة إلى السكنى ومدى جديتها، وله أن يعتمد في ذلك على جميع العناصر التي من شأنها أن تساعد على ترجيح جانب من الطرفين بعد الموازنة والمفاضلة بينهما بما فيها تحملاتهما العائلية، ومدى حاجة كل منهما للعين المطلوب إفراغها[140].
الفقرة الثانية: حرية المالك في اختيار المحل المطلوب إفراغه
وفقا للمادة 49 من قانون 12/67، لا تنتفي حاجة المكري إلى السكنى بمجرد أنه مالك لعقارات أخرى غير المحل المطلوب إفراغه، وإنما الأساسي هو أن يكون شاغلا فعلا لعين مملوكة له كافية لحاجاته. وفي ذلك قضى المجلس الأعلى بأن وجود أملاك للمكري مشغولة من قبل مكترين آخرين لا يحول دون إجابة طلبه بإفراغ المستأجر أيا كانت وضعيته[141]. غير أن الإشكال المطروح يكمن في مدى حق المالك عند تعدد محلاته المؤجرة في اختيار العين التي يطالب بإفراغها من أجل سكناه. فقد اتجه القضاء الفرنسي إلى إقرار حق المكري في اختيار المحل الذي يرد إفراغه دون أن يكون ملزما بتبرير هذا الاختيار. وليس للمستأجر أن يجادل في ذلك بدعوى أنه أحق من غيره بالعين، حتى ولو تمسك بأسبقيته أو بكثرة تحملاته العائلية قياسا إلى المكترين الآخرين[142]. وكان قبل ذلك قد أخذ برأي مخالف، حيث قضى بأن أحكام التعسف في استعمال الحق تستلزم ممارسة الاستعادة من أجل السكنى بالشكل الذي يترتب عنه اقل ضرر ممكن. وهذا ما يقتضي مراعاة التحملات العائلية للمكترين. فلا ينبغي طلب إفراغ المحل الذي يشغله مستأجر يكفل عددا مرتفعا من الأفراد، والحال أن المكري يملك محلات أخرى يشغلها مكترون بعدد أقل[143]. ولقد تبنى المشرع الفرنسي هذا الاتجاه في القانون الصادر بتاريخ 1/9/1948، حيث ورد في الفصل 23 منه أن المالك ملزم في حالة تعدد محلاته المكراة بنفس المبنى بممارسة حق الاستعادة على المحل الذي يشغله أقل عدد من الأفراد. غير أن مقتضيات هذا القانون لا تشكل في حقيقة الأمر قيدا جديا على حق المالك في اختيار المحل الذي يطلب إفراغه، ذلك لأن المشرع يشترط لإعمالها أن تكون جميع المحلات في المبنى الواحد متعادلة على نحو ظاهر. ويعتد في تقدير هذا التعادل بمعيار شخصي قوامه الحاجات العادية للمالك[144] مما يترتب عنه في نهاية المطاف تخويل هذا الأخير حرية تكاد تكون مطلقة في الاختيار. لذلك فإن الفقه المصري في عمومه يحبذ ترك الأمور للمكري أصلا دون معقب عليه في اختيار المكان الذي يود طلب إفراغه[145].
أما بالنسبة للمغرب فإن قانون 12/67 يخلو من أي نص يحدد موقف المشرع بهذا الخصوص. غير أن تتبع الاجتهادات القضائية يفيد ضرورة التمييز بين حالتين:
الحالة الأولى: وتفترض كون جميع المحلات التي يملكها المكري مشغولة بالغير، وهنا يحق للمالك حسب ما استقر عليه المجلس الأعلى اختيار المحل الذي يفي بحاجياته ضمن جملة أملاكه دون اعتبار لأية حيثيات أخرى[146].
الحالة الثانية: إذا كان هناك محل شاغر مملوك للمكري وكاف لحاجاته الاعتيادية، أو على الأقل معادل للمحل المطلوب إفراغه، فإن المكري في هذه الحالة ملزم بشغل هذا المحل. وسيكون طلبه بإفراغ المكتري في ظل هذه الوضعية كيديا، وكاشفا عن سوء نيته مما يبرر رفضه. وقد عبر المجلس الأعلى عن مثل ذلك صراحة، حيث قضى بأنه على فرض أن المكري يتوفر على ملك آخر، فإن له حرية اختيار إقامة الدعوى على من يريد من المكترين، إلا إذا كان هناك محل شاغر[147].
وإذا كان من شأن هذه الاجتهادات القضائية أن تحد نسبيا من تعسف المالك في استعمال حق الاستعادة، فإنها مع ذلك غير كافية فيما نرى لتحقيق العدالة المطلوبة، لأنها لا تحول دون احتمال أن يتقصد المالك مكتريا بعينه لأسباب لا صلة لها بحاجته الحقيقية إلى العين، خصوصا في الحالة التي تكون فيها جميع المحلات مشغولة، لذلك ينبغي أن تكون هناك معايير موضوعية ثابتة تحكم اختيار المالك للمحل الممكن إفراغه وفقا للآتي:
لا يسوغ للمالك ممارسة حق الاستعادة في حالة تعدد المحلات المتعادلة إلاتجاه المكتري الذي يشغل المحل بأقل عدد من الأفراد. وفي حالة تساوي عدد الشاغلين للمحلات المتعادلة، يجب على المالك أن يمارس حقه في الاستعادة على المحل المشغول من طرف المكتري الأقل أقدمية[148].
وبذلك يمكن أن نضمن الحد الأدنى من الجدية في طلبات الإفراغ للحاجة، وتفادي قدر الإمكان مظاهر الكيدية والتعسف في استعمال هذا الحق، دون أن نصادر أو نضيق من الرخصة القانونية المتاحة للمكري، ما دام أن الذي يهمه بالأساس هو استعادة محل مناسب من ضمن محلاته ليشغله بنفسه أو بأحد من ذويه، بغض النظر عمن سيمارس تجاهه حق الاستعادة لهذا السبب.
وأخيرا، فإن المكري الذي تقوم لديه أو لدى أحد من ذويه المحددين على سبيل الحصر حاجة حقيقية ثابتة إلى العين المؤجرة قصد سكناها، واستوفى كل الشروط التي تقتضيها المادة 14 من قانون 12/67، فإن بإمكانه اللجوء إلى القضاء قصد المطالبة بإفراغ المحل الذي يحق له اختياره بالطرق المشار إليها سابقا كلما تحققت واقعة الاحتياج التي تتغير بتغير ظروفه[149]. ولا يقبل الاحتجاج ضده بسبقية البت في النزاع[150]. ويتعلق الأمر هنا برخصة قانونية خاصة، لا علاقة لها بالنظام العام، لذلك يمتنع على المحكمة إثارة الاحتياج من تلقاء نفسها دون أن يثيره الخصوم[151]. كما أن للمكري أن يتنازل عن حقه في طلب الإفراغ للحاجة إلى السكنى، سواء عند تحقق شروطها وأسبابها، أو قبل ذلك[152].
وغني عن البيان أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بإجابة المكري إلى طلبه حتى ولو توفرت جميع الشروط التي يتطلبها القانون لقيام الحق في الإفراغ بسبب الاحتياج. لأن القضاء يملك سلطة تقدير طلب المالك بحيث يمكنه الحكم بتصحيح الإشعار بالإفراغ أو رفضه حسب القناعة التي تتولد لديه من خلال الوقائع وأوراق الدعوى، شريطة أن يكون هذا الحكم قائما على أسباب سائغة. وإذا صدر الحكم برفض طلب الإفراغ لعدم ثبوت الاحتياج، فإن ذلك لا يمنع من معاودة الدعوى على نفس السبب إذا ثبتت الحاجة، ولا يحول دون ذلك قوة الشيء المحكوم به[153].
