موقف المحافظ العقاري من تقييد الأحكام والأوامر القضائية.
موقف المحافظ العقاري من تقييد الأحكام والأوامر القضائية
د. حسـن فتـوخ
مستشار بمحكمة النقض
رئيس قسم التوثيق والدراسات والبحث العلمي
تقديـم:
إذا كان القضاء هو ملاذ الناس في تأمين حقوقهم، وملاذ المظلومين في رفع الظلم عنهم، فإن هذه الصلة المتصلة بين الجمهور والقضاء، وهذا الأمل في الوصول إلى الحق عن طريق القضاء، وهذه الثقة التامة في توزيع العدل بين الناس، وضع القضاء موضوع المهابة والقدسية والجلال، وجعل بابه مفتوحا للجميع يلجه كل راغب في التماس الحق مهما كان مركزه[1].
غير أن ما يتوخاه المتقاضي من دعواه، ليس فقط صدور حكم لمصلحته، وإنما ترجمة منطوقه على أرض الواقع، أي عن طريق تنفيذه دون أدنى نكول من جانب المحكوم عليه، سواء كان خصم هذا المتقاضي شخص من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص[2].
ذلك أن مشكل التنفيذ يعتبر من أبرز المشاكل الخاصة بالأحكام الصادرة عن القضاء، ويدق الأمر حينما يرفض المحافظ العقاري تنفيذ الأحكام القضائية النهائية باعتباره سلطة إدارية وبمبررات مختلفة، الشيء الذي يحملنا على التساؤل حول مدى أحقية المحافظ العقاري في رفض تقييد الأحكام القضائية عملا بالصلاحية المخولة له وفقا للفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري، وبحجة واجبه في التحقق والتدقيق من أن الوثائق المدلى بها تجيز التقييد (الفصل 74) من ظهير التحفيظ العقاري، أو تسمح بالتشطيب (الفصل 94) من ظهير التحفيظ العقاري.
ولعل الجواب عن هذا التساؤل يقتضي تقسيم هذا الموضوع إلى مطلبين على الشكل التالي:
المطلب الأول: رفض المحافظ تقييد الأحكام النهائية
المطلب الثاني: موقف المحافظ من الأوامر برفع الحجز والإنذار العقاري.
المطلب الأول:رفض المحافظ تقييد الأحكام القضائية النهائية
إذا كان الأصل في الالتزامات أنها تقوم صحيحة وتنتج جميع الآثار المقررة لها قانونا بمجرد التراضي دون حاجة لإفراغها في شكل معين أو تقييدها، وذلك متى كان لها محلا مشروعا وغير مستحيل، وسبب مشروع كذلك (الفصل 65 من ق.ل.ع)، فإن هذه القاعدة تجد أهم استثناء لها في العقارات المحفظة، على اعتبار أن النظام القانوني الخاص المطبق بشأنها يوجب تقييد الحقوق العينية الواردة على العقارات المحفظة في الرسم العقاري، تحت طائلة عدم إنتاج آثاره القانونية لا بالنسبة لأطرافها فقط، ولكن بالنسبة للغير كذلك (الفصلين 66 و67 من ظهير التحفيظ العقاري).
وهكذا فإن مقتضيات الفصل 65 من ظهير التحفيظ العقاري توجب أن تشهر بواسطة التقييد في الرسم العقاري جميع الأعمال والاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض، وجميع المحاضر المتعلقة بالحجز العقاري، وجميع الأحكام التي تكتسب قوة الشيء المقضي به، متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عقاري أو نقله إلى الغير أو إقراره أو تغييره أو إسقاطه.
ونظرا لضرورة التقيد بالمبدأ القانوني أعلاه، فإنه يتعين علينا الإشارة إلى وجوب تقييد الحكم القضائي لإنشاء أثره العيني، ثم نتناول عدم تقييد المحافظ العقاري للحكم القضائي النهائي، وذلك من خلال تقسيمنا لهذا المطلب إلى فقرتين على الشكل التالي:
الفقرة الأولى: إلزامية تقييد الحكم النهائي بالرسم العقاري.
الفقرة الثانية : امتناع المحافظ عن تنفيذ الأحكام القضائية النهائية.
الفقرة الأولى:إلزامية تقييد الحكم النهائي بالرسم العقاري
لا شك أن المشرع المغربي قد حدد حصرا الحقوق الخاضعة للتقييد بالرسم العقاري، ولم يترك مجالا لأي كان لتقدير هذه الحقوق، وهذا ما عبر عنه الأستاذ بول دوكرو بقوله: “يجب على المحافظ أن يقيد ما يجب عليه قيده”.
وغني عن البيان أن الحكم القضائي وعند صيرورته نهائيا يعتبر عنوانا للحقيقة بالنسبة للنزاع الذي تم الفصل فيه، ومن ثم فإن المحافظ يكون ملزما بتنفيذ الأحكام القضائية عن طريق التقييد في إطار السلطة المخولة له قانونا حسب توجه محكمة النقض[3] الثابت في أحد قراراتها كما يلي:
“لما كان المحافظ جهة إدارية لتنفيذ الأحكام القضائية بالرسوم العقارية فإن تقييده لعقد البيع بناء على ما تضمنه منطوق حكم قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، يكون معه قراره بالتقييد قد تم في إطار سلطته المخولة له قانونا ما دامت المحكمة قد تأكدت من عدم تغييره لما تضمنه الحكم موضوع التقييد أو تعديله أو الزيادة فيه”.
