دراسة معمقة حول “أثر إنهاء عقد الشغل على حقوق الأجراء” للدكتورة دنيا مباركة

الأستاذة:دنيا مباركة.
أستاذة التعليم العالي / كلية الحقوق وجدة.
تمهيد :
إن المبدأ العام في عقود الشغل هو ألا يقيد العقد حرية العامل ويجعله ملتزما بتأجير خدماته طوال حياته، وقد نص على هذا المبدأ الفصلين 727 (1) و 728 (2) من ق ل ع .
أضف إلى ذلك أنه من غير المنطقي التحدث عن استقرار اليد العاملة في ظل اقتصاد متطور، تتطور وسائله الفنية والمادية بسرعة وتظهر فيه المشاريع الاقتصادية أو تختفي بسرعة. لذلك فالذي يجب أن يبحث عنه هو أن يكون لكل عامل عمل لا أن يحافظ على نفس العمل إلى ما لا نهاية(3).
وغير خاف ما قد يلحق الطرفين من أضرار اجتماعية واقتصادية نتيجة الإنهاء المفاجئ لعقد الشغل، فلا المشغل يرغب في أن تصبح مؤسسته معطلة عن العمل فجأة ولا العامل يريد هو الآخر أن يجد نفسه يوما ما وبدون إخطار سابق ملقى به في الشارع بدون عمل.
وتفاديا للأضرار السابقة تدخل المشرع ووضع أحكاما خاصة بانتهاء عقد الشغل. وهكذا فالعقد المحدد المدة لا يجوز لأحد المتعاقدين أن ينهيه بإرادته المنفردة قبل انصرام الأجل المتفق عليه أو قبل إنجاز العمل المتفق عليه(1) وإلا خضع من يخالف ذلك لقواعد المسؤولية العقدية التي تلزم بتعويض الطرف الآخر عما أصابه من ضرر نتيجة هذا الإنهاء المبتسر للعقد. أما بالنسبة لعقد العمل غير محدد المدة فإن رب العمل لا يستطيع فصل عامله إلا بعد اتخاذ إجراء شكلي يتمثل في توجيه إخطار إلى الطرف الآخر لمنع مفاجئته وآخر جوهري وموضوعي يتعلق بعدم التعسف في استعمال الحق في الإنهاء، وإلا كان الإنهاء غير مشروع وترتب عليه استحقاق العامل لبعض الحقوق تتمثل خاصة في التعويض النقدي عن الضرر الذي أصابه نتيجة الإنهاء التعسفي للعقد، والتعويض العيني بإعادة العامل إلى عمله في بعض الحالات(2).
وعلى أي فإنهاء عقد الشغل لا يعني اختفاؤه من الوجود، واعتباره كأن لم يكن، بل على العكس من ذلك فإن الإنهاء يرتب آثارا مختلفة تمثل إلى جانب التعويضات السابق ذكرها حقوقا هامة نذكر منها شهادة العمل والتعويض عن الإعفاء من الخدمة في الحالات والشروط المنصوص عليها قانونا.
وعلى العموم، فإن دراستنا للحقوق التي يحق للعامل المطالبة بها بعد إنهاء العقد سوف تقتصر على شهادة العمل (الفصل الأول) والتعويض عن الإعفاء من الخدمة (الفصل الثاني) والتعويض عن الإنهاء المبتسر للعقد المحدد المدة ( الفصل الثالث) وأخيرا التعويض عن الإنهاء الفجائي والإنهاء التعسفي للعقد غير محدد المدة (الفصل الرابع).
الفصل الأول:شهــــــادة العمــــــل
من آثار انتهاء عقد الشغل وأيا كان نوع العقد وسبب انتهائه أن يتسلم الأجير شهادة الشغل من مشغله تمكنه من استعراض خبراته ومؤهلاته وأقدميته كمرشح لعمل مرتقب أمام مشغل جديد(1).
فتسليم شهادة العمل من الالتزامات التي تقع على عاتق المشغل عند انتهاء عقد الشغل طبقا للفقرة الأولى من الفصــل 745 مكرر من ق ل ع والمتمم بظهير 8 أبريل 1938 والتي جاء فيها أنه: ” لكل من قدم خدماته بمقتضى عقد، أن يطلب عند انقضائه من رب العمل شهادة لا تتضمن إلا تاريخ التحاقه بالخدمة ، وتاريخ تركه إياها، وتقديره المهني خلال الستة أشهر الأخيرة السابقة لانقضاء العقد، فإن لم تقدم هذه الشهادة، حق له التعويض”.
كما تنص مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 4 من النظام النموذجي الصادر بالقرار المقيمي في 23 أكتوبر 1948 على أنه: “وإذا غادر الأجير محل الخدمة لأي سبب كان، فيجب أن يتسلم من المؤجر شهادة لقيامه عنده بالخدمة وفق الأوامر الصادرة في الفصـــــــل 745 المكرر من الظهير الشريف الصادر في 12 غشـــــت 1913، المتخذ قانونا للالتزامات والعقود، وهو المتمم بالظهير الشريف الصادر في 8 أبريل 1938، على أن تلك الشهادة يذكر فيها أن الأجير غير مقيد بأي قيد كـان، إن اقتضى الحال ذلــك…”.
أما بخصوص القانون رقم 99/65 المتعلق بمدونة الشغل(1) فقد أكدت المادة 72 منه على وجوب تسليم الأجير عند انتهاء عقد الشغل، تحت طائلة أداء تعويض، شهادة شغل داخل أجل أقصاه ثمانية أيام.
ولأخذ فكرة عن تنظيم شهادة العمل نعرض لشروط وفحوى هذه الشهادة في كل من التشريع الحالي ومشروع المدونة بالإضافة إلى بعض الآثار المترتبة عنها وذلك في المبحثين الآتيين:
المبحث الأول :شروط وفحوى شهادة العمل
بصدور الفصل 745 مكرر من ق ل ع أصبح لزاما على المشغل تسليم شهادة العمل عند انقضاء عقد العمل، دون تمييز بين العقود سواء محددة المدة أو غير محددة المدة.
وبخصوص البيانات الواجب تضمينها في شهادة الشغل فتتمثل حسب التشريع الحالي في تاريخ الدخول إلى الخدمة والانتهاء منها، مع التقدير المهني للعامل خلال الستة أشهر السابقة لانتهاء عقد الشغل.
ومما لاشك فيه أن جعل كفاءة الأجير المهنية ضمن البيانات الإجبارية التي تتضمنها شهادة العمل سيفتح الباب على مصراعيه أمام رب العمل لمساومة الأجير عليها(1)، لذلك يتعين أن تقتصر على بيان حقائق تسمح للعامل بتقديمها لأصحاب الأعمال عند بحثه عن عمل جديد.
أما بالنسبة للقانون رقم 99/65 فقد حصر البيانات الإلزامية في تاريخ ولوج الشغل والمغادرة ومناصب الشغل التي شغلها الأجير مع ترك باقي البيانات بما فيها المؤهلات المهنية للأجير وما أسدى من خدمات لاتفاق الطرفين. وهو الأمر الذي يصعب تحققه عند انتهاء علاقة الشغل على إثر نزاع فردي أو جماعي(1).
بالإضافة إلى هذه البيانات فإنه يتعين ذكر اسم الأجير والمشغل مع التوقيع على ذلك من طرف هذا الأخير. فرغم عدم إشارة المشرع إلى هذه البيانات في كل من التشريع الحالي ومشروع المدونة، فإن القواعد العامة تقتضي معرفة الموقع على الشهادة(2).
وأخيرا تعطى هذه الشهادة مجانا للأجير في نهاية عقده وتعفى من رسوم التمبر والتسجيل حتى ولو اشتملت على بيانات أخرى ولقد ترسخ هذا المبدأ بمقتضى الفقرة الثانية من الفصــل 745 مكرر(3) من ق ل ع وكذلك الفقرة الثالثة من المادة 72 من القانون رقم 99/65 المتعلق بمدونة الشغل(4).
المبحث الثاني:بعض الآثار المترتبة على شهادة الشغل
من آثار شهادة الشغل تأكيد العلاقة الشغلية التي قد يصعب إثباتها في حالة إنكارها من طرف المشغل أو عند منازعته لمدة العمل أو الأجر الذي كان يتقاضاه الأجير قبل فسخ عقد الشغل(1). كما أنها تطمئن المشغل الجديد على أن طالب العمل حر من أي التزام لعلمه المسبق بالمسؤولية التي تقع على عاتقه إذا قام بتشغيل أجير مرتبط بعقد شغل(2).
فشهادة الشغل تظل إذن وسيلة من وسائل إثبات علاقة الشغل ومدته وأجر الأجير قبل انتهاء تلك العلاقة وبعد انتهائها. لذلك فهي تطلب ولا تحمل وينحصر حق الأجير عن المطالبة بها وامتناع المشغل لأي سبب كان عن تسليمها إياه في رفع دعوى التعويض. وهو ما أكد عليه قرار الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء(3) قائلا: ” وحيث إن الفصل 745 مكرر ينص فيما عليه على أنه يجب على المشغل أن يسلم للأجير شهادة العمل عند انقضاء عقد الشغل وعند المطالبة بذلك فإن لم تقدم الشهادة المذكورة للأجير حق له التعويض”، يتضح مما سبق أن عدم تسليم شهادة الشغل يقع تحت طائلة أداء تعويض سواء في التشريع الحالي(1) أو في إطار مشروع مدونة الشغــل(2).
والملاحظ أن القانون رقم 99-65 جاء بمقتضى جديد يتمثل في تحديد 8 أيام كحد أقصى للمشغل من أجل تسليم شهادة الشغل وإلا التزم بأداء تعويض مقابل رفض تسليمها أو تسليمها خارج الأجل القانوني.
فرب العمل لا يعتبر مخلا بالتزامه ومسؤولا بالتالي طالما أن العامل لم يطلب هذه الشهادة(3)، ولقد أكد قرار الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء(4) على أن الحق في طلب شهادة العمل يخضع للتقادم المنصوص عليه في الفصل 387 من ق ل ع، أما التعويض عن عدم تسليمها فيخضع للفصل 106 بحكم أن الامتناع عن تسليمها يرتب المسؤولية التقصيرية(1).
فالحق إذن في طلب شهادة الشغل يسقط بمضي خمسة عشر سنة على انتهاء العقد، وبمرور خمس سنوات من تاريخ الامتناع عن تسليمها بالنسبة للتعويض عنها.
الفصل الثاني:التعويض عن الإعفاء من الخدمة(1)
باستثناء الأشخاص الذين لا يطبق عليهم قانون الشغل وكذا الفئات التي تتوفر على نص خاص(2) يستحقق الأجراء بعد إنهاء عقد الشغل تعويضا عن الإعفاء أو كما يسمى التعويض عن أقدمية الخدمات التي أداها لفائدة مشغله، فهو إذن بمثابة مكافأة الأجير عن أقدمية خدماته(3).
ولقد نص على هذا النوع من التعويض المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 14 غشت 1967 بمثابة قانون أحدث بموجبه تعويض عن إعفاء بعض أصناف المستخدمين(4).
وتتطلب دراسة هذا الموضوع تحديد المستفيدين من التعويض عن الإعفاء من الخدمة وكيفية حسابه وذلك في المبحثين التاليين:
المبحث الأول:المستفيدين من التعويض عن الإعفاء من الخدمة وشروط استحقاقه
لقد حدد الفصل الأول من المرسوم المذكور المستفيدين من هذا التعويض بحيث جعله يشمل كل ” المستخدمين الدائمين في المؤسسات الصناعية والتجارية والمهن الحرة ومؤسسات الاستغلال الفلاحي والغابوي والشركات المدنية والنقابات والجمعيات والهيئات كيفما كان نوعها، المعينين لمدة غير محدودة”
ويشترط للاستفادة من التعويض عن الإعفاء ما يلي:
– أن يكون العقد غير محدد المدة
– أن يكون الإعفاء من جانب المشغل فقط
– ألا يكون الأجير قد ارتكب خطأ جسيما
- أن تمضي عن عقد الشغل سنة.
فالعامل المرتبط بعقد محدد المدة لا يستحق تعويض الإعفاء سواء كان تحديد المدة صريحا أو بطبيعة العمل، وكذلك إذا كان مرتبطا بعقد غير محدد المدة وارتكب خطأ جسيما فإن خطأه هذا يحرمه من التعويض باعتباره المتسبب في الضرر الذي لحقه من إنهاء المشغل للعقد.
ونشير هنا إلى كون المشرع المصري جعل الأجير يستفيد من مكافأة نهاية الخدمة(1) في جميع الأحوال، أي سواء كان العقد محدد المدة أو غير محدد المدة، وسواء كان سبب انتهاء العقد راجعا إلى قوة قاهرة أو إلى خطأ العامل نفسه أو إلى استقالته بتركه العمل باختياره(2).
ولعل من مستجدات القانون رقم 99-65 المتعلق بمدونة الشغل(3) أنه قلص من مدة الشغل المخولة للتعويض إلى مجرد استكمال ستة أشهر من الشغل داخل نفس المقاولة بعدما كانت في مرسوم 67 سنة. أما بالنسبة لشرط الارتباط بالعقد غير محدد المدة وعدم ارتكاب الخطأـ الجسيم فقد أبقى عليهما لاستحقاق التعويض عن الفصل.
هذا وقد حظي مندوبو العمال بعناية خاصة، حيث حدد الفصل الثاني من مرسوم 67 التعويض عن الإعفاء الذي يستحقه هؤلاء في ضعف التعويض الذي يستحقه الأجير العادي شريطة أن يكون إعفاؤهم قد تم أثناء مدة انتدابهم ولم يكن العون المكلف بتفتيش الشغل قد وافق على هذا الإعفاء.
وبدورها المادة 58 من القانون رقم 65.99 وفرت ضمانة خاصة لمندوب الأجراء والممثل النقابي بالمقاولة عند وجوده وذلك بالنص على أنه: ” يرفع بنسبة % 100 التعويض المستحق لمندوب الإجراء والممثل النقابي بالمقاولة عند وجوده الذين يفصلون من شغلهم خلال مدة انتدابهم، وحق المقتضيات المنصوص عليها في المادة 53 أعلاه”.
ويعزى هذا الامتياز حسب بعض الفقه(1) إلى كون هذا الصنف من الأجراء أكثر عرضة للطرد من غيرهم نظرا للدور الذي يقومون به، والمتمثل على الخصوص في تأطير العمال وتوعيتهم بحقوقهم، فهذا الدور غالبا ما يكون مصدر قلق للمشغلين ويدفعهم إلى طردهم ليكونوا عبرة لأمثالهم من باقي العمال.
كما أكد الفصل الثالث من المرسوم السابق على استقلال التعويض عن الإعفاء عن التعويضات الأخرى التي تمنح للأجير في حالة الطرد التعسفي ، وخاصة التعويض عن سابق الإعلام والتعويض عن الضرر.
المبحث الثاني :كيفية حساب التعويض عن الإعفاء من الخدمة
أما عن كيفية حساب التعويض عن الإعفاء فقد حدده الفصل الأول من المرسوم الملكي تحت رقم 317.66 الذي اتخذ لتحديد مبلغ وكيفيات منح التعويض عن الإعفاء المحدث بالمرسوم السالف ذكره فيما يلي:
- 48 ساعة من الأجرة فيما يخص الخمس سنوات الأولى من الأقدمية
- 72 ساعة من الأجرة فيما يخص فترة الأقدمية المتراوحة بين السنة السادسة والسنة العاشرة.
- 96 ساعة من الأجرة فيما يخص فترة الأقدمية المتراوحة بين السنة الحادية عشرة والسنة الخامسة عشرة.
- 120 ساعة من الأجرة فيما يخص مدة الأقدمية التي تفوق السنة الخامسة عشرة.
وحسب الفصل الثاني من المرسوم رقم 317.66 المذكور فإن الأجر الذي يعتمد في تقدير التعويض يحسب على أساس معدل الأجور المقبوضة خلال الاثنين وخمسين أسبوعا السابقة للإعفاء، كما تدخل في حساب التعويض عن الإعفاء الأجرة الأصلية وتوابع الأجرة بما فيها الساعات الإضافية والمكافآت والتعويضات المختلفة(1) والامتيازات العينية والعمولات والحلوان. والملاحظ أنه لا يوجد اختلاف في تقدير التعويض بالنسبة للقانون رقم 65.99 حيث أكدت المادة 55 منه على أن التعويض عن الفصل يقدر على أساس معدل الأجور المتقاضاة خلال الأسابيع الاثنين والخمسين السابقة لتاريخ الإنهاء، كما يدخل في حساب التعويض عن الفصل من الشغل الأجر الأساسي وتوابعه بما فيها المكافآت، والتعويضات المرتبطة بالشغل(1) والفوائد العينية والعمولة والحلوان. غير أن الإشكال الذي يمكن أن يطرحه هذا التحديد يكمن في أساس التعويض وهل سيحسب التعويض على أساس كل سنة قضاها العامل في العمل أم يمنح على أساس خمس سنوات، فعشرة، فخمسة عشرة وهكذا دواليك.
لاشك أن الأخذ بظاهر النص يجعل العامل الذي قضى خمس سنوات من العمل يستحق كتعويض عن الإعفاء 48 ساعة عمل فقط وهو ما يفرغ الحماية التشريعية من محتواها نظرا لهزالة التعويضات التي ستترتب على ذلك لذلك أقر المجلس الأعلى(2) ما يلي:
” إن القرار المطعون فيه عندما اعتبر أن عدد الساعات المحددة من طرف المشرع تتعلق بمجموع الخمس سنوات لا بكل سنة قد طبق الفصل الأول من مرسوم 14 غشت 1967 تطبيقا سيئا…”.
فالتعويض عن الإعفاء يحسب على أساس كل سنة قضاها الأجير في خدمة مشغله وليس على أساس مجموع الخمس سنوات ولتوضيح ذلك نعطي المثال التالي:
فلو افترضنا أن عاملا اشتغل 16 سنة فإن تعويضه عن الإعفاء يكون على الشكل التالي:
- بالنسبــة لخمــس سنــوات الأولــى يستحــق 240 ساعـــة ( 48 × 5 سنوات أقدمية)
- بالنسبــة لخمــس سنــوات الثانيـــة يستحــــق 360 ساعــة (72 × 5 سنوات أقدمية)
- بالنسبة لخمس سنوات الثالثة يستحق 480 ساعة (96× 5 سنوات أقدمية).
ويستحق عن السنة التي تفوق السنة الخامسة عشر من الأقدمية 120 ساعة.
أما بالنسبة للقانون رقم 65.99(1) فقد عرف التعويض المقرر للأجير ضحية الفصل زيادة في مبلغه حيث حدد فيما يلي:
- 96 ساعة من الأجرة بخصوص الخمس سنوات الأولى من الأقدمية.
- 144 ساعة من الأجرة بخصوص فترة الأقدمية المتراوحة ما بين السنة السادسة والعاشرة.
- 192 ساعة من الأجرة بخصوص مدة الأقدمية المتراوحة ما بين السنة الحادي عشرة والخامسة عشرة.
- 240 ساعة من الأجرة بخصوص مدة الأقدمية التي تفوق السنة الخامسة عشرة.
- الفصل الثالث :التعويض عن الإنهاء المبتسر للعقد المحدد المدة
من مقتضى القواعد العامة أن العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز لأحدهما أن ينقضه أو يعدلـه إلا باتفاق مع الطرف الآخر أو وفقا للأسباب التي يقررها القانون(1)
وفي مجال التطبيق الخاص بعقد العمل نص الفصل 745 من ق ل ع على أن إجارة الصنعة وإجارة الخدمة تنقضيان بانتهاء الأجل المقرر أو بأداء العمل الذي كان محلا للعقد. وقد أكد هذا المبدأ الفصل 753 من ق ل ع(2).
وجاء في الفصل 756 من نفس القانون أنه في إجارة الخدمة يعتبر الشرط الفاسخ موجودا دون حاجة للنص عليه لصالح كل من المتعاقدين.
وبدورها المادة 33 من القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل أكدت على أن عقد الشغل المحدد المدة ينتهي بحلول الأجل المحدد للعقد، أو بانتهاء الشغل الذي كان محلا له.