الهوامش:
[1]– فاضل حبشي: الامتداد القانوني لعقود الإيجار. مطابع جريدة الصباح. القاهرة. الطبعة الأولى. 1983ص، 158.
[2]– أنور العمروسي، قواعد وإجراءات إيجار الأماكن وتخفيض الأجرة. دار النشر، الثقافة الإسكندرية، الطبعة الأولى 1966. بند 85، ص. 175.
[3]– من تقرير لجنة الإسكان والمرافق عن مشروع القانون المصري رقم 24 لسنة 65، جلسة مجلس الأمة بتاريخ 23 مايو 1965، ص. 187.
[4]– نصت الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 24 لسنة 1965 على إلغاء المادة الثالثة من القانون 1947 والتي كانت تنص على إجازة الإخلاء بسبب الحاجة الملحة إلى السكنى. ويجمع الفقه المصري على أن إلغاء نص. المادة الثالثة من قانون 1947 بقانون 1965 لا يعيد إلى العمل حكم المادة 607 من القانون المدني. لأن المشرع لم يقصد مجرد إلغاء المادة الثالثة فحسب، بل قصد إلغاء حق الإخلاء لحاجة المؤجر الشخصية للعين من أساسه، سواء كما كانت تنظمه المادة 3 من قانون 1947 الملغاة، أو كما تنظمه المادة 607 من التقنين المدني، أنظر في ذلك على الخصوص.
– سليمان مرقس: شرح قانون إيجار الأماكن، المطبعة العالمية. الطبعة الخامسة 1970. بند 141، ص. 456.
– خميس خضر، عقد الإيجار في القانون المدني والتشريعات الخاصة. مكتبة القاهرة الحديثة، 1973. بند 231، ص. 293 و 294.
[5]– يتعلق الأمر بالقانون رقم 12-67 الذي صدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 111 – 13- 01، بتاريخ 19 نونبر 2013، والخاص بتنظيم العلاقة التعاقدية بين المكري والمكتري للأماكن المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني، والمنشور في الجريدة الرسمية عدد 6208 بتاريخ 28 نونبر 2013 ص. 7328
[6]– أنظر الفقرة الأولى من المادة 19 من القانون الفرنسي لسنة 1948، ويلحق القضاء الفرنسي بالمالك صاحب حق الانتفاع راجع.
[7]– أنظر المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 140 لسنة 46، السنهوري، الوسيط، ج. 6، المجلد 2، ص. 1173، هامش 3.
[8]– تنص المادة 3 من القانون المصري رقم 121 لسنة 1947 على أنه: “… يجوز للمؤجر فيما يتعلق بالأماكن المؤجرة للسكنى … أن ينبه على المستأجر بالإخلاء في نهاية المدة إذا كانت هناك ضرورة تلجئه لشغل المكان بنفسه أو بأخذ أولاده…”.
[9]– ينص. الفصل التاسع من القانون الفرنسي المذكور على أنه:
Art, 9 « … Le bailleur. Personne physique peut…résilier le contrat de location… en vue de reprendre le logement pour l’habiter… ».
[10]– لقد تواترت الأحكام القضائية المغربية فعلا على تأكيد أولوية المالك في الانتفاع بملكه، أنظر في ذلك على الخصوص:
– قرار المجلس الأعلى، عدد 1058 بتاريخ 25 ماي 1983، ملف مدني عدد 84590، غير منشور. وقد ورد فيه “أن المالك أحق بالسكنى والتمتع بملكه من غيره…”.
– قرار المجلس الأعلى، عدد 258 بتاريخ 5/3/1980 ملف مدني رقم 76299، غير منشور.
[11]– راجع الفصل 971 من قانون الالتزامات والعقود المغربي، المتعلق بإدارة المال الشائع عموما.
[12]– وفي هذا المعنى قضى في إطار ظهير 5 مايو 1928 أن “طلب استرجاع محل للسكن من طرف شركة مدنية عقارية قصد إسكان مسيرها الوحيد هو طلب مقبول، لكونه مبني على سبب مشروع، دون حاجة للتمييز بين الشخص. الاعتباري والشخص. الطبيعي”.
محكمة استئناف البيضاء، القرار عدد 615 بتاريخ 13 ماي 1976، القضية رقم 4/947 مجلة المحاكم المغربية، العدد 14 ماي- جوان 1977، ص. 39.
[13]– وفي ذلك بنص. الفصل التاسع من القانون المذكور على ما يلي:
Article 9 : « Lorsque le contrat initial de location a été conclu pour une durée au moins égale à six ans, le bailleur. Personne physique peut… résilier le contrat de location… »
ويقوم مقام الشخص. الطبيعي، الشركة المدنية بين الآباء والأقرباء إلى الدرجة الرابعة حيث يملك كل عضو منها الحق في استعادة العين للاحتياج شريطة الحصول بذلك على الموافقة اللازمة من الآخرين.
أنظر في ذلك:
Alain Boituzat : La loi « Quillot » du 22 juin 1982. Le nouveau droit des rapports locatifs portant sur les locaux à usage d’habitation ou mixte. Librairie du journal des notaires et des avocats. Paris 1982. P.109.
Cass. Civ. 23. 2. C1950 Gaz. Pal. 1950. 1-208.
[14]– تنص. المادة 187 من مدونة الأسرة المغربية على أن: “نفقة كل إنسان في ماله إلا ما استثني بمقتضى القانون
أسباب وجوب النفقة على الغير: الزوجية والقرابة والالتزام”.
– تنص المادة 194 من نفس المدونة على أنه: “تجب نفقة الزوجة على زوجها بمجرد البناء، وكذا إذا دعته للبناء بعد أن يكون قد عقد عليها”
راجع في ذلك تفصيلا:
الفاخوري إدريس: نفقة الزوجة العاملة بين الفقه الإسلامي ونصوص. المدونة، مجلة الميادين، كلية الحقوق، وجدة. ع. 3، السنة 1988. ص. 187.
[15]– وهذا ما يقره القضاء المغربي فعلا، أنظر على الخصوص:
– قرار المجلس الأعلى، عدد 2983 بتاريخ 22 دجنبر 1986، ملف مدني رقم 1643/86. مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 40 السنة 12، 1987، ص. 105.
وفي القضاء المقارن:
– تمييز عراقي رقم 2905 –حقوقية- 1979 بتاريخ 21/1/1980، المجلة القضائية العربية، العدد الأول، السنة الأولى، أبريل/نيسانن ص. 218.
[16]– أنظر في ذلك:
– أحمد عاصم: هوامش، مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد. 40، السنة 12. 1987ص. 109.
[17]قرار المجلس الأعلى، عدد 3184، ملف مدني رقم 4333/1/6/3. مجلة قضاء المجلس الأعلى، العددان 64/65، ص. 125.
[18]– ينص. الفصل الرابع من القانون الفرنسي لسنة 1982 على ما يلي:
Art : 9 : « …Le bailleur, personne physique peut… résilier le contrat de location… en vue de reprendre le logement pour l’habiter lui-même ou le faire habiter par son conjoint ; ses ascendants, ses descendants, ou par ceux de son conjoint… ».
[19]– راجع الفصل 13 من ظهير 25 دجنبر 1980 المغربين وقارن مع المادة 19 من القانون الفرنسي لسنة 1948، والمادة التاسعة من قانون “كييو” لسنة 1982.
[20]– قرار المجلس الأعلى، عدد 214 بتاريخ 29/4/1970، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 17 ماي 1970، ص. 38.