كما أن تنفيذ المحافظ لمنطوق الحكم القضائي[4]يمنعه من مناقشة مضمونه وحيثياته[5]، اعتبارا لمبدأ الفصل بين السلطات الإدارية والقضائية الذي كرسه صراحة منشور المحافظ العام[6]بقوله أنه: “لا يسوغ لمحافظ الملكية العقارية بأي شكل من الأشكال التحقق من صحة الأحكام القضائية بالنسبة للجوهر، لكن عليه أن يقتصر في تدقيقه على توافر الصفة النهائية والتنفيذية للحكم من عدمه، بل إن المحافظ، وإذا اتضح له في متن الحكم وجود غلط مادي، وبعد القيام بتقييد الحكم عند الاقتضاء يجب عليه إخطار المعنيين بهذا الخطأ ودعوتهم لمراجعة الجهة القضائية المصدرة للحكم بقصد تصحيح ذلك الخطأ المادي”.
وبناء على ذلك، فإن واجب المحافظ العقاري في التحقق من الأحكام القضائية قبل تقييدها بالرسم العقاري، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتجاوز النطاق المحدد له في المنشور أعلاه، ويخول لنفسه – باعتباره سلطة إدارية – صلاحيات لم يمنحه إياه القانون كأن يطعن في أسباب الحكم وحيثياته ويمتنع عن تنفيذ منطوقه بسبب العيب الذي تراءى له حسب تقديره الشخصي، فإن ذلك من شأنه أن يجعل قراره بالرفض متسما ومشوبا بالشطط في استعمال السلطة ومعرضا بالتالي لرقابة القضاء الإداري[7].
وهذا ما أكدته الغرفة الإدارية بمحكمة النقض[8] معتبرة أن تبليغ الأحكام القضائية إلى المحافظ على الأملاك العقارية يكون بقصد تنفيذه، وأن امتناعه عن تقييد تلك الأحكام في الرسم العقاري، يعتبر تجريدا للمحكوم لهم من حقهم العيني، وبالتالي خطأ مصلحيا للمحافظ العقاري يتصل بممارسة وظيفته الإدارية، تسأل عنه الوكالة ويعطي للمتضررين الحق في طلب التعويض عن الضرر الذي أحدثه لهم.
الفقرة الثانية:امتناع المحافظ عن تنفيذ الأحكام القضائية النهائية
جدير بالذكر، أن محكمة النقض[9] أكدت في أحد قراراتها اختصاص المحاكم نوعيا بالنظر في الطعون الرامية إلى إلغاء قرار المحافظ على الأملاك العقارية القاضي برفض تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، ما دام الأمر يتعلق بقرار إداري صادر عن المحافظ باعتباره سلطة إدارية مكلفة بتنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري.
وبصفة عامة وفي غير الحالات المبررة بوجود صعوبة في التنفيذ مقررة ومثبتة وفقا لما ينص عليه القانون، فإن محكمة النقض[10] اعتبرت في أحد قراراتها أن: “امتناع المحافظ العقاري عن تنفيذ حكم قضائي مستجمع للشروط الواجبة لذلك يعتبر تجاوزا في استعمال السلطة وخرقا للقوانين الأساسية وللتنظيم القضائي ومسا صريحا بحجية الأحكام القضائية وبالقانون”.
ومن جهة أخرى، فإن نفس المحكمة[11] ذهبت إلى عدم الاعتداد بالنعي على الحكم القطعي المطعون فيه بخرق المادة 13 من القانون رقم 90/41 بإحداث محاكم إدارية التي توجب البت في الدفع بعدم الاختصاص النوعي بحكم مستقل، ما دام قد تحقق القصد من هذا المقتضى بإصدار المحكمة الإدارية حكما صرحت فيه باختصاصها نوعيا وقضت في نفس الوقت في الجوهر، بإلغاء قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض تنفيذ حكم قضائي بتسجيل البيع النهائي بالرسم العقاري بدعوى عدم كفاية الرسوم باعتباره قرارا إداريا قابلا للطعن فيه بالإلغاء أمام القضاء الإداري.
وفي نفس السياق، فإن المشرع وضع حدا للجدل الذي كان قائما حول تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة بشأن العقارات المحفظة، وذلك من خلال تحقيق الانسجام بين الفصل الأول من قانون 07/14 والفصل 361 من ق.م. م.
لذلك فإن الحديث عن مفهوم “قضايا التحفيظ العقاري” الوارد في الفص 361 من ق.م.م، يحيلنا لزاما على مقتضيات الفصل الأول من قانون 07/14 الذي ينص على ما يلي:
“يرمي التحفيظ إلى جعل العقار المحفظ خاضعا للنظام المقرر في هذا القانون من غير أن يكون في الإمكان إخراجه منه فيما بعد ويقصد منه:
– تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به.
– تقييد كل التصرفات والوقائع الرامية إلى تأسيس أو نقل أو تغيير أو إقرار أو إسقاط الحقوق العينية أو التحملات المتعلقة بالملك، في الرسم العقاري المؤسس له”.
وبهذا التعديل التشريعي يكون المشرع قد أعطى تفسيرا تشريعيا لمفهوم قضايا التحفيظ العقاري من خلال مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري، معتمدا في ذلك المفهوم الواسع لعبارة قضايا التحفيظ العقاري لتشمل جميع المنازعات الناشئة أثناء سريان مسطرة التحفيظ وحتى تلك الناشئة بعد تأسيس الرسم العقاري. أي أن الأحكام الصادرة في هذا النوع من المنازعات المتعلق بالعقارات في طور التحفيظ والعقارات المحفظة لا تعرف طريقها للتنفيذ إلا بعد اكتسابها لقوة الشيء المقضي به. ومن ثمة فإن المحافظ العقاري من حقه المطالبة بشهادة عدم الطعن بالاستئناف أو عدم الطعن بالنقض باعتبارهما الطريقين الوحيدين للطعن في قضايا التحفيظ العقاري عملا بنص الفصل 109 من قانون 07/14، أو تكليف طالب التقييد بما يفيد استنفاد طرق الطعن المذكورة.