يترتب على ما سبق أنه لا يجوز لأحد المتعاقدين إنهاء العقد المحدد المدة بإرادته المنفردة قبل انتهاء المدة(1) وقبل انتهاء العمل محل التعاقد. وأن من يخالف ذلك يكون مسؤولا تجاه الطرف الآخر مسؤولية عقدية لأن الخطأ في هذه الحالة يتمثل في التنكر لشرط المدة المضمن في العقد نفسه(2). والغالب أن يقع هذا الإنهاء من جانب رب العمل، وعندئذ يستحق العامل تعويضا عما أصابه من ضرر فكيف يتم إذن تقدير التعويض في هذه الحالة؟ وهل يجوز الاتفاق بكيفية مسبقة على تحديد التعويض قبل وقوع الضرر؟
إن الإجابة على الأسئلة السابقة تتطلب البحث في مقدار التعويض المستحق عن الإنهاء المبتسر للعقد المحدد المدة (المبحث الأول) والتعويض الاتفاقي وإنهاء عقود العمل (المبحث الثاني).
المبحث الأول :مقدار التعويض المستحق عن الإنهاء المبتسر للعقد المحدد المدة
لم ينظم المشرع هذه الحالة بنص صريح، لذلك يتعين مراجعة المبادئ العامة التي تقضي بوجوب تقدير التعويض حسب ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب(1) والأصل أن الخسارة التي لحقت العامل والكسب الذي فاته من جراء الإنهاء المبتسر للعقد المحدد المدة هو مبلغ الأجر الذي كان سيحصل عليه طوال عمله حتى النهاية العادية للعقد(2).
وطبقا للفقرة الثانية من الفصل 758 من ق ل ع يراعي القاضي في تقدير التعويض المستحق للعامل طبيعة العمل أو الخدمة وظروف الحال والعرف المحلي.
ويرى بعض الفقه(3) أن ” التعويض المستحق هو مجموع مبلغ الأجر الذي كان من الممكن أن يتقاضاه العامل لو بقي في عمله إلى حين حلول أجل العقد مع مراعاة ظروف كل حالة على حدة كما إذا تعذر على الأجير إيجاد عمل في وقت قصير ومناسب لسنه ومؤهلاته…”.
ولقد أكد المجلس الأعلى ما سبق في أحد قراراته(1) الذي جاء فيه : ” تكون المحكمة قد خرقت القانون لما رفضت طلب العامل الحكم له بمبلغ الأجرة المحددة في العقد إلى نهاية مدته بعلة أنه كان يجب أن يقدم في شكل تعويض حسبما يقتضيه نص الفصل (754) من ق ل ع، في حين أن هذا الفصل لا ينص على كيفية تقديم الطلب وإنما على كيفية التعويض وكان على قضاة الموضوع لما ثبت لهم الطرد التعسفي أن يطبقوا الفقرة الأخيرة من الفصل (6) من القرار : 23/10/48″.
فالأصل في حالة حصول الإنهاء من جانب المشغل – وهي الصورة العملية الغالبة – أن يحدد الضرر الذي أصاب العامل بقدر ما ضاع عليه من أجر كان يستحقه خلال المدة المتبقية من العقد، مع مراعاة ما إذا كان قد التحق بعمل جديد، والأجرة التي يتقاضاها من هذا العمل وغير ذلك من عناصر التعويض الذي يتعين أن يكون مقابلا للضرر المباشر الذي لحق العامل. فحسب بعض الفقه إذا ثبت لرب العمل أن العامل لم يلحقه أدنى ضرر، بأن وفق، فور فصله، إلى عمل يساوي، على الأقل، ذلك الذي فصل منه، أو لم يلحقه سوى ضرر اقل، بأن وجد، خلال بقية المدة، عملا آخر، جاز للقاضي، حسب الأحوال، رفض دعوى التعويض، أو إنقاصه بقدر الأجر الذي اكتسبه بعد إنهاء العقد، لأن التعويض يكال على قدر الضرر(1).
أما بالنسبة للقانون رقم 65.99 فقد جعلت الفقرة الأخيرة من المادة 33 منه التعويض المستحق عن إنهاء عقد الشغل المحدد المدة قبل حلول أجله، يعادل مبلغ الأجور المستحقة عن الفترة المتراوحة ما بين تاريخ إنهاء العقد والأجل المحدد له.
المبحث الثاني :التعويض الاتفاقي وإنهاء عقود العمل
الأصل في تقدير التعويض أنه يتم بمعرفة القضاء، غير أنه يمكن لأطراف العلاقة التعاقدية أن يتفقا مقدما على مقدار التعويض الذين يستحقه الدائن إذا لم ينفذ المدين التزامه، أو تأخر في الوفاء به، ويسمى النوع الأول بالتعويض القضائي، والنوع الثاني بالتعويض الاتفاقي أو الشرط الجزائي.
وإذا كانت التعويضات الاتفاقية أكثر استعمالا في المجال التعاقدي بغية تعزيز وعود المدين بتنفيذ التزاماته التعاقدية فإنه يثور التساؤل حول اعتمادها في بعض العقود ومن ضمنها عقود العمل التي تعتبر نموذجا للعقود التي تنعدم فيها المساواة بين أطرافها.
قبل التعرض لمدى صحة التعويض الاتفاقي أو الشرط الجزائـــي(1) في عقود العمل لابد من تحديد مفهومه نظرا لأهميته وكثرة استعماله في الحياة العملية، خاصة في ميدان الأعمال المتمثلة في عقود القرض والبيع والكراء والشغل.
يمكن تعريف التعويض الاتفاقي بأنه ” اتفاق سابق على تقدير التعويض الذي يستحقه الدائن في حالة عدم تنفيذ المدين لالتزامه الأصلي أو لمجرد التأخر في تنفيذه”(2).
ولقد تبنت محكمة الاستئناف بالرباط نفس المفهوم السابق حيث اعتبرت الشرط الجزائي بأنه الشرط الذي ” يحدد الطرفان بمقتضاه، بأنفسهما وبشكل مسبق التعويض المترتب على أحدهما نتيجة عدم تنفيذ العقد”(1).
وعلى العموم فقد عرف التعويض الاتفاقي انتشارا واسعا في الممارسة التعاقدية، بحيث لم يعد مقتصرا على العقود التقليدية بل شمل كذلك العقود الحديثة مثل التمويل بالكراء (Lcasing)(2) والبيع بالسلف وعقود التجارة الدولية …إلخ نظر للوظيفة الأساسية التي يضطلع بها في الوقت الحالي والمتمثلة في توفير السلامة العقدية، أي دعم الضمانات الكفيلة بتنفيذ العقد والوفاء بالالتزامات العقدية(3).
وللتعويض الاتفاقي فوائد أخرى نذكر منها على سبيل المثال إضفاء الشرعية على بعض التصرفات القانونية، مثل تأكيد التزام المتعهد عن الغير بتحديد مبلغ التعويض الذي يكون مسؤولا عنه إذا لم يقم بحمل الغير على التعهد(1).
وإذا كانت جل التشريعات المقارنة(2) قد نظمت التعويض الاتفاقي فإن ظهير الالتزامات والعقود الذي صدر بتاريخ 12 غشت 1913 لم يتضمن أي نص ينظم أحكامه ويبين آثاره، اللهم ما كان من المبدأ العام المنصوص عليه في الفصل 230 من ق ل ع(3) والذي اعتمد عليه القضاء المغربي لإضفاء المشروعية على التعويض الاتفاقي الذي ما فتئ يغزو الممارسة التعاقدية، إلى أن طالعنا اجتهاد المجلس الأعلى بقرار مؤرخ في 10 أبريل 1991(4) كرس بمقتضاه مبدأ المراجعة القضائية للتعويض الاتفاقي متأثرا في ذلك بأحكام الشريعة الإسلامية التي أوصت بمبادئ العدل والإنصاف ومنحت القاضي حق تعديل بعض العقود الجائرة بغية تحقيق العدالة، فقررت ” أن الضرورات تقدر بقدرها” كما تأثر أيضا بالاتجاهات الاجتماعية الحديثة وبعض التشريعات العربية(1) ولقد أيد المشرع المغربي تحول الاجتهاد القضائي بخصوص مراجعة التعويض الاتفاقي بمقتضى القانون رقم 95-27(2) المعدل بموجبه الفصل 264 ق ل ع وذلك بإضافة ثلاث فقرات جديدة على النص الأصلي، رجح بمقتضاها الاتجاه القائل بتدخل القاضي لتعديل التعويض الاتفاقي بالزيادة أو النقصان.
أما بخصوص صحة التعويض الاتفاقي عن إنهاء عقود العمل فإن الفقه المغربي(3) يكاد يجمع على استبعاده بالنسبة لإنهاء عقد العمل غير محدد المدة وذلك لعدة اعتبارات نذكر منها ما يأتي:
أ- انطلاقا من اعتبار القضاء المغربي في عمومه مسؤولية صاحب العمل في مجال الإنهاء التعسفي لعقد العمل غير محدد المدة مسؤولية تقصيرية فإنه تبعا لذلك يعتبر الاتفاق مقدما على تحديد قيمة التعويض عن هذا الإنهاء اتفاقا باطلا لتعلق المسؤولية التقصيرية بالنظام العام.
ب- من خصائص القانون الاجتماعي أنه لا يسمح بالتعاقد على حساب ما تقضي به نصوصه القانونية الآمرة إلا في الحالة التي يمنح فيها الاتفاق امتيازات إضافية تفوق ما تقضي به تلك النصوص القانونية، وقد سمح المشرع المغربي للقضاء في حالة ثبوت التعسف في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة من جانب رب العمل إما الحكم بالرجوع إلى العمل أو الحكم بتعويض تحدده المحكمة بناء على المعايير التي حددها المشرع نفسه حماية لحقوق العامل في مثل هذه الحالة، بناء على مقتضيات الفصل 754 من ق ل ع(1). أما بالنسبة لعقد العمل المحدد المدة، فإن إنهاءه قبل حلول أجله يرتب مسؤولية الطرف الذي قام بالإنهاء، وهي مسؤولية عقدية يتحمل نتيجتها من أداء تعويض يقدر تبعا لقناعة المحكمة، والذي يمكن أن يكون موازيا لواجب الأجرة عن المدة المتبقية في العقد. كما أن هذا التعويض يمكن أن يكون محل اتفاق الأطراف مقدما كوسيلة لضمان تنفيذ الالتزامات، وللقاضي أن يعمل سلطته المخولة لـه بمقتضى الفصل 264 ق ل ع، ويعدل مبلغه إذا وجده مجحفا دون أن ينزل حدود التخفيض عن واجب الأجرة عن المدة المتبقية.
الفصل الرابع :التعويض عن ألإنهاء الفجائي والإنهاء التعسفي للعقد غير محدد المدة
المشرع المغربي عند تدخله لتنظيم عقد العمل غير محدد المدة وخاصة في جانبه المتعلق بالحق في الإنهاء، حاول تقييد هذا الأخير بشرطين، أحدهما شكلي يتمثل في توجيه إخطار أو سابق إعلام إلى الطرف الآخر لمنع مفاجئته، والآخر جوهري موضوعي يتعلق بعدم التعسف في استعمال الحق في الإنهاء.
ونظرا لأهمية هذين الشرطين من الناحية العملية، وكذا الآثار المترتبة عن عدم التقيد بهما ارتأينا تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين نتناول في الأول الإنهاء الفجائي والثاني الإنهاء التعسفي لعقد العمل.
المبحث الأول :الإنهــــاء الفجائــــــي
يعتبر الإنهاء فجائيا إذا ما التجأ أحد أطراف العقد غير محدد المدة إلى إنهائه بدون احترام مهلة الأخطار، ويوصف بأنه إنهاء فجائي كذلك إذا أخطر المشغل العامل بالإنهاء ثم قام بعد ذلك بوضع حد للعقد قبل انقضاء مهلة الأخطار ولو بيوم واحد(1).
إذا كانت عقود العمل المحددة المدة تنتهي بانتهاء مدتها أو بانتهاء العمل الذي أبرمت من أجل إنجازه، فإن المشرع خول لكل من الطرفين – وهما العامل ورب العمل – حق إنهاء عقود العمل غير محددة المدة بالإرادة المنفردة وحدها تمشيا مع فكرة عدم تأبيد الروابط التعاقدية التي تجد أساسها في المبدأ العام الذي اقره الفصل 728 من قانون الالتزامات والعقود والذي ورد فيه” يبطل كل اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص بتقديم خدماته طوال حياته أو لمدة تبلغ من الطول حدا بحيث يظل ملتزما حتى موته”.
ولقد حرصت غالبية التشريعات(2) على التأكيد على حق الإنهاء الانفرادي لطرفي العقد غير محدد المدة. وتتعلق الإمكانية المتبادلة للإنهاء بالنظام العام(3).
وبدوره المشرع المغربي خول للمتعاقدين الحق في الإنهاء بالإرادة المنفردة عندما يكون العقد غير محدد المدة حيث يقضي الفصل 754 من ق ل ع بأن لكل من طرفي العقد غير محدد المدة التخلص منه مع إعطائه تنبيها بذلك للطرف الآخر في المواعيد التي يقررها العرف المحلي أو الاتفاق.
كذلك الشأن بالنسبة للمادة 34 من القانون رقم 65.99 حيث أكدت على حق الإنهاء الانفرادي لطرفي عقد الشغل غير محدد المدة شريطة التقيد بالأحكام المتعلقة بشأن أجل الإخطار.
لاشك أن حق الإنهاء الانفرادي في عقود الشغل غير محددة المدة له بعض الإيجابيات، حيث يتيح للمشغل إمكانية تغيير العمال بغيرهم من الذين يملكون كفاءات لمسايرة التقدم الفني وإدخال الطرق الحديثة في الصناعات(1). كما أن الإنهاء يكون ضروريا في حالة مرور المؤسسة بظروف اقتصادية وتقنية تدعو إلى تخفيض عدد الأجراء. كما يمنح هذا الحق للعامل فرصة التحلل من عمل لإيجاد عمل آخر ينال منه أجر أكبر. ومع ذلك فإن إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بالإرادة المنفردة له مخاطر، خاصة بالنسبة للأجير الذي يفرض عليه الإنهاء ويجد نفسه بهذه الكيفية محروما من عمله، والذي يصعب عليه العثور على مثله(2).
وانطلاقا من هذه الاعتبارات فرض المشرع قيدين على الإنهاء بالإرادة المنفردة لابد من احترامهما من الجانبين، ويتعلق الأمر بمهلة الأخطار السابق، وبعدم التعسف في استعمال حق الإنهاء.
ونعرض فيما يلي لأحكام الإخطار (المطلب الأول) ولعدم التعسف في إنهاء العقد (المطلب الثاني).
المطلب الأول: أحكـــــام الإخطــــار
يفــرض الالتــزام بمهلـة الأخطار الفقــرة الأولــى مـن الفصـــل 754 من ق ل ع وينطبق هذا الالتزام على المشغل والأجير على حد سواء.
تفاديا لمفاجئة الأجير بقرار الطرد نص الفصل الخامس من النظام النموذجي الصادر بتاريخ 23/10/48 والمتعلق بضبط العلاقات الرابطة بين الأجراء الذين يتعاطون مهنة تجارية أو صناعية أو حرة وبين مؤجريهم على ما يلي: ” إذا أعفى رب العمل أجيرا أو إذا ترك الأجير العمل من تلقاء نفسه، فإن الفريق الذي يفسخ عقدة الخدمة يجب عليه التقيد بمهلة الإعلام” فما هي إذن مهلة الإخطار؟ وما هي وضعية الطرفين أثناء هذه المهلة؟ وما هي حالات الإعفاء من الإخطار ؟ وما هو جزاء عدم احترام قواعد الإخطار؟
نجيب على الأسئلة المطروحة في أربعة فروع على الشكل التالي:
الفرع الأول :مـــــــدة الإخطـــــــار
مدة الإخطار أو سابق الإعلام(1) هي الفترة الممتدة ما بين تاريخ الإشعار بالطرد وتاريخ تنفيذه وذلك حتى يتمكن الأجير خلال هذه الفترة من البحث عن عمل جديد(2).
والإخطار تصرف قانوني يصدر من جانب واحد ولا ينتج آثاره القانونية إلا من وقت اتصاله بعلم من وجه إليه(3).
هذا ولقد نصت المادة 44 من القانون المذكور على أنه : ” يبدأ سريان الإخطار من اليوم الموالي لتبليغ قرار إنهاء العقد”.
وكما هو الشأن بالنسبة للتشريع الحالي(1) فإن القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل لم يشترط شكلا معينا للإخطار(2)، إذ يجوز فيه سواء كان صادرا من المشغل أو من الأجير، أن يكون كتابيا أو شفويا، كما يجوز فيه أن يكون صريحا لا تدع ظروف الحال شكا في دلالته على المقصود، كمغادرة العامل المحل وامتناعه عن العمل، كما يجوز أن يكون ضمنيا يستخلص من الظروف التي تدل دلالة قاطعة على الإصرار على إنهاء العقد.
وفي حالة النزاع حول وجوده وتاريخه فإنه يجوز إثبات الإخطار بما يقوم مقام الكتابة كالإقرار واليمين(3) استنادا على أنه إذا كان للعامل إثبات عقد العمل بكافة الطرق (م 18 من م.ش) فإن له كذلك إثبات الإخطار الصادر عنه بذات الطريقة.
ويتعلق الالتزام بالإخطار بالنظام العام بحيث لا يمكن التنازل عنه بمقتضى الاتفاق وكل اتفاق من هذا القبيل يقع باطلا.
فطبقا للفقرة الثالثة من الفصل 754 من ق ل ع يقع باطلا بقوة القانون كل شرط يحدد في عقد فردي أو في لائحة مصنع مدة للإخطار أقل مما هو مقرر بمقتضى العرف أو الاتفاقيات الجماعية، ونفس الشيء أكدت عليه الفقرة الثالثة من المادة 43 من قانون رقــــم 65.99 (1). ونستنتج من الفقرة الأولى من الفصل 754 من ق ل ع أن مدة الإخطار يقررها العرف المحلي أو العقد المبرم بين الطرفين.
ورغبة في تجنب التفاوت بين مدد الإخطار في بعض أنواع العمل من منطقة إلى أخرى صدر الظهير المؤرخ في 30 يوليوز 1951 في شأن آجال الإنذار الخاص بإيجار الخدمة ونص على أنه يجوز أن تعين بقرارات وزارية المدد العادية لمهلة الأخطار في المهن التي تعينها تلك القرارات، ونتيجة لذلك صدر قرار وزاري بتاريخ 13 غشت 1951 تطبيقا للظهير المذكور عين قائمة لمهل الأخطار في معظم المهن التي تمارس في المغرب تتراوح ما بين أسبوع وشهر حسب المركز الذي يشغله العامل في المؤسسة التي يعمل فيها.
كذلك تدخل المشرع في بعض المهن فحدد مهلة الإخطار بالنسبة للصحفيين المحترفين في مدة شهر إذا لم تتجاوز مدة العمل ثلاث سنوات وشهران إذا تجاوزت هذه المدة وذلك بمقتضى الفصل 6 من ظهير 18 أبريل 1942 وحددها بالنسبة للوسطاء والممثلين التجاريين والصناعيين في شهر بالنسبة للسنة الأولى وشهرين بالنسبة للعمل في السنة الثانية وفي ثلاثة أشهر عن العمل أكثر من سنتين تضاف لها مدة السفر التي يقتضيها الرجوع إلى المغرب إذا كان العامل المفصول من عمله خارج الوطن وذلك حسب مقتضيات الفصل الثالث من ظهير 21 ماي 1943(1).
أما بخصوص بوابي البنايات المعدة للسكن فقد نص الفصل 15 من ظهير 8 أكتوبر لسنة 1977 المتعلق بتعهد البنايات وتخصيص مساكن للبوابين في البنايات المعدة للسكن على أن : “البواب الذي يفصله المشغل عن عمله لا يمكن إجباره على مغادرة مسكنه قبل أجل ثلاثة اشهر أو دون أداء تعويض يعادل مبلغ الكراء عن ثلاثة اشهر لمسكن يماثل المسكن الذي يشغله”.
وبالنسبة للعاملين في القطاع الفلاحي فقد حددها الفصل 8 من ظهير 24 أبريل 1973 التي تحدد بموجبه شروط تشغيل المأجورين الفلاحيين وأداء أجورهم، في ثمانية أيام بالنسبة للعملة المتقاضين أجورهم كل أسبوع أو عن كل خمسة عشر يوم وفي شهر بالنسبة للعملة المتقاضين أجرة شهرية.