[21]– أنظر هذا الرأي تفصيلا:
– الخدري لكبير، كراء المحلات المعدة للسكنى وإفراغها على ضوء الإصلاح الجديد في القانون المغربي. رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص. جامعة الحسن الثاني. كلية الحقوق. الدار البيضاء، 1983، ص. 211.
[22]– قارن نص. الفصل 13 من ظهير 1980 الذي يقصر الاستفادة من استعادة المحل بسبب الحاجة إلى السكنى على الفروع المباشرين، وبين نص. الفصل الثامن عشر من نفس الظهير الذي يسمح بامتداد عقود الكراء لفائدة الفروع عموما دون تحديد.
[23]– بل أن الفقه الفرنسي يدخل ضمن الفروع المستفيدين أولاد المكري بالتبني أيضا.
راجع في ذلك:
-Philippe De Belot et J.M. Le Grand : Commentaire de la loi guillot. Gaz. Pal.I. : 3 Aout. 1982. Doctrine n° 19.
-Jean Louis BERGEL : Le Non-renouvellement. Journée d’études de l’union nationale de la propriété immobilière « La loi du 22 juin 1982 et son application » Paris 21/01/1983. P.10.
[24]– وهذا هو الرأي الذي يأخذ به بعض الفقه المصري أيضا. انظر:
– عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط، ج. 6، المجلد 2، ص. 1160 و 1179.
– وراجع مختلف الأحكام القضائية المستشهد بها على ذلك في الهامش من نفس المرجع، ص. 1160.
[25]– ومع ذلك فإن بعض الفقه المغربي يأسف لعدم إدراج فروع زوج المكري ضمن المستفيدين من إفراغ المحل بسبب حاجتهم إلى السكنى أنظر:
– Omar Mounir: Introduction à l’étude de bail d’habitation au Maroc. Thèse Doctorat. Univ. Hassan II. Fac. Droit. 1984, p. 186.
[26]– تنص المادة الأولى من القانون المصري رقم 25 لسنة 1920 المعدل بالقانون رقم 44 لسنة 1979 والخاص. بأحكام بعض النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية على ما يلي: “تجب النفقة للزوجة على زوجها من حين العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكمان موسرة كانت أو مختلفة معه في الدين…”.
في حين أن المشرع المغربي لئن كان يعتبر بموجب الفصل 115 من مدونة الأحوال الشخصية أن نفقة الزوجة على زوجها، إلا أن الفصل 17 من المدونة يقضي بأنه “تجب نفقة الزوجة على زوجها لمجرد الدخول بها وكذلك إذا دعته للدخول بعد أن يكون قد عقد عليها عقدا صحيحا”.
[27]– أنظر: مصر الكلية الوطنية، 18 سبتمبر 1948، مجلة المحاماة المصرية، السنة 28، العدادان 7 و 8، رقم 276، ص. 1078.
[28]– وهذا هو الرأي السائد في الفقه المصري فعلا، أنظر على الخصوص:
– كامل محمد بدوي: المرجع في قانون إيجار الأماكن. دار الفكر العربي. الطبعة الأولى. 1959، ص. 108.
– السنهوري، المرجع السابق، ص. 1160.
– مصر الكلية، 5 فبراير 1950 مجلة المحاماة، السنة 30، العددان 3 و 4، رقم 280، ص. 510.
[29]– تنص المادة 371 من مدونة الأسرة على أنه: “لا يستحق هؤلاء الأحفاد وصية، إذا كانوا وارثين لأصل موروثهم جدا كان أو جدة، أو إذا كان قد أوصى لهم أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية الواجبة، فإن أوصى لهم بأقل من ذلك، وجبت تكملته، وإن أوصى بأكثر ، كان الزائد متوقفا على إجازة الورثة، وإن أوصى لبعضهم فقط، وجبت الوصية للآخر بقدر نصيبه على نهج ما ذكر”
[30]– يتعلق الأمر بالقانون رقم 01. 15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين
[31]– تنص. المادة 51 من مدونة الأسرة على أن: “الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين:
1- المساكنة الشرعية …”
على أن بعض التشريعات ربما قدرت أن تقوم لدى المكري حاجة إلى المطالبة بالإفراغ قصد إسكان زوجه في حالة ما إذا كان هذا المكري متزوجا بأكثر من واحدة، ومن ذلك أن المادة 526 من القانون المدني الجزائري الصادر سنة 1975 ينص. على ما يلي:
“ينقضي حق الاحتجاج بالبقاء في الأمكنة على المالك الذي يتمتع بالجنسية الجزائرية إذا عزم على استرجاع مبناه ليسكنه بنفسه أو ليسكن فيه زوجه أو أصوله أو فروعه…”. ونحن نعتقد أن حاجة الزوجة إلى المسكن هي من حاجة زوجها ذاته، فله أن يطلب الإفراغ على أساس قيام حاجته الشخصية إلى المحل ولو كان المقصود هو إسكان زوجة ثانية لا يزمع الإقامة معها فعليا لسبب أو لآخر ما دامت زوجته وفي عصمته.
[32]– أنظر: أحمد عاصم، هوامش مجلة قضاء المجلس الأعلى، المرجع السابق، ع. 40، ص. 109..
[33]– قرار المجلس الأعلى عدد 2983، بتاريخ 22/12/1986، ملف مدني رقم 1643/86. مجلة قضاء المجلس الأعلى. العدد 40. السنة 12. 1987. ص. 105
[34]– أنظر على الخصوص.
– محمد بونبات، التعديلات الجديدة على أكرية الأماكن المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني وفقا لأحكام قانون 25 دجنبر 1980. المجلة المغربية للقانون. العدد العاشر. 1988. ص. 51.
– الخدري لكبير، المرجع السابق، ص. 98.
– محمد إكرام، التعليق على نصوص قانون أكرية الأماكن المعطة للسكنى أو للاستعمال المهني. مطبعة النجاح الجديدة. البيضاء. 1987، ص. 98.
[35]– راجع: محمد ليديدي، ظهير 5/5/1928 بعد ربع قرن. مجلة المحاماة. السنة 12. العدد 16. 1979. ص. 105.
[36]– أنظر: أحمد أفراز، عقود أكرية المساكن في ظهير 1928، مجلة المحاكم المغربية. العدد 16. 1978، ص. 105.
[37]– لقد عبر كثير من النواب سواء داخل لجنة العدل والتشريع، أو عند المناقشة العامة لمشروع الفصل المحدد للمستفيدين من الإفراغ بسبب الاحتجاج في قانون 1980 الملغى، عن عدم موافقتهم على هذا التوسع، وكانت الاقتراحات البديلة بهذا الشأن تتفاوت بين قصر هذا الحق على المكري وحده دون غيره، أو إضافة الأصول والفروع. أنظر في ذلك:
مداولات مجلس النواب، دورة أبريل 1980، الجريدة الرسمية، الطبعة الخاصة بمداولات مجلس النواب، الدورة الثانية، أبريل 1980. ص، 529.
[38]– راجع على الخصوص:
* عبد العزيز بنزاكور: التغييرات المحدثة على نظام أكرية المحلات المعدة للسكنى أو للاستعمال المهني من ظهير 1928 إلى قانون 1980. مجلة المحاكم المغربية. العدد 22. 1981، ص. 49.
* محمد بونبات: التعديلات الجديدة، المرجع السابق. ص. 52.
[39]– أنظر محمد إكرام، المرجع السابق. ص. 99.
[40]– أنظر أيضا الفصل التاسع عشر من القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 1/9/1948 وكذلك الفصل التاسع من قانون “كييو” لسنة 1982.