ويدق الإشكال في الحالة التي يدلى للمحافظ بالحكم القضائي المطلوب تقييده وبشهادة بعدم الطعن بالاستئناف أو بشهادة بعدم الطعن بالنقض حسب الأحوال، ثم يبلغ المحافظ بمقال الاستئناف أو بعريضة النقض قبل إجراءه لعملية التقييد. فهل يواصل المحافظ تحت مسؤوليته تقييد الحكم القضائي؟ أم أن من حقه التمسك بالأثر الموقف للتنفيذ من خلال الطعن بالاستئناف أو الطعن بالنقض؟
نعتقد أن تبليغ المحافظ قبل عملية التقييد بالمقال الاستئنافي أو بعريضة النقض يمنعه من مواصلة إجراءات التقييد، بدليل أنه غير مختص في تقدير نتيجة الطعن والقول بأنه بوشر خارج الأجل القانوني، لأن الجهة المؤهلة قانونا لمراقبة نظامية مقال الطعن والبت في المنازعة في صحة تبليغ الحكم المطعون فيه[12] هي المحكمة المعروض عليها المقال الاستئنافي أو عريضة النقض. ومن ثم فإن المحافظ ملزم بانتظار نتيجة الطعن الذي تم تبليغه به حتى يمكن أن يقرر الإجراء المناسب بشأن طلب تقييد الحكم المودع لديه، على اعتبار أن الطعن بالاستئناف والنقض يوقفان معا التنفيذ بمجرد وضعهما بكتابة ضبط المحكمة سواء تلك المصدرة للحكم أو القرار، أو المحكمة غير المصدرة للحكم أو القرار، مع ضرورة تسجيل مقال الطعن أمام كتابة ضبط المحكمة غير المصدرة للحكم المطعون فيه داخل أجل الطعن المنصوص عليه قانونا تحت طائلة عدم القبول حسبما أكده قرار لمحكمة النقض[13] جاء فيه ما يلي:
“بحسب صريح مقتضيات الفصل 141 من قانون المسطرة المدنية، فإن مقال الطعن بالاستئناف يودع بكتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه، غير أنه إذا اختار الطاعن أداء الرسوم القضائية عن مقاله الاستئنافي أمام محكمة غير المحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه فإنه يتعين أن يسجل هذا المقال أمام كتابة ضبط هذه المحكمة الأخيرة داخل أجل الطعن المنصوص عليه قانونا تحت طائلة عدم القبول”.
ومن جهة أخرى يطرح التساؤل حول أثر الحكم القاضي بالإشهاد على التنازل عن الدعوى التي وقع تقييد مقالها احتياطيا، ومدى اعتباره نهائيا بمجرد النطق به، أم يجب تبليغه للأطراف المعنية به وعدم الطعن فيه داخل الأجل القانوني؟
بالرجوع إلى الفصل 121من ق.م.م نجده ينص على أن المحكمةتسجل علىالأطرافاتفاقهمعلىالتنازل[14]،ولايقبلذلكأيطعن. وأن جميع الأحكام الصادرة بشأن قضايا التحفيظ العقاري حسبما أشير إليه أعلاه لا تقيد من طرف المحافظ إلا بعد صيرورتها مكتسبة لقوة الشيء المقضي به. فكيف يمكن التوفيق بين النصوص الإجرائية العامة الواردة بقانون المسطرة المدنية والنصوص الإجرائية الخاصة الواردة بقانون التحفيظ العقاري؟
وجوابا على ذلك، فإن العمل القضائي[15] اعتبر أن الحكم بالإشهاد على تنازل المدعي عن دعواه لا يقبل أي طعن بمقتضى الفقرة الأولى من الفصل 121 من ق.م.م من جهة، ولا يمكن سلوك إجراءات التبليغ والتنفيذ بشأنه طالما أن منطوقه غير قابل للتنفيذ في حد ذاته من جهة أخرى، على اعتبار أن الغاية من إجراء التبليغ إما ان يكون من أجل الطعن في الحكم موضوع التبليغ، وإما من أجل التنفيذ وفقا لمقتضيات الفصول 428 وما يليه من ق.م.م.وأن تنازل المدعين عن الدعوى يضع حدا لمفعول التقييد الاحتياطي دون حاجة إلى تبليغ الحكم القاضي بالإشهاد على التنازل عملا بالوصف النهائي الذي أضفاه المشرع المغربي على هذا النوع من الأحكام.
المطلب الثاني:موقف المحافظ من الأوامربرفع الحجز والإنذار العقاري
لا تقتصر إشكالية عدم التنفيذ من قبل المحافظ العقاري على الأحكام القضائية النهائية فقط، وإنما تشمل حتى الأوامر القضائية سواء منها الصادرة في إطار الفصل 149 من ق.م.م، أو 218 من مدونة الحقوق العينية، أو تلك الصادرة في إطار الفصل 148 من ق.م.م. لذلك، فإن تناول موضوع هذا المطلب يقتضي منا تقسيمه إلى فقرتين على الشكل التالي:
الفقرة الأولى: موقف المحافظ من الأوامر برفع الحجز العقاري.
الفقرة الثانية: موقف المحافظ من الإنذار العقاري.
الفقرة الأولى:موقف المحافظ من الأوامر برفع الحجز العقاري
إن المسألة التي تطرح عدة إشكالات عملية على مستوى المحافظات العقارية هي تلك الأوامر الاستعجالية المتعلقة برفع الحجز التحفظي المقيد بالرسم العقاري، ذلك أن التساؤل يثار حول مدى اعتبار الطعن بالنقض ضد قرار استعجالي برفع الحجز موقفا للتنفيذ طبقا للفصل 361 من ق.م.م؟ أم أن أثر إيقاف التنفيذ لا يترتب سوى عن الطعن بالنقض في القرارات والأحكام الفاصلة في الموضوع؟ أو بعبارة أخرى، هل يمكن للمحافظ العقاري التشطيب على الحجز التحفظي بمقتضى قرار استعجالي برفع الحجز دون أن يرفق بشهادة عدم الطعن؟[16].