والجدير بالذكر أن القانون رقم: 99/65 وإن كان قد ألغى نصوص القانون الحالي(1) التي تحدد آجال الإخطار حسب نوعية المهن وأصناف الأجراء واختلاف القطاعات والأنظمة الخاصة، فإنه أحال في الفقرة الثانية من المادة 43 منه في تحديد مدة الأخطار على النصوص التشريعية والتنظيمية وعقد الشغل واتفاقيات الشغل الجماعية وكذلك النظام الداخلي والعرف، مؤكدا على بطلان كل شرط يحدد بمقتضاه أجل للأخطار في أقل من ثمانية أيام(2) وهو ما يعني بمفهوم المخالفة – إمكانية إطالة أجل الإخطار بالاتفاق إما من خلال عقد الشغل أو الاتفاقية الجماعية(3).
ولعل من مستجدات القانون المذكور أنه توسع في إطار الأجراء المستفيدين من أجل الإخطار حيث أضاف إلى جانب العاملين في إطار عقود الشغل غير محددة المرتبطين بعقود شغل على سبيل التجربة. حيث ألزمت المادة 13 منه بمنح أحد أجلي الإخطار إلى الأجير الذي اشتغل في إطار ذلك العقد، أسبوعا على الأقل ولم يرتكب أي خطأ جسيم وذلك على النحول التالي:
- إذا كان الأجير يتقاضى أجره باليوم أو الأسبوع، وكل خمسة عشر يوما، فإن لـه الحق في الاستفادة من اجل إخطار لمدة يومين قبل الإنهاء المبتسر لعقد التجربة.
- أما إذا كان الأجير ممن يتقاضون أجورهم بالشهر فإن له الحق في الاستفادة من أجل إخطار لمدة ثمانية أيام قبل الإنهاء المبتسر لعقد التجربة.
وأخيرا فقد يعتري مهلة الأخطار توقف مؤقت، إذا كان العامل ضحية حادثة شغل أو أصيب بمرض مهني أثناء المهلة فإن هذه الأخيرة تتوقف خلال المدة التي يستمر فيها العجز المؤقت للأجير(1) كما أضاف القانون رقم 99/65 توقف المهلة خلال إجازة الولادة (م 45). ونساند الرأي القائل بأن المدة يجب أن تتوقف خلال مختلف التغيبات القانونيـــة(2).
الفرع الثاني :وضعية الطرفين أثناء مهلة الإخطار
بخصوص الوضع القانوني لأطراف الشغل خلال مدة الإخطار، فإن العقد يستمر في سيره العادي، إذ يؤدي الأجير خدماته لفائدة رب العمل، وهذا الأخير يستمر في آداء الأجرة مقابل ذلك(1). وعليه فالعقد يستمر الأطراف في تنفيذه خلال مهلة الإخطار وكان شيئا لم يتغير. فالأجير يكون ملزما بتنفيذ التزاماته وأداء عمله على الوجه المعتاد دون تقصير، وكذلك رب العمل ملزم بأداء الأجر للأجير وتقديم العمل له، كما يمنع عليه إجراء أي تغيير جوهري في ظروف العمل بإرادته المنفردة(2)، وإلا حق للعامل ترك العمل فورا مع مطالبة رب العمل بتعويضه عن بقية المهلة ولو كان الإخطار بالإنهاء صادرا في الأصل من الأجير(3).
ويستفيد الأجير خلال مهلة الأخطار بمقتضى الفصل 5 من النظام النموذجي (ظهير 23/10/1948 المنظم لعلاقات العمال المزاولين لمهنة صناعية أو تجارية أو حرة وبين أرباب عملهم) من التغييب(1) لمدة ساعتين كل يوم قصد البحث عن شغل آخر على ألا تزيد هذه التغيبات عن ثمانية ساعات في الأسبوع أو ثلاثين ساعة في مدة ثلاثين يوما متتابعة، وإذا كان العامل يشتغل في مؤسسة واقعة على بعد أكثر من عشر كيلومترات عن المدينة وزادت مدة الإخطار على أسبوع جاز للعامل أن يتغيب أربع ساعات متتابعة مرتين في الأسبوع أو ثماني ساعات متتالية مرة واحدة في الأسبوع. غير أن هذه الساعات يجب أن يستغلها الأجير في البحث الجدي عن العمل الجديد وينتهي حقه فيها بمجرد حصوله على عمل جديد.
أما بالنسبة للعمال الفلاحيين فقد نص الفصل 8 من ظهير 24 أبريل 1973 الذي تحدد بموجبه شروط تشغيل المأجورين الفلاحيين وأداء أجورهم على أنه : ” ويؤذن للعامل خلال مدة سابق الإعلام في التغيب مع الاحتفاظ بالأجرة للبحث عن الشغل مدة يومين من كل أسبوع يوم يختاره المشغل ويوم يختاره العامل”.
وفي القطاع المعدني يحدد الفصل 12 من ظهير 24 دجنبر 1960 بشأن النظام الأساسي لمستخدمي المقاولات المنجمية، مدة التغيب في أربع ساعات طيلة مدة سابق الإعلام تؤدى عنها الأجرة ليتسنى لهم البحث عن عمل آخر.
وإذا كانت مقتضيات التغيب قد اختلفت ما بين القطاعات في القانون الحالي، فإن القانون رقم 99/65 قد وحدها سواء من حيث مدتها أو من حيث كيفية توزيعها على الأسبوع أو الشهر(1)، أو من حيث تقرير التناوب ما بين رب العمل والأجير لتحديد تلك المدة(2).
ويلتزم رب العمل بأداء الأجر كامل عن الساعات التي يتغيب فيها العامل للبحث عن عمل جديد أيا كانت طريقة تأدية الأجر(3). وعلى أي فالعامل الذي يوفق إلى عمل جديد في مؤسسة أخرى يتعين عليه إحاطة مشغله علما بذلك وإلا فقد كل حق في مهلة الإخطار وفي التعويض(4).
لكن ما يلاحظ من الناحية العملية، هو أن رب العمل غالبا ما يلجأ إلى إعفاء الأجير عن متابعة العمل في المؤسسة خلال مدة الإخطار ومنحه كل ما يستحق من أجر وتعويضات، حين يعتبر أن بقاءه فيها خلال مهلة الإشعار قد يكون مضرا بحسن تسييرها. ولكنه يمكن للأجير أن يرفض هذا الإعفاء من متابعة الشغل إذا اعتبر أن مغادرة المؤسسة فورا قد تحمل الغير على الاعتقاد بأنه أعفي بدون إخطار نتيجة ارتكابه خطأ جسيما، الأمر الذي يلحق ضررا بسمعته، وبالتالي يسبب له ضررا معنويا(1).
الفرع الثالث :حالات الإعفاء من الإخطار
إن الالتزام بإعطاء مهلة الأخطار ليس مطلقا، بل يمكن الإعفاء منه في حالة القوة القاهرة وصدور خطأ جسيم، وبعض الاستثناءات أثناء فترة التجربة.
أولا: القــــوة الظاهــــرة
تؤدي القوة القاهرة إلى التحلل من العقد دون سابق إعلام، لأن إنهاء العقد غير ناتج عن أي خطأ سواء من جانب الأجير أو المشغل، ولهذا فلا يعقل أن يلزم أحدهما بالأثر المتمثل في التعويض(2).
هذا ولقد أكدت الفقرة الثانية من الفصل 5 من النظام النموذجي على إعفاء الأجير والمشغل من وجوب التقيد بمدة الإنذار المفروض في حالة الخطأ الجسيم أو حدث قاهر.
وبدورها الفقرة الخامسة من المادة 43 (1) من قانون رقم 65.99 سارت في الاتجاه السابق.
وعلى أي فالقوة القاهرة مفهوم غير دقيق(2)، ومن أجل الإحاطة بمعناه لابد من الرجوع إلى قواعد القانون المدني ولا سيما مقتضيات الفصل 269 من ق ل ع الذي نص على أن: “القوة القاهرة هي كل أمر لا يستطيع الإنسان أن يتوقعه كالظواهر الطبيعية ( الفياضانات والجفاف والعواصف والحرائق والجراد) وغارات العدو وفعل السلطة ويكون من شأنه أن يجعل تنفيذ الالتزام مستحيلا.
ولا يعتبر من قبيل القوة القاهرة، الأمر الذي كان من الممكن دفعه ما لم يقم المدين الدليل على أنه بذل كل العناية لدرئه على نفسه”.
وللقول بوجود قوة قاهرة والتملص من المسؤولية المترتبة عن الإنهاء الفوري لعقد العمل غير محدد المدة لابد أن تتوافر فيها الشروط التالية:
أ- شرط عدم التوقع
وقع النص على هذا الشرط في الفصل 269 المذكور سابقا فلا بد إذن من توافر طابع أو شرط عدم التوقع للتذرع بالقوة القاهرة كسبب للإعفاء من المسؤولية كما هو الشأن بالنسبة لحالة غرق مصنع بسبب فيضان أو حريق قضى على المؤسسة بكاملها. أما بخصوص الأزمة الاقتصادية فإنه ليس من السهل الجزم بتوفرها على شروط القوة القاهرة لأنها ليست من الأمور التي لا يمكن توقعها. كما لا يقبل من رجال الأعمال مثل هذا الدفع لأنه يمكن أحيانا التغلب عليها متى توافرت الإمكانيات والإرادات الحسنة(1). وشرع في إدخال برنامج الإصلاحات المطلوبة حفاظا على مصالح المقاولة. غير أنه إذا تحققت شروط القوة القاهرة فإن رب العمل يتحلل من إجراءات الإعفاء المنصوص عليها في المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 14 غشت 1967 والمتعلق بالإبقاء على نشاط المؤسسات الصناعية والتجارية وبإعفاء مستخدميها(2).
كما أنه يكون غير ملزم بمراعاته مهلة الإشعار ولا بأداء التعويض عن الإنهاء التعسفي لسبب بسيط هو أن انتهاء عقد العمل جاء نتيجة قوة قاهرة وليس على إثر استعمال المشغل حقه في إنهاء عقد العمل بشكل تعسفي(3).
ب- شرط عدم الدفع
كلما استطاع المشغل أو الأجير توقع الخطر الذي يهدد مصالحه إلا وسهل عليه دفع هذا الخطر أو على الأقل التمكن من اتخاذ الاحتياطات الضرورية.
لقد ورد شرط عدم الدفع في الفصل 269 المذكور آنفا، واستنادا عليه اعتبرت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء(1) بأن إغلاق المؤسسة من أجل القيام ببعض الإصلاحات في البناية أو غيرها لا يرتب إنهاء عقد العمل الذي يظل معلقا أو متوقفا عن إنتاج آثاره القانونية ليس إلا وحكمت تبعا لذلك بالتعويض عن الإنهاء التعسفي لعقد العمل.
ج- شرط انعدام خطأ المدين
يشترط في القوة القاهرة للتحلل من قيد الإخطار عدم ارتكاب المدين لأي خطأ بإرادته سواء كان ذلك عن قصد أو عن غير قصد. ولم يفت الفصل 269 ق ل ع التأكيد على هذا الشرط بقوله ” لا يعتبر من قبيل القوة القاهرة السبب الذي ينتج عن خطأ سابق للمدين”.
وبدوره القضاء استقر على رفض دفوع المشغل بوجود القوة القاهرة التي تقترن بارتكابه لخطأ شخصي مثل إغلاق مؤسسته الشغلية بسبب مخالفته للقانون (كالزيادة في الأسعار أو مخالفة ضوابط حفظ الصحة…. الخ).
د- استحالة تنفيذ عقد العمل:
للتملص من تبعات المسؤولية الناشئة عن الإعفاء الفوري لعقد العمل لابد أن تفضي الشروط السابقة إلى الاستحالة في تنفيذ الالتزام بالإخطار.
فالاستحالة التي تشكل قوة قاهرة هي الاستحالة المطلقة التي تبدد كل أمل في ضمان استقرار العمل. إما الاستحالة في التنفيذ لمدة قصيرة فإنها لا تشكل قوة قاهرة.
ثانيا : الخطأ الجسيم
يبرر الخطأ الجسيم طرد الأجير فورا وبدون سابق إعلام.
ونظرا لأهمية هذا الموضوع لابد من العمل على تحديد مفهومه والإجراءات المسطرية للطرد، وأخيرا من يتحمل عبء إثباته.
1- مفهوم الخطأ الجسيم في ضوء النصوص القانونية والعمل
القضائي :
لم يضع المشرع المغربي تعريفا للخطأ الجسيم سواء في ظل التشريع الحالي أو في القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل.
أما بالنسبة للقضاء المغربي فقد عرفه بما يلي: ” هو الفعل الذي يجعل من غير الممكن الحفاظ بالعلاقة التعاقدية ولو أثناء مهلة الإخطار”(1). وهو نفس التعريف التي سبق أن قالت به محكمة النقض الفرنسية(2) وهو أيضا نفس التعريف الذي سبق لبعض الفقهاء الفرنسيين أن حددوا به فكرة الخطأ(3).
وعلى أي يتضح من مراجعة النصوص القانونية المنظمة للإجراءات التأديبية التي يمكن لرب العمل أن يتخذها في حق الأجير ولا سيما الفصل الخامس من ظهير 23/10/1948 المعتبر بمثابة النظام النموذجي لعقد العمل والفصل السادس والثامن من ظهير 24 أبريل 1973 المتعلق بتعيين شروط العمل في الميدان الفلاحي أن المشرع يستعمل تارة عبارة “خطأة شنيعة” وتارة أخرى ” خطأ جسيما” أو ” خطأ فادحا” كما هو الشأن في المرسوم الصادر بتاريخ 6 فبراير 1975 والمتعلق بتحديد الكيفيات التي يبلغ بها المأجور الفلاحي عزله عن العمل. كما أن الفصل 30 من ظهير 9 يناير 1946 المعدل بظهير 12 فبراير 1952 استعمل عبارة “هفوة قوية” عند تعرضه لأسباب حرمان الأجير من التعويض عن العطل المؤدى عنها. وقد أورد المشرع في الفصل 6 من النظام النموذجي الصادر بتاريخ 23/10/1948 بعض الأخطاء الفادحة(1) التي قد ترتكب من طرف العامل والتي نستعرضها كما يلي:
- الحكم الصادر من المحاكم العادية.
- السرقة
- السكر
- المضاربة داخل المؤسسة أو أوراشها
- السب الفادح الموجه لموظفي التسيير أو الإدارة
- رفض إنجاز شغل من اختصاص الأجير
- ترك العمل عمدا وبدون مبرر
- المس بحرية الشغل.
- الإتلاف
- تقب ورقة أجير آخر أو أمر أجير آخر بثقب ورقته قصد التدليس
- التأخير المتكرر عن أوقات العمل بدون مبرر
- عدم أهلية العامل للقيام بمنصبه أو لإنجاز الشغل المنوط به.
- غش المستخدم وخيانته
- إفشاء أسرار المؤسسة المهنية التي أمكن للأجير الإطلاع عليها بسبب الشغل.
- أن يتسبب الأجير عمدا أو عن إغفال خطير في الإخلال بسلامة العملة الآخرين ومحلات الشغل أو في إلحاق خسارة جسيمة(1) بالآلات والأجهزة والمصنوعات والمواد الأولوية وغيرها من الأدوات والمواد المستعملة في المؤسسة.
والملاحظ على الأخطار السابقة أنها جميعها يلحق فيها الأجير بمشغله أو بالمؤسسة التي يعمل فيها ضررا ماديا أو معنويا أو غير مباشر، باستثناء عدم أهليته للقيام بالعمل المسند إليه. كما يلاحظ أن بعض هذه الأخطاء تتعلق بسلوك الأجير المنحرف بينما يرتبط البعض الآخر بعمله(1).
ويلاحظ أن المادة 39 من قانون 65.99 قد تضمنت جل الأفعال المنصوص عليها في الفصل 6 من النظام النموذجي مع إضافة أفعال أخرى مثل تعاطي مادة مخدرة والتغيب بدون مبرر لأكثر من أربعة أيام أو ثمانية أنصاف يوم خلال سنة والتحريض على الفساد.
وإذا كان من حسنات القانون المذكور استقراره على مصطلح الخطأ الجسيم سواء كان منسوبا إلى المشغل أو الأجير فإنه وللأسف احتفظ بفعل المس بحرية العمل ضمن لائحة الأخطاء الجسيمة والذي يعتبر جنحة يعاقب عليها الفصل 288 من القانون الجنائي(2)، مع العلم أن المنظمات النقابية طالبت دائمة ومعها الفقه بضرورة حذفه لما فيه من تشديد العقوبة على فعل الاعتداء والإيذاء كلما مورس بالمقاولة بمناسبة الإضراب.
هذا ولقد أضاف المشرع مقتضى جديد يتمثل في محاولة تضييق نطاق فعل “المس بحرية الشغل” حيث أوكلت الفقرة الأخيرة من المادة 39 من قانون 65.99 لمفتش الشغل مهمة القيام بمعاينة عرقلة حرية العمل وتحرير محضر بشأنها ليرفع إلى لجنة ثلاثية التكوين برئاسة عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه. وسيحدد نص تنظيمي تكوين وعمل هذه اللجنة.
والملاحظ أنه بالنسبة للأخطاء الفادحة المذكورة في الفصل 6 من النظام النموذجي والفصل 2 من مرسوم 6 فبراير 1975 المشار إليهما أعلاه، أنها جاءت على سبيل المثال لا الحصر(1)، إذ استعمل النص الأول عبارة تعد على الأخص، و استعمل الثاني يعتبر بمثابة أخطاء فادحة على الخصوص الأمر الذي يعطي للقضاء دورا جليا في تحديد ما إذا كان الخطأ المنسوب للعامل جسيما أم لا(2).
وكنا نأمل أن يتبع مشرع المدونة نهج بعض التشريعات(1) التي حصرت لائحة الأخطاء الجسيمة لكنه لم يحسم في ذلك وترك الباب مفتوحا لكل الاحتمالات بدليل أن المادة 293 من قانون 65.99 أشارت إلى نموذج آخر من الأخطاء الجسيمة والمتمثل في عدم امتثال الأجير للتعليمات المتعلقة بقواعد السلامة وحفظ الصحة حالة أدائه لشغل خطير بعد أن سبق إطلاعه على تلك التعليمات.
2- الإجراءات المسطرية للطرد :
وإذا قرر المشغل طرد العامل المرتكب لخطأ جسيم فإنه يتعين عليه التقيد بالإجراءات المنصوص عليها في كل من قرار 23 أكتوبر 1948 المتعلق بالنظام النموذجي أو في مرسوم 6 فبراير 1975 المطبق في المجال الفلاحي والمتمثلة فيما يلي:
1- يتعين على صاحب العمل إخبار(1) العامل المرتكب للخطأ بالطرد من المؤسسة بواسطة البريد المضمون، وفي ظرف زمني لا يتعدى 48 ساعة من وقت إثبات الخطأ.
2- أن يسلمه شخصيا نسخة من رسالة الطرد
3- أن يحدد المشغل في رسالة الطرد تاريخه وأسبابه(2)
4- أن يوجه المشغل نسخة من رسالة الطرد إلى مفتش الشغل داخل الثمانية أيام الموالية لمعاينة الخطأ المرتكب من جانب العامل.
يتبين من خلال ما سبق أن الإشعار برسالة الطرد يعد إجراءا جوهريا، لأن الطرد باعتباره تعبير عن الإرادة المنفردة للمؤاجر، يجعل الأجير في جهل من القرار المنفذ في حقه إلا بعد علمه به ولن يتم ذلك إلا بواسطة الرسالة.
لكن أثبت الواقع العملي في كثير من مؤسسات الشغل الصغرى اتخاذها بادرة الطرد دون توجيه أي إشعار كتابي سواء للأجير المطرود أو لمفتش الشغل إما لجهل المشغل بالإجراءات المسطرية للطرد أو لهدف تحلله من تبرير إجراء الطرد(1)، الأمر الذي يدفعنا إلى التساءل عن الجزاء المترتب عن عدم التقيد بمسطرة الطرد في حق الأجير.
لقد تباينت مواقف المجلس الأعلى بخصوص هذه النقطة، إذ أحيانا لا يعتبر تبليغ هذا الإشعار كتابة إجراء ضروريا ويظهر ذلك في قراره الذي جاء ” حيث أن طالب النقض يعترف في جميع مذكراته، بأن الشركة منعته من الدخول إلى معاملها، وكان هذا المنع المعترف به، يعد فصلا وتبليغا لهذا الفصل، ما دام القانون المغربي، لا يشترط أية طريقة خاصة لإشعار الطرف الآخر بوقوع الفصل”(2).