تنص الفقرة الأولى من المادة 526 من القانون المدني الجزائري الصادر بموجب الأمر 75 -58 بتاريخ 26/9/1975 على ما يلي: “ينقضي حق الاحتجاج بالبقاء في الأمكنة على المالك الذي يتمتع بالجنسية الجزائرية إذا عزم على استرجاع يناء ليسكنه بنفسه أو ليسكن فيه زوجه أو أصوله أو فروعه…”.
وقد قضت محكمة الاستئناف الخرطوم بالسودان “أن الحاجة الماسة للعقار هي حاجة المكري للسكنى وليس لأي استعمال شخصي آخر…”.
محكمة استئناف الخرطوم، رقم م.أ.ا.س.م 1058/1405 هـ. بتاريخ 3/6/1985، المجلة العربية للفقه والقضاء، العدد الثالث، أبريل/نيسان، 186، ص. 205.
[41]– السنهوري، الوسيط، المرجع السابق، ج. 6، م. 2، بند 676، ص. 1181.
– محكمة بنها الابتدائية 3/10/1955، مجلة المحاماة المصرية، السنة 37، العدد 144، ص. 213.
[42]– أنظر في ذلك على الخصوص:
– فاضل حبشي، المرجع السابق، ص. 449.
– كامل محمد بدوي، المرجع السابق، ص. 97.
– منصور مصطفى منصور، عقد الإيجار. المطبعة العالمية. القاهرة. 1970، ص. 595، فقرة 231.
– مصر الكلية، 21 يناير 1951، مجلة المحاماة المصرية، السنة 31، عدد 404، ص. 1414.
– مصر الكلية، 4 نوفمبر 1946، مجلة المحاماة المصرية، السنة 27، عدد 262، ص. 640.
[43]– أنظر أيضا المادة 526 من القانون المدني الجزائري التي تجعل من حاجة المكري إلي العين سببا من أسباب انقضاء حق الاحتجاج بالبقاء في الأمكنة، وكذلك المادة 529 و 533 من نفس القانون.
[44]– أنظر السنهوري، الوسيط، المرجع السابق، ج 6، م. 2، ص. 1144.
[45]– السنهوري، نفس المرجع، ص. 1145.
[46]– أنظر في هذا المعنى:
– قرار المجلس الأعلى، العدد 558 بتاريخ 22 سبتمبر 1982.
ملف مدني رقم 98565 مجلة رابطة القضاة، السنة 21، العدد 14-15 من السلسة الجديدة 1985، ص. 138 وما بعدها.
[47]– فاضل حيشي، المرجع السابق، ص. 436.
[48]– الفقرة الأولى من الفصل الرابع ونصها:
Art. 4/1 « Le contrat de location est conclu : pour une durée au moins égale à six ans à compter de sa datte d’effet ».
[49]– أنظر نص. الفقرة الأولى من الفصل التاسع من القانون الفرنسي لسنة 1982.
[50]– راجع نص. الفقرة الخامسة من الفصل التاسع من القانون الفرنسي لسنة 1982.
[51]– أنظر نص. الفقرة الثانية نمن الفصل الرابع من نفس القانون.
[52]– أنظر في ذلك:
– Warembourg- Auqué Françoise: La réformes des rapports locatifs par la loi n°86-1290 du 23 décembre 1986. J.C.P. Ed. G.61èmeannée.N°.26. 1987. N° 77.
[53]– Article 10 : « Le contrat de location est conclu pour une durée au moins égale à trois ans pour les bailleurs personnes physiques ainsi que pour les bailleurs définis à l’article 13 et à six ans pour les bailleurs personnes morales… »
[54]– راجع الفصل 467 من قانون الالتزامات والعقود المغربي.
[55]– أنظر على الخصوص:
– قرار المجلس الأعلى، عدد 573 بتاريخ 31 أكتوبر 1979، ملف مدني رقم 77562، مجموعة قرارات المجلس الأعلى، 1966-1982 بتاريخ 27/4/1977، المرجع السابق. ص. 529.
[56]– Art. 9/1 »…Le bénéficiaire de la reprise doit occuper le logement dans les six mois suivant le départ du locataire et pendant un durée qui ne peut être inférieure à deux ans à compter de… ».
[57]– يبتدئ سريان مدة السنتين من هذا التاريخ، ولو ظل المكتري محتفظا بالعين إلى أجل متأخر رغم إرادة المكري، ويرجع السبب في ذلك إلى أن المشرع الفرنسي أراد تفادي تعنت المكتري في إفراغ العين رغم ثبوت حاجة المكري إليها، راجع لمزيد من التفاصيل:
– Alain Boituzat :op.cit, p. 110.
[58]– وهذا ما يفسر كون المادة السابعة عشرة من قانون “كييو” نستوجب تحت طائلة البطلان، أن يتضمن الإشعار بالإفراغ للحاجة إلى السكنى بالمحل، اسم وعنوان المستفيد ودرجة القرابة من المكري، وذلك حتى يتسنى للمكتري مراقبة اسم وعنوان المستفيد وحاجته إلى العين، فإذا كان القانون لا يستلزم من المستفيد أن يسكن العين شخصا، فإن مثل هذا البيان سيكون لا معنى له، والحال أنه في نية المشرع وقصده يمثل تعهدا مشتركا مأخوذا على المكري والمستفيد معا، راجع في ذلك:
– Jacques Remy et Michel pialoux, Le droit nouveau du logement, Gaz. Pal. Septembre 1983 p. 210.
– Alain Boituzat : Op.cit.P. 110.
[59]– أنظر في ذلك على الخصوص:
– Jean Louis BERGEL : op.cit, P. 11.
[60]– أنظر:
– Alain Boituzat : Op.cit, P. 110.
[61]– من هذا الرأي أيضا:
– محمد إكرام: التعليق على نصوص. قانون أكرية الأماكن، المرجع السابق، ص. 126.
[62]– لقد كان القضاء المغربي في ظل ظهير 1928، يستلزم فعلا أن يشغل المستفيد العين بعد إفراغها ما لم يثبت أن هناك ما يحول دون ذلك، فقد قضى بأن “قضاة الأساس بعد التحقق من عدم اعتمار الأمكنة التي جرى استردادها من قبل رب السلطة المطلقة في تقدير ما إذا كان السبب الصحي المثار يشكل سببا مشروعا يبرر عدم اعتمار الأمكنة….”.
أنظر في ذلك:
– نقض مدني، 13 فبراير 1957، إبراهيم زعيم ومحمد فركت، المرجع السابق، ص. 87.
[63]– كان القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 1/9/1948 يميز بين ثلاث حالات في استعادة العين من أجل السكنى.
ا- حق استعادة العين مع وضع مسكن آخر تحت تصرف المكتري: المادة 18.
Droit de reprise avec relogement obligatoire de l’occupant. Art. 18.
ب- حق استعادة العين المؤجرة دون الالتزام بإسكان المكتري/المادة 19.
– Droit de reprise sans relogement obligatoire de l’occupant. Art. 19.
ج- حق استعادة العين المؤجرة المقرر لفائدة بعض الملاك ذوي الامتياز، المادة 20.
– Droit de reprise des propriétaires privilégiers. Art. 20.
وهذا هو التمييز ذاته الذي نقله القانون المدني الجزائري، حيث ورد فيه النص. على نفس الحالات المشار إليها أعلاه، راجع المواد: 526/529/533 من هذا القانون.
[64]– قرار محكمة الاستئناف الرباط، بتاريخ 3/12/1956 المجلة المغربية للقانون. عدد: 1-2، 1957، ص. 69.
– قرار استئناف الرباط، بتاريخ 10/12/1956، المجلة المغربية للقانون، ع. 1/2/1958، ص. 81.
– قرار استئناف الرباط، بتاريخ 27/5/1960، المجلة المغربية للقانون، 25/2/1961، ص. 8.