وجوابا على ذلك، نشير إلى أنه إذا كان القضاء الاستعجالي مسطرة مختصرة تمكن الأطراف في حالة الاستعجال من الحصول على قرار قضائي في أقرب وقت ممكن، ويكون معجل التنفيذ في القضايا التي لا يسمح البت فيها دون أن تسبب ضررا محققا فإن الأوامر الاستعجالية الصادرة عن رئيس المحكمة الابتدائية الرامية إلى رفع الحجز التحفظي تكتسي طابعا خاصا بشأن التعامل معها من قبل السادة المحافظين العقاريين.
ذلك أن الأوامر الاستعجالية الصادرة في الفصل 149 من ق.م.م تكون مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون رغم الطعن فيها بالاستئناف طبقا للفصل 153من قانون المسطرة المدنية، بل إنه لا يمكن إيقاف تنفيذها من طرف غرفة المشورة حسب مقتضيات الفصل 147 من ق.م.م.
كما أن الأوامر الاستعجالية الصادرة عن رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات طبقا للفصل 87 من قانون 07/14 والمادة 218 من مدونة الحقوق العينية والقاضية برفع الحجز التحفظي تكون نهائية ونافذة على الفور.
غير أن نطاق تطبيق المادة 218 أعلاه يطرح أكثر من إشكال حول مدى تعلقها بإجراءات الحجز التنفيذي الناتج عن إنذار عقاري، أم أنها تمتد حتى إلى التراخي في مواصلة إجراءات الحجوز التحفظية التي ترد على العقار المحفظ؟
هناك خلاف فقهي حول هذه المسألة بين اتجاه يتمسك بأن مجال تطبيق الفصل المذكور هو إجراءات الحجز التنفيذي على العقار المحفظ، وآخر يحاول حصره في مجال الحجوز التحفظية الواقعة على العقارات المحفظة والمقيدة بالرسم العقاري[17].
غير أن محكمة النقض سبق لها أن وضعت حدا لهذا الخلاف في إطار القانون القديم، معتبرة في أحد قراراتها[18]: “أن مجال تطبيق مقتضيات الفصل 208 من ظهير 2 يونيو 1915 التي حلت محله المادة 218 من مدونة الحقوق العينية هو الرهون الرسمية”.
كما أن نفس المحكمة أتيحت لها فرصة تأكيد نفس التوجه بعد صدور مدونة الحقوق العينية وكذا قانون 07/14 المتعلق بالتحفيظ العقاري من خلال أحد قراراتها المؤرخ في 02/04/2015 والذي جاء فيه:
“لما كان الإنذار بحجز عقاري أو الحجز العقاري المتعلق بالتقييدات الواجب تسجيلها بالرسم العقاري يمكن التشطيب عليها بأمر نهائي ونافذ فور صدوره في إطار الفصل 87 من ظهير التحفيظ العقاري، فإن هذا المقتضى لا علاقة له بالحجز المتخذ على أساس حق شخصي استنادا لقواعد قانون المسطرة المدنية، والذي يمكن طلب رفعه لدى الجهة التي أمرت به، ويكون الأمر الصادر بالاستجابة له قابلا للاستئناف استنادا للقواعد المسطرية الجاري بها العمل أمام محاكم أول درجة[19]”.
وترتيبا على ذلك، يمكن القول إن مقتضيات الفصل أعلاه تطبق على مسطرة تحقيق الرهن وسلوك الدائن المرتهن إجراءات التنفيذ الجبري على العقار المرهون عن طريق البيع بالمزاد العلني، إذ يحق بالمقابل للمدين الراهن في حالة التراخي في مواصلة الإجراءات استصدار أمر استعجالي برفع الحجز التنفيذي. أما رفع باقي الحجوز التي تتخذ في الحالات الأخرى كإجراء تحفظي في انتظار الحصول على السند التنفيذي ضد المدين فإنها تتم طبقا لمقتضيات الفصل 149 من ق.م.م كلما توافرت الشروط العامة لاختصاص القضاء الاستعجالي.
الفقرة الثانية:موقف المحافظ من الإنذار العقاري
إن سلوك مسطرة الإنذار العقاري من قبل الدائن المرتهن تتم بمقتضى طلب يرمي إلى تبليغ إنذار عقاري في إطار المادة 214 وما يليها من مدونة الحقوق العينية يكون مرفوقا بأصل شهادة التقييد الخاصة وبنسخة من عقد الرهن، وتبلغ نسخة الإنذار العقاري إلى كل من المدين الراهن والمحافظ على الأملاك العقارية لموقع العقار.