لكن المجلس الأعلى تراجع عن الموقف السابق وأكد على وجوب احترام الإشعار بالطرد بواسطة رسالة مضمونة، باعتباره قاعدة جوهرية وليست مجرد شكلية للإثبات ويتضح ذلك من خلال عدة قرارات نذكر منها قراره الصادر بتاريخ 12 نونبر 1984 الذي جاء فيه : ” يتعين لإنهاء عقد العمل، أن يوجه المشغل إنذارا للأجير وإشعارا بالفصل طبق ما يقرره القانون وإلا اعتبر الفصل تعسفيا، وأنه حتى على فرض أن الأجير هو الذي غادر العمل من تلقاء نفسه، فإن قرار 23 أكتوبر 1948 لا يعفيه من ذلك الإشعار”(1).
وبدورنا نعتبر رسالة الطرد ذات أهمية بالغة لا تكمن في المجال المسطري فقط بل لها انعكاسات إيجابية على مستوى طرق الإثبات نظرا لكونها تتضمن أسباب الطرد التي أدت بالمشغل إلى الإعلان عن رغبته في الطرد وهي أسباب يتعين على القاضي التقيد بها(2).
وإلى جانب مسطرة الطرد العادية، فإن مندوبي الأجراء يخضعون لإجراءات خاصة نص عليها الفصل 12 من ظهير 29 أكتوبر 1962(1).
أما عن الحماية التي وفرها مشرع المدونة للأجير المراد فصله لارتكابه خطأ جسيما فتتمثل في منحه فرصة الاستماع إليه من طرف المشغل أو من ينوب عنه بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي الذي يختاره بنفسه وذلك داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التاريخ الذي ثبت فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه مع تحرير محضر في الموضوع يوقعه الطرفان ويتسلم الأجير نسخة منه (2)
3- إثبات الخطأ الجسيم :
يقع على عاتق المشغل إثبات الخطأ الجسيم الذي ينسب للعامل بكل وسائل الإثبات المتاحة له والتي قد تكون كتابية أو شفوية، ذلك أنه ما دام الأمر يتعلق بواقعة مادية فإن الإثبات يكون حرا(3) .
إن ظهير 26 سبتمر 1938 المعدل للفصل 754 من ق ل ع عندما أشار إلى إمكانية إجراء تحقيق للنظر في ظروف إنهاء العقد فإنه لم يحدد أية وسيلة معينة للإثبات. وهو بذلك يترك لرب العمل عند تبريره للطرد، كل الوسائل التي يراها كافية لإثبات الخطأ سواء كانت كتابية أو بالشهود أو بالقرائن. لكن طرح النقاش حول مدى حجية شهادة الشهود الذين يرتبطون مع المشغل بعقد شغل وما ينجم عن ذلك من وجود علاقة تبعية.
لم تفرق المادة 280 من قانون المسطرة المدنية بين الشهود، وبذلك تركت الباب مفتوحا للاستماع إلى كل الشهود بما فيهم المرتبطين بعلاقة التبعية مع المشغل(1).
بدوره الاجتهاد القضائي سار في نفس الاتجاه ونذكر على سبيل المثال القرارات التالية:
1- ” لا يوجد أي نص في القانون يمنع الأخذ بشهادة العمال سواء لفائدة الأجير أو المشغل لهذا تكون المحكمة قد تجنبت الصواب حين ردت شهادة العمال للسبب المذكور”(2).
2- ” فيما يتعلق بالوسيلة الرابعة والمتخذة من كون المحكمة اعتمدت شهادة شاهدين وقع التجريح في شهادتهما بالعداوة والتبعية لرب العمل.
لكن حيث إن تقدير شهادة الشهود، وتحديد قيمتها في الإثبات يخضع لسلطة محكمة الموضوع التي لا رقابة عليها في ذلك من طرف المجلس الأعلى وأن المحكمة عندما قبلت شهادة الشاهدين رغم التجريح فيهما وأثبتت شهادتهما في الحكم تكون قد رفضت الطعن بالتجريح بما لديها من سلطة لتقدير الوقائع والحجج المعروضة عليها”(1).
ثالثا: فترة التجربة
لقد أصبح من الممارسات المألوفة أن لا يبرم عقد شغل نهائي فور التحاق الأجير بالمؤسسة بل يلجأ المتعاقدان إلى جعل عقدهما تحت التجربة إذا أراد أحدهما أو كلاهما التأكد قبل الارتباط نهائيا من أن إبرام هذا العقد سيكون في صالحه، كما لو رغب المشغل في أخذ فكرة عن مستوى كفاءة وتخصص الأجير وبالتالي تحديد العمل المناسب له، أو أراد العامل التأكد من ملاءمة ظروف العمل له ومن تناسب الأجر المقدم له مع طبيعة هذا العمل.
وبالرجوع إلى الفصل 2 من النظام النموذجي الصادر بتاريخ 23/10/1948 نجد أنه يمنح لكلا الطرفين إنهاء العقد باختياره وبدون تعويض خلال مدة الاختبار أو عند انتهائها سوى ما يجب للأجير من حيث الخدمة التي قام بها، إذن هناك حق الإنهاء الانفرادي لكل من الطرفين يمكن إعماله، سواء أثناء سريان المدة أو بعد انتهائها.
لكن ما هي قيود إعمال هذا الحق؟
رغم أن المشرع أجاز للطرفين خلال فترة التجربة وضع حد للعقد بدون سابق إعلام، فإنه مع ذلك لم يجعل هذه القاعدة عامة(1). حيث ألزم الراغب في إنهاء العقد بمراعاة مهلة الأخطار والتي تتحدد في القطاع الصناعي والتجاري والحر في يوم واحد بالنسبة للعمال الذين يتقاضون أجورهم بالأسبوع وفي يومين بالنسبة لمن يتقاضى أجره بالشهر، أما من يتقاضى أجره بالساعة، فيمكن أن يقع إنهاء عقده تحت الاختبار من يوم لآخر بدون سابق إعلام .
أما في القطاع الفلاحي، فتتراوح مهلة الأخطار بين يومين بالنسبة للعمال العاديين والمتخصصين، وثمانية أيام للمستخدمين والأطر.
وبالنسبة للقانون رقم 99/65 فإنه وإن كان سمح لإرادة أحد الطرفين بإنهاء عقد الشغل على سبيل التجربة خلال سريانه دون أن يتحمل أية مسؤولية أو تعويض ودون ضرورة توجيه إخطار للطرف الآخر، فإنه ألزم مع ذلك المشغل بمنح أحد أجلي الإخطار إلى الأجير الذي اشتغل في إطار ذلك العقد، أسبوعا على الأقل ولم يرتكب أي خطأ جسيم(1).
الفرع الرابع :جزاء مخالفة قواعد الإخطار
كما سبقت الإشارة إلى ذلك ينتهي عقد العمل غير محدد المدة بالإرادة المنفردة لأحد الطرفين شريطة التقيد بمهلة الإخطار وذلك منعا لمفاجئة الطرف الآخر ومنحه مهلة لتهيئ نفسه للوضع الجديد الذي سيوجد فيه بانتهاء العقد.
فرب العمل ملزم بإخطار أجيره بالفصل ولا يعفى من ذلك حتى ولو كان الأجير هو الذي غادر العمل من تلقاء نفسه(2).
ولقد حدد المشرع جزاء الإنهاء المفاجئ من خلال مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 754 من ق ل ع ثم من خلال الفقرة الرابعة من الفصل 5 من النظام النموذجي والتي جاء فيها: ” وإذا لم يعط الفريق الذي يقدم على الفسخ المهلة اللازمة فإن التعويض المالي يكون معادلا لقدر الأجرة التي كان من شأن الأجير أن يتقاضاها فيما لو بقي مباشرا لخدمته إلى انصرام مدة الإنذار..”.
ولقد سارت في نفس الاتجاه المادة 51 من مدونة الشغل بالنص على ما يأتي : ” يترتب عن إنهاء عقد الشغل غير المحدد المدة، دون إعطاء أجل الإخطار، أو قبل انصرام مدته أداء الطرف المسؤول عن الإنهاء، تعويضا عن الأخطار للطرف الآخر، يعادل الأجر الذي كان من المفروض أن يتقاضاه الأجير، لو استمر في أداء شغله، ما لم يتعلق الأمر بخطأ جسيم”.
وبدوره المشرع المصري(1) حدد التعويض عن الإنهاء الفجائي تحديدا جزافيا قدره بالأجر المستحق للعامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها.
يتضح مما سبق أن الإنهاء إذا كان صادرا من المشغل، وهي الصورة الغالبة، أن التعويض يكون موازيا للأجر الذي كان من حق العامل أن يتقاضاه خلال مهلة الإخطار(1). ولقد نقض المجلس الأعلى(2) الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بفاس، والقاضي بمنح تعويض عن مهلة الأخطار لرئيس مصلحة المستخدمين يساوي فقط أجرة أسبوع مخالفة بذلك الفصل الأول من القرار الوزاري الصادر في 13/8/1957 والذي بمقتضاه يستحق الطاعن عن مهلة الإخطار تعويضا يساوي أجرة ستة أشهر.
والجدير بالذكر أن التعويض المستحق في حالة الإنهاء الفجائي لا يقاس بالضرر الحاصل كما هو الشأن بالنسبة للتعويضات المدنية العادية، بل بالنظر إلى مبلغ الأجر فقط. بل ويستحق هذا التعويض حتى ولو لم يترتب على الإنهاء الفوري للعقد أدنى ضرر، ذلك أنه يستحق للعامل كاملا حتى ولو التحق بعمل آخر خلال مهلة الإخطار، لأن التعويض يجمع إلى جانب صفة التعويض معنى الجزاء الذي يوقع على رب العمل نتيجة إخلاله بقواعد المهلة القانونية(3).
هذا ويجوز الجمع بين التعويضات التي تمنح عن الإنهاء الفجائي والتعويضات عن الإنهاء التعسفي لكونهما مستقلين الواحد عن الآخر كما يتضح ذلك من نص الفقــرة الخامسـة مــن الفصــل 754 من ق ل ع.
ويتمتع التعويض عن الإنهاء الفجائي بضمانات تتمثل فيما يلي:
- يتمتع بحق الامتياز المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من الفصل 1248 من ق ل ع، وحق الامتياز هذا مقصور على التعويض المستحق للعامل على رب العمل، أما التعويض المستحق لرب العمل فلا يسري عليه الامتياز.
- التعويض لا يقبل الحجز إلا في نفس الحدود التي يمكن فيها الحجز على الأجر.
- لا يجوز للأطراف التنازل المسبق عن الحق في التعويض (الفقرة 9 من الفصل 754 من ق ل ع).
وأخيرا فإن المادة 382 من مدونة الشغل جعلت هذا التعويض يستفيد من امتياز الرتبة الأولى على جميع منقولات المشغل بدل الرتبة الرابعة كما هو مقرر في الفصل 1248 من ق ل ع.
المطلب الثاني: عدم التعسف في إنهاء العقد
إلى جانب الإخطار السابق من الطرف الذي يقرر إنهاء العقد غير محدد المدة، استلزم القانون أن يكون هذا الإنهاء مبني على مبرر مشروع. ويكون الأمر كذلك متى كان من أنهى العقد غير متعسف في استعمال حقه في الإنهاء.
إن قيد الإخطار غير كاف لحماية الأجير الذي كان غالبا ما يجد نفسه عرضة للبطالة بعد انتهاء مهلة الإخطار، لذلك تدخل المشرع ووضع قيدا موضوعيا يتمثل في ضرورة التوفر على سبب جدي ومبرر لإنهاء عقد الشغل. أي أن الطرف الراغب في إنهاء العقد يجب أن لا يكون متعسفا في قراره، ومن هنا ظهرت فكرة “الفسخ التعسفي” التي تجد مصدرها في إدخال المشرع لمبدأ التعسف في استعمال الحق في علاقات العمل بمقتضى الظهير المؤرخ في 26/9/1938 والمتمم لمقتضيات الفصل 754 من ق ل ع.
ولقد نصت المادة 695/2 من التقنين المدني المصري على أنه إذا فسخ العقد بغير مبرر كان للطرف الذي أصابه ضرر من جراء هذا الفسخ الحق في تعويض تقدره المحكمة مراعية في ذلك نوع العمل ومقدار الضرر ومدة الخدمة والعرف الجاري بعد تحقيق ظروف الفسخ. كما نص الفصل 758 من ق ل ع على أنه : ” إذا لم ينفذ أحد المتعاقدين التزاماته، أو إذا فسخها فجأة وفي وقت غير لائق ومن غير مبرر مقبول، ساغ إلزامه بالتعويضات لصالح المتعاقد الآخر…”.
وبدورها المادة 35 من مدونة الشغل منعت فصل الأجير دون مبرر مقبول إلا إذا كان المبرر مرتبط بكفاءته أو سلوكه أو تحتمه ضرورة سير المقاولة.
إن الإلمام بمختلف جوانب هذا الموضوع يتطلب تناوله في حيز أكبر وهو ما قمنا به إذ حصصنا له المبحث التالي:
المبحث الثاني :الإنهاء التعسفي لعقد العمل غير محدد المدة
لا يكفي لاعتبار إنهاء العقد غير محدد المدة مشروعا أن يسبق الإنهاء إخطار في المواعيد المحددة قانونا، بل يجب فضلا عن ذلك ألا يكون الإنهاء تعسفيا.
إذن فما المقصود بالإنهاء التعسفي لعقد العمل؟ وما هي طبيعته؟ ومن يتحمل عبء إثباته؟ وما هي الآثار المترتبة عنه؟
نجيب عن التساؤلات السالفة الذكر عبر المطالب الأربعة التالية:
المطلب الأول :مفهوم الإنهاء التعسفي لعقد العمل
رغم أن المشرع المغربي في الفصل 754 من ق ل ع لم ينص على ضرورة توفر مبرر الإنهاء، حيث اكتفى بقيد المهلة التي يجب مراعاتها بين إعلان الرغبة في الإنهاء وبين تحقق الإنهاء فعلا، فإنه تم تدارك هذا النقص بمقتضى ظهير 26 سبتمبر 1938، الذي أضاف عدة فقرات للفصل السابق، مخصصا الفقرة الخامسة منه لمبدأ الفسخ التعسفي للعقد وما يترتب عن ذلك من تعويض للطرف المتضرر(1). ويجد هذا الوصف مصدره في النظرية العامة للتعسف في استعمال الحق هذه النظرية القديمة(2) التي انقسم الفقه لتحديد معيارها إلى اتجاهين:
– الاتجاه الأول: يعتمد على نية الإضرار بالغير، ذلك أنه لكي يكون استعمال الحق تعسفيا لا بد من التأكد من أن صاحب الحق قد قصد من ممارسة حقه إلحاق الضرر بالغير. ولقد أخذ بالمعيار الذاتي التشريع الألماني الذي نصت المادة 226 من تقنينه المدني على ما يأتي: ” لا يجوز استعمال الحق لمجرد الأضرار بالغير”.
– الاتجاه الثاني: يوسع من نطاق التعسف في استعمال الحق إذ يعتبره كذلك كلما ثبت ارتكاب الفاسخ لخطأ بسيط.
فما هو موقف المشرع المغربي من الاتجاهين السابقين؟
تنص المادة 94 من ق ل ع على أنه: ” لا محل للمسؤولية المدنية، إذا فعل شخص بغير قصد الإضرار ما كان له الحق في فعله…”
نستنتج من المادة السابقة أن مشرع 12 غشت 1913 آخذ بالاتجاه الضيق الشخصي الذي يعتمد على نية الأضرار كمعيار للتعسف مع وضع استثناء مهم على الاتجاه السابق هدف من ورائه توسيع فكرة التعسف بحيث يعتد بها ولو لم تكن هناك نية الأضرار حيث نصت الفقرة الثانية من المادة السابقة (94) على ما يأتي: ” غير أنه إذا كان من شأن مباشرة هذا الحق أن تؤدي إلى إلحاق ضرر فادح بالغير وكان من الممكن تجنب هذا الضرر أو إزالته من غير أذى جسيم لصاحب الحق، فإن المسؤولية المدنية تقوم إذا لم يجر الشخص ما كان يلزم لمنعه أو لإيقافه”.
ويتعين طبقا للمادة السابقة، للاعتداء بفكرة التعسف، أن تتوفر ثلاثة شروط:
- وجود ضرر محقق يصيب الغير
- وجوب تجنب هذا الضرر
- غياب ضرر جسيم يصيب صاحب الحق عندما يحاول تجنب الضرر الذي يصيب الغير.
كما تكرست نظرية التعسف بصدور النظام النموذجي بتاريخ 23 أكتوبر 1948 وخاصة في فصله السادس الذي أشار إلى ” الطرد دون وجه حق”.
هذا عن التشريع الحالي فماذا عن القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل وهل سار في اتجاه توفير حماية أقوى للأجير المهدد بفصله من عمله بشكل تعسفي أي بدون مبرر مقبول حتى ولو لم تتوفر نية الإضرار لدى المشغل؟
لقد عمد مشرع مدونة الشغل ولأول مرة إلى تعداد حالات التعسف وذلك في المادة 36 منه التي تنص على ما يأتي:
” لا تعد الأمور التالية من المبررات المقبولة لاتخاذ العقوبات التأديبية أو للفصل من الشغل:
- الانتماء النقابي أو ممارسة مهمة الممثل النقابي
- المساهمة في أنشطة نقابية خارج أوقات الشغل، أو أثناء تلك الأوقات، برضى المشغل أو عملا بمقتضيات اتفاقية الشغل الجماعية أو النظام الداخلي.
- طلب الترشيح لممارسة مهمة مندوب الأجراء، أو ممارسة هذه المهمة، أو ممارستها سابقا.
- تقديم شكوى ضد المشغل أو المشاركة في دعاوي ضده، في نطاق تطبيق مقتضيات هذا القانون.
- العرق أو اللون، أو الجنس أو الحالة الزوجية، أو المسؤوليات العائلية أو العقيدة، أو الرأي السياسي، أو الأصل الوطني، أو الأصل الاجتماعي.
- الإعاقة إذا لم يكن من شأنها أن تحول دون أداء الأجير المعاق لشغل يناسبه داخل المقاولة.
إن التحديد السابق لحالات التعسف يثير لا محالة تأويلات مختلفة للاجتهاد القضائي كلما طرحت حالة من الحالات غير الواردة ضمن المادة 36 أعلاه وهو أمر كان من الممكن تجنبه لو اكتفى المشرع بالنص على أنه يعتبر من قبل الإنهاء التعسفي لعقد الشغل من طرف المشغل كل إنهاء نتيجة ممارسة الأجير لحق من حقوقه الفردية أو الجماعية التي يقضي بها القانون أو الاتفاقية الجماعية أو النظام الداخلي أو عقد الشغل الفردي(1).
يضاف إلى ما سبق توسع مشرع مدونة الشغل في حالات إنهاء العقد وفصل الأجير كلما كان المبرر مرتبطا بكفاءته وسلوكه أو حتمته ضرورة تسيير المقاولة(2)(لأسباب تكنولوجية (3) أو هيكلية(4) أو اقتصادية(5) أو إغلاق اضطراري)(6).
هذا في حين كان منتظرا تعزيز حماية الأجير وحسم الموقف لصالحه بالنص صراحة على اعتبار الفصل التعسفي كل فصل لا يستند على سبب حقيقي وجدي ومشروع وهو الموقف الذي كان سيعفيه من تعداد حالات الفصل التعسفي(1).
وبجانب النصوص التشريعية أعطى بعض الفقه مفهوما أوسع للإنهاء غير المشروع بهدف حماية الأجير من الطرد حيث ذهب البعض إلى أن نظرية التعسف تجد لها تطبيقا أوسع في نطاق عقد العمل أكثر منه في التطبيقات الأخرى، إذ يكفي قيام الخطأ ضابط للتعسف الذي يرتب مسؤولية العاقد دون حصول نية الإضرار بالغير. فالتعسف يتبين عندما لا يوجد سبب يدفع المتعاقد إلى الإنهاء أو عند عدم الاكتراث بنتيجته الضارة(2).
أما بالنسبة للقضاء المغربي فإن الفصل 754 من ق ل ع المتمم بظهير 26 سبتمبر 1938 أعطى للمحكمة إجراء تحقيق في ظروف الإنهاء وتقدير ما إذا كان الفسخ تعسفيا أم لا وألزمها بتضمين الحكم صراحة المبرر الذي يدعيه الطرف الذي أنهى العقد.