[65]– عبد العزيز بنزاكور: التغييرات المحدثة على نظام أكرية المحلات، المرجع السابق، ص. 49.
وقد كان هناك اقتراح بأن تحدد هذه المدة في خمس سنوات بدل ثلاث، ولكنه لم يحظ بموافقة النواب، أنظر: مداولات مجلس النواب، دورة أبريل 1980، المرجع السابق، ص. 530.
[66]– قرار المجلس الأعلى، عدد بتاريخ 11/1/1982، ملف مدني رقم 92508، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 30، السنة السابعة، أكتوبر 1982.
[67]– أنظر في مواصلة الدعوى، الفصول من 114 إلى 118 من قانون المسطرة المدنية. وينص. الفصل 115 منها على الخصوص. “يستدعي القاضي بمجرد علمه بوفاة أحد الأطراف أو بتغيير وضعيته بالنسبة للأهلية سواء شفويا أو بإشعار يوجه وفق الشروط المنصوص. عليها في الفصول 37، 38ن 39 إلى من لهم الصفة في مواصلة الدعوى للقيام بذلك إذا لم تكن الدعوى جاهزة للحكم”.
[68]– محمد إكرام، التعليق على نصوص. قانون أكرية الأماكن، المرجع السابق، ص. 106.
[69]– كان هنا اقتراح بتعديل الفصل الرابع عشر صيغته كما يلي: “يمكن للقاضي أيضا تصحيح الإشعار بالإفراغ إذا كان المقصود سكنى المكري لنفسه بالمحل على أن تتوفر الشروط التالية:
أولا: أن يكون المحل المطلوب إفراغه قد أصبح ملكا للمكري عن طريق الشراء أو العطاء أو الإرث منذ خمس سنوات على الأقل من تاريخ الإشعار بالإفراغ…”. ولا يمكن تفسير رفض هذا التعديل على أنه اتجاه من المجلس نحو استثناء المالكين الورثة أو المعطى لهم من تربص. المدة القانونية، لأن مثل هذا الافتراض لم يثر مطلقا عند مناقشة الموضوع. أنظر مداولات مجلس النواب، المرجع السابق، ص. 530.
[70]– وقد قضي في هذا الشأن بأن عرض المسكن ينبغي أن يتم وفقا للشروط التي تلبي الحاجيات المشروعة والأساسية للمكتري وليس بالنظر إلى ما يوافقه أو يلائمه شخصيا، الرباط 4 يناير 1952، المجلة المغربية للقانون، 1952، ص. 272.
[71]– محكمة استئناف الرباط، بتاريخ 8/5/1948، مجلة المحاكم المغربية، عدد 25/12/1949، ص. 27.
[72]– تم إقرار حرية الأفراد في تحديد أجرة المحلات المعدة للسكنى بموجب ظهير 22 أبريل 1954 الخاص. بأثمان الكراء وحرية تحديدها، أنظر الفصل الأول من هذا الظهير.
[73]– راجع في هذا الموضوع على الخصوص:
الفاخوري إدريس: الأسس القانونية لتحديد أجرة المساكن، دكتوراه في القانون الخاص. جامعة عين شمس. كلية الحقوق. القاهرة. 1987، ص. 294 وما بعدها.
[74]– قرار محكمة استئناف الرباط، رقم 4705 بتاريخ 4 يوليوز 1955، قرارات محكمة الاستئناف بالرباط تعريب محمد العربي المجبود، ص. 550.
[75]– في هذا المعنى:” كامل محمد بدوي، المرجع السابق، ص. 98، ويطالب الفقه المصري بتدخل المشرع حتى بعد إلغاء الاستعادة بسبب الحاجة إلى السكنى لإقرار حق المكري في تبادل الشقق، أنظر: توفيق العطار، المرجع السابق، ص. 416.
[76]– أنظر في ذلك:
– قرار محكمة استئناف الرباط بتاريخ 22/11/1944، مجلة المحاكم المغربية، عدد 15/3/1945، ص. 35.
– قرار محكمة استئناف الرباط بتاريخ 19/12/1944 مجلة المحاكم المغربية، نفس العدد، ص. 34.
– وقد ورد في قرار للمجلس الأعلى بهذا الشأن: “أن المحكمة الاستئناف عندما تبين لها أن سكنى الطالب تقع في نفس العمارة الموجود الدار المطلوب إفراغها، وأن الطالب لم يدل بما يثبت احتياجه للدار المذكورة، فإنها تكون قد استعملت ما لها من سلطة وبررت قرارها برفض تصحيح الإشعار بالإفراغ بما فيه الكفاية”.
قرار المجلس، عدد 2606 بتاريخ 12/11/1986، ملف مدني رقم 98366، غير منشور.
[77]– ومع ذلك فإن الفقه المصري يذهب إلى أن العمل قد دل على أن اختلاف التعابير ليس له كبير أثر عند التطبيق، وأن القضاء يتطلب في جميع الحالات ضرورة ملجئة، دون أن يدعوه تعبير “الضرورة القصوى” إلى التشدد أو تعبير “الحاجة الحقيقية” إلى التساهل. أنظر السنهوري، المرجع السابق، ج. 6، م. 2، ص. 1150.
[78]– أنظر في ذلك:
– Versaille. 22. Novembre 1982. Gaz Pai. 6 Janvier 1983, p 14. et note de : PH. De Blot, p. 17.
– Jean Louis BERGEL. Op. cit, p. 11.
[79]– أحمد إفراز: عقود أكرية المساكن، مجلة المحاكم المغربية، العدد 16، المرجع السابق، ص. 16.
[80]– قرار المجلس الأعلى، عدد 1702 بتاريخ 16/11/1983 ملف مدني رقم 78394، غير منشور.
– وقد قضى بأن: “الفقرة الأولى من المادة الثانية من قانون الإيجار البحريني رقم 42/1365 قد أعطت المالك المؤجر الحق في إخلاء بيته من مستأجره إذا رغب في أن يتخذ منه مسكنا خاصا له… ولم يقيد هذا الحق إلا بقيد واحد، هو ألا يكون للمالك بيت آخر في نفس المنطقة التي اعتاد سكناها”.
البحرين، الدعوى، رقم 3165/م/1977. المجلة القضائية العربية، ع. 1
[81]– قرار محكمة النقض عدد 97/2 بتاريخ 06/02/2018. ملف مدني عدد 6823/1/2/2015. غير منشور
[82]– قرار المجلس الأعلى، عدد 83 بتاريخ 8/3/1984، ملف مدني 97221، غير منشور.
[83]– قرار المجلس الأعلى، عدد 450 بتاريخ 21/3/1984 ملف مدني 29576، غير منشور.
– أنظر أيضا المادة 20 من القانون الفرنسي الصادر بتاريخ 1/9/1948 وكذلك:
– Cass. Civ. 13 – 11- 1952- Gaz- Pal. 1953 -1- 1953.
[84]– فاضل حبشي، المرجع السابق، ص. 457.
– كامل محمد بدوي، المرجع السابق، ص. 115.
وقد قضت محكمة مصر الوطنية في هذا الشأن بأن “إحالة الموظف إلى المعاش لا تقوم في حد ذاتها ضرورة قصوى تلجئه إلى ترك مسكنه الذي كان يأويه وقت الإحالة إلى المعاش والنزوح إلى جهة أخرى بها عقاره المملوك له للإقامة في دائرته والاستناد على ذلك في طلب إخلاء أحد ساكنيه وخاصة إذا تبين أنه أقام في الجهة التي كان يعمل بها سنوات طويلة كانت علاقته خلالها منقطعة بالعقار بحكم عمله الحكومي وأن العقار يقع في مدينة ليست هي مسقط رأسه، وأنه لا مصلحة ظاهرة تحدوه لتخصيصه الإقامة فيه بالذات”.