وهنا يطرح الإشكال حول مدى صلاحية هذا الأخير في رفض تقييد الأمر القضائي بتبليغ إنذار عقاري بالصك العقاري من جهة، وما هي الجهة القضائية المختصة للنظر في الطعن في قرار المحافظ برفض التقييد من جهة أخرى؟
ولعل الجواب عن هذا التساؤل قد ورد في حكم للمحكمة الإدارية بمراكش، ويتعلق الأمر بأن مؤسسة القرض العقاري والسياحي منحت قرضا لأحد المدينين من أجل بناء مسكن خاص به مقابل رهن عقاري على ملكه المحفظ كضمان لتسديد الدين، غير أن المدين المذكور أخل بالتزاماته، فاستصدرت أمرا بتوجيه إنذار عقاري بلغ إلى المحافظ قصد تقييده بالرسم العقاري المرهون لفائدتها، إلا أنه رفض التقييد بعلة أن الملك مثقل بحجز تنفيذي لفائدة البنك الشعبي بمراكش، فطعنت في القرار المذكور بالإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة لكون العقار من جهة مرهون لفائدتها رهنا حيازيا، في حين أن الحجز الواقع على نفس العقار لفائدة البنك الشعبي يأتي في المرتبة الثالثة مما يجعلها تتمتع بحق الأسبقية والأولوية على جميع الدائنين، ومن جهة أخرى فإنه جاء خارقا لمقتضيات الفصل 61 من المرسوم الملكي المؤرخ في 17 دجنبر 1968. وتمسك المحافظ في معرض جوابه أن وضعية الرسم العقاري يجب أن تظل على حالها طبقا للفصل 87 من ظهير التحفيظ العقاري، إلى حين تحريكها بسعي من العون المكلف بالتنفيذ طبقا لمقتضيات الفقرة 3 من الفصل 470 من ق.م.م موضحا أنه يمكن لطالب التقييد أن يطعن في قرار الرفض طبقا لمقتضيات الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري، فقضت المحكمة الإدارية برفض الطلب[20].
غير أن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض قضت بالتصريح بعدم اختصاص المحكمة الإدارية للبت في الطلب، على اعتبار أن جوهر النزاع – وعلى فرض أن هناك قرارا صادرا عن المحافظ برفض تقييد الإنذار العقاري المشار إليه – هو معرفة هل القرار المذكور يخضع للطعن فيه طبقا لمقتضيات الفصل 96 من ظ 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري أم أن الأمر يتعلق بقرار صادر عن سلطة إدارية قابل للطعن بالإلغاء ما دامت الحالات التي تندرج في إطار الفصل 96 المشار إليه محددة على سبيل الاستثناء خصوصا وإن طلب تقييد الإنذار العقاري بني أساسا على الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش الذي يأمر المحافظ بهذا التقييد[21].
وقد أضاف نفس القرار موضحا أنه وعلى الرغم من كون موضوع طلب التقييد على الرسم العقاري هو الإنذار العقاري المشار إليه، إلا أن هذا التقييد يرتبط بوجود حق عيني وبحق الأولوية أو الأسبقية التي تبرر هذا التقييد مما يعني أن مناقشة الأسباب والعلل التي تدرع بها المحافظ تتوقف على تحديد نوعية الحق الذي تتوفر عليه المستأنفة مقارنة بالحق الذي يتوفر عليه البنك الشعبي الذي سجل الإنذار العقاري لفائدته، فضلا عن كون تقييد الإنذار العقاري المطلوب يتوقف على التشطيب على الإنذار العقاري المسجل لفائدة البنك الشعبي، مما يستخلص معه أن هناك دعوى موازية أمام القضاء العادي للبت في الطلب في إطار الفصل 96 من ظهير التحفيظ العقاري المشار إليه.
ومع ذلك، يمكن القول إن ازدواجية الاختصاص من حيث الجهة القضائية تطرح مسألة الأمن القضائي، في غياب تدخل تشريعي واضح، أو توحيد للعمل القضائي من طرف محكمة النقض بشأن الاختصاص النوعي لكل من محكمة التحفيظ والمحكمة الإدارية، بدليل أن مسألة الطعن في القرارات الوزارية المشتركة المتعلقة باسترجاع أراضي الدولة من الأجانب في إطار ظهير 2 مارس 1973 لا زالت تبت فيها المحاكم العادية، بالرغم من عدم اختصاصها نوعيا حسب قرار لمحكمة النقض الذي اعتبرت من خلاله أن: “القرارات الوزارية المشتركة المتعلقة باسترجاع أراضي الدولة من الأجانب في إطار ظهير 2 مارس 1973 لا يمكن الطعن فيها أو المجادلة في شرعيتها أمام محكمة التحفيظ لكون تقدير شرعية القرار الإداري من عدمها تختص به المحاكم الإدارية وحدها إما في إطار دعوى الإلغاء إن كان أجل الطعن مفتوحا، وإما في إطار دعوى التعويض”[22].
الهوامش:
[1] – راجع:
– عبد الرزاق شبيب (محام عراقي): “المحاماة” – منشور بمجلة المحامي عدد 13-14 السنة الثامنة – 1988 – صفحة 14 و15.
– محمد الادريسي العلمي مشيشي: “القضاء والتنمية” – منشور بالعدد الخاص بعمل محكمة النقض والتحولات الاقتصادية والاجتماعية – (أشغال الندوة تخليدا للذكرى الأربعين لتأسيس محكمة النقض) – الرباط 1999 – مطبعة الأمنية الرباط – ص 503.
– محمد سعيد بناني: “عولمة الاقتصاد ودور الاجتهاد القضائي في التنمية القضائية” – منشور بالعدد الخاص بعمل محكمة النقض والتحولات الاقتصادية والاجتماعية(أشغال الندوة تخليدا للذكرى الأربعين لتأسيس محكمة النقض) – الرباط 1999 – طبعة الأمنية الرباط – ص 509.
– حسن فتوخ: “الالتزام الدستوري للسلطة القضائية بتحقيق الأمن القضائي” – موضوع مشاركة في ندوة بمدينة روما (إيطاليا) – أيام 12-16 ماي 2014.
[2]- ابراهيم زعيم: “الإدارة وتنفيذ أحكام القضاء” – المحاكم الإدارية والقانون الإداري – منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ص 70.
[3]- القرار عدد 21 الصادر بتاريخ 21 يناير 2014 في الملف المدني عدد 1879/1/8/2013 منشور بمجلة قضاء محكمة النقض العدد 77 – سنة 2014.