وهكذا فالقاضي المغربي، وفي إطار الدور الإيجابي المنوط به في نزاعات الشغل يعمد وهو بصدد البحث عن السبب المبرر للطرد إلى البحث عن الدوافع الحقيقية، الذاتية منها والموضوعية، مستعينا في ذلك بردود الأطراف، وبكل إجراءات التحقيق الممكنة(1).
فالقضاء لم يقف عند هذا الحد بل أصبح يتطلب في بعض أحكامه لكي يكون إنهاء عقد العمل غير محدد المدة مشروعا أن يستند إلى أسباب حقيقية وجدية(2).
وعلى أي يعتبر القضاء المغربي في الوقت الحاضر الإعفاء تعسفيا، إما لسبب جوهري وإما لسبب شكلي .
فبالنسبة للسبب الموضوعي، يقوم عند غياب سبب مشروع. وتعتبر هذه الوضعية قائمة في الحالات التالية:
أ- إذا كان السبب المتمسك به من طرف المشغل غير صحيح مثلا أن يزعم في رسالة الإعفاء أن الأجير ضرب أو أهان رئيسه، وتبين من البحث الذي أجراه القاضي أن هذا الزعم غير صحيح(3).
ب- إذا كان السبب الذي تمسك به رب العمل غير كاف، أي إذا كان الفعل المنسوب إلى الأجير بالرغم من ثبوته لا يبلغ حدا من الجسامة يبرر عقوبة الطرد، وهو ما يعبر عنه “بالسبب الجدي” ويترتب على هذا المفهوم أن للمحكمة سلطة تقديرية بشأن ملاءمة العقوبة للخطأ المرتكب من طرف الأجير(1).
ج- إذا كان السبب المتمسك به من طرف المشغل غير مشروع كإعفاء الأجير بسبب انتمائه النقابي (2)، أو بسبب خرقه لشرط غير مشروع فرض عليه في عقد الشغل كشرط عدم الزواج.
أما بخصوص السبب الشكلي، فيقوم عند عدم احترام الإجراءات الشكلية المقررة قانونا في حالة الخطأ الجسيم، وأيضا عند عدم مراعاة الإجراءات الإدارية المتعلقة بالإعفاء الجماعي أو الجزئي للأجراء قبل إغلاق المؤسسة(3).
المطلب الثاني :الطبيعة القانونية للإنهاء التعسفي لعقد العمل غير محدد المدة
ثار خلاف حول الطبيعة القانونية للإنهاء التعسفي لعقد العمل غير محدد المدة وهل هو ذو طبعة عقدية أم ذو طبعة تقصيرية، وقد امتد هذا الخلاف إلى أحكام القضاء التي تضاربت بشأن المسألة.
فقد ذهب رأى في الفقه إلى القول بأن الإنهاء التعسفي لعقد العمل غير محدد المدة يرتب على من أنهى العقد مسؤولية عقدية(1) تأسيسا على أن القاعدة العامة في العقود هي وجوب تنفيذها بحسن نية، وأن إنهاء عقد العمل بطريقة تعسفية يعد إخلالا بمبدأ حسن النية، هذا، فتكون المسؤولية المترتبة على الإخلال بهذا الالتزام مسؤولية عقدية.
بينما ذهب رأي آخر في الفقه إلى اعتبار إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بكيفية تعسفية، يرتب المسؤولية التقصيرية، وحجتهم في ذلك أن إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بالإرادة المنفردة يعتبر تصرفا قانونيا يتم خارج الإطار العقدي، كما يعتبر الإنهاء التعسفي أحد تطبيقات النظرية العامة للتعسف في استعمال الحق، وهي نظرية تشكل في كافة الأحوال وجها من أوجه المسؤولية التقصيرية(1).
في حين نجد رأيا وسطا يجمع بين هذين الرأيين، ويأخذ بإحداهما كلما استدعى التكييف الصحيح لوقائع النزاع ذلك، فتارة يأخذ بالمسؤولية العقدية إذا توافرت شروطها، وتارة أخرى بالمسؤولية التقصيرية إذا توافرت كذلك(2).
المطلب الثالث :إثبات التعسف في استعمال حق الإنهاء
تأثرا بالقاعدة الرومانية من يدعي الشيء عليه أن يثبته نص المشرع المغربي في المادة 399 من ق ل ع على ما يأتي : ” إثبات الالتزام على مدعيه” كما نصت المادة 1315 من القانون المدني الفرنسي على أن : ” على الضحية أن يدلي بما يرتكز عليه ضد خصمه”.
يتضح مما سبق أن التشريعات المدنية لا توفر حماية للأجير ما دام هو المطالب بإثبات عدم مشروعية الإنهاء أو الطرد التعسفي لأننا اعتدنا أن نرى المؤاجر السباق إلى إنهاء عقد الشغل بشكل غير مشروع، ولقد ترتب عن هذه التقنية المدنية الصرفة حرمان الأجير المطرود من التعويض عن الطرد التعسفي في معظم الحالات فرب العمل يكتفي فقط بالإشارة إلى السبب المبرر لاتخاذ قرار الطرد دون أن يجهد نفسه في إثباته مع أنه باستطاعته ذلك، في حين يكون على العامل إثبات انعدام مبرر الإنهاء وهو إثبات لواقعة سلبية، يجعل إثبات الخطأ من جانب المشغل أمرا عسيرا، خصوصا إذا لم يكن في ظروف الدعوى ما يساعد على الإثبات.
ولقد طبق المجلس الأعلى قاعدة إثبات الالتزام على مدعيه في إحدى حيثياته الذي جاء فيها : ” حيث أن الطرف الذي يطالب بالتعويض هو الذي يجب عليه إثبات أن فسخ العقد وقع من الجانب الآخر وأنه كان بصفة غير مشروعة ….”(1).
كما اعتبر القضاء المغربي إلقاء عبء الإثبات على عاتق صاحب العمل بمثابة خرق لمبدأ الإثبات(2).
ورغم صدور ظهير 26 سبتمبر 1938 فإن القضاء المغربي بقي محترما لقواعد الإثبات العادية إلا أنه مع ذلك أخذ ببادرة الإشارة والمناقشة للمبرر المتخذ من الطرف الفاسخ للعقد(1) ثم سارت المحاكم في هذا الاتجاه مستخلصة عبء الإثبات من تبادل الدفوعات والمناقشات، ولتقوم بإجراء البحث طبقا للفصل 754 من ق ل ع قصد قلب عبء الإثبات ليصبح المشغل ملزما بإثبات الخطأ الفادح الذي يدعيه أو السبب المبرر للطرد التقني أو الاختصاصي مثلا والمؤدى إلى إنهاء العقد، ومع الأسف بقي المجلس الأعلى متشبثا بنفس الاتجاه، ومستعملا لنفس العبارات رغم مرور عدة سنين.
إلا أن المجلس الأعلى لطف من العبء الثقيل الذي كان على عاتق الأجير المطرود حيث اعتد بالفصلين 754 و 756 من ق ل ع واعتبرهما مخولين لإجراء تحقيق في ظروف إنهاء العقد ومنح التعويض عن الطرد التعسفي في حالة الفسخ بالإرادة المنفردة، كما أضاف القرار ” بأن البحث الذي أجرته المحكمة كشف لها أن العامل لم يرتكب خطأ يبرر إنهاء العقد”(2).
فالملاحظ على القرار السابق أن المجلس الأعلى باقتناعه بعدم وجود ما يبرر الطرد لدليل على إقرار الانتقال من عبء إثبات الفصل التعسفي إلى إثبات الخطأ سبب الطرد نفسه، أي أنه أقر عملية انتقال عبء الإثبات من طرف إلى آخر ما دام المشغل يعتمد في الطرد على خطأ فادح مرتكب من طرف الأجير(1).
ولكن مع الأسف نجد المجلس الأعلى في أحد أحكامه(2) عاد إلى تطبيق القاعدة العامة التي تلقي عبء الإثبات على من يطالب بالتعويض عن الفسخ التعسفي لعقده الأمر الذي دفع ببعض الفقهاء إلى القول بأن المجلس الأعلى تراجع عن الموقف المحمود- المشار إليه سابقا – الذي اقره في حكم 8 نوفمبر 1971.
ونرى انطلاقا من الصعوبات التي تعترض الأجير في إثبات عكس ادعاءات المؤاجر والاتجاه الحمائي لقانون الشغل ، أن المؤاجر هو المسؤول عن إثبات السبب المشروع للفصل وهذا المبدأ اقره المشرع الفرنسي بقانون 13/7/1973 حيث أصبح المشغل هو المطالب بإثبات السبب الحقيقي والجدي للفصل (Art L 122 – 14-2) كما قضت محكمة النقض الفرنسية بتطبيق المادة السابقة بشكل عام على جميع الأجراء وعلى جميع المؤسسات كيفما كان حجمها وعدد إجراءهـا(3) ونعتقد بأن القضاء المغربي أصبح يسير على منوال الاتجاه السابق حيث أكد المجلس الأعلى في واقعة تتعلق بإثبات حالة السكر الطافح الذي كان سببا في طرد العامل على أن المشغل هو الذي يتحمل عبء إثبات الخطأ الفادح الذي ينسبه للأجير(1).
وأخيرا فالقضاء المغربي يميل شيئا فشيئا نحو جعل إثبات عدم التعسف على عاتق رب العمل، ذلك أن العامل غالبا ما يكتفي بالقول بأن العقد الذي يربطه بمشغله قد أنهي من طرف هذا الأخير بطريقة تعسفية ليجد المشغل نفسه في مركز المدافع لنفي التعسف عنه بشتى الوسائل، ودون أن يطلب من المحكمة أن تفرض على العامل إثبات التعسف الذي يدعيه(2).
المطلب الرابع :الآثار المترتبة عن الإنهاء التعسفي
ينص الفصل السادس من النظام النموذجي الصادر بتاريـــخ 23/10/1948 على أنه : ” وإذا طرد الأجير بدون حق فيجوز للمحكمة أن تحكم إما بإعادة الأجير إلى منصبه ابتداء من تاريخ الطرد، وإما بالحكم على المؤاجر بأن يدفع تعويضا يقدر بحسب الظروف المعتبرة في القضية وحسب الضرر اللاحق بالعامل من جراء الطرد”.
واضح من النص السابق أن المشرع يحتفظ للمحكمة في الحالة التي تثبت فيها تعسفية الطرد بالخيار بين إعادة الأجير المطرود إلى عمله وبالتالي استمرار العلاقة بينه وبين رب عمله، أو الحكم على هذا الأخير بأدائه تعويضا للأول يتناسب والضرر الذي لحق به.
بناء على ما سبق نتناول إذن دعوى الخيار بين الرجوع إلى العمل والتعويض عن الطرد التعسفي ( الفرع الأول) ثم جزاء الإنهاء التعسفي ( الفرع الثاني).
الفرع الأول: دعوى الخيار بين الرجوع إلى العمل والتعويض عن الطرد التعسفي
يتضح من الفصل السادس من النظام النموذجي أن جزاء الطرد التعسفي يمكن أن يكون إما بإرجاع الأجير إلى عمله مع منحه أجرته ابتداء من تاريخ توقفه عن العمل إلى غاية استئنافه له وإما بمنحه تعويضا تراعى فيه كل العوامل التي تجسم الضرر المستحق عند التعويض.
فعندما يتقدم الأجير المطرود إلى المحكمة بطلب يتضمن المطالبة بالرجوع إلى العمل أو الحكم له بالتعويض فإنه يتعين على المحكمة الحكم حسب الظروف والحل الأنسب والأصلح للأجير(1) لكن عندما يحصل أن يطلب الأجير الرجوع إلى العمل فقط فهل يلتزم القاضي بالاستجابة لطلبه عند ثبوت طرده التعسفي أم له أن يرفض طلب الإرجاع والحكم له بالتعويض النقدي؟
استنادا إلى مقتضيات الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على ما يأتي : ” يتعين على القاضي أن يبحث في حدود طلبات الأطراف ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذه الطلبات”، يمكن القول بأن القاضي مقيد بالحكم وفق ما طلب منه ولا يستعمل الخيار المقرر له إلا عندما يتضمن طلب الأجير المطرود هذا الخيار إما وأن الأجير اقتصر في طلبه على الحكم له بالرجوع إلى عمله وحده فلا حاجة إذن لاستعمال القاضي للخيار بين الحكم بالرجوع أو الحكم بالتعويض. إذ القاعدة العامة أن القاضي لا يحكم بأكثر مما طلب منه.
وهكذا فالفصل الثالث من ق.م.م يحد من دور القاضي الإيجابي في حل النزاع، والذي يكاد يكون سلبيا Passif، وذلك طبقا لما أسماه الفقه بمبدأ عدم قابلية النزاع للتغيير إذ ينجم عن مخالفته اعتبار القاضي قد شط في استعمال سلطته بتجاهله لحدود الدعوى(1).
وبالنسبة للقضاء فإن موقفه منسجم مع النص التشريعي الذي يخول لقاضي الموضوع سلطة الخيار بين التعويضين، وذلك ما يتضح من خلال قرار المجلس الأعلى الذي جاء فيه: ” عند ما ثبت لقضاة الموضوع وفي نطاق سلطتهم التقديرية أن فصل المطلوب في النقض كان فصلا تعسفيا، فإنه يبقى لهم الخيار بمقتضى الفصل السادس من النظام النموذجي للعلاقة بين الأجراء وأرباب العمل الصادر في 23 أكتوبر 1948 في الحكم بإرجاع الأجير إلى عمله أو الحكم بالتعويض، وهذا ما فعله القاضي الابتدائي الذي أيدته محكمة الاستئناف …”(2).
وإذا كان المجلس الأعلى قد حسم هذه الإشكالية بترجيحه للنص الخاص (الفصل 6 من النظام النموذجي) فإن استئنافية القنيطرة خالفت الرأي وعللت قرارها بما يلي:
” حيث ينص الفصل الثالث ق.م.م أنه يتعين على القاضي أن يبث في حدود طلبات الأطراف.
” وحيث تبين من المقال الافتتاحي للدعوى أن طلب المستأنف يهدف الحكم له بتعويض عن الضرر الحاصل له من الطرد، ولم يطلب الرجوع للعمل (….) مما يجعل دفع المستأنف له ما يبرره”(1).
أما بالنسبة لمشرع مدونة الشغل فقد حافظ على المكسب القانوني والمتمثل في ترك الخيار للمحكمة، حالة ثبوت فصل الأجير تعسفيا، في الحكم إما بإرجاعه إلى عمله أو حصوله على تعويض عن الضرر(2).
أما بالنسبة للقانون الفرنسي، فإن إعادة العامل إلى عمله مسألة اختيارية بالنسبة للقاضي والأطراف على حد سواء، ويتضح ذلك من نص المادة 4-14-122- L من قانون العمل لسنة 1973 والذي جاء فيه “إذا تم الفصل لأسباب لا تستجيب لمقتضيات المادة 2-14-122- Lفللمحكمة أن تقترح إعادة العامل إلى عمله بالمؤسسة والاحتفاظ له بكافة الحقوق المكتسبة، وفي حالة رفض أحد الطرفين للمحكمة أن تمنح تعويضا لا يقل مبلغه عن أجرة الستة أشهر الأخيرة”.
الفرع الثاني :جزاء الإنهاء التعسفي
نص المشرع في الفصل 6 من النظام النموذجي على الآثار المترتبة عن فسخ العقد فسخا تعسفيا، مشيرا إلى أنه إذا طرد الأجير بدون حق فيجوز للمحكمة أن تحكم إما بإعادة الأجير إلى منصبه مع أجراء العمل بالرجوع ابتداء من تاريخ الطرد، وإما الحكم على المؤاجر بأن يدفع تعويضا يقدر بحسب الظروف المعتبرة في القضية وحسب الضرر اللاحق بالعامل من جراء ذلك الطرد.
والملاحظ من الناحية العملية أن أغلبية العمال المطرودين يقتصرون على المطالبة بالتعويض عن الطرد التعسفي بدل طلب العودة إلى العمل. لذلك نتناول إعادة العامل إلى عمله والتعويض النقدي.
أولا: إعادة العامل إلى عمله
يثير إرجاع العامل إلى عمله بحكم قضائي عدة إشكاليات ارتبط بعضها بتضارب الاتجاهات الفقهية حول جدوى هذا التدبير وبعضها بآثار الحكم القاضي بالإرجاع إلى العمل.
أ- مؤيدات الحكم بالرجوع إلى العمل
إذا كان الاجتهاد القضائي قد سار على “اجتناب” الحكم بالإرجاع والاكتفاء بالحكم بالتعويض عملا بتوصية الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي فإن الاتجاهات الفقهية عرفت اختلافا ما بين خصوم الإرجاع وأنصاره.
1- خصوم الإرجاع :
يستند أصحاب هذا الرأي على عدة مبررات نذكر منها:
أ- إن الحكم بإرجاع الأجير إلى عمله يعرض سلطة المشغل إلى الضعف والاحتقار أمام الأجراء، الشيء الذي يؤدي إلى فقد الانضباط وتسرب روح التمرد والفوضى وعدم الامتثال لأوامر المؤاجر خاصة في المقاولات الصغرى التي تسود فيها العلاقات الشخصية ما بين المشغل وأجرائه.
ب- إن الحكم بالإرجاع غالبا ما يكون غير ذي فائدة ومجردا من أية فعالية طالما يصعب تنفيذه رغما عن إرادة المشغل ، هذا بالإضافة إلى أن المجلس الأعلى أكد في قراراته(1) على أن التعويض عن الطرد التعسفي هو بديل للامتناع عن تنفيذ الإرجاع، وبعبارة أخرى إذا امتنع المشغل عن تنفيذ حكم الإرجاع فإنه لا يكون أمام الأجير سوى المطالبة بالتعويض عن الطرد التعسفي.
ج – إن الحكم حتى ولو نفذ، فإن الأجير قد يلج المؤسسة في الصباح لتصبح أبوابها مغلقة في وجه بعد الزوال(2).
2- أنصـــار الإرجـــاع:
استند أنصار هذا الرأي على عدة تبريرات نذكر منها ما يلي:
أ- يعد مبدأ الإرجاع ضمانة كبرى لاستقرار الشغل لأن المشغل عندما يعلم مسبقا بأن إعفاء الأجير بدون مبرر مقبول سيعرضه للحكم عليه بإرجاعه إلى عمله مع أداء أجره الذي حرم منه خلال المدة التي توقف فيها عن العمل ولو استمرت عدة سنوات فإنه لا محالة سيحجم عن خرق القانون وخلق مبررات واهية للتخلص من بعض الأجراء.
ب- إن تجاوز الحكم بالإرجاع هو تجاوز لإرادة المشرع الذي أعطى الأولوية في الفصل 6 من النظام النموذجي للحكم بالإرجاع قبل التعويض والقول بغير ذلك يشجع المشغلين على طرد الأجراء الذين لا يرغبون فيهم مقابل تعويضات نقدية لا تؤثر على وضعهم الاقتصادي.
ج- يعتبر الإنهاء بدون مبرر إنهاء باطل، وجزاء البطلان هو إعادة المتعاقدين إلى حالتها السابقة، ومثل ذلك لا يتحقق إلا بإرجاع الأجير إلى عمله عندما يفقده بسبب إنهاء المشغل للعقد بدون مبرر(1).
ونحتم هذا الاختلاف الفقهي بتبني الرأي الأخير لعدة اعتبارات نذكر منها على الخصوص:
– إن التعويض النقدي مهما كان مقداره لا يستطيع جبر الضرر الذي يلحق الأجير نتيجة فقده لعمله والذي يصعب عليه العثور على مثله خاصة إذا كان متقدما في السن فيجد نفسه في عداد العاطلين الذين ارتفعت نسبهم نتيجة عجز القطاعات الاقتصادية عن استيعاب عددهم الهائل(1).
– تختلف نتائج الحكم بالإرجاع باختلاف المؤسسات، فالمؤسسات الكبرى التي تضم العديد من الأجراء لا يكون للمسؤول عنها أي علاقة مباشرة مع الأجراء، وبالتالي لا يترتب على عودة الأجراء المفصولين إليها أي تأثير على معنوياته أو المس بسلطاته.
– إن إعطاء الأولوية لسلطة رؤساء المؤسسات والتخوف المبالغ فيه من اهتزاز سلطتهم في حالة الحكم بالإرجاع لا يتوافق مع قواعد العدالة، ولا يساير ركب المستجدات الواقعية، التي تفيد شبه استحالة إيجاد فرصة شغل جديدة بالنسبة للمسرحين(2).