محكمة مصر الوطنية بتاريخ 13/10/1954، مجلة المحاماة المصرية، السنة 27، ع. 5/6، رقم 263، ص. 641.
[85]– أنظر الفقرة الخامسة من الفصل التاسع من القانون الفرنسي لسنة 1982.
[86]– لأن عقد الكراء إذا كانت له مدة محددة، امتنع مطلقا إنهاؤه قبل انقضاؤه. أنظر قرار المجلس الأعلى المشار إليه رقم 573 الصادر بتاريخ 31 أكتوبر 1979 في الملف المدني رقم 77562.
[87]– قرار محكمة النقض عدد 56/2. ملف مدني عدد 6277/1/2/2015 بتاريخ 16/01/2018 غير منشور
وفي هذا الاتجاه
– قرار محكمة النقض عدد 549/2. ملف مدني عدد 3242/1/2/2015 بتاريخ 04/10/2016 غير منشور
[88]– راجع في ذلك: محكمة التمييز العراقية، القرار رقم 66 تمييزية -1980 بتاريخ 9/2/1980، مجلة رابطة القضاة. العدادان 2 و 3 السنة 17، أبريل / سبتمبر 1981، ص. 242.
[89]– المحكمة الابتدائية بالإسكندرية (مصر) بتاريخ 25/11/1950، مجلة التشريع والقضاء، السنة الثالثة، رقم 126، ص. 397.
[90]– فاضل حبشي، المرجع السابق، ص. 451.
– السنهوري، المرجع السابق، ص. 1170.
[91]– استئناف الرباط، القرار رقم 4639 بتاريخ 10 يناير 1955. قرارات محكمة الاستئناف بالرباط، تعريب محمد العربي المجبود، ص. 480. وفي هذا المعنى: محكمة مصر الابتدائية الوطنية بتاريخ 26/2/1951، مجلة المحاماة المصرية، س. 31، رقم 805. ص. 1725.
[92]– مصر الابتدائية بتاريخ 24/10/1954 مجلة المحاماة المصرية، س. 27، رقم 265، ص. 641.
[93]– استئناف الرباط، القرار رقم 4705 بتاريخ 4 يوليوز 1955، قرارات محكمة استئناف الرباط، المرجع السابق، ص. 550، وتسري القاعدة نفسها على حالة المكري الذي فقد حقه في شغل المسكن الذي كان يستأجره بسبب خطأ ارتكبه أفضى إلى طرده منه كما لو أخل بالتزاماته التعاقدية، وكذلك الأمر بالنسبة لمن يتم طرده من العمل أو الوظيفة بسبب خطأ جسيم ارتكبه، غير ذلك من الصور المشابهة، أنظر:
– فاضل حبشي، المرجع السابق، ص؟ 451 وما بعدها.
– السنهوري، الوسيط، المرجع السابق، ص. 1170 وما بعدها.
[94]– محكمة القاهرة الابتدائية، القضية رقم 4907 سنة 1952، فاضل حبشي، م.س. ص. 456.
[95]– الغالب أن يتمثل هذا الظرف في سقوط حق النفقة على من كان مكلفا بها اتجاه المستفيد، وهذا هو الحال بالنسبة لوفاة الزوج أو طلاق المرأة راجع في ذلك:
-إدريس الفاخوري: المنازعات الأسرية أمام قضاء الموضوع ومحكمة النقض. منشورات مجلة الحقوق. دار النشر المعرفة. الرباط. طبعة 2015. ص. 119 وما بعدها
[96]– ورد في قرار لمحكمة النقض أنه: “ما دام أن الشخص المراد إسكانه هو ابنته المطلقة، وأثبت احتياجها إلى السكن في المحل المطلوب إفراغه، فقد توجب تطبيق مسطرة تصحيح الإشعار بالإفراغ”
قرار محكمة النقض عدد 47 بتاريخ 15/01/2013. ملف عدد 684/1/6/2012. التقرير السنوي لمحكمة النقض. 2013. ص. 43
[97]– فقد قضى بأن المرأة إذا كانت تسكن مع زوجها في دار تعود لضرتها، ثم اضطرت إلى ترك هذه الدار بعد وفاة زوجها للمنازعات الحاصلة مع الضرة التي لم توافق على إسكانها وولدها القاصر معها تعتبر في حالة ضرورة ملجئة لتخلية الدار التي تعود لولدها القاصر.
* محكمة التمييز العراقية، القرار رقم 1184/ حقوقية/ 83- 84 بتاريخ 11/4/1984 المجلة المغربية للفقه والقضاء، ع. 3 أبريل /نيسان، 1986، ص. 212.
[98]– محكمة التمييز العراقية، القرار رقم 2937، حقوقية 1979 بتاريخ 26/1/1980، مجلة رابطة القضاء، العددان 2و 3، س 17، أبريل / سبتمبر 1981، ص. 238.
[99]– قرار المجلس الأعلى، العدد 2983 بتاريخ 22/ دجنبر 1986، ملف مدني رقم 1643/86، مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 40، السنة 12/1987، ص. 105.
[100]– قرار المجلس الأعلى، عدد 2058 بتاريخ 17/9/1986 ملف مدني رقم 95069، غير منشور.
[101]– سليمان مرقس، شرح قانون إيجار الأماكن، المرجع السابق، ط. 1970، ص. 272 إلى 274.
– مصر الكلية، 5 فبراير 1950، مجلة المحاماة المصرية، س. 30، العدادان 3 و 4 رقم 280، ص. 510.
[102]– محكمة مصر الكلية بتاريخ 26 ديسمبر 1949، مجلة المحاماة، س 29، العددان 9 و 10، رقم 48 لسنة 1949، ص. 1230.
[103]– قرار المجلس الأعلى، عدد 2567 بتاريخ 29/10/1987، ملف مدني عدد 2010/1987، مجلة المحامي، العدد 11، السنة 8، 1988، ص. 73.
[104]– أنظر في ذلك:
– Grimaud et Givord : les baux d’habitation et à usage professionnel. 3eEdit .1954. ,° 166.
ومع ذلك فإن القضاء الفرنسي قد عرف تطورا ملحوظا في هذا المجال خلال سريان قانون “كييو” لسنة 1982 حيث ورد في قرار لمحكمة النقض الفرنسية أن الأعزب الراشد لا يمكن أن تفرض عليه المساكنة مع والديه ولو كانت مرافق المسكن وغرفه من السعة والكثرة بحيث تفي بحاجيات الجميع. وبالتالي فإن من حق الجد المالك للمحل المكرى أن يطالب بإفراغ المكتري الذي يشغله لإسكان حفيده راجع:
- Civ. 17 Décembre 1986. J.C.P. 61e année. N°, 10, 1987, P. 65. « Un célibataire majeur ne peut être tenu de cohabiter avec ses parents même s’il dispose de plusieurs pièces dans leur maison, des lors, est valable le congé délivré à son profit par son grand père, Propriétaire d’un appartement loué ».
- وقد قضى في هذا الشأن بأن طلب التخلية بهدف إسكان المؤجر لولديه المتزوجين لا يدخل ضمن مفهوم الضرورة الملجئة خصوصا إذا ثبت من الكشف الذي أجرته المحكمة أن الدار التي يسكنها المؤجر متقاربة في مشتملاتها مع الدار المراد تخليتها.
- محكمة التمييز العراقية، القرار رقم 1221، حقوقية 83/84 بتاريخ 11/4/1984، المجلة العربية للفقه والقضاء، العدد الثالث، 1986، ص. 211.