[4] – غير أن محكمة النقض سبق لها أن أكدت على أنه:
“ليس من صلاحية المحكمة الأمر بتسجيل المحافظ بتسجيل البيع الذي حكمت بصحته، لأن التقييد في الرسم العقاري يخضع لسلطة المحافظ وحده في قبوله أو رفضه، مع قابلية قراره في حالة الرفض للطعن فيه أمام المحكمة الابتدائية”.
– قرار عدد 47 ملف مدني غرفة أولى – محكمة النقض بتاريخ 18 يناير 1978 – منشور بالمجلة المغربية للقانون والسياسة والاقتصاد – عدد 4 – سنة يونيو 1978. (منشور كذلك بسلسلة القضاء العقاري – أحكام وقرارات – الجزء 1 – ص 8).
[5] – نشير إلى أنه فيما يتعلق بالأحكام الصادرة عن القضاء الأجنبي لا يمكن تقييدها من طرف المحافظ إلا بعد صدور حكم قضائي بتذييلها بالصيغة التنفيذية عملا بمقتضيات الفصول 430 وما يليها إلى 432 من ق.م.م.
وجدير بالذكر أن محكمة النقض اعتبرت في احد قراراتها ما يلي:
“بمقتضى الفقرة الأخيرة من المادة 431 كما تممت بمقتضى القانون رقم 33.11 فإنه يكون الحكم القاضي بمنح الصيغة التنفيذية في قضايا انحلال ميثاق الزوجية غير قابل للطعن ماعدا من لدن النيابة العامة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتذييل الحكم الأجنبي بالصيغة التنفيذية، فإن الطعن فيه من غير النيابة العامة يجعل الطعن المقدم من طرف الطالبة غير مقبول”.
القرار عدد 34 الصادر بتاريخ 27 يناير 2015 في الملف الشرعي عدد 423/2/1/2014 منشور بمجلة محكمة النقض – العدد 79 – سنة 2015.
[6] – منشور المحافظ العام المؤرخ في 26 فبراير 1983 رقم 286.
[7]- جاء في أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 25/05/2010 الصادر بشأن كتاب السيد المحافظ المؤرخ في 11/05/2010 المنجز بشأن الملف التنفيذي عدد 4.978/09 والذي جاء فيه ما يلي:
“… حيث إن موضوع الطلب يهدف إلى إثارة صعوبة في التنفيذ بناء على كتاب السيد المحافظ على الأملاك العقارية والرهون بمراكش المنارة، مفادها أن هناك صعوبة تعترض تنفيذ مقتضيات الحكم الابتدائي الصادر في الملفين المضمومين عدد 1808/1/2001 و 196/1/2003 معتبرا أن المؤسسة المرتهنة (مصرف المغرب) لم تكن طرفا في الحكم المراد تنفيذه.
وحيث يستفاد من كتاب السيد المحافظ المؤرخ في 11/05/2010 المنجز بشأن الملف التنفيذي عدد 4.978/09 أن المؤسسة المرتهنة مصرف المغرب المقيد لفائدتها الرهن المطلوب التشطيب عليها لم تكن طرفا في الحكم المراد تنفيذه، وهو ما يثير إشكالا في تنفيذ الحكم المذكور خاصة أن مقتضيات الفصل 91 من ظهير التحفيظ العقاري تنص على ان التشطيب يكون بناء على عقد أو حكم قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به يثبت انعدام أو انقضاء الواقع أو الحق الذي يتعلق به التضمين المطلوب التشطيب عليه. وهذا يستلزم أن يكون مؤكدا من ناحية الموضوع أو من ناحية الجانب الشخصي في الخصومة الصادرة في إطارها الأحكام. وأن ذلك يبقى غير مؤكد خاصة وأن المؤسسة المرتهنة بإمكانها سلوك مسطرة تعرض الغير الخارج عن الخصومة.
وحيث إن منطوق الحكم الابتدائي الصادر في الملفين المضمومين أعلاه والمؤيد استئنافيا وصيرورته سندا قابلا للتنفيذ، قضى بما يلي: – بإبطال التسجيل الخاص بعقد البيع المنجز لفائدة المدعى عليها الأولى شركة ا.ك.س من طرف المدعى عليها الثانية المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء، وبالتشطيب عليه من الصك العقاري عدد 55896/04، وبالتشطيب على الرهن الرسمي من الرتبة الأولى المقيد على نفس الرسم العقاري المذكور أعلاه بتاريخ 6/2/2002 – سجل 197 عدد 2006) والمنجز لفائدة مصرف المغرب، والحكم على المدعى عليها الثانية المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء بإتمام إجراءات البيع المنجزة لفائدة المدعي بخصوص القطعة الأرضية رقم 104 الكائنة بالحي الصناعي سيدي غانم موضوع الصك العقاري عدد 55896/04 وذلك بتسوية وضعيتها القانونية وتسجيل عقد البيع المذكور بهذا الرسم العقاري تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ، وفي حالة امتناعها اعتبار هذا الحكم بمثابة سند للبيع قابل للتسجيل بالصك العقاري عدد 55896/04 مع أمر المحافظ العقاري بتسجيله بعد إنجاز التشطيبات المذكورة أعلاه.
وحيث إن مقتضيات الفصل 65 من ظهير 12 غشت 1913 توجب أن تشهر بواسطة التسجيل في السجل العقاري جميع الأعمال والاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض، وجميع المحاضر المتعلقة بالحجز العقاري، وجميع الأحكام التي تكتسب قوة الشيء المقضي به، متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عقاري أو نقله إلى الغير أو إقراره أو تغييره أو إسقاطه.