ب- آثار الحكم القاضي بالإرجاع إلى العمل
بالرجوع إلى مقتضيات الفصل السادس من النظام النموذجي يتضح بأن المشرع يهدف إلى أن يكون لقرار الإرجاع أثر ابتداء من تاريخ الطرد، فهل زكى الاجتهاد القضائي المغربي المفهوم الحقيقي لعبارة الأثر التي قصدها المشرع في الفصل المذكور؟ ثم هل هناك إمكانية لإكراه المؤاجر بصفة غير مباشرة على تنفيذ التزامه العيني؟
نلاحظ بالنسبة لاتجاه المجلس الأعلى أن هناك تضارب في المواقف حيث قضى في أحد قراراته(1) على أنه من العواقب الحتمية إذا طلب العامل الحكم بإرجاعه إلى عمله على إثر الفصل التعسفي وثبت التعسف في الفصل وحكم بإرجاع العامل إلى عمله، أن يحكم له كذلك بأجره من تاريخ الفصل التعسفي ولو لم يطلبه. لكن المجلس الأعلى تراجع عن موقفه السابق وقضى بأنه على الرغم من صدور حكم بإرجاع الأجير إلى عمله، فإنه لا يتمتع بأجرته عن الفترة الممتدة من تاريخ الطرد غير المبرر إلى تاريخ الإرجاع إلى العمل لأن الأجر لا يؤدى إلا عن العمل الفعلي(2) معتمدا في ذلك على مقتضيات الفصـل 723 من ق ل ع بالرغم من أن بنوده لا تصلح أساسا سليما لتعزيز الموقف المذكور.
ثم عاد من جديد ليلطف من اتجاهه السابق حيث صرح بأنه: “… لكن حيث إنه إذا كان الفصل من جانب المشغل، وكان فصلا غير قانوني، فإنه يكون ملزما بأداء أجر الأجير، لأن هذا الأخير يكون لازال جاعلا خدماته رهن إشارة مشغله في انتظار حكم المحكمة”(3).
ويستنتج من قرار المجلس الأعلى نفسه أنه في حالة عدم وضع الأجير نفسه رهن إشارة المشغل فإن طلب الأجر عن مدة طرده من العمل لا يمكن قبوله ويحكم له فقط بالتعويض عن الطرد التعسفي.
أما بالنسبة للتساؤل المطروح حول مصير الحكم القاضي بإرجاع العامل إلى عمله إذا رفض المؤاجر الانصياع له فيجيبنا الأستاذ موسى عبود عن ذلك قائلا(1): ” بالنظر إلى الصعوبات التي تعترض تنفيذ الحكم بالإرجاع يمكن للقاضي اللجوء إلى الغرامة التهديدية التي نص عليها الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية وإذا ظل المؤاجر ممتنعا عن التنفيذ فإنه تطبق آنذاك مقتضيات الفصل 261 من ق ل ع حيث يتحول الالتزام بالتنفيذ إلى الالتزام بالتعويض”.
وبالنسبة للأستاذ محمد البديوي، فإن هذه الإمكانية لا يوجد لها موضوع بالنسبة للحكم بالإرجاع إلى العمل مبررا موقفه بالقول : “إن الأساس القانوني لهذا الاتجاه هو كون الغرامة التهديدية تأخذ بعين الاعتبار الضرر اللاحق بطالب التنفيذ من جراء الامتناع، في حين أن رب العمل من حقه أن يرفض إرجاع العامل للعمل، وبالتالي لا يبقى أمام العامل إلا المطالبة بالتعويض عن الامتناع عن الإرجاع والذي يقابل التعويض عن الطرد التعسفي”(2).
أما بالنسبة لموقف القضاء المغربي، ويتزعمه المجلس الأعلى، فقد سبق له أن اعتمد على الغرامة التهديدية(1) المنصوص عليها في الفصل 448 من ق م م كوسيلة قانونية للضغط على المشغل من اجل إرجاع العامل إلى عمله، ثم عاد من جديد ليقرر أنه لا مجال للجوء لمقتضيات الفصل 448 من ق م م المتعلق بالغرامة التهديدية لإجبار المشغل على تنفيذ حكم الإرجاع وهو ما يظهر من حيثيات قرار الغرفة المدنية بالمجلس الأعلى الذي جاء فيه: ” …. وحيث ثبت صحة ما عابته الوسيلة على القرار المطعون فيه، ذلك أنه إذا كان المشرع في الفصل 448 من ق م م مكن قضاة الموضوع من الحكم بغرامة تهديدية ضد الشخص الذي يمتنع عن تنفيذ حكم قضى عليه بالقيام بعمل ما لإجباره على القيام بذلك العمل، فإنه في نزاعات الشغل، فإن الأجير الذي يرفض المشغل إرجاعه إلى عمله لا يكون إما أمامه سوى تقديم طلب جديد يرمي إلى تعويض عن الضرر الحاصل له من جراء الطرد التعسفي، وتعسف المشغل في استعمال الحق، كما يستفاد ذلك من مقتضيات الفصل 6 من قرار 23/10/1948، وبذلك فإن محكمة الاستئناف عندما حددت مبلغ الغرامة التهديدية استنادا إلى امتناع الطاعنة عن تنفيذ الحكم القاضي عليها بإرجاع المطلوب في النقض إلى عمله دون الأخذ بعين الاعتبار كون رب العمل ليس مجبرا على إرجاع الأجير المطرود لعمله، وإنما عليه تعويضه لم تجعل لقرارها تعليلا سليما، مما يعرضه للنقض”(1).
إن تراجع المجلس الأعلى عن الأخذ بمقتضيات الفصل 448 من ق .م.م المتعلق بالغرامة التهديدية لإجبار المشغل على تنفيذ حكم الإرجاع يفتح المجال للتهرب من تنفيذ الأحكام القضائية، بل ويعطي الفرصة للمس بسمعة السلطة القضائية هذه الأخيرة التي تعتبر ملاذا وملجأ أخيرا لكل مظلوم. لذلك نشاطر الرأي القائل : ” بأنه إذا رفض صاحب العمل إعادة العامل بعد تقرير بطلان عقوبة الفصل أمكن اعتبار موقفه هذا بمثابة عقبة مادية تحول بين العامل وبين ممارسة عمله، ويكون من حق القضاء المستعجل إزالة هذه العقبة وتمكين العامل من الاستمرار في العمل، وليس في إعادة العامل للعمل في هذه الحالة أية صعوبة من ناحية التنفيذ إذا فرض المشرع وسيلة إكراه مالي على صاحب العمل فضلا عن العقوبة الجنائية”(2).
ثانيا: التعويض النقدي
إذا تبين للمحكمة من خلال دراسة أسباب إنهاء العقد المعتمد عليها من طرف المؤاجر، أنها غير مبررة انتهت إلى القول بأن الإنهاء جاء تعسفيا مما يخول للأجير المطالبة بآثار هذا الإنهاء.
ويدخل التعويض عن الطرد التعسفي ضمن السلطة التقديرية لقاضي الموضوع مع ضرورة مراعاة بعض العناصر التي حددتها الفقرة السادسة من الفصل 754 من ق ل ع التي جاء فيها ” لتحديد التعويض عندما يكون له محل تلزم مراعاة العرف وطبيعة الخدمات وأقدمية أدائها وسن الأجير أو المستخدم والمخصوصات المقتطعة والمدفوعات الحاصلة أجل ترتيب معاش التقاعد وعلى العموم كل الظروف التي تبرر وجود الخسارة وتحدد مداها..”.
كما قرر المشرع من خلال الفقرة الأخيرة من الفصل السادس من النظام النموذجي أنه يجب على قاضي الموضوع، عند تقديره للتعويض أن يدخل في الاعتبار ظروف النزاع والخسارة الحاصلة للعامل المفصول عن عمله بكيفية تعسفية.
وتخضع هذه العناصر لرقابة المجلس الأعلى بحيث إذا لم يأخذها القاضي بعين الاعتبار يكون قراره معرضا للنقض وهو ما حرص اجتهاد المجلس الأعلى المتواتر على تأكيده والذي نذكر منه ما يأتي :
– قراره الذي ورد فيه ما يلي: ” بمقتضى الفقرة السادسة من الفصل 754 من ق ل ع، فإنه عندما يقرر قضاة الموضوع استحقاق الأجير للتعويض عن الطرد التعسفي يجب عليهم مراعاة سن الأجير ومدة العمل والأجرة والاقتطاعات وكل الأضرار التي لحقت به، والعناصر المشار إليها هي حالات شخصية تهم كل عامل على حدة، لذلك يجب على قضاة الموضوع إبرازها وبيانها حتى يتمكن المجلس الأعلى من مراقبة ما انتهوا إليه في قرارهم”(1).
– كما ألح في قرار آخر على ضرورة ذكر عناصر الفصل 754 إذ قضى على أن الحكم الابتدائي الذي لم يذكر تلك العناصر، والتي ألزم المشرع مراعاتها عند التعويض عندما يكون له محل، يجعل القرار المطعون فيه خارقا للقانون(2).
يتضح مما سبق استقرار المجلس الأعلى على نقض كل قرار يمنح للعامل تعويضا دون توضيح قضاة الموضوع اعتمادهم على العناصر المشار إليها في الفقرة السادسة من الفصل 754 من ق ل ع.
ونشاطر الرأي القائل(3) بأن العناصر المنصوص عليها في الفقرة السادسة من الفصل 754 من ق ل ع، والفقرة الأخيرة من الفصل السادس من النظام النموذجي هي عناصر واردة على سبيل المثال فقط يمكن للقاضي أن يسترشد بها ويقيس عليها فيما يعرض عليه من نزاعات.
ويتميز التعويض عن الضرر الناتج عن فسخ العقد فسخا تعسفيا عن التعويضات الأخرى المستحقة عن الفسخ الفجائي والتعويض عن الإعفاء من الخدمة والتعويض عن الأقدمية لاستقلاله عنهما من حيث الأساس، ومن حيث الطبيعة، ومن حيث صعوبة التقدير(1).
وبالرغم من الأسس التي حددها ظهير 26/9/1938 فإن أحكام المحاكم تباينت في مجال التعويض عن الطرد التعسفي لانعدام مقياس تنحصر فيه عناصر التحديد، مما دفع القضاة المشاركين في الندوة الاجتماعية المنعقدة بالرباط ما بين 8 يناير وفاتح فبراير 1979 إلى الاتفاق على وضع جدول على سبيل الاستئناس لكي يكون التعويض متقاربا بين المحاكم، حيث اعتمدوا على ثلاثة عناصر تتمثل في سن الأجير، وأقدميته، وكل العناصر الأخرى لإصلاح الضرر كتعذر الحصول على العمل والآلام النفسية…..إلخ.
كما أخذت أقدمية العامل كقاسم مشترك لتحديد التعويض بالنسبة للعناصر الثلاثة:
1- العنصر الأول: سن العامل
الســــــــن | مبلغ التعويض في كل سنة |
أقل من 20 سنة
من 20 إلى 30 سنةمن 31 إلى 40 سنة من 41 إلى 50 سنة من 51 إلى 60 سنة |
أجرة 5 أيام إلى 10 أيام في السنة
أجرة 10 أيام إلى 15 يوما في السنة أجرة 16 يوما إلى 20 يوما في السنة أجرة 21 يوما إلى 25 يوما في السنة أجرة 26 يوما إلى شهر في السنة |
2- العنصر الثاني: أقدمية العامل في العمل
الســــــــن | مبلغ التعويض في كل سنة |
من سنة إلى 5 سنوات عمل
من 6 سنوات إلى 10 سنوات عمل من 11 سنة إلى 15 سنة عمل من 16 سنة إلى 20 سنة عمل |
أجرة 5 أيام إلى 10 أيام في السنة
أجرة 11 يوما إلى 15 يوما في السنة أجرة 16 يوما إلى 20 يوما في السنة أجرة 21 يوما إلى 25 يوما في السنة |
3- العنصر الثالث : يتضمن التعويض عن بقية العناصر
الأخرى
لقد حدد له أجرة مدة تتراوح ما بين 5 أيام إلى 20 يوما في السنة وتجدر الإشارة أن العناصر السابقة لا تطبق في الحالة التي يرتبط فيها الأجير مع رب العمل باتفاقية جماعية تضمن له تعويضا يتعدى المبالغ التي يمكن أن يحصل عليها في حالة ما إذا طبقنا العناصر السالفة الذكر وأن أبرز مثال على هذا الاتفاقية الجماعية للعمال ومستخدمي شركة توزيع البترول والغاز بالمغرب المطبقة منذ فاتح يناير 1970 والتي يقضي الفصل 33 منها على أن العامل الذي يفسخ عقد عمله بعد قضاء سنة واحدة من العمل في المؤسسة يتقاضى بصرف النظر عن التعويض المستحق عن الإخطار، تعويضا قدره أجرة شهر عن كل سنة قضاها في العمل على أن لا يتجاوز الحد الأقصى لعدد الشهور 18 شهرا(1).
فكيف تعامل القانون رقم 65.99 المتعلق بمدونة الشغل مع تقدير التعويض المستحق عن الطرد التعسفي؟
تدخل واضع مدونة الشغل من خلال المادة 41 لتقنين التعويض عن الضرر حالة الإنهاء التعسفي للعقد لتفادي الوقوع في تقديره بطرق جد متباينة من محكمة لأخرى بالنسبة لفئات العمال التي تنتمي إلى صنف مهني واحد واقر في الفقرة الأخيرة من المادة المشار إليها على أن التعويض عن الضرر يحدد مبلغه على أساس أجر شهر ونصف عن كل سنة عمل أو جزء من السنة على أن لا يتعدى سقف 36 شهرا.
فالمدونة الجديدة حدت من التضارب الذي كان يعرفه العمل القضائي بخصوص التعويض المستحق عن الطرد التعسفي والذي تسميه المدونة بالتعويض عن الضرر.
وهو ما يعني حرمان المحكمة من أية سلطة تقديرية لتحديد التعويض عن الضرر على غرار الفصل 754 من ظهير الالتزامات والعقود والفصل 6 من النظام النموذجي.
وأخيرا فإن المادة 382 من المدونة جعلت الأجراء يستفيدون خلافا لمقتضيات الفصل 1248 من ق ل ع من امتياز الرتبة الأولى قصد استيفاء ما لهم من أجور وتعويضات في ذمة المشغل من جميع منقولاته.
الخاتمـــــــــة:
يتضح من خلال إقرار المشرع الاجتماعي لمجموعة من الحقوق للأجراء المتضررين من إنهاء عقد الشغل، ومن أهمها حصولهم على التعويض، أنها ما زالت ضعيفة وبعيدة عن ضمان استقرار علاقات الشغل والمحافظة على السلم الاجتماعي.
وفي سبيل تعميق المنظور الحمائي لمبدأ استقرار الشغل نقترح ما يلي:
- توفير قضاء اجتماعي متخصص، وذلك بإعادة تجربة المحاكم الاجتماعية التي كان معمولا بها في الفترة الممتدة ما بين 1972 – 1974، مسايرة للنهج الذي سلكه المغرب ألا وهو القضاء المتخصص.
- فرض التعويض العيني (الحكم بالإرجاع إلى العمل) كتعويض أصلي عن الطرد التعسفي باعتباره يشكل ضمانة حقيقية لاستقرار العامل في عمله، وضمان أجره، خاصة في غياب تأمين عن البطالة(1) التي أصبحت تمس نسبة كبيرة ومتزايدة التضاعف من الساكنة النشيطة المغربية.
الهوامش:
(1)– ينص الفصل 727 من ق ل ع على أنه: ” لا يسوغ لشخص أن يؤجر خدماته إلا إلى أجل محدد أو لأداء عمل معين، أو لتنفيذه، وإلا وقع العقد باطلا بطلانا مطلقا”.
(2)– أكد المبدأ السابق الفصل 728 من ق ل ع بقوله: ” يبطل كل اتفاق يلتزم بمقتضاه شخص بتقديم خدماته طوال حياته، أو لمدة تبلغ من الطول حدا بحيث يظل ملتزما حتى موته”.
(3)– التهامي الدباغ: الأسس التي يخضع لها تقييم التعويض عن الطرد التعسفي دعوى الخيار بين الرجوع إلى العمل والتعويض عن الطرد التعسفي، الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي المنعقدة بالرباط بتاريخ 25-26 فبراير 1992 منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية، ص 132
(1)– ينص الفصل 745 من ق ل ع على أن : إجارة الصنعة وإجارة الخدمة تنقضيان:
أولا: بانتهاء الأجل المقرر أو بأداء الخدمة أو الصنع الذي كان محلا للعقد”
نفس الاتجاه أكدته المادة 33 من القانون رقم 99/65 المتعلق بمدونة الشغل والتي جاء فيها: ” ينتهي عقد الشغل المحدد المدة بحلول الأجل المحدد للعقد، أو بانتهاء الشغل الذي كان محلا له”.
(2)– أحمد رأفت تركي: حقوق العامل بعد انحلال عقد العمل في القانونين المغربي والمصري، مجلة الميادين، العدد السابع، السنة 1991، ص 20.
(1)– محمد الشرقاني: محاضرات في مدونة الشغل المرتقبة (مشروع 2000) السنة الجامعية 2000-2001، ص 289.
(1)– منشور بالجريدة الرسمية عدد 5167 بتاريخ 8 دجنبر 2003، ص 3969.
للتذكير فهذا القانون حسب المادة 589 منه سيدخل حيز التنفيذ بعد انصرام أجل ستة اشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
(1)– يرى بعض الفقه أن شهادة نهاية الخدمة ليست بشهادة توصية أو حكم على أمانة العامل أو كفاءته. راجع في ذلك حسن كيرة: أصول قانون العمل، عقد العمل، الطبعة الثالثة 1979، ص 647 وأحمد رأفت تركي: المرجع السابق، ص 22.
(1)– محمد الشرقاني : المرجع السابق، ص 290.
(2)– سعيد بناني: قانون الشغل بالمغرب علاقات الشغل الفردية، طبعة 1981، ص 535.
(3)- تنص الفقرة الثانية من الفصل 745 مكرر من ق ل ع (ظهير 8 أبريل 1938) على أنه: ” تعفى شهادات العمل المعطاة للعمال والمستخدمين والخدم من التامبر والتسجيل. ولو اشتملت على بيانات أخرى غير تلك المذكورة في الفقرة السابقة ما دامت هذه البيانات لا تتضمن التزاما ولا توصيلا ولا أي اتفاق آخر مما يخضع للتامبر أو للتسجيل.
ويشمل الإعفاء الرسم الذي يتضمن عبارة ” حر من كل التزام” أو أية صياغة أخرى تثبت انقضاء عقد العمل انقضاء طبيعيا والصفات المهنية والخدمات المؤداة”.
(4)– تنص الفقرة الثالثة من المدونة على أنه: ” تعفى شهادة الشغل من رسوم التسجيل ولو اشتملت على بيانات أخرى غير تلك الواردة في الفقرة الثانية أعلاه. ويشمل الإعفاء الشهادة التي تتضمن عبارة ” حر من كل التزام” أو صياغة أخرى تثبت إنهاء عقد الشغل بصفة طبيعية”.
(1)– سعيد الزهيري: القواعد المنظمة لطرق الإثبات في دعوى فسخ عقد الشغل، الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي، المرجع السابق، ص 58.
(2)– راجع في ذلك الفصل 758 مكرر من قانون الالتزامات والعقود والمضاف بظهير 6 يوليوز 1954 والمادة 42 من م م ش رقم 99/65.
(3)– قرار الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء رقم 594 الصادر بتاريـــــخ 12 دجنبر 1990 في الملف الاجتماعي عدد 1835/88 والمنشور بمجلة المحاكم المغربية، العدد 67، السنة 1993، ص 174 وما بعدها.
(1)– الفصل 745 مكرر من ق ل ع.
(2)– تنص الفقرة الأولى من مادة 72 من م.ش على أنه: ” يجب على المشغل، عند انتهاء عقد الشغل، تحت طائلة أداء تعويض، أن يسلم الأجير شهادة الشغل داخل أجل أقصاه ثمانية أيام”.
(3)– استئناف القاهرة 23 نوفمبر 1958، المدونة العمالية الدورية للفكهاني ، 1960 رقم 284، ص 478، مشار إليه من طرف حسن كيرة، المرجع السابق، هامش رقــــــم 3، ص 647.
(4)– قرار الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء رقم 594 المذكورة سابقا.