[105]– مصر الكلية بتاريخ 2 مارس 1953، مجلة المحاماة المصرية، س. 33، ع. 8، رقم 564، ص. 1307.
مصر الكلية بتاريخ 23 أكتوبر 1954، مجلة المحاماة المصرية، س 36، ع. 9، رقم 441، ص. 208 أنظر أيضا بهذا المعنى:
كامل محمد بدوي، المرجع السابق، بند 129، ص. 111.
وهو موقف القضاء الفرنسي أنظر كذلك:
Cass. 22. 2. 1954. J.C.P. 1954. 4 – 1945.
[106]– راجع في ذلك على الخصوص:
السنهوري، الوسيط، م. 2، ج. 6، ص. 1163.
فاضل حبشي، المرجع السابق، ص. 469.
[107]– Omar Mounir : Introduction à l’étude de bail d’habitation au Maroc. D.E.S. Dr. 1984, P. 186.
[108]– في هذا المعنى:
– Cass. Civ. 30/4/1953. Gaz. Pal. 1953/1 – 415.
[109]– سليمان مرقس، المرجع السابق، طبعة 3، 1959، فقرة 99، ص. 286 وما بعدها.
– السنهوري، الوسيط، المرجع السابق، ص. 1166.
– فاضل حبشي، المرجع السابق، ص. 470 وما بعدها.
[110]– أنظر في ذلك:
– قرار المجلس الأعلى، عدد 9 بتاريخ 11 يناير 1982، ملف اجتماعي رقم 91891، مجلة قضاء المجلس الأعلى، 31، س 8، مارس 1983، ص. 94.
وقضت محكمة النقض السورية في هذا الشأن أنه إذا كان طلب إخلاء الشقة للمالك المؤجر جائزا، فمن باب أولى أن يسمح له أن يتوسع في سكنها، القرار 394 ق. 458، بتاريخ 31/5/1975، مجلة القانون السوريةـ الأعداد 8 و 9 و 10، س. 26، 1975، ص. 516.
[111]– أنظر في ذلك:
– قرار المجلس الأعلى، عدد 525 بتاريخ 16 يوليوز 1982، ملف مدني رقم 84586، مجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 31، ص. 49.
[112]– Jean Ignace. Marcel Plachte ; Manuel des baux d’habitation, op. cit, p. 198. N° 372.
وانظر عكس ذلك: فاضل حبشي، المرجع السابق، ص. 471.
[113]– وفي هذا الصدد قضي بأن الحاجة تكون محققة، وبالتالي تبرر الإفراغ إذا كان للمالك ابنان متزوجان يسكنان بطابق واحد.
المحكمة الابتدائية بسلا، بتاريخ 7/1/1988، حكم رقم 83، ملف رقم 1453/86/7، غير منشور.
[114]– أنظر: مصر “الكلية، المجلة المحاماة، السنة 31، العدد الثامن، رقم 405.
وقد اعتبر كامل محمد بدوي أن المحكمة كانت مصيبة إذ أسست قرارها على أن مثل هذا الزواج لا يشكل ضرورة.
– كامل محمد بدوي: المرجع السابق، ص. 110، وانظر مع ذلك رأيا مخالفا للدكتور السنهوري، الوسيط، المرجع السابق، ص. 1159.
وقد ذهبت بعض المحاكم المصرية إلى أن استقلال الساكن بمسكن له أمر اعتباري فوق أنه شرعي، ورتبت عن ذلك أن المحامي الذي يسكن في دور من منزل لا يمكن الوصول غليه إلا عن طريق دور تحته مسكون، ولا تتوفر فيه حجرة استقبال أو حجرة لكتبته، يعتبر في حاجة ملحة إلى تغيير هذا السكن.
محكمة الإسكندرية الابتدائية، 20/4/1950، مجلة التشريع والقضاء، س. 3، رقم 154، ص. 500، وينبغي أن تقوم الحاجة إلى التوسع في السكنى لا غير، لذلك يتعين اعتبار طلب الإفراغ من أجل أن يحصل المالك على سكنى بها مرآب لسيارته طلبا غير مرتكز على سبب مشروع. أنظر: قرار محكمة الاستئناف بالرباط، بتاريخ 21/9/1949، مجموعة قرارات محكمة الاستئناف بالرباط، 49/19520، ص. 515.
[115]– محكمة استئناف الرباط، 8/5/1948، مجلة المحاكم المغربيةـ ع. 1225، 1949، ص. 27، إبراهيم زعيم ومحمد فركت، المرجع السابق، ص. 68.
[116]– محكمة استئناف الرباط بتاريخ 12 فبراير 1929، قرارات محكمة الاستئناف بالرابط، 29/1930، ص. 45.
– حكم محكمة الدار البيضاء الابتدائية، بتاريخ 30 نوفمبر 1978، مجلة المحاكم المغربية، ع. 19-20 يوليوز/غشت 1979/ ص. 94. وقد ورد في بعض حيثياته ما يلي: “لكن حيث أن السبب الذي يرتكز على الحالة الصحية للمدعي هو سبب شرعي وقانوني ويرتكز على الحالة الصحية للمدعي هو سبب شرعي وقانوني ويجب اعتمادا على التقرير الطبي… وأن محافظة المرء على حياته واتقاء الأخطار التي قد تؤدي إلى الهلاك يعتبر من الضروريات الأكيدة التي اتفقت عليها جميع الشرائع السماوية والوضعية والتي يجب تقدمها على جميع الاعتبارات الأخرى… وبالتالي فإن من حق المدعي أن يسترجع المحل فيه ليسكن أن حرم عليه الأطباء صعود ونزول درج ثلاث طبقات حيث يسكن بالشقة المشار إليها أعلاه”.
أنظر تعليقا على هذا القرار: عبد الله الولادي، المرجع السابق، ص. 97 وما بعدها.
[117]– قرار المجلس الأعلى، عدد 98805 بتاريخ 24/3/1984، ملف مدني رقم 98505، غير منشور. وتتعلق وقائع القضية بمالك يسكن في فاس، في حين أن أولاده يدرسون في ثانوية ديكارت بالرباط.
[118]– محكمة استئناف الرباط بتاريخ 10/7/1958، المجلة المغربية للقانون، عدد 1/10/1959، ص. 354.
[119]– قرار المجلس الأعلى، عدد 166/60 بتاريخ 22/12/1960، قضاء المجلس الأعلى في المواد المدنية، ص. 76.
[120]– عبد الله الولادي، تعليق على حكم قضائي، منشور بمجلة المحاكم المغربية، ع. 19/20، ص. 28.
– أحمد أفزاز، عقود أكرية المساكن، مجلة المحاكم المغربية، عدد 16، ص. 13.
– محمد بونبات، التعديلات الجديدة، المجلة المغربية للقانون المقارن، ع. 10، ص. 52.
[121]– القرار عدد 720 بتاريخ 18 أكتوبر 1978 ملف مدني 65.709. مجلة المحاماة السنة 12، ع. 14، يناير – فبراير- مارس 1979.
[122]– أنظر الفرع الأول والثاني والثالث والرابع من الباب الثالث من القسم من قانون المسطرة المدينة الفصول من 55 إلى 84.
[123]– القرار رقم 4705 بتاريخ 4 يوليوز 1955، مشار إليه.
[124]– قرار استئنافي، الرباط، 909 بتاريخ 26/6/1930، المجموعة الأبجدية، قرارات محكمة الاستئناف بالرباط، 19457، ج. 24، ص. 251.
[125]– قرار المجلس الأعلى، عدد 354، بتاريخ 4 يوليوز 1969، مجلة قضاء المجلس الأعلى، السنة الثانية، ع. 12، دجنبر 1969، ص. 20.