وحيث معنى ذلك أن المشرع المغربي قد حدد حصرا الحقوق الخاضعة للتسجيل بالسجل العقاري، ولم يترك مجالا لأي كان لتقدير هذه الحقوق. ذلك أن الحكم القضائي وعند صيرورته نهائيا يعتبر عنوانا للحقيقة بالنسبة للنزاع الذي تم الفصل فيه، ومن ثم فإن المحافظ يكون ملزما بتنفيذ منطوق الحكم القضائي دون مناقشة مضمونه وحيثياته، اعتبارا لمبدأ الفصل بين السلطات الإدارية والقضائية الذي كرسه صراحة منشور السيد المحافظ العام المؤرخ في 26 فبراير 1983 رقم 286 بقوله أنه: “لا يسوغ لمحافظ الملكية العقارية بأي شكل من الأشكال التحقق من صحة الأحكام القضائية بالنسبة للجوهر، لكن عليه أن يقتصر في تدقيقه على توافر الصفة النهائية والتنفيذية للحكم من عدمه …”.
وحيث استنادا لما ذكر، فإن واجب المحافظ العقاري في التحقق من الأحكام القضائية قبل تسجيلها بالرسم العقاري، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتجاوز النطاق المحدد له في المنشور أعلاه، ويخول لنفسه – باعتباره سلطة إدارية – صلاحيات لم يمنحه إياه القانون العقاري، كأن يطعن في أسباب الحكم وحيثياته، ويمتنع عن تنفيذ منطوقه بعلة وجود صعوبة قانونية في الحكم المطلوب تنفيذه، على اعتبار أنه ولئن كان يعتبر غيرا في تنفيذ الأحكام العقارية بالرغم من مشاركته في إجراءات خصومة التنفيذ، إلا أنه غير محق في تقديم الطعون ضد الحكم الفاصل في النزاع بين طرفيه فقط ولم يمس بحقوق المحافظ، طالما أنه أجنبي عن العلاقة القانونية الرابطة بين طرفي الحكم المطلوب تنفيذه. وعليه فإن المحافظ العقاري لا حق له في إحالة الصعوبة المثارة من طرفه على المفوض القضائي ما دام لا يعتبر طرفا من أطراف الدعوى التي تتم بحضوره حتى يمكنه طلب إيقاف تنفيذ حكم لوجود صعوبة في ذلك، فهو ليست له مصلحة شخصية في موضوع الحق المراد اقتضاؤه ولا يعود عليه نفع أو ضرر من جراء التنفيذ، وبالتالي لا صفة له في إثارة الصعوبة في التنفيذ أمام القضاء حسب دورية المحافظ العام عدد 349 بتاريخ 30/08/2005.
وحيث إن هذا التوجه قد كرسته محكمة الاستئناف بالرباط حينما اعتبرت في أحد قراراتها عدد 41 صادر بتاريخ 9 فبراير2005 غير منشور ما يلي: “… ما دام أي أحد من أطراف الحكم المطلوب تنفيذه لم يثر أي صعوبة في التنفيذ، فإنه لا صفة للسيد المحافظ في إثارتها أساسا”.
كما أن المجلس الأعلى أكد بدوره نفس المنحى معتبرا أن: “الصعوبة في التنفيذ وطلب تأجيله أو إيقافه تبعا لذلك لا تثبت إلا لأطراف الحكم المراد تنفيذه لا للغير الخارج عن الخصومة عملا بنسبية الأحكام”. (قرار رقم 615 بتاريخ 6/3/1991 منشور بمؤلف ذ عبد العزيز توفيق – شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي – الجزء الثاني – صفحة 287).
وحيث ترتيبا على ما ذكر، فإن ما أثاره السيد المحافظ في ملف النازلة، ومعه المفوض القضائي، لا يشكل صعوبة أو مانعا من تنفيذ الحكم المطلوب تنفيذه في إطار الملف التنفيذي رقم 4978/09، لأن صيغة منطوق الحكم المذكور واضحة، وصريحة، فيما قضت به المحكمة المصدرة له، وأن الادعاء بعدم كون الدائن المرتهن طرفا في الحكم من شأنه المساس بقوة الشيء المقضي به، من طرف جهة غير مؤهلة تشريعيا لمراقبة الأحكام القضائية، وإنما يتعين على المحافظ إشهار الحكم بالرسم العقاري متى اكتسبت قوة الشيء المقضي به طبقا للفصل 65 أعلاه، وهو ما يجعل الصعوبة المثارة من طرف المفوض القضائي المومإ إليه سلفا غير ذي أساس وتكون بالتالي حرية بصرف النظر عنها والتصريح برفضها عملا بقرار المجلس الأعلى عدد 817 بتاريخ 11/04/1990 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 35 ص 25 الذي اعتبر أن ” الصعوبة في التنفيذ يثيرها الأطراف طبقا للفصل 436 من ق م م، أما عون التنفيذ، فإن مهمته تكون فقط إشعار رئيس المحكمة بوجود الصعوبة، وبذلك فالمواجهة والطعون تكون بين الأطراف وضدهم …”.
[8] – القرار عدد 998 الصادر بتاريخ 29 دجنبر 2011 في الملف الإداري عدد 755/4/1/2011 غير منشور.
[9] – قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 11/09/2014 تحت عدد 932 في الملف الاداري رقم 2032/4/1/2014 جاء فيه ما يلي:
“حيث إن فحوى الطلب في نازلة الحال يهدف الى الغاء قرار المحافظ على الاملاك العقارية القاضي برفض تنفيذ حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، وبذلك فان الأمر يتعلق بقرار إداري صادر عن المحافظ باعتباره سلطة إدارية مكلفة بتنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري تختص بالنظر في النزاع بشأنه نوعيا للمحاكم الادارية طبقا للفصل 8 من القانون رقم 90-41 المحدثة بموجبه محاكم إدارية والمحكمة الادارية لما قضت بعدم اختصاصها نوعيا للبت في الطلب تكون قد جانبت الصواب، ويكون حكمها بالتالي واجب الإلغاء”.