(1)– جاء في حيثيات القرار 594 المذكور سابقا ما يأتي: “… وحيث إنه بالرجوع إلى الفصل 388 وما بعده، فإن طلب شهادة العمل غير وارد ضمن الحالات المنصوص عليها فيه، وتبقى بالتالي خاضعة للتقادم المنصوص عليه في الفصل 387 من ق ل ع، وأن التعويض عن عدم تسليمها يخضع للفصل 106 بحكم أن الامتناع عن تسليم الشهادة ينتج عنه المسؤولية التقصيرية”.
(1)– استعمل ذات المصطلح محمد مصلح ومحمد سعيد بناني في مقالهما تحت عنوان: “الفسخ التعسفي لعقد العمل غير المحددة مدته وأسس تقدير التعويض عن الضرر الناتج عنه” ندوة القانون الاجتماعي، منشورات وزارة العدل لسنة 1979، ص 77.
بينما استعمل محمد الكشبور في مرجعه التعسف في إنهاء عقد الشغل طبعة 1992، ص 131 عبارة “التعويض عن نهاية الخدمة”.
(2)– بجانب المرسوم رقم 316.66 الصادر بتاريخ 14/8/67 هناك نصوص أخرى خاصة ببعض الأجراء نذكر منها الفصل 5 من ظهير 21 ماي 1943 الخاص بالوكلاء المتجولين أو الممثلين أو الوسطاء في التجارة والصناعة والفصل 12 من ظهير 24 دجنبر 1960 المتعلق بالنظام الأساسي لمستخدمي المؤسسات المنجمية.
(3)– التهامي الدباغ : المرجع السابق، ص 140
(4)– يحمل هذا المرسوم رقم 316.66 ونشر في الجريدة الرسمية تحت عدد 2860 بتاريخ 23 غشت 1967.
(1)– تنص المادة 75 من قانون العمل المصري رقم 137 لسنة 1981 على أنه : ” يستحق العامل عن مدة عمله بعد سن الستين مكافأة بواقع أجر نصف شهر عن كل سنة من السنوات الخمس الأولى وأجر شهر عن كل سنة من السنوات الخمس التالية وذلك إذا لم تكن له حقوق من هذه المدة وفقا لتأمين الشيخوخة، والعجز والوفاة المنصوص عليها في قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975″.
(2)– رأفت أحمد تركي : المرجع السابق، ص 22.
(3)– تنص المادة 52 من القانون رقم 99/65 على أنه: ” يستحق الأجير المرتبط بعقد شغل غير محدد المدة، تعويضا عند فصله، بعد قضائه ستة اشهر من الشغل داخل نفس المقاولة، بصرف النظر عن الطريقة التي يتقاضى بها أجره، وعن دورية أدائه”.
(1)– محمد سعيد جرندي : الطرد التعسفي للأجير بين التشريع والقضاء بالمغرب، الطبعة الأولى 2002، ص 144.
(1)– حسب الفصل 5 من المرسوم رقم 317.66 تستثنى التعويضات التالية:
– التعويضات المعتبرة بمثابة إ{جاع لمصاريف أو نفقات أو تعويض عنها
– التعويضات المعتبرة بمثابة تعويض عن مسؤولية ما.
– التعويضات عن ألأعمال الشاقة أو الخطيرة.
– التعويضات المعتبرة بمثابة تعويض عن عمل ينجز بمنطقة غير ملائمة من
الناحية الجغرافية.
– تعويضات القيام مؤقتا بالنيابة عن عون من صنف أعلى أو عن عمل ينجـــز
بكيفية مؤقتة أو استثنائية.
(1)– حسب المادة 57 من م ش تستثنى التعويضات التالية:
أ- المبالغ المستردة تغطية لمصاريف أو لنفقات سبق أن تحملها الأجير بسبب شغله.
ب- التعويض المؤدى عن تحمل مسؤولية، باستثناء التعويضات عن المهام، كالتعويض المؤدى لرئيس فرقة، أو لرئيس مجموعة.
ج- التعويضات عن الأشغال المضنية أو الخطرة.
د- التعويضات المدفوعة مقابل شغل أنجز في مناطق صعبة.
هـ- التعويضات المدفوعة للأجير، إذا حل مؤقتا محل أجيرا آخر ينتمي إلى فئة
أعلى من فئته، أو عن شغل أنجزه الأجير بصفة مؤقتة، أو استثنائية، ما عدا التعويضات عن الساعات الإضافية.
(2)– قرار المجلس الأعلى رقم 250 بتاريخ 25 أبريل 1988 في الملف الاجتماعي عدد 8552/87 قضاء المجلس الأعلى، العدد 41 نوفمبر 1988، ص 187.
وذهب في نفس الاتجاه قرار محكمة الاستئناف بفاس تحت رقم 781/86 الصادر بتاريخ 29 أكتوبر 1986 والمنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 41، 1988، ص 186.
(1)– المادة 53 من م.ش.
(1)– راجع في ذلك الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود.
(2)– تنص الفقرة الأولى من الفصل 753 من ق ل ع المتمم بظهير 6 يوليوز 1954 على أنه: “تنقضي إجارة الخدمة بانقضاء المدة التي حددها الطرفان”.
(1)– قرار المجلس الأعلى رقم 234 مكرر بتاريخ 26 مارس 1984 في الملف الاجتماعي، عدد 1200، منشورات المجلس الأعلى في ذكراه الأربعين، مطبعة المعارف 1997، ص 27.
(2)– محمد الكشبور: التعسف في إنهاء عقد الشغل، مطبعة النجاح الجديدة 1992، ص 22.
وراجع كذلك في نفس الاتجاه: أنور العمروسي: قضاء العمال، طبعة 1982، ص 563.
(1)– هذا ما أكدت عليه الفقرة الأولى من الفصل 264 من ق ل ع التي جاء فيها: ” الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة حقيقية وما فاته من كسب متى كانا ناتجين مباشرة عن عدم الوفاء بالالتزام”.
(2)– فتحي المرصفاوي: النظرية العامة في عقد العمل، طبعة 1973، ص 448.
(3)– محمد بلهاشمي التسولي: الاجتهاد القضائي في المادة الاجتماعية، مجلة المرافعة، العدد 2-3 ماي 1993، ص 182.
(1)– قرار المجلس الأعلى رقم 667 الصادر بتاريخ 15 أكتوبر 1984 في الملف عدد 96191 والمنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 37 – 38، ص 150، وفي نفس الاتجاه كذلك قرار المجلس الأعلى رقم 42 بتاريخ 27 يناير 1982 والمنشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 31، مشار إليه من طرف مليكة المزدالي: القواعد القانونية المنظمة للفسخ التعسفي والآثار المترتبة عن ذلك، الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي المنعقدة بالرباط بتاريخ 25-26، فبراير 1992، ص 84 هامش رقم 2.
(1)– محمود جمال الدين زكي: قانون العمل، الطبعة الثالثة 1983، ص 535.
– حسن كيرة: المرجع السابق، ص 751.
– محمــد سعيد بناني: قانون الشغل بالمغرب، علاقات الشغل الفردية، طبعة 1981،
ص 543.
– الحاج الكوري: القانون الاجتماعي المغربي، الطبعة الأولى 1999، ص 166.
(1)– لأخذ فكرة موسعة عن التطور التاريخي للشرط الجزائي راجع: معلال فؤاد: الشرط الجزائي في القانون المغربي، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، جامعة سيدي محمد بن عبدالله، كلية الحقوق فاس، السنة الجامعية 1992- 1993، ص 5 وما بعدها. كذلك سعيد الدغيمر: تنفيذ الالتزام بمقابل أو بطريقة التعويض قضائيا في التشريع المدني المغربي، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، الربـــــــاط 1982، ص 432.
(2)– احميدو أكري: الشرط الجزائي من خلال الاجتهاد القضائي المغربي والمقارن، مجلة الإشعاع، ع 10، س، 5 يناير 1994، ص 77.
(1)– مجموعة قرارات محكمة الاستئناف بالرباط، الجزء الرابع، القرار رقم 528 بتاريـــــخ 20 أكتوبر 1926 مشار إليه من طرف فؤاد معلال في مرجعه السابق، ص 30 هامـــــش رقم 1.
(2)– يعد عقد ائتمان إيجاري (Leasing) وفق مقتضيات المادة 8 من الظهير بمثابة قانون الصادر بتاريخ 6/7/1993 المتعلق بنشاط مؤسسات الائتمان ومراقبتها:
1- كل عملية إكراء للسلع التجهيزية أو المعدات أو الآلات التي تمكن المكتري كيفما كان تكييف تلك العمليات من أن يتملك في تاريخ يحدده مع المالك كل أو بعض السلع المكراة لقاء ثمن متفق عليه يراعى فيه جزء على الأقل من المبالغ المدفوعة على سبيل الكراء (الائتمان الإيجاري للمنقول).
2- كل عملية إكراء للعقارات المعدة لغرض مهني، تم شراؤها من طرف المالك أو بناها لحسابه، إذا كان من شأن هذه العملية كيفما كان تكييفها أن تمكن المكتري من أن يصير مالكا لكل أو بعض الأموال المكراة على أبعد تقدير عند انصرام أجل الكراء (الائتمان الإيجاري العقاري).
(3)– محمد عبدوسي: التعويض الاتفاقي في التشريع المغربي ” قراءة في القانون رقم 95-27 ” رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة وحدة القانون المدني المعمق، كلية الحقوق، الرباط، أكدال، السنة الجامعية 1998-1999، ص 35.
(1)– عبد الرزاق السنهوري: الوسيط في شرح القانون المدني، ج2، نظرية الالتزام بوجه عام، دار إحياء التراث العربي، بيروت 1973، ص 816.
(2)– راجع في ذلك المواد 1226 إلى 1233 والمادة 1152 من القانون المدني الفرنسي والمواد من 215 إلى 233 من القانون المدني المصري.
(3)– ينص الفصل 230 من ق ل ع على أن : ” الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة لمنشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون”.
(4)– راجع مضمون هذا القرار عند أحمد ادريوش: الاجتهاد القضائي المغربي في ميدان الالتزامات والعقود، الطبعة الأولى 1996، ص 165.
وفي نفس اتجاه قرار المجلس الأعلى حكمت المحكمة الابتدائية بفاس بتاريخ 29 شتنبر 1994 في الملف المدني عدد 2229 /93 المنشور بمجلة الإشعاع عدد 12، ص 208 بما يلي: ” … وحيث إن مقتضيات الفصل 230 ق ل ع لا تحول دون إعمال القاضي لسلطته التقديرية وتحديد التعويض المناسب للضرر الحاصل، وذلك استنادا إلى مبادئ العدل والإنصاف ومبدأ تناسب الضرر مع التعويض طبقا للفصل 264 ق ل ع”.
(1)– المادة 184 من القانون المدني الجزائري والمادة 390/2 من تقنين المعاملات المدنية الاتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة والتي تنص على أنه : ” يجوز للقاضي في جميع الأحوال بناء على طلب أحد الطرفين أن يعدل هذا الاتفاق بما يجعل التقدير مساويا للضرر، ويقع باطلا كل اتفاق يخالف ذلك”.
(2)– دخل هذا القانون حيز التنفيذ بمقتضى ظهير 11 غشت 1995 ونشر في الجريدة الرسمية عدد 4323 بتاريخ 6 شتنبر 1995، ص 2443.
(3)– راجع في تأييد هذا الرأي محمد الكشبور: التعسف في إنهاء عقد الشغل، طبعة 1992، ص 182 وما بعدها.
– الأمراني زنطار امحمد: القانون الاجتماعي بين الطابع الحمائي والشرط الجزائي، مجلة المحامي، العدد 19-20 السنة الحادية عشرة 1991، ص 96 وما بعدها.
– عبد الرزاق أيوب: سلطة القاضي في تعديل التعويض الاتفاقي (دراسة مقارنة، سلسلة الدراسات القانونية المعاصرة رقم 5 الطبعة الأولى 2003، ص 192 وما بعدها.
(1)– محمد الكشبور، المرجع السابق، ص 184.
(1)– محمد الكشبور: المرجع السابق، ص 129
(2)– تنص الفقرة الثانية من المادة 694 من التقنين المدني المصري على أنه : ” فإن لم تعين مدة العقد بالاتفاق أو بنوع العمل أو الغرض منه، جاز لكل من المتعاقدين أن يضع حدا لعلاقته مع المتعاقد الآخر.
ويجب في استعمال هذا الحق أن يسبقه إخطار، وطريقة الأخطار ومدته تبينها القوانين الخاصة”
أقر كذلك المبدأ السابق الفصل 1780 من القانون المدني الفرنسي.
(3)- Jacques Voulet : la rupture du contrat de travail 4ème édition, Paris « J. Delmas et Cie » 1972, P.D1.
(1)– Yves Dalamotte Daniel marchand : le droit du travail en pratique, édition d’organisation 1999, p. 117.
(2)– للزيادة في التفاصيل راجع رسالتنا في موضوع الإنهاء التعسفي لعقد العمل (دراسة مقارنة) لنيل درجة دكتوراه الدولة في الحقوق، جامعة عين شمس، كلية الحقوق ، القاهرة، طبعة 1987، ص 103 وما بعدها.
(1)– لقد استعمل المشرع المغربي ميعاد التنبيه في الفصل 754 من ق ل ع ولفظ سابق إنذار في ظهير 30 يوليوز 1951. كما استعمل القرار الوزاري الصادر بتاريخ 13 غشت 1951 المتعلق بتطبيق الظهير السابق عبارة سابق الإعلام وهي كلها مصطلحات لها معنى واحد.
بخلاف القانون رقم 65.99 فقد استقر على مصطلح الإخطار وحده (راجع الفرع الثاني من المشروع المتعلق بأجل الإخطار م 43 وما بعدها).
(2)– زهرة بدار: مهلة الإخطار التي تطرح أمام القضاء في قضايا نزاعات الشغل، الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي، المرجع السابق، ص 262.
(3)– المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء، 20 يونيو 1939، مجلة المحاكم المغربية 1945، ص 189.
1)– لم يشترط التشريع الحالي شكلية معينة في الأخطار باستثناء حالة ارتكاب الخطأ الجسيم التي نص على إجراءاتها ضمن مقتضيات الفصل 6 من النظام النموذجي.
(2)– نص القانون المذكور فقط على مسطرة معينة في حالة الفصل التأديبي أي عند ارتكاب خطأ جسيم وذلك في المواد من 62 إلى 65 منه.
(3)– راجع في تأييد هذا الرأي سعد عبد السلام حبيب : عقد العمل في القانون الموحد، طبعة 1959، ص 478، علي عمران: الوسيط في شرح قانون العمل الجديد، الطبعة الثالثة 1985، ص 378، إسماعيل غانم: تجدد عقد العمل المحدد المدة (تطبيق لنظرية التعسف على رفض التعاقد)، مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، السنة الرابعة، العدد الثاني، سنة 1962، ص 466.
(1)– تنص الفقرة الثالثة من المادة 43 من القانون رقم 99/65 المتعلق بمدونة الشغل على أنه: “يكون باطلا بقوة القانون كل شرط في عقد الشغل، أو اتفاقية الشغل الجماعية، أو النظام الداخلي أو العرف يحدد أجل الإخطار في مدة تقل عما حددته النصوص التشريعية أو التنظيمية”.
(1)– ينص الفصل 3 من ظهير 21 ماي 1943 المتعلق بالتنظيم القانوني لمهنة الوسيط التجاري على ما يأتي: ” إن الاتفاقات المبينة أعلاه تبرم بالكتابة وجوبا وتكون بحسب اختيار الفريقين إما لمدة محدودة وإما لمدة غير معينة وينبغي في هذه الصورة الأخيرة أن يشترط فيها أجل قبل إعفاء الأخير تكون مدته في الأقل معادلة للمدة المعينة في عقود الشغل المشتركة وإلا حسب العرف الجاري ولا تقل أيضا عن شهر واحد في السنة الأولى من العمل وعن شهرين اثنين في السنة الثانية وعن ثلاثة أشهر فيما بعد السنة الثانية.
ويزاد على الأقل قبل الإعفاء فيما يخص الوسطاء ونواب التجار المستخدمين خارج المنطقة الفرنسية بالمغرب المدة المعتادة في سفر الإياب إذا استوجب فسخ عقدتهم غيابهم إلى المنطقة الفرنسية”.
(1)– ظهير 20 يوليوز 1951 المتعلق بآجال الأخطار في مجال إجارة الخدمة
(2)– الفقرة 3 و 4 من المادة 43 من القانون المذكور.
(3)– محمد الشرقاني: المرجع السابق، ص 235.
(1)– الفصل 3 من ظهير 30 يوليوز 1951 في شأن آجال الإنذار الخاص بإيجار الخدمة.
(2)– راجع في تأييد هذا الرأي عبد العزيز العتيقي: مختصر القانون الاجتماعي المغربي في ضوء الاجتهاد القضائي الحديث ومشروع مدونة الشغل لسنــــة 2000، طبعة 2001، ص 158.
(1)– تنص المادة 47 من م.ش على أنه : ” يجب على المشغل والأجير، خلال أجل الأخطار، احترام جميع التزاماتهما المتبادلة”.
(2)- Cass. Soc. 1er Dec, 1971 bull, civ. N° 694, p. 595.
(3)- Jean Savatier : « La modification unilatéral du contrat de travail » Dr. Soc, N° 3 mars 1981, p. 220.
(1)– سارت في نفس الاتجاه المادة 48 من القانون رقم 99/65.
(1)– راجع المادة 49 من قانون رقم 65.99.
(2)– تنص الفقرة الأولى من المادة 50 من م.ش على أن : ” تحدد مدة التغيب باتفاق بين المشغل والأجير، وعند الاقتضاء تارة باختيار المشغل، وتارة باختيار الأجير، تناوبا بينهما”.
(3)– المادة 48 من م.ش.
(4)– تنص الفقرة الأخيرة من الفصل 5 من النظام النموذجي على أنه: ” هذا وإذا لم يقض الشغال مدة تغيباته في البحث عن الخدمة أو إذا استمر في تغيبه والحال أنه وجد خدمة أخرى إما بأبحاث أجراها هو بنفسه وإما بواسطة مكتب من المكاتب التي توجد الخدمة للعملة وغيرها فإنه يجوز إعفاؤه من الخدمة بلا إعلام سابق ولا تعويض ما”.
(1)– موسى عبود: دروس في القانون الاجتماعي، طبعة 1987، ص 211.
(2)– سعيد بناني: المرجع السابق، ج 1، ص 630.
(1)– تنص الفقرة الخامسة من المادة 43 من م.ش. على أنه: ” يعفى المشغل والأجير من وجوب التقيد بأجل الإخطار، في حالة القوة القاهرة”
(2)– إدريس فجر: القوة القاهرة وانتهاء عقد العمل، المرافعة ، ندوة قانون الشغل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، العدد 2-3 ماي 1993، ص 236.
(1)– إدريس فجر: المرجع السابق، ص 239.
(2)– نشر هذا المرسوم الملكي رقم 31466 في الجريدة الرسمية عـدد 2860 بتاريـــخ 23/8/1967.
(3)– إدريس فجر : المرجع السابق، ص 246.
(1)– قرار المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 25 نونبر 1987 المنشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 56، ص 135.
(1)– قرار استئنافية البيضاء رقم 302 بتاريخ 7/3/1983 مشار إليه من طرف محمد عابي: رقابة القضاء على فصل الأجير، طبعة 1984، ص 102.
(2)– Cass. Soc. 14/6/1961, Bull. Civil 1961, N° 639, p. 507.
(3)– عبد العزيز عبد الوافي: القواعد القانونية المنظمة لإجراءات إنهاء عقد الشغل في حالة الخطأ الجسيم مع تقييم قانوني لمدلول الخطأ في ضوء النصوص القانونية والعمل القضائي الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي، المرجع السابق، ص 183.
(1)– هي نفس الأخطاء التي أشار إليها الفصل 2 من مرسوم 6 فبراير 1975 المتعلق بتحديد الكيفيات التي يبلغ بها المأجور الفلاحي عزله عن العمل بسبب خطأ فادح باستثناء تعديل طفيف هم بالخصوص حذف خطأي ” الإتلاف” و”ثقب ورقة أجير أو أمر أجير آخر بثقب ورقته قصد التدليس” وكذا إضافة فعل آخر يمكن اعتباره بمثابة تكرار لفعل موجود في النظام النموذجي وكذا في المرسوم حيث أضيف فعل “عرقلة العمل” مع أن هناك فعلا مشابها له ويتعلق الأمر بالمس بحرية الشغل”.
(1)– سارت في نفس الاتجاه الفقرة الثالثة من المادة 61 من قانون العمل المصري رقم 137 لسنة 1981 مع اشتراط تبليغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال 24 ساعة من وقت علمه بوقوعه.
(1)– محمد سعيد جرندي: المرجع السابق، ص 158.
(2)– نص الفصل 288 من القانون الجنائي المغربي على أنه : ” يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين وبغرامة من مائة وعشرين إلى خمسة آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط من حمل على التوقف الجماعي عن العمل أو الاستمرار فيه، أو حاول ذلك مستعملا الإيذاء أو العنف أو التهديد أو وسائل التدليس متى كان الغرض منه هو الإجبار على رفع الأجور أو خفضها أو الأضرار بحرية الصناعة أو العمل.
وإذا كان العنف أو الإيذاء أو التهديد أو التدليس قد ارتكب بناء على خطة متواطأ عليها، جاز الحكم على مرتكبي الجريمة بالمنع من الإقامة من سنتين إلى خمس سنوات”.
(1)– القرار عدد 46 الصادر بتاريخ 10-2-1986 في الملف الاجتماعي عدد 6067/84 والمنشور بالمجلة المغربية للقانون، السنة 1988، العدد 16، ص 35 وما بعدها.
(2)– عبد العزيز عبد الوافي: المرجع السابق، ص 184.
(1)– تنص المادة 61 من قانون العمل المصري على أنه : ” لا يجوز فصل العامل إلا إذا ارتكب خطأ جسيما ويعتبر من قبل الخطأ الجسيم الحالات الآتية:
- إذا انتحل العامل شخصية غير صحيحة أو قدم شهادات أو توصيات مزورة.
- إذا ارتكب العامل خطأ نشأت عنه خسارة مادية جسيمة لصاحب العمل بشرط أن يبلغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال 24 ساعة من وقت علمه بوقوعه.
- إذا لم يراع العامل التعليمات اللازم اتباعها لسلامة العمال والمنشأة رغم إنذاره كتابة بشرط أن تكون هذه التعليمات مكتوبة ومعلنة في مكان ظاهر.
- إذا تغيب العامل بدون سبب مشروع أكثر من عشرين يوما متقطعة خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متوالية على أن يسبق الفصل إنذار كتابي من صاحب العمل للعامل بعد عشرة أيام في الحالة الأولى وانقطاعه خمسة أيام في الحالة الثانية.
- إذا لم يقم العامل بتأدية التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل.
- إذا أفشى العامل الأسرار الخاصة بالمنشأة التي يعمل فيها.
- إذا حكم على العامل نهائيا في جناية أو جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة.
- إذا وجد أثناء العمل في حالة سكر بين أو متأثرا بما تعاطاه من مادة مخدرة.
- إذا وقع من العامل اعتداء على صاحب العمل أو المدير المسؤول أو إذا وقع منه اعتداء جسيم على أحد رؤساء العمل أثناء العمل أو بسببه”.
(1)– يعفى المشغل في حالة ارتكاب خطأ جسيم من أجل سابق الإعلام لا من الإعلام القرار رقم 122 الصادر بتاريخ 14-7-1988 في الملف الاجتماعي عدد 8383/87 مجلة المحاكم المغربية، العدد 55 مايو – يونيه 1988، ص 104 وما بعدها.
هذا ولقد جاء في قرار المجلس الأعلى رقم 410 بتاريح 26 أبريل 1983 في الملف الاجتماعي عدد 95567 المنشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 32 سنة 1984، ص 46 ما يلي: ” حقا حيث ثبت صدق ما نعته الوسيلة على القرار المطعون فيه، ذلك أن المطلوبة لم تدل بما يثبت أنها وجهت إلى الطاعن إشعارا بفصله عن العمل وفقا للإجراءات المنصوص عليها في الفصل السادس من قرار 23/10/48، وأن هذا الإشعار لا ينتج آثاره القانونية في فسخ العقد إلا من الوقت الذي يتوصل به الأجير بصفة قانونية، وبعد نهاية مهلة الأخطار، وطالما أن الأجير لم يوجه إليه أي إشعار، فضلا عن توصله به، يعتبر المشغل فاسخا للعقد فسخا تعسفيا”.
للتوسع أكثر راجع عبد اللطيف خالفي: الاجتهاد القضائي في المادة الاجتماعية، الطبعة الأولى 2001، ص 216 وما بعدها.
(2)– المحكمة ملزمة بالتقيد بالسبب الوارد برسالة الطرد، هذا ما يؤكده القرار الصادر بتاريخ 20-9-1993 في الملف الاجتماعي عدد 8605/91 المنشور بمجلة الإشعاع، العدد 10 يناير 1994، ص 162 وما بعدها.
(1)– سعيد الكوكبي: دروس في قانون الشغل المغربي، السنة الجامعية 2000، ص 105.
(2)– قرار المجلس الأعلى في الملف رقم 39529 بتاريخ 21-12-72 مشار إليه من طرف سعيد الكوكبي في مرجعه السابق، ص 105، هامش رقم 108.
(1)– قرار المجلس الأعلى عدد 707 صادر بتاريخ 12/11/1984 في الملف رقم 5112 مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 39 السنة 11 ، نونبر 1986، ص 137.
– قرار المجلس الأعلى، عدد 410 بتاريخ 26-4-83 في الملف الاجتماعي، عدد 95567، مجلة المحاكم المغربية، عدد 32 يولوز غشت 1984، ص 45 وما بعدها.
(2)– أكد نفس الاتجاه: – القرار عدد 3257 الصادر بتاريخ 24-12-1990 في الملف الاجتماعي عدد 9567/89 الوارد ضمن مجموعة القرارات الاجتماعية للمجلس الأعلى الموجهة من وزارة العدل إلى المحاكم (غير منشور) مشار إليه من طرف محمد سعيد جرندي، المرجع السابق، ص 289.
– قرار عدد 198 الصادر بتاريخ 13-4-1992 في الملف الاجتماعي، عدد 9670/90، مجلة المحاكم المغربية، العدد 66 ماي يوليوز 1992، ص 171 وما بعدها.
(1)– يتلخص مبدأ الحماية الذي أصبغه المشرع على هذا الصنف من الأجراء ( مندوبو الأجراء) في كون المؤاجر لا يمكن أني ينقل المندوب الرسمي أو المؤقت من مصلحة إلى أخرى أو المؤقت من مصلحة إلى أخرى أو من مكان إلى آخر، أو توقيفه أو فصله إلا بعد الترخيص له من طرف مفتش الشغل أو أخذ رأيه خلال أجل لا يتعدى 8 أيام، وفي حالة ارتكاب المندوب خطأ فادحا فيمكن للمشغل أن يوقفه في انتظار جواب المفتش.
للمزيد من الإيضاح حول هذا الموضوع راجع محمد عابي: المرجع السابق، ص 69 وكذلك دنيا مباركة: القانون الاجتماعي المغربي (دراسة في ظل التشريع الحال ومشروع مدونة الشغل المرتقبة مشروع 2000)، ص 194.
(2)– راجع المادة 62 من القانون رقم 99/65.
(3)– محمد سعيد جرندي : المرجع السابق، ص 117.
(1)– عبد العزيز عبد الوافي: المرجع السابق، ص 190.
(2)– قرار عدد 719 بتاريخ 24/4/1989، مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 42-43، ص 192.
(1)- قرار صادر عن الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى بتاريخ 10 فبراير 1975 في الملف عدد 47188 مشار إليه من طرف سعيد بناني في مرجع سابق، الجزء الأول، هامش رقم 1393، ص 580.
(1)– راجع في ذلك الفصل 2 من النظام النموذجي والفصل 5 من ظهير 24 أبريل 1973.
(1)– المادة 13 من م.ش.
(2)– قرار المجلس الأعلى، عدد 707 بتاريخ 12 نوفمبر 1984 في الملف الاجتماعي، عدد 5112، قضاء المجلس الأعلى ع 39، السنة 11، نوفمبر 1986، ص 138 .
(1)– تنص المادة 695 من القانون المدني المصري على أنه : ” إذا كان العقد قد ابرم لمدة غير معينة، ونقضه أحد المتعاقدين دون مراعاة لميعاد الأخطار أو انقضاء هذا الميعاد لزمه أن يعوض المتعاقد الآخر عن مدة هذا الميعاد أو عن المدة الباقية منه، ويشمل التعويض فوق الأجر المحدد الذي كان يستحق خلال هذه المدة جميع ملحقات الأجر التي تكون ثابتة ومعينة، مع مراعاة ما نقضي به القوانين الخاصة”.
وذهب في نفس الاتجاه الطعن رقم 402 لسنة 36 ق جلسة 24/2/1973 مجموعة أحكام محكمة النقض (المكتب الفني)، السنة 24 ع 1 ص 319.
(1)– Camerlynck (G.H): Traité pratique de la rupture du contrat de travail 1959, p. 340.
(2)– القرار رقم 300 الصادر بتاريخ 19 أبريل 1982 في الملف الاجتماعي عدد 93479 قضاء المجلس الأعلى، العدد 31، السنة 8 مارس 1983، ص 102.
(3)– محكمة شؤون العمال الجزئية بالإسكندرية بتاريخ 17/6/1969 مدونة الفكهانـي رقـــم 369، ص 479.
(1)– دنيا مباركة: الوجيز في القانون الاجتماعي المغربي، طبعة 1997، ص 187 وما بعدها.
(2)– للزيادة في التفاصيل حول تطور فكرة التعسف في استعمال الحق راجع رسالتنا في موضوع الإنهاء التعسفي لعقد العمل دراسة مقارنة المرجع السابق، ص 21 وما بعدها.
– عبد الحفيظ بلخضير: الإنهاء التعسفي لعد العمل، الطبعة الأولى 1986، ص 13 وما بعدها.
– محمد الكشبور: التعسف في إنهاء عقد الشغل، المرجع السابق، ص 31 وما بعدها.
(1)– راجع في تأييد هذا الرأي محمد الشرقاني: علاقات الشغل في تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل، طبعة يناير 2003، ص 157.
(2)– المادة 35 من المشروع.
(3)– يقصد بالأسباب التكنولوجية الآليات والمعدات المستحدثة نتيجة التطور العلمي والتكنولوجي والتي يصعب معها بالنسبة لبعض الأجراء مواصلة العمل أو تتطلب الاستغناء عن بعضهم.
(4)– تعني الأسباب الهيكلية التغيرات المحدثة على مرافق المؤسسة والتي لم تستوعب بعض الأجراء.
(5)– يقصد بالأسباب الاقتصادية الصعوبات المالية التي تعرفها المقاولة نتيجة أزمة اقتصادية عابرة تضطر معها إلى توقيف نشاطها كليا أو جزئيا مما يستدعي الاستغناء عن الأجراء بصفة جزئية أو كلية.
(6)– يقصد به الإغلاق المبرر للفصل الجزئي أو الجماعي للأجراء بسبب استحالة مواصلة المقاولة لنشاطها.
(1)– راجع في تأييد هذا الرأي محمد الشرقاني: علاقات الشغل بين تشريع الشغل ومشروع مدونة الشغل، المرجع السابق، ص 157
(2)– محمد أحمد الفكاك: الفسخ بالإرادة المنفردة في عقد العمل المغربي، الطبعة الأولى 1966، ص 125.
(1)– عز سعيد: العمل القضائي المغربي في مجال نزاعات الشغل الفردية، طبعة 1994، ص 176.
(2)– حكم ابتدائية القنيطرة رقم 240 بتاريخ 17/11/1988 في الملف الاجتماعي عــدد 26/87 غير منشور مشار إليه من طرف عز سعيد في مرجعه السابق، ص 177.
(3)– موسى عبود: المرجع السابق، ص 217.
(1)- موسى عبود: المرجع السابق، ص 217.
(2)– في هذا الصدد نصت المادة 4 من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 158 المتعلقة بإنهاء الاستخدام بمبادرة من صاحب العمل لسنة 1982، على أنه لا يعتبر أسبابا مشروعة للتسريح، مثل الانتساب النقابي أو المشاركة في دعوى ضد صاحب العمل تظلما من إخلاله بالتشريع، أو العنصر أو اللون أو الجنس….إلخ.
(3)– المحمودي فريدة: إشكالية ممارسة الحق في الشغل على ضوء قانون الشغل المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية الحقوق الرباط-أكدال، السنة الجامعية 2000-2001، ص 202.
(1)– محمد علي عمران: المرجع السابق، ص 404، إسماعيل غانم: المرجـع السابــــق، ص 527.
(1)– محمد الكشبور: المرجع السابق، ص 157.
(2)– المرجع السابق، ص 190.
(1)– قرار صادر بتاريخ 14 دجنبر 1976 مشار إليه من طرف محمد سعيد بناني في مرجعه السابق ص572.
(2)– قرار الغرفة المدنية بالمجلس الأعلى بتاريخ 15 يونيو 1966 في الملف عدد 15774.
(1)– قرار صادر عن الغرفة المدنية بالمجلس الأعلى بتاريخ 20 أكتوبر 1964 في الملف رقم 11121 مشار إليه من طرف محمد سعيد بناني في مرجع السابق ص 572 هامش رقــم 1365.
(2)– قرار 8 نونبر 1971 الصادر في الملف الاجتماعي عدد 26399 المشار إليه من طرف محمد سعيد بناني، في مرجعه السابق ص 572.
(1)– محمد سعيد بناني : قانون الشغل بالمغرب، ج1، المرجع السابق ص 572.
(2)– راجع القرار الصادر عن الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى بتاريخ 14 ديسمبر 976 في الملف عدد 56480.
(3)- Cass. Soc 20 oct 1976 cité in A. Brum et H. galland. Les rapports individuels du travail sirey 1978.
(1)– قرار غير منشور في الملف الاجتماعي عدد 72853 بتاريخ 2 يوليوز 1979.
(2)– محمد الكشبور: التعسف في إنهاء عقد الشغل، المرجع السابق، ص 122.
(1)– حسن بلخنفار: 1- الأسس التي يخضع لها تقييم التعويض عن الطرد التعسفي.
2- دعوى الخيار بين الرجوع إلى العمل والتعويض عن الطرد التعسفي.
الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي، المرجع السابق، ص 101.
(1)– عز سعيد : المرجع السابق، ص 181.
(2)– قرار الغرفة الاجتماعية رقم 720 الصادر بتاريخ 24 أبريل 1989 في الملف الاجتماعي عدد 8658/87 قضاء المجلس الأعلى، العددان 42 و 43، ص 198 وما بعدها.
وكذلك في نفس الاتجاه قرار 8 ماي 1988 في الملف الاجتماعي عدد 5099 المنشور بالمجلة المغربية للفقه والقضاء، عدد 6 أكتوبر 1987، ص 262.
(1)– قــرار استئنافية القنيطرة رقم 2096 بتاريخ 25/6/90 في الملف الاستئنافي رقم 792/69/7 غير منشور، مشار إليه من طرف عز سعيد في مرجعه السابق، ص 182 هـامش رقم 119.
(2)– تنص الفقرة الأخيرة من المادة 41 من مشروع مدونة الشغل على أنه: ” في حالة تعذر أي اتفاق بواسطة الصلح التمهيدي، يحق للأجير رفع دعوى أمام المحكمة المختصة، التي لها أن تحكم، في حالة ثبوت فصل الأجير تعسفيا، إما بإرجاع الأجير إلى شغله أو حصوله على تعويض عن الضرر…”.
(1)– قرار الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى رقم 376 بتاريخ 28 ماي 1984 في الملف الاجتماعي عدد 5099 وفي نفس الاتجاه قرار الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى بتاريخ 20 فبراير 1989 في الملف الاجتماعي، 9499/88 والمشار إليه من طرف خالفي عبد اللطيف في مؤلفه الاجتهاد القضائي في المادة الاجتماعية، الطبعة الأولى 2001، ص 255.
والذي جاء فيه: ” إذا حكم على رب العمل بإرجاع العامل إلى عمله مع أدائه الأجرة المستحقة من تاريخ الطرد إلى تاريخ الإرجاع، فإن العامل يستحق الأجرة إذا قبل المشغل تنفيذ حكم الإرجاع، أما إذا امتنع عن ذلك، فإنه لا يكون أمامه سوى المطالبة بالتعويض عن الطرد التعسفي، مما تكون المحكمة بصنيعها ذاك ( اللجوء إلى الغرامة التهديدية) قد أخطأت في تطبيق القانون، وعرضت قرارها بسبب ذلك للنقض”.
وذهب في نفس الاتجاه كذلك قرار آخر للغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى تحت رقم 1581 بتاريخ 10 يوليوز 1991 في الملف الاجتماعي عدد 9/85/90 ، مجلة المحاكم المغربية، العدد 16 ماي ، يوليوز 1992، ص 105 وما بعدها.
(2)– محمد عابي : المرجع السابق، ص 127.
(1)– الصديق بزاوي: الفصل لأسباب اقتصادية، طبعة 1999، ص 91 وما بعدها.
(1)– للزيادة في تفاصيل هذا الموضوع راجع الصديق بزاوي، المرجع السابق، ص 17
(2)– فريدة المحمودي: مرجع سابق، ص 209.
(1)– القرار الصادر في الملف الاجتماعي عدد 72853 بتاريخ 2 يوليوز 1979 مشار إليه من طرف مليكة المزدالي، المرجع السابق، ص 87.
(2)– قــــرار عدد 259 بتاريخ 11 مارس 1985، المجلة المغربية للقانون، العــدد 5 سنــة 1986.
وذهبت في نفس الاتجاه محكمة الاستئناف بالرباط في قرارها عدد 132 بتاريخ 12 يناير 1988 في الملف الاجتماعي، عدد 2065/87، مجلة الإشعاع، عدد 1 السنة الأولى.
(3)– قرار الغرفة الاجتماعية بالمجلس الأعلى رقم 720 بتاريخ 24 أبريل 1989 في الملف الاجتماعي عدد 8658/87 قضاء المجلس الأعلى، السنة الرابعة عشـر، العددان 42/43 نوفمبر 1989، ص 195 وما بعدها.
(1)– موسى عبود: المرجع السابق، ص 219.
(2)– محمد لبديوي : قواعد تنفيذ الأحكام القضائية وإشكالياتها في منازعات الشغل ، الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي، م.س، ص 313 وما بعدها.
(1)– أخذت محكمة الاستئناف بمراكش بهذا الرأي عندما قضت بتاريخ 19/1/1987 في قرارها عدد 383 على رب العمل الذي امتنع من تنفيذ الحكم بإرجاع المدعي إلى العمل بغرامة تهديدية قدرها 150 دهـ عن كل يوم تأخر به عن التنفيذ ولمدة سنة ابتداء من تاريخ إشعاره بالقرار المذكور، للزيادة في التفاصيل حول الموضوع راجع مصطفى سهم: دعوى الخيار في الرجوع إلى العمل والتعويض عن الطرد التعسفي، الندوة الثانية للقضاة الاجتماعي، المرجع السابق، ص 210.
(1)– القرار رقم 1581 بتاريخ 10 يونيه 1991 في الملف الاجتماعي، عدد 8519/90، مجلة المحاكم المغربية ، العدد 16 ماي، يوليوز 1992، ص 105 وما بعدها.
(2)– علي عوض حسن: الفصل التأديبي في قانون العمل، دراسة مقارنة بالتشريع الفرنسي وتشريعات الدول العربية وعلى الأخص الجزائر، دار الثقافة للطباعة والنشــر 1985، ص 403.
(1)– قرار عدد 250 بتاريخ 25/4/88 مجلة قضاء المجلس الأعلى، عدد 41، ص 185 وما بعدها.
(2)– قرار عدد 77 بتاريخ 23/1/89 مجلة الإشعاع، عدد 1.
(3)– راجع في تأييد هذا الرأي محمد الكشبور: التعسف في إنهاء عقد الشغل، المرجع السابق، ص 145.
(1)– محمد مصلح ومحمد سعيد بناني: المرجع السابق، ص 79.
(1)– أنظر محمد مصلح ومحمد سعيد بناني، المرجع السابق، ص 82.
(1)– تزايدت نسبة البطالة، على الصعيد الوطني، بمقدار 5 نقط في الفترة ما بين عملتي الإحصاء الأخيرتين، حيث قفزت من % 10،7 سنة 1982 إلى %16 سنة 1994 مع تفاقم وضعية البطالة في الوسط الحضاري. للزيادة في التفاصيل راجع مهدي لحلو: البطالة والفقر، المجلة المغربية للاقتصاد والاجتماع، تقرير حول الاجتماعي لسنة 2000، ص 65 وما بعدها.