[126]– محكمة الاستئناف الرباط، القرار رقم 615، ملف 4/957 بتاريخ 13//5/1976، مجلة المحاكم المغربية، العدد 14، ماي، جوان 1977، ص. 39.
[127]– محكمة استئناف الرباط، القرار رقم 646، ملف 109/424 بتاريخ 20/9/2/1973 مشار إليه.
[128]– أحمد أفزاز: عقود أكرية المساكن، المرجع السابق، ص. 17.
[129]– ينص. الفصل 399 من قانون الالتزامات والعقود على أنك “إثبات الالتزام على مدعيه”.
[130]– أنظر: محمد إكرام، التعليق على نصوص. قانون أكرية الأماكن، المرجع السابق، ص. 102.
[131]– يتعلق الأمر بالقرارات المشار إليها سابق وخصوصا منها القرار عدد 354.
[132]– محمد إكرام، التعليق، المرجع السابق، ص. 102.
[133]قرار محكمة الاستئناف بوجدة، بتاريخ 04/04/2019، ملف مدني عدد 57/1302/2019. غير منشور
قرار محكمة النقض. عدد 47 بتاريخ 15/01/2013. مشار إليه. التقرير السنوي لمحكمة النقض لسنة 2013. ص. 43
[134]قرار محكمة استئناف الرباط عدد 232 بتاريخ 3 أبريل 2018. غير منشور
[135]– أنظر على الخصوص:
– قرار المجلس الأعلى، عدد 445 بتاريخ 28/6/1982، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 32، ص. 75.
– قرار المجلس الأعلى، عدد 1479 بتاريخ 5/10/1983، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 33و 34، ص. 35.
– قرار المجلس الأعلى، عدد 183، بتاريخ 8/3/1984، ملف مدني رقم 97963، غير منشور.
[136]مصطفى لزرق: الإفراغ للاحتياج للسكنى وفق مقتضيات ظهير 25 دجنبر 1980 وتوجهات المجلس الأعلى. الندوة الجهوية الأول. فاس. المرجع السابق. ص. 408
[137]– من هذا الرأي، كامل محمد بدوي، المرجع السابق، ص. 98.
* السنهوري، ج. 6، م. 2، ص. 1151.
[138]– قرار المجلس الأعلى، ع. 1425، بتاريخ 21/9/1983، ملف رقم 59460، غير منشور.
– قرار المجلس الأعلى، ع. 360، بتاريخ 2/4/1986، ملف عدد 97221، غير منشور.
[139]– قرار المجلس الأعلى، عدد 2680، بتاريخ 19/11/1986، ملف مدني، ع. 264، غير منشور.
– قرار المجلس الأعلى، ع. 450، بتاريخ 16/11/1983، ملف مدني، 92576، غير منشور.
[140]– قرار المجلس الأعلى، ع. 2606 بتاريخ 12/11/1986، ملف مدني، ع. 98366، غير منشور.
* قرار المجلس الأعلى، ع. 2749، بتاريخ 26/11/1986، ملف مدني، ع. 97488، غير منشور.
أنظر أيضا: محمد إكرام، المرجع السابق، ص. 102.
[141]– قرار المجلس الأعلى، ع. 2680 بتاريخ 19/11/1986، ملف مدني، ع. 264، غير منشور.
وفي هذا المغنى:
– قرار ع. 1479، بتاريخ 5/10/1983، مجلة قضاء المجلس الأعلى، س. 9 مايو 1984، عدد 33-34، ص. 35.
[142]-Cass. Com. Sup. Loy. 21.7.32. Gaz. Pal.1932.2 -833.
[143]– Cass. Comp. Comm. Sup. 10/4/1930. D. h. 1930. 398.
[144]– Grimaud et Givord :Manuel des baux d’habitation et à usage professionnel. Paris. Librairie Dalloz.1949. N° 148.
[145]– أنظر في ذلك:
– كامل محمد بدوي، المرجع السابق، ص. 104، فقرة 120.
– فاضل حبشي، المرجع السابق، ص. 492. وهو يرى بأن تقييد حق المؤجر في الاختيار سيؤدي إلى إطالة أمد النزاع لأنه من المحتمل أن يتمسك به كل مستأجر توجه إليه دعوى الإخلاء.
[146]– قرار المجلس الأعلى، عدد 445 بتاريخ 28/6/1982، قضاء المجلس الأعلى، ع. 32، ص. 75.
– قرار المجلس الأعلى، عدد 1479، بتاريخ 5/10/1983، قضاء المجلس الأعلى 33/34، ص. 35.
[147]– أنظر قرار المجلس الأعلى، عدد 183 بتاريخ 8/3/1984، ملف مدني، عدد 97963، غير منشور.
[148]– وهذه هي المعايير التي أخذ بها المشرع الجزائري حيث ورد في المادة 536 من القانون المدني ما يلي: ويجب على المالك في حالة تعدد المحلات المستأجرة المشغولة في مبنى واحد، المتعادلة على نحو ظاهرن والقابلة للاستعادة أن يستعمل حقه في استعادة المكان المشغول بأقل عدد من السكان، وفي حالة تساوي عدد الشاغلين للمحلات، يجب على المالك أن يستعمل حقه في الاستعادة على المحل المشغول من طرق المكتري أو الشغل الأقل أقدمية”.
وفي هذا الاتجاه نفسه كان تعديل إحدى الفرق البرلمانية في مجلس النواب عند مناقشة مشروع الفصل الرابع عشر من ظهير 25 دجنبر 1980 يجري على الشكل الآتي: “حيادا على أحكام انقضاء الكراء كما هي محددة في قانون الالتزامات والعقود، فإنه لا يمكن الإعلام عن صحة أي مطالبة بإفراغ المكتري من المحلات المعدة للسكنى إلا إذا كان السبب هو واحد أو أكثر من الأسباب الآتية:
أولا: إذا كان السبب المبرر للطلب هو احتياج المالك واستعمال من أجل أن يسكن فيه بنفسه، أو يسكن فيه أحد أبنائه أو والديه، ويجب على المالك أن يثبت في هذه الحالة بأنه لا يتوفر لا هو ولا أبناؤه أو والده على أي ملك آخر معد للسكنى غير المحل المكرى، وفي حالة تملك الطالب للمحلات المكراة هي الأخرى فإن الطلب لا يمكن أو يوجه إلا ضد المكتري الذي له تحملات عائلية أقل من الآخرين”.
مداولات مجلس النواب، دورة أبريل 1980، المرجع السابق، ص. 530.
[149]– قرار محكمة النقض عدد 97/2 بتاريخ 06/02/2018. ملف مدني عدد 6823/1/2/2015. غير منشور. وقد ورد فيه أن: “صدور قرار سابق بعدم قبول طلب الإفراغ للاحتياج لعدم ثبوت هذا العنصر، لا يحول دون إعادة نفس الطلب إذا ما استجدت وقائع وظروف تثبته…”
[150]– قرار المجلس الأعلى، عدد 2424/10، مجموعة قرارات المجلس الأعلى. الغرفة المدنية. الجزء التاسع. ص. 177
[151]– قرار المجلس الأعلى، عدد 447، بتاريخ 21 مارس 1984، ملف مدني 94929، غير منشور.
[152]– أنظر:
– كامل محمد بدوي، المرجع السابق، ص. 101.
– السنهوري، ج. 6، م. 2، فقرة 677، ص. 1173.
[153]– راجع مع ذلك رأيا مخالفا:
– الخدري الكبير، المرجع السابق، ص. 216. وهو في الحقيقة دعوة إلى تعديل النص القانوني بجعل الحكم بالإفراغ عند توفر شروط الاحتياج لازما ومتعينا.