[10] – قرار محكمة النقض عدد 1415 الصادر بتاريخ 04/12/2014 في الملف الاداري رقم 1956/4/1/2013.
[11]- قرار لمحكمة النقض القرار عدد 229 صادر بتاريخ 25 مارس 2010 في الملف عدد 175/4/1/2010 منشور بنشرة قرارات الغرفة الإدارية لمحكمة النقض – العدد 6.
[12]- اعتبرت محكمة النقض بأنه: “لما كانت الغاية من الطعن في التبليغ هي أن يكون الطعن في الحكم داخل أجله، وبذلك فإن الجهة التي يمكنها أن تنظر في مثل هذه الدعوى هي تلك التي تنظر في الاستئناف أو التعرض، ما دام أن تبليغ الأحكام القضائية الصادرة عن قضاء الموضوع في إطار الفصلين 54 و349 من قانون المسطرة المدنية مقرر من أجل انطلاق وحساب آجال الطعون التي نص القانون على إمكانية ممارستها. وعليه فلا مجال لمناقشة عدم صحة تبليغ الحكم إلا من أجل التمسك بكون الطعن فيه لم يكن خارج أجله، أما إذا لم يمارس الطعن في الحكم فلا مصلحة من الطعن في إجراءات تبليغه”.
– قرار عدد 1622 بتاريخ 27/3/2012 ملف عدد 1948/1/2/2011 أشار إليه التقرير السنوي لمحكمة النقض لسنة 2012.
[13] – القرار عدد 2296 الصادر بتاريخ 17 ماي 2011 في الملف المدني عدد 3128/1/1/2009 منشور بمجلة ملفات عقارية لمحكمة النقض – العدد 1.
[14] – جاء في قرار لمحكمة النقض عدد 19 صادر بتاريخ 10 يناير 2012 في الملف المدني عدد 3113/1/7/2010 منشور بمجلة محكمة النقض عدد 76 ما يلي:
“إذا كان المشرع أباح للمدعى عليه أن يبدي اعتراضه على التنازل عن الدعوى لأي سبب كان، فإنه لم يجعل موافقته شرطا لقبول هذا التنازل حيث تبقى للمحكمة سلطة تقدير جدية السبب الذي يتخذه المدعى عليه حجة على اعتراضه”.
[15] – حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش الملف رقم 517/1/07 بتاريخ 10/10/2007 غير منشور ومما جاء فيه:
“… وحيث باطلاع المحكمة على وثائق الملف تبين لها أن موروث المدعين سبق له قيد حياته أن تنازل بمعية المدعين الآخرين عن الدعوى التي كانت قد تروج أمام هذه المحكمة في الملف عدد 46/85 بتاريخ 15/6/1987، فصدر بشأنها حكما قضى بالإشهاد على تنازل المدعين عن دعواهم وتحميلهم الصائر، وأن المدعى عليها قامت بتبليغ الحكم المذكور إلى الأستاذ المحامي (…) بصفته نائبا عن المدعين حسب شهادة التسليم الموجودة بالملف. ومن ثمة فإن الحكم بالإشهاد على تنازل المدعي عن دعواه لا يقبل أي طعن بمقتضى الفقرة الأولى من الفصل 121 من ق.م.م من جهة، ولا يمكن سلوك إجراءات التبليغ والتنفيذ بشأنه طالما أن منطوقه غير قابل للتنفيذ في حد ذاته من جهة أخرى، على اعتبار أن الغاية من إجراء التبليغ إما ان يكون من أجل الطعن في الحكم موضوع التبليغ، وإما من أجل التنفيذ وفقا لمقتضيات الفصول 428 وما يليه من ق.م.م. وعليه فإن التبليغ المطلوب إبطاله في نازلة الحال لم يترتب عنه أي أثر قانوني ما دام التقييد الاحتياطي المبني على مقال الدعوى يدور وجودا وعدما مع مآل هذه الأخيرة، وأن تنازل المدعين عن الدعوى يضع حدا لمفعول التقييد الاحتياطي دون حاجة إلى تبليغ الحكم القاضي بالإشهاد على التنازل عملا بالوصف النهائي الذي أضفاه المشرع المغربي على هذا النوع من الأحكام حسب مقتضيات الفصل 121 أعلاه، الشيء الذي يبقى معه الطلب المذكور غير ذي أساس ويكون بالتالي حريا برفضه …”.
[16] – راجع في هذا الشأن مذكرة المحافظ العام رقم 844 مؤرخة في 23 مارس 1984.
[17] – للاطلاع على هذا الخلاف الفقهي راجع: – محمد اكرام: “م .س” – ص 87.
[18]- قرار عدد 1433 بتاريخ 17يونيو1987. ( ذكره ذ محمد اكرام – ” التنفيذ على الأصل التجاري – الإنذار العقاري ” – ص 87 و88.
[19] – القرار عدد 180 الصادر بتاريخ 02 أبريل 2015 في الملف التجاري عدد 1259/3/1/2013.
[20] – حكم صادر عن المحكمة الإدارية بمراكش بتاريخ 24 مارس 98 في الملف رقم 1/98 (غير منشور).
[21] – قرار صادر عن الغرفة الإدارية بمحكمة النقض بتاريخ 18 ماي 2000 ملف إداري 1027/4/1/99 عدد 795 (غير منشور).
[22] – قرار عدد 3808 الصادر بتاريخ 13 شتنبر 2011 في الملف المدني عدد 2089/1/1/2009 منشور بمجلة ملفات عقارية لمحكمة النقض – العدد 